مصر تدعو إلى «مقاربة شاملة» لمكافحة الإرهاب في غرب أفريقيا

عبد العاطي أكد للرئيس السنغالي تطلع بلاده إلى تعزيز الشراكة

وزير الخارجية المصري خلال لقاء الرئيس السنغالي (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري خلال لقاء الرئيس السنغالي (الخارجية المصرية)
TT

مصر تدعو إلى «مقاربة شاملة» لمكافحة الإرهاب في غرب أفريقيا

وزير الخارجية المصري خلال لقاء الرئيس السنغالي (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري خلال لقاء الرئيس السنغالي (الخارجية المصرية)

أكدت مصر أهمية تبني «مقاربة شاملة» لمكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة في غرب أفريقيا، تقوم على تعزيز الاستجابات الأمنية بالتوازي مع مجابهة الأبعاد الفكرية والآيديولوجية للتطرف، ودعم جهود التنمية بوصفها أداة أساسية لتحقيق الاستقرار، جاء ذلك خلال زيارة وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، إلى السنغال، الجمعة، في آخر محطات جولته الأفريقية.

ووفق إفادة لوزارة الخارجية المصرية، سلم عبد العاطي، الجمعة، الرئيس السنغالي باسيرو ديوماي فاي رسالة خطية من الرئيس عبد الفتاح السيسي تضمنت التأكيد على «خصوصية العلاقات بين البلدين، وتقدير مصر للروابط التاريخية والأخوية التي تجمع الشعبين، والتطلع لتعزيز الشراكة مع السنغال في مختلف المجالات».

وأشاد عبد العاطي بالروابط الممتدة والعلاقات الوثيقة التي تجمع بين مصر والسنغال، وما تشهده من تنامٍ وتطور مستمر، سواء على المستوى الثنائي أو في إطار العمل الأفريقي المشترك، مشيراً إلى أن «الزيارة تتزامن مع احتفال البلدين بمرور 65 عاماً على إقامة العلاقات الدبلوماسية»، مؤكداً أن بلاده تنظر إلى السنغال بوصفها شريكاً استراتيجياً في منطقة غرب أفريقيا.

ولفت عبد العاطي إلى توافق الرؤى بين البلدين إزاء مختلف القضايا الإقليمية والدولية، والتنسيق المستمر في المحافل المتعددة الأطراف للدفاع عن مصالح القارة الأفريقية وتعزيز وحدة الصف الأفريقي. كما ثمن السياسات الرشيدة التي تنتهجها السنغال إقليمياً والدور المتوازن الذي تضطلع به في منطقة غرب أفريقيا.

جانب من محادثات عبد العاطي مع وزيرة التكامل الأفريقي والشؤون الخارجية السنغالية في داكار (الخارجية المصرية)

فيما أكد الرئيس السنغالي حرص بلاده على مواصلة التنسيق مع مصر والعمل المشترك على المستويين الثنائي والقاري وتكثيف التنسيق في المحافل والدولية، بما يخدم مصالح الشعبين ويعزز من وحدة وتماسك الموقف الأفريقي.

كما أجرى عبد العاطي محادثات مع وزيرة التكامل الأفريقي والشؤون الخارجية السنغالية، ياسين فال، في داكار، الجمعة، تناولت سُبل تعزيز التعاون الثنائي بين البلدين في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والتنموية، والتطلع إلى عقد الدورة المقبلة للجنة المشتركة بين البلدين في داكار، والخروج بنتائج ملموسة تعزز من التعاون الثنائي في المجالات كافة.

وبحسب «الخارجية المصرية» أكد عبد العاطي «أهمية مواصلة التنسيق والتعاون لمواجهة التهديدات المتصاعدة التي تفرضها الجماعات الإرهابية في المنطقة، والعمل على منع تمددها، لما يمثله ذلك من تهديد مباشر لاستقرار دول المنطقة»، مشيراً إلى «التزام بلاده بحفظ الأمن والسلم في القارة الأفريقية»، لافتاً إلى «انخراطها النشط في غالبية بعثات حفظ السلام الأممية في القارة، والاستعداد لتعزيز التعاون مع السنغال في مجال مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة في غرب أفريقيا ومنطقة الساحل، من خلال تطوير مقاربة شاملة تشمل الأبعاد العسكرية والأمنية والآيديولوجية، بالتوازي مع دعم جهود التنمية».

