رحيل لطفي لبيب «صانع البهجة» يُجدد الأحزان بمصر

شارك في عشرات الأعمال الاجتماعية والكوميدية مع كبار النجوم

الفنان لطفي لبيب (إدارة مهرجان القاهرة السينمائي الدولي)
الفنان لطفي لبيب (إدارة مهرجان القاهرة السينمائي الدولي)
TT

رحيل لطفي لبيب «صانع البهجة» يُجدد الأحزان بمصر

الفنان لطفي لبيب (إدارة مهرجان القاهرة السينمائي الدولي)
الفنان لطفي لبيب (إدارة مهرجان القاهرة السينمائي الدولي)

جدد رحيل الفنان المصري لطفي لبيب الأحزان في مصر، بعد إعلان خبر وفاته صباح الأربعاء، عن عمر ناهز 77 عاماً بعد صراع طويل مع المرض، حيث عانى الراحل من أزمة صحية حادة منذ سنوات، وذلك عقب تعرضه لـ«جلطة دماغية»، عام 2017، أدت لقصور كبير في حركته، وأثرت على وجوده الفني بشكل واسع.

وقبل 20 يوماً فقط من وفاة لبيب، فُجع الوسط الفني في مصر، بخبر وفاة المخرج سامح عبد العزيز (49 عاماً)، إثر تعرضه لأزمة صحية.

وتصدر اسم لطفي لبيب الذي قدم مسيرة فنية حافلة، مؤشرات البحث على موقعي «إكس»، و«غوغل»، الأربعاء، في مصر، فور إعلان خبر وفاته، وذلك عقب دخوله أحد المستشفيات بالقاهرة، بساعات معدودة نتيجة تعرضه لأزمة صحية خطيرة، تطلبت وجوده بغرفة «العناية المركزة»، وخضوعه لمتابعة طبية دقيقة، وفق مصدر مقرب منه.

لطفي لبيب خلال ندوة تكريمه بمهرجان الإسكندرية (مهرجان الإسكندرية)

ونعى الفنان الراحل الذي لقبه زملاؤه ومتابعون بـ«صانع البهجة»، عدد كبير من المؤسسات الرسمية بمصر، من بينها وزارة الثقافة، حيث وصفه الدكتور أحمد فؤاد هنو وزير الثقافة، «بأنه فنان كبير وإنسان نبيل، ومواطن محب لوطنه حتى النخاع، جمع بين شرف القتال، وجمال الفن، وترك إرثاً وطنياً وإنسانياً لا ينسى».

كما نعته نقابتي «المهن التمثيلية»، و«المهن الموسيقية»، والشركة المتحدة للخدمات الإعلامية، وكذلك مهرجان «القاهرة السينمائي»، الذي أشاد بمسيرته الفنية، مؤكداً أنه «كان رمزاً للفنان المثقف الواعي والأصيل، وتميز بحضور وموهبة فريدة بالكوميديا والدراما»، كما اعتبر رئيس المهرجان الفنان حسين فهمي «أن رحيل لبيب يعد خسارة كبيرة للفن، متمنياً أن يلهم إرثه الأجيال المقبلة».

ويؤكد الكاتب والناقد الفني المصري طارق الشناوي، أن «لطفي لبيب نموذج واضح للفنان الذي صنع نفسه بنفسه عبر مساحات فنية ضئيلة»، لافتاً إلى «أنه استطاع أن يترك بصمة راسخة من خلال أدواره، فهو نوع من المبدعين يطلق عليهم (نجوم المساحات القصيرة)، وفق تعبيره.

الفنان لطفي لبيب يتسلم تكريم مهرجان الاسكندرية السينمائي (حساب المهرجان على موقع «فيسبوك»)

وأوضح الشناوي في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «لبيب استطاع أن يظل مطلوباً بالفن رغم حالته الصحية، وكان مثقفاً ومتفهماً لطبيعة شخصياته، مما يؤكد قدرته على فن الأداء».

وقدم الأب بطرس دانيال رئيس «المركز الكاثوليكي» للسينما تعازيه لجمهور وأسرة الراحل، بالإضافة إلى عدد كبير من الفنانين الذين كتبوا كلمات مؤثرة عبر حساباتهم «السوشيالية»، من بينهم أشرف زكي، وريهام عبد الغفور، وكريم عبد العزيز، ويسرا اللوزي، وأحمد السقا، ويوسف الشريف، ودنيا سمير غانم.

