«الملثم» منذ أكثر من 20 عاماً... ماذا نعرف عن «أبو عبيدة» صوت «القسام»؟

أشهر وجوه «حماس» الذي استهدفته إسرائيل في مدينة غزة أمس

TT

«الملثم» منذ أكثر من 20 عاماً... ماذا نعرف عن «أبو عبيدة» صوت «القسام»؟

متظاهرون في الأردن يرفعون صورة المتحدث باسم «كتائب عز الدين القسام» أبو عبيدة في ديسمبر 2023 (رويترز)
متظاهرون في الأردن يرفعون صورة المتحدث باسم «كتائب عز الدين القسام» أبو عبيدة في ديسمبر 2023 (رويترز)

يعد «أبو عبيدة» أحد أشهر وجوه حركة «حماس» الفلسطينية وجناحها العسكري «كتائب القسام»، ورغم أن اسمه الحقيقي وشكله غير معروف سوى لدوائر ضيقه فإنه نال شهرة كبيرة من خلال خطاباته وبياناته وزيه العسكري والكوفية الحمراء التي يخفي بها ملامحه.

وبعدما أعلن الجيش الإسرائيلي مساء السبت أنه استهدف مسؤولاً بارزاً في حركة «حماس» بمدينة غزة، ولاحقاً أعلن وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس، الأحد، مقتل «أبو عبيدة» المتحدث باسم «كتائب القسام».

ازدادت شهرة «أبو عبيدة» بشكل كبير خلال الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة عام 2014 وهي الحرب التي استمرت لنحو 55 يوماً، كان «أبو عبيدة» فيها حلقة الوصل بين المقاتلين في الأنفاق والعقد القتالية المختلفة وبين أهل غزة، وكذلك بين غزة وبين العالم. اكتسب «أبو عبيدة» شعبية كبيرة داخل فلسطين وفي الدول العربية المختلفة لمصداقيته، فلم يكن يميل للمبالغة كثيراً في وصف العمليات العسكرية، وكذلك لفصاحته وقوة لغته العربية.

الظهور الأول

وكان أول ظهور لأبو عبيدة سجل في عامي 2002 و2003 كأحد مسؤولي «القسام» الميدانيين. ثم نظم أول مؤتمر صحافي له في 2 أكتوبر (تشرين الأول) 2004 في مسجد «النور» بشمال قطاع غزة، حيث أعلن عن عدد من العمليات العسكرية التي نفذتها «كتائب القسام» ضد قوات ودبابات إسرائيلية ضمن عمليات أطلق عليها «أيام الغضب» رداً على عملية إسرائيلية في قطاع بغزة تحت اسم «أيام الندم».

«أبو عبيدة» يرتدي قناعاً أسود خلال أول مؤتمر صحافي له في مسجد «النور» بشمال قطاع غزة - 2 أكتوبر 2004 (لقطة من فيديو لكتائب القسام)

ظهر أبو عبيدة في المؤتمر الصحافي مرتدياً قناعاً أسود به فتحات للعينين والفم وكان مسلحاً وحوله مسلحون آخرون.

لم يظهر أبو عبيدة أبداً مكشوف الوجه، وبعدما استخدم القناع الأسود في بداية ظهوره، أصبح يستخدم الكوفية الحمراء لثاماً يغطي معظم وجهه ما عدا العينين، وهو ما منحه لقبه الشعبي «الملثم»، مقتدياً بذلك بالقيادي السابق في «كتائب القسام» عماد عقل، الذي قتلته إسرائيل عام 1993 وكان ينفذ جميع عملياته مخفياً وجهه بكوفية حمراء. وبعد الانسحاب الإسرائيلي من غزة عام 2005 عين أبو عبيدة رسمياً ناطقاً باسم «القسام».

وعلى الرغم من السرية التي يضربها الرجل حول نفسه، تقول إسرائيل إنها تعرف هويته الحقيقية.

