مصر تكثف جهودها لضمان استقرار إمدادات الغاز

وزارة البترول أعلنت إدراج بئرين جديدتين في البحر المتوسط ضمن منظومة الإنتاج

«البترول المصرية» أعلنت عن بئرين جديدتين بالبحر المتوسط (وزارة البترول)
«البترول المصرية» أعلنت عن بئرين جديدتين بالبحر المتوسط (وزارة البترول)
TT

مصر تكثف جهودها لضمان استقرار إمدادات الغاز

«البترول المصرية» أعلنت عن بئرين جديدتين بالبحر المتوسط (وزارة البترول)
«البترول المصرية» أعلنت عن بئرين جديدتين بالبحر المتوسط (وزارة البترول)

في خطوةٍ جديدة تعزز أمن الطاقة في البلاد، أعلنت وزارة البترول والثروة المعدنية المصرية، الجمعة، إدخال بئرين جديدتين إلى منظومة إنتاج الغاز الطبيعي، بإنتاج إجمالي يومي يصل إلى 60 مليون قدم مكعب.

وتُواجه مصر تحدياً في تأمين الغاز الطبيعي بسبب تراجع الإنتاج وزيادة الطلب، خصوصاً في قطاع الكهرباء، إذ شهد إنتاجها من الغاز الطبيعي تراجعاً منذ عام 2022، ما دفعها للتحول إلى مستورد صاف له.

ويبلغ الإنتاج الحالي لمصر من الغاز الطبيعي 4.1 مليار قدم مكعبة يومياً، وفقاً لـ«رويترز». في حين قال رئيس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، الشهر الحالي، إنه من «المتوقع أن يصل إنتاج الغاز في البلاد إلى 6.6 مليار قدم مكعبة يومياً بحلول عام 2027».

وأعلنت «البترول المصرية»، الجمعة، في إفادة رسمية، أنه استمراراً لجهودها في دعم الإنتاج المحلي للغاز وتقليل الفجوة بين الإنتاج والاستهلاك، نجحت شركة «البرلس للغاز» في إضافة بئرين جديدتين بالبحر المتوسط بمنطقة غرب الدلتا العميقة على خريطة إنتاج الغاز الطبيعي، بإنتاج إجمالي يصل إلى 60 مليون قدم مكعبة يومياً. وذكرت أن «تشغيل هذه الآبار في إطار الخطط المستمرة لتعزيز الإنتاج المحلي للمساهمة في الوفاء باحتياجات السوق المحلية، خلال ذروة الاستهلاك الصيفي».

ووفقاً لـ«البترول»، فإن بئر «سفاير ساوث سينترال دي بي» تُعد هي البئر الثالثة ضمن آبار المرحلة الحادية عشرة لإنتاج الغاز لمشروع غرب دلتا النيل العميقة، وبدأ إنتاجه بنحو 50 مليون قدم مكعبة من الغاز يومياً، و800 برميل متكثفات؛ أيْ ما يعادل 9400 برميل مكافئ يومياً. كما تمكنت شركة «البرلس للغاز» من إعادة بئر «سكارب دي 4» للإنتاج بعد توقف طويل، ليضيف نحو 10 ملايين قدم مكعبة يومياً؛ أي ما يعادل 1700 برميل مكافئ يومياً.

وأكد وزير البترول المصري كريم بدوي، خلال الجمعية العامة لشركتيْ «رشيد» و«البرلس للغاز»، بحضور رئيسيْ شركتيْ «شل مصر» و«بتروناس» الماليزية، أن تنفيذ المرحلتين العاشرة والحادية عشرة لإنتاج الغاز بمشروع غرب الدلتا العميقة، يُعد أحد أبرز النتائج الملموسة لحُزمة الحوافز والإجراءات التي تبنّتها وزارة البترول والثروة المعدنية، والتي استهدفت تشجيع شركاء الاستثمار واستعادة الثقة، بما أسهم في تسريع وتيرة المشروعات وضخّ استثمارات جديدة لزيادة إنتاج الغاز الطبيعي وضمان تأمين احتياجات السوق المحلية.

العاصمة المصرية (أرشيفية-رويترز)

وخلال أغسطس (آب) الحالي، أعلنت شركة «نيو ميد»، أحد الشركاء في «حقل ليفياثان» الإسرائيلي للغاز الطبيعي، تعديل اتفاق توريد الغاز لمصر ليمتدّ إلى عام 2040 بقيمة تصل إلى 35 مليار دولار. (الدولار يساوي نحو 48.4 جنيه في البنوك المصرية).

