تحذير دولي من انقراض التعددية الدينية في مناطق سيطرة الحوثيين

قيود مشددة على البهائيين والمسيحيين واليهود

عناصر حوثيون يرفعون الأسلحة خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)
عناصر حوثيون يرفعون الأسلحة خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تحذير دولي من انقراض التعددية الدينية في مناطق سيطرة الحوثيين

عناصر حوثيون يرفعون الأسلحة خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)
عناصر حوثيون يرفعون الأسلحة خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

حذرت لجنة أميركية معنية بحريّة الأديان حول العالم من انقراض التعددية الدينية في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين شمال اليمن، وقالت إن الأقليات هناك تواجه خطر «الانقراض شبه الكامل»، جراء انتهاكات منهجية وجسيمة لحرية المعتقد التي طالت تلك الأقليات الدينية، والنساء.

وفي تقرير لها، ذكرت اللجنة الأميركية للحرية الدينية الدولية أن الحوثيين يفرضون قيوداً صارمة على أتباع الديانات الأخرى مثل البهائيين، والمسيحيين، واليهود، وأتباع الطائفة الأحمدية، وأنهم يخضعون الطلاب والمعتقلين لتلقين ديني قسري، ويرغمون غير المسلمين على ممارسات دينية لا يؤمنون بها، كما قاموا بتعديل المناهج الدراسية لإدخال مضامين طائفية ومعادية للسامية فيها.

وبحسب ما جاء في تقرير اللجنة، فإن الحوثيين استمروا في ارتكاب انتهاكات منهجية وجسيمة لحرية الدين والمعتقد كانت لها تأثيرات خطيرة على الأقليات الدينية. كما أنهم يفرضون على النساء والفتيات قوانين مستمدة من التفسير الأحادي للمذهب الشيعي.

بعد اعتقالات ومحاكمات رحَّل الحوثيون زعماء الطائفة البهائية (إعلام محلي) l,hg

وبينت أنه ومنذ العام 2019 أوصت بإدراج الحوثيين على أنهم كيان «مثير للقلق بشكل خاص» بسبب الانتهاكات الخطيرة لحرية الدين. مع العلم بأن وزارة الخارجية الأميركية، ومنذ 2018 وحتى نهاية عام 2023، تصنف الحوثيين بهذا الوصف.

وعند استعراض أوضاع الحرية الدينية في مناطق سيطرة الحوثيين، ذكر التقرير أن الجماعة تفرض قيوداً مشددة على البهائيين، والمسيحيين، واليهود، وأتباع الطائفة الأحمدية، وتبرر ذلك بدوافع دينية.

تعبئة قسرية

يستخدم الحوثيون -بحسب التقرير- التعليم، والإعلام، والتوجيهات الشفوية، وحملات التعبئة الدينية لفرض التفسير الأحادي للحوثيين، بما في ذلك في السجون والمدارس، وهو ما دفع الكثير إلى الفرار إما إلى مناطق سيطرة الحكومة، أو خارج البلاد، في حين يعيش القليل الباقي من أتباع الأقليات في الخفاء خوفاً من التهديدات والعنف.

أكدت اللجنة الأميركية في تقريرها أن الحوثيين يفرضون أفكارهم الدينية على الطلاب بغض النظر عن انتماءاتهم أو معتقداتهم، وذكرت أنهم ومنذ العام 2015 أجروا ما يقارب 500 تعديل على المناهج الدراسية بهدف نشر فكرهم، كما أجبروا الطلاب المسيحيين على دراسة القرآن، حيث طرد شقيقان مسيحيان من المدرسة لرفضهما حضور حصص القرآن.

وأفادت بأنه في 2024 غادرت أسرة مسيحية إحدى مناطق الحوثيين لتجنب إجبار أطفالها على الصلاة في المساجد، أو الالتحاق بمعسكرات التلقين، كما احتُجز شخص آخر لمدة 20 يوماً في معسكر للحوثيين.

سوء معاملة

بخصوص الأوضاع في مراكز الاحتجاز لدى الحوثيين، ذكرت اللجنة الأميركية أن المعتقلين من الأقليات الدينية يتعرضون لسوء المعاملة بسبب هويتهم. ونقلت عن أحد المعتقلين البهائيين قوله إن زملاءه أُجبروا على حضور دروس دينية على أنه شرط للإفراج عنهم.

