«هدنة غزة»: 3 عقبات تعرقل مساعي «الصفقة الشاملة»

إعلام إسرائيلي يتحدث عن خطة لاتفاق نهائي أو التصعيد ضد «حماس»

فلسطينيون يحملون أكياس دقيق حصلوا عليها من شاحنات مساعدات دخلت غزة عبر معبر زيكيم في جباليا شمال قطاع غزة (أ.ف.ب)
فلسطينيون يحملون أكياس دقيق حصلوا عليها من شاحنات مساعدات دخلت غزة عبر معبر زيكيم في جباليا شمال قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

«هدنة غزة»: 3 عقبات تعرقل مساعي «الصفقة الشاملة»

فلسطينيون يحملون أكياس دقيق حصلوا عليها من شاحنات مساعدات دخلت غزة عبر معبر زيكيم في جباليا شمال قطاع غزة (أ.ف.ب)
فلسطينيون يحملون أكياس دقيق حصلوا عليها من شاحنات مساعدات دخلت غزة عبر معبر زيكيم في جباليا شمال قطاع غزة (أ.ف.ب)

حديث يتصاعد عن مساعٍ للتوصل لـ«صفقة شاملة» في أزمة قطاع غزة بعد جمود مسار مفاوضات الهدنة الجزئية التي تعثرت إثر انسحاب أميركي إسرائيلي أواخر يوليو (تموز) الماضي من محادثات بالدوحة استمرت لنحو 3 أسابيع عقب خلافات مع «حماس».

الخلافات السابقة التي كانت تعيق سبل المفاوضات الجزئية وتتمثل في عدم قبول «حماس» بنزع سلاحها أو تقبل إسرائيل الانسحاب الكامل من قطاع غزة بخلاف عدم وجود ضمانات لوقف نهائي للحرب، ستكون بحسب خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» عقبات أمام مساعي الصفقة الشاملة التي تتحرك فيها واشنطن مع حكومة بنيامين نتنياهو حديثاً.

«وهناك اتصالات جارية بين رئيس الوزراء الإسرائيلي والرئيس الأميركي، دونالد ترمب، ويجري العمل حالياً على التوصل إلى اتفاق يشمل صفقة شاملة تنهي الحرب على قطاع غزة»، بحسب ما أفادت به «مونت كارلو الدولية»، الأحد.

وتتضمن هذه الصفقة «إطلاق سراح جميع الأسرى الإسرائيليين ضمن عملية تبادل واحدة، إضافة إلى نزع سلاح حركة (حماس)، وفرض سيطرة دولية على القطاع بقيادة الولايات المتحدة، وفي حال رفضت (حماس) هذا العرض، فإن الولايات المتحدة ستمنح إسرائيل الضوء الأخضر لشن هجوم شامل على قطاع غزة».

وتزامن ذلك مع حديث إعلام إسرائيلي عن هذا المسار الجديد وسط جمود مفاوضات الهدنة الجزئية عقب انسحاب واشنطن وإسرائيل للتشاور، ونقلت القناة الإخبارية 14 عن مصدر سياسي أن «إسرائيل والولايات المتحدة بدأتا تدركان حاجتهما إلى تغيير مسارهما: فبدلاً من السعي إلى صفقة لإطلاق سراح بعض الرهائن، انتقلا إلى خطة تشمل إطلاق سراح جميع الرهائن، ونزع سلاح (حماس)، ونزع سلاح القطاع».

وأبلغ المبعوث الأميركي للشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، عائلات الرهائن المحتجزين لدى «حماس» بأنه يعمل مع الحكومة الإسرائيلية على خطة من شأنها إنهاء الحرب في غزة فعلياً، وفق ما ذكرته «رويترز» السبت.

وذلك التوجه الجديد لـ«صفقة شاملة» يتصاعد منذ وصول ويتكوف لإسرائيل، الخميس. وعقب اجتماع مع نتنياهو، قال مسؤول إسرائيلي كبير إن «هناك تفاهماً بين إسرائيل وواشنطن على ضرورة الانتقال من خطة لإطلاق سراح بعض الرهائن إلى خطة لإطلاق سراح جميع الرهائن ونزع سلاح (حماس) وإخلاء قطاع غزة من السلاح».

