وزير المال اللبناني: لن نبيع أملاك الدولة... وسنؤهل قطاعات لاستقطاب شراكات استراتيجية

جابر يؤكد لـ«الشرق الأوسط» انطلاق مسار استعادة الانتظام المالي

وزير المال اللبناني ياسين جابر (رويترز)
وزير المال اللبناني ياسين جابر (رويترز)
TT

وزير المال اللبناني: لن نبيع أملاك الدولة... وسنؤهل قطاعات لاستقطاب شراكات استراتيجية

وزير المال اللبناني ياسين جابر (رويترز)
وزير المال اللبناني ياسين جابر (رويترز)

يرتقب أن تشهد نهاية الشهر الحالي، الانطلاقة الفعلية لمسار استعادة الانتظام المالي في لبنان، بإقرار مشروع قانون «إعادة تنظيم القطاع المصرفي» من قبل الهيئة العامة في مجلس النواب، لينضم إلى قانون «رفع السرية المصرفية» المنجز في مهمة إزالة مجمل العوائق أو الذرائع التي تؤخر الإعداد المنشود لمشروع قانون «الفجوة» التي أوقعت البلد واقتصاده وقطاعه المالي في سلسلة أزمات حادة تسببت بانهيارات تاريخية نقدياً ومالياً ومعيشياً.

ولا يجد وزير المال ياسين جابر، في حديث مع «الشرق الأوسط»، أي مبرر لمزيد من التأخير، بعدما أنجزت الحكومة مهمة التنظيم الإداري لمواقع القرار والمسؤولية في مكونات السلطة النقدية، كونها المولجة وذات الصلاحيات بمهام حيوية تشمل التحقّق من وضعية الوحدات المصرفية وإعداد مجمل البيانات والإحصاءات المطلوبة، بما يشمل تصنيفات المودعين، تمهيداً لوضع مقاربات تشاركية وقانونية، تفضي إلى التشريع الناجز لتوزيع الأحمال المقدرة أساساً بنحو 73 مليار دولار.

ويشكّل تحديد مسار الإصلاح المصرفي والمالي، الاختبار الأصعب في حزمة الإصلاحات الهيكلية والبنيوية الشاملة التي تعهّدت حكومة الرئيس نوّاف سلام، أولى حكومات عهد الرئيس جوزيف عون، بالتصدي لموجباتها، بالتلازم مع أولوية المضي في مواكبة مقتضيات المسار السياسي الأشد وطأة وتعقيداً، والذي يتمثل في إنهاء الاعتداءات الإسرائيلية اليوميّة وتحقيق هدف «حصرية السلاح» لدى القوى العسكرية الشرعية حصراً.

تزامن المسارات السياسية والمالية

وتقضي المسؤولية، وفق الوزير جابر، بتكثيف المبادرات الفعّالة على المسارين معاً، ومن دون تريث أو انتظار وقائع مستجدة، بل «يتوجب الخروج تماماً من حالة الانكار التي تمدّدت طويلاً، بعدما استهلكنا الكثير من الوقت، في اعتماد سياسات المماطلة والمعالجات الجزئية لأزمة عميقة وغير مسبوقة نسفت مجمل الركائز الاقتصادية والمالية للبلد وقطاعاته ومواطنيه، وأحدثت ضرراً بالغاً في منظومة علاقاته العربية والدولية، وتكاد تنذر بقيادتنا إلى اللائحة (السوداء) بعد (الرمادية) في التصنيفات السيادية التي تصدرها المجموعات والهيئات ذات الاختصاص على المستويين الإقليمي والدولي».

هذه العوامل وسواها من المحفزات المتصلة حكماً بأهمية إعادة تقييم الحسابات والأصول لدى الدولة والبنك المركزي والقطاع المصرفي، وفك جدلية ترابط أرقام الفجوة بين الثلاثي بغية جدولة الحقوق المتوجبة لصالح المودعين، تمنح الأفضلية الصريحة، حسب الوزير جابر، «للإجابة عن الأسئلة الحائرة في الداخل والخارج بما يخص محطات خريطة الطريق إلى التعافي، وتبديد الشكوك بشأن استهداف طرف بعينه وتحميله أوزار الخسائر قبل أو بعد التدقيق بمجمل الأرقام»، شارحاً أن هذه مهمات «تتولاها حاكمية البنك المركزي، وستتوسع بعد إقرار القانون، من خلال الصلاحيات الخاصة بفريقي المجلس المركزي ولجنة الرقابة على المصارف».