يعد واحداً من أشهر خطاباته، والتي جعلته معروفاً للشارع الإسرائيلي أيضاً، هو إعلان أسر الجندي الإسرائيلي شاؤول أرون، في 20 يوليو (تموز) 2014.

قال «أبو عبيدة»، آنذاك، بعد سرد لعدد من العمليات العسكرية التي نفذتها «كتائب القسام» خلال الحرب، ثم سرد كمين نفذوه ضد عدد من المدرعات قبل أن يضيف: «وقد تردد العدو في الاعتراف بالعدد الحقيقي لقتلاه في هذه العملية، فكيف له أن يخفي اختفاء الجندي شاؤول أرون صاحب الرقم 6092065. إن هذا الجندي هو أسير لدة (كتائب القسام) في هذه العملية».

صوت «القسام»

حرص «أبو عبيدة» على التواصل مع العالم عبر كل الوسائل المتاحة، ووجه رسائله أحياناً للفلسطينيين سواء في غزة أو الضفة الغربية أو داخل إسرائيل، وأحياناً توجه بخطابه للجمهور الإسرائيلي منتقداً، في الغالب، أداء رؤساء الحكومات والساسة الإسرائيليين، وخاطب الجمهور العربي والمنظمات الدولية كذلك.

إلى جانب ظهوره في كلمات متلفزة تذيعها قناة «الأقصى» الفضائية وتعيد بثها قنوات أخرى، استخدم «أبو عبيدة» وسائل التواصل الاجتماعي لتمرير رسائله لجمهور أوسع، فأنشأ صفحة على موقع «فيسبوك»، وحسابات مختلفة على موقع «تويتر» (إكس الآن)، لكن جميع هذه الحسابات كان يجري حذفها بعد فترة، وأحياناً بعد ساعات من إنشائها.

«أبو عبيدة» خلال خطاب في قطاع غزة (كتائب القسام)

قال «أبو عبيدة»، رداً على إغلاق حسابه عبر موقع «تويتر»، في أبريل (نيسان) 2016: «إن شركة (تويتر) خضعت لضغوط من قبل العدو، وهذا يعطينا انطباعاً بعدم حيادية ونزاهة هذه الشركة فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، وأنها تنصاع لضغوط سياسية وتنحاز للجلاد الصهيوني ضد الضحية الفلسطيني».

اكتفى «أبو عبيدة» بعد تكرار إغلاق حساباته عبر «فيسبوك» و«تويتر» بإرسال تغريداته عبر تطبيق «تلغرام»، والظهور في خطابات مسجلة مرئية أو صوتية تذاع على القنوات التلفزيونية المختلفة.

حرص «أبو عبيدة» على أن ينقل رسائل «حماس» للجمهور في العديد من الملفات مثل؛ الدفاع عن المسجد الأقصى، والإعداد العسكري المتواصل، ومحاولات أسر جنود إسرائيليين لمبادلتهم لاحقاً بأسرى فلسطينيين في السجون الإسرائيلية. ولفتت العديد من تعبيراته النظر، وبعضها أصبح شهيراً مثل تعبير «من مسافة صفر» الذي استخدمه بشكل متكرر لوصف اشتباك قريب أو تلاحمي بين مقاتلي «كتائب القسام» والقوات الإسرائيلية في معارك مختلفة في غزة.

متظاهرون أتراك يحملون صورة «أبو عبيدة» خلال زيارة وزير الخارجية الأميركي السابق أنتوني بلينكن لأنقرة في نوفمبر 2023 (أ.ف.ب)

في الحرب الحالية كثيراً ما بث رسائل حول المحتجزين الإسرائيليين في قطاع غزة تستهدف في الغالب الشارع الإسرائيلي، وتراجعت وتيرة خطاباته وأصبحت يفصل بينها أسابيع، وفي كثير من الأحيان اكتفى بتغريدات أو بيانات مكتوبة، مما كان يثير أسئلة حول نجاته من محاولات الاغتيال أو القصف الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

نعرف شكله واسمه

على الجانب الآخر، كثيراً ما رد أفيخاي أدرعي المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي باللغة العربية على «أبو عبيدة»، منتقداً خطاباته ورسائله وكونه يخفي وجهه تحت كوفية.