خبيرة الطاقة في مصر، الدكتورة وفاء علي، قالت إن «مصر تسعى جاهدة لتأمين احتياجاتها من الغاز الطبيعي»، وعَدَّت أن هذا الملف هو «الأولوية القصوى لتحسين الأداء الاقتصادي»، وأشارت إلى أن «الرادار الحكومي قد اتجه نحو تكثيف عمليات البحث والاستكشاف بمناطق جديدة، خاصة في الصحراء الغربية، وهو ما أُعلن عنه أخيراً ضمن مخططات الإنتاج المعتمدة».

وأوضحت خبيرة الطاقة، لـ«الشرق الأوسط»، أن إضافة الاكتشافات الجديدة إلى خريطة الإنتاج «مِن شأن ذلك أن يقلل الفجوة بين الإنتاج والاستهلاك، ويؤمّن إمدادات الوقود اللازمة لتشغيل محطات الكهرباء»، مضيفة أن «الآليات الجديدة لإدارة الطلب وضمان الإمدادات قد أثبتت فاعليتها، مما سمح لمصر بتجاوز اختبار تخفيف الأحمال الكهربائية، وهو ما يؤكد أننا نمتلك منظومة قوية لإدارة مواردنا الطاقية».

وتعهدت الحكومة المصرية، الصيف الحالي، بعدم العودة لنظام «تخفيف أحمال الكهرباء»، خلال شهور الصيف، الذي لجات له، خلال العامين الماضيين، بالتناوب في غالبية المحافظات مع فترات انقطاع تراوحت بين ساعة و3 ساعات يومياً.

وأكدت وفاء علي أن مصر تعمل على زيادة المساحات المطروحة للاستكشاف، وتنمية الحقول القديمة؛ لضمان استدامة الإنتاج. تأتي هذه الجهود في إطار محاولة للوفاء بالاحتياجات المحلية وتأمين الأمن الطاقي للبلاد. وأضافت: «لدينا محفظة استكشافية قوامها 61 فرصة لزيادة أعمال التنقيب عن الغاز المصري، باستخدام أحدث التقنيات التكنولوجية الحديثة ودخول حفارات جديدة إلى مناطق البحث».


مقالات ذات صلة

خفض معدلات الإنجاب بمصر... حديث متكرر «لا يقلل مخاوف الأزمة السكانية»

شمال افريقيا نائب وزير الصحة المصري عبلة الألفي أثناء مشاركتها في الدورة السابعة للمجلس العربي للسكان والتنمية بالعراق السبت (الصحة المصرية)

خفض معدلات الإنجاب بمصر... حديث متكرر «لا يقلل مخاوف الأزمة السكانية»

أعاد مسؤولون مصريون الحديث عن خفض معدلات الإنجاب، وهو ما عكسته الإحصاءات الرسمية التي تؤكد «استمرار تراجع أعداد المواليد مقارنةً بالسنوات الماضية».

أحمد جمال (القاهرة )
شمال افريقيا الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال لقائه وزير التربية والتعليم في حضور رئيس الوزراء مصطفى مدبولي السبت (الرئاسة المصرية)

توجيه رئاسي بـ«عقوبات مشددة» للمتورطين في «الغش» بامتحانات «الثانوية المصرية»

وجَّه الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، بـ«تشديد العقوبات المُوقَّعة على مَن يثبت تورطهم في الغش بامتحانات الثانوية العامة».

أحمد جمال (القاهرة )
العالم العربي وزير الخارجية المصري خلال لقائه نظيره القطري في الدوحة (الخارجية المصرية)

عبد العاطي في قطر... دفع لـ«الشراكة» وتنسيق بشأن مستجدات المنطقة

ناقش وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، مع مسؤولين قطريين، سبل دفع «الشراكة» بين مصر وقطر، إلى جانب تنسيق المواقف بشأن المستجدات في المنطقة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
شؤون إقليمية جانب من محطة «الضبعة النووية» في مصر نهاية الشهر الماضي (هيئة المحطات النووية المصرية)

مصر تدعو إلى «حلول دبلوماسية» للملف «النووي الإيراني»

تواصل مصر اتصالاتها لخفض التصعيد وتعزيز الاستقرار في المنطقة. ودعت، السبت، إلى «حلول دبلوماسية» للملف «النووي الإيراني».

