قاد «الاتحاد العام التونسي للشغل»، اليوم الخميس، مسيرة وسط العاصمة، كان قد دعا إليها للاحتجاج وسط توتر متصاعد مع السلطة. وحسب ما أوردته «وكالة الأنباء الألمانية»، فقد احتشد عدد كبير من العمال والمؤيدين لأكبر نقابة في تونس بساحة «محمد علي الحامي»، قبالة المقر المركزي للاتحاد، قبل الانطلاق في مسيرة إلى الشارع الرئيسي، والرمز «الحبيب بورقيبة» القريب.
وردد المتظاهرون خلال هذه المسيرة شعارات غاضبة: «بالروح بالدم نفديك يا اتحاد»، و«حريات حريات دولة البوليس وفات (انتهت)».
وقال الأمين العام للاتحاد، نور الدين الطبوبي، في كلمته من شرفة المقر، إن الاتحاد «يواجه هجمات وتشويه، وحملات تشكيك وشيطنة من أعلى هرم في السلطة»، مشيراً أيضاً إلى اعتداءات ضد الحقوق والحريات. وتابع الأمين العام أن «كل النقابيين اليوم غاضبون، وكل تونسي غيور على استقرار هذا البلد وأمنه وسلمه الاجتماعي غاضب بلا شك».

وتأتي المسيرة بعد خطوات تصعيدية متبادلة بين الاتحاد والسلطة. وقد ألغت الحكومة جلسات اجتماعية تفاوضية، كما أوقفت «التفرغ النقابي» لموظفي القطاع العام. كما تجمع قبل أيام أنصار للرئيس قيس سعيد أمام مقر الاتحاد للاحتجاج ومحاولة اقتحامه. وردت المنظمة النقابية بتوجيه اتهامات مباشرة للسلطة، والدعوة إلى مسيرة عمالية، والتلويح بالإضراب العام.
وقال الخبير الجامعي المتخصص في الحركات النقابية، المولدي القسومي، لـ«وكالة الأنباء الألمانية»: «اتجاه الاتحاد إلى الشارع اليوم هو مصالحة مع العمل النقابي، وتوافد العمال هو دفاع عن المنظمة النقابية ضد سياسة السلطة الإقصائية». مضيفاً أن الشارع «يمكن أن يشكل عنصر ضغط، ومن شأنه أن يؤدي إلى تغيير». ويتمتع الاتحاد في تونس بدور تقليدي، يتجاوز الإطار النقابي، في وقت عزز فيه الرئيس قيس سعيد من صلاحياته بشكل كبير، منذ إعلانه التدابير الاستثنائية في 25 يوليو (تموز) 2021، وإرساء نظام سياسي بديل بدعوى تصحيح مسار ثورة 2011 ومكافحة الفساد.
ويحتج «الاتحاد» ضد ما اعتبره «سياسة إقصائية» من الرئيس سعيد لكل الشركاء في الإصلاحات. وقد عقد هيئته التنفيذية بشكل عاجل، الاثنين الماضي، وخلال اللقاء ردّ الطبوبي على الرئيس سعيد بالقول: «لسنا من الذين سيُحكم عليهم بتكميم الأفواه، صوتنا عال»، منتقداً ما اعتبره «سيفاً مسلطاً» على النقابيين باتهامهم بـ«الفساد»، وداعياً إلى اللجوء إلى القضاء في حال توفّر ما يثبت الاتهامات.
وأعلن في أعقاب ذلك تنظيم مظاهرة ومسيرة اليوم الخميس «للدفاع عن الاتحاد»، ولعودة المفاوضات الاجتماعية المعطلة مع الحكومة ولوّح بتنفيذ إضراب عام. ومنذ عام 2022، نفّذت السلطات حملات توقيف وملاحقات قضائية طالت معارضين للرئيس سعيّد، من المنتمين إلى أحزاب سياسية أو من الناشطين والحقوقيين والصحافيين والقضاة، ما دفع العديد من المنظمات الحقوقية التونسية والدولية إلى التنديد مراراً بتراجع الحريات في البلاد.



