باول في «جاكسون هول»... بين مطرقة ترمب وسندان التمرد الداخلي

يواجه تحديات غير مسبوقة قبل خطابه السنوي الأخير

رئيس «الاحتياطي الفيدرالي» خلال مشاركته في ندوة جاكسون هول عام 2023 (رويترز)
رئيس «الاحتياطي الفيدرالي» خلال مشاركته في ندوة جاكسون هول عام 2023 (رويترز)
TT

باول في «جاكسون هول»... بين مطرقة ترمب وسندان التمرد الداخلي

رئيس «الاحتياطي الفيدرالي» خلال مشاركته في ندوة جاكسون هول عام 2023 (رويترز)
رئيس «الاحتياطي الفيدرالي» خلال مشاركته في ندوة جاكسون هول عام 2023 (رويترز)

يتجه انتباه العالم يوم الجمعة بعيداً عن وول ستريت نحو ولاية وايومنغ، حيث يستعد رئيس مجلس «الاحتياطي الفيدرالي»، جيروم باول، لإلقاء خطابه السنوي والأخير في ندوة «جاكسون هول» الاقتصادية. هذا العام، يجد باول نفسه في موقف حرج، محاطاً بهجوم متواصل من الرئيس دونالد ترمب، وانقسام متزايد داخل مؤسسته.

سيجتمع نخبة من أبرز الاقتصاديين وصانعي السياسات النقدية في العالم لحضور ندوة جاكسون هول الاقتصادية السنوية الثامنة والأربعين برعاية «الاحتياطي الفيدرالي» في كانساس سيتي.

ولطالما كان خطاب باول في جاكسون هول، وايومنغ، لحظةً بالغة الأهمية. هذا العام، يصعد رئيس البنك المركزي إلى المنصة وهو يواجه انتقاداتٍ لاذعة من دونالد ترمب، وتمرداً متزايداً داخل مؤسسته. فترمب شنّ هجوماً على باول استمرّ لأشهر، واصفاً إياه بـ«العنيد» و«الأحمق» لرفضه خفض تكاليف الاقتراض هذا العام بسبب مخاوف من أن تُؤجج رسوم الرئيس التضخم. والآن، وقبل ستة أشهر تقريباً من الموعد المحدد، أتيحت لترمب فرصة لإثارة المزيد من الخلاف داخل لجنة السوق المفتوحة الفيدرالية باختياره أحد الموالين له لشغل مقعدٍ شاغر في مجلس إدارة «الاحتياطي الفيدرالي».

وقد أيد ستيفن ميران، الخبير الاقتصادي الذي اختاره ليحل محل أدريانا كوغلر بعد رحيلها المفاجئ عن مجلس وضع سياسات البنك المركزي، دعوات ترمب لخفض أسعار الفائدة. كما دفع باتجاه إصلاح شامل لحوكمة «الاحتياطي الفيدرالي»، يمنح الرؤساء سلطة إقالة أمثال باول متى شاءوا. وهو الأمر الذي يتوقع المحللون أن يثير ضجة داخل البنك المركزي.

ونقلت صحيفة «فاينانشال تايمز» عن كبير الاقتصاديين الأميركيين في «تي إس لومبارد» قال ستيفن بليتز، قوله إن «ميران ليس شخصاً سيُغمر بالتقاليد داخل (الاحتياطي الفيدرالي)، بل سيكون المُحرض الذي يُمثل ترمب في اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة. وبكل فخر، لن يُخفي ذلك». وهذا سيجعل مهمة باول في وايومنغ يوم الجمعة، عندما تُدقق الأسواق في كل كلمة في خطابه، أكثر تعقيداً من المعتاد.

