الساحل الشمالي… وجهة مصيفية تصيب مصريين بـ«الهوس»

منتجعاته باتت شارة للتصنيف الطبقي

أحد شواطئ الساحل الشمالي المصري (الشرق الأوسط)
أحد شواطئ الساحل الشمالي المصري (الشرق الأوسط)
TT

الساحل الشمالي… وجهة مصيفية تصيب مصريين بـ«الهوس»

أحد شواطئ الساحل الشمالي المصري (الشرق الأوسط)
أحد شواطئ الساحل الشمالي المصري (الشرق الأوسط)

لا يكاد يمر صيف دون أن يحتل الساحل الشمالي المصري بمنتجعات الفارهة وحفلاته وأسعاره، المبالغ فيها أحياناً، قمة «الترند»، حتى باتت هذه الوجهة السياحية مصدر «هوس» لكثيرين في مصر، وشارة للتصنيف الاجتماعي والطبقي يلتمس البعض الحصول عليها، حتى لو كان ذلك بمجرد الوجود في قرى ومتنزهات تحمل أسماء أشهر منتجعاته.

محاولات التعلق بما يمثله الساحل الشمالي ومنتجعاته وسهراته، من رمز للغنى والترف دفعت إلى إنشاء قرية ترفيهية في مدينة «جمصة» بمحافظة الدقهلية، حملت اسم أحد أشهر منتجعات الساحل الشمالي وهو «مراسي» في محاولة لاستعادة زخم المدينة الواقعة على البحر المتوسط التي تعد وجهة مصيفية قديمة لسكان دلتا النيل.

جانب من الفقرات الترفيهية بالساحل الشمالي المصري (الشرق الأوسط)

وجاءت محاولات التسويق للقرية الجديدة لتربطها بالساحل الشمالي، وكأنها تقول لمن لا يستطيع الوجود في وجهة الأثرياء الصيفية، إن أمامهم بديلاً يحمل الاسم نفسه، وإن لم يقدم الخدمات ومستوى الترفيه نفسهما.

محاولة أخرى للتشبه بالساحل ومنتجعاته كانت هذه المرة في بني سويف (جنوب مصر) على ضفاف نهر النيل فيما أطلق عليه «مراسي بني سويف».

وكذلك «مراسي كافيه» في مدينة دمياط الجديدة، وغيرها الكثير من المتنزهات والكافيتريات التي اقتبست اسم «مراسي» باعتباره علامة تجارية ناجحة ومقصداً للأثرياء. وهي عادة انتهجها مصريون في أماكن أخرى فتجد قاعات مناسبات متوسطة المستوى تحمل أسماء أشهر الفنادق من فئة الخمس نجوم.

قضاء الصيف في بعض مناطق الساحل الشمالي بات من ملامح الثراء (الشرق الأوسط)

وبينما يكتفي البعض بالوجود في تلك الأماكن، يسعى آخرون لدخول منتجعات الساحل الشمالي عن طريق الحصول على تصريح دخول «كيو آر كود» من أحد الملاك، تقول مصممة الحلي والإكسسوار، سالي مبارك، لـ«الشرق الأوسط»: «يحاول كثيرون الحصول على (كيو آر كود) في نوع من الهوس بالوجود في أماكن يوجد فيها فنانون ومشاهير لالتقاط صور معهم أو حتى الاكتفاء بعمل منشور على منصات التواصل الاجتماعي يثبت وجودهم في الساحل الشمالي».

وبالنسبة لسالي مبارك، التي توجد في الساحل حالياً لغرضين؛ الأول ترفيهي، والثاني للعمل في إدارة «غاليري للحلي»: «البعض يسعى لدخول منتجعات الساحل فقط لرؤية الطبقة التي تدفع أكثر من 100 جنيه في زجاجة مياه، أو 2000 جنيه في جراج سيارة».

هذا المسعى يصفه أستاذ علم الاجتماعي السياسي الدكتور سعيد صادق، بأنه «دليل على حالة مرتفعة جداً من الاستقطاب الطبقي في مصر». وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «المواطن بات يقيم اجتماعياً حسب المكان الذي يقضي فيه إجازة الصيف، وأصبح الوجود في منتجعات معينة علامة من علامات الرقي، لا سيما مع النجاح التسويقي لمنتجعات الساحل الجديدة».

