أنقرة تسابق الزمن لتنفيذ اتفاقاتها مع حكومة دمشق

حزب معارض ينتقد موقفها من أكراد سوريا

جانب من الاجتماع التنسيقي بين المؤسسات التركية بشأن العلاقات مع سوريا (الخارجية التركية)
جانب من الاجتماع التنسيقي بين المؤسسات التركية بشأن العلاقات مع سوريا (الخارجية التركية)
TT

أنقرة تسابق الزمن لتنفيذ اتفاقاتها مع حكومة دمشق

جانب من الاجتماع التنسيقي بين المؤسسات التركية بشأن العلاقات مع سوريا (الخارجية التركية)
جانب من الاجتماع التنسيقي بين المؤسسات التركية بشأن العلاقات مع سوريا (الخارجية التركية)

أجرت المؤسسات التركية مراجعة شاملة للعلاقات مع سوريا، والخطوات التي ستُتخذ، خلال الفترة المقبلة ،لتعزيزها وتنفيذ الاتفاقات التي توصل إليها الجانبان في مختلف المجالات.

في الوقت ذاته، انتقد حزب «الديمقراطية والمساواة للشعوب»، المؤيد للأكراد، موقف الحكومة التركية من «الإدارة الذاتية» لشمال وشرق سوريا و«قوات سوريا الديمقراطية (قسد)»، معتبراً أنه يناقض عملية السلام وحل المشكلة الكردية التي انطلقت من خلال حل حزب «العمال الكردستاني».

وعقدت مجموعة التنسيق بين المؤسسات التركية اجتماعها الثامن بمقر وزارة الخارجية في أنقرة، برئاسة نائب وزير الخارجية، نوح يلماظ.

تحركات سريعة ومراجعة شاملة

وقالت مصادر بالخارجية التركية إن الاجتماع الذي عُقِد، مساء الجمعة، تناول جوانب العلاقات التركية - السورية، في أعقاب سقوط نظام بشار الأسد، والخطوات التي اتُّخِذت على مدى الأشهر الماضية، وتنفيذها، وسبل المضي في تعزيز العلاقات.

وزيرا الدفاع التركين يشار غولر، والسوري، مرهف أبو قصرة، خلال توقيع مذكرة تفاهم للتعاون العسكري في أنقرة (الدفاع التركية)

وشهدت الأيام الأخيرة حركة مكثفة على خط أنقرة - دمشق، بدأت بزيارة وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، لسوريا، ولقائه الرئيس أحمد الشرع، في 8 أغسطس (آب) الحالي، ثم زيارة وزيري الخارجية والدفاع السوريين، أسعد الشيباني ومرهف أبو قصرة، ورئيس المخابرات حسن سلامة، في 12 أغسطس، التي شهدت توقيع مذكرة تفاهم في مجال التعاون العسكري والتسليح والتدريب والاستشارات.

وانصبَّت هذه التحركات في الجانب الأبرز منها على أزمة السويداء والتدخلات الإسرائيلية، ومماطلة «قوات سوريا الديمقراطية (قسد)»، التي تقودها «وحدات حماية الشعب» الكردية المدعومة أميركياً، في تنفيذ الاتفاق الموقَّع مع دمشق، في 10 مارس (آذار) الماضي، والمخاوف من مساعٍ لتقسيم سوريا وتمزيق وحدتها.

وعلى الجانب الاقتصادي، اتفقت تركيا وسوريا على إنشاء لجنة اقتصادية وتجارية مشتركة، وبدء دراسة إنشاء مناطق صناعية، بهدف إنعاش الاقتصاد السوري المتضرر من جراء الحرب وتعزيز التجارة بينهما...

كما أعاد البلدان الجاران تأسيس مجلس الأعمال المشترك الذي توقف عن العمل في 2011، خلال اجتماع عُقِد الأربعاء، في مقر مجلس العلاقات الاقتصادية الخارجية التركي بمدينة إسطنبول.

جانب من اجتماع وزيري التجارة التركي والاقتصاد السوري ووفدي البلدين في أنقرة (حساب وزير التجارة التركي عمر بولاط في إكس)

ووقعت أنقرة ودمشق بروتوكولاً لتأسيس اللجنة، بمقر وزارة التجارة التركية في أنقرة، الثلاثاء الماضي، أعقبه اجتماع «الطاولة المستديرة التركي - السوري» الذي ضم وزير التجارة التركي عمر بولاط، ووزير الاقتصاد والصناعة السوري نضال الشعار، ورئيس اتحاد الغرف التجارية والبورصات التركي، رفعت هيصار جيكلي أوغلو.

