إيران بين خيارين: مواجهة الضغوط أو خطر الانقسام الداخلي

مصادر مطلعة: خامنئي يؤيد استئناف الحوار النووي وسط خلافات

لوحة دعائية مستوحاة من الأساطير الفارسية تُصوّر رجلاً يصارع تنيناً بألوان العلم الأميركي وقد كُتب عليها «أنشد اسم إيران التي تقتل الأعداء» وذلك في ساحة انقلاب (الثورة) وسط طهران (إ.ب.أ)
لوحة دعائية مستوحاة من الأساطير الفارسية تُصوّر رجلاً يصارع تنيناً بألوان العلم الأميركي وقد كُتب عليها «أنشد اسم إيران التي تقتل الأعداء» وذلك في ساحة انقلاب (الثورة) وسط طهران (إ.ب.أ)
TT

إيران بين خيارين: مواجهة الضغوط أو خطر الانقسام الداخلي

لوحة دعائية مستوحاة من الأساطير الفارسية تُصوّر رجلاً يصارع تنيناً بألوان العلم الأميركي وقد كُتب عليها «أنشد اسم إيران التي تقتل الأعداء» وذلك في ساحة انقلاب (الثورة) وسط طهران (إ.ب.أ)
لوحة دعائية مستوحاة من الأساطير الفارسية تُصوّر رجلاً يصارع تنيناً بألوان العلم الأميركي وقد كُتب عليها «أنشد اسم إيران التي تقتل الأعداء» وذلك في ساحة انقلاب (الثورة) وسط طهران (إ.ب.أ)

تقف النخبة الحاكمة في إيران، التي أضعفتها الحرب وجمود المسار الدبلوماسي، أمام مفترق طرق حاسم: إما تحدي الضغوط الزائدة لوقف برنامجها النووي، مع ما يحمله ذلك من مخاطر تعرضها لهجمات إسرائيلية وأميركية جديدة، وإما الرضوخ لتلك الضغوط والمجازفة بحدوث انقسامات داخل القيادة.

وبحسب تحليل لوكالة «رويترز»، تركز المؤسسة الحاكمة حالياً على البقاء والصمود أكثر من صياغة استراتيجية سياسية طويلة الأمد.

وجاء وقف إطلاق نار هش لينهي حرباً استمرت 12 يوماً في يونيو (حزيران)، بدأت بغارات جوية إسرائيلية أعقبتها ضربات أميركية استهدفت ثلاثة مواقع نووية إيرانية تحت الأرض بقذائف خارقة للتحصينات.

ورغم إعلان الطرفين النصر، فقد كشفت المعارك عن ثغرات في القدرات العسكرية الإيرانية، وهزت صورة الردع التي حرصت طهران على ترسيخها بوصفها «قوة إقليمية» وعدواً لدوداً لإسرائيل.

وقالت ثلاثة مصادر إيرانية مطلعة لـ«رويترز» إن القيادة السياسية في طهران باتت ترى في التفاوض مع الولايات المتحدة، لإنهاء الخلاف المستمر منذ عقود حول طموحاتها النووية، السبيل الوحيد لتفادي مزيد من التصعيد والخطر على وجود النظام.

خامنئي خلال مراسم حداد على قادة عسكريين وعلماء قُتلوا في حرب الـ12 يوماً مع إسرائيل 29 يوليو 2025 (رويترز)

وأحدثت الضربات التي استهدفت مواقع نووية وعسكرية، وأودت بحياة عدد من كبار قادة «الحرس الثوري» وعلماء نوويين، صدمة في طهران، خصوصاً أنها جاءت قبل يوم واحد فقط من جولة سادسة مقررة من المحادثات مع واشنطن.