وشارك لطفي لبيب، الذي رفض اعتزال الفن رغم معاناته الصحية، في عشرات الأعمال الاجتماعية والكوميدية مع كبار النجوم، من بينهم عادل إمام، وفاتن حمامة، ويحيى الفخراني، ومحمود مرسي، ونور الشريف، وفؤاد المهندس، وسمير غانم، وكريم عبد العزيز، وأحمد حلمي، ومحمد هنيدي، وأحمد مكي، وهاني رمزي، ومحمد سعد، وغيرهم.

الفنان لطفي لبيب ورئيس مهرجان الزمن الجميل بلبنان (إدارة المهرجان)

واشتهر لطفي لبيب الذي وصفه نقاد بأنه «فنان الأدوار المهمة»، بتقديم الأدوار الكوميدية بشكل بارز، بالإضافة إلى تجسيد الكثير من الشخصيات المنوعة، من بينها أفلام، «النوم في العسل»، و«جاءنا البيان التالي»، و«اللمبي»، و«عايز حقي»، و«يا أنا يا خالتي»، و«سيد العاطفي»، و«السفارة في العمارة»، و«كدة رضا»، و«عصابة الدكتور عمر»، و«بوبوس»، و«أمير البحار»، و«عسل أسود»، و«زهايمر»، و«مرعي البريمو».

كما شارك في مسلسلات «بوابة الحلواني»، و«الزيني بركات»، و«الرجل الآخر»، و«أوراق مصرية»، و«حنان وحنين»، و«الرحايا»، و«قضية صفية»، و«صاحب السعادة»، و«ونوس»، وغيرها من الأعمال الفنية بالسينما والتلفزيون، والمسرح والإذاعة.

الفنان لطفي لبيب يتسلم درع تكريم مهرجان الزمن الجميل اللبناني (حساب المهرجان على موقع «فيسبوك»)

ووفق الناقد الفني محمد شوقي، فإن لبيب استطاع من خلال شخصياته الفنية ترك بصمة قوية، وتقديم نفسه أمام العباقرة والمبدعين باحترافية»، لافتاً في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «وجود لبيب في الأعمال الفنية كان يضفي بهجة، وطلة مميزة على الشاشة، حيث تنوعت أدواره ما بين الكوميديا والشر والطيبة، وغيرها من الشخصيات المركبة، فلم يكن حبيس الدور الواحد، موضحاً أن «لطفي لبيب، ربما لم يأخذ حقه، لكنه قدم فناً باقتدار».

الفنان المصري الراحل لطفي (فيسبوك)

ولطفي لبيب هو أحد الجنود المصريين الذين شاركوا في حرب أكتوبر 1973 في أثناء أدائه فترة التجنيد بالكتيبة 26 التي عبرت قناة السويس في بداية الحرب. وهي الكتيبة التي أعد سيناريو لفيلم سينمائي عنها، لكنه لم يرَ النور لعدم وجود جهة تتبنى إنتاجه، مع توثيقه ليوميات الحرب في الكتيبة.

ولاقت تصريحات لطفي لبيب تبايناً سوشيالياً حيث واجه انتقادات حادة من البعض، فيما أيد تصريحاته آخرون.

لقطة من فيلم «السفارة في العمارة» (الشركة المنتجة)

وأكد لبيب في تصريحات تلفزيونية العام الماضي أن «شهرته وانتشاره الفني جاء بعد بلوغه الـ60 من عمره، إذ قدّم ما يزيد على 380 عملاً على مدار مشواره، جميعها تمثّل قيمة كبيرة لديه، موضحاً أنه «لم يندم على أي عمل شارك فيه مطلقا«ً.

وأوضح أن الفنان عادل إمام، صاحب فضل كبير عليه في الوصول إلى ما وصل إليه لإقناعه بتقديم دور «السفير الإسرائيلي» في فيلم «السفارة في العمارة».

وأعرب في أكثر من لقاء عن استنكاره من «جرأة الإسرائيليين عندما أرسلوا له دعوة لتكريمه لدوره في الفيلم» الذي يُعد من أشهر أعماله الكوميدية.