وقال التقرير إن الحوثيين يستخدمون النص الآيديولوجي لمؤسس الجماعة (الملازم) لفرض أفكار الحركة، كما يضعون المعتقلين من الأقليات مع سجناء متشددين من «القاعدة» و«داعش»، ويُسمح لهؤلاء بالاعتداء عليهم بعد إبلاغهم بانتماءاتهم الدينية.

في العام 2016 رحل الحوثيون آخر مجموعة من الطائفة اليهودية (إعلام محلي)

وبشأن الأقلية البهائية، يورد التقرير أن عددهم يبلغ نحو 2000 شخص،، وأنهم تعرضوا لاضطهاد متصاعد منذ سيطرة الحوثيين على صنعاء، وفي مايو (أيار) عام 2023، داهمت قوات حوثية مؤتمراً سنوياً للبهائيين في صنعاء، واعتقلت 17 شخصاً، أُطلق سراحهم بحلول أغسطس (آب) 2024 بعد إجبارهم على التوقيع على وثائق تنكر دينهم. وما زالوا ممنوعين من الاجتماع، أو التواصل الديني في 2025.

وبشأن الأقلية المسيحية في اليمن، يذكر التقرير أن عددهم تضاءل من 41 ألفاً إلى بضعة آلاف فقط، حيث توقفت عشرات التجمعات عن العبادة بين أكتوبر (تشرين الأول) عام 2023 وسبتمبر (أيلول) عام 2024 بسبب المخاطر الأمنية.

كما غادر كثير من المتحولين إلى الديانة المسيحية مناطق الحوثيين، وقُتل أحدهم العام الماضي على يد أسرته بسبب إيمانه. كما استُهدف موظفو الأمم المتحدة في تلك المناطق باعتبارهم «مسيحيين وأعداء للإسلام»، وأُجبر بعضهم على اعترافات كاذبة أمام الكاميرات. بحسب تقرير اللجنة.

الحوثيون حولوا المدارس لتعليم الصغار الفكر المتطرف والتدريب على السلاح (إعلام محلي)

وعن الطائفة اليهودية، يذكر التقرير أن أفراد هذه الطائفة كانوا 55 ألفاً، لكن معظمهم هاجر بعد 1948، وأنه لم يبق حالياً إلا ليبي مرحبي، وهو معتقل منذ سنوات رغم أمر قضائي بالإفراج عنه عام 2019، وأنه يتعرض لتعذيب شديد، منها الحرمان من الطعام، والعزل الانفرادي، والصعق بالكهرباء.

ونبَّه التقرير إلى أن المنتمين إلى الطائفة الأحمدية لم يسلموا من الاعتقال، إذ قام الحوثيون في مطلع العام 2024 باعتقال عشرات من أتباع الجماعة، بينهم قائدهم، وأُطلق سراحهم في أبريل (نيسان) من نفس العام بعد إجبارهم على التلقين الديني، والتخلي عن معتقدهم.

قيود وتمييز

استعرض التقرير القيود التي يفرضها الحوثيون على النساء في مناطق سيطرتهم، وقال إنهم يحظرون على جميع النساء السفر إلا بوجود ذكر من الدرجة الأولى (محرم)، بمن في ذلك الأجنبيات والعاملات في الإغاثة.

وفي حين تم إغلاق المحلات النسائية، تستخدم وحدات «الزينبيات» -وفق التقرير- لفرض أفكار الحوثيين على النساء في المساجد والمدارس والمنازل، بما في ذلك إجبارهن على برامج تعليم طائفي.

الجماعة الحوثية تقوم بإرهاب السكان في مناطق سيطرتها خشية الانتفاض عليها (إ.ب.أ)

وقال التقرير إن نساء الأقليات في وضع أشد خطورة، إذ تُجبر بعض المسيحيات على تغطية وجوههن بالكامل، وتتعرض البهائيات لمضايقات متعمدة تمس مفاهيم الحياء الديني، بهدف الإذلال.

وأكد التقرير أن الحوثيين يستخدمون تفسيراتهم الدينية لفرض اتهامات «أعمال غير أخلاقية»، وفرض عقوبات تصل إلى الإعدام.

وقالت اللجنة في تقريرها إن الجماعة تمارس التمييز عند توزيع المساعدات الإنسانية، حيث يُحرم كثير من البهائيين والمسيحيين منها بسبب هويتهم، أو خوفهم من الاعتقال إذا ذهبوا لمراكز التوزيع. كما رُفض علاج بعض المسيحيين في المستشفيات.