وتهدف تركيا إلى تجاوز عتبة مليارَي دولار في صادراتها إلى سوريا، نهاية العام الحالي، مستغلَّة الزخم في العلاقات التجارية بينهما.

وقال رئيس لجنة سوريا، في مجلس المصدّرين الأتراك، جلال قاضي أوغلو، في بيان، الأربعاء، إن اللجنة الاقتصادية والتجارية المشتركة وقّعت مذكرات تعاون مع غرفتي تجارة دمشق وحلب.

وأضاف أن وزارة التجارة التركية وضعت مبادرات مهمة لإبرام اتفاقية شراكة اقتصادية أشمل من اتفاقية التجارة الحرة الموقعة مع سوريا سابقاً، ولم تُنفذ فعلياً بعد عام 2011.

وارتفعت صادرات تركيا إلى سوريا بنسبة 49.3 في المائة، لتتجاوز 1.2 مليار دولار خلال الأشهر الـ7 الأولى من العام الحالي. وبحسب قاضي أوغلو، قد يتجاوز حجم الصادرات التركية الهدف المحدد لنهاية العام بملياري دولار، بالنظر إلى الطلب من الجانب السوري.

انتقادات للموقف تجاه الأكراد

في غضون ذلك، انتقدت المتحدثة باسم «حزب الديمقراطية والمساواة للشعوب»، عائشة غل دوغان، المؤيد للأكراد في تركيا، موقف الحكومة من الإدارة الذاتية الكردية لشمال وشرق سوريا، وطالبتها بالتخلي عن لغة التهديد تجاه أكراد سوريا، وبناء علاقات صداقة جيدة مع الإدارة الذاتية.

المتحدثة باسم حزب «الديمقراطية والمساواة للشعوب» عائشة غل دوغان (من حسابها في إكس)

وقالت، خلال مؤتمر صحافي بمقر حزبها، ليل الجمعة – السبت، إن عملية السلام بين الأتراك والأكراد في تركيا التي انطلقت مع قرار حل حزب العمال الكردستاني بدعوة من زعيمه السجين عبد الله أوجلان، ليست قضية حزبها فقط، بل قضية تركيا.

وفي إشارة إلى تصريحات وزير الخارجية هاكان فيدان، خلال مؤتمر صحافي مع نظيره السوري، أسعد الشيباني، عقب مباحثاتهما في أنقرة، الأربعاء الماضي، التي وجه فيها تحذيرات بالتحرك ضد «قسد»، إذا لم تنفذ اتفاق الاندماج الموقَّع مع دمشق، وتتوقف عن تهديد تركيا بالعناصر الإرهابية التي جلبتها من مناطق مختلفة من العالم، وتلقي أسلحتها، أشارت دوغان إلى أن «مكاسب الأكراد في سوريا، وتشكيل سوريا ديمقراطية، لا يمكن أن تُشكل خطراً على تركيا، بل يمكن تحويلها إلى فرصة».

فيدان والسيباني خلال مؤتمر صحافي بعد مباحثاتهما في أنقرة (إ.ب.أ)

ووصفت دوغان تصريحات فيدان بـ«المتغطرسة» و«الديماغوجية»، وقالت إنه يتحدث كما لو كان عضواً في الحكومة السورية، وليس وزيراً لخارجية تركيا.

ولفتت إلى أن هناك اشتباكات عرضية بين «قسد» وقوات الحكومة الانتقالية أو الجماعات التابعة لها، وأن تصريحات مُناهضة لـ«قسد» صدرت عن بعض الفصائل العربية، مضيفة: «مع ذلك، نعتقد أنه من الضروري تحليل الوضع في سوريا بتفسيرٍ صحيح. ما نقوله هو أنه بينما تسعى تركيا إلى حل داخلي، ينبغي عليها أيضاً السعي إلى مصالحةٍ تاريخيةٍ ودائمةٍ مع الأكراد السوريين».


