رهانات فرنسية على «متغيرات» تساعد على إحداث انعطافة باتجاه حل الدولتين

مصادر في باريس: لا أمل بتقدم ما بقي نتنياهو في السلطة

وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش وعدد من المشاركين في مؤتمر نيويورك (أ.ف.ب)
وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش وعدد من المشاركين في مؤتمر نيويورك (أ.ف.ب)
TT

رهانات فرنسية على «متغيرات» تساعد على إحداث انعطافة باتجاه حل الدولتين

وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش وعدد من المشاركين في مؤتمر نيويورك (أ.ف.ب)
وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش وعدد من المشاركين في مؤتمر نيويورك (أ.ف.ب)

في شهر ديسمبر (كانون الأول) من عام 2014، صوّت مجلسا الشيوخ والنواب الفرنسيان على قرار «غير ملزم» يدعو الحكومة إلى الاعتراف بالدولة الفلسطينية التي أُعلن إنشاؤها في الجزائر عام 1988، بيد أن فرنسوا أولاند، رئيس الجمهورية الاشتراكي وقتها، ووزير خارجيته لوران فابيوس، تركا القرار في الأدراج.

منذ عقود، تقوم سياسة باريس على الدعوة إلى قيام دولة فلسطينية إلى جانب إسرائيل وفق منطوق قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة لعام 1947، الذي قضى بتقسيم فلسطين وقيام دولتين يهودية وفلسطينية.

وبعد أولاند، وصل إيمانويل ماكرون إلى قصر الإليزيه عام 2017. ومنذ ذلك التاريخ وحتى أسابيع خلت، كان موقف باريس الرسمي يؤكد على عزم الحكومة الاعتراف بالدولة الفلسطينية و«لكن في الوقت المناسب» بحيث يكون «مفيداً»، بمعنى أن يحرك الوضع باتجاه الحل السياسي.

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والرئيس الفلسطيني محمود عباس في لقاء على هامش اجتماعات الأمم المتحدة في في نيويورك يوم 25 سبتمبر من العام الماضي (أ.ف.ب)

ورفض ماكرون، ربيع العام الماضي، الاحتذاء بأربع دول أوروبية، هي إسبانيا وآيرلندا وسلوفينيا والنرويج، قررت وضع حد للتسويف وأقدمت، دون مزيد من التأخير، على خطوة الاعتراف التي سبقتها إليها دولتان هما السويد وقبرص. وفي المجمل، تعترف 12 دولة أوروبية، من أصل 27 تنتمي إلى الاتحاد الأوروبي، بالدولة الفلسطينية.

صعوبات

بيد أن تواصل الحرب على غزة والمجازر التي ترتكب فيها دفعت ماكرون إلى تغيير مقاربته. وتقول مصادر سياسية إن الرئيس الفرنسي الذي أعلن في رسالة رسمية إلى رئيس السلطة الفلسطينية عزمه الاعتراف رسمياً بدولة فلسطين بمناسبة «قمة» ستعقد في نيويورك يوم 21 سبتمبر (أيلول) المقبل على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة، يرى أنه «يتعين التحرك اليوم قبل أن يُدفن حل الدولتين نهائياً» بسبب الممارسات الإسرائيلية في غزة، وأيضاً في الضفة الغربية، حيث تتسارع الحركة الاستيطانية بوتيرة غير مسبوقة وعلى نحو يقضي، عملياً، على احتمال قيام هذه الدولة.

وتعي باريس الصعوبات التي تواجه الخطوة الرئاسية، حتى داخل فرنسا نفسها، فالأحزاب التي يتشكل منها الائتلاف الحاكم، وهي «النهضة» و«آفاق» و«الحركة الديمقراطية» وحزب «الجمهوريون» اليميني التقليدي، لم يُقدم أي من قادتها على توفير الدعم لماكرون الذي يخول له الدستور الإقدام على مبادرة كهذه.

إسقاط مساعدات إنسانية فوق مدينة غزة يوم الاثنين (أ.ب)

أما في الخارج، فإن باريس من خلال الاتصالات المباشرة مع الأطراف المعنية بشكل رئيسي بمشروعها كانت تعي الرفض الجذري، سواء من إسرائيل أو من الولايات المتحدة، لأي حديث بهذا الاتجاه.