تكلفة المواجهة العسكرية

في حين اتهمت طهران واشنطن بـ«خيانة الدبلوماسية»، حمّل بعض من المشرعين المتشددين والقادة العسكريين المسؤولية لرموز داخل النظام دافعوا عن خيار الحوار، واصفين المفاوضات بأنها «فخ استراتيجي» صرف انتباه القوات المسلحة عن مهامها.

مع ذلك، قال مصدر سياسي مطلع، طلب عدم ذكر اسمه نظراً لحساسية الملف، إن القيادة الإيرانية تميل حالياً إلى استئناف المحادثات، بعدما «عاينت بنفسها تكلفة المواجهة العسكرية».

وشدّد الرئيس مسعود بزشكيان، في خطاب الأحد الماضي، على أن العودة إلى الحوار مع الولايات المتحدة «لا تعني الاستسلام»، موجهاً رسالته إلى التيار المحافظ الرافض لأي جهد دبلوماسي إضافي بعد الحرب. وقال: «لا تريدون إجراء محادثات؟ إذن ما البديل؟ هل تريدون العودة إلى الحرب؟».

لكن تصريحاته أثارت انتقادات داخل المعسكر المحافظ، كان أبرزها من عزيز غضنفري، نائب مسؤول مكتب الشؤون السياسية في «الحرس الثوري»، الذي كتب في مقال رأي أن «السياسة الخارجية تتطلب التروي، وأن التصريحات المتهورة قد تجر عواقب وخيمة».

ويبقى القرار النهائي وكلمة الفصل بيد المرشد علي خامنئي. وبحسب مصادر مطلعة، «فقد توصل هو ودوائر صنع القرار إلى توافق على استئناف المفاوضات النووية، بوصفها خطوة ضرورية لضمان بقاء الجمهورية الإسلامية».

قوى مؤثرة وضغوط خارجية

أكد الرئيس الأميركي دونالد ترمب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أنهما لن يترددا في توجيه ضربات جديدة لإيران إذا عادت إلى تخصيب اليورانيوم، وهو النشاط الذي يمكن استخدامه في إنتاج أسلحة نووية.

الأسبوع الماضي، حذّر ترمب من أن طهران إذا استأنفت التخصيب رغم القصف الذي استهدف منشآتها النووية الرئيسية في يونيو، «فسوف نعود ونضرب مرة أخرى»، فيما ردت إيران متعهدة بالرد بقوة.

ومع ذلك، تخشى طهران أن تؤدي أي ضربات مستقبلية إلى شل التنسيق السياسي والعسكري، ما دفعها لتشكيل مجلس دفاع يضمن استمرارية القيادة، حتى في حال اضطر المرشد علي خامنئي، البالغ 87 عاماً، للانتقال إلى مخبأ بعيد لتفادي الاغتيال.

وقال أليكس فاتانكا، مدير برنامج إيران في معهد الشرق الأوسط بواشنطن، إن محاولة إيران إعادة بناء قدراتها النووية سريعاً دون الحصول على ضمانات دبلوماسية أو أمنية «لن تكون ضربة أميركية - إسرائيلية ممكنة فحسب، بل ستكون حتمية».

وأضاف أن «العودة إلى المحادثات قد تمنح طهران متنفساً مهماً وفرصة للتحسن الاقتصادي، لكن إذا لم تحصل على استجابة سريعة من واشنطن، فإنها تخاطر برد فعل متشدد، وتفاقم الانقسامات داخل النخبة، واتهامات جديدة بالخضوع».

لوحة دعائية مكتوب عليها بالفارسية كلمة «هتيانياهو» وبالعبرية عبارة «النازي الألماني لليوم» معلقة فوق مركز التنسيق الإيراني - الفلسطيني وسط طهران (أ.ف.ب)

وتتمسك طهران بحقها في تخصيب اليورانيوم بوصفه جزءاً من برنامج نووي تقول إنه مخصص للأغراض «السلمية»، في حين تطالب إدارة ترمب بوقفه بالكامل، وهي النقطة الجوهرية التي تعرقل أي تقدم دبلوماسي حتى الآن.