معالجة الفجوة

وعن مسؤولية الدولة واستجرارها للتمويل من ميزانية البنك المركزي، بما يشمل توظيفات عائدة للبنوك من مدخرات المودعين، يؤكد وزير المال «أن القانون المنشود سيحدّد المسؤوليات بوضوح، وضمن معطيات توفر الإمكانات في كل مرحلة. نحن في خضم معالجة فجوة تتعدى ضعفي الناتج المحلي، وفي ظل أوضاع سيادية بالغة التعقيد، بينما نهتم في الوقت عينه، بتحضير ملف التفاوض مع حاملي سندات الدين الدولية (اليوروبوندز). وهذه مشكلة لا تقل أهمية كونها تؤثر في مساعينا لتنشيط التواصل الضروري مع الأسواق المالية الدولية».

وزير المال ياسين جابر يطلع رئيس الحكومة اللبنانية نواف سلام على معلومات على هامش جلسة لمجلس الوزراء (رئاسة الحكومة)

وهل يمكن للدولة توجيه جزء من موارد الخزينة للمساهمة في المعالجات المالية وتسريعها؟ يجيب وزير المال: «واقع الحال حالياً أن إيرادات الخزينة لا تسمح بتخصيص أي إنفاق إضافي خارج مصروفات الدولة بحدودها المتدنية، وضخ الرواتب للقطاع العام، والحد الأدنى أيضاً من المساعدات الاجتماعية والإنفاق الاستثماري. لكننا نسعى، وضمن قانون موازنة العام المقبل، إلى تحسين هذه الإيرادات عبر مصدرين أساسيين: الأول ضبط الإيرادات الجمركية من خلال التدقيق في الواردات، وتفعيل أجهزة الكشف (السكانر). والثاني مكافحة التهرب الضريبي وتفعيل الجباية المعتمدة على التقنيات الحديثة»، فضلاً عن اعتماد الرقمنة ومواكبة التطور، للحد من البيروقراطية وتسريع المعاملات وتعزيز الشفافية.

ويضيف: «نعمل بزخم على مجموعة من الإصلاحات المالية الأساسية تستهدف الاستخدام الأمثل للموارد العامة وتوجيهها نحو الأولويات التنموية الملحّة. ونتطلع إلى تضمين جزء منها في مشروع موازنة 2026. كما طلبت من الوزارات المساهمة في إعداد الإطار المالي للخطط الإصلاحية والرؤية الاستراتيجية متوسطة الأجل للفترة الممتدة من 2026 إلى 2029، بهدف مواءمة السياسات الإصلاحية مع التخطيط المالي والنقدي، وتعزيز الانسجام بين الأولويات الوطنية وتخصيص الموارد بطريقة فعّالة ومستدامة. وبذلك يرتكز على مقاربة تشاورية بين مختلف الجهات الحكومية، مع مراعاة السياق الاقتصادي العام، بما يشمل النمو، والتضخم، وميزان المدفوعات، والسياسات النقدية، لا سيما فيما يتعلق بسعر الصرف».

تدفق السيولة

«يمكننا التأكيد بأن الدولة تعاني فعلياً من اختناقات حادة في وفرة وتدفقات السيولة»، يقول وزير المال، ويضيف: «هذا ما يحفزنا أكثر لتسريع مخططات إعادة هيكلة المالية العامة والدين العام والموازنة، وسد منافذ الهدر، وتوسيع دائرة مكافحة الفساد المستشري في القطاع العام». ويقول جابر إن «البلد ليس مفلساً، كما أكد رئيسا الجمهورية والحكومة في مناسبات متعددة، ولذا يتوجب إجراء جرد كامل لكل الأصول العامة، ليس بغية بيع أملاك الدولة الخصوصية، بل حسن إدارتها واستثمارها بشكل فعّال بما يعود بالنفع على المالية العامة والاقتصاد الوطني».