مقالات ذات صلة

الأمم المتحدة تندد بإحالة عدد من موظفيها المحتجزين على محكمة تابعة للحوثيين

العالم العربي الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش (رويترز)

الأمم المتحدة تندد بإحالة عدد من موظفيها المحتجزين على محكمة تابعة للحوثيين

ندد الأمين العام للأمم المتحدة بإحالة المتمردين الحوثيين في اليمن على محكمتهم الخاصة عدداً من موظفي الأمم المتحدة الـ59 الذين يحتجزونهم.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
المشرق العربي دعا عدد من السفراء الأجانب لخفض التصعيد وتسوية الخلافات بالحوار في اليمن (السفارة البريطانية)

دعوات دولية لخفض التصعيد وتسوية الخلافات بالحوار في اليمن

العليمي:«الإجراءات الأحادية التي اتخذها المجلس الانتقالي الجنوبي تمثل خرقاً صريحاً لمرجعيات المرحلة الانتقالية وتهديداً مباشراً لوحدة القرار الأمني، والعسكري».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي أحد المشاريع التعليمية التي يمولها «البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن» (الشرق الأوسط)

دعم سعودي شامل ومستدام للتعليم في اليمن

نفّذ البرنامج السعودي خلال الأعوام الماضية 56 مشروعاً ومبادرة تعليمية في اليمن شملت التعليم العام والعالي، والتدريب الفني والمهني، موزّعة على 11 محافظة

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي لقاء في الرياض جمع العليمي مع سفراء بريطانيا وأميركا وفرنسا (إعلام حكومي)

التزام أميركي وبريطاني بدعم مجلس القيادة الرئاسي اليمني

جدّدت واشنطن ولندن، التزامهما الثابت بدعم مجلس القيادة الرئاسي والحكومة اليمنية، عقب التطورات المتصاعدة التي شهدتها محافظتا حضرموت والمهرة.

العالم العربي عبر الانتماء السلالي والمذهبي تمكن الحوثيون من الهيمنة على الأجهزة الأمنية (إكس)

الحوثيون يدفعون بتعزيزات عسكرية نحو الضالع وتعز

دفعت الجماعة الحوثية خلال الأيام الماضية، بتعزيزات عسكرية جديدة من صنعاء وذمار نحو خطوط التماس في محافظتي الضالع وتعز في خطوة أثارت مخاوف من جولة قتال جديدة.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)

الأمم المتحدة تندد بإحالة عدد من موظفيها المحتجزين على محكمة تابعة للحوثيين

الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش (رويترز)
الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش (رويترز)
TT

الأمم المتحدة تندد بإحالة عدد من موظفيها المحتجزين على محكمة تابعة للحوثيين

الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش (رويترز)
الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش (رويترز)

ندد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، الثلاثاء، بإحالة المتمردين الحوثيين في اليمن على محكمتهم الخاصة عدداً من موظفي الأمم المتحدة الـ59 الذين يحتجزونهم «تعسفياً».

وأفاد ستيفان دوجاريك، الناطق باسم غوتيريش، بأن الأمين العام «يدين إحالة سلطات الأمر الواقع الحوثية موظفين من الأمم المتحدة على محكمتهم الجنائية الخاصة»، مشيراً إلى أن هذه الإحالة تشمل عدداً لم يحدده من موظفي الأمم المتحدة المُحتجَز بعضهم منذ سنوات.

وأضاف: «ندعو سلطات الأمر الواقع إلى إلغاء هذه الإحالة والعمل بحسن نية للإفراج الفوري عن جميع موظفي الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والسلك الدبلوماسي».

ونفذ الحوثيون المدعومون من إيران في السنوات الأخيرة موجات عدة من الاعتقالات، ولا يزالون يحتجزون 59 موظفاً من الأمم المتحدة، جميعهم من الجنسية اليمنية، وهم محرومون من أي تواصل مع العالم الخارجي.

وعلّل الحوثيون احتجاز هؤلاء بتهم تجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل، لكنّ الأمم المتحدة نفت الاتهامات مؤكدة عدم جواز ملاحقة موظفيها على أساس أنشطتهم الرسمية.