مقالات ذات صلة

مصر: حالات زواج وطلاق مفاجئة... و«تألق» الشباب الأبرز فنياً بـ2025

يوميات الشرق زواج مي عز الدين خلال عام 2025 (صفحتها على «فيسبوك»)

مصر: حالات زواج وطلاق مفاجئة... و«تألق» الشباب الأبرز فنياً بـ2025

أسدل عام 2025 ستائره في مصر بحالات زواج مفاجئة وطلاقات مثيرة بين مشاهير الفن والإعلام، بالإضافة إلى رحيل عدد من الفنانين والمخرجين البارزين.

أحمد عدلي (القاهرة )
يوميات الشرق أبطال الفيلم بين المخرجة والمؤلف في العرض الخاص (الشركة المنتجة)

«إن غاب القط»... كوميديا رومانسية تتناول العلاقات «التوكسيك»

يجمع الفيلم المصري «إن غاب القط» بين الكوميديا والرومانسية ومشاهد الأكشن في أجواء مثيرة.

انتصار دردير (القاهرة )
يوميات الشرق محمود حميدة وصابرين في العرض الخاص للفيلم (الشركة المنتجة)

«المُلحد» على شاشات السينما المصرية أخيراً بعد تجاوز الجدل والمنع

يصل فيلم «المُلحد» إلى شاشات السينما المصرية بعد مسار شائك من الجدل، مسار لم يكن منفصلاً عن طبيعة العمل نفسه، ولا عن القضايا التي يقترب منها بحذر وجرأة.

أحمد عدلي (القاهرة)
يوميات الشرق صورة أرشيفية لباردو تقبّل كلبة ضالة خلال زيارتها لمأوى كلاب في بوخارست

رحيل بريجيت باردو... هرم فرنسا المعتزل

لم تكن تحت العين وقيد السمع، لكن بريجيت باردو، الممثلة التي رحلت عن 91 عاماً، كانت هرماً فرنسياً حاضراً في الأذهان رغم اعتزالها وعزلتها.

«الشرق الأوسط» (باريس)
يوميات الشرق المخرج داود عبد السيد (فيسبوك)

البحث عن الحقيقة المتوارية في أفلام داود عبد السيد

عجز المخرج داود عبد السيد منذ 2022 عن تمويل فيلم جديد، وكان «قدرات غير عادية» (2015) آخر أفلامه قبل اعتزاله.

محمد رُضا (بالم سبرينغز (كاليفورنيا))

مصر: الكشف عن ورش أثرية لتجهيز السمك المملح وجبّانة رومانية في البحيرة

منحوتات من العصر البطلمي في الجبانة الأثرية (وزارة السياحة والآثار)
منحوتات من العصر البطلمي في الجبانة الأثرية (وزارة السياحة والآثار)
TT

مصر: الكشف عن ورش أثرية لتجهيز السمك المملح وجبّانة رومانية في البحيرة

منحوتات من العصر البطلمي في الجبانة الأثرية (وزارة السياحة والآثار)
منحوتات من العصر البطلمي في الجبانة الأثرية (وزارة السياحة والآثار)

أعلنت البعثة الأثرية المصرية الإيطالية المشتركة، بين المجلس الأعلى للآثار وجامعة بادوفا الإيطالية، الثلاثاء، اكتشاف عدد من الورش الصناعية التي ترجع إلى العصر المتأخر وبدايات العصر البطلمي، إلى جانب الكشف عن جزء من جبانة رومانية تضم أنماطاً متنوعة من الدفن، أثناء أعمالها بموقعي كوم الأحمر وكوم وسيط بمحافظة البحيرة (غرب الدلتا).

ويساهم هذا الكشف في تعميق فهم طبيعة الحياة والنشاط البشري في مناطق غرب دلتا النيل والمناطق الداخلية المحيطة بمدينة الإسكندرية، وفق الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار الدكتور محمد إسماعيل خالد، موضحاً في بيان للوزارة، الثلاثاء، أن «هذه الاكتشافات تمثل إضافة علمية مهمة لدراسة أنماط الاستيطان والممارسات الجنائزية والأنشطة الصناعية في غرب الدلتا، كما تسهم في تقديم رؤى جديدة حول شبكات التواصل الإقليمي منذ العصر المتأخر وحتى العصرين الروماني والإسلامي المبكر».

وتتكون الورش الصناعية المكتشفة من مبنى كبير مقسّم إلى ما لا يقل عن ست غرف، خُصصت اثنتان منها لمعالجة الأسماك، حسب تصريحات رئيس قطاع الآثار المصرية، محمد عبد البديع، حيث عثرت البعثة على نحو 9700 عظمة سمك، بما يشير إلى وجود نشاط واسع لصناعة السمك المملح في تلك الفترة.