رئيس «الاحتياطي الفيدرالي» مع رئيسة البنك المركزي الأوروبي كريستين لاغارد ومحافظ بنك اليابان كازو أويدا عام 2024 (رويترز)

لا يقتصر التحدي الذي يواجهه باول على ميران وحده. فقد أبدى محافظا البنك المركزي، كريستوفر والر وميشيل بومان، وكلاهما ضمن قائمة وزارة الخزانة الأميركية الطويلة المكونة من 11 مرشحاً لخلافة باول في مايو (أيار)، معارضتهما لسياسة تثبيت الفائدة ودعما الخفض في تصويت يوليو (تموز). ومع احتمال تأكيد تعيين ميران في الوقت المناسب لاجتماع سبتمبر، سيجد باول نفسه أمام ثلاثة معارضين داخل مجلسه المكون من سبعة أعضاء، وهو انقسام لم يحدث بهذا الحجم منذ عام 1988، وسيعتبره ترمب وأنصاره دليلاً على أن رئيس الفيدرالي «يفقد قبضته».

كذلك، تزيد البيانات الاقتصادية الأميركية المتباينة من معضلة باول في سعيه إلى تحقيق التوازن بين تفويضات بنك الاحتياطي الفيدرالي المزدوجة المتمثلة في الحد الأقصى للتوظيف واستقرار الأسعار.

بانتظار أنباء خفض الفائدة

لم تُسفر واجبات ترمب الشاملة على الشركاء التجاريين بعد عن ارتفاع التضخم الذي شهدناه خلال فترة جو بايدن في البيت الأبيض، لكنها حجبت التوقعات بما يكفي لتترك واضعي أسعار الفائدة يتساءلون عما إذا كان لديهم مجال كبير لخفض الفائدة.

انقضّ المستثمرون على رقم مؤشر أسعار المستهلك الإيجابي نسبياً الأسبوع الماضي، ليضعوا في الحسبان خفضاً بمقدار ربع نقطة مئوية على الأقل في منتصف سبتمبر (أيلول). لكنّ المطلعين يرون أن تصويت «الاحتياطي الفيدرالي» الشهر المقبل أقرب إلى الواقع من الأسواق. في حين أثار تقرير الوظائف الكئيب لشهر يوليو (تموز) مخاوف بشأن صحة سوق العمل، أثار رقم مؤشر أسعار المنتجين المرتفع مخاوف من أن الرسوم الجمركية على وشك أن تؤثر على المتسوقين الأميركيين.

الانتظار والترقب

يؤكد بعض المراقبين أن قرار باول سيعتمد بشكل كبير على رؤيته لسوق العمل كمؤشر رئيسي على صحة سوق العمل الأميركية. فمعدل البطالة لا يزال منخفضاً عند 4.2 في المائة، مما قد يشير إلى أن التباطؤ الحاد في التوظيف هذا الصيف قد يُعزى إلى عوامل من جانب العرض، مثل انخفاض الهجرة، وهو ما لا يستطيع البنك المركزي فعله كثيراً لمواجهته.

وقال كبير الاقتصاديين الأميركيين في «باركليز»، مارك جيانوني: «حذر باول بعد اجتماع يوليو من أن الوظائف قد تقترب من الصفر، وقال أيضاً إن معدل البطالة قد لا يرتفع كثيراً بسبب عوامل جانب العرض. إذا كرر ذلك، فإن ذلك سيعيد توقعات خفض أسعار الفائدة إلى ما يقرب من 50 في المائة».

لقد انخفضت رهانات خفض أسعار الفائدة في سبتمبر في الأيام الأخيرة، إلى احتمال 85 في المائة اعتباراً من يوم الثلاثاء، على خلفية تقرير مؤشر أسعار المنتجين وتعليقات مسؤولي «الاحتياطي الفيدرالي» التي خففت من التوقعات. لكن مؤيدي سياسة التيسير الكمي يجادلون بأنه عند 4.25 في المائة إلى 4.5 في المائة، لا يزال نطاق سعر الفائدة القياسي لـ«الاحتياطي الفيدرالي» في منطقة «تقييدية»، مما يحد من النمو في وقت قد يشهد فيه سوق العمل تحولاً ويُظهر الاقتصاد علامات تباطؤ.