وفي الأفق، تلوح عقوبات جديدة من الأمم المتحدة عبر آلية «سناب باك» لإعادة فرض العقوبات الأممية، التي دفعت بها دول الترويكا الأوروبية، بوصفها تهديداً إضافياً إذا رفضت إيران العودة إلى طاولة المفاوضات، أو حال تعذر التوصل إلى اتفاق قابل للتحقق للحد من نشاطها النووي.

وردت طهران بالتهديد بالانسحاب من معاهدة حظر الانتشار النووي، إلا أن مصادر مطلعة تؤكد أن «هذه الخطوة أقرب إلى أداة ضغط تفاوضية منها إلى خطة فعلية، إذ إن الانسحاب قد يشعل سباق التسلح النووي الإقليمي، ويستجلب تدخلاً أميركياً وإسرائيلياً مباشراً».

وقال دبلوماسي غربي رفيع إن النظام الإيراني يواجه حالياً أكبر قدر من المخاطر منذ عقود، وأي مواجهة قد تتحول إلى مقامرة خطيرة، وتأتي بنتائج عكسية في ظل تصاعد الاضطرابات الداخلية، وضعف قوة الردع، ونجاح إسرائيل في تحييد وكلاء طهران من الفصائل المسلحة في صراعات الشرق الأوسط منذ عام 2023.

إرهاق شعبي وأزمات متفاقمة

يسود الشارع الإيراني شعور زائد بالإرهاق والقلق نتيجة الحرب والعزلة الدولية، ويتفاقم الوضع بسبب قناعة متنامية بفشل الحكومة في إدارة شؤون البلاد. فالاقتصاد المعتمد على النفط، والمتعثر أصلاً بفعل العقوبات وسوء الإدارة، يواجه ضغوطاً خانقة.

ويعاني البلد، البالغ عدد سكانه 87 مليون نسمة، من انقطاعات يومية في التيار الكهربائي أجبرت شركات كثيرة على تقليص أنشطتها، فيما تراجعت مستويات المياه في الخزانات إلى أرقام قياسية متدنية دفعت الحكومة للتحذير من «حالة طوارئ وطنية للمياه» وشيكة.

وبحسب تحليل لوكالة «رويترز»، فقد وقف كثير من الإيرانيين، حتى المعارضين للنظام، إلى جانب بلادهم خلال حرب يونيو، لكنهم اليوم يواجهون فقدان مصادر دخلهم وازدياد القمع.

وقال علي رضا (43 عاماً)، وهو تاجر أثاث في طهران، إنه يفكر في تقليص حجم تجارته ونقل أسرته خارج العاصمة وسط مخاوف من تعرضها لمزيد من الهجمات الجوية. وأضاف: «هذه نتيجة 40 عاماً من السياسات الفاشلة»، في إشارة إلى الثورة الإسلامية الإيرانية عام 1979 التي أطاحت بالنظام الملكي المدعوم من الغرب. وتابع: «نحن بلد غني بالموارد ومع ذلك يفتقر الناس لإمدادات الماء والكهرباء. عملائي لا يملكون المال. عملي ينهار».

إيرانيتان تسيران في أحد شوارع طهران 6 أغسطس الحالي (إ.ب.أ)

وقال ما لا يقل عن 20 شخصاً، في مقابلات هاتفية من أنحاء البلاد، إنهم بدأوا يفقدون الثقة في قدرة المؤسسة الحاكمة على الإدارة الرشيدة، رغم أن معظمهم لا يرغبون في حرب جديدة.

وعلى الرغم من الاستياء الواسع، لم تشهد البلاد احتجاجات كبيرة، إذ شددت السلطات الإجراءات الأمنية، وكثفت الضغط على النشطاء المؤيدين للديمقراطية، وسرّعت وتيرة الإعدامات، وقمعت ما تصفه بشبكات تجسس مرتبطة بإسرائيل، ما أثار المخاوف من اتساع دائرة المراقبة والقمع.