الكشف عن جبانة رومانية بمصر (وزارة السياحة والآثار)

ويرجح تخصيص الغرف الأخرى لإنتاج الأدوات المعدنية والصخرية، وتمائم الفيانس، إذ عُثر على عدد من التماثيل الجيرية غير المكتملة، إلى جانب قطع أخرى في مراحل تصنيع مختلفة.

وأسفر الكشف أيضاً عن العثور على جرار أمفورا مستوردة وقطع من الفخار اليوناني، الأمر الذي يؤرخ نشاط هذه الورش إلى القرن الخامس قبل الميلاد.

وأسفرت أعمال الحفائر كذلك عن اكتشاف جزء من جبانة رومانية تضم عدة دفنات بثلاثة أنماط رئيسية، شملت الدفن المباشر في الأرض، والدفن داخل توابيت فخارية، بالإضافة إلى دفنات أطفال داخل أمفورات كبيرة، وفق بيان الوزارة.

فيما أوضحت رئيسة البعثة من جامعة بادوفا الإيطالية، الدكتورة كريستينا موندين، أن فريق العمل يجري حالياً عدداً من الدراسات البيو - أثرية على الهياكل العظمية المكتشفة، بهدف تحديد النظام الغذائي، والعمر، والجنس، والحالة الصحية للمدفونين بالموقع، والبالغ عددهم 23 شخصاً من الذكور والإناث والأطفال والمراهقين والبالغين.

وأشارت إلى أن النتائج الأولية لهذه الدراسات تشير إلى أن هؤلاء الأفراد عاشوا في ظروف معيشية جيدة نسبياً، دون وجود دلائل واضحة على إصابتهم بأمراض خطيرة أو تعرضهم لأعمال عنف.

وعدّ عالم الآثار المصرية، الدكتور حسين عبد البصير، هذه الاكتشافات، تمثل إضافة نوعية لفهم تاريخ غرب الدلتا خلال العصر الروماني، إذ تكشف بوضوح عن تداخل الحياة الاقتصادية مع الممارسات الاجتماعية والدينية في تلك المنطقة، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط» أن «ورش تجهيز السمك المملح تعكس نشاطاً صناعياً منظماً يعتمد على استغلال الموارد الطبيعية، ما يدل على أهمية غرب الدلتا بوصفها مركزَ إنتاجٍ غذائي وتجاري مرتبط بشبكات أوسع داخل مصر وخارجها».

من القطع المكتشفة في الجبانة (وزارة السياحة والآثار)

كما رأى عبد البصير أن «الكشف عن الجبانة الرومانية يقدّم مادة علمية ثرية لدراسة المعتقدات الجنائزية والبنية الاجتماعية للسكان، من خلال تنوع طقوس الدفن واللقى المصاحبة».

ونجحت البعثة في الكشف عن عشرات الأمفورات الكاملة (جرار خزفية)، بالإضافة إلى زوج من الأقراط الذهبية يعود لفتاة شابة، وقد نُقلت هذه القطع الأثرية إلى المتحف المصري في القاهرة، تمهيداً لإجراء أعمال الدراسة والترميم اللازمة لها، وفق بيان الوزارة.

وقال الخبير الآثاري والمتخصص في علم المصريات، أحمد عامر، إن «هذا الاكتشاف الأثري في غرب الدلتا يفتح آفاقاً جديدة لفهم فترة حكم العصور المتأخرة وما تلاها من حقب تعاقبت على الحضارة المصرية القديمة، بل وتعيد قراءة التاريخ المصري القديم من منظور جديد».

من القطع الأثرية المكتشفة (وزارة السياحة والآثار)

ويضيف لـ«الشرق الأوسط» أن «هذا الكشف سوف يضيف لنا علمياً كثيراً عن تلك الحقبة، كما أنه معروف أن الأمفورات كانت تستخدم في عمليات التجارة الخارجية، وكان يوضع بها النبيذ، وأحياناً في نقل السمك المملح، وهذه ليست المرة الأولى في العثور على الأمفورات، حيث كانت متداولة في التجارة الخارجية للدولة المصرية مع اليونان في فترات كثيرة».