وسبق أن تعرضت قناة «الأقصى» لعملية اختراق إسرائيلية عُرضت خلالها صورة مزعومة لمن يعتقد الإسرائيليون إنه «أبو عبيدة»، وعرفته باسم «حذيفة الكحلوت». ولاحقاً استخدم أدرعي الاسم والصورة نفسيهما عدة مرات.

وأفاد موقع «واي نت» الإخباري الإسرائيلي، أمس السبت، بأن إسرائيل شنت غارة على مدينة غزة استهدفت «أبو عبيدة»، المتحدث باسم «كتائب القسام». وقال الجيش الإسرائيلي في بيان إنه هاجم قيادياً في حركة «حماس» بمدينة غزة، لكنه لم يفصح عن هوية الهدف.

وبعد التأكيد الإسرئيلي، يعد مقتل «أبو عبيدة» ضربة معنوية لحركة «حماس» التي بالفعل فقدت العديد من أبرز قادتها السياسيين والعسكريين على حد سواء، وكذلك الجمهور الذي استمع إلى خطابات «أبو عبيدة» لما يزيد على 20 عاماً.

قال «أبو عبيدة»، في البيان الذي نشره رداً على إغلاق إحدى حسابات على موقع «تويتر»: «سنوصل رسالتنا بطرق كثيرة ومبتكرة، وسنصرّ على طرق كل باب وفتح كل نافذة إعلامية يمكن من خلالها أن نصل إلى عقول وقلوب الملايين، التي يرغب العدو ومن يدعمه في تخديرها وتغييبها عن حقيقة الصراع على أرض فلسطين المباركة».


مقالات ذات صلة

لأول مرة... عصابة مسلحة في غزة تجبر سكاناً على النزوح

خاص فلسطينية تتلقى طعاماً من مطبخ خيري في دير البلح وسط غزة يوم الخميس (أ.ب) play-circle

لأول مرة... عصابة مسلحة في غزة تجبر سكاناً على النزوح

للمرة الأولى؛ أجبرت مجموعة مسلحة تنشط شرق مدينة غزة قاطني مربع سكني في حي التفاح على النزوح، على إخلائه بالكامل، تحت تهديد السلاح، وبدعم إسرائيلي.

«الشرق الأوسط» (غزة)
العالم العربي «حماس» تقول إن المساعدات الإغاثية التي تدخل قطاع غزة لا ترقى للحد الأدنى من الاحتياجات (رويترز)

وفد من «حماس» يبحث مع وزير الخارجية التركي مجريات تطبيق اتفاق غزة

قالت حركة «حماس» إن وفداً بقيادة رئيس الحركة في قطاع غزة خليل الحية التقى مع وزير الخارجية التركي هاكان فيدان في أنقرة اليوم الأربعاء.

«الشرق الأوسط» (قطاع غزة)
شؤون إقليمية نائبة إسرائيلية معارضة ترفع لافتة كُتب عليها «لا تخفوا الحقيقة» في الكنيست الأربعاء (إ.ب.أ)

الكنيست يصادق مبدئياً على «لجنة تحقيق ناعمة» في «7 أكتوبر»

تجنب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو المشاركة في تصويت البرلمان المبدئي على تشكيل «لجنة تحقيق ناعمة» في هجوم «حماس» في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

نظير مجلي (تل أبيب)
شؤون إقليمية جنديان إسرائيليان في رفح جنوب قطاع غزة (رويترز)

قيادي بـ «حماس»: انفجار رفح وقع في منطقة تسيطر عليها إسرائيل بالكامل

قال محمود مرداوي القيادي في حركة «حماس» إن الانفجار الذي وقع في منطقة رفح في جنوب قطاع غزة اليوم الأربعاء كان في منطقة تسيطر عليها إسرائيل بالكامل.