بدر عبد العاطي خلال منتدى «الأعمال المصري - السنغالي» (الخارجية المصرية)

وأعلنت مصر في يناير (كانون الثاني) الماضي، التعاون مع السنغال في مجال «النقل البحري»، وتسيير خط ملاحي بين الإسكندرية وداكار. كما أجرى عبد العاطي وياسين فال، محادثات في القاهرة، مطلع العام، تناولت «الأوضاع في منطقة الساحل وغرب أفريقيا»، إلى جانب «المستجدات في القرن الأفريقي، والتطورات في الصومال والسودان، وقضية الأمن المائي المصري».

وشارك وزير الخارجية المصري في منتدى «الأعمال المصري - السنغالي» بداكار، الجمعة، بحضور 30 شخصية من رجال الأعمال ورؤساء وممثلي كبرى الشركات المصرية العاملة في مختلف المجالات.

وشهد «المنتدى» بحث إقامة مشروعات مشتركة في مختلف القطاعات، بما في ذلك الزراعة، والصناعات الدوائية، والبنية التحتية، والتعدين، والصناعات التحويلية والطاقة الجديدة والمتجددة. وأوضح الوزير عبد العاطي أن «الشركات المصرية على أتم الاستعداد للتعاون مع نظرائها السنغاليين لاستكشاف فرص الاستثمار والتبادل التجاري». فيما أكد وزير التجارة والصناعة السنغالي، سيرين جاي ديوب، استعداد الجهات المعنية في السنغال لتقديم جميع أشكال الدعم والتيسيرات اللازمة لرجال الأعمال المصريين الراغبين في الاستثمار أو إقامة شراكات في السوق السنغالية، بما يُساهم في فتح آفاق جديدة للتعاون الإقليمي في إطار التكامل الأفريقي.

وقال رئيس غرفة التجارة والصناعة السنغالية، عبد الله صو، إن «المنتدى» يُمثل تدشيناً لمرحلة جديدة من التعاون الاقتصادي والاستثماري بين البلدين، مشيداً بما تمثله مصر من نموذج ناجح في التنمية والاستثمار في أفريقيا، معرباً عن تطلعه إلى ترجمة المناقشات التي شهدها «المنتدى» إلى مشروعات واستثمارات مشتركة تساهم في نقل الخبرات ودفع عجلة التنمية الاقتصادية في البلدين.


مقالات ذات صلة

تصاعد التوتر المصري - الإثيوبي في النزاع المائي

شمال افريقيا سد النهضة الإثيوبي (أ.ف.ب)

تصاعد التوتر المصري - الإثيوبي في النزاع المائي

صعّدت إثيوبيا لهجتها ضد مصر على خلفية نزاع «سد النهضة» متهمة إياها بالسعي إلى «احتكار نهر النيل» استناداً لاتفاقيات أُبرمت خلال «حقبة استعمارية».

أحمد جمال (القاهرة)
أفريقيا وزير الدفاع الجديد في نيجيريا الفريق كريستوفر موسى (الوكالة الرسمية)

نيجيريا تعين وزير دفاع جديداً وتعيد هيكلة منظومتها الأمنية «المتعثرة»

 اتخذت نيجيريا خطوات لإعادة هيكلة منظومتها الأمنية وعينت وزير دفاع جديداً أملاً في التصدي لخطر «الإرهاب» كما اتخذت قرارات تشدد الرقابة على حيازة السلاح.

الشيخ محمد (نواكشوط)
أفريقيا الفريق المتقاعد كريستوفر موسى المرشح لتولي منصب وزير الدفاع الجديد في نيجيريا (إعلام محلي)

نيجيريا: مَن وزير الدفاع الجديد الذي اقترحه الرئيس على مجلس الشيوخ؟

اقترح الرئيس النيجيري بولا أحمد تينوبو تعيين رئيس هيئة الأركان السابق، الفريق المتقاعد كريستوفر موسى، لتولي منصب وزير الدفاع الجديد، وسط تحديات أمنية جسام.