للمرة الأولى عالمياً... نحل الأمازون يحصل على حقوق قانونية

مدينتان في بيرو تمنحان النحل غير اللاسع حقوقاً قانونية (ميريان ديلغادو)
مدينتان في بيرو تمنحان النحل غير اللاسع حقوقاً قانونية (ميريان ديلغادو)
TT

للمرة الأولى عالمياً... نحل الأمازون يحصل على حقوق قانونية

مدينتان في بيرو تمنحان النحل غير اللاسع حقوقاً قانونية (ميريان ديلغادو)
مدينتان في بيرو تمنحان النحل غير اللاسع حقوقاً قانونية (ميريان ديلغادو)

يواجه أحد أقدم أنواع النحل على كوكب الأرض، والمُلقِّح الأساس في غابات الأمازون، تهديدات متزايدة نتيجة إزالة الغابات، والتغيرات المناخية، وتلوث المبيدات، والمنافسة من نحل العسل الأوروبي العدواني.

في خطوة تاريخية، أصبح نحل الأمازون غير اللاسع، أي الذي لا يلسع على عكس نحل العسل الأوروبي «النحل العدواني»، أول الحشرات في العالم التي تُمنح حقوقاً قانونية، تشمل الحق في الوجود، والازدهار، والحماية القانونية في حال التعرض للأذى.

وقد أُقرّت هذه القوانين في بلديتين في بيرو هما: ساتيبو وناوتا، بعد سنوات من البحث وجهود الضغط التي قادتها روزا فاسكيز إسبينوزا، مؤسسة منظمة «أمازون ريسيرتش إنترناشيونال».

يُربي السكان الأصليون هذا النوع من النحل منذ عصور ما قبل كولومبوس، ويُعد مُلقحاً رئيسياً يساهم في الحفاظ على التنوع البيولوجي وصحة النظم البيئية، إذ يلقح أكثر من 80 في المائة من النباتات، بما في ذلك محاصيل الكاكاو، والقهوة، والأفوكادو. وأظهرت أبحاث إسبينوزا، التي بدأت عام 2020، أن عسل هذا النحل يحتوي على مئات المركبات الطبية المضادة للالتهاب والفيروسات والبكتيريا، كما وثقت المعرفة التقليدية في تربيته وجني عسله.

أفاد السكان الأصليون بتراجع أعداد النحل وصعوبة العثور على الأعشاش، كما كشف التحليل الكيميائي للعسل عن آثار المبيدات حتى في المناطق النائية. وأظهرت الدراسات صلة بين إزالة الغابات وتراجع أعداد النحل، بالإضافة إلى المنافسة المتزايدة من نحل العسل الأفريقي المهجن، الذي بدأ في إزاحة النحل غير اللاسع من موائله الطبيعية منذ القرن الـ20.

وفقاً لكونستانزا برييتو، مديرة قسم شؤون أميركا اللاتينية في «مركز قانون الأرض»، تمثل هذه القوانين نقطة تحوُّل في علاقة البشر بالطبيعة، إذ تعترف بالنحل غير اللاسع بوصفه من الكائنات الحاملة للحقوق وتؤكد أهميته البيئية.

وأوضح زعيم السكان الأصليين آبو سيزار راموس أن القانون يحتفي بالمعرفة التقليدية ويعترف بالدور الحيوي للنحل غير اللاسع في دعم نُظم الأمازون البيئية وثقافات الشعوب الأصلية.

تتطلب هذه القوانين، حسبما ذكرت «الغارديان» البريطانية، استعادة المَواطن البيئية، وتنظيم استخدام المبيدات، واتخاذ تدابير للحد من آثار تغيُّر المناخ، وقد اجتذبت عريضة عالمية مئات الآلاف من التوقيعات، في حين أبدت دول أخرى اهتماماً بتطبيق نموذج بيرو لحماية المُلقِّحات المحلية.


«قصر القطن» بالإسكندرية... لتوديع الظلام واستقبال السائحين

المبنى يطل على البحر مباشرة في منطقة المنشية بالإسكندرية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
المبنى يطل على البحر مباشرة في منطقة المنشية بالإسكندرية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
TT

«قصر القطن» بالإسكندرية... لتوديع الظلام واستقبال السائحين

المبنى يطل على البحر مباشرة في منطقة المنشية بالإسكندرية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
المبنى يطل على البحر مباشرة في منطقة المنشية بالإسكندرية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

يشكل إعلان الحكومة المصرية على لسان وزير قطاع الأعمال العام المصري المهندس محمد شيمي، عن سعيها للاستحواذ على مبنى قصر القطن في مدينة الإسكندرية المجاور للنصب التذكاري للجندي المجهول طاقة نور لإخراج المبنى من حالة الجمود واستغلاله سياحياً بعد تحويله إلى فندق.

