التدخُّل الإسرائيلي في سوريا... ما الأهداف وما الرسالة؟

القوى الوطنية الدرزية ترفض أي تدخل إسرائيلي وتطالب السلطات السورية بعدم الإساءة لأبناء الطائفة

عمود من الدخان بعد ضربات إسرائيلية قرب مقر وزارة الدفاع السورية في دمشق يوم الأربعاء (أ.ف.ب)
عمود من الدخان بعد ضربات إسرائيلية قرب مقر وزارة الدفاع السورية في دمشق يوم الأربعاء (أ.ف.ب)
TT

التدخُّل الإسرائيلي في سوريا... ما الأهداف وما الرسالة؟

عمود من الدخان بعد ضربات إسرائيلية قرب مقر وزارة الدفاع السورية في دمشق يوم الأربعاء (أ.ف.ب)
عمود من الدخان بعد ضربات إسرائيلية قرب مقر وزارة الدفاع السورية في دمشق يوم الأربعاء (أ.ف.ب)

في الوقت الذي حاول فيه مئات الدروز من إسرائيل والجولان المحتل عبور الحدود إلى سوريا للمشاركة فيما وصفوه بـ«الوقوف إلى جانب» أبناء طائفتهم بمدينة السويداء في مواجهة عناصر مسلحة، وجَّه وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، تهديداً مباشراً للحكومة في دمشق، وشنت طائراته قصفاً جديداً داخل أراضيها.

وأثارت التحركات، التي ربما كانت الأخطر منذ تولى أحمد الشرع الرئاسة في سوريا في أواخر يناير (كانون الثاني) 2025، العديد من التساؤلات عمَّا إذا كانت هناك أهداف تتخطى هدف إسرائيل المعلن «حماية الأقلية الدرزية».

مظاهرة درزية قرب السياج الحدودي الفاصل بين الجولان المحتل وسوريا يوم الأربعاء (أ.ف.ب)

من جانبها، حذرت القوى الوطنية في الطائفة الدرزية من خطورة الأحداث، ودعت إلى تحكيم العقل، والعودة إلى اتفاق مايو (أيار) الماضي «الذي ينظم العلاقات بروح وطنية وسلمية».

وكانت مجموعة من الدروز في إسرائيل قد شرعت، منذ الثلاثاء، في محاولة اقتحام الحدود لدخول الأراضي السورية، فأعادت القوات الإسرائيلية قسماً منها، وأعلنت أن قسماً آخر تمكن من العبور.

ثم أقدمت مجموعتان أخريان، الأربعاء، على الفعل نفسه، وكانت إحداهما من سكان مرتفعات الجولان المحتل، مما دفع القوات الإسرائيلية لنشر فيلقين لحرس الحدود وأعادت من تمكن من الدخول.

واجتمعت القيادات الروحية والسياسية في الطائفة الدرزية في إسرائيل، وعلى رأسها موفق طريف، وهاجمت الحكومة الإسرائيلية «على تقاعسها في مساعدة الأشقاء في سوريا»، واتهمتها بـ«خيانة حلف الدم القائم بين إسرائيل والدروز»، وقررت محاولة إدخال مجموعات كبيرة من شباب الدروز الذين خدموا ويخدمون في الجيش الإسرائيلي إلى سوريا «للقتال إلى جانب الأشقاء هناك».

وأعلن دروز إسرائيل إضراباً عاماً، ودعوا أبناء الطائفة للتوجه إلى مرتفعات الجولان. وأعلن الشيخ طريف أنه وجّه رسالة إلى كل من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ووزير الدفاع كاتس، يهيب بهما إجبار قوات النظام السوري على الانسحاب من السويداء، واصفاً الأمر بأنه «حرب بقاء للطائفة الدرزية».

تحذيرات وتساؤلات

في المقابل، خرجت الحركات العربية الوطنية للطائفة الدرزية بتحذيرات شديدة من تدهور الأحداث.