وفي ضوء تلك الشروط، يرى عضو «المجلس المصري للشؤون الخارجية»، مساعد وزير الخارجية الأسبق، السفير رخا أحمد حسن، أن العقبات التي كانت تواجه الهدنة الجزئية ستكرر مع مساعي أي صفقة شاملة باعتبارها لم تحل، وفي مقدمتها مطالبة إسرائيل بنزع سلاح «حماس»، وكذلك مطالبة الحركة بانسحاب إسرائيلي كامل من القطاع وضمانات لوقف نهائي للحرب قبل تسليم الرهائن، لافتاً إلى أن المواقف الفلسطينية لديها اعتباراتها ورفضها من إسرائيل يزيد فجوة عدم الثقة.

أشخاص يتفقدون أنقاض مبنى مُدمَّر إثر قصفٍ إسرائيليٍّ على مخيم البريج للاجئين الفلسطينيين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

ويتفق المحلل السياسي الفلسطيني، نهرو جمهور، مع رخا أحمد حسن ويؤكد أن تلك العقبات رئيسية وموجودة منذ بداية حرب غزة، ولم تتغير، مشيراً إلى أن إسرائيل تحاول فرض شروط استسلام على طاولة المفاوضات عبر المطالبة بنزع سلاح «حماس» رغم عدم استطاعة فرضها بالحرب وهذا يعرقل أي اتفاق سواء أكان جزئياً أم شاملاً ويفجر أي مفاوضات.

وذلك التوجه لاتفاق شامل طالما نادت به «حماس» منذ أشهر، غير أن الحركة الفلسطينية أكدت، في بيان صحافي، السبت، عدم تنازلها عن سلاحها، وقالت الحركة: «تعليقاً على ما نشرته بعض وسائل الإعلام، نقلاً عن ويتكوف، من أن الحركة أبدت استعدادها لنزع سلاحها، نؤكد مجدداً أن المقاومة وسلاحها استحقاق وطني وقانوني ما دام الاحتلال قائماً، وقد أقرّته المواثيق والأعراف الدولية، ولا يمكن التخلّي عنهما إلا باستعادة حقوقنا الوطنية كاملة، وفي مقدمتها إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة كاملة السيادة وعاصمتها القدس».

كما تزامن هذا المسار الجديد مع ضجة بالشارع الإسرائيلي ومطالبة بالتوصل لاتفاق للإفراج عن كل الرهائن في أسرع وقت عقب ثلاثة فيديوهات بثتها حركتا «حماس» و«الجهاد» للرهينتين روم براسلافسكي وإفيتار دافيد، نحيلين ومتعبين، وظهر الرهينة الأخير في المقطع بجسد هزيل للغاية وهو يحفر في أرضية نفق باستخدام جاروف ويقول إنه «يحفر قبره بنفسه»، الأمر الذي لاقى ردود فعل غاضبة داخل إسرائيل وخارجها.

ونددت مسؤولة الشؤون الخارجية للاتحاد الأوروبي، كايا كالاس، الأحد، بـ«الصور المروعة للرهينتين الإسرائيليين»، مطالبة بالإفراج «الفوري» عن جميع الرهائن في غزة، مضيفة: «على (حماس) إلقاء السلاح»، فيما سلّطت الصحف الإسرائيلية الضوء على وضع الرهائن على صفحاتها الأولى، الأحد، وقالت صحيفة «هآرتس» إن «نتنياهو لا يستعجل في إنقاذ الرهائن».

ورغم هذه المساعي الجديدة مع جمود مفاوضات الهدنة، قُتل 26 فلسطينياً على الأقل وأصيب العشرات بنيران الجيش الإسرائيلي في القطاع، الأحد، بينهم 14 قرب مراكز لتوزيع المساعدات، وفق بيان للدفاع المدني في غزة.

فيما قال وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، الأحد، في مؤتمر صحافي، إن الوضع الإنساني والطبي في قطاع غزة «كارثي»، مؤكداً أنه على المجتمع الدولي أن يخجل من الوضع على الأرض.