وصرَّحت مصادر لـ«الشرق الأوسط» بأن ماكرون أبلغ ترمب ونتنياهو بخطوته قبل الإعلان عنها، كما تشاور بشأنها مع رئيس الوزراء البريطاني والمستشار الألماني.

وهناك أيضاً انقسامات عميقة بشأن إسرائيل داخل الاتحاد الأوروبي، الذي فشل، بعد سقوط 60 ألف قتيل في غزة وتدمير القطاع تدميراً شبه كامل بحيث تحول لما يشبه «المقبرة المفتوحة»، في اتخاذ أي إجراء عملي ضد إسرائيل، واكتفى بوعود لم يتحقق منها شيء رغم أن اتفاقية الشراكة التي دخلت حيز التنفيذ منذ عام 2000 توفر للاتحاد القدرة على إعادة النظر بها استناداً للبند الثاني الذي يربط دوامها باحترام إسرائيل حقوق الإنسان.

ديناميكية سياسية - دبلوماسية

رغم ما سبق، تراهن باريس على إطلاق «ديناميكية سياسية - دبلوماسية» من اليوم وحتى تاريخ القمة المشار إليها من شأنها أن تخلق «تياراً قوياً دافعاً» يعيد ملف حل الدولتين إلى الواجهة الدولية.

ووفق مصادر رئاسية فرنسية، فإن الإعلان «المبكر» عن قرار ماكرون هدفه «تشجيع الأطراف الأخرى، خصوصاً الأوروبية المترددة، على اللحاق بها وإعطائها الوقت الكافي لاتخاذ قرارها».

وقال وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو، في مقابلة مع صحيفة «لا تريبون دو ديمانش» الفرنسية الأسبوعية، إن دولاً أوروبية أخرى ربما تلحق بفرنسا، على رأسها مالطا وبلجيكا ويحتمل أيضاً هولندا، كذلك ثمة رهانات على كندا واليابان وكوريا الجنوبية.

أما بريطانيا، فعلى الرغم من الضغوط التي يتعرض لها رئيس وزرائها كير ستارمر، فهي ما زالت مترددة؛ فيما عجلت ألمانيا بالإعلان عن رفضها السير في الركاب الفرنسي راهناً.

أما في الجانب المقابل، فإن بارو يشير إلى أن إقدام بلاده على هذه الخطوة، وهي الأولى في إطار «مجموعة السبع»، وبالنسبة لعضو دائم في مجلس الأمن ولاعب رئيسي داخل الاتحاد الأوروبي، من شأنه أن يقنع الدول العربية بإدانة «حماس» والمطالبة بنزع سلاحها.

وتأمل باريس أن تكون الحرب في غزة قد توقفت بحلول سبتمبر (أيلول)، ما سيغير الأجواء السائدة حالياً في الشرق الأوسط والعالم العربي، بحيث يتحقق «التوازن» بين الاعتراف من جهة والقيام بخطوات تجاه إسرائيل من جانب دول عربية وإسلامية، بحيث يتم العمل بمبدأ «التبادلية». وقال بارو أيضاً: «سنعمل في نيويورك على إطلاق نداء لحث دول أخرى على الانضمام إلينا».

ما بعد نتنياهو

تعوّل باريس كثيراً على «خريطة الطريق» التي ستصدر عن اجتماع نيويورك، والتي تأمل أن تتبناها الجمعية العامة للأمم المتحدة.

رئيس الوزراء الفلسطيني محمد مصطفى يتحدث في المؤتمر (أ.ف.ب)

أهمية «الخريطة» تكمن في أنها تتضمن رؤيةً متكاملةً لكيفية إنهاء النزاع الفلسطيني - الإسرائيلي لأنها توفر عناصر ومحددات حل الدولتين مع أنها تترك للطرفين التفاوض بشؤون رئيسية مثل حدود الدولة الفلسطينية وملف الاستيطان ومصير القدس.

لكن فرنسا تعي أن المشروع الذي تسير به صعب، والدليل على ذلك تصويت الكنيست، الأسبوع الماضي، على قانون يدعو لضم الضفة الغربية وتبني قانون العام الماضي يرفض قيام دولة فلسطينية.