شيوخ من الدروز متجمعون في قرية مجدل شمس بالجولان المحتل يوم الأربعاء (أ.ف.ب)

وقالت «لجنة المبادرة الدرزية» إن الهدف الحقيقي لحكومة نتنياهو ليس حماية الدروز، الذين أشارت إلى أن معظمهم لا يقيمون علاقات مع إسرائيل ويلتزمون بالاتفاق المبرم بينهم وبين الشرع في مايو الماضي، والذي أعلنوا فيه رفضهم تدخل إسرائيل.

وقالت اللجنة إن هناك «أهدافاً سياسية» تتعلق بالمفاوضات الجارية في باكو لإبرام اتفاق أمنى.

وأشارت إلى أن إسرائيل تمارس الضغط لضم سوريا إلى اتفاقيات إبراهيم وفق شروطها، وتحاول تخفيف انسحابها من الأراضي السورية المحتلة منذ سقوط نظام بشار الأسد، والاحتفاظ باحتلالها قمم جبل الشيخ، والإبقاء على تسعة مواقع عسكرية أقامتها في عمق هذه الأراضي، وتريد توريط الدروز في هذه المعركة، وتجد مسلحين سوريين يؤججون الحرب لتسهيل مخططها.

وجاء في بيان صادر عن «الحركة التقدمية للتواصل»: «الأنباء الواردة من السويداء خطيرة ومقلقة وتتضارب حولها الروايات. وبغض النظر، فوحدة سوريا ليست بقطع شريان الشام السويداء، ولا باختطاف أبنائها ولا بدمهم المُراق هدراً. وحقّنا وواجبنا أن نسأل: ما الذي حدا ممّا بدا حتّى تنفجر الأحداث الآن، وبعد هذا الوقت الطويل من تفاهمات أيّار (مايو) 25 والهدوء الذي ساد بعده إثر البدء الميداني بتنفيذه؟».

أفراد من الطائفة الدرزية يلتقون عند الخط الفاصل بين سوريا والجولان المحتل يوم الأربعاء (أ.ف.ب)

واستطردت الحركة في تساؤلاتها: «مَن صاحب المصلحة في وأد الاتفاق وتأجيج نار الفتنة وفي هذا التوقيت؟ إنّنا نعود ونكرّر ونبيّن ونؤكد: الطريق لحقن الدماء والسد المنيع أمام المتربصين شراً بسوريا وأهلها وأمنهم وأمانهم هو العودة لاتفاق أيار (مايو) بين غالبية فعاليات الجبل والنظام الجديد والذي كان بدأ تنفيذه فعلاً، وما من شك أن هنالك محاولة بائسة لتفجيره على يد قوى مغرضة داخلية وخارجية لا تحمل همّ سوريا ولا همّ دروز سوريا».

وثمَّن رئيس الحركة، الأديب سعيد نفاع، عالياً مواقف الغالبية العظمى من القيادات العربية الدرزية في سوريا رفضاً لمخططات التقسيم وزرع الفِتن، وإطلاقها مبدأ الحوار حفاظاً على السلم الأهلي وحقن الدماء.

وأضاف: «نثمّن رفضها القاطع لأي تدخل خارجي، ووأد الأصوات التي تدعو لمثل هذا التدخّل على قلّتها».

ومضى قائلاً: «النظام الجديد في سوريا يتحمل كامل المسؤولية عن الأحداث الجارية في محافظة السويداء، بغض النظر عن المفتعلين أو المؤججين من فصائل مسلحة منفلتة حسب وسائل إعلامه، وهو المطالَب بلجمها والاقتصاص منها».

واعتبر رئيس الحركة الدعوة للتدخل الخارجي تحت شعار الحماية عملاً «يفتقد إلى الحد الأدنى من البصيرة، ولا يجلب لدروز سوريا وكل الدروز إلا الويلات، ويصب الوقود على نار مشعلي الصدامات ومفتعليها الذين لا ينوون الخير لأهل سوريا؛ كل أهل سوريا».