مقالات ذات صلة

أنقرة ترفض زيارة أي مسؤول من «الإدارة الذاتية» أو «قسد» قبل إلقاء أسلحتهم

شؤون إقليمية قائد قوات «قسد» مظلوم عبدي والرئيسة المشاركة لدائرة العلاقات الخارجية في الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا إلهام أحمد خلال لقاء مع السياسي الكردي التركي عثمان بادمير نوفمبر الماضي (إعلام تركي)

أنقرة ترفض زيارة أي مسؤول من «الإدارة الذاتية» أو «قسد» قبل إلقاء أسلحتهم

رفضت تركيا الحديث عن زيارة أي مسؤول من الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا أو «قسد» قبل إلقاء أسلحتها وتنفذ اتفاق الاندماج في الجيش السوري.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية حزب «العمال الكردستاني» أعلن في مؤتمر صحافي بجبل قنديل في 26 أكتوبر الماضي سحب جميع مسلحيه من تركيا (رويترز)



القيادي في «العمال الكردستاني» آمد ملاذغيرت (أ.ف.ب)

نائبة رئيس المجموعة البرلمانية لحزب «الديمقراطية والمساواة للشعوب» غولستان كوتشيغيت (حساب الحزب في إكس)

عناصر من القوات التركية المشاركة في عملية «المخلب القفل» ضد «العمال الكردستاني» شمال العراق (الدفاع التركية - إكس)
أوجلان وجَّه نداءً في 27 فبراير الماضي لحل حزب «العمال الكردستاني» ونزع أسلحته (إ.ب.أ)

تركيا: كشف خريطة طريق نزع أسلحة «الكردستاني»

كشفت مصادر أمنية تركية خريطة طريق لنزع أسلحة حزب «العمال الكردستاني» في الوقت الذي أيَّد فيه زعيمه عبد الله أوجلان استمرار «عملية السلام».

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية أكراد خلال مظاهرة لدعم نداء أوجلان لحل حزب العمال الكردستاني والمطالبة بإطلاق سراحه (أ.ف.ب)

تركيا: زيارة برلمانية لأوجلان تدفع باتجاه السلام مع الأكراد

قام وفد من البرلمان التركي بزيارة زعيم حزب العمال الكردستاني السجين عبد الله أوجلان في إطار العملية الجارية لحل الحزب وتحقيق السلام.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية الرئيس التركي رجب طيب إردوغان (الرئاسة التركية)

إردوغان: وحدة سوريا أساسية لبلادنا... والسوريون يقررون مصيرها

أكد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أن وحدة سوريا هي أمر أساسي لبلاده، وأن أنقرة تتخذ خطواتها تجاهها وفقاً لأولوياتها الاستراتيجية.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي حراس يؤمّنون سجن الصناعة في الحسكة... سوريا 18 يناير 2025 (رويترز)

سجون «داعش»... قنابل موقوتة في قلب الصحراء بشمال شرقي سوريا

تشكّل سجون تنظيم «داعش» في سوريا قنابل موقوتة في قلب صحراء الشمال الشرقي للبلاد.

«الشرق الأوسط» (دمشق)

إعلام «الحرس الثوري» يتهم روحاني بـ«خدمة إسرائيل»

صورة نشرها موقع حسن روحاني من اجتماعه الأخيرة بفريق أعضاء حكومته السابقة ويبدو في الصورة نائبه الأول إسحاق جهانغيري ووزير الخارجية محمد جواد ظريف
صورة نشرها موقع حسن روحاني من اجتماعه الأخيرة بفريق أعضاء حكومته السابقة ويبدو في الصورة نائبه الأول إسحاق جهانغيري ووزير الخارجية محمد جواد ظريف
TT

إعلام «الحرس الثوري» يتهم روحاني بـ«خدمة إسرائيل»

صورة نشرها موقع حسن روحاني من اجتماعه الأخيرة بفريق أعضاء حكومته السابقة ويبدو في الصورة نائبه الأول إسحاق جهانغيري ووزير الخارجية محمد جواد ظريف
صورة نشرها موقع حسن روحاني من اجتماعه الأخيرة بفريق أعضاء حكومته السابقة ويبدو في الصورة نائبه الأول إسحاق جهانغيري ووزير الخارجية محمد جواد ظريف

اتهمت وسائل إعلام تابعة لـ«الحرس الثوري» الرئيس الإيراني السابق حسن روحاني ومقربيه بـ«تقديم الخدمة لإسرائيل»، وذلك بعد أسبوع من تصريحات أدلى بها وشكك فيها بقدرة إيران على حماية أجوائها وردع أي هجمات جديدة، إذا ما تجددت الحرب التي شهدتها البلاد لمدة 12 يوماً في يونيو (حزيران).