أما مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك فأشار في بيان إلى أن أحد زملائه أحيل على المحكمة الخاصة لدى الحوثيين بناء على «اتهامات كاذبة بالتجسس»، وقال: «هذا أمر غير مقبول على الإطلاق ويشكّل انتهاكاً خطيراً لحقوق الإنسان»، مجدداً المطالبة بالإفراج الفوري عن جميع موظفي الأمم المتحدة والمنظمات الأخرى.

ودأب القضاء التابع للحوثيين، الذين يسيطرون على العاصمة صنعاء وأجزاء واسعة من اليمن، على استدعاء عاملين في منظمات غير حكومية وصحافيين ومعارضين.


ترحيب في مقديشو بنجم «تيك توك» صومالي رحّلته واشنطن

الصومالي مهاد محمود (أ.ف.ب)
الصومالي مهاد محمود (أ.ف.ب)
TT

ترحيب في مقديشو بنجم «تيك توك» صومالي رحّلته واشنطن

الصومالي مهاد محمود (أ.ف.ب)
الصومالي مهاد محمود (أ.ف.ب)

في 24 أكتوبر (تشرين الأول)، شنّ البيت الأبيض هجوماً على الصومالي مهاد محمود، واصفاً إياه بأنه «حثالة مجرم» واتهمه خطأ على ما يبدو بالمشاركة في اختطاف جاسوسين فرنسيين في مقديشو، لكنّ بلده استقبله كالأبطال بعد ترحيله من الولايات المتحدة.

ووفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية، ذاك المنشور الذي ورد يومها على منصة «إكس» وأُرفِق بصورة لشخص ذي لحية قصيرة يرتدي قميصاً بنقشات مربعات، فاجأ مواطني محمود، إذ يُعَدّ في بلده الأصلي نجماً على وسائل التواصل الاجتماعي يحظى بشعبية واسعة، ويبلغ عدد متابعيه على «تيك توك» نحو 450 ألفاً.

تواجه الصومال منذ عام 2006 تمرداً تقوده حركة «الشباب» المتطرفة المرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولا تزال الحرب مستمرة إلى اليوم على بعد 60 كيلومتراً من العاصمة مقديشو. في هذا الواقع، يركّز مهاد محمود على المناوشات الكلامية بين الفصائل الصومالية المتناحرة ويبدو بعيداً جداً عن أجواء المتمردين المتطرفين.

وأجرت وكالة الصحافة الفرنسية عملية تحَقُق من هذا الرجل الذي رُحِّل إلى الصومال في نوفمبر (تشرين الثاني)، وترى فيه مصادر أمنية صومالية وفرنسية ضحية جديدة لسياسة إدارة ترمب المتعلقة بالهجرة، لا ضالعاً في قضية هزّت فرنسا، ينفي أي دور له فيها.

ففي 14 يوليو (تموز) 2009، أقدمت مجموعة من المسلحين على خطف اثنين من عملاء مديرية الأمن الخارجي الفرنسية من «فندق صحافي العالمي» (Sahafi international) الذي كانا يقيمان فيه بمقديشو، وما لبث أحدهما ويُدعى مارك أوبريير أن تمكن من الهرب بعد شهر.

أما الآخر، وهو دوني أليكس، فتوفي بعد ثلاث سنوات ونصف سنة من الأسر، في يناير (كانون الثاني) 2013، وأكدت باريس أن خاطفيه أعدموه عندما كانت القوات الفرنسية تحاول تحريره.

«ليس صحيحاً»

وصف منشور البيت الأبيض مهاد محمود بأنه «حثالة مجرم خارج على القانون»، واتهمه بأنه «ضالع في اختطاف مسؤولين فرنسيين في فندق صحافي وقتل أحدهما من قِبل حركة الشباب».

وقال محمود في حديث مع وكالة الصحافة الفرنسية، السبت، إن هذا الاتهام «ليس صحيحاً»، موضحاً أنه كان يقيم بين عامَي 2008 و2021 في جنوب أفريقيا ولم يكن موجوداً في الصومال لدى حصول هذه الواقعات، مندداً باتهامات «تخدم الأجندة السياسية» للسلطات الأميركية.

ومع أن مهاد محمود لا يمتلك أي مستندات إدارية تثبت أقواله، أكد اثنان من أقربائه لوكالة الصحافة الفرنسية روايته.

وأظهرت وثيقة صادرة عن الشرطة الصومالية في 28 يونيو (حزيران) 2025 اطلعت عليها وكالة الصحافة الفرنسية أن سجلّه العدلي لا يتضمن أي سوابق.