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
شمال افريقيا وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي (د.ب.أ)

وزير الخارجية المصري يدعو إلى نشر قوة استقرار دولية في غزة «بأسرع وقت»

أكد وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي اليوم (السبت) أنه ينبغي نشر قوة دولية لإرساء الاستقرار في غزة على طول «الخط الأصفر» للتحقق من وقف إطلاق النار.

«الشرق الأوسط» (الدوحة - القاهرة)

خفض معدلات الإنجاب بمصر... حديث متكرر «لا يقلل مخاوف الأزمة السكانية»

نائب وزير الصحة المصري عبلة الألفي أثناء مشاركتها في الدورة السابعة للمجلس العربي للسكان والتنمية بالعراق السبت (الصحة المصرية)
نائب وزير الصحة المصري عبلة الألفي أثناء مشاركتها في الدورة السابعة للمجلس العربي للسكان والتنمية بالعراق السبت (الصحة المصرية)
TT

خفض معدلات الإنجاب بمصر... حديث متكرر «لا يقلل مخاوف الأزمة السكانية»

نائب وزير الصحة المصري عبلة الألفي أثناء مشاركتها في الدورة السابعة للمجلس العربي للسكان والتنمية بالعراق السبت (الصحة المصرية)
نائب وزير الصحة المصري عبلة الألفي أثناء مشاركتها في الدورة السابعة للمجلس العربي للسكان والتنمية بالعراق السبت (الصحة المصرية)

أعاد مسؤولون مصريون الحديث عن خفض معدلات الإنجاب، وهو ما عكسته الإحصاءات الرسمية التي تؤكد «استمرار تراجع أعداد المواليد عند مقارنتها بالسنوات الماضية»، غير أن ذلك «لا يقلل من مخاوف الأزمات السكانية في ظل الضغط على الخدمات العامة».

وأكدت نائب وزير الصحة والسكان، عبلة الألفي، السبت، أن «تشجيع المباعدة بين الولادات (3 - 5 سنوات) وتوفير خدمات الصحة الإنجابية أسهما في خفض معدل الإنجاب الكلي إلى 2.4 مولود لكل سيدة قبل الموعد المستهدف». وأشارت خلال مشاركتها في الجلسة الافتتاحية للدورة العادية السابعة للمجلس العربي للسكان والتنمية المنعقدة في بغداد إلى «انخفاض عدد المواليد إلى 1.968 مليون مولود خلال عام واحد لأول مرة منذ عام 2007، مع تحسن ملحوظ في مؤشرات التقزم والرضاعة الطبيعية ووفيات الأمهات والأطفال».

واستعرضت أبرز الإنجازات المصرية، منها «البرنامج القومي لتنمية الأسرة المصرية (2022-2025)، والاستراتيجية الوطنية للسكان والتنمية (2023-2030)، والخطة العاجلة (2025-2027)، والمبادرات الرئاسية لتحاليل ما قبل الزواج ورعاية الألف يوم الذهبية».

كانت أرقام سابقة قد صدرت عن «الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء» في مصر، خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، قد أشارت إلى «تراجع عدد المواليد بنهاية العام الماضي بنسبة 3.7 في المائة، في استمرار لاتجاه انخفاض معدلات الزيادة السكانية خلال السنوات الخمس الأخيرة».

وانخفض معدل المواليد السنوي في مصر من 19.4 لكل ألف من السكان عام 2023، إلى 18.5 لكل ألف عام 2024، وفق «جهاز الإحصاء» المصري.

لكن عضو «لجنة الصحة» بمجلس النواب المصري (البرلمان)، إيرين سعيد، ترى أن التراجع في أعداد المواليد «لا يقلل من مخاوف الأزمة السكانية»، وذلك يعود لأن «معدلات التنمية الاقتصادية تسير ببطء، كما أن هناك مشكلة في التوزيع السكاني مع استمرار التمركز في مساحة صغيرة على شريط وادي النيل، وهو ما يقود إلى التكدس الحالي الذي ينعكس سلباً على مستوى معيشة الفرد».