واحتجت وكالة «تسنيم»، رأس الحربة في إعلام «الحرس الثوري»، بشدة على خطاب روحاني الأخير، وعلى توصياته التي دعا فيها إلى منع تكرار الحرب.

وتزامن الهجوم الإعلامي مع بروز مؤشرات سياسية لافتة، إذ عاد اسم روحاني إلى واجهة الجدل الدائر حول هوية المرشح المحتمل لخلافة المرشد علي خامنئي، فيما المشهد الداخلي يزداد توتراً مع دخول ملف الخلافة مرحلة استقطاب أشد.

وبدأت الحرب عندما شنت إسرائيل ضربات على مقار القيادة العسكرية، خصوصاً «الحرس الثوري»، قبل أن تطول منشآت عسكرية ونووية ومسؤولين وعلماء في البرنامج النووي. وردت طهران بإطلاق صواريخ باليستية وطائرات مسيّرة.

وعنونت الوكالة ملحقها الأسبوعي لتحليل التطورات المهمة بعنوان «العمل لصالح إسرائيل»، واضعة صورة روحاني على الغلاف. واتهمته بتقديم «تفسيرات نرجسية ومشحونة بالغرور» حول مزاعمه بأنه منع وقوع حرب على إيران عبر الدبلوماسية خلال توليه مناصب سابقة. وتساءلت: «هل كان روحاني يدعي أنه لم يكن هناك أي رادع غير مفاوضاته يمنع الحرب؟ وأن أميركا وإسرائيل كانتا في كامل طاقتيهما آنذاك، وأن إيران لم تكن تمتلك أي قدرة ردعية، وأنه وحده بمنطقه السقراطي والأرسطي حال دون اندلاع حرب كبيرة؟».

وأضافت: «هل خروج ترمب من الاتفاق النووي كان بسبب عدم تفاوض روحاني؟ وماذا عن الحالات التي لم يُمنَع فيها الهجوم؟ لماذا لم يمنع اغتيال قاسم سليماني؟ ولماذا لم يمنع اغتيال محسن فخري زاده؟»، وهو مسؤول الأبعاد الدفاعية في البرنامج النووي سابقاً، الذي قتل على يد مسلحين، في هجوم نسب إلى إسرائيل نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) 2020.

وكان روحاني قد انتقد الأسبوع الماضي فرض الأجواء الأمنية المتشددة، قائلاً إن البلاد بحاجة «إلى أجواء آمنة وليست أمنية». وحذر من بقاء إيران في حالة «لا حرب ولا سلام»، مستشهداً بتصريحات المرشد علي خامنئي. وأضاف: «الأمن يخلق الثقة والطمأنينة، أما الأمننة فتزيل الثقة وتثير قلق الناس. نحن لا نريد فضاءً أمنياً، بل فضاءً آمناً».

وأشار روحاني إلى حاجة البلاد لتعزيز الردع في مختلف المجالات، داعياً إلى «ترميم القدرات الردعية» لمواجهة «مؤامرات الأعداء». وقال إن إيران تفتقر اليوم إلى «الردع الإقليمي الواسع»، مشيراً إلى أن أجواء دول الجوار، بما فيها العراق وسوريا ولبنان والأردن، باتت «تحت نفوذ الولايات المتحدة وإسرائيل»، ما جعل التحرك الجوي المعادي حتى حدود إيران «آمناً وخالياً من العوائق». وأضاف أن استمرار الاتفاق النووي كان سيمنع اندلاع حرب الـ12 يوماً، معتبراً أن الأعداء استخدموا الملف النووي «ذريعة للهجوم». وانتقد فشل الحكومات اللاحقة في إعادة إحيائه.

ورأى روحاني أن «أسوأ خيانة للقيادة هي التقليل من الحقائق أو المبالغة فيها»، مؤكداً وجود «أعداء أقوياء وخطرين». وحذّر من الاعتقاد بأن «جميع المشكلات انتهت بعد حرب الـ12 يوماً». وأضاف: «صمدنا وقاومنا، لكننا أيضاً تعرضنا لضربات وواجهنا مشكلات. وبالطبع وجّهنا ضربات للعدو كذلك. غير أن ذلك لا يعني أنّ الأمر لن يتكرر، فمنع تكراره يعتمد علينا».