الشيخ محمد (نواكشوط)
شمال افريقيا جانب من أشغال الاجتماع الأفريقي رفيع المستوى في وهران بغرب الجزائر الاثنين (الخارجية الجزائرية)

قلق أفريقي متزايد من تصاعد الانقلابات وتهديدات الإرهاب

عبّر وزراء خارجية عدد من الدول الأفريقية، ومسؤولون في الاتحاد الأفريقي، خلال اجتماع في الجزائر، عن قلق من تزايد الانقلابات في القارة وتهديدات الإرهاب.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
أفريقيا الجنرال هورتا نتام يؤدي اليمين خلال مراسم في غينيا بيساو يوم 27 نوفمبر (أ.ف.ب)

رغم التنديد الدولي... رجل بيساو «القوي» يثبِّت انقلابه

قال جيش غينيا بيساو في بيان إن الجنرال هورتا نتام أدى اليمين رئيساً انتقالياً للبلاد  (الخميس) وذلك بعد يوم واحد من إعلان ضباط الجيش عزل الرئيس.

الشيخ محمد (نواكشوط)

بريطانيا تنهي تقييد حركة ناشط مصري تصدى لـ«حصار السفارات»

أحمد عبد القادر (ميدو) رئيس اتحاد شباب المصريين في الخارج (صفحته على فيسبوك)
أحمد عبد القادر (ميدو) رئيس اتحاد شباب المصريين في الخارج (صفحته على فيسبوك)
TT

بريطانيا تنهي تقييد حركة ناشط مصري تصدى لـ«حصار السفارات»

أحمد عبد القادر (ميدو) رئيس اتحاد شباب المصريين في الخارج (صفحته على فيسبوك)
أحمد عبد القادر (ميدو) رئيس اتحاد شباب المصريين في الخارج (صفحته على فيسبوك)

أنهت السلطات البريطانية تقييد حركة رئيس «اتحاد شباب المصريين في الخارج»، أحمد عبد القادر (ميدو)، الذي سبق توقيفه على ذمة اشتباكات أمام السفارة المصرية في لندن خلال تصديه لما عرف بحملة «حصار السفارات المصرية بالخارج»، في أغسطس (آب) الماضي.

وأعلن الشاب المصري عبر حسابه على «فيسبوك»، الخميس، «إلغاء قرار منعه من السفر وتحديد إقامته والمراقبة، واتخاذه قرار بالعودة إلى مصر»، مشيراً إلى إسقاط غالبية التهم الموجهة ضده، فيما تتبقى أمامه قضية واحدة مرتبطة بـ«تهديد المتظاهرين» ستنظر في أغسطس 2026.

وترجع وقائع القضية إلى إيقاف ميدو من جانب الشرطة البريطانية برفقة نائبه أحمد ناصر عدة ساعات على خلفية الاشتباك مع محتجين مصريين وعرب أمام سفارة مصر في لندن اتهموا خلالها السلطات المصرية بمنع إدخال المساعدات إلى قطاع غزة، قبل الإفراج عن الموقفين إثر اتصال بين وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي ومستشار الأمن القومي البريطاني جوناثان باول.

ورغم عودة ناصر بعدها إلى مصر على الفور، ظل ميدو ممنوعاً من مغادرة بريطانيا لحين نظر المحكمة في قضيته التي بدأت في 20 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، واستكملت في جلسة الخميس الرابع من ديسمبر (كانون الأول).

ومنذ نهاية يونيو (حزيران) الماضي، شهدت سفارات وبعثات دبلوماسية مصرية حول العالم احتجاجات ومحاولات «حصار وإغلاق»، بدعوى مطالبة القاهرة بفتح «معبر رفح» على الحدود مع غزة، وإيصال المساعدات لأهالي القطاع الذين يعانون «التجويع»، وذلك رغم تأكيدات مصرية رسمية متكررة على عدم إغلاق المعبر من الجانب المصري، وأن منع دخول المساعدات يعود للقوات الإسرائيلية المسيطِرة على الجانب الفلسطيني من المعبر.