مصريون يعبّرون عن هوسهم بالساحل الشمالي (الشرق الأوسط)

ويمتد نطاق الساحل الشمالي من غرب مدينة الإسكندرية مروراً بالعلمين ومرسى مطروح حتى السلوم، وبدأ يكتسب شهرته في ثمانينات القرن الماضي، عندما بحث المصريون عن مصايف بديلة للإسكندرية، فانتقلوا من المنتزه والمعمورة إلى مناطق العجمي وبيانكي في حدود الكيلو 21 (طريق الإسكندرية – مطروح)، قبل أن تشرع الدولة في إنشاء منتجعات صيفية، بدأت بـ«مراقيا» في الكيلو 51، و«ماربيلا» ، مروراً بـ«مارينا»، وتوسعاتها من 1 إلى 7. ثم منتجعات أعلى سعراً، أسسها مستثمرون، مثل «هاسيندا»، و«مراسي»، ثم الامتدادات الجديدة الآن إلى «رأس الحكمة» (غرباً).

وعلى مدار العقود الماضية اجتذب كل منتجع جديد المصيفين قبل أن يزدحم فيهرع الأغنياء إلى بديل أحدث بحثاً عن قدر أكبر من الخصوصية والرفاهية، وهكذا.

مياه البحر في الساحل الشمالي تجتذب الكثيرين سنوياً (الشرق الأوسط)

لكن وبينما يراود حلم المنتجعات الراقية كثيرين تظل الخيارات القديمة مفضلة عند البعض، وهو ما عبرت عنه أسما شريف منير في منشور عبر حسابها على «إنستغرام»، قالت فيه إنها «لا تركض خلف سباق الساحل»، مشيرة إلى أن المصيف زمان كان أبسط، أما الساحل اليوم فيركز على ماذا يرتدي رواده وأين يسكنون في سباق خلف المظاهر.

هذا السباق حول المظاهر وتقييم البشر حسب مكان إقامتهم في الساحل الشمالي وملابسهم، كان سبباً في سيل من الفيديوهات الساخرة على مواقع التواصل الاجتماعي، تنتقد ارتفاع الأسعار وتقارن بين مصيف الساحل «الطيب»، و«الشرير»، وتشير إلى غياب البساطة وتركيز رواد الساحل على الماركات العالمية.

يأتي ذلك تزامناً مع المحتوى الذي يروج للساحل الشمالي سواء من مصريين أو عرب، إضافة إلى الحفلات التي يحييها نجوم الغناء المصريين والعرب والسهرات الترفيهية التي لا تخلو منها ليالي الساحل.

أنشطة ترفيهية في الصيف (الشرق الأوسط)

ما يجعل كثيرون يحلمون بقضاء عطلتهم هناك، وهو ما عكسه حديث حساب باسم «إسراء أشرف»، على منصة «إكس»، عن حلمها بزيارة مراسي والساحل الشمالي بسبب ما تشاهده من فيديوهات على «تيك توك». وأعرب حساب آخر على منصة «إكس» عن أمله في زيارة الساحل لمشاركة الأغنياء هناك حياتهم.

وعبر «إنستغرام»، أشارت صاحبة حساب يدعى «نغم الصفتي» إلى تحول حلمها من قضاء الإجازة في «مراسي»، إلى «قرية النرجس مصيف بلطيم» بكفر الشيخ. (أحد المصايف الشعبية التقليدية». الفرز الطبقي الناتج عن ارتفاع الأسعار في الساحل الشمالي دفع حساب باسم «سامح أحمد»، للمطالبة بتحويل المنطقة إلى «محافظة مستقلة لها قوانينها الخاصة». وقال: «السواد الأعظم من الشعب لا يشعر بأنهم مصريون مثلهم».

وبالعودة إلى سالي مبارك فهي ترى أن «الساحل الشمالي به تنوع يسمح للجميع بقضاء الإجازة». وقالت: «من يريد حياة بسيطة كما كان في الماضي (بحر وآيس كريم ومعكرونة وبانيه) فسيجدها، ويمكن لزائر الساحل أن يتناول إفطاره بأسعار تبدأ من 100 جنيه وتصل إلى 5 آلاف جنيه»، مؤكدة أن الأمر مرتبط بخيارات الناس وقدراتهم المالية». ولفتت إلى أن «تكلفة قضاء الإجازة في الساحل مرتفعة لأنها تتضمن سهرات وحفلات». وقالت: «في الماضي اعتادت أسر مصرية على ادخار جزء من دخلهم لإجازة المصيف».