كذلك رأى مصدران أمنيان صوماليان استصرحتهما وكالة الصحافة الفرنسية أن الاتهامات الأميركية تفتقر إلى الصدقية، وقال أحدهما: «ليس لدينا أي دليل على ارتباطه مباشرة» بالخطف، فيما توقع الآخر «أن تكون الولايات المتحدة تلقّت معلومات مغلوطة».

أما في فرنسا التي بقيت استخباراتها الخارجية تسعى طوال سنوات إلى العثور على المسؤولين عن خطف عميليها، فقد أكّد مصدر أمني لوكالة الصحافة الفرنسية جازماً أن مهاد محمود ليس ضالعاً في ذلك.

وفي المنشور الذي تضمّن اتهامه، أشاد البيت الأبيض بـ«العمل البطولي» لإدارة الهجرة والجمارك الأميركية التي «سحبته» من شوارع مدينة مينيابوليس في ولاية مينيسوتا (بشمال الولايات المتحدة)، حيث تعيش جالية صومالية كبيرة.

ودانت منظمات دولية عدة ارتكاب سلطات الهجرة الأميركية انتهاكات كثيرة لحقوق الإنسان في إطار سياسة الترحيل الجماعي التي اتبعتها إدارة الرئيس دونالد ترمب.

«ضحية ظلم»

روى محمود أن رجالاً «ذوي وجوه مغطاة ويرتدون سترات واقية من الرصاص» طوقوه لدى خروجه من منزله واقترابه من سيارته في 27 مايو (أيار) الفائت و«وجهوا مسدساً» إلى رأسه وأوقفوه.

ورغم إقراره بأنه لم يتلقَ معاملة سيئة لدى توقيفه، ولا خلال أكثر من خمسة أشهر تلته من الاحتجاز، شكا محمود الموجود في الولايات المتحدة منذ عام 2022 «الظلم» الذي قضى على حلمه.

وقال محمود الذي عمل خصوصاً مع «أوبر» و«أمازون»: «ترمب مسؤول عما حدث لي (...) ولكن لست الوحيد. فقد طال ذلك ملايين الأشخاص من مختلف أنحاء العالم الذين يعيشون في الولايات المتحدة، سواء أكانوا صوماليين أم لا».

إلا أن الجالية الصومالية التي ينتمي إليها تبدو مستهدفة بالفعل.

فترمب أدلى بتصريحات لاذعة ضد الصوماليين، واعتبر أن «عصابات» منهم تُرهّب مينيسوتا. وقال في مطلع ديسمبر (كانون الأول): «لا أريدهم في بلدنا (...) وسنذهب في الاتجاه الخاطئ إذا استمررنا في قبول القمامة».

أما مهاد محمود الذي يؤكد «كرامة» شعبه و «أخلاقه»، فرُحِّل في نهاية المطاف إلى مقديشو، عبر كينيا، في بداية نوفمبر (تشرين الثاني)، مع سبعة صوماليين آخرين.

ومنذ عودته إلى بلده، راح نجم «تيك توك» ينشر مقاطع فيديو تُظهِر الترحيب به. وبلغت شعبيته ذروتها، إذ انضم نحو مائة ألف متابع إضافي إلى حسابه على «تيك توك»، وحظيَ أحد مقاطع الفيديو التي نشرها عليه بنحو مليونين ونصف مليون مشاهَدة.

وأكد مهاد محمود الذي لم يكن عاد إلى الصومال منذ مغادرته إياها إلى جنوب أفريقيا عام 2008، أنه «سعيد جداً» بهذا الاستقبال الذي ناله في بلده. لكنه لاحظ أنه «يعود في جزء كبير منه إلى أن الناس» يرونه «ضحية ظلم».


دعم سعودي شامل ومستدام للتعليم في اليمن

أحد المشاريع التعليمية التي يمولها «البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن» (الشرق الأوسط)
أحد المشاريع التعليمية التي يمولها «البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن» (الشرق الأوسط)
TT

دعم سعودي شامل ومستدام للتعليم في اليمن

أحد المشاريع التعليمية التي يمولها «البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن» (الشرق الأوسط)
أحد المشاريع التعليمية التي يمولها «البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن» (الشرق الأوسط)

انطلاقاً من إيمان السعودية بأن التعليم هو حجر الأساس في بناء الشعوب وصناعة التنمية، واصلت الرياض تقديم دعم واسع وشامل للقطاع التعليمي في اليمن، عبر «البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن»، الذي نفّذ خلال السنوات الماضية سلسلة من المشاريع والمبادرات النوعية، أسهمت في تحسين بيئة التعليم وتعزيز قدرته على تلبية احتياجات الطلاب والكوادر الأكاديمية في مختلف المحافظات.