وقال مسؤولون وبرلمانيون مصريون إن حصار السفارات المصرية في الخارج يأتي ضمن «حملات تحريضية» تدبرها جماعة «الإخوان المسلمين»، المحظورة في مصر، بهدف «تشويه الدور المصري في دعم القضية الفلسطينية».

وفي رسالته على «فيسبوك»، الخميس، وجه ميدو الشكر إلى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ووزير الخارجية عبد العاطي الذي قال إنه لم يتأخر عن الوقوف بجانبه خلال الفترة الماضية.

جانب من استقبال الشاب المصري أحمد ناصر بعد عودته من لندن في أغسطس الماضي (صفحته على فيسبوك)

وقال نائبه ناصر لـ«الشرق الأوسط» إن هناك بلاغات متبادلة بينهما واثنين ممن هاجموا السفارة وإنها ستُنظر أمام القضاء في مايو (أيار) المقبل، بينما ستُنظر بلاغات أخرى مقدمة ضد ميدو في أغسطس، متوقعاً الحصول على براءة من الادعاءات التي ينظرها القضاء البريطاني كونها «احتوت على معلومات غير صحيحة».

وأضاف: «ميدو لا يواجه أي مشكلات قانونية في العودة إلى بريطانيا خلال الفترة المقبلة»، مشيراً إلى أنه سيعود معه لاستكمال مشاريعهما ونشاطهما التجاري مع استمرار سريان إقامتهما الدائمة.

وعَدَّ عضو مجلس النواب مصطفى بكري القرار البريطاني «متوقعاً» ويعكس نجاح جهود الدبلوماسية المصرية في الدفاع عن المواطنين المصريين بالخارج.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «ميدو لم يرتكب أي جريمة يعاقَب عليها، وإنما الجريمة هي التي ارتكبها المتطرفون الذين ذهبوا إلى السفارة لمحاصرتها».


عشرات «الطعون» الجديدة تلاحق انتخابات «النواب» المصري

مصريون يستعدون لدخول أحد مراكز الاقتراع في انتخابات مجلس النواب (المنظمة المصرية لحقوق الإنسان)
مصريون يستعدون لدخول أحد مراكز الاقتراع في انتخابات مجلس النواب (المنظمة المصرية لحقوق الإنسان)
TT

عشرات «الطعون» الجديدة تلاحق انتخابات «النواب» المصري

مصريون يستعدون لدخول أحد مراكز الاقتراع في انتخابات مجلس النواب (المنظمة المصرية لحقوق الإنسان)
مصريون يستعدون لدخول أحد مراكز الاقتراع في انتخابات مجلس النواب (المنظمة المصرية لحقوق الإنسان)

تلاحق عشرات الطعون القضائية نتائج المرحلة الثانية من انتخابات مجلس النواب المصري، لتضاف إلى سلسلة الطعون التي رافقت المرحلة الأولى، وأدت إلى إعادة الانتخابات في عدة دوائر، وسط جدل سياسي حول إجراءات الاستحقاق البرلماني.

وصوت المصريون، الخميس، في اليوم الثاني (الأخير) للانتخابات في الدوائر الـ19 الملغاة، بالإضافة إلى دائرة إعادة بالفيوم، ضمن المرحلة الأولى من انتخابات مجلس النواب.

وجرت عمليات التصويت في 1775 لجنة فرعية على مستوى الـ20 دائرة في 7 محافظات، والتي يتنافس فيها 455 مرشحاً على 43 مقعداً.

وتوالت الطعون على المحكمة الإدارية العليا ضد قرارات الهيئة الوطنية للانتخابات بإعلان نتائج الجولة الأولى للمرحلة الثانية، حيث بلغ عددها حتى منتصف اليوم 200 طعن من مختلف المحافظات المشمولة بالمرحلة، وفق وسائل إعلام محلية.