«رسالة» إسرائيل

وقد أعلن المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أن سلاح الجو هاجم، الأربعاء، «مدخل مقر هيئة أركان النظام السوري»، وقال إن الجيش «يواصل متابعة التطورات والأنشطة ضد المواطنين الدروز جنوب سوريا، وبحسب تعليمات المستوى السياسي هاجم المنطقة، وهو مستعد لسيناريوهات مختلفة».

دخان يتصاعد عقب ضربات إسرائيلية قرب مقر وزارة الدفاع السورية في دمشق يوم الأربعاء (أ.ف.ب)

وأطلق وزير الدفاع الإسرائيلي، كاتس، تهديدات ضد النظام السوري، وطالبه بسحب قواته من مدينة السويداء، وإلا «فستواصل إسرائيل مهاجمتها قوات النظام السوري، وسقف ردها سيرتفع».

وقال كاتس: «على النظام السوري الابتعاد عن الدروز في السويداء، ويسحب قواته من مناطقهم. وكما أوضحنا وحذرنا، لن تتخلى إسرائيل عن الدروز في سوريا، وستُطبق سياسة نزع السلاح التي قررناها.

وتابع: «سيواصل الجيش الإسرائيلي مهاجمة قوات النظام حتى انسحابها من المنطقة، وسيرفع قريباً مستوى ردود الفعل ضد النظام إذا لم تُفهم الرسالة».


مقالات ذات صلة

الرئيس السوري يهنئ الشعب برفع عقوبات «قيصر» ويؤكد بدء مرحلة البناء

المشرق العربي الرئيس السوري أحمد الشرع (أ.ف.ب)

الرئيس السوري يهنئ الشعب برفع عقوبات «قيصر» ويؤكد بدء مرحلة البناء

رحّب الرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع، الجمعة، برفع الولايات المتحدة نهائياً العقوبات المفروضة على سوريا، في خطوة تمهّد لعودة الاستثمارات إلى البلاد.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
الولايات المتحدة​ الكونغرس يلغي عقوبات قيصر على سوريا (أ.ب)

الكونغرس يلغي «عقوبات قيصر» على سوريا

ألغى الكونغرس رسمياً «عقوبات قيصر» التي فرضها في عام 2019 على نظام الأسد، ما سيفتح الباب أمام الاستثمارات الأجنبية في البلاد.

رنا أبتر (واشنطن)
خاص سوريون يحتفلون في الساحات العامة بسقوط نظام الأسد 8 ديسمبر 2025 (الشرق الأوسط)

خاص معارك الظل في سوريا... محاربة «داعش» وإعادة بناء الدولة

بين واجهة احتفالية مصقولة وعمق اجتماعي منهك وتحديات أمنية هائلة تواجه سوريا سؤالاً مفتوحاً حول قدرة الدولة الناشئة على التحول من حالة فصائلية إلى مفهوم الدولة.

بيسان الشيخ (دمشق)
تحليل إخباري قوات من الجيش السوري أثناء عرض عسكري بدير الزور يوم 8 ديسمبر (إكس)

تحليل إخباري كيف سينعكس هجوم تدمر على علاقة حكومة الشرع بواشنطن؟

تشهد المؤسسات العسكرية والأمنية السورية حالة استنفار، في ظل تعليمات وإجراءات تهدف إلى منع الاختراقات، في أعقاب هجوم تدمر الإرهابي.

سعاد جرَوس (دمشق)
شؤون إقليمية جانب من اجتماع المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا توم برّاك ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يوم الاثنين (الحكومة الإسرائيلية) play-circle

برّاك يحاول إقناع نتنياهو بقبول تركيا في غزة

تطابقت التقارير العبرية على أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تلقى رسائل أميركية «حادة وخاصة» نقلها المبعوث الأميركي الخاص لسوريا توم برّاك.