فتاة فلسطينية تحمل لوحاً خشبياً أثناء عودتها من منطقة دخلت منها شاحنات المساعدات إلى غزة عبر معبر زيكيم (أ.ف.ب)

كما بحث عبد العاطي مع وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، خلال اتصال هاتفي، الأحد، الكارثة الإنسانية في قطاع غزة وأهمية العمل على مواجهتها في ظل سياسة التجويع الممنهجة الحالية في القطاع، حيث أطلع الوزير عبد العاطي نظيره التركي على الجهود التي تبذلها مصر، بالتعاون مع قطر والولايات المتحدة، لاستئناف وقف إطلاق النار، والجهود المستمرة التي تقوم بها مصر لإدخال المساعدات الإنسانية والطبية والإيوائية، وأهمية مواصلة الضغط لزيادة عدد الشاحنات.

وفي ظل تلك المتغيرات، لا يتوقع رخا أحمد حسن أن تذهب الأطراف لاتفاق شامل إذا لم تمارس واشنطن ضغوطاً واضحة على إسرائيل لوقف عراقيلها ومجازرها، مشيراً إلى أن الحديث عن نزع سلاح «حماس» قبل قيام الدولة الفلسطينية لن يدفع لأي اتفاق ويزيد العقد ولا بد من معقولية في تناول الحلول لإنجاز مسار واضح وحقيقي.

وأشار إلى أن المشهد في وضع مبهم في ظل موقف مؤسف ومنحاز من الولايات المتحدة التي لا تمارس أي ضغوط لحلول عقلانية، ووضعت نفسها طرفاً في الأزمة مما يصعب أي محادثات لاحقة.

ويرى نهرو جمهور أن الحديث عن اتفاق شامل لم يأتِ إلا بعد ما نشرته المقاومة لحالة الرهائن، بهدف تقليل الضغط فقط، متوقعاً ألا تذهب إسرائيل لصفقة شاملة وتعود للقبول باتفاق جزئي للتهدئة وامتصاص الغضب بالشارع الإسرائيلي.

وأكد أن الاتفاق الشامل بعيد جداً ما دام نتنياهو لا يزال بالسلطة، مؤكداً أن هذه العقلية الإسرائيلية تخطط لتهجير الفلسطينيين بتنسيق مع واشنطن، وما يطرح من مخططات يندرج تحت إطار المراوغات والمناورات لهندسة القطاع لخطة التهجير القسري ليس إلا.


مقالات ذات صلة

إسرائيل تخنق المنظمات الإنسانية في غزة والضفة

المشرق العربي فلسطينيون في مخيم النصيرات وسط قطاع غزة ينتظرون تلقي وجبات الطعام يوم الثلاثاء (د.ب.أ) play-circle

إسرائيل تخنق المنظمات الإنسانية في غزة والضفة

بدأت الحكومة الإسرائيلية سحب تصاريح منظمات إنسانية دولية تعمل في قطاع غزة والضفة الغربية، بحجة عدم استكمال إجراءات التسجيل المطلوبة لممارسة أي نشاط.

«الشرق الأوسط» (غزة - تل أبيب)
تحليل إخباري طفل يقف وسط ملاجئ مؤقتة للنازحين الفلسطينيين في مخيم البريج للاجئين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

تحليل إخباري «اتفاق غزة»: موعد محتمل للمرحلة الثانية يجابه «فجوات»

حديث عن موعد محتمل لبدء المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار بغزة، ضمن النتائج البارزة للقاء الرئيس دونالد ترمب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.

محمد محمود (القاهرة)
العالم ​تدهور ‌الوضع الإنساني في غزة (أ.ف.ب)

10 دول تحذر من استمرار الوضع الإنساني «الكارثي» في غزة

عبرت بريطانيا وكندا وفرنسا ودول أخرى في بيان مشترك، ‌الثلاثاء، ‌عن ‌قلقها البالغ ⁠إزاء ​تدهور ‌الوضع الإنساني في غزة، ودعت إسرائيل إلى اتخاذ إجراءات ⁠عاجلة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
أوروبا شعار شركة «إيرباص» (رويترز)

إسبانيا تستثني «إيرباص» من حظر استخدام التكنولوجيا الإسرائيلية

منحت إسبانيا شركة «إيرباص» إذناً استثنائياً لإنتاج طائرات وطائرات مسيرة باستخدام التكنولوجيا الإسرائيلية في مصانعها الإسبانية.