ومع ذلك، عادت شخصيات معتدلة إلى الظهور في وسائل الإعلام الحكومية بعد سنوات من التهميش، في خطوة يرى محللون أنها تهدف إلى تهدئة القلق الشعبي، وإعطاء إشارة بإمكانية الإصلاح من داخل النظام، دون المساس بالسياسات الجوهرية.


مقالات ذات صلة

الرئيس الإيراني يدافع عن موازنة «منضبطة» وسط العقوبات

شؤون إقليمية بزشكيان يدافع عن مشروع الموازنة الجديدة أمام البرلمان الأحد (الرئاسة الإيرانية)

الرئيس الإيراني يدافع عن موازنة «منضبطة» وسط العقوبات

دافع الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، الأحد، عن مشروع موازنة العام الجديد، معتبراً إياه أداة لضبط الاقتصاد في ظل العقوبات وتراجع الإيرادات.

«الشرق الأوسط» (لندن - طهران)
شؤون إقليمية انطلاق صاروخ «سويوز» روسي من قاعدة فوستوشني الفضائية يحمل قمراً اصطناعياً إيرانياً - 29 فبراير 2024 (رويترز - روسكوزموس)

تقارير: إطلاق 3 أقمار اصطناعية إيرانية من روسيا

ذكرت وسائل إعلام إيرانية أن 3 أقمار اصطناعية ​إيرانية انطلقت إلى الفضاء على متن صواريخ «سويوز» الروسية في إطار توسيع البلدين الخاضعين لعقوبات أميركية.

«الشرق الأوسط» (طهران)
شؤون إقليمية صورة نشرتها وكالة «مهر» الحكومية من شعار مجموعة «حنظلة»

اختراق إيراني مزعوم لهاتف رئيس طاقم نتنياهو يربك تل أبيب

أثار إعلان مجموعة القراصنة الإيرانية، المعروفة باسم «حنظلة»، اختراق الهاتف الجوال لرئيس طاقم مكتب رئيس الحكومة الإسرائيلية، حالة من القلق في محيط نتنياهو.

«الشرق الأوسط» (تل ابيب)
شؤون إقليمية الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان (رويترز) play-circle

الرئيس الإيراني: نحن في حالة «حرب شاملة» مع أميركا وإسرائيل وأوروبا

قال الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان إن بلاده في حالة «حرب شاملة» مع أميركا وإسرائيل وأوروبا.

«الشرق الأوسط» (طهران)
شؤون إقليمية صورة من الخلف لقادة في «الحرس الثوري» خلال لقاء مع المرشد الإيراني (موقع خامنئي)

تقرير: كوري شمالي يغسل أموالاً لـ«الحرس الثوري»

كشف تقرير صحافي كوري جنوبي عن رصد معاملات مالية رقمية بين إيران وكوريا الشمالية، في مؤشر على تعاون غير معلن بين دولتين تخضعان لعقوبات دولية مشددة.

«الشرق الأوسط» (لندن)

الرئيس الإيراني يربط الموازنة بالأمن القومي

بزشكيان يدافع عن مشروع الموازنة الجديدة أمام البرلمان الأحد (الرئاسة الإيرانية)
بزشكيان يدافع عن مشروع الموازنة الجديدة أمام البرلمان الأحد (الرئاسة الإيرانية)
TT

الرئيس الإيراني يربط الموازنة بالأمن القومي

بزشكيان يدافع عن مشروع الموازنة الجديدة أمام البرلمان الأحد (الرئاسة الإيرانية)
بزشكيان يدافع عن مشروع الموازنة الجديدة أمام البرلمان الأحد (الرئاسة الإيرانية)

قدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان مشروع موازنة العام الجديد بأولويات تتمحور حول الأمن القومي، معتبراً أن الانضباط المالي بات شرطاً أساسياً للصمود في مواجهة الضغوط الخارجية بعد حرب الـ12 يوماً مع إسرائيل وتشديد العقوبات.