الساحل الشمالي يبدأ من غرب الإسكندرية وحتى مدينة السلوم (الشرق الأوسط)

حفل غنائي ساهر في إحدى القرى الساحلية (الشرق الأوسط)

وأوضحت أنه «من حق رواد وسكان المنتجعات الفاخرة في الساحل الشمالي أن يعيشوا وسط طبقتهم»، مشيرة إلى أن «هذا ليس تمييزاً عن الآخرين بقدر ما هو مرتبط بأن الإنسان يسعى ليكون في مجتمع يشبهه، لأن البشر ليسوا نوعاً واحداً». وقالت: «الساحل يكون فرصة للعمل لدى البعض ولتكوين علاقات اجتماعية لا سيما مع وجود المشاهير ورجال الأعمال فيه طوال الصيف».

بدوره، أكد أستاذ علم الاجتماعي السياسي أن «الساحل الشمالي بات علامة من علامات الرقي، وهو يسوق لطبقة معينة من المجتمع المصري وللسياح من دول عربية اعتادوا قضاء إجازاتهم في أوروبا، فبات الساحل الشمالي وجهة أفضل بالنسبة لهم»، مشيراً إلى أنه «من الطبيعي أن تبحث هذه الطبقة عن وسط يلائمها»، في الوقت نفسه فإن «الطبقات الأخرى من الطبيعي أن تتطلع لتلك الطبقة العليا وتحاول التشبه بها، وربما انتقاد تصرفاتها إن لم تفلح في الوصول إليها، لا سيما في حالة الاستقطاب الطبقي الحادة التي يعانيها المجتمع المصري».


مقالات ذات صلة

وزير الخارجية المصري: لا تسامح ولا تساهل مع أي مساس بمياه نهر النيل

العالم العربي وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي (أ.ف.ب)

وزير الخارجية المصري: لا تسامح ولا تساهل مع أي مساس بمياه نهر النيل

قال وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، الأحد، إن بلاده لن تتساهل أو تتسامح مع أي مساس أو إضرار بمياه نهر النيل «الذي تعتمد عليه مصر اعتماداً كاملاً».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال محادثات مع رئيس حكومة كردستان - العراق مسرور بارزاني في القاهرة الأحد (الرئاسة المصرية)

مصر تشدد على دعمها الكامل لوحدة العراق وسلامة أراضيه

أشاد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بـ«مستوى التعاون القائم بين الأجهزة المصرية والعراقية في المجال الأمني».

وليد عبد الرحمن (القاهرة )
شمال افريقيا علاء عبد الفتاح (حسابه على «فيسبوك»)

مصر: رفع اسم علاء عبد الفتاح من قائمة «منع السفر»

رفع النائب العام المصري، محمد شوقي عياد، السبت، اسم الناشط علاء عبد الفتاح من قوائم «منع السفر» استجابة لطلب قدمه محاميه في وقت سابق.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
شمال افريقيا محادثات الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع وزير الخارجية الروسي في القاهرة السبت (الرئاسة المصرية)

مصر وروسيا… «شراكة استراتيجية» تحمل أبعاداً اقتصادية وسياسية

أعرب الرئيس المصري خلال لقاء لافروف، السبت، عن «تقديره لمسار العلاقات الاستراتيجية بين القاهرة وموسكو، التي تشهد نمواً متواصلاً في مختلف المجالات»

فتحية الدخاخني (القاهرة )
شمال افريقيا ناخبون في محافظة بورسعيد المصرية خلال المرحلة الثانية لانتخابات مجلس النواب (تنسيقية شباب الأحزاب)

«النواب» المصري يواجه «طعوناً» جديدة على نتائج الدوائر الملغاة

تواجه نتائج انتخابات مجلس النواب المصري «طعوناً» جديدة أمام القضاء الإداري، تخص نتائج دوائر سبق إلغاؤها وإعادة الاقتراع بها.