«الشرق الأوسط» (مدريد)
المشرق العربي لقاء الرئيس الأميركي دونالد ترمب و رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في فلوريدا الاثنين (أ.ف.ب) play-circle

كيف قرأ الإسرائيليون لقاء ترمب - نتنياهو؟

أظهرت تقييمات إسرائيلية أن قمة فلوريدا بين الرئيس الأميركي دونالد ترمب، ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، منحت الأخير فرصة للحفاظ على شروطه.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب - غزة)

تمديد حالة الطوارئ في تونس لمدة شهر

علم تونس (رويترز)
علم تونس (رويترز)
TT

تمديد حالة الطوارئ في تونس لمدة شهر

علم تونس (رويترز)
علم تونس (رويترز)

مددت تونس حالة الطوارئ في البلاد لمدة شهر تبدأ مطلع شهر يناير (كانون الثاني) المقبل حتى يوم 30 من الشهر نفسه.

ونشر قرار التمديد من قبل الرئيس قيس سعيد في الجريدة الرسمية. وكان آخر تمديد شمل عام 2025 بأكمله.

ويستمر بذلك سريان حالة الطوارئ في البلاد لأكثر من عشر سنوات، منذ التفجير الإرهابي الذي استهدف حافلة للأمن الرئاسي وسط العاصمة يوم 24 نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2015، وأدى إلى مقتل 12 عنصراً أمنياً ومنفذ الهجوم الذي تبناه تنظيم «داعش».


«اليونيسف» تحذر من مستوى غير مسبوق من سوء التغذية بين الأطفال في شمال دارفور بالسودان

مستويات غير مسبوقة من سوء التغذية بين الأطفال بولاية شمال دارفور (أ.ب)
مستويات غير مسبوقة من سوء التغذية بين الأطفال بولاية شمال دارفور (أ.ب)
TT

«اليونيسف» تحذر من مستوى غير مسبوق من سوء التغذية بين الأطفال في شمال دارفور بالسودان

مستويات غير مسبوقة من سوء التغذية بين الأطفال بولاية شمال دارفور (أ.ب)
مستويات غير مسبوقة من سوء التغذية بين الأطفال بولاية شمال دارفور (أ.ب)

حذّرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة «اليونيسف»، اليوم الثلاثاء، من وجود «مستويات غير مسبوقة وخطيرة» من سوء التغذية بين الأطفال بولاية شمال دارفور في غرب السودان.

وقالت المنظمة، في بيانٍ نشره موقع أخبار الأمم المتحدة، إن مسحاً حديثاً أظهر أن أكثر من نصف الأطفال الذين جرى تقييمهم في محلية أم برو بالولاية يعانون سوء التغذية الحادّ، «في ظل استمرار القتال وقيود شديدة على وصول المساعدات الإنسانية المُنقذة للحياة».

ووفقاً للمسح، الذي أجرته «اليونيسف»، في الفترة بين 19 و23 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، يعاني واحد من بين كل ستة أطفال من «سوء التغذية الحاد الوخيم»، وهي حالة تهدد الحياة ويمكن أن تُودي بحياة الطفل في غضون أسابيع إذا لم يجرِ علاجها.

وقالت المديرة التنفيذية للمنظمة كاثرين راسل إن «كل يوم يمر دون وصول آمن ودون عوائق يزيد خطر ضعف الأطفال ومزيد من الوفيات والمعاناة من أسباب يمكن الوقاية منها تماماً».

ودعت «اليونيسف» كل الأطراف إلى السماح بوصول المساعدات بشكل فوري وآمن ودون عوائق، وحضّت المجتمع الدولي - بما يشمل الدول التي لها نفوذ على أطراف الصراع - على تكثيف الضغط الدبلوماسي والسياسي، بشكل عاجل، لضمان الاتفاق على هدنة إنسانية واحترامها.

وتابعت المنظمة: «دون هدنة إنسانية يمكن التنبؤ بها واحترامها، لن يكون بوسع عمال الإغاثة إيصال الغذاء والمياه النظيفة والرعاية الطبية وخدمات الحماية بأمان، ويستمر الأطفال في دفع الثمن الأكبر».


