يتبدّل مشهد بيروت يوماً بعد يوم بفعل حفلات فنّية تُقام في أرجائها. فازدحام شوارعها بالسيارات وحشود الناس، جعل أمسياتها من الليالي الحلوة. ولعلّ مهرجانات «أعياد بيروت» التي تطلّ في موعدها من كلّ عام، أسهمت في استعادة العاصمة لتألّقها. فمنذ انطلاق برنامج حفلاتها في 8 يوليو (تموز) الحالي، تعيش العاصمة الفرح بوتيرة متسارعة. وتزداد نشوتها في الاحتفال بالعودة إلى الحياة كأنّها لا تريد الاكتفاء، فتغتنم الفرصة لتخزّن كميات سعادة افتقدتها لوقت طويل.
ومع اقتراب اختتام المهرجان، تشهد حفلاته إقبالاً لا يُستهان به من جمهور يتوق إلى الاحتفاء بالحياة. حفلات عدّة شهدها مسرح المهرجانات على الواجهة البحرية، افتتحتها ماجدة الرومي، لتلحق بها لائحة من الفنانين؛ من بينهم الشامي، وأدونيس، وجوزيف عطية، ومؤخراً الفنان آدم.
وتحت عنوان «خلص الدمع يا بيروت»، وقف الفنان اللبناني لنحو 90 دقيقة يحيك أمسية رومانسية بصوته الشجي. وشاركته نسمات البحر الباردة في ظلّ حرارة مرتفعة تسود طقس العاصمة، فحضّت المغني وجمهوره على تلقّف موجة الحرّ بصبر. وراح الحضور يرتشف جرعات عاطفية متفاعلاً مع صوت آدم، فتماهى مع أغنياته وطالبه بمزيد في كلّ مرة شعر بأنّ الوقت اقترب من نهايته.

رحَّب آدم بجمهوره مُنشِداً أغنيته الأولى «نحنا سوا»، ليتوجّه إليه لاحقاً بكلمات مختصرة. عبَّر عن سعادته بالمشاركة للمرّة الأولى في «أعياد بيروت»، وتمنَّى أن يمضي الحضور معه سهرة حلوة. ثم ألحق هذه الأغنية بأغنيات «كيفك إنت»، و«تخيّليني»، و«أنا ما إلي بالحب»، فأشعل الجمهور الأجواء وشارك آدم الغناء من دون توقّف. وعندما وقف عند خاطر الجمهور، وسأله على طريقة «ما يطلبه المستمعون»، صرخوا مطالبين بأغنيته الجديدة «يا حلو».
بقي جمهور آدم في ذروة الحماسة طوال الحفل. وبقيت الوفود بالعشرات تتلمَّس مقاعدها حتى بعد مرور القسم الأول من السهرة. وفي وسط هذه المعمعة، استأذن آدم من الحضور ليدخل كواليس المسرح ويبدّل ثيابه. وكان بادياً عليه الانزعاج من حرارة الطقس المرتفعة، فهي تسبّبت بتبلّلها، مما اضطره إلى تغييرها. وكان بين الفينة والأخرى يحاول توجيه المراوح الهوائية نحوه ليخفّف من وطأة الحرّ.
وما إن صدح آدم «يا أيام»، حتى راح الحضور يردّد كلماتها: «يا أيام ليش برمتي فينا وفرّقتينا ليش؟ ردّيلي حبيبي تقلّه قديش حبيته، لو 5 دقايق، معلّيش». خاطب بصوته الرخيم مشاعر الحضور وأحاسيسهم، فكان يتمايل على أنغام أغنياته تارة، ويُلوّح بيديه مأخوذاً بلحظات طرب لافتة عند كلّ أغنية.

كان يُناجي قلوب المفترقين، ويُعزّز أحاسيس الهيام عند المرتبطين. وعندما أنشد «يا حلو»، أحدث أعماله الغنائية، وقف الجمهور يُصفّق بحماسة ويُغني معه، مما دفع بالمغنّي اللبناني إلى إعادتها أكثر من مرة. وعبَّر عن امتنانه كون جمهوره أحبّ هذه الأغنية وحفظ كلماتها.
وبعد أداء رائعته «على بالي»، ومن ثم «بس بحبك»، طالبه الحضور بـ«خلص الدمع»، وهي الأغنية التي عنونت حفله في «أعياد بيروت».
واستطاع أحد الموجودين من الصعود إلى المسرح لالتقاط صورة تذكارية معه، فهبّ رجل أمن لإنزاله، وإنما آدم حضن الشخص وحقّق أمنيته.
ورغم الحشود الكبيرة التي حضرت إلى الواجهة البحرية في بيروت، فإنّ الحفل، كما ما سبقه، كان منظّماً بشكل ممتاز. إدارة المهرجان عملت على تأمين مساحات واسعة من مواقف السيارات لتستوعب الأعداد الكبيرة للوافدين.