وهاجمت «تسنيم» مواقف روحاني معتبرةً أنها «تصب عملياً في مصلحة إسرائيل لأنها تبرئ العدو وتلقي بالمسؤولية على الداخل، وتقدّم منطقاً يجعل إسرائيل خارج دائرة اللوم». واعتبرت أن مواقفه «تشكل عملياً عملية سياسية ضد الوحدة المقدسة، وتعمل لصالح إسرائيل، وإن قدّمت في إطار يبدو واقعياً وحريصاً على البلاد».

وقالت الوكالة إن كلام روحاني عن الردع الإقليمي، «ليس خاطئاً، لكن من الغريب أن يصدر منه هو تحديداً؛ فإذا كان يؤمن بذلك، فهل يقرّ بأن عدم دعم حكومته الكافي لجهود إنهاء الأزمة في سوريا عامَي 2013 و2014 كان تقصيراً خطيراً ربما يقترب من مستوى الخيانة؟ كانت إحدى أكبر شكاوى الجنرال قاسم سليماني عدم تعاون حكومة روحاني في الملف السوري، وكان يخرج من بعض الاجتماعات باكياً، إلى أن تدخّل المرشد وأمر بالثبات».

غلاف النشرة الأسبوعية لوكالة «تسنيم» التابعة لـ«الحرس الثوري» الذي يتهم روحاني بتقديم الخدمة لإسرائيل

ورداً على ما قاله روحاني عن «الأمننة»، أضافت الوكالة: «أليس هو أدرى من الجميع بأن حكومته كانت من أكثر الحكومات ذات الطابع الأمني؟ فالوزير الوحيد غير الأمني تقريباً كان وزير الاستخبارات نفسه». وفي إشارة إلى خلفية روحاني، أضافت أن «امتلاك خلفية أمنية ليس عيباً، لكنه مناقض لأسلوب النصائح الذي يقدّمه روحاني الآن».

وفسرت تصريحات روحاني على أنها رد غير مباشر على خطاب متلفز للمرشد علي خامنئي في 27 نوفمبر، حذر فيه من الانقسام الداخلي، مكرراً روايته بأن الولايات المتحدة وإسرائيل «فشلتا» في تحقيق أهداف الحرب، وداعياً الإيرانيين إلى الحفاظ على «الاصطفاف الوطني». وقال: «الخلافات بين التيارات والفئات أمر وارد، لكن المهم أن يقف الجميع معاً في مواجهة العدو».

وخلال ولايتيه الرئاسيتين (2013 – 2021)، كان روحاني قد طرح مراراً شكوكه في دقة المعلومات التي يتلقاها المرشد من مقربيه، في محاولة للنأي بنفسه عن انتقادات تُوجّه إليه بوصفه معارضاً لمواقف خامنئي.

وخلال الأشهر الخمسة الماضية، واجه روحاني اتهامات من خصومه، بينهم نواب في البرلمان، بأنه يسعى لتولي منصب المرشد إذا تعذر على خامنئي ممارسة مهامه لأي سبب، بما في ذلك تعرضه لمحاولة اغتيال من قبل إسرائيل.

وبرزت انتقادات الشهر الماضي على لسان رئيس البرلمان محمد باقر قاليباف، الذي اتهم روحاني ووزير خارجيته محمد جواد ظريف بـ«الإضرار بالعلاقات الاستراتيجية مع موسكو». وردد نواب شعار «الموت لفريدون» في إشارة إلى لقب روحاني العائلي. وقال النائب المتشدد أمير حسين ثابتي: «أتمنى أن تتصدى السلطة القضائية لقضايا إساءة التصرف من قبل حسن روحاني، حتى يعود من يفكر في المناصب العليا إلى مكانه الحقيقي خلف قضبان السجن».