«الشرق الأوسط» (غزة)
شؤون إقليمية رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)

إسرائيل ستستثمر خلال العقد المقبل 110 مليارات دولار في تصنيع الأسلحة

قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الأربعاء إن بلاده ستستثمر 350 مليار شيقل (أي ما يوازي 110 مليارات دولار) على مدى السنوات العشر المقبلة.

«الشرق الأوسط» (القدس)

الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل عنصر بارز بـ «فيلق القدس» الإيراني في غارة على لبنان

دخان يتصاعد جراء غارات إسرائيلية سابقة على جنوب لبنان (أرشيفية - د.ب.أ)
دخان يتصاعد جراء غارات إسرائيلية سابقة على جنوب لبنان (أرشيفية - د.ب.أ)
TT

الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل عنصر بارز بـ «فيلق القدس» الإيراني في غارة على لبنان

دخان يتصاعد جراء غارات إسرائيلية سابقة على جنوب لبنان (أرشيفية - د.ب.أ)
دخان يتصاعد جراء غارات إسرائيلية سابقة على جنوب لبنان (أرشيفية - د.ب.أ)

قال الجيش الإسرائيلي اليوم الخميس إنه قتل شخصاً وصفه بأنه عنصر بارز في فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني في غارة على منطقة الناصرية في لبنان.

وذكر المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي أن الغارة أسفرت عن مقتل حسين الجوهري، الذي قال إنه ينتمي لوحدة العمليات التابعة لفيلق القدس الإيراني.

وأشار أدرعي، عبر حسابه على منصة «إكس»، إلى أن القتيل شارك في عمليات ضد إسرائيل «في الساحتين السورية، واللبنانية» خلال السنوات الأخيرة.


الجنرال مظلوم عبدي: تم التوصل إلى تفاهم مشترك مع دمشق فيما يخص دمج القوى العسكرية

اجتماع الهيئة الاستشارية لدعم لجنة تفاوض شمال شرقي سوريا مع دمشق في مدينة الطبقة الخميس (نورث برس)
اجتماع الهيئة الاستشارية لدعم لجنة تفاوض شمال شرقي سوريا مع دمشق في مدينة الطبقة الخميس (نورث برس)
TT

الجنرال مظلوم عبدي: تم التوصل إلى تفاهم مشترك مع دمشق فيما يخص دمج القوى العسكرية

اجتماع الهيئة الاستشارية لدعم لجنة تفاوض شمال شرقي سوريا مع دمشق في مدينة الطبقة الخميس (نورث برس)
اجتماع الهيئة الاستشارية لدعم لجنة تفاوض شمال شرقي سوريا مع دمشق في مدينة الطبقة الخميس (نورث برس)

أعلن القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية «قسد»، مظلوم عبدي، التوصل إلى تفاهم مشترك مع الحكومة السورية، بشأن دمج القوى العسكرية بما يتماشى مع ما وصفه بالمصلحة العامة، مؤكداً أن عدداً من القضايا السياسية والدستورية ما زال يحتاج إلى وقت وحوارات أعمق.

وفي كلمة مصورة ألقاها خلال مشاركته في اجتماع الهيئة الاستشارية للجنة تفاوض الإدارة الذاتية مع دمشق، المنعقد في مدينة الطبقة، قال عبدي: «هناك تقدم في تشكيل رؤية مشتركة مع دمشق بخصوص المعابر والحدود والثروات الباطنية لكل السوريين»، مؤكداً أن الثروات الباطنية هي ملك لجميع السوريين، وليست حكراً على جهة بعينها.