وبعد خمسة أيام من تقديم مسودة الموازنة للبرلمان، دافع بزشكيان أمام المشرعين عن إعداد موازنة بنمو لا يتجاوز 2 في المائة، واصفاً إياها بأنها الخيار «الأصعب» لكنه الأكثر واقعية لتفادي العجز وكبح التضخم في ظل تراجع عائدات النفط وشح الموارد.

وتتخطى الموازنة 100 مليار دولار بحسب صرف السعر المتقلب جداً هذه الأيام.

وشدد بزشكيان على أنها أُعدت في «ظروف استثنائية وضاغطة» فرضتها العقوبات، والحرب مع إسرائيل، قائلاً إن الحكومة اختارت نهجاً منضبطاً لتفادي العجز وكبح التضخم، حتى وإن جاء ذلك على حساب قرارات صعبة تمس بنية الإنفاق والدعم.


الجيش الإسرائيلي يتسلم «الشعاع الحديدي» أول منظومة ليزر للدفاع الجوي

منظومة الاعتراض الإسرائيلية «الشعاع الحديدي» التي تعمل بالليزر (شركة رافائيل للصناعات الدفاعية)
منظومة الاعتراض الإسرائيلية «الشعاع الحديدي» التي تعمل بالليزر (شركة رافائيل للصناعات الدفاعية)
TT

الجيش الإسرائيلي يتسلم «الشعاع الحديدي» أول منظومة ليزر للدفاع الجوي

منظومة الاعتراض الإسرائيلية «الشعاع الحديدي» التي تعمل بالليزر (شركة رافائيل للصناعات الدفاعية)
منظومة الاعتراض الإسرائيلية «الشعاع الحديدي» التي تعمل بالليزر (شركة رافائيل للصناعات الدفاعية)

تسلم الجيش الإسرائيلي منظومة اعتراض بالليزر عالية القدرة تُعرف باسم «الشعاع الحديدي»، حيث سيتم دمجها ضمن منظوماته الصاروخية الدفاعية متعددة الطبقات الحالية.

وقالت وزارة الدفاع الإسرائيلية، الأحد، إن منظومة الليزر تم تسليمها للجيش الإسرائيلي بعد تطويرها من جانب شركتي الدفاع الإسرائيليتين «إلبيت سيستمز» و«رافائيل».

وتم تصميم منظومة «الشعاع الحديدي» لتعمل بالتوازي مع منظومات دفاع: «القبة الحديدية» و«مقلاع داود» و«آرو»، وفقاً لوكالة الأنباء الألمانية.

وأفادت الوزارة بأن الاختبارات أظهرت أن هذه المنظومة قادرة على اعتراض الصواريخ وقذائف الهاون والصواريخ والطائرات المسيّرة بشكل موثوق، مضيفة أنها أقل تكلفة بكثير من حيث التشغيل مقارنة بالمنظومات التقليدية القائمة على الصواريخ.

منظومة «الشعاع الحديدي» الاعتراضية التي تعمل بالليزر (د.ب.أ)

ووفقاً لتقديرات أميركية، يمكن لسلاح الليزر تحييد الطائرات المسيّرة بتكلفة تبلغ نحو 4 دولارات لكل اعتراض، مقارنة بالتكلفة الأعلى بكثير لأنظمة الدفاع الصاروخي الإسرائيلية الحالية.

ووصف وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، نشر المنظومة بأنه «لحظة تاريخية» تغيّر بشكل جذري مشهد التهديدات. وأكد كاتس أن المنظومة أصبحت جاهزة للعمل بشكل كامل، وأنها توجه رسالة واضحة إلى خصوم إسرائيل: «لا تتحدونا».