وبما أن باريس «قطعت الأمل» من تغير سياسة حكومة نتنياهو الأكثر يمينية أو التحالف الذي يبقيه في السلطة، فإنها تراهن على تغيير سياسي في إسرائيل قد يحدث في الأشهر المقبلة أو بمناسبة الانتخابات التشريعية المقررة في سبتمبر من العام المقبل.

وتعتبر باريس أن تغيراً في الرأي العام الإسرائيلي ممكن، خصوصاً أن الطرح الإسرائيلي اليوم لا يتجاوز أحداث غزة، فيما تقدم «خريطة الطريق» تصوراً وحلاً لليوم التالي.

كثيرة التساؤلات التي طرحت حول جدوى العملية، وهل من شأن اعتراف فرنسا، وربما دول أوروبية أخرى، أن يغير من الواقع الميداني، أو أن يقرب موعد قيام الدولة الفلسطينية التي اعترفت بها أكثر من 145 دولة. لكن ذلك لن يمنع راعييها من الاستمرار بها والدفع لإنجاحها.


مقالات ذات صلة

السعودية ضمن أسرع أسواق المعارض والمؤتمرات نموّاً في «مجموعة العشرين»

خاص رئيس مجلس إدارة الهيئة فهد الرشيد متحدثاً في «القمة الدولية لصناعة المعارض والمؤتمرات» (الشرق الأوسط)

السعودية ضمن أسرع أسواق المعارض والمؤتمرات نموّاً في «مجموعة العشرين»

تستعد السعودية لمرحلة توصف بأنها «العقد الذهبي لفعاليات الأعمال»، مدفوعة بنمو غير مسبوق في قطاع المعارض والمؤتمرات.

عبير حمدي (الرياض )
الاقتصاد الرئيس التنفيذي وعضو مجلس الإدارة بالهيئة السعودية للسياحة فهد حميد الدين في «القمة الدولية للمعارض والمؤتمرات» يوم الأربعاء (الشرق الأوسط)

رئيس هيئة السياحة: السعودية تتفوّق على لاس فيغاس بأكثر من 11 ألف فعالية

قال الرئيس التنفيذي للهيئة السعودية للسياحة، فهد حميد الدين، إن عدد الفعاليات في السعودية قفز إلى أكثر من 11 ألف سنوياً، متجاوزةً مدناً عالمية مثل لاس فيغاس.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للمعارض والمؤتمرات فهد الرشيد (الشرق الأوسط)

ارتفاع الطاقة الاستيعابية لفعاليات الأعمال في السعودية 32 % خلال 2025

أعلنت الهيئة العامة للمعارض والمؤتمرات عن تحقيق نمو في الطاقة الاستيعابية لفعاليات الأعمال بنسبة 32 في المائة مقارنة بالعام الماضي، عبر 923 موقعاً معتمداً.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
يوميات الشرق الوزيرة السورية هند قبوات

مؤتمر «نساء على خطوط المواجهة» يعود بعد غياب

يعود مؤتمر «نساء على خطوط المواجهة» إلى بيروت، حيث عقد نسخته الـ12 في فندق فينيسيا في قلب العاصمة.

فيفيان حداد (بيروت)
الخليج جلسة جمعت وزراء ومسؤولين بعنوان «من الرؤية إلى الواقع... تكامل القطاعات في خدمة ضيوف الرحمن» (مؤتمر ومعرض الحج)

«من مكة إلى العالم»... منظومة الحج تسجل تحولاً تاريخياً في التكامل والجاهزية

جسّد «مؤتمر ومعرض الحج والعمرة 1447هـ» بنسخته الخامسة ملامح التحول المؤسسي الذي تقوده السعودية في خدمة ضيوف الرحمن

أسماء الغابري (جدة)

إيران تطلق صواريخ خلال مناورات بحرية قرب مضيق هرمز

إطلاق صاروخ إيراني خلال مناورات عسكرية في مكان غير معلن بإيران 20 أغسطس 2025 (رويترز)
إطلاق صاروخ إيراني خلال مناورات عسكرية في مكان غير معلن بإيران 20 أغسطس 2025 (رويترز)
TT