«الدعم السريع» تعلن سيطرتها على منطقة استراتيجية في جنوب كردفان

عناصر من «الدعم السريع» (أرشيفية - أ.ف.ب)
عناصر من «الدعم السريع» (أرشيفية - أ.ف.ب)
TT

«الدعم السريع» تعلن سيطرتها على منطقة استراتيجية في جنوب كردفان

عناصر من «الدعم السريع» (أرشيفية - أ.ف.ب)
عناصر من «الدعم السريع» (أرشيفية - أ.ف.ب)

أعلنت «قوات الدعم السريع»، الثلاثاء، سيطرتها على منطقة «التقاطع» الاستراتيجية في ولاية جنوب كردفان، ونشر عناصر تابعون لها مقاطع مصورة تُظهر انتشارها هناك.

ولم يصدر أي تعليق من الجيش السوداني بهذا الخصوص، مع استمرار تمدد «الدعم السريع» وحليفتها «الحركة الشعبية لتحرير السودان» بقيادة عبد العزيز آدم الحلو، في مناطق واسعة من الإقليم.

وقالت «الدعم السريع»، في بيان نشر على منصة «تلغرام»، إن «قوات تأسيس» المتحالفة معها بسطت سيطرتها بالكامل على المنطقة الواقعة بين مدينتي كادوقلي والدلنج، وإن هذه الخطوة تأتي «ضمن عمليات الانفتاح العسكري وتأمين الخطوط المتقدمة»، كما أنها تمكنت من «تسلم عدد من المركبات العسكرية والأسلحة والذخائر».

وأوضح البيان أن «هذا الانتصار يمثل خطوة أساسية نحو تحقيق أهداف استراتيجية في الولاية».

وتخضع مدن ولاية جنوب كردفان، خصوصاً العاصمة كادوقلي ومدينة الدلنج، لحصار خانق تفاقمت حدته عقب استيلاء «الدعم السريع» على مدينة بابنوسة، وبلدة هجليج النفطية، بولاية غرب كردفان، وانسحاب قوات الجيش التي كانت في تلك البلدات إلى دولة جنوب السودان.

من جهة ثانية، أفادت مصادر بأن الجيش السوداني شن هجمات بالطائرات المسيّرة الانتحارية والقتالية، على مواقع عدة لتمركزات «قوات الدعم السريع» حول مدينتي كادوقلي والدلنج، في محاولة لإيقاف تقدمها بالولاية.

نازحون يصطفون للحصول على مساعدات غذائية في مخيم بشمال كردفان (أ.ف.ب)

وتجدد القتال بضراوة في مناطق واسعة من ولاية جنوب كردفان خلال الأشهر الماضية بعد انضمام «الحركة الشعبية» إلى «قوات الدعم السريع»، وفصائل عسكرية أخرى، ضمن «تحالف السودان التأسيسي (تأسيس)».

بدورها، قالت «الحركة الشعبية»، في بيان الثلاثاء، إنها سيطرت على حامية عسكرية تابعة للجيش السوداني في منطقة تقاطع البلف، على طريق الدلنج - كادوقلي. وأضافت أن قواتها تواصل التقدم الميداني في إطار عمليات تهدف للوصول إلى العاصمة كادوقلي.

والأسبوع الماضي سيطرت «قوات تأسيس» على بلدة برنو، التي تبعد نحو 30 كيلومتراً من مدينة كادوقلي، وبدأت تتوغل في المناطق الجبلية المحيطة بها.

وكانت منصات «الدعم السريع» قد تحدثت في الأيام الماضية عن تحشيد كبير لقواتها في مناطق بالقرب من كادوقلي بهدف تكثيف الضغط على الجيش والقوات المتحالِفة معه، وتعزيز مواقعها في مناطق استراتيجية بهدف تمهيد الطريق لمهاجمة المدينة.

وفي وقت سابق سيطرت «الحركة الشعبية» على منطقتي الكرقل والدشول، الواقعتين على الطريق الرئيسية المؤدية إلى الدلنج؛ ثانية كبرى مدن الولاية، واتهمت الجيش السوداني والقوات المتحالفة بـ«عدم السماح للمدنيين بالمغادرة واستخدامهم دروعاً بشرية».

ومنذ أشهر تفرض «قوات تأسيس» طوقاً محكماً على كل المناطق حول مدن جنوب كردفان، وتقطع طرق وخطوط الإمداد لقوات الجيش السوداني المحاصَرة داخل كادوقلي.