وبعد نشر تصريحات روحاني الأخيرة، طرحت الاحتمالات تولي روحاني لمنصب المرشد، مرة أخرى لكن هذه المرة في وسائل إعلام إصلاحية، إذ قال المنظر الإصلاحي صادق زيبا كلام إنه «عندما طرحت قضية خلافة المرشد تدريجياً، حسن روحاني قال لنفسه خلال فترة رئاسته: ماذا ينقصني عن بقية الأشخاص الذين تطرح أسماؤهم للخلافة، ما الذي ينقصني عن مجتبى خامنئي ومن طرحت أسماؤهم، في رأيي روحاني محق، فهو أكثر جدارة من الآخرين على صعيد تجربته التنفيذية».

وبالتزامن مع هذا الاهتمام الإصلاحي، نشر رجل الأعمال بابك زنجاني رسالة شديدة اللهجة على منصة «إكس» هاجم فيها إمكانية تولي روحاني أي دور سياسي مستقبلي، قائلاً إن إيران «تحتاج إلى قوة شابة، متعلمة وفعالة»، لا إلى «أصحاب الشهادات المزيفة». وأضاف: «سيأخذون هذا الحلم معهم إلى القبر... سنطهر إيران من العجز ومن المديرين غير الأكفاء». وحذر: «السلاح الذي تعطل في لحظة المعركة، إن عدتم وربطتموه على خصوركم من جديد، فأنتم تستحقون الموت!».

وزنجاني، الذي اعتقل في عهد حكومة روحاني بتهمة الفساد الاقتصادي وصدر بحقه حكم بالإعدام، أطلق سراحه العام الماضي وعاد إلى نشاطه الاقتصادي، في خطوة ربطها مراقبون بسعي طهران للالتفاف على العقوبات، فيما تربطه حالياً علاقات وثيقة بـ«الحرس الثوري».


نتنياهو يسخر من محاكمته بتهم فساد ويصفها بـ«المهزلة»

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)
TT

نتنياهو يسخر من محاكمته بتهم فساد ويصفها بـ«المهزلة»

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)

ندّد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بقضايا الفساد المرفوعة ضده، ووصفها بأنها «مهزلة»، ودافع في مقطع فيديو عن طلبه عفواً رئاسياً مثيراً للجدل.

ونُشر الفيديو، الذي تبلغ مدته 3 دقائق مساء الخميس، بعد أسبوع من طلب نتنياهو رسمياً العفو من الرئيس الإسرائيلي إسحق هرتسوغ، عادّاً أن محاكمته تؤدي إلى تقسيم الأمة.

كما أرسل الرئيس الأميركي دونالد ترمب الشهر الماضي رسالةً إلى هرتسوغ يحضه فيها على إصدار عفو عن نتنياهو.

وندّد رئيس الوزراء الإسرائيلي في المقطع بمحاكمته، ووصفها بأنها «محاكمة سياسية» تهدف إلى إجباره على ترك منصبه، نافياً مجدداً ارتكاب أي مخالفات.

ويُتهم نتنياهو في قضيتين بعقد صفقات للحصول على تغطية إيجابية من وسائل إعلام إسرائيلية، ويُتهم في قضية ثالثة بقبول أكثر من 260 ألف دولار في شكل هدايا فاخرة، شملت مجوهرات وشمبانيا، من مليارديرات مقابل الحصول على خدمات سياسية. وكانت قضية فساد رابعة قد أسقطت في وقت سابق.

متظاهرون خارج مقر إقامة بنيامين نتنياهو في القدس يطالبون بعدم منحه العفو (رويترز)

في الفيديو، رفع نتنياهو دمية على شكل شخصية الكرتون «باغز باني»، ساخراً من المدعين العامين الذين أشاروا إلى تلقيه دمية للشخصية هديةً لابنه قبل 29 عاماً بوصفها دليلاً ضده. وقال: «من الآن فصاعداً، ستُعرف هذه المحاكمة باسم محاكمة باغز باني».

ونفى تلقيه السيجار هدية «من صديق»، وعدّ بأن سعيه لضمان تغطية إيجابية من «موقع إنترنت من الدرجة الثانية» أدّى بدلاً من ذلك إلى «التغطية الصحافية الأكثر كراهية وعدائية وسلبية التي يمكن تخيلها في إسرائيل».

يُذكر أن نتنياهو هو أول رئيس وزراء إسرائيلي في السلطة يخضع للمحاكمة بتهم فساد.

وقد تطلبت المحاكمة التي بدأت عام 2019، الإدلاء مؤخراً بشهادته 3 مرات أسبوعياً، وهو يرى أن ذلك يمنعه من ممارسة الحكم بشكل فعال.