إيران تطلق صواريخ خلال مناورات بحرية قرب مضيق هرمز

إطلاق صاروخ إيراني خلال مناورات عسكرية في مكان غير معلن بإيران 20 أغسطس 2025 (رويترز)
إطلاق صاروخ إيراني خلال مناورات عسكرية في مكان غير معلن بإيران 20 أغسطس 2025 (رويترز)

أفاد التلفزيون الإيراني الرسمي بأن إيران أطلقت صواريخ ضخمة في بحر عمان وبالقرب من مضيق هرمز الاستراتيجي خلال اليوم الثاني من مناورات بحرية.

وأضاف التقرير، أن «الحرس الثوري» شبه العسكري أطلق الصواريخ من عمق البر الرئيسي في إيران، وأصاب أهدافاً في بحر عمان ومنطقة مجاورة بالقرب من مضيق هرمز في تدريبات بدأت الخميس، وفق ما نقلته وكالة «أسوشييتد برس».

صورة نشرتها قوات «الحرس الثوري» 5 ديسمبر 2025 تظهر قارباً نفاثاً يشارك في مناورة عسكرية بالمياه قبالة سواحل جنوب إيران (إ.ب.أ)

وحدد الصواريخ بأنها صواريخ كروز، طراز قدر 110- وقدر380- وغدير، يصل مداها إلى ألفي كيلومتر. وأضاف أن «الحرس الثوري» أطلق أيضاً صاروخاً باليستياً هو 303، من دون أن يدل بمزيد من التفاصيل.

وأظهرت لقطات تلفزيونية إطلاق الصواريخ وإصابة أهدافها.

صورة تم توزيعها 5 ديسمبر 2025 من قِبل «الحرس الثوري» الإيراني تظهِر صاروخاً يتم إطلاقه أثناء تدريب عسكري في المياه قبالة ساحل جنوب إيران (إ.ب.أ)

والمناورات هي الثانية في أعقاب الحرب بين إسرائيل وإيران في يونيو (حزيران)، التي أسفرت عن مقتل نحو 1100 شخص في إيران، من بينهم قادة عسكريون وعلماء نوويون. وأسفرت الهجمات الصاروخية من قِبل إيران عن مقتل 28 شخصاً في إسرائيل.


تقرير: «خيبة أمل» في «الموساد» جراء اختيار نتنياهو لرومان غوفمان رئيساً للجهاز

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (يسار) يعقد مشاورات مع سكرتيره العسكري اللواء رومان غوفمان (د.ب.أ)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (يسار) يعقد مشاورات مع سكرتيره العسكري اللواء رومان غوفمان (د.ب.أ)
TT

تقرير: «خيبة أمل» في «الموساد» جراء اختيار نتنياهو لرومان غوفمان رئيساً للجهاز

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (يسار) يعقد مشاورات مع سكرتيره العسكري اللواء رومان غوفمان (د.ب.أ)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (يسار) يعقد مشاورات مع سكرتيره العسكري اللواء رومان غوفمان (د.ب.أ)

قُوبل قرار رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بتعيين سكرتيره العسكري، رومان غوفمان، رئيساً جديداً لـ«الموساد» بخيبة أمل داخل الجهاز، وفقاً لما قاله مسؤولون حاليون وسابقون على الرغم من أن كثيرين قالوا إن الاختيار لم يكن مفاجئاً، بحسب صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية.

وقال المسؤولون إن نتنياهو تجاوز مرشحي «الموساد» المدعومين منه لتعيين رومان غوفمان، مما أثار مخاوف بشأن افتقاره للخبرة الاستخباراتية واحتمالية استقالته، بينما يقول حلفاؤه إن ولاءه وحكمته وفكره العدواني تناسب منصبه.

وبعد أن اختار نتنياهو شخصاً من خارج جهاز «الشاباك»، وهو ديفيد زيني، لقيادته في وقت سابق من هذا العام، توقع كبار مسؤولي «الموساد» أن يتبع نفس النهج: اختيار شخصيات من خارج الجهاز يراها عدوانية وموالية ومتوافقة آيديولوجياً معه.