علاء حموده (القاهرة)

انتحار الممثل الأميركي جيمس رانسون

أرشيفية للممثل الأميركي جيمس رانسون (ا.ب)
أرشيفية للممثل الأميركي جيمس رانسون (ا.ب)
TT

انتحار الممثل الأميركي جيمس رانسون

أرشيفية للممثل الأميركي جيمس رانسون (ا.ب)
أرشيفية للممثل الأميركي جيمس رانسون (ا.ب)

توفي الممثل الأميركي جيمس رانسون، الذي جسد شخصية «زيجي سوبوتكا» في مسلسل قناة «إتش بي أو» الشهير «ذا واير» وظهر في العديد من المسلسلات التلفزيونية والأفلام الأخرى، عن 46 عاماً.

وذكر مكتب الطب الشرعي في مقاطعة لوس أنجليس في سجلاته المنشورة على الإنترنت أن رانسون توفي منتحراً يوم الجمعة.

وتشمل الأعمال السينمائية لرانسون أفلاما مثل «إت: الفصل الثاني»، و«الهاتف الأسود»، و«الهاتف الأسود 2»، كما ظهر في مسلسلات تلفزيونية من بينها دراما الشرطة «بوش» ومسلسل «بوكر فيس».


اعتقال موظف بقصر الإليزيه لاتهامه بسرقة أدوات مائدة قيّمة

أدوات مائدة وقائمة طعام في انتظار حضور الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لعشاء الكريسماس مع جنوده في أبوظبي (أ.ف.ب)
أدوات مائدة وقائمة طعام في انتظار حضور الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لعشاء الكريسماس مع جنوده في أبوظبي (أ.ف.ب)
TT

اعتقال موظف بقصر الإليزيه لاتهامه بسرقة أدوات مائدة قيّمة

أدوات مائدة وقائمة طعام في انتظار حضور الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لعشاء الكريسماس مع جنوده في أبوظبي (أ.ف.ب)
أدوات مائدة وقائمة طعام في انتظار حضور الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لعشاء الكريسماس مع جنوده في أبوظبي (أ.ف.ب)

أعلنت النيابة العامة في باريس أن 3 رجال سيمثلون أمام المحكمة، العام المقبل، بعد أن تمَّ اعتقال موظف فضيات يعمل في المقر الرسمي للرئيس الفرنسي، هذا الأسبوع، بتهمة سرقة أدوات فضية وأواني مائدة تقدر قيمتها بآلاف اليوروات.

وأفاد كبير موظفي الفضيات في قصر الإليزيه باختفاء هذه الأدوات، حيث قُدِّرت الخسائر بما بين 15 ألفاً و40 ألف يورو، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس».

وقد تمكَّن «مصنع سيفر»، الذي زوَّد القصر بمعظم الأثاث، من التعرُّف على عدد من القطع المفقودة بعد ظهورها على مواقع المزادات الإلكترونية. وأدت التحقيقات مع موظفي الإليزيه إلى الاشتباه بأحد موظفي الفضيات، إذ أظهرت سجلات الجرد الخاصة به أنه كان يخطط لعمليات سرقة مستقبلية.

قصر الإليزيه في باريس بفرنسا (رويترز)

وكشفت التحقيقات عن أن الرجل كان على علاقة بمديرة شركة متخصصة في بيع الأدوات المنزلية عبر الإنترنت، خصوصاً أدوات المائدة.

يأتي ذلك بعدما تمكَّن لصوص من الاستيلاء على 8 قطع مجوهرات «لا تُقدَّر بثمن» كانت مملوكة سابقاً لملكات وإمبراطورات فرنسيات، من بينها تيجان مرصعة بالأحجار الكريمة، وقلائد، وأقراط، وبروشات، قبل أن يضطروا إلى الفرار بعد تدخل موظفي المتحف.