وزير المالية اللبناني ياسين جابر (رويترز)

وتأسيساً على هذه القناعة الجامعة على مستويات إدارة الدولة تنفيذياً وتشريعياً، يجد وزير المال أن الأولويات متوازية في الأهمية وتحظى بترتيب أفقي أمام الحكومة عموماً ووزارة المال خصوصاً. لذا، فإن «الشروع باستعادة الانتظام المالي تحت سقوف تشريعية واضحة ومتينة، لا يتيح أبداً إغفال أو إبطاء الموجبات المسبقة واللاحقة في معالجات الترهل المشهود لمؤسسات الدولة والقطاع العام وعجوزات الموازنة العامة وتفشي الفساد والتهرّب الضريبي والهدر الموثّق في موارد الخزينة ومصروفاتها».

منهجية الإصلاح

واستتباعاً، فإنه إذا كان حقاً الاعتراف بأن الحكومة تعجز موضوعياً عن إيجاد الحلول الناجعة والسريعة لمجمل فصول الأزمة الحاضرة والضاغطة بشدة وبكل تشعباتها على معيشة المواطنين والاقتصاد وقطاعاته، فيرى وزير المال أنه بالإمكان حقاً وواجباً «تحقيق اختراقات نوعية تثبت التزاماتنا في خطاب القسم الرئاسي وبيان الثقة الحكومي، باعتماد مستدام لمنهجية الإصلاح، توخياً لتحقيق مصالحنا أولاً، واستجابة لمطالب الأشقاء والمجتمع الدولي والمؤسسات المالية الدولية، الذين لن يترددوا في معاونتنا للتقدم في المسارين السياسي والاقتصادي على السواء».

يخلص وزير المال إلى تأكيد أن الحكومة «التزمت بتحويل لبنان من اقتصاد استهلاكي قائم على الدين، إلى اقتصاد إنتاجي يرتكز على مشاريع الشراكة بين القطاعين العام والخاص. وهي تواصل تعيين الهيئات الناظمة في قطاعات مهمة وجاذبة للاستثمارات، مما سيفتح الآفاق أمام شراكات استراتيجية، وليس البيع تكراراً، تضمن تحسين جودة الخدمات الأساسية بكلفة عادلة، وخصوصاً في ميادين الكهرباء والاتصالات والمرافق الجوية والبحرية والأملاك العقارية وسواها»، إضافة إلى أهمية الإصلاحات الاقتصادية في تعزيز أطر التعاون مع المؤسسات الدولية؛ كصندوق النقد الدولي والاتحاد الأوروبي والبنك الدولي.


مقالات ذات صلة

«حزب الله»: «حصرية السلاح» تخدم إسرائيل

المشرق العربي «حزب الله»: «حصرية السلاح» تخدم إسرائيل

«حزب الله»: «حصرية السلاح» تخدم إسرائيل

شنّ أمين عام «حزب الله» الشيخ نعيم قاسم هجوماً على أركان السلطة في لبنان، متّهماً إياهم بـ«العمل من أجل إسرائيل».

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي أمين عام «حزب الله» نعيم قاسم متحدثاً في احتفال «تعظيماً للعلماء الشهداء على طريق القدس وأولي البأس» (الوكالة الوطنية للإعلام) play-circle

نعيم قاسم: لبنان أمام مفصل تاريخي إما «وصاية أميركية وإما سيادة»

قال الأمين العام لـ«حزب الله» اللبنانية نعيم قاسم إن لبنان أمام «مفصل تاريخي حاسم» يكون فيه إما «تحت الوصاية الأميركية الإسرائيلية وإما النهوض واستعادة السيادة»

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي موكب تابع للكتيبة الإسبانية في قوة «اليونيفيل» يعبر بلدة القليعة (جنوب لبنان) يوم 12 أكتوبر 2024 (د.ب.أ)

أي مهام للقوة الدولية «الموعودة» في لبنان بعد انسحاب «اليونيفيل»؟

تنشط المساعي الأوروبية لبلورة بديل عن قوات «اليونيفيل» التي يُفترض أن تبدأ انسحابها من لبنان مع نهاية عام 2026، بقرار من مجلس الأمن الدولي.

