جلسة محاسبة الحكومة اللبنانية تتحول لمساءلة «حزب الله» عن سلاحه

لن تُبث على الهواء لمنع «المزيدات الشعبوية» قبل الانتخابات النيابية

من وقائع الجلسة الأخيرة للحكومة اللبنانية في قصر بعبدا (الرئاسة اللبنانية)
من وقائع الجلسة الأخيرة للحكومة اللبنانية في قصر بعبدا (الرئاسة اللبنانية)
TT

جلسة محاسبة الحكومة اللبنانية تتحول لمساءلة «حزب الله» عن سلاحه

من وقائع الجلسة الأخيرة للحكومة اللبنانية في قصر بعبدا (الرئاسة اللبنانية)
من وقائع الجلسة الأخيرة للحكومة اللبنانية في قصر بعبدا (الرئاسة اللبنانية)

في خطوة يُراد منها إعادة الاعتبار لدور المجلس النيابي في مساءلة السلطة التنفيذية ومحاسبتها ومراقبة أعمالها بعد طول غياب، تمثُل حكومة الرئيس نواف سلام أمام البرلمان، في جلسة مناقشة عامة، تُعقد الثلاثاء، تجيب فيها عن أسئلة النواب حول ما أنجزته، منذ أن منحوها ثقتهم وهي تقف على مشارف الدخول في شهرها السادس.

لكن المفاجأة تكمن في استبعاد نقل وقائعها مباشرة على الهواء أسوة بجلسات المناقشة السابقة لقطع الطريق، كما يقول مصدر نيابي لـ«الشرق الأوسط»، على «نشر غسيلنا» بالمعنى السياسي على نطاق واسع وحصره ما أمكن في الداخل، وتفادي إقحام الجلسة في مزيدات شعبوية تتزامن والاستعدادات الجارية لخوض الانتخابات النيابية في ربيع 2026، التي تتطلب منهم مخاطبة ناخبيهم بمواقف نارية عالية السقف.

حصرية السلاح

وتوقع المصدر النيابي أن يركّز النواب في مساءلتهم للحكومة على مواضيع الساعة، وأن تشغل حصرية السلاح بيد الدولة حيزاً رئيساً في استيضاحها لما آلت إليه الاتصالات لتطبيقه، في ضوء الجواب الذي أعده الرؤساء الثلاثة على الأفكار التي طرحها السفير الأميركي لدى تركيا، المبعوث الخاص للرئيس الأميركي إلى سوريا، توم برّاك، لمساعدة لبنان على وضع آلية تطبيقية لوقف إطلاق النار تمهيداً لتنفيذ القرار 1701 لإلزام إسرائيل بالانسحاب من الجنوب وبسط سلطة الدولة على كل أراضيها بلا أي شريك.

وسيحضر جواب الرؤساء الثلاثة على برّاك بامتياز في مناقشة الحكومة ومحاسبتها على قاعدة مطالبة عدد من النواب بإطلاعهم على مضامينه، بذريعة أن من حقهم أن يأخذوا علماً بجوابهم وبأفكار المبعوث الأميركي على السواء، رغم أن الوزراء لم يطّلعوا عليها بحجة أنها ما زالت قيد التداول ولم ترسُ على صيغة نهائية، طالما أنها ما زالت تدور بين أخذ ورد، وأنه فور التوافق عليها ستوضع بتصرف البرلمان وأعضاء الحكومة.

وفي هذا السياق، يخالف المصدر النيابي اتهام واضعي الجواب، أي الرؤساء الثلاثة بإحياء الترويكا، ويقول إن التهمة في الأساس ليست في محلها، وإن الترويكا بالمعنى العملي للكلمة لم تكن موجودة في السابق حتى يعاد الاعتبار لها، لأن القرار التنفيذي في لبنان كان بيد الرئيس السوري حافظ الأسد ومن بعده خَلَفَه نجله بشار، وأن دورهم كان يقتصر على تنفيذه.

إحراج «حزب الله»

ويخشى المصدر من أن يشكّل تركيز الأكثرية النيابية على حصرية السلاح إحراجاً لـ«حزب الله» الذي نأى بنفسه عن الرد على الأفكار التي طرحها برّاك، وترك للرئيس بري مهمة الرد بالتضامن مع رئيسي الجمهورية العماد جوزيف عون والحكومة نواف سلام، ويؤكد أن إشراك بري في الجواب أكثر من ضروري لقدرته على تنعيم موقف حليفه وإشراكه بالواسطة في الجواب الرئاسي الذي سأل عن الضمانات لتطبيق اتفاق وقف إطلاق النار، ومدى استعداد الولايات المتحدة لإلزام إسرائيل بتطبيقه وعدم التفلّت منه، كما حصل عندما امتنعت عن الالتزام به فور صدوره عنها بالشراكة مع فرنسا.

ويلفت المصدر إلى أن مساءلة الحكومة عن الاتصالات لتطبيق وقف إطلاق النار سيفتح الباب أمام ارتفاع منسوب تبادل الحملات بين النواب في الجلسة، على نحو يحوّل مناقشة حصرية السلاح إلى مادة سياسية شديدة الاشتعال وأكثر سخونة من مساءلتهم للحكومة عن الخطوات التي تقوم بها بالتنسيق مع المفوضية العليا لشؤون اللاجئين لوضع برنامج يطبّق على مراحل لضمان إعادة النازحين السوريين إلى ديارهم، بعد أن انتفت الموانع بسقوط نظام بشار الأسد الذي كان يحول دون عودتهم الآمنة والطوعية.