وتابع: «هذه المهزلة تُكلّف البلاد ثمناً باهظاً. لا أستطيع تقبّل ذلك... لذلك طلبت العفو».

وقد كشفت هذه القضايا عن انقسامات حادة في المجتمع الإسرائيلي.

والاثنين، قبل آخر مثول لنتنياهو أمام المحكمة، تظاهر أنصار ومعارضون له خارج محكمة تل أبيب، وارتدى بعضهم بدلات السجن البرتقالية للإشارة إلى أنه يجب سجنه.


أزمة جديدة تعترض «عملية السلام» في تركيا

أكراد خلال مظاهرة في فرنسا فبراير الماضي للمطالبة بإطلاق سراح زعيم حزب «العمال الكردستاني» عبد الله أوجلان (أ.ف.ب)
أكراد خلال مظاهرة في فرنسا فبراير الماضي للمطالبة بإطلاق سراح زعيم حزب «العمال الكردستاني» عبد الله أوجلان (أ.ف.ب)
TT

أزمة جديدة تعترض «عملية السلام» في تركيا

أكراد خلال مظاهرة في فرنسا فبراير الماضي للمطالبة بإطلاق سراح زعيم حزب «العمال الكردستاني» عبد الله أوجلان (أ.ف.ب)
أكراد خلال مظاهرة في فرنسا فبراير الماضي للمطالبة بإطلاق سراح زعيم حزب «العمال الكردستاني» عبد الله أوجلان (أ.ف.ب)

تواجه «عملية السلام» في تركيا، التي تستوجب حلّ حزب «العمال الكردستاني» ونزع أسلحته، أزمة جديدة بسبب الخلاف حول سرية لقاء عقده وفد برلماني مع زعيم الحزب عبد الله أوجلان في سجن إيمرالي غرب البلاد.

وتفجّرت خلافات بين نواب حزب «العدالة والتنمية» الحاكم وحزب «الشعب الجمهوري»، أكبر أحزاب المعارضة، خلال اجتماع لجنة «التضامن الوطني والأخوة والديمقراطية» في البرلمان، المعنية باقتراح الإطار القانوني لنزع السلاح وعملية السلام، التي خُصّصت الخميس للاستماع لتقرير حول لقاء الوفد بأوجلان.

تقرير مجتزأ

وأعلن نواب حزب «الديمقراطية والمساواة للشعوب»، المؤيد للأكراد، أن التقرير الذي قُدّم خلال الجلسة، والذي لخّص محضر لقاء الوفد مع أوجلان في سجن إيمرالي في 24 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أخرج المحضر من سياقه، واجتزأه لينحرف عن المضمون الذي أراده أوجلان.

نواب حزب «الديمقراطية والمساواة للشعب» الأعضاء في اللجنة البرلمانية (حساب الحزب في «إكس»)

وقال النواب الخمسة، غولستان كيليتش كوتشيغيت وميرال دانيش بيشتاش وحقي صاروهان أولوتش وجلال فرات وجنكيز تشيشيك، في بيان، إنه جرى استخدام جمل خارجة عن السياق، واقتباسات غير كاملة تفتح الباب أمام تكهنات عديدة.

وجاء في البيان أن «نشر محتوى الاجتماع بين أوجلان، الفاعل الرئيسي في عملية السلام والمجتمع الديمقراطي، ووفد اللجنة بشكل مجتزأ، مع تفسيرات ناقصة وذاتية، يُخاطر في المقام الأول بتضييق نطاق الدور (التاريخي) لأوجلان في هذه العملية وفتحه للنقاش، وهذا يتعارض مع النهج والوعود والتعريفات والمسؤوليات الأساسية للعملية المستمرة منذ أكثر من عام».

وطالب البيان -الذي نشره الحزب على حسابه في منصّة «إكس»- بنشر محضر الاجتماع مع أوجلان ومشاركته مع جميع أعضاء اللجنة البرلمانية والجمهور بطريقة «وافية وموضوعية وكاملة وصادقة»، ووضع آلية شفافة لضمان دقة المعلومات العامة.