بولا أسطيح (بيروت)
المشرق العربي زينة الميلاد في وسط بيروت التجاري الذي تحوّل إلى مقصد للسياح خلال فترة الأعياد (أ.ب)

تبديد المخاوف من الحرب ينعكس على الحركة السياحية والتجارية في لبنان

انعكست التطمينات وتبدّد المخاوف تدريجياً من التصعيد الإسرائيلي بارتفاع ملحوظ في عدد القادمين إلى لبنان خلال فترة الأعياد.

حنان حمدان (بيروت)
المشرق العربي عربات الإسعاف والدفاع المدني السوري على الحدود السورية - اللبنانية (سانا)

غرق 5 سوريين خلال محاولتهم عبور الحدود اللبنانية - السورية

قال التلفزيون السوري، الأحد، إن 5 سوريين غرقوا في أثناء محاولتهم عبور الحدود اللبنانية - السورية.

«الشرق الأوسط» (دمشق)

احتجاجات في الساحل السوري رافقتها صدامات

قوات الأمن السورية تطوق مظاهرة احتجاجية في اللاذقية بعد وقوع صدامات أمس (إ.ب.أ)
قوات الأمن السورية تطوق مظاهرة احتجاجية في اللاذقية بعد وقوع صدامات أمس (إ.ب.أ)
TT

احتجاجات في الساحل السوري رافقتها صدامات

قوات الأمن السورية تطوق مظاهرة احتجاجية في اللاذقية بعد وقوع صدامات أمس (إ.ب.أ)
قوات الأمن السورية تطوق مظاهرة احتجاجية في اللاذقية بعد وقوع صدامات أمس (إ.ب.أ)

أفادت وسائل إعلام سورية رسمية بعودة الهدوء مساء أمس (الأحد) في مناطق الساحل كافة، بعد التوترات الأمنية التي شهدتها خلال الاحتجاجات التي لبت دعوة غزال غزال، رئيس المجلس الإسلامي العلوي المؤسس في فبراير (شباط) الماضي.

وأعلنت وزارة الدفاع السورية، نشر مجموعات من الجيش مدعومة بآليات مصفحة ومدرعات في مراكز مدن اللاذقية وطرطوس بالساحل الغربي للبلاد عقب الهجوم المسلح من فلول النظام البائد على قوات الأمن والمواطنين خلال الاحتجاجات.

وزارة الداخلية من جهتها، قالت إنّ قواتها الأمنية المكلّفة تأمين الاحتجاجات تعرضت «لاعتداءات مباشرة» من قبل مسلحين ملثمين في اللاذقية، مشيرةً إلى وقوع حوادث مشابهة في ريف طرطوس نفذتها مجموعات مرتبطة بفلول النظام السابق. وتوفي 3 أشخاص وأصيب 60 آخرون بين مدنيين وعناصر أمن، جراء الاعتداءات، وأوضحت مديرية الصحة في تصريح لـ«سانا»، أن الإصابات التي وصلت إلى المشافي شملت إصابات بالسلاح الأبيض، والحجارة وطلقات نارية من فلول النظام البائد على عناصر الأمن والمواطنين.

وأصدر وجهاء من «الطائفة الإسلامية العلوية» في منطقة الساحل بسوريا بيانات ترفض دعوات التقسيم وإثارة الفتن، وتؤكد التزامهم القيم التي تدعو إلى «وحدة الصف وبناء سوريا واحدة موحدة».


نعيم قاسم يطالب بتأجيل «حصرية السلاح»

عناصر في الجيش اللبناني يقفون قرب سيارة استهدفتها غارة إسرائيلية في بلدة عقتنيت بجنوب لبنان وأسفرت عن مقتل 3 أشخاص (د.ب.أ)
عناصر في الجيش اللبناني يقفون قرب سيارة استهدفتها غارة إسرائيلية في بلدة عقتنيت بجنوب لبنان وأسفرت عن مقتل 3 أشخاص (د.ب.أ)
TT

نعيم قاسم يطالب بتأجيل «حصرية السلاح»

عناصر في الجيش اللبناني يقفون قرب سيارة استهدفتها غارة إسرائيلية في بلدة عقتنيت بجنوب لبنان وأسفرت عن مقتل 3 أشخاص (د.ب.أ)
عناصر في الجيش اللبناني يقفون قرب سيارة استهدفتها غارة إسرائيلية في بلدة عقتنيت بجنوب لبنان وأسفرت عن مقتل 3 أشخاص (د.ب.أ)

طالب الأمين العام لـ«حزب الله»، الشيخ نعيم قاسم، الحكومة اللبنانية بتأجيل طرح مسألة «حصرية السلاح» التي تقضي بحصر السلاح بيد الدولة، ووصفها بأنها «غير منطقية في ظل الاعتداءات الإسرائيلية المستمرة».