نائب وزير الصحة عمرو قنديل في جولة داخل أحد المستشفيات الحكومية بالجيزة (أرشيفية - وزارة الصحة)

وشهدت معدلات التنمية في مصر نمواً إيجابياً، حيث استهدف العام المالي 2024-2025 نمواً يتجاوز 4 في المائة، ووصل في الربع الثالث إلى 4.77 في المائة، مع توقعات بأن يصل إلى 5 في المائة بنهاية العام الحالي. لكنها سجلت معدلات متراجعة في السنوات الماضية، وسجل الاقتصاد المصري تباطؤاً في نمو الناتج المحلي الإجمالي إلى نحو 2.4 في المائة في العام المالي 2023-2024، وفقاً لإحصاءات حكومية.

وأوضحت إيرين سعيد لـ«الشرق الأوسط» أن «العجز المستمر في الموازنة العامة يجعل هناك صعوبات في تطوير خدمات التعليم والصحة، وهي مجالات خدمية رئيسية تتعلق بالأزمة السكانية، وهناك نقص في أعداد المعلمين ومع توغل التعليم الخاص والدولي لعدم قدرة الحكومة بناء المدارس الحكومية».

وأضافت: «على مستوى الخدمات الصحية فإن خدمات المستشفيات الحكومية تعاني أيضاً مشكلات بشأن استيعاب الزيادة السكانية، ولم تعد قرارات (العلاج على نفقة الدولة) كافية لمن يستفيد منها مع ارتفاع أسعار الأدوية والمستلزمات، كما أن تراجع معدلات الولادة الطبيعية يعود في مصر إلى نقص الأطباء في المستشفيات الحكومية وارتفاع تكاليف الإقامة في المستشفيات الخاصة».

وزارة الصحة المصرية تولي اهتماماً برعاية الأمهات والأطفال مما قاد إلى تراجع معدلات الوفيات (وزارة الصحة المصرية)

في حين أكدت عبلة الألفي أن «القضية السكانية منظومة حياة ترتكز على تنمية الأسرة، وصحة الأم والطفل، وتمكين المرأة والشباب، وتحقيق (طول العمر الصحي)، استعداداً لـ(الاقتصاد الفضي) مع توقع وصول نسبة كبار السن إلى 10.6 في المائة بحلول 2050».

وشددت إيرين سعيد على أن الطب شهد تقدماً ملحوظاً في مصر، وهناك جودة في الخدمات الطبية المقدمة تسهم في تراجع معدلات الوفيات بين الأمهات والأطفال مع اختفاء الظواهر القديمة المرتبطة بالولادة داخل المنزل، كما أن وزارة الصحة تعمل بالتعاون مع منظمة الصحية على توفير أفضل بروتوكولات العلاج، وهو ما يفسر تراجع معدلات وفيات الأمهات والأطفال.

وفي فبراير (شباط) الماضي، أعلن وزير الصحة والسكان المصري، خالد عبد الغفار «تحقيق أدنى معدل إنجاب في مصر خلال الـ17 عاماً الماضية»، مشيراً إلى أن «عدد المواليد خلال عام 2024 لم يتجاوز 1.968 مليون مولود، مقارنةً بـ2.045 مليون مولود في 2023».

وعلى الرغم من ذلك ارتفع عدد السكان في مصر إلى 108 ملايين نسمة في الداخل، حسب إحصاء حكومي، صادر عن «الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء» في أغسطس (آب) الماضي، وزاد عدد السكان في مصر 1.48 مليون في الفترة الممتدة من 2 نوفمبر (تشرين الثاني) 2024 حتى 16 أغسطس 2025.

وحسب «جهاز الإحصاء» أيضاً فإن زيادة السكان «تستنزف موارد الدولة، وتُشكِّل عائقاً أمام جهود رفع مستوى المعيشة، في ظل الأزمات التي يشهدها العالم أخيراً».

وسبق أن أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، أن «الدولة المصرية تحتاج إلى إنفاق ما بين تريليون وتريليوني دولار سنوياً»، مشيراً إلى أن «معدلات الزيادة السكانية غير المنضبطة تؤثر سلباً على قدرة الدولة على تقديم الخدمات»، مضيفاً أن «الدول التي تعاني من معدل نمو سكاني سلبي لا تحتاج إلى بناء مستشفيات أو مدارس أو جامعات جديدة أو طرق».