نظير مجلي (تل أبيب)

السلطات التركية تحقق في تحطم مسيرة بعد أيام من إسقاط أخرى

مجموعة من الأشخاص يقفون بجوار طائرة مسيرة يعتقد أنها روسية من نوع «أورلان - 10» سقطت في قوجه إيلي بشمال غرب تركيا (وكالة الأنباء التركية - أ.ف.ب)
مجموعة من الأشخاص يقفون بجوار طائرة مسيرة يعتقد أنها روسية من نوع «أورلان - 10» سقطت في قوجه إيلي بشمال غرب تركيا (وكالة الأنباء التركية - أ.ف.ب)
TT

السلطات التركية تحقق في تحطم مسيرة بعد أيام من إسقاط أخرى

مجموعة من الأشخاص يقفون بجوار طائرة مسيرة يعتقد أنها روسية من نوع «أورلان - 10» سقطت في قوجه إيلي بشمال غرب تركيا (وكالة الأنباء التركية - أ.ف.ب)
مجموعة من الأشخاص يقفون بجوار طائرة مسيرة يعتقد أنها روسية من نوع «أورلان - 10» سقطت في قوجه إيلي بشمال غرب تركيا (وكالة الأنباء التركية - أ.ف.ب)

قالت وزارة الداخلية التركية، اليوم الجمعة، إنها ‌عثرت ‌على ‌طائرة مسيّرة روسية ​المنشأ ‌من طراز «أورلان - 10» في مدينة قوجه إيلي بشمال غرب ‌البلاد.

وذكرت الوزارة أن التقييمات الأولية تشير إلى أن الطائرة المسيرة ​كانت تُستخدم لأغراض الاستطلاع والمراقبة، مضيفةً أن التحقيق في الواقعة لا يزال جارياً، وفقاً لوكالة «رويترز».

وذكرت تقارير إعلامية أن السلطات التركية فتحت تحقيقاً، الجمعة، بشأن طائرة غير مأهولة تحطمت شمال غربي تركيا بعد أيام من إسقاط البلاد لمسيرة أخرى دخلت المجال الجوي من البحر الأسود، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس».

وأوضحت قناة «إن تي في» الإخبارية أن سكان ولاية قوجه إيلي اكتشفوا طائرة غير مأهولة في أحد الحقول، مما دفع إلى فتح تحقيق رسمي بشأن الحطام.

واعترضت طائرات تركية من طراز «إف - 16»، الاثنين الماضي، ما وصفه مسؤولون بأنه مسيّرة «خارجة عن السيطرة» بعدما انتهكت المجال الجوي للبلاد.

وأفادت وزارة الدفاع بأنه جرى تدمير المسيرة في موقع آمن لحماية المدنيين والمجال الجوي. وحذرت الحكومة التركية بعد ذلك روسيا وأوكرانيا بأن عليهم الالتزام بأكبر قدر من الحذر فوق البحر الأسود.

وجاء هذا الإسقاط عقب سلسلة من الضربات الأوكرانية ضد ناقلات «أسطول الظل» الروسي قبالة الساحل التركي، مما زاد من المخاوف في تركيا بشأن خطر امتداد الحرب في أوكرانيا إلى المنطقة.


«اعترافات» أمهز… تمهيد إسرائيلي لتصعيد ضد لبنان؟

TT

«اعترافات» أمهز… تمهيد إسرائيلي لتصعيد ضد لبنان؟

«هيكلية القيادة في الملف البحري السري التابع لحزب الله» حسب ما جاء في منشور على «إكس» للمتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي
«هيكلية القيادة في الملف البحري السري التابع لحزب الله» حسب ما جاء في منشور على «إكس» للمتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي

إظهار إسرائيل للبناني عماد أمهز الذي قدمته بوصفه «الضابط في الذراع العسكرية لـ(حزب الله)»، وهو يعترف بصوته وصورته بأنه قاد قوات سلاح بحرية تابعة للحزب ولإيران وتنطلق من بيروت لتنفيذ عمليات إرهاب ضد أميركا وغيرها من دول الغرب المعادية، جاء ضمن الحملة التي تروج لها السلطات الإسرائيلية لتبرير التصعيد الحربي على لبنان، ومحاولة لإقناع واشنطن وغيرها من العواصم الغربية بـ«ضرورة توجيه ضربة قاسية أخرى لـ(حزب الله) تضطره إلى نزع سلاحه».

ومع أن أمهز اعتقل قبل سنة، وتم في حينه التحقيق معه وتوثيق اعترافاته، فإن إسرائيل اختارت نشرها، قبيل اجتماع لجنة مراقبة وقف النار الدولية، التي التأمت بحضور مدنيين اثنين، لبناني وإسرائيلي في رأس الناقورة الحدودية، من جهة، وبعد الاجتماعات التي عُقدت في باريس الخميس في حضور مسؤولين لبنانيين وأميركيين وسعوديين وفرنسيين، وفيها اتفق على أن يقوم الجيش اللبناني بإجراء «توثيق جدي» للتقدم المحرز على صعيد نزع سلاح «حزب الله». فالإسرائيليون ليسوا راضين عن هذه التقييمات الإيجابية لأداء الجيش اللبناني. ويصرون على مواصلة تنفيذ غارات جوية على مناطق مختلفة في لبنان، بدعوى أنّ «حزب الله» يعيد بناء قدراته العسكرية بمساعدة إيران، ويشكّكون في فاعلية الجيش اللبناني في هذا المجال. وهم لا يخفون استعداداتهم للقيام بتصعيد أكبر ضد لبنان، علماً بأن غاراتهم اليومية تسببت بمقتل 340 لبنانياً منذ بدء تنفيذ وقف إطلاق النار.

كان الجيش الإسرائيلي قد نشر، الجمعة، شريط فيديو يوثق اعترافات أمهز، ويكشف فيه مشروعاً بحرياً سرياً لـ«حزب الله»، واصفاً إياه بأنه أحد أكثر المشاريع حساسيةً وسريةً داخل التنظيم. ووفق المعطيات التي كُشف عنها، فإن هدف المشروع تُمثل في إنشاء بنية تحتية منظمة لتنفيذ عمليات إرهابية في البحر، تحت غطاء أنشطة مدنية، بما يتيح استهداف مصالح وأهداف إسرائيلية ودولية في المجال البحري، موجهة ضد «كل القوى المعادية وبينها الأميركية والغربية».

وحسب الجيش الإسرائيلي، فإن المشروع أُدير بشكل مباشر من قبل الأمين العام السابق لـ«حزب الله» حسن نصر الله، إلى جانب فؤاد شكر، الذي شغل منصب رئيس أركان التنظيم، وكلاهما تم اغتيالهما في شهر سبتمبر (أيلول) 2024 خلال الحرب، ويقوده المسؤول المباشر عن «الملف البحري السري»، علي عبد الحسن نور الدين، الذي تولى تنسيق وتطوير القدرات العملانية المرتبطة بهذا المشروع. وقال أمهز في هذا الشريط إن العملية التي قادت إلى تفكيك خيوط المشروع تعود إلى نحو عام، حين نفذ مقاتلو وحدة الكوماندوز البحري التابعة للجيش الإسرائيلي عملية خاصة أُطلق عليها اسم «من وراء الخطوط»، في بلدة البترون شمال لبنان، على بعد 140 كيلومتراً من الشواطئ الإسرائيلية، التي اعتقلت القوة الإسرائيلية خلالها عماد أمهز، «العنصر البارز في وحدة صواريخ الساحل التابعة لـ(حزب الله)، ويُعد إحدى الشخصيات المركزية في (الملف البحري السري)».