ونقل موقع تلفزيون سوريا، الخميس، عن عبدي قول: «إن الاجتماع ناقش آخر المستجدات السياسية على الساحة السورية، إضافة إلى اتفاقية 10 مارس (آذار)، مشيراً إلى وجود تقارب في الآراء حول ملفات أساسية». وأضاف أن شكل النظام السياسي في سوريا، وآليات التشاركية بين المكونات، يعدان من الركائز الأساسية لأي حل، لافتاً إلى أن ذلك يتطلب حوارات أعمق للوصول إلى دستور يعكس تطلعات السوريين كافة.

وبيّن قائد «قسد» أن هناك أموراً دستورية تحتاج إلى وقت للوصول إلى حل يشمل كل سوريا، مشيراً إلى أنه «نرى بأن الحل في سوريا يجب أن يكون لا مركزياً، ونريد أن يدير أبناء مناطق شمال وشرق سوريا مناطقهم ضمن إطار دستوري»، معرباً عن أمله في التوصل خلال الفترة المقبلة إلى اتفاقات شاملة حول القضايا العالقة.

وأشار إلى أن بعض الملفات الدستورية لا تزال قيد النقاش، وأن الوصول إلى حل يشمل كامل الجغرافيا السورية يتطلب وقتاً وتوافقاً وطنياً أوسع، وفق قناة «روجافا» الرسمية التابعة «للإدارة الذاتية».

ويتضمن الاتفاق الموقع في 10 مارس (آذار) الماضي بين الرئيس السوري أحمد الشرع ومظلوم عبدي، دمج المؤسسات المدنية والعسكرية في شمال شرقي سوريا ضمن إدارة الدولة وحماية حقوق جميع السوريين، مع الالتزام بعدم الانقسام وإنهاء الخلافات قبل نهاية العام الحالي.

ونقلت صحيفة «الوطن» السورية، الخميس، عن مصدر بالحكومة نفيه الأنباء عن قرب التوصل إلى اتفاق عسكري بين الحكومة السورية و«قوات سوريا الديمقراطية» (قسد).

وشدد المصدر على أن الاتصالات مع «قسد» متوقفة حالياً، وأن الحكومة تدرس رد «قوات سوريا الديمقراطية» على مقترح من وزارة الدفاع السورية.


سباق مع الوقت لحسم الرئاسات العراقية الثلاث

قوى «الإطار التنسيقي» خلال أحد اجتماعاتها بحضور رئيس الحكومة محمد شياع السوداني (أرشيفية - واع)
قوى «الإطار التنسيقي» خلال أحد اجتماعاتها بحضور رئيس الحكومة محمد شياع السوداني (أرشيفية - واع)
TT

سباق مع الوقت لحسم الرئاسات العراقية الثلاث

قوى «الإطار التنسيقي» خلال أحد اجتماعاتها بحضور رئيس الحكومة محمد شياع السوداني (أرشيفية - واع)
قوى «الإطار التنسيقي» خلال أحد اجتماعاتها بحضور رئيس الحكومة محمد شياع السوداني (أرشيفية - واع)

تتسابق القوى السياسية العراقية مع الوقت لحسم اختيار الرئاسات الثلاث، وسط انسداد سياسي وتعدد المرشحين، في وقت حذر فيه القضاء من تجاوز المدد الدستورية، بينما أعلن رئيس الوزراء الأسبق حيدر العبادي استعداده للعودة إلى المنصب في حال التوافق عليه.

وقال العبادي للصحافيين إن هناك «نقاشاً بين القوى السياسية» بشأن رئاسة الحكومة، داعياً إلى «احترام الجداول الدستورية في عملية تشكيل الحكومة والالتزام بها».

وأضاف أن مجلس النواب من المتوقع أن يعقد جلسة خلال الأسبوع المقبل لانتخاب رئيسه ونائبيه، يعقبها انتخاب رئيس للجمهورية، قبل أن تسمي الكتلة البرلمانية الأكبر مرشحها لرئاسة الوزراء.