وقال أمير بارام، المدير العام لوزارة الدفاع الإسرائيلية، إن تسليم المنظومة يمثل «بداية ثورة تكنولوجية» في مجال الدفاع الجوي.


نتنياهو يستعد لترمب بخطة بديلة في غزة... وتركيز على إيران

الرئيس الأميركي ورئيس الوزراء الإسرائيلي لدى وصولهما إلى المؤتمر الصحافي في البيت الأبيض أمس (أ.ف.ب)
الرئيس الأميركي ورئيس الوزراء الإسرائيلي لدى وصولهما إلى المؤتمر الصحافي في البيت الأبيض أمس (أ.ف.ب)
TT

نتنياهو يستعد لترمب بخطة بديلة في غزة... وتركيز على إيران

الرئيس الأميركي ورئيس الوزراء الإسرائيلي لدى وصولهما إلى المؤتمر الصحافي في البيت الأبيض أمس (أ.ف.ب)
الرئيس الأميركي ورئيس الوزراء الإسرائيلي لدى وصولهما إلى المؤتمر الصحافي في البيت الأبيض أمس (أ.ف.ب)

وسط زخم من التقديرات والتقارير والتسريبات الإسرائيلية عن حقيقة ما جرى إعداده في تل أبيب للقاء الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، مع رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، في منتجع مار آلاغو في ميامي، المقرر يوم الاثنين، اعتبرت مصادر سياسية إسرائيلية أن اللقاء بمثابة «معركة مصيرية أخرى»، يُبنى عليها مستقبل نتنياهو السياسي، ولكنها تنطوي على تمادٍ يجعله يحاول إقناع ساكن البيت الأبيض بلجم اندفاعه نحو تطبيق خطته السلمية في غزة.

وتبرز أزمة تباين في الأولويات بين طرفي اللقاء؛ إذ تقول مصادر سياسية إسرائيلية لموقع «والا» إن «الإدارة الأميركية منزعجة من نتنياهو وتتهمه بعرقلة خطة ترمب، لكن ترمب نفسه ما زال يؤمن به ويحتضنه وسيسعى إلى التفاهم معه وليس تأنيبه، وهو يضع قضية غزة في رأس أجندة اللقاء، رغم أن نتنياهو يحاول تغيير سلم الأولويات، ليبدأ بإيران».

وينقل المسؤولون الإسرائيليون عن نتنياهو أنه يعتقد أن «توجيه ضربة أخرى إلى إيران، خصوصاً إذا كانت ضربة إسرائيلية - أميركية مشتركة، ستفضي إلى نتائج أفضل في الاتفاق النووي المستقبلي وربما تضعضع النظام في طهران».

وحسب صحيفة «يديعوت أحرونوت»، فإن إيران توظف استثمارات هائلة في «حزب الله» و«حماس» حتى تجهض خطى ترمب. وتقول إن امتناعهما عن نزع السلاح يتم بتشجيع «الحرس الثوري».

استبدال خطة غزة

ووفق المصادر نفسها، سيقترح نتنياهو خريطة طريق تبرد ملف غزة، وتوقف «الاندفاع الظاهر لترمب نحو تطبيق خطته، وإبطاء وتيرة المسار، وحتى استبدال خريطة الطريق التي رسمت في البيت الأبيض بخريطة إسرائيلية تغير سلم الأولويات وتعدل الحدود». وحسب صحيفة «معاريف»، تقترح الخطة الإسرائيلية التي ستعرض على ترمب: سيطرة إسرائيلية، حتى 75 في المائة من أراضي القطاع (هي تسيطر حالياً حسب الاتفاق على 53 في المائة ومددتها إلى 58 بالمائة في الشهر الأخير)، إلى حين تتخلى (حماس) بشكل فعلي عن سلاحها.