وتحفظت الهيئة الوطنية للانتخابات عن التعليق على هذا العدد من الطعون، فيما قال المستشار أحمد بنداري، مدير الجهاز التنفيذي بالهيئة الوطنية للانتخابات، لـ«الشرق الأوسط»، إن «الهيئة ما زالت تنتظر نهاية يوم الخميس، وهو آخر موعد قانوني لتقديم الطعون، وفق الجدول الزمني المعتمد».

وأوضح مصدر قضائي مصري أن الدائرة الأولى بالمحكمة الإدارية العليا ستبدأ فحص ملفات الطعون، وحددت الجلسة الأولى لنظرها في 7 ديسمبر (كانون الأول) الحالي. كما يحق للمرشحين غير الفائزين التقدم بطعونهم خلال 48 ساعة من إعلان النتيجة.

لقطة من أمام إحدى اللجان الانتخابية بمحافظة الجيزة (المنظمة المصرية لحقوق الإنسان)

ونظراً لتزايُد الطعون المرتبطة بالمرحلة الثانية للانتخابات، يرجح أستاذ القانون الدستوري عبد الله المغازي احتمال إعادة الانتخابات في عدد من دوائر المرحلة الثانية، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن هذا الاحتمال «يتوقف على طبيعة الأسباب التي يستند إليها المرشحون في طعونهم، ومدى اقتناع المحكمة بصلابة الحجج القانونية المقدَّمة».

وشدّد المغازي على أن المحكمة تعتمد معياراً رئيسياً يتمثل في التحقق من سلامة العملية الانتخابية، وضمان الالتزام الصارم بالأطر القانونية المنظمة لها قبل إصدار أي قرار بإعادة الاقتراع.

وتوزعت الطعون على المرحلة الثانية للانتخابات على 10 محافظات هي: القاهرة، والدقهلية، والقليوبية، والشرقية، وكفر الشيخ، والغربية، وشمال سيناء، والمنوفية، والإسماعيلية، ودمياط، بحسب وسائل إعلام محلية.

يأتي هذا وسط حالة من الجدل السياسي والقانوني، عقب سلسلة المخالفات التي رافقت التصويت في المرحلة الأولى للانتخابات البرلمانية، ودفعت الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى مطالبة الهيئة الوطنية للانتخابات بمراجعة التجاوزات.

وبعد إلغاء نتائج 19 دائرة في سبع محافظات دفعة واحدة، أصدرت المحكمة الإدارية العليا قرارات أبطلت فيها نتائج 30 دائرة أخرى؛ لتقفز نسبة الدوائر الملغاة في النظام الفردي إلى ما يتجاوز 60 في المائة.

وتؤكد الهيئة الوطنية للانتخابات أن الإجراءات المتخذة لتصحيح المسار «تعكس قوة مجلس النواب المقبل»، وفقاً للمستشار بنداري الذي قال في تصريحات متلفزة إن كل الإجراءات القانونية والرقابة القضائية اتُّخذت لضمان أن يكون المجلس منتخباً بإرادة الناخبين.

لكن الكاتب الصحافي عبد الله السناوي يرى أن حجم الدوائر الملغاة والأحكام القضائية التي انتقدت امتناع الجهة المشرفة عن تقديم محاضر الفرز في المرحلة الأولى، «لا يمكن اعتبارهما مجرد خلل إجرائي عابر».

وقال في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن الطعون المتزايدة وإعادة الانتخابات في هذا العدد الكبير من الدوائر «ليستا دليلاً على تصحيح المسار، بل هما مؤشر على اضطراب أعمق في البيئة القانونية والتنظيمية»، مشدداً على أن أنصاف الحلول «لا تبني شرعية مستقرة للبرلمان»، ودعا إلى «إصلاح عميق للبنية القانونية للانتخابات، وفتح المجال العام، وإطلاق الحريات السياسية؛ كخطوة أولى لإصلاح هذا المشهد».

ومن المقرر إعادة التصويت في الدوائر الثلاثين الملغاة بحكم «الإدارية العليا» للمرحلة الأولى، بحيث تُجرى الجولة الأولى يومي 8 و9 ديسمبر الحالي للمصريين بالخارج، ويومي 10 و11 ديسمبر للداخل، على أن تعلن النتيجة يوم 18 من الشهر.