ومن شأن المزيد من البيانات السيئة بشأن الوظائف أن تزيد من احتمالية دعم أمثال والر لخفض كبير بنسبة 0.5 نقطة مئوية - تماشياً مع دعوات وزير الخزانة الأميركي سكوت بيسنت لاتخاذ إجراءات أكثر حزماً.

في المقابل، يواصل ترمب مطالبه المتطرفة بخفض تكاليف الاقتراض إلى 1 في المائة فقط، زاعماً أن ذلك سيوفر على الحكومة مئات المليارات من الدولارات.

قرارات بنوك مركزية

وقبل انعقاد ندوة «جاكسون هول»، اتخذت بنوك مركزية قرارات نقدية مهمة، في ظل مراقبة الأسواق من كثب لإشارات حول مسار أسعار الفائدة والسياسات المستقبلية. فقد أبقى البنك المركزي السويدي على سعر الفائدة الرئيسي دون تغيير عند 2 في المائة، مشيراً إلى أنه لا يزال يرى احتمالاً لخفض إضافي خلال العام. كما قرر البنك المركزي السويدي الإبقاء على سعر الفائدة الرئيسي دون تغيير عند 2 في المائة، علماً أنه لا يزال يرى احتمالاً لخفض إضافي لسعر الفائدة هذا العام». في المقابل، فاجأ البنك المركزي الإندونيسي الأسواق بخفض سعر إعادة الشراء العكسي القياسي لأجل 7 أيام بمقدار 25 نقطة أساس ليصل إلى 5 في المائة، وهو خامس خفض منذ سبتمبر الماضي، ليصل مجموع التخفيضات إلى 125 نقطة أساس.


مقالات ذات صلة

انفتاح الأسواق الأميركية... عهد جديد للأصول البديلة في 2026

الاقتصاد أشخاص يغادرون مقر هيئة الأوراق المالية والبورصات الأميركية في واشنطن (رويترز)

انفتاح الأسواق الأميركية... عهد جديد للأصول البديلة في 2026

تشهد الأسواق المالية في الولايات المتحدة مرحلة من التحول، والتطور، مع اتساع نطاق الخيارات الاستثمارية المتاحة للمستثمرين الأفراد.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الاقتصاد دونالد ترمب وجيروم باول خلال جولة في مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن 24 يوليو الماضي (رويترز)

خفايا المواجهة: كيف صمد «الفيدرالي» في مواجهة ترمب؟

بينما كانت منصات التواصل الاجتماعي تمتلئ بتهديدات البيت الأبيض ضد استقلال البنك المركزي، كانت تجري خلف الأبواب المغلقة في فيلادلفيا معركة مختلفة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد متداول يعمل في بورصة نيويورك (أ.ف.ب)

«وول ستريت» تحوم قرب مستويات قياسية قبل عطلة الميلاد

سادت حالة من الهدوء النسبي على «وول ستريت»، في مستهل تعاملات يوم الأربعاء، حيث استقرت المؤشرات الرئيسية بالقرب من مستويات قياسية في جلسة تداول قصيرة.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الاقتصاد اصطف مئات الأشخاص خارج مركز الوظائف في كنتاكي بحثاً عن المساعدة في مطالباتهم المتعلقة بالبطالة (أرشيفية - رويترز)

انخفاض مفاجئ في طلبات البطالة الأسبوعية الأميركية

انخفض عدد الأميركيين المتقدمين بطلبات جديدة للحصول على إعانات البطالة بشكل غير متوقع الأسبوع الماضي في حين من المتوقع أن يظل المعدل مرتفعاً خلال ديسمبر

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الاقتصاد متداول يعمل في «بورصة نيويورك» (رويترز)

عشية موسم أعياد الميلاد... العقود الآجلة الأميركية تكتسي بـ«الأحمر الطفيف»

انخفضت العقود الآجلة لمؤشرات الأسهم الأميركية بشكل طفيف خلال تداولات عشية موسم أعياد الميلاد، الأربعاء.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