واعتبر قاسم أن نزع سلاح «حزب الله» هو مشروع أميركي - إسرائيلي «حتى لو سمّوه في هذه المرحلة (حصرية السلاح)»، مضيفاً أن هذا المشروع «يهدف إلى إنهاء قدرة لبنان العسكرية وضرب فئة وازنة من الشعب اللبناني»، ومؤكداً أن «الحكومة قدّمت تنازلات مجانية من دون مقابل، بينما لم تلتزم إسرائيل أي اتفاقات».

وأشار قاسم، خلال كلمة له في مناسبة حزبية، إلى أن «البلاد تقف أمام مفصل تاريخي حاسم»، داعياً إلى «إعادة النظر في الخطط المقترحة حالياً»، ومؤكداً أن «المقاومة التزمت الاتفاق أكثر مما التزمته الدولة، في حين واصلت إسرائيل خرق التفاهمات».


مصادر محلية في اللاذقية: ما حصل من عنف خلال الاحتجاجات استغلال لحق التظاهر السلمي

تظاهر أفراد من الطائفة العلوية في اللاذقية مطالبين بالفيدرالية وإنهاء ما وصفوه بالقتل والانتهاكات (رويترز)
تظاهر أفراد من الطائفة العلوية في اللاذقية مطالبين بالفيدرالية وإنهاء ما وصفوه بالقتل والانتهاكات (رويترز)
TT

مصادر محلية في اللاذقية: ما حصل من عنف خلال الاحتجاجات استغلال لحق التظاهر السلمي

تظاهر أفراد من الطائفة العلوية في اللاذقية مطالبين بالفيدرالية وإنهاء ما وصفوه بالقتل والانتهاكات (رويترز)
تظاهر أفراد من الطائفة العلوية في اللاذقية مطالبين بالفيدرالية وإنهاء ما وصفوه بالقتل والانتهاكات (رويترز)

رأت مصادر محلية في محافظة اللاذقية أن ما حصل من تجاوزات وعنف خلال الاحتجاجات التي دعا لها الشيخ غزال غزال، هو استغلال لما أجازه القانون والدولة السورية، أي (التظاهر السلمي)، وتحويله إلى ما يخالف القانون ويهدد الأمن والاستقرار الداخلي.

وعملت عناصر الشرطة في بداية انطلاق المظاهرات على استيعاب تجاوزات واعتداءات قام بها متظاهرون في مدينتي اللاذقية وبانياس بريف طرطوس، ومنع حصول احتكاكات مع مشاركين في مظاهرات مؤيدة للحكومة.

لكن الأمر تطور لاحقاً إلى إطلاق نار على سيارات عناصر الأمن، ومن ثم على العناصر أنفسهم.

وكشف المتحدث باسم وزارة الداخلية نور الدين البابا، الأحد، أن مشهد هجوم فلول النظام البائد بوحشية على المتظاهرين السلميين يعد انتصاراً للثورة السورية.

وأكد البابا لـ«الإخبارية» أن قوى الأمن الداخلي تتعامل بقدر عالٍ من الانضباط والأخلاق الكريمة، مبيناً أن الاحتجاجات اليوم هي نتيجة دعوات انفصالية، ومشيراً إلى أن النظام البائد حرم الساحل من الخدمات وحوّل السكان إلى حطب.

إبعاد ضابط شرطة مصاب عن منطقة الاحتجاجات في اللاذقية (أ.ب)

وأوضح أن تحريك الغوغاء للابتزاز السياسي للدولة ومحاولة تحصيل مكاسب سياسية في التفاوض، لن يجدي نفعاً.