يأتي هذا الدعم، امتداداً لالتزام سعودي راسخ بدعم استقرار اليمن وتنميته، وإدراكاً للدور الحيوي الذي يؤديه التعليم في تعزيز رأس المال البشري ودفع عجلة التنمية الشاملة.

وبحسب بيانات رسمية، نفّذ البرنامج السعودي، 5 مشروعات ومبادرات تعليمية شملت التعليم العام والعالي، والتدريب الفني والمهني، موزّعة على 11 محافظة يمنية، ضمن جهود السعودية لدعم القطاعات الحيوية في اليمن.

في قطاع التعليم العام، ركّز البرنامج على بناء بيئة تعليمية حديثة وآمنة للطلاب، من خلال إنشاء وتجهيز أكثر من 30 مدرسة نموذجية في عدد من المحافظات. وتضمّ هذه المدارس فصولاً دراسية متطورة ومعامل حديثة للكيمياء والحاسب الآلي، بما يرفع مستوى جودة التعليم ويحفّز الطلاب على التعلم النشط واكتساب المهارات العلمية.

ولضمان استمرارية التعليم، قدّم البرنامج خدمات النقل المدرسي والجامعي عبر حافلات مخصّصة، ما أسهم في تخفيف أعباء التنقل عن آلاف الأسر وساعد في انتظام الطلاب والطالبات في الدراسة، خصوصاً في المناطق التي تعاني ضعف البنية التحتية وصعوبة الوصول إلى المؤسسات التعليمية.

دعم الجامعات

على مستوى التعليم العالي، نفّذ البرنامج مشاريع نوعية لتحسين البنية التحتية للجامعات ورفع جودة البيئة الأكاديمية. فقد شمل دعمه جامعة عدن من خلال تجهيز 28 مختبراً حديثاً في كلية الصيدلة، تغطي تخصصات الكيمياء والتكنولوجيا الحيوية وعلم الأدوية، إلى جانب إنشاء مختبر بحث جنائي هو الأول من نوعه في اليمن، ما يشكّل إضافة مهمة للعمل الأكاديمي والبحثي.

كما يعمل البرنامج، على تجهيز كليات الطب والصيدلة والتمريض في جامعة تعز، لما يمثله ذلك من دور محوري في سد النقص الكبير في الكوادر الصحية وتعزيز قدرات القطاع الطبي في البلاد. ويتوقع أن تسهم هذه المشاريع في تطوير البحث العلمي ورفع مستوى التعليم الأكاديمي المتخصص.

وفي محافظة مأرب، أسهم البرنامج في معالجة التحديات التي تواجه جامعة إقليم سبأ، من خلال تنفيذ مشروع تطوير يشمل إنشاء مبنيين يضمان 16 قاعة دراسية، ومبنى إدارياً، وتأثيث مباني الطلاب وأعضاء هيئة التدريس، ما يسهم في استيعاب الأعداد المتزايدة من الطلبة وتحسين جودة التعليم الجامعي.

التدريب المهني والتعليم الريفي

في مجال التدريب الفني والمهني، يعمل البرنامج السعودي على إنشاء وتجهيز المعهد الفني وكلية التربية في سقطرى، بقدرة استيعابية تشمل 38 قاعة دراسية ومعامل متخصصة للحاسوب والكيمياء، ما يساعد في توفير بيئة تعليمية ملائمة للطلبة والمتدربين.

كما دعم البرنامج، مشروعاً مشتركاً مع «مؤسسة العون للتنمية»، لتعزيز تعليم الفتيات في الريف، واختُتم بمنح 150 فتاة، شهادة دبلوم المعلمين، ما يسهم في رفع معدلات تعليم الفتيات وتشجيعهن على مواصلة التعليم العالي.

يُذكر، أن «البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن»، نفّذ حتى الآن 268 مشروعاً ومبادرة في ثمانية قطاعات حيوية تشمل التعليم والصحة والطاقة والمياه والزراعة والنقل، ودعم قدرات الحكومة والبرامج التنموية، ما يجعل دوره من أهم المساهمات الإقليمية في دعم استقرار وتنمية اليمن.