الفضة تكسر حاجز الـ 75 دولاراً والذهب يواصل اختراق القمم

سبائك من الذهب والفضة مكدّسة داخل غرفة خزائن الودائع الآمنة في دار «برو أوروم» في ميونيخ (رويترز)
سبائك من الذهب والفضة مكدّسة داخل غرفة خزائن الودائع الآمنة في دار «برو أوروم» في ميونيخ (رويترز)
TT

الفضة تكسر حاجز الـ 75 دولاراً والذهب يواصل اختراق القمم

سبائك من الذهب والفضة مكدّسة داخل غرفة خزائن الودائع الآمنة في دار «برو أوروم» في ميونيخ (رويترز)
سبائك من الذهب والفضة مكدّسة داخل غرفة خزائن الودائع الآمنة في دار «برو أوروم» في ميونيخ (رويترز)

سجّلت أسعار الذهب والفضة والبلاتين مستويات قياسية جديدة يوم الجمعة، مدفوعة بزخم المضاربات وتراجع السيولة في نهاية العام، إلى جانب توقعات الأسواق بمزيد من خفض أسعار الفائدة الأميركية وتصاعد التوترات الجيوسياسية.

وارتفع سعر الذهب في المعاملات الفورية بنسبة 0.6 في المائة إلى 4504.79 دولار للأونصة بحلول الساعة 04:23 بتوقيت غرينتش، بعدما لامس في وقت سابق مستوى قياسياً بلغ 4530.60 دولار. كما صعدت العقود الآجلة للذهب الأميركي تسليم فبراير (شباط) بنسبة 0.7 في المائة إلى 4535.20 دولار للأونصة، وفق «رويترز».

في المقابل، قفز سعر الفضة الفوري بنسبة 3.6 في المائة إلى 74.56 دولار للأونصة، بعد أن سجّل أعلى مستوى له على الإطلاق عند 75.14 دولار، متجاوزاً حاجز 75 دولاراً لأول مرة.

وقال كيلفن وونغ، كبير محللي الأسواق في شركة «أواندا»، إن زخم السوق والمضاربين يقودان ارتفاع أسعار الذهب والفضة منذ أوائل ديسمبر (كانون الأول)، مشيراً إلى أن ضعف السيولة في نهاية العام، وتوقعات استمرار خفض أسعار الفائدة الأميركية، إلى جانب تراجع الدولار وتصاعد المخاطر الجيوسياسية، أسهمت مجتمعة في دفع المعادن النفيسة إلى مستويات قياسية جديدة. وأضاف أنه بالنظر إلى النصف الأول من عام 2026، قد يتجه سعر الذهب نحو مستوى 5000 دولار للأونصة، فيما قد يصل سعر الفضة إلى نحو 90 دولاراً.

وسجّل الذهب أداءً استثنائياً هذا العام، محققاً أكبر مكاسبه السنوية منذ عام 1979، بدعم من تخفيف السياسة النقدية من قبل مجلس «الاحتياطي الفيدرالي»، واستمرار الضبابية الجيوسياسية، والطلب القوي من البنوك المركزية، وارتفاع حيازات صناديق المؤشرات المتداولة، فضلاً عن تراجع الاعتماد على الدولار. أما الفضة، فقد قفزت بنسبة 158 في المائة منذ بداية العام، متجاوزة مكاسب الذهب البالغة نحو 72 في المائة، مدفوعة بالعجز الهيكلي في المعروض، وتصنيفها ضمن المعادن الحيوية في الولايات المتحدة، إلى جانب الطلب الصناعي القوي.

ومع توقّع المتداولين خفضين إضافيين لأسعار الفائدة الأميركية خلال العام المقبل، يُرجّح أن تحافظ الأصول غير المدرة للعائد، مثل الذهب، على دعمها القوي في بيئة أسعار فائدة منخفضة.