ووضع الجيش الإسرائيلي لائحةً لقادة «حزب الله»، الذين تم اغتيالهم وبينها صورة علي نور الدين، الذي قالوا «إنه لم يقتل بعد، لكنه تحت مرمى السهام». وقال الأسير أمهز إن الوحدة البحرية لـ«حزب الله» تمكنت من تنفيذ عشرات العمليات السرية، بينها استخدام النقل البحري المدني للجنود وتفعيل دوريات وتنفيذ عمليات ضد إسرائيل وعمليات مراقبة وتجسس للبحرية الأميركية والغربية في البحر المتوسط.

وأوضح الجيش الإسرائيلي أن أمهز نُقل إلى إسرائيل وخضع لتحقيق أمني معمّق، تبيّن خلاله أنه تلقى تدريبات عسكرية متقدمة في إيران ولبنان، واكتسب خبرة بحرية واسعة خُصصت لتنفيذ هجمات إرهابية في البحر. كما أقر خلال التحقيق بدوره المحوري في المشروع البحري السري، وقدم معلومات استخبارية وُصفت بالحساسة، أسهمت في كشف طبيعة المشروع، هيكليته، وأهدافه العملانية. وشدد على أن هذا الكشف يسلط الضوء على سعي «حزب الله» لتوسيع ساحات المواجهة، ونقلها إلى المجال البحري، عبر استغلال واجهات مدنية، بما يشكل تهديداً للأمن الإقليمي والملاحة الدولية، ويبرر، وفق البيان، مواصلة الجهود الاستخبارية والعملانية لإحباط مثل هذه المخططات.

ويرمي النشر على هذا النحو، أيضاً، لإبراز مدى فداحة خسائر «حزب الله» في هذه الحرب وإزالة الانطباع بأن قادته مقاتلون صلبون، وإظهارهم ضعفاء في الأسر الإسرائيلي يكشفون أوراقهم الأمنية. وهذه طريقة معروفة تتبعها إسرائيل منذ قيامها، بشكل خاص مع الفلسطينيين، وكذلك مع جنود مصريين وسوريين تم أسرهم في العمليات الحربية.


تركيا: توقيف عشرات من المتورطين في الأنشطة المالية لـ«داعش»

أحد عناصر قوات مكافحة الإرهاب التركية يؤمن محيط عملية استهدفت عناصر من «داعش» (الداخلية التركية)
أحد عناصر قوات مكافحة الإرهاب التركية يؤمن محيط عملية استهدفت عناصر من «داعش» (الداخلية التركية)
TT

تركيا: توقيف عشرات من المتورطين في الأنشطة المالية لـ«داعش»

أحد عناصر قوات مكافحة الإرهاب التركية يؤمن محيط عملية استهدفت عناصر من «داعش» (الداخلية التركية)
أحد عناصر قوات مكافحة الإرهاب التركية يؤمن محيط عملية استهدفت عناصر من «داعش» (الداخلية التركية)

أوقفت السلطات التركية عشرات من عناصر تنظيم «داعش» الإرهابي نشطوا ضمن هيكله المالي في عمليات نفذت في عدد من الولايات بأنحاء البلاد، بينهم عناصر نشطت في تحويل الأموال من مناطق النزاع في سوريا إلى نساء على علاقة بالتنظيم هاجرن إلى تركيا ويقمن فيها.

وكشف وزير الداخلية التركي، علي يرلي كايا، عن اعتقال 170 من عناصر من المشتبه بانتمائهم إلى التنظيم في عمليات متزامنة في إطار مكافحة الإرهاب نفذت في 32 ولاية من ولايات تركيا الـ81.

وقال إن العمليات الأمنية، التي أجريت في وقت متزامن، نفذتها فروع مكافحة الإرهاب التابعة للمديرية العامة لاستخبارات الأمن، وإدارة مكافحة الإرهاب بمديرية الأمن العام، وجهاز المخابرات، بالتعاون مع فروع مكافحة الإرهاب التابعة لمديريات الأمن في الولايات، بالتنسيق مع النيابات العامة.