خريطة لمراحل الانسحاب من غزة وفق خطة ترمب (البيت الأبيض)

بيد أن الرئيس ترمب يرى الأمور بشكل مختلف؛ فهو يرى أن التقدم في خطته في غزة سيعزل إيران ويشجعها على التقدم في الجهود الدبلوماسية.

وفي التقديرات الإسرائيلية، يعتبر ترمب أن قضية نزع السلاح مسارٌ يتم التقدم فيه رويداً رويداً، ويريد الانتقال فوراً إلى المرحلة الثانية مع التركيز على إعادة الإعمار، ويطلب من إسرائيل ألا تضع عراقيل في طريقه، والاستعداد لانسحاب آخر في غزة.

لهذا، تقول «يديعوت أحرونوت»، جند نتنياهو الجيش الإسرائيلي، الذي يخشى من أن تؤدي الاستجابة لمطالب ترمب إلى تآكل إنجازات الحرب. وسوف يصر على أن يوضع في رأس الاهتمام تثبيت الأمن الإسرائيلي القائم على «مفهوم جديد، يتضمن إضافة إلى المبادئ القديمة، دفاعاً متقدماً ووقائياً أيضاً. وسيطلب من الأميركيين إبداء تفهم وتأييد سياسي وعسكري في تنفيذ هذه المبادئ في كل الساحات». كما سيُحاول نتنياهو، وفق الصحيفة، أن يُلطف في محيط ترمب حدة نفوذ تركيا وقطر اللتين لهما ولزعيميهما مكانة مفضلة ونفوذ في البيت الأبيض.

حذر وقلق من المواجهة

ويدرك نتنياهو أن هذه الطروحات ستثير جدالاً بل وربما مواجهة بين نتنياهو وترمب وفريقه. ويكتب مراسل الشؤون الاستراتيجية في الصحيفة، رون بن يشاي، إنهم في القيادة الإسرائيلية يتذكرون المواجهة المهينة بين ترمب وبين رئيس أوكرانيا، فولوديمير زيلينسكي، في البيت الأبيض ويتحسبون من سيناريو محتمل «ينقلب» فيه ترمب على نتنياهو، ويتهم إسرائيل بنكران الجميل.

ترمب ونتنياهو يتصافحان في ختام مؤتمر صحافي بالبيت الأبيض 29 سبتمبر 2025 (أ.ف.ب)

وتواصل الصحيفة: «يدركون أن الحاجة تتطلب حذراً شديداً في طرح المواقف الإسرائيلية، خصوصاً أن نتنياهو يحمل مطالب عدة في مجال العلاقات الثنائية، ومنها ضمان مساعدة الولايات المتحدة في الحفاظ على التفوق النوعي لإسرائيل في إطار خطة المساعدات الأمنية المتعددة للسنوات المقبلة، والتي تجري حولها مفاوضات بين الدولتين، وعبر فرض قيود مختلفة على توريد أسلحة حديثة لدول المنطقة».

وفي الشأن الإقليمي، يرى الإسرائيليون أنه «ما من شك في أن الموضوع التركي هو الآخر سيُطرح على النقاش في مار آلاغو. وفي حين سيقول نتنياهو إن هناك إجماعاً في إسرائيل على رفض أي تواجد عسكري تركي في غزة، وكذا في وسط وجنوب سوريا؛ لأن هذا التواجد يقيّد حرية العمل الإسرائيلية لإحباط التهديدات، فسيكون عليه أن يتوقع موقفاً معاكساً من ترمب. ويكون جاهزاً لتخفيف معارضته».

ويقدر الإسرائيليون أنه في لقاء القمة في مار آلاغو، سيطلب ترمب من نتنياهو تنازلات؛ بما في ذلك تنازلات من شأنها في سنة الانتخابات أن تغيظ «قاعدته الشعبية اليمينية». وعليه فمعقول الافتراض أن نتنياهو سيقاتل على كل نقطة. هذه لن تكون بالنسبة له نزهة على شاطئ البحر في فلوريدا.