وعلى الصعيد الجيوسياسي، تركز الولايات المتحدة على فرض ما يُعرف بـ«حجر صحي» على النفط الفنزويلي خلال الشهرين المقبلين، في حين وجّهت الحكومة البريطانية يوم الخميس ضربة إلى مسلحي «داعش» في شمال غرب نيجيريا، رداً على هجماتهم ضد المجتمعات المسيحية المحلية.

وفي أسواق المعادن الأخرى، ارتفع سعر البلاتين في المعاملات الفورية بنسبة 7.8 في المائة إلى 2393.40 دولار للأونصة، بعدما لامس في وقت سابق مستوى قياسياً عند 2429.98 دولار. كما صعد سعر البلاديوم بنسبة 5.2 في المائة إلى 1771.14 دولار للأونصة، عقب تسجيله أعلى مستوى في ثلاث سنوات خلال الجلسة السابقة.

وتتجه جميع المعادن النفيسة نحو تسجيل مكاسب أسبوعية، في وقت شهد فيه البلاتين والبلاديوم، المستخدمان على نطاق واسع في المحولات الحفازة للسيارات (تعمل هذه المحولات على تحويل الغازات السامة إلى غازات أقل ضرراً بالاعتماد على تفاعلات كيميائية محفَّزة)، ارتفاعات قوية مدفوعة بشح المعروض، وعدم اليقين بشأن الرسوم الجمركية، وتحول جزء من الطلب الاستثماري من الذهب إلى هذه المعادن. وارتفع سعر البلاتين بنحو 165 في المائة منذ بداية العام، فيما زاد سعر البلاديوم بأكثر من 90 في المائة.

وقال جيغار تريفيدي، كبير محللي الأبحاث في شركة «ريلاينس» للأوراق المالية في مومباي، إن أسعار البلاتين تتلقى دعماً من الطلب الصناعي القوي، إلى جانب قيام المضاربين في الولايات المتحدة بتغطية مراكزهم وسط مخاوف تتعلق بالعقوبات، ما ساهم في استمرار الزخم الصعودي للأسعار.


تقدم قوي في أداء التجارة الخارجية بارتفاع الصادرات السعودية غير النفطية

ميناء الملك عبد الله في السعودية (الشرق الأوسط)
ميناء الملك عبد الله في السعودية (الشرق الأوسط)
TT

تقدم قوي في أداء التجارة الخارجية بارتفاع الصادرات السعودية غير النفطية

ميناء الملك عبد الله في السعودية (الشرق الأوسط)
ميناء الملك عبد الله في السعودية (الشرق الأوسط)

أظهرت بيانات حديثة تقدماً قوياً في أداء التجارة الخارجية للسعودية، بما يعكس نجاح سياسات تنويع الاقتصاد وتعزيز الصادرات غير النفطية التي شهدت ارتفاعاً (شاملة إعادة التصدير) خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، بنسبة 32.3 في المائة، على أساس سنوي.

وتكشف البيانات الصادرة عن الهيئة العامة للإحصاء، الخميس، عن زيادة الصادرات الوطنية غير النفطية بنسبة 2.4 في المائة، والصادرات السلعية الإجمالية بنسبة 11.8 في المائة، ما أسهم في زيادة الفائض في الميزان التجاري 47.4 في المائة على أساس سنوي.

وارتفعت قيمة السلع المعاد تصديرها إلى ما نسبته 130.7 في المائة في أكتوبر، وذلك نتيجة لزيادة «معدات النقل وأجزائها» 387.5 في المائة (تُمثل 37.4 في المائة من إجمالي إعادة التصدير).

الميزان التجاري

البيانات أفصحت عن زيادة الصادرات السلعية في أكتوبر بنسبة 11.8 في المائة، مقارنة بالشهر نفسه من العام الماضي. كما ارتفعت الصادرات النفطية 4 في المائة التي انخفضت من مجموع الصادرات الكلي 72.5 في المائة خلال هذا الشهر من 2024، إلى 67.4 في المائة في أكتوبر الماضي.

