الصين تعلن خطة لتحفيز الإنجاب: 500 دولار سنوياً لكل طفل حتى سن الثالثة

بكين تواجه تحدي التراجع السكاني بمساعدات مالية وسط شكوك حول جدواها الاقتصادية والديموغرافية

هناك انخفاض «غير مسبوق» في معدلات الخصوبة والإنجاب بالعالم (رويترز)
هناك انخفاض «غير مسبوق» في معدلات الخصوبة والإنجاب بالعالم (رويترز)
TT

الصين تعلن خطة لتحفيز الإنجاب: 500 دولار سنوياً لكل طفل حتى سن الثالثة

هناك انخفاض «غير مسبوق» في معدلات الخصوبة والإنجاب بالعالم (رويترز)
هناك انخفاض «غير مسبوق» في معدلات الخصوبة والإنجاب بالعالم (رويترز)

في خطوة تعكس قلق الحكومة الصينية المتزايد من الانخفاض الحاد في معدلات المواليد وتداعياته على مستقبل الاقتصاد، أعلنت بكين خطةً جديدةً لدعم الأسر مالياً من خلال تقديم إعانة سنوية قدرها 3600 يوان (نحو 500 دولار أميركي) لكل طفل حتى سن الثالثة. وتهدف هذه المبادرة إلى تحفيز الإنجاب في بلد يشهد تراجعاً ديموغرافياً غير مسبوق منذ عقود. وفقاً لصحيفة «وول ستريت جورنال».

ونُشرت تفاصيل الخطة، التي تعدُّ الأولى على المستوى الوطني بهذا الشكل، في مرسوم حكومي تم تداوله عبر مواقع حكومية محلية، من دون تحديد موعد بدء تنفيذها أو آلية صرفها. وتأتي هذه الخطوة بعد محاولات متكررة من حكومات محلية على مدار السنوات الماضية للحد من تراجع المواليد عبر حوافز مالية ودعم سكني، إلا أن نتائجها ظلت محدودة.

ويبلغ معدل الخصوبة في الصين حالياً نحو طفل واحد لكل امرأة، وهو من أدنى المعدلات عالمياً، وأقل بكثير من مستوى الإحلال السكاني البالغ 2.1 طفل لكل امرأة.

وتقول الحكومة إن هذه الأزمة باتت تشكل عبئاً على الاقتصاد ومخاطر مستقبلية على سوق العمل، والرعاية الصحية، ونظام التقاعد.

ويرى خبراء أن الدعم المالي الذي أُعلن عنه، رغم رمزيته، فإنه لا يكفي لقلب المعادلة السكانية.

ورفض كل من «مجلس الدولة الصيني» و«اللجنة الوطنية للصحة» التعليق على القرار، في حين كشفت وكالة «بلومبرغ» في تقارير سابقة عن وجود توجه رسمي نحو هذه الإعانات.

وشهدت الصين تراجعاً في عدد المواليد على مدى 6 سنوات متتالية، ولم يفلح رفع القيود المرتبطة بجائحة «كوفيد - 19» العام الماضي سوى في إحداث انتعاش مؤقت. وبحسب بيانات رسمية حديثة، انخفض عدد المتزوجين الجدد في عام 2024 إلى 6.1 مليون فقط، بتراجع نسبته 21 في المائة عن العام السابق، وهو الأدنى منذ بدء إصدار الإحصاءات عام 1986.

ويتوقع ديموغرافيون أن يتراجع عدد المواليد هذا العام إلى أقل من 9 ملايين، أي أقل من نصف العدد المسجل في 2016، حين سُمح للأسر بإنجاب طفلين للمرة الأولى منذ تطبيق سياسة الطفل الواحد في ثمانينات القرن الماضي.

ويعزو الخبراء تراجع الرغبة في الإنجاب إلى ارتفاع تكاليف تربية الأطفال، والضغوط الاقتصادية، والمخاوف الصحية، لا سيما بعد فضيحة في إحدى رياض الأطفال بمقاطعة قانسو، حيث تبيَّن أن أكثر من 230 طفلاً يعانون من مستويات مرتفعة من الرصاص في الدم؛ نتيجة استخدام مواد صناعية في الطعام. وقال أحد المعلقين عبر وسائل التواصل الاجتماعي: «إذا كان هذا هو الواقع الذي سيواجهه طفلي، فلماذا أنجبه من الأساس؟».