ويقول المنتقدون إن هذه الخطوة تعكس معركة نتنياهو الأوسع ضد ما يسميه «النخب» و«الدولة العميقة»، ويقول المؤيدون إن غوفمان موثوق به، وكتوم، ومخلص.

وزعم بعض المسؤولين المطلعين على عملية التعيين أن غوفمان خضع لـ«مقابلة» غير رسمية مع زوجة نتنياهو، سارة، قبل اتخاذ القرار- وهو ادعاء نفاه مكتب رئيس الوزراء ووصفه بأنه «كاذب تماماً».

من اليسار إلى اليمين: وزير الدفاع يسرائيل كاتس والسكرتير العسكري لرئيس الوزراء اللواء رومان غوفمان وبنيامين نتنياهو ورئيس ديوان مكتبه تساحي برافرمان والقائم بأعمال رئيس جهاز الأمن العام (الشاباك) يظهرون بمركز قيادة خلال الغارات في قطر (الشاباك)

وأشار آخرون إلى إتقانه للغة الروسية ولغته الإنجليزية المحدودة، مما قد يُعقّد التواصل الدبلوماسي، مع أن حلفاءه يجادلون بأن إتقان اللغة الإنجليزية ليس جوهرياً في مهام «الموساد» الأساسية وتوقع العديد من كبار مسؤولي الدفاع موجة استقالات داخل الجهاز عقب الإعلان.

وتجاوز نتنياهو المرشحين الذين أوصى بهم مدير الموساد المنتهية ولايته، ديفيد برنياع، واختار غوفمان بدلاً منه، الذي لم يرتقِ في دوائر الاستخبارات الإسرائيلية. وقال المطلعون على تفكير رئيس الوزراء إن قراره كان مدفوعاً بولائه وحكمته ووصفه مسؤول دفاعي كبير سابق بأنه «مخلص بشدة لنتنياهو» ووصف التعيين بأنه «محير».

ويقول زملاؤه إن غوفمان ضابط جاد ومنضبط وقارئ نهم للتاريخ والاستراتيجيات العسكرية.

ولفت بعض مسؤولي الأمن السابقين إلى أنه قد يكون متهوراً أيضاً، وأشاروا إلى قضية من فترة عمله قائداً للفرقة 210 «باشان»، حيث زُعم أنه أذن باستخدام شاب مدني يبلغ من العمر 17 عاماً، يُدعى أوري ألماكايس، في عملية غير مصرح بها وهي قضية أدت لاحقاً إلى اعتقال المراهق واحتجازه لفترة طويلة قبل إسقاط التهم عنه.

بنيامين نتنياهو ومدير «الموساد» ديفيد برنياع في القدس (د.ب.أ)

وقال ضابط كبير سابق في الاستخبارات العسكرية إنه على الرغم من أن غوفمان «شخص ماكر وشجاع»، فإنه يفتقر إلى الخلفية الاستخباراتية العملياتية المتوقعة عادةً من مدير الموساد.

وأضاف المسؤول: «إنه يتحدث الروسية والعبرية فقط، ولا ينطق بكلمة إنجليزية واحدة لقد شغل منصب لواء لمدة عام واحد فقط ولم يسبق له إدارة منظمة بهذا الحجم».

وفي المقابل، رفضت مصادر مقربة من نتنياهو بشدة الانتقادات لتعيين غوفمان، واصفةً إياه بالتعيين الممتاز، وقالوا إن إتقانه للغة الروسية وفهمه الإقليمي جعلاه لا يُقدر بثمن في مهمات حساسة في موسكو، وأشاروا إلى أنه أصبح، بصفته السكرتير العسكري، أقرب مستشار أمني لنتنياهو، وأضافوا أنه لعب دوراً في عمليات سرية مهمة، بما في ذلك اغتيالات لكبار شخصيات «حزب الله»، ومهام موجهة ضد إيران خلال الصراع معها في وقت سابق من هذا العام.

ويصف المسؤولون الذين عملوا معه من كثب غوفمان بأنه مفكر عدواني وغير تقليدي «ويقاتل بسكين بين أسنانه ويتفوق في الخداع، ويُحاط بالمعلومات الحساسة، وهي سمات يعتبرونها أساسية للموساد»، وقال أحدهم: «إنه المساعد الأمني ​​الأكثر ثقة لرئيس الوزراء. ليس رئيس الأركان، ولا وزير الدفاع - بل كان غوفمان».