وقال مسؤولون في الحزب إن التقرير أُعدّ بالطريقة التي أرادها حزب «العدالة والتنمية» الحاكم، لكن «عملية السلام والمجتمع الديمقراطي هي عملية «جادة وتاريخية»، ويجب أن تُدار بشكل «موضوعي وشفاف، ولا يخضع للتفسيرات الشخصية».

صدام بين الحكومة والمعارضة

وخلال اجتماع اللجنة للاستماع إلى التقرير، احتجّ نواب من حزب «الشعب الجمهوري»، متسائلين عما إذا كان «جهاز المخابرات قد أعدّ التقرير»، وهل سيعمل نواب البرلمان تحت «رقابة جهاز المخابرات الوطني؟». وطالبوا بعرض محضر الاجتماع كاملاً.

جانب من اجتماع اللجنة البرلمانية لوضع الإطار القانوني لعملية السلام في تركيا (البرلمان التركي - «إكس»)

وقال نواب المعارضة إنه «يتم إخفاء (تفاصيل التقرير) ليس فقط عن الجمهور، بل حتى عن البرلمان». وردّ نائب حزب «العدالة والتنمية»، محمد شاهين على هذه الانتقادات بالقول: «لو أردتم أن تعرفوا ما جرى بالكامل، كان عليكم المشاركة في الوفد الذي زار إيمرالي».

ورفض حزب «الشعب الجمهوري» إرسال أحد نوابه ضمن وفد اللجنة البرلمانية إلى إيمرالي، عادّاً أنه كان يمكن عقد الاجتماع عبر دائرة اتصال تلفزيونية مغلقة لتجنب الحساسيات التي تثيرها زيارة أوجلان.

رئيس حزب «الشعب الجمهوري» أوزغور أوزيل (حساب الحزب في «إكس»)

وانتقد رئيس الحزب، أوغور أوزيل، ما جرى خلال اجتماع اللجنة، مطالباً بالشفافية في كل ما يتعلق بهذه العملية. وقال أوزيل، في مقابلة تلفزيونية، تعليقاً على رفض ذهاب نواب حزبه إلى إيمرالي: «إذا ذهبنا فسنذهب بصراحة، وسنتحدث بصراحة، وسنعود بصراحة، ولن نخفي شيئاً»، متسائلاً عن أسباب إخفاء محضر الاجتماع، وعدم إطلاع نواب اللجنة البرلمانية والرأي العام عليه.

«الكردستاني» يتمسك بموقفه

وفي خضم هذا التوتر، انتقد متحدث الشؤون الخارجية في منظومة اتحاد مجتمعات كردستان، زاغروس هيوا، عمل اللجنة البرلمانية واكتفاء الحكومة التركية بـ«التصريحات فقط، دون اتخاذ خطوات حقيقية في إطار عملية السلام، على الرغم من اتخاذ حزب (العمال الكردستاني) العديد من الخطوات الأحادية».

وقال هيوا، في تصريحات نقلتها وسائل إعلام تركية الجمعة: «إننا لم نكن يوماً مسؤولين عن تخريب عملية السلام، وإن الدولة هي التي اتخذت القرار في عام 2015 بإنهاء العملية السابقة. ولهذا السبب، بدأوا بتجربة أساليب جديدة، ولم يتضح بعد ما إذا كانوا قد غيّروا حقّاً عقليتهم وسياساتهم تجاه الأكراد، أم أنهم يستعدون لموجة جديدة من الهجمات».

متحدث الشؤون الخارجية في منظومة اتحاد مجتمعات كردستان زاغروس هيوا (إعلام تركي)

وقال هيوا إن «المفاوضات لم تبدأ بعد»، وإن لقاء أعضاء من اللجنة البرلمانية مع أوجلان في إيمرالي هي «عملية حوار».

وتابع: «لكي تبدأ المفاوضات، يجب أن يلتقي الطرفان على قدم المساواة، وأهم عنصر في هذه المفاوضات هي حرية أوجلان»، الذي وصفه بـ«كبير مفاوضي حزب (العمال الكردستاني)».

وأضاف: «يجب أن تراعي هذه العملية الاندماج الديمقراطي للأكراد وحركة الحرية الكردية في جمهورية تركيا، وتضمن مشاركتهم الحرة في الحياة السياسية الديمقراطية، لكن ذلك لا يمكن أن يتحقق في ظل الدستور الحالي الذي ينكر وجود الأكراد، بل جميع المجموعات العرقية في تركيا».