ورغم بدء الحكومة اتخاذ خطوات لمعالجة الخلل الديموغرافي، مثل تأخير سن التقاعد، فإن إيلاريا ماتزوكو، الباحثة في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية بواشنطن، تقول إن الاستجابة لا تزال مجتزأة ولا ترقى إلى مستوى استراتيجية شاملة. وأشارت إلى أن تجارب دول مثل كوريا الجنوبية واليابان أثبتت أن السياسات المشجعة على الإنجاب تحتاج إلى وقت طويل لتُحدث فرقاً ملموساً.

وتشهد البلاد بالفعل تداعيات ملموسة للأزمة الديموغرافية، إذ تم إغلاق أكثر من 20 ألف روضة أطفال خلال العام الماضي؛ ما تسبب في فقدان نحو 250 ألف معلم ومعلمة وظائفهم.

وتبرز هذه التحولات بوصفها مؤشراً واضحاً على أن الأزمة السكانية في الصين لم تعد شأناً مستقبلياً، بل أصبحت واقعاً حاضراً يتطلب معالجات شاملة تتجاوز الدعم النقدي المحدود.


مقالات ذات صلة

2025... عام التصعيد المحسوب والرهانات الكبرى بين أميركا والصين

الاقتصاد الرئيس الأميركي دونالد ترمب مع الرئيس الصيني شي جينبينغ خلال قمة زعماء مجموعة العشرين في أوساكا باليابان 29 يونيو 2019 (رويترز)

2025... عام التصعيد المحسوب والرهانات الكبرى بين أميركا والصين

على امتداد أشهَر عامٍ اتسم بالتقلبات، حافظت واشنطن وبكين على نهج «التصعيد المحسوب»، بحيث ارتفعت وتيرة الإجراءات من دون الانزلاق إلى مواجهة مفتوحة.

لمياء نبيل (القاهرة)
الاقتصاد علما الصين والولايات المتحدة على لوحة دوائر مزودة برقائق أشباه موصلات (رويترز)

أميركا تؤجل فرض رسوم جمركية على الرقائق الصينية إلى منتصف 2027

تعتزم ​الولايات ‌المتحدة فرض رسوم جمركية جديدة ⁠على ‌الرقائق ‍المستوردة ‍من ‍الصين، والتي ⁠لا تخضع لأي رسوم حالياً، لكنها ستؤجل التطبيق إلى منتصف 2027.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد شاشة تعرض صورة لحقل «جينتشو» النفطي بجناح شركة «سي إن أو أو سي» في معرض الصين الدولي لتجارة الخدمات (رويترز)

«سينوك» تبدأ الإنتاج من مشروع نفطي جديد في بحر الصين الجنوبي

أعلنت شركة النفط الصينية العملاقة «سينوك»، الاثنين، عن بدء الإنتاج من مشروع نفطي بحري في بحر الصين الجنوبي.

«الشرق الأوسط» (بكين)
الاقتصاد آلاف الحاويات المُعدَّة للتصدير في ميناء نانجينغ العملاق شرق الصين (أ.ف.ب)

الصين لتعزيز الصادرات والواردات في 2026 سعياً لنمو «مستدام»

تخطط الصين لتعزيز الصادرات والواردات العام المقبل ضمن الجهود الرامية إلى تعزيز التجارة «المستدامة».

«الشرق الأوسط» (بكين)
الاقتصاد الخطيب يلقي كلمة في «منتدى الأعمال المصري - الصيني» (وزارة الاستثمار المصرية)

مصر: التبادل التجاري مع الصين يبلغ 16 مليار دولار خلال 2024

أعلن وزير الاستثمار والتجارة الخارجية المصري أن التبادل التجاري بين مصر والصين بلغ 16 مليار دولار في 2024 وأن «الصين كانت دوماً شريكاً استراتيجياً لمصر».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

إصابة أكثر من 100 في حادث تصادم قطارين بالهند

موقع تصادم قطارين عقب حادث في مقاطعة بالاسور بولاية أوديشا الشرقية بالهند 5 يونيو 2023 (رويترز)
موقع تصادم قطارين عقب حادث في مقاطعة بالاسور بولاية أوديشا الشرقية بالهند 5 يونيو 2023 (رويترز)
TT

إصابة أكثر من 100 في حادث تصادم قطارين بالهند

موقع تصادم قطارين عقب حادث في مقاطعة بالاسور بولاية أوديشا الشرقية بالهند 5 يونيو 2023 (رويترز)
موقع تصادم قطارين عقب حادث في مقاطعة بالاسور بولاية أوديشا الشرقية بالهند 5 يونيو 2023 (رويترز)

قال مسؤول محلي، لـ«رويترز»، إن ​قطارين يسيران على خطين حديديين أحاديين (مونوريل) اصطدما عند محطة لتوليد الطاقة الكهرومائية قيد الإنشاء في ولاية أوتاراخاند شمال الهند، ‌مساء أمس ‌الثلاثاء، ‌مما ⁠أدى ​إلى ‌إصابة ما لا يقل عن 109 عمال.