وعلى صعيد الواردات، فقد ارتفعت في أكتوبر 2025 بنسبة 4.3 في المائة، وعند النظر للميزان التجاري السلعي، فقد زاد الفائض 47.4 في المائة مقارنة بالشهر نفسه من العام الماضي.

ويرى مختصون لـ«الشرق الأوسط»، أن هذا الأداء المتسارع في حجم الصادرات والواردات، يعكس نجاح تنويع القاعدة التصديرية للمملكة، وتعزيز متانة الاقتصاد الوطني، وترسيخ موقع السعودية لاعباً مؤثراً في التجارة العالمية.

تنويع الاقتصاد

وقال أستاذ الاقتصاد في جامعة الملك عبد العزيز، الدكتور سالم باعجاجة إنه يلاحظ في بيانات الهيئة العامة للإحصاء قفزة كبيرة في الصادرات غير النفطية بنحو 32.3 في المائة خلال أكتوبر، بدعم قوي من إعادة التصدير التي تقود هذا النمو.

وتابع أن ارتفاع الصادرات غير النفطية في أكتوبر يعكس قوة الاقتصاد وتنويع مصادر الدخل، وخطوات المملكة الثابتة نحو مستقبل مزدهر يقوده العمل والتخطيط المحكم.

ووفق الدكتور سالم باعجاجة، فهذه القفزة في الصادرات غير النفطية يُعد تحولاً هيكلياً في الاقتصاد، ويؤكد نجاح سياسة المملكة في تنويع الاقتصاد، وعدم الاعتماد على الأنشطة النفطية.

الخدمات اللوجيستية

بدوره، أكّد المختص في الشأن الاقتصادي، أحمد الجبير، لـ«الشرق الأوسط»، أهمية التسهيلات المقدمة إلى القطاع الخاص المحلي لزيادة انتشار المنتجات الوطنية في الأسواق الخارجية، بما يُحقق المصالح المشتركة في ارتفاع نمو أرباح الشركات والمؤسسات، بما يتوافق أيضاً مع سياسة المملكة في تنويع مصادر الدخل ونمو إسهام القطاع غير النفطي في الاقتصاد الوطني.

وتطرّق الجبير إلى التحول الشامل في الخدمات اللوجيستية بالسعودية وتطورات مناطق الشحن، سواءً الجوية، والبحرية، وكذلك البرية؛ حيث استطاعت هذه الممكنات ضخ مزيد من المنتجات المصدرة إلى الأسواق العالمية.

المعدات الكهربائية

وفي تفاصيل بيانات الهيئة العامة للإحصاء، فقد تصدّرت الآلات والأجهزة والمعدات الكهربائية وأجزاؤها قائمة الصادرات غير النفطية، مستحوذة على 23.6 في المائة من إجمالي الصادرات غير النفطية، تلتها منتجات الصناعات الكيميائية بنسبة 19.4 في المائة.

وعلى صعيد الواردات، جاءت الآلات والأجهزة والمعدات الكهربائية وأجزاؤها في المرتبة الأولى بنسبة 30.2 في المائة من إجمالي الواردات، مسجلة ارتفاعاً بنسبة 26.3 في المائة مقارنةً بأكتوبر 2024، تلتها معدات النقل وأجزاؤها التي شكّلت 12.1 في المائة من إجمالي الواردات، مع انخفاضها بنسبة 22.9 في المائة على أساس سنوي.

وحافظت الصين على موقعها بصفتها الشريك التجاري الأول للمملكة في الصادرات والواردات، إذ شكّلت 14.1 في المائة من إجمالي الصادرات، و24.8 في المائة من إجمالي الواردات، فيما استحوذ أهم 10 شركاء تجاريين للمملكة على 70.4 في المائة من إجمالي الصادرات، و67.7 في المائة من إجمالي الواردات.

وعلى مستوى المنافذ الجمركية، جاء ميناء الملك عبد العزيز بالدمام في الصدارة، مستحوذاً على 25.7 في المائة من إجمالي الواردات.