وبين أن تفجير المسجد في حمص استهدف عدة مكونات وليس مكوناً واحداً، وهناك رؤوس معينة تحرك ما يجري للإضرار بالشعب السوري في المنطقة الساحلية.

من جهته، اتهم النائب المنتخب في مجلس الشعب عن محافظة اللاذقية، الدكتور أوس فائز عثمان، رئيس المجلس الإسلامي العلوي الأعلى الشيخ غزال غزال وفلول النظام التابعة له، باستغلال تفجير مسجد الإمام علي بن أبي طالب، الجمعة الماضي، في حي وادي الذهب ذي الأغلبية العلوية، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «يريدون الذهاب بالبلاد إلى فتنة».

لقاء الرئيس أحمد الشرع في قصر الشعب بدمشق وجهاء وأعيان محافظتي اللاذقية وطرطوس (سانا)

والتقى الرئيس السوري أحمد الشرع منتصف ديسمبر (كانون الأول) الجاري، في قصر الشعب بدمشق، وجهاء وأعيان محافظتي اللاذقية وطرطوس بحضور المحافظين المعنيين، وذلك في إطار جهود القيادة لتعزيز الاستقرار والمشاركة الشعبية في تطوير البلاد.

وذكر عثمان أنه تم التوصل خلال اللقاء إلى اتفاق لإخراج الموقوفين من أبناء المنطقة الساحلية وتسوية شؤون العسكريين وإعادة الموظفين إلى وظائفهم، وقد تمت أول خطوة منذ يومين بإخراج نحو 70 موقوفاً من اللاذقية، واليوم، كان من المقرر أن يخرج 250 آخرون، موضحاً أن الدولة تعمل على تنفيذ التزاماتها تجاه المنطقة الساحلية.

وأوضح: «نحن معتادون على عدم الحديث بالطائفية، فاللغة الطائفية هي اللغة الإيرانية»، لافتاً إلى أن غزال يتواصل مع مجموعة من فلول الأسد ويفتعلون هذه الأحداث.

مداخلة من أحد أعضاء وفد الساحل السوري في لقاء الرئيس أحمد الشرع بدمشق وجهاء وأعيان محافظتي اللاذقية وطرطوس (سانا)

ولفت عثمان إلى قيامه بمحاولات من أجل تهدئة الأمور، حيث أصدر وجهاء وأعيان في مدينة القرداحة بياناً يطالب بالهدوء وعدم الانجرار إلى الفتنة، عقب دعوة غزال. وأكد أن الأغلبية الساحقة في المنطقة الساحلية لا تريد التقسيم ولا الفيدرالية التي يطالب بها غزال وجماعته، وقال «نحن لا نقبل بهذا الأمر».

وذكر النائب أن غزال ومجموعات ما تسمى «سرايا درع الساحل» و«سرايا الجواد» و«سهيل الحسن»، هم من يقومون بهذه الأحداث التي تهدف إلى الفتنة، وأضاف: «يريدون تدمير ما تبقى من سوريا بعد أن دمر بشار الأسد الهارب وجماعته قسماً كبيراً منها»، لافتاً إلى أن الطائفة العلوية دفعت ثمناً غالياً جداً خلال حكمه.

وشدد عثمان على ضرورة أن تأخذ الأجهزة الأمنية دوراً أكثر تشدداً على الأرض باعتقال الرؤوس التي تمول وتدفع إلى هذه الأحداث.

وبعدما وصف أعداد المشاركين في المظاهرات بأنها «متواضعة»، قدر عثمان أعدادهم بما لا يتجاوز العشرين ألفاً على امتداد الساحل الذي يصل عدد سكانه من العلويين إلى نحو 4-5 ملايين؛ أي واحد ونصف في المائة من عدد سكان المنطقة.

وحول نوع الفيدرالية التي يطالب بها غزال وأتباعه، أوضح عثمان: «هم لا يعرفون ماذا تعني الفيدرالية. إذا كانوا يطالبون بفيدرالية سياسية فهي تقسيم. وعندما تسألهم في الشارع عن ذلك لا يعرفون حدودها، وحتى غزال نفسه الذي فر إلى خارج البلاد منذ التحرير لا يعرف ما هو معنى الفيدرالية».