«نوابغ العرب» تختار البروفسور اللبناني بادي هاني لجائزة «الاقتصاد»

حصل البروفسور اللبناني بادي هاني على جائزة فئة الاقتصاد لإسهاماته العلمية في الاقتصاد القياسي وتطوير نماذج تحليل البيانات الاقتصادية (الشرق الأوسط)
حصل البروفسور اللبناني بادي هاني على جائزة فئة الاقتصاد لإسهاماته العلمية في الاقتصاد القياسي وتطوير نماذج تحليل البيانات الاقتصادية (الشرق الأوسط)
TT

«نوابغ العرب» تختار البروفسور اللبناني بادي هاني لجائزة «الاقتصاد»

حصل البروفسور اللبناني بادي هاني على جائزة فئة الاقتصاد لإسهاماته العلمية في الاقتصاد القياسي وتطوير نماذج تحليل البيانات الاقتصادية (الشرق الأوسط)
حصل البروفسور اللبناني بادي هاني على جائزة فئة الاقتصاد لإسهاماته العلمية في الاقتصاد القياسي وتطوير نماذج تحليل البيانات الاقتصادية (الشرق الأوسط)

اختارت مبادرة «نوابغ العرب» البروفسور اللبناني بادي هاني للفوز بالجائزة عن فئة الاقتصاد، تقديراً لإسهاماته العلمية في الاقتصاد القياسي وتطوير نماذج تحليل البيانات الاقتصادية.

وهنّأ الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس دولة الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، البروفسور هاني، مؤكداً أن استدامة النمو الاقتصادي المرن والمتوازن تُعد ركناً أساسياً لتقدم المجتمعات وازدهار الحضارة الإنسانية. وقال في منشور على منصة «إكس» إن هاني، أستاذ الاقتصاد في جامعة سيراكيوز، قدّم «إسهامات استثنائية» في الاقتصاد القياسي وتطوير نماذج تحليل البيانات الاقتصادية، لافتاً إلى أنه نشر أكثر من 200 بحث علمي، وأن كتابه في تحليل نماذج البيانات الاقتصادية بات مرجعاً للباحثين حول العالم.

وأشار الشيخ محمد بن راشد إلى حاجة المجتمعات العربية إلى اقتصاديين محترفين، مؤكداً أن السياسات الفاعلة تُبنى على علم راسخ وبيانات دقيقة، وأن «اقتصاد الأمة يُصنع بعقولها»، معبّراً عن تطلعه إلى «فصل عربي جديد» في مسيرة استئناف الحضارة العربية.

وجاء منح جائزة الاقتصاد هذا العام للبروفسور بادي هاني تقديراً لإسهاماته في تطوير أدوات التحليل الاقتصادي، خصوصاً في مجال «تحليل لوحة البيانات الاقتصادية»، الذي يعزز دقة دراسة البيانات عبر دمج معلومات من فترات زمنية ومصادر متعددة. وأسهمت ابتكاراته، بحسب المبادرة، في تحسين تقييم آثار السياسات الاقتصادية على المدى البعيد وعبر مناطق مختلفة، ما دفع حكومات ومؤسسات إلى تبنّي أساليبه في قياس كفاءة السياسات والإنفاق العام والأطر التنظيمية.

كما قدّم هاني دورات تدريبية لمختصين اقتصاديين ضمن مؤسسات دولية، بينها البنك المركزي الأوروبي وصندوق النقد الدولي، وبنوك مركزية عدة. ونشر أكثر من 200 بحث علمي، وله مؤلفات أكاديمية مؤثرة، أبرزها كتاب «تحليل نماذج البيانات الاقتصادية» المرجعي. وهو يحمل درجة البكالوريوس في الإحصاء من الجامعة الأميركية في بيروت، والماجستير من جامعة كارنيجي ميلون، والدكتوراه في الاقتصاد من جامعة بنسلفانيا.

وفي إطار الإعلان عن الجائزة، أجرى محمد القرقاوي، وزير شؤون مجلس الوزراء ورئيس اللجنة العليا لمبادرة «نوابغ العرب»، اتصالاً مرئياً بالبروفسور بادي هاني أبلغه خلاله بفوزه بجائزة «نوابغ العرب 2025» عن فئة الاقتصاد، مشيراً إلى أهمية الأبحاث والنظريات والأدوات التي طورها على مدى عقود، والتي أصبحت ركيزة أساسية في التحليل الاقتصادي الاستراتيجي القائم على المعطيات والبيانات الدقيقة لاستشراف مستقبل التنمية وتعظيم فرصها.

واعتبر القرقاوي أن فوز هاني يمنح «دافعاً قوياً» لجيل جديد من الباحثين والمحللين والاقتصاديين العرب للإسهام في رسم المرحلة المقبلة من التنمية الشاملة في المنطقة.