وأكد العبادي أنه أحد المرشحين المطروحين، مشيراً إلى جدل داخل القوى السياسية حول ما إذا كان من الأفضل إعادة تكليف رؤساء وزراء سابقين أو اختيار شخصية جديدة. وقال إن العراق يواجه «أزمة اقتصادية ومالية حقيقية»، إلى جانب أوضاع إقليمية ودولية معقدة، ما يتطلب «إدارة حكيمة».

وأضاف أنه «جاهز نفسياً وواقعياً» لتولي المنصب، مذكراً بتجربته عام 2014 حين تسلم رئاسة الحكومة في ظل تمدد تنظيم «داعش»، وأزمة مالية حادة نتيجة انهيار أسعار النفط، وقال إن النجاح آنذاك تحقق «بتوحّد العراقيين».

ويأتي إعلان العبادي في وقت تشهد فيه الساحة الشيعية خلافات حول هوية المرشح لرئاسة الحكومة، مع تمسك ائتلاف رئيس الوزراء الحالي محمد شياع السوداني، وائتلاف دولة القانون بزعامة نوري المالكي، بترشيحهما، في ظل تعدد الخيارات داخل «الإطار التنسيقي».

وحسب قيادي في إحدى الكتل الشيعية الكبيرة، تحدث لـ«الشرق الأوسط»، فإن القوى الشيعية تحاول دفع الشريكين الكردي والسني إلى حسم مواقفهما خلال أيام، غير أن تعدد المرشحين وعدم وضوح الرؤية يعمّقان حالة الجمود السياسي.

وتتزامن هذه التطورات مع تصاعد القلق من العجز المالي، إذ يحذر خبراء اقتصاديون من صعوبات محتملة في تأمين رواتب الموظفين والمتقاعدين، في بلد يعتمد أكثر من ستة ملايين شخص فيه على الإنفاق الحكومي. كما عادت إلى الواجهة دعوات لإقامة أقاليم، لا سيما في محافظة البصرة الغنية بالنفط، ما يثير مخاوف من تعميق الخلافات بين الحكومة المركزية والمحافظات، على غرار العلاقة المتوترة بين بغداد وأربيل.

حيدر العبادي (وكالة الأنباء العراقية)

الخلاف السني - السني

في موازاة ذلك، لا يزال منصب رئيس مجلس النواب محور خلاف داخل المكون السني. وقال وزير الدفاع ورئيس تحالف الحسم الوطني، ثابت العباسي، إن «المجلس الوطني السياسي» سيعلن مساء الأحد المقبل اسم مرشحه لرئاسة البرلمان، مشيراً إلى أن الحوارات لا تزال مستمرة مع الأطراف السنية والشيعية والكردية.

وأضاف العباسي، في تصريحات لشبكة «روداو» الكردية، أن المشاورات تشمل الاستحقاقات الثلاثة: رئاسة البرلمان ورئاسة الجمهورية ورئاسة الوزراء، متوقعاً أن تتضح صورة المرشحين خلال الساعات المقبلة. وأكد ضرورة حسم ملف رئاسة البرلمان قبل الاثنين لتفادي الذهاب بعدة مرشحين، ما قد يعرقل عمل المجلس.

وينظر إلى الخلاف السني على رئاسة البرلمان على أنه اختبار لقدرة المكون على التوافق الداخلي، في ظل تحذيرات من أن انتخاب الرئيس بأغلبية برلمانية عامة، لا بتوافق المكون، قد يقيّد صلاحياته لاحقاً.

وتأتي هذه التحركات بينما شدد رئيس مجلس القضاء الأعلى، فائق زيدان، على أن المدد الدستورية لا تقبل «الانتهاك أو المخالفة»، في إشارة إلى أزمات سياسية سابقة شهدت تجاوز الجداول الزمنية لتشكيل السلطات.

ورغم كثافة المشاورات، لا تلوح حتى الآن مؤشرات واضحة على حسم وشيك للرئاسات الثلاث قبل نهاية العام، ما يضع العملية السياسية أمام اختبار جديد في بلد يعاني أصلاً من ضغوط اقتصادية وتحديات داخلية وإقليمية متشابكة.