وفي حين يشير البعض إلى قلة لغته الإنجليزية كمصدر قلق، يجادل مؤيدوه بأن ساحات الموساد الرئيسية - إيران وسوريا ولبنان - لا تتطلب إتقان اللغة الإنجليزية بينما تعتبر لغته الروسية ميزة نظراً لعلاقات موسكو مع إيران وغيرها من الجهات المعادية.

وكان رئيس الأركان إيال زامير التقى بغوفمان هذا الأسبوع وهنأه، قائلاً إن الجيش سيدعمه في انتقاله إلى المنصب، وأكد «الموساد» أن برنياع تحدث مع غوفمان وتمنى له النجاح، فيما ذكر نتنياهو أنه اختار غوفمان بعد مقابلات مع عدد من المرشحين، وأشاد بـ«قدراته المهنية الاستثنائية»، مشيراً إلى دوره في مواجهة هجوم حركة «حماس» في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، عندما غادر منزله لقتال مسلحي «حماس» وأصيب بجروح بالغة.


إسرائيل تحدد ميزانية «الدفاع» لعام 2026 عند أكثر من 34 مليار دولار

مركبة عسكرية إسرائيلية تغلق مدخل بلدة طمون جنوب طوباس بالضفة الغربية (أ.ف.ب)
مركبة عسكرية إسرائيلية تغلق مدخل بلدة طمون جنوب طوباس بالضفة الغربية (أ.ف.ب)
TT

إسرائيل تحدد ميزانية «الدفاع» لعام 2026 عند أكثر من 34 مليار دولار

مركبة عسكرية إسرائيلية تغلق مدخل بلدة طمون جنوب طوباس بالضفة الغربية (أ.ف.ب)
مركبة عسكرية إسرائيلية تغلق مدخل بلدة طمون جنوب طوباس بالضفة الغربية (أ.ف.ب)

أعلن مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس اليوم (الجمعة)، أن ميزانية الدفاع الإسرائيلية لعام 2026 قد حُددت عند 112 مليار شيقل (34.63 مليار دولار)، بزيادة على 90 مليار شيقل كانت مُدرجة في مسودة سابقة، وفقاً لوكالة «رويترز».

واتفق كاتس ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش، على إطار الإنفاق الدفاعي، حيث بدأ مجلس الوزراء مناقشة ميزانية العام المقبل، والتي تجب الموافقة عليها بحلول مارس (آذار)، وإلا قد تؤدي إلى انتخابات جديدة.

وبدأ الوزراء ما يُعرف بجلسة ماراثونية يوم الخميس قبل التصويت الذي قد يُجرى صباح الجمعة. وفي حال إقرارها، ستُعرض على البرلمان للتصويت الأولي.

وأكد كاتس أن الجيش سيواصل جهوده لتلبية احتياجات مقاتليه وتخفيف العبء عن جنود الاحتياط.

ونقل مكتبه عنه قوله: «سنواصل العمل بحزم لتعزيز جيش الدفاع الإسرائيلي، وتلبية احتياجات المقاتلين بشكل كامل، وتخفيف العبء عن جنود الاحتياط - من أجل ضمان أمن دولة إسرائيل على جميع الجبهات».

وكانت حرب غزة مكلفة لإسرائيل، التي أنفقت 31 مليار دولار في عام 2024 على صراعاتها العسكرية مع «حماس» و«حزب الله» في لبنان.

ومنذ ذلك الحين، أبرمت إسرائيل اتفاقيات لوقف إطلاق النار مع الجماعتين المسلحتين. وصرح مكتب سموتريتش بأن ميزانية الدفاع لعام 2026، شهدت زيادة قدرها 47 مليار شيقل مقارنة بعام 2023 عشية الحرب. وقال سموتريتش، وفقاً لمكتبه: «نخصص ميزانية ضخمة لتعزيز الجيش هذا العام، ولكنها أيضاً ميزانية تسمح لنا بإعادة دولة إسرائيل إلى مسار النمو والراحة للمواطنين».