وفي حالة الإعادة، تُجرى الانتخابات في الخارج يومي 31 ديسمبر و1 يناير (كانون الثاني)، وفي الداخل يومي 3 و4 يناير، وتُعلن النتيجة النهائية يوم 10 يناير.


تصاعد التوتر المصري - الإثيوبي في النزاع المائي

سد النهضة الإثيوبي (أ.ف.ب)
سد النهضة الإثيوبي (أ.ف.ب)
TT

تصاعد التوتر المصري - الإثيوبي في النزاع المائي

سد النهضة الإثيوبي (أ.ف.ب)
سد النهضة الإثيوبي (أ.ف.ب)

صعّدت إثيوبيا لهجتها ضد مصر على خلفية نزاع «سد النهضة»، متهمة إياها بالسعي إلى «احتكار نهر النيل» استناداً لاتفاقيات أُبرمت خلال «الحقبة الاستعمارية»، وعرقلة المفاوضات بين البلدين، وهو ما عدَّه خبراء ومحللون «لغة تصعيدية» قد تضاعف الخلافات القائمة.

وفي بيان صدر، الأربعاء، قالت الخارجية الإثيوبية إن المسؤولين المصريين «يدَّعون احتكار مياه النيل تحت ذريعة معاهدات تم إبرامها خلال الحقبة الاستعمارية». وأثار البيان حفيظة المصريين.

ورغم استمرار المفاوضات بين البلدين بمشاركة السودان لأكثر من 12 عاماً بحثاً عن التوصل إلى اتفاق قانوني ملزم بشأن بناء «سد النهضة» وتشغيله، اتهم البيان الإثيوبي مصر بـ«عرقلة المفاوضات»، ودعت أديس أبابا الجهات المعنية إلى إدانة ما وصفته بـ«السلوك غير المسؤول من جانب مصر بالتظاهر بالانخراط في التفاوض والحوار دون جدوى».

وصدر البيان بعد ساعات من تحذير وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي من «الممارسات الإثيوبية غير المسؤولة» على حوض نهر النيل الشرقي، مؤكداً خلال مؤتمر صحافي في برلين مع وزير الخارجية الألماني يوهان فاديفول، الثلاثاء، أنها «تُشكل خطراً داهماً على مصالح مصر المائية وأمنها القومي».

مؤتمر صحافي بين وزيري الخارجية المصري بدر عبد العاطي والألماني يوهان فاديفول الثلاثاء تحدث فيه عن موقف مصر من سد النهضة (الخارجية المصرية)

وكانت إثيوبيا قد افتتحت سد النهضة رسمياً في سبتمبر (أيلول) الماضي، بعد 14 عاماً من بدء أعمال البناء، وهو أكبر سد لتوليد الطاقة الكهرومائية في أفريقيا.

واتفق خبراء مصريون في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» على أن بيان إثيوبيا «حمل لغة تصعيدية» قد تضاعف من خلافات البلدين فيما يتعلق بالتعامل مع الملف المائي، ويفتح الباب أمام إقدام القاهرة على اتخاذ إجراءات قانونية إزاء ما تراه عدم التزام بالقوانين المنظمة لاستخدامات المياه في الأنهار الدولية، دون استبعاد أي حلول حال تعرض مصالحها للضرر.

وأبدت إثيوبيا من خلال البيان تمسكها بما تعده حقها في «استخدام مواردها المائية»، مؤكدة أنها «غير ملتزمة مطلقاً بأن تطلب الإذن من أي جهة لاستخدام الموارد الطبيعية الموجودة داخل حدودها».

والنيل الأزرق الذي بنت عليه إثيوبيا «سد النهضة» هو المنبع الرئيسي لنهر النيل في مصر.

القانون الدولي

وقال رئيس لجنة الشؤون الأفريقية في مجلس النواب المصري، شريف الجبلي، إن البيان «تجاوز الأعراف الدبلوماسية، ويزيد صعوبة العودة إلى الحوار البناء بين إثيوبيا ومصر والسودان».