أنشطة مالية

وأضاف يرلي كايا، في بيان عبر حسابه بـ«إكس»، أن العناصر التي ألقي القبض عليها سبق لها العمل ضمن تنظيم «داعش» الإرهابي، وتقديم الدعم المالي له.

وتابع أنه تم توقيف 10 عناصر ووضع 15 آخرين تحت المراقبة القضائية، فيما لا تزال التحقيقات والإجراءات القضائية بحق باقي العناصر مستمرة.

وأكد يرلي كايا أن أجهزة الأمن تواصل جهودها على مدار الساعة طوال أيام السنة، لضمان السلام والاستقرار في جميع أنحاء بلادنا.

في الوقت ذاته، ألقت قوات مكافحة الإرهاب التابعة لمديرية أمن إسطنبول، الجمعة، القبض على اثنين من عناصر «داعش» في عملية نفذتها في 7 مناطق مختلفة بالمدينة.

وذكر بيان لمكتب المدعي العام في إسطنبول، أن عضوي التنظيم اللذين تم القبض عليهما من بين 3 مطلوبين في تحقيق بالأنشطة المالية لـ«داعش»، دخلوا البلاد بطريقة غير شرعية، وأن البحث لا يزال جارياً عن الثالث.

وأضاف البيان أنه في إطار هذا التحقيق، تم الحصول على معلومات تُشير إلى أن شخصاً يدعى «سايفيا آنا»، يُعتقد أنه من أوزبكستان، كان يجمع أموالاً من أفراد مرتبطين مع تنظيم «داعش» في مناطق النزاع بسوريا، لصالح نساء مهاجرات على علاقة بالتنظيم قدمن إلى تركيا ويقمن في إسطنبول حالياً.

وأشار إلى أنه تبين أن عناصر التنظيم الثلاثة أجروا عديد التحويلات المالية، وتم ضبط كثير من المواد الرقمية خلال عمليات التفتيش في أماكن إقامتهم.

حملات مكثفة

وصعّدت أجهزة الأمن التركية، خلال الأشهر الأخيرة، من وتيرة عملياتها التي تستهدف كوادر التمويل والدعاية والترويج في «داعش»، ضمن حملاتها المستمرة التي تستهدف عناصر وخلايا التنظيم، والتي أسفرت عن ضبط عدد من كوادره القيادية، ومسؤولي التسليح والتمويل والتجنيد.

قوات من الأمن التركي أثناء عملية استهدفت عناصر من «داعش» في إسطنبول (الداخلية التركية)

وألقت قوات الأمن التركية، خلال هذه العمليات، القبض على مئات من عناصر تنظيم «داعش» ممن نشطوا سابقاً في صفوفه بالعراق وسوريا، وقاموا بأنشطة للتمويل، داخل تركيا، في حملات شملت عديد الولايات في أنحاء البلاد.

وأدرجت تركيا «داعش» على لائحتها للإرهاب عام 2013، وأعلن التنظيم مسؤوليته عن، أو نُسب إليه، تنفيذ هجمات إرهابية في الفترة من 2015 إلى مطلع 2017، أسفرت عن مقتل أكثر من 300 شخص وإصابة العشرات.

كما رحلت السلطات التركية، أو منعت من الدخول، الآلاف من عناصر «داعش»، منذ الهجوم الإرهابي الذي نفذه الداعشي الأوزبكي، عبد القادر مشاريبوف، المكنى «أبو محمد الخراساني»، في نادي «رينا» الليلي بمنطقة أورتاكوي في إسطنبول خلال احتفالات رأس السنة الجديدة في 2017، ما أسفر عن مقتل 39 شخصاً وإصابة 79 آخرين، غالبيتهم أجانب.