مصرف سوريا المركزي يحدد بداية يناير المقبل لإطلاق العملة الجديدة

مقر مصرف سوريا المركزي في دمشق (إكس)
مقر مصرف سوريا المركزي في دمشق (إكس)
TT

مصرف سوريا المركزي يحدد بداية يناير المقبل لإطلاق العملة الجديدة

مقر مصرف سوريا المركزي في دمشق (إكس)
مقر مصرف سوريا المركزي في دمشق (إكس)

حدد حاكم مصرف سوريا المركزي، عبد القادر الحصرية، الأول من يناير (كانون الثاني) 2026 موعداً لإطلاق العملة السورية الجديدة وبدء عملية استبدال العملة القديمة، مؤكداً أن العملية ستكون «سلسة ومنظمة»، وأن آليتها ستُشرح «بكل وضوح وشفافية».

وقال الحصرية، في بيان صدر اليوم، إن صدور المرسوم رقم 293 لعام 2025 الخاص بـ«ولادة العملة السورية الجديدة»، يمثل «محطة وطنية مفصلية» تعكس بداية مرحلة اقتصادية ونقدية جديدة.

وأضاف أن المرسوم منح المصرف الصلاحيات اللازمة لتحديد مهل التبديل ومراكزه «بما يضمن حسن التنفيذ وسلاسة الإجراءات»، مشيراً إلى أن التعليمات التنفيذية الناظمة ستصدر بقرار من حاكم المصرف، مع التركيز على خدمة المواطنين وتسهيل الإجراءات عليهم في مختلف المناطق.

وأكد الحصرية، حسب ما نقلته وكالة أنباء سوريا (سانا)، أن تفاصيل عملية التبديل ستُعلن بشكل واضح وشفاف خلال مؤتمر صحافي مخصص، بما يعزز الثقة ويكرّس الشراكة مع المواطنين، لافتاً إلى استمرار مصرف سوريا المركزي في العمل خلال أيام 25 و26 و27 ديسمبر (كانون الأول) لمتابعة التحضيرات اللازمة لإطلاق العملية.

عبد القادر الحصرية حاكم مصرف سوريا المركزي (سانا)

ووصف حاكم مصرف سوريا المركزي العملة السورية الجديدة بأنها «رمز للسيادة المالية بعد التحرير»، وعنوان لمرحلة جديدة تُبنى بتعاون الجميع وبإدارة المصرف المركزي، لتكون إنجازاً وطنياً يضاف إلى ما تحقق بعد التحرير، وخطوة «راسخة» نحو الاستقرار والنهوض الاقتصادي.

وأضاف أن الخطوة تمثل «لحظة مفصلية» في التاريخ المالي والاقتصادي للبلاد، للتعبير عن الوحدة والحضارة والتمسك بالسيادة المالية التي تجسدها العملة الجديدة.

وكان مصرف سوريا المركزي قد أوضح في 18 من شهر ديسمبر الحالي أنه سيعلن تفاصيل العملة الجديدة «في الوقت المناسب»، وحال اكتمال التجهيزات والترتيبات المطلوبة، مؤكداً أن جميع التعاملات المصرفية تسير مثل المعتاد دون أي تأثير على الخدمات المقدمة للمواطنين والمستثمرين.

وفي وقت سابق ذكر حاكم المصرف المركزي أن قرار تغير العملة درس بعناية ويجري العمل على توفير المتطلبات الفنية واللوجيستية، وضبط القاعدة النقدية لتجنب الآثار التضخمية.

وأوضح أن «لتبديل العملة رسائل مهمة، فعلى المستوى السياسي يعد تعبيراً عن استعادة السيادة، وعلى المستوى النقدي يسهم في تنظيم أفضل للوحدة النقدية، أما اقتصادياً فيشكل إشارة استقرار وجذب للاستثمار، فيما تنعكس آثاره اجتماعياً من خلال تخفيف عبء الأصفار عن الأسعار وتسهيل التعاملات».