مسيرة جديدة في تونس للمطالبة بـ«إطلاق الحريات»

تونسيون يحملون لافتة كُتب عليها «المعارضة ليست جريمة» (أ.ف.ب)
تونسيون يحملون لافتة كُتب عليها «المعارضة ليست جريمة» (أ.ف.ب)
TT

مسيرة جديدة في تونس للمطالبة بـ«إطلاق الحريات»

تونسيون يحملون لافتة كُتب عليها «المعارضة ليست جريمة» (أ.ف.ب)
تونسيون يحملون لافتة كُتب عليها «المعارضة ليست جريمة» (أ.ف.ب)

خرج متظاهرون يمثلون مختلف التيارات السياسية، السبت، في مسيرة جديدة وسط العاصمة تونس للمطالبة بالإفراج عن المعتقلين السياسيين، ورفع القيود عن الحريات، وفق ما أورده تقرير لـ«وكالة الأنباء الألمانية». وتأتي المظاهرة الثالثة في الأسابيع الثلاثة الأخيرة لزيادة الضغط على السلطات، بعد حملة إيقافات لمعارضين وأحكام قضائية مشددة في قضية «التآمر على أمن الدولة».

جانب من المظاهرات التي شهدتها شوارع العاصمة التونسية السبت (أ.ف.ب)

وتجمع المتظاهرون، ومن بينهم عائلات المعتقلين، في ساحة بمنطقة «باب الخضراء»، ورفعوا صور السياسيين الموقوفين في السجون. مرددين: «لا خوف... لا رعب... الشارع ملك الشعب»، و«حريات حريات دولة البوليسوفات (انتهت)»، و«الشعب يريد إسقاط النظام»، و «المعارضة ليست جريمة» و«الحرية لتونس»، كما حملوا صور عشرات القادة والنشطاء المعتقلين، وقال يوسف الشواشي، شقيق السياسي المعارض والوزير السابق غازي الشواشي الموقوف في قضية التآمر، لـ«وكالة الأنباء الألمانية»: «لم تعد لنا ثقة في القضاء، ولا مؤسسات الدولة. لم يبق لنا غير الشارع للمطالبة بإطلاق سراح المعتقلين».

المسيرة الجديدة وسط العاصمة تونس طالبت بالإفراج عن المعتقلين السياسيين ورفع القيود عن الحريات (أ.ف.ب)

وكانت محكمة الاستئناف قد أيدت قبل أيام أغلب الأحكام، التي صدرت ضد العشرات من السياسيين ورجال الأعمال والنشطاء الموقوفين، منذ فبراير (شباط) 2023 في قضية التآمر على أمن الدولة، في جلسات محاكمة لقيت انتقادات من المعارضة ومنظمات حقوقية. ووصلت تلك الأحكام في أقصاها إلى السجن مدة 45 عاماً، وأعقبتها إيقافات طالت زعيم «جبهة الخلاص الوطني» السياسي البارز، أحمد نجيب الشابي (82 عاماً) والمحامي العياشي الهمامي، والناشطة السياسية شيماء عيسى، لتطبيق عقوبات سجنية بحقهم. وتتهم السلطة الموقوفين بمحاولة قلب نظام الحكم وتفكيك مؤسسات الدولة، بينما تتهم المعارضة النظام القائم بتلفيق تهم سياسية إلى السجناء وإخضاع القضاء إلى أوامره. من جهته، قال الناشط في المجتمع المدني، مسعود الرمضاني، خلال مشاركته في مسيرة اليوم إن التحركات السلمية «هي السبيل الوحيد لفرض إرادة الناس. الوضع تعيس، ووصل إلى مرحلة خطيرة على مستوى الحريات، وحتى على مستوى الحياة الاقتصادية والاجتماعية». وتابع الرمضاني مشدداً على ضرورة أن يتحرك الشعب «للمطالبة بحقوقه التي أتت بها الثورة، والحق في أن يكون له مجتمع مدني وحياة سياسية. برنامج السلطة الحالية هو القضاء على المجتمع المدني والأحزاب والعودة إلى ما قبل الثورة». وتتصاعد موجة الاحتجاجات ضد الرئيس قيس سعيد، وسط اتهام منظمات حقوقية له باستخدام القضاء والشرطة لقمع المعارضين، وترسيخ حكم فردي استبدادي، وهي اتهامات ينفيها الرئيس سعيد.

وأمس، الجمعة، دعت عدة مكونات سياسية ومدنية معارضة إلى تنظيم مسيرة اليوم، تحت شعار «المعارضة ليست جريمة».