ويعود المبنى لفترة الثمانينات، وأقيم مكان قصر القطن التاريخي زمن السادات، ويعدُّ أكبر منشأة في منطقة المنشية تطل على البحر مباشرة وسط مدينة الإسكندرية، ويتميز «قصر القطن» بطرازه المعماري ما جعله فريداً بين المنشآت والبنايات الموجودة في المنطقة من حيث الارتفاع والضخامة والعناصر الهندسية والمعمارية.

وقال الفنان فتحي بركات، رئيس جمعية الفنانين والكتاب «أتيليه الإسكندرية»، إن مبنى «قصر القطن» كان في البداية مملوكاً لشركة الأقطان الشرقية بالإسكندرية، وكانت هناك محاولة لأن يكون أعلى مبنى في المدينة ليتشكل من 45 طابقاً، لكن لم يتم الموافقة على مخطط بنائه، واقتصر على 22 طابقاً فقط، ومنذ إنشائه زمن السادات في موقع قصر القطن التاريخي لم يُستغل بشكل مثالي. «والآن تشغل جزءاً منه جامعة سنجور الفرنسية، بالإضافة إلى طابقين حكوميين، لكن تظل باقي الأدوار بلا أي نوع من الإشغال، وفق كلام بركات الذي أضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «المبنى محاط بمنطقة مزدحمة بالبائعين، منطقة المنشية، ويجاور النصب التذكاري للجندي المجهول وإعادة الحياة له ربما يعيد الهدوء مرة أخرى للمكان، ويضفي طابعاً مختلفاً لها يعيدها للزمن الجميل، وهو يمتلك إمكانات تؤهله للاستغلال الفندقي، حيث يتضمن جراجاً في الدور الأرضي، بالإضافة لإجراء الكثير من التغييرات الداخلية لاستغلال مكوناته، أما عن شكله الخارجي فلا توجد هناك مساحة لأي تغييرات، لأن واجهته زجاجية، ولا يمكن تغييرها».

المبنى المراد تحويله إلى فندق (تصوير: عبد الفتاح فرج)

كان المهندس محمد شيمي، وزير قطاع الأعمال العام، قال خلال لقائه عدداً من الصحافيين بمقر الوزارة بالعاصمة الإدارية الجديدة، الثلاثاء، إن الحكومة المصرية تعمل حالياً على خطة تهدف إلى إعادة إحياء الأصول التاريخية وتعظيم الاستفادة منها، من بينها أحد القصور الأثرية المميزة بمدينة الإسكندرية، وهو «قصر القطن» الواقع بجوار النصب التذكاري، مشيراً إلى أنه من المستهدف تطوير القصر وإعادة تشغيله فندقاً سياحياً متميزاً.

وأضاف شيمي أن المشروع المقترح يتضمن إنشاء فندق بارتفاع 22 طابقاً، يسهم في دعم الطاقة الفندقية بالإسكندرية وتعزيز المنتج السياحي، والحفاظ على الطابع التراثي وتحقيق عوائد اقتصادية مستدامة، ولتحقيق ذلك أجرت الوزارة دراسة استغلال المبنى بوضع تصور شامل لتحقيق الاستغلال الأمثل له، وتحويله إلى مركز استثماري متعدد الاستخدامات الفندقية والإدارية والتجارية، وتسهم في تعظيم العائد منه، وتنشيط ودعم الحركة السياحية والتجارية في الإسكندرية وتوفير فرص عمل إضافية.

من جهته قال الباحث في شؤون الحركة الفنية المصرية الدكتور حسام رشوان إن «اتجاه مصر لتطوير واستغلال قصر القطن وتحويله إلى فندق سياحي، سيُعيد صياغة المكان، عبر إزالة الكثير من الساحات التي تشوه المنطقة، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط»: «هذه المنطقة صارت مزدحمة جداً، فضلاً عن عشوائيتها، لذا سيكون مشروع الفندق بمثابة رئة تعيد ساحة النصب التذكاري ومنطقة المنشية لسماتها السياحية والتراثية التي فقدتها منذ سنين».