وأوضح المسؤول أن معظم العمال أُصيبوا بجروح طفيفة بينما عانى أربعة كسوراً.

وقع ⁠حادث التصادم داخل نفق ‌ببلدة بيبالكوتي، حيث يوجد موقع مشروع محطة لتوليد الطاقة الكهرومائية تابع لشركة تيهري ديفيلوبمنت كوربوريشن المملوكة جزئياً لشركة «إن تي بي ​سي».

وقال جاوراف كومار، كبير المسؤولين الإداريين في المنطقة، ⁠لـ«رويترز»، عبر الهاتف، إن الحادث وقع بسبب عطل في مكابح أحد القطارين اللذين يُستخدمان لنقل العمال ومواد البناء.

وأضاف كومار أن العمل في المشروع سيستأنف، اليوم، بعد إزالة ‌آثار التصادم.


الصين تندد بالانتقادات «غير المسؤولة» لمناوراتها العسكرية حول تايوان

شاشة رئيسية تعرض تقريراً إخبارياً عن المناورات العسكرية الصينية حول تايوان في بكين (رويترز)
شاشة رئيسية تعرض تقريراً إخبارياً عن المناورات العسكرية الصينية حول تايوان في بكين (رويترز)
TT

الصين تندد بالانتقادات «غير المسؤولة» لمناوراتها العسكرية حول تايوان

شاشة رئيسية تعرض تقريراً إخبارياً عن المناورات العسكرية الصينية حول تايوان في بكين (رويترز)
شاشة رئيسية تعرض تقريراً إخبارياً عن المناورات العسكرية الصينية حول تايوان في بكين (رويترز)

ندّدت بكين، اليوم الأربعاء، بالدول التي انتقدت مناوراتها العسكرية في المياه المحيطة بتايوان بوصفها «غير مسؤولة».

قال المتحدث باسم وزارة الخارجية لين جيان، خلال مؤتمر صحافي: «هذه الدول والمؤسسات تغضّ الطرف عن القوى الانفصالية في تايوان التي تسعى لتحقيق الاستقلال بوسائل عسكرية».

وأضاف: «رغم ذلك، يصدرون انتقادات غير مسؤولة لأعمال الصين الضرورية والعادلة للدفاع عن سيادتها الوطنية ووحدة وسلامة أراضيها، فيشوّهون الوقائع ويخلطون بين الحق والباطل، وهو ما ينطوي على نفاق تام».

من جانبها، نددت وزارة الخارجية الأسترالية، اليوم، بالتدريبات العسكرية الصينية «المزعزعة للاستقرار» حول تايوان، مؤكدة أنها أبلغت بكين بمخاوفها في هذا الصدد. وأعلنت الوزارة أن «أستراليا تُعارض بشدةٍ أي أعمال تزيد من مخاطر وقوع حادث أو حسابات خاطئة أو تصعيد». وأكدت: «يجب التعامل مع الخلافات من خلال الحوار، وليس باستخدام القوة أو الإكراه»، محذّرة من أن التدريبات «تهدد بتأجيج التوتر الإقليمي». وقامت الصين، يومي الاثنين والثلاثاء، بإطلاق صواريخ ونشر عشرات الطائرات المقاتلة والسفن حول تايوان، في إطار مناورات عسكرية تحاكي حصاراً لموانئ الجزيرة التي تعدُّها بكين جزءاً من أراضيها وتتوعد بضمّها ولو بالقوة. وأعلن خفر السواحل التايوانيون، الأربعاء، أن السفن الحربية الصينية وسفن خفر السواحل الصينيين بدأت الانسحاب من المياه المحيطة بالجزيرة، مع ورود مؤشرات تشير إلى انتهاء المناورات العسكرية.