وجاء في نص الدعوة أنه «لا يمر أسبوع دون أن تشهد البلاد سلسلة من الاعتقالات والمحاكمات والتضييقات، آخرها اعتقال المعارضين السياسيين شيماء عيسى والعياشي الهمامي، وأحمد نجيب الشابي بعد صدور الأحكام النهائية في قضية (التآمر)».

الناشطة السياسية شيماء عيسى (أ.ف.ب)

وأكد الداعون أن «رواية (المؤامرة) تحولت إلى أداة للهيمنة والشيطنة، يستخدمها النظام الحالي لقمع معارضيه، والزج بهم في السجون، وتثبيت حكم فردي استبدادي بالقوة والعقاب، بينما فشل النظام في مواجهة الأزمات الاجتماعية والاقتصادية والبيئية والسياسية التي تعيشها البلاد».

وشدّدت هذه المكونات على أن «الوضع القاتم الذي يسعى النظام لفرضه عبر العقاب والتخويف، لا يمكن مواجهته إلا بمواصلة النضال المدني والسياسي الديمقراطي، والتمسك بحق التعبير عن المعارضة، الذي يحاول النظام تجريمه بالسجون والمحاكم».

ودعت المكونات المعارضة إلى «مسيرة ضد الظلم وضد تجريم العمل السياسي المعارض»، للتأكيد على حق المواطنين في التظاهر السلمي والمطالبة بالحرية والعدالة.


توجيه رئاسي بـ«عقوبات مشددة» للمتورطين في «الغش» بامتحانات «الثانوية المصرية»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال لقائه وزير التربية والتعليم في حضور رئيس الوزراء مصطفى مدبولي السبت (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال لقائه وزير التربية والتعليم في حضور رئيس الوزراء مصطفى مدبولي السبت (الرئاسة المصرية)
TT

توجيه رئاسي بـ«عقوبات مشددة» للمتورطين في «الغش» بامتحانات «الثانوية المصرية»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال لقائه وزير التربية والتعليم في حضور رئيس الوزراء مصطفى مدبولي السبت (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال لقائه وزير التربية والتعليم في حضور رئيس الوزراء مصطفى مدبولي السبت (الرئاسة المصرية)

وجَّه الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، بـ«تشديد العقوبات المُوقَّعة على مَن يثبت تورطهم في الغش بامتحانات الثانوية العامة»، في خطوة تستهدف ضمان تأمين منظومة الامتحانات مع استحداث نظام «البكالوريا» الذي يتم تطبيقه للمرة الأولى على المرحلة الثانوية هذا العام.

وقال المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، السفير محمد الشناوي، إن السيسي «شدَّد على ضرورة التعامل بحزم مع حالات الغش في (الثانوية)»، وذلك خلال اجتماع عقده، السبت، مع وزير التربية والتعليم والتعليم الفني، محمد عبد اللطيف.

وتواجه وزارة التربية والتعليم المصرية انتقادات عدة؛ نتيجة استمرار وقائع «الغش» و«تسريب الامتحانات»، ولم تعلن الوزارة خلال امتحانات العام الماضي أعداد الطلاب الذين تمَّ ضبطهم بتهمة «الغش»، غير أنها أعلنت في امتحانات الثانوية العامة عام 2024 إحالة 425 طالباً إلى جهات التحقيق؛ بسبب مخالفة قانون أعمال الامتحانات، بعد أن تم عمل محاضر غش لهم خلال أدائهم الامتحانات.

وخلال السنوات الماضية تمكَّنت «جروبات للغش» عبر تطبيقات عدة، من بينها «تلغرام»، من نشر أوراق الامتحانات خلال خوضها أو قبلها، وتعلن «التربية والتعليم» إحالة عدد من الطلاب للتحقيق، في بيانات رسمية تصدرها عقب الانتهاء من كل امتحان.

وفرض قانون «مكافحة أعمال الإخلال بالامتحانات» عقوبات مغلظة على جرائم الغش أو الشروع فيه، وتصل العقوبة إلى «الحبس سنتين ولا تزيد على 7 سنوات، وبغرامة لا تقل عن 100 ألف جنيه (الدولار يساوي 47.50 جنيه تقريباً بالبنوك المصرية) ولا تزيد على 200 ألف جنيه على كل مَن طبع أو نشر أو أذاع أو روَّج، بأي وسيلة، أسئلة الامتحانات أو أجوبتها أو أي نظم تقييم في مراحل التعليم المختلفة المصرية والأجنبية بقصد الغش أو الإخلال بالنظام العام للامتحانات».