وأضاف: «البيان لا يعترف بالاتفاقيات المعمول بها سابقاً بشأن الحقوق المائية التاريخية لدولتي المصب، ويتجاوز قوانين إدارة الأنهار الدولية التي تنص على الاستخدام العادل والمعقول للمياه».

وأكد في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن البيان «يتجاهل مسألة عدم الإضرار بالدول الأخرى، وهو ما يشير إلى إصرار إثيوبيا على اتخاذ موقف أحادي بشأن استخدامات مياه النهر، ما يفتح الباب أمام إقدام مصر على اتخاذ إجراءات قانونية لمواجهة انتهاكات القانون الدولي».

وتابع قائلاً: «لدى مصر حقوق تاريخية وقانونية لا يمكن تجاهلها»، مشيراً إلى أن البيان الإثيوبي «يهدد الأمن المائي، ويتطلب خططاً استراتيجية تعمل على مواجهة أي تصعيد غير محسوب في قضية المياه قد يضر بالأمن في منطقة القرن الأفريقي».

رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد لدى افتتاحه سد النهضة (الخارجية الإثيوبية)

وتتمسَّك القاهرة بما تعده «الحق التاريخي» لها في مياه النيل وفقاً لاتفاقيات دولية تضمن لها حصة تقدر بـ55.5 مليار متر مكعب من المياه.

وأكد الجبلي أهمية استمرار المطالبات المصرية بتطبيق القانون الدولي والتوصل إلى اتفاق قانوني بشأن «سد النهضة» بإشراف جميع الأطراف الدولية بما فيها الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة، «لضمان إدارة الموارد المائية بشفافية واستحداث آلية مراقبة مشتركة تتضمن الرقابة التقنية الدقيقة لتتبع تدفقات مياه النيل ومنع الإجراءات الأحادية».

الخيارات المتاحة

مساعد وزير الخارجية المصري لشؤون السودان السابق، حسام عيسى، قال إن البيان الإثيوبي جاء رداً على النشاط الدبلوماسي المصري الرافض لتصرفات أديس أبابا «الأحادية» بشأن تشغيل السد، «التي أدت إلى فيضانات في السودان وصلت تأثيراتها إلى مصر».

وقبل أيام فندت وزارة الري المصرية إجراءات إثيوبيا التي أدت إلى «عدم انتظام تصريف المياه»، ما دفعها إلى إعلان إجراءات حمائية لاستيعاب المياه الزائدة.

وقال عيسى لـ«الشرق الأوسط»: «مصر تضع الآن جميع أوراقها على الطاولة، ولديها الوسائل المتاحة كافة لحماية مصالحها وأمنها المائي، ولن تقبل بنقص قطرة مياه واحدة، وسعيها إلى تجنب المشاكل والصراعات لا يعني عدم سلكها الطرق كافة التي تضمن أمنها».

وأضاف: «الخلاف المصري مع إثيوبيا يتركز في نهجها القائم على عدم وضع اعتبار للأضرار التي قد يتعرض لها جيرانها، سواء كان ذلك بشأن سد النهضة أو سعيها إلى الوصول لمنفذ بحري على البحر الأحمر».

ويرى الخبير في الشأن الأفريقي، رامي زهدي، أن مصر يمكنها التحرك لحفظ الحقوق المائية عبر استخدام «الوسائل الدبلوماسية، أو اللجوء إلى المحاكم الدولية، أو استخدام وسائل خشنة حالة الضرورة».

وأوضح في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن حالات الضرورة تتمثل في «وجود مهددات لاستقرار الدولة المصرية، أو التأثير سلباً على الأمن في منطقة البحر الأحمر، أو الاستمرار في إجراءات تهديد الأمن المائي عبر تصريف كميات هائلة من المياه بما يشكل خطراً داهماً أو شح المياه».

وسبق أن أعلنت مصر انتهاء مسار التفاوض بشأن السد، متهمة إثيوبيا بالتعنت وإفشال المفاوضات، مؤكدة أنها تحتفظ بحقها في الحفاظ على مصالحها الوجودية وفقاً للقانون الدولي، على أساس أن نهر النيل شريان الحياة في البلاد ومصدرها الوحيد للمياه.