تايلاند تطلق سراح 18 جندياً كمبودياً لـ«بناء الثقة» بعد وقف النار

جنود كمبوديون أثناء مرورهم عند نقطة تفتيش على الحدود مع تايلاند بعد إطلاق سراحهم (ا.ف.ب)
جنود كمبوديون أثناء مرورهم عند نقطة تفتيش على الحدود مع تايلاند بعد إطلاق سراحهم (ا.ف.ب)
TT

تايلاند تطلق سراح 18 جندياً كمبودياً لـ«بناء الثقة» بعد وقف النار

جنود كمبوديون أثناء مرورهم عند نقطة تفتيش على الحدود مع تايلاند بعد إطلاق سراحهم (ا.ف.ب)
جنود كمبوديون أثناء مرورهم عند نقطة تفتيش على الحدود مع تايلاند بعد إطلاق سراحهم (ا.ف.ب)

أكدت كمبوديا، صباح اليوم (الأربعاء)، أن تايلاند أطلقت سراح 18 جندياً كمبوديّا أسروا في يوليو (تموز)، عقب التوصل إلى هدنة استمرت لأكثر من ثلاثة أيام بعد أسابيع من اشتباكات حدودية دامية.

جندي كمبودي يبتسم بعد إطلاق سراحه أثناء عبوره نقطة تفتيش (ا.ف.ب)

وقال وزير الإعلام في بنوم بنه نيث فيكترا، بحسب وكالة الصحافة الفرنسية، «أستطيع أن أؤكد أن جنودنا الأبطال الـ18 وصلوا سالمين إلى الأراضي الكمبودية قرابة الساعة العاشرة صباحاً (03,00 بتوقيت غرينتش)».

بدورها، أكدت وزارة الخارجية التايلاندية في بيان عودة الجنود إلى كمبوديا، قائلة إن ذلك كان «دليلاً على حسن النية وبناء الثقة».

والسبت، أعلنت تايلاند وكمبوديا وقفاً فوريًا للمعارك الدائرة على الحدود بينهما والتي أودت في الأسابيع الأخيرة بحياة 47 شخصاً على الأقلّ وتسبّبت بنزوح حوالى مليون شخص.

وبموجب الهدنة، تعهدت كمبوديا وتايلاند وقف إطلاق النار، وتجميد تحركات القوات، والتعاون في جهود إزالة الألغام على طول حدودهما المتنازع عليها.

وينص الاتفاق الذي وقعه وزيرا الدفاع من البلدين، على إطلاق تايلاند سراح 18 أسيراً كمبوديا بعد 72 ساعة على دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ.

وقالت كمبوديا إن جنودها أسروا على أيدي القوات التايلاندية في 29 يوليو، أي بعد حوالى ثماني ساعات من دخول وقف إطلاق النار الذي أنهى خمسة أيام من الاشتباكات الدامية، حيز التنفيذ.

حافلة تقلّ 18 جنديا كمبوديا أفرجت عنهم تايلاند بعد أسرهم في يوليو (رويترز)

وتوسطت الولايات المتحدة والصين وماليزيا في هدنة لإنهاء القتال، لكن وقف إطلاق النار لم يستمر طويلاً.

وتوجّه الرئيس الأميركي دونالد ترمب إلى ماليزيا في أكتوبر (تشرين الأول) ليشهد توقيع إعلان لاحق بين تايلاند وكمبوديا، مشيداً بإقامة اتفاقات تجارية جديدة بعدما وافق البلدان الجاران على تمديد الهدنة بينهما.

ونص ذلك الاتفاق على أن تطلق تايلاند سراح الجنود الكمبوديين «فوراً» واصفاً إياهم بـ«أسرى حرب».

لكن بانكوك علقت العمل بالاتفاق في الشهر التالي، بعد إصابة جنود تايلانديين بألغام أرضية أثناء قيامهم بدورية على الحدود.

جنود كمبوديون يلوحون من حافلة بعد عودتهم إلى وطنهم (ا.ف.ب)

وامتد القتال الذي تجدد هذا الشهر باستخدام المدفعية والدبابات والمسيّرات والطائرات النفاثة، إلى كل المقاطعات الحدودية تقريباً من الجانبين.

وتتواجه الدولتان الجارتان منذ زمن بعيد في نزاع حول الحدود الممتدّة بينهما على 800 كيلومتراً والتي رسّمت خلال حقبة الاستعمار الفرنسي.

ولا تزال هذه الحدود في حاجة إلى ترسيم واضح بعد وقف إطلاق النار.

ومن المقرر إجراء انتخابات عامة في تايلاند في الثامن من فبراير (شباط).