ويُعاقَب على الشروع في ارتكاب الغش بالحبس مدة لا تقل عن سنة، وبغرامة لا تقل عن 10 آلاف جنيه ولا تزيد على 50 ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين، وهي عقوبات يتم تطبيقها على المشاركين في أعمال الامتحانات وليس الطلاب.

في حين يعاقب القانون الطالب الذي يرتكب غشاً أو شروعاً فيه بالحرمان من أداء الامتحان في الدور الذي يؤديه والدور الذي يليه من العام ذاته، ويعدّ راسباً في جميع المواد، وفي حالة الامتحانات الأجنبية يُحرَم الطالب من أداء امتحانات المواد اللازمة للمعادلة وفقاً للنظام المصري دورَين متتاليَين.

وزير التعليم المصري وسط الطلاب في جولة ميدانية داخل إحدى المدارس (وزارة التربية والتعليم)

عضو لجنة التعليم بمجلس النواب المصري (البرلمان)، جيهان البيومي، أكدت أن «تغليظ العقوبات على الطلاب والتأكد من تطبيق القانون يعدّ أمراً مهماً للحد من ظاهرة الغش في امتحانات الثانوية العامة، والمشكلة تبدو على نحو أكبر تجاه اللوائح التنفيذية لقوانين مكافحة الغش، التي يترتب عليها قصور في إحالة أي طالب تورط في الغش للتحقيقات وعمل محضر فوري له».

وأضافت لـ«الشرق الأوسط» أن التوجيهات الرئاسية تستهدف الحدَّ من السلوكيات السلبية داخل لجان الامتحانات، والتأكيد على ضرورة تفعيل العقوبات مع بدء تطبيق منظومة «البكالوريا» لأول مرة هذا العام.

وبدأت وزارة التربية والتعليم المصرية تطبيق منظومة «البكالوريا» بشكل اختياري على طلاب المرحلة الثانوية هذا العام، وهي نظام تعليمي يمتد لـ3 سنوات يركز على تنويع المسارات التعليمية والتقييم المستمر مع فرص امتحانية متعددة (بما فيها فرص تحسين المجموع).

واستعرض وزير التربية والتعليم خلال لقائه الرئيس السيسي، مزايا منظومة «البكالوريا» مشيراً إلى «أن هذا النظام ينهي امتحان الفرصة الواحدة في نظام الثانوية العامة»، موضحاً «ازدياد إقبال الطلبة على نظام (البكالوريا)، حيث تجاوزت نسبة الالتحاق به في العام الدراسي الحالي 90 في المائة من إجمالي عدد طلاب المرحلة الأولى من الثانوية».

ووجَّه السيسي بـ«فرض الانضباط وترسيخ القيم الأخلاقية والإيجابية داخل المنظومة التعليمية، وعدم التهاون في هذا الأمر، مع اتخاذ إجراءات محاسبة عاجلة وحاسمة تجاه أي تجاوز أو انفلات».

وأكد خبير التعليم والاستشاري في «استراتيجية التعليم والتحول الرقمي»، تامر عبد الحافظ، أن العقوبات التي تقرها وزارة التربية والتعليم بشأن «الغش» تكفي لضبط منظومة الامتحانات، وأن التركيز يمكن أن ينصب بشكل أكبر على إجراءات عقد الامتحانات وتدريب المراقبين والملاحظين على مواجهة أساليب الغش الحديثة، وتدشين حملات توعية وطنية لأولياء الأمور والطلاب بخطورة هذه الممارسات على المجتمع بوجه عام.

وأشار لـ«الشرق الأوسط» إلى وجود أنظمة إحصائية لمراجعة درجات الطلاب، والتيقن ما إذا كانت نتيجة لمحاولات غش أم بمجهودهم الفردي، يمكن أن تستفيد منها وزارة التربية والتعليم، وفي حال ثبوت «الغش» فإنه يمكن إلغاء الامتحان بوجه عام أو إلغاؤه في بعض اللجان ومعاقبة المتورطين في تلك المخالفات.

وفي كل عام تحدد وزارة التربية والتعليم المصرية قائمة من المحظورات خلال فترة أداء امتحانات الثانوية العامة، ومنها عدم اصطحاب أجهزة التابلت والهواتف المحمولة إلى لجان الامتحانات، وإن كانت مغلقة، وعدم ارتداء ساعات ذكية أو سماعات لاسلكية (بلوتوث).