ويرى أن مؤيدي حصرية السلاح بيد الدولة ليسوا على خلاف مع الرؤساء الثلاثة، وأولهم عون الذي يؤكد باستمرار أن لا عودة عن حصريته، وأن القرار اتُّخذ، ويتعاطى في حواره مع «حزب الله» بحكمة ويتوخى منه الإسراع بحسم موقفه بالمفهوم الإيجابي للكلمة، لأن تمديد الوقت لن يكون لصالح لبنان في ضوء تهديد واشنطن بنفاذ صبرها على لبنان ومشاغلها بمواكبة التطورات في المنطقة والإقليم. ويؤكد أن برّاك وإن كان لم يحدد جدولاً زمنياً، فهذا لا يعني تمديد المفاوضات لجمعه إلى ما لا نهاية، بمقدار ما أنه يحذّر من التراخي بحصرية السلاح ويدعو للإسراع بتطبيقه.

الرهان على شراء الوقت

ويقول المصدر النيابي إن عامل الوقت ليس لمصلحة لبنان، وإن رهان الحزب على شرائه بانتظار ما ستؤول إليه المفاوضات الموعودة بين واشنطن وطهران ليس في محله، خصوصاً أن لا رابط بينهما، ومن الأفضل للحزب أن يبيع موقفه للرؤساء الثلاثة، ليتحول إلى حزب مدني ينخرط في مشروع الدولة بدلاً من أن يضعه بعهدة إيران، وهو يعرف سلفاً عدم قدرتها على توظيفه لتحسين شروطها في المفاوضات المرتقبة.

لذلك، لن تبدّل جلسة المناقشة من الواقع السياسي القائم في البلد، ويُخشى أن تتحول إلى «هايد بارك» يتيح للأكثرية تحميل «حزب الله» مسؤولية عدم تجاوبه مع حصرية السلاح الذي يتطلع إليه السواد الأعظم من اللبنانيين، وبالتالي إيداع ورقة تسليم سلاحه بعهدة حليفه بري كونه يدرك أن تهديده بنفاد صبره حيال الخروق الإسرائيلية غير قابل لترجمته ميدانياً في ظل الاختلال في ميزان القوى وتراجع قدراته العسكرية، ولم يعد له من حليف سوى حركة «أمل» التي تتمايز عنه في مراعاتها للمزاج الشيعي العام الذي ينشد الاستقرار ويأبى الانجرار لمواجهة غير محسوبة كما حصل عند إسناد الحزب لغزة.

وعليه، فإن الجلسة ستُبقي على الاحتقان حول حصرية السلاح قائماً، وستُختتم بمداخلة لسلام يرد فيها على مساءلة النواب واستيضاحهم للحكومة، من دون أن تنتهي إلى حجب الثقة عنها، لا بل ستدعّم بموقف نيابي جامع للأكثرية في البرلمان، وداعم بلا تحفّظ لحصرية السلاح، وهذا ما يمكّنها من تمرير رسالة للمجتمعين الدولي والعربي بأنها على تعهدها بسحب سلاح الحزب، وأن لا مجال للعودة عنه، وهذا ما يتسبب في مزيد من الإحراج له وحشره في الزاوية ما لم يتخلَّ عن إنكاره ومكابرته، ويترك للدولة ربط وقف إطلاق النار بتوفير الضمانات لانسحاب إسرائيل.


مقالات ذات صلة

مصدر: الصواريخ المضبوطة داخل البوكمال كانت ستهرب إلى «حزب الله» في لبنان

المشرق العربي ضبط صواريخ من نوع «سام 7» معدة للتهريب خارج البلاد في البوكمال شرق سوريا (سانا)

مصدر: الصواريخ المضبوطة داخل البوكمال كانت ستهرب إلى «حزب الله» في لبنان

رجحت مصادر أن تكون الجهة التي كان من المفترض تهريب دفعة صواريخ «سام 7» إليها عبر الأراضي السورية هي «حزب الله» بلبنان، الذي كان يقاتل أيضاً إلى جانب نظام الأسد.

موفق محمد (دمشق)
المشرق العربي الحكومة اللبنانية ملتئمة برئاسة رئيس الجمهورية جوزيف عون (الرئاسة اللبنانية)

لبنان: سلام يدافع عن «استرداد الودائع» رغم الاعتراضات الواسعة

دافع رئيس الحكومة اللبنانية نواف سلام عن مشروع قانون استرداد الودائع المصرفية المجمدة منذ عام 2019، واصفاً إياه بـ«الواقعي» و«القابل للتنفيذ».

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي مودعون يرفعون لافتات اعتراضية على مشروع قانون استعادة الودائع خلال تحركات شعبية على طريق القصر الجمهورية (الشرق الأوسط)

انطلاقة «غير آمنة» لمشروع قانون الفجوة المالية في لبنان

كشف توسّع موجة الاعتراضات على مشروع قانون «الفجوة» المالية، حجم العقبات التي تعترض الوصول إلى محطة تشريع القانون في البرلمان.

علي زين الدين (بيروت)
المشرق العربي ضابط في الجيش اللبناني إلى جانب ضابط إيطالي ضمن عديد «اليونيفيل» خلال مهمة مشتركة في جنوب لبنان (اليونيفيل)

إيطاليا تطلب رسمياً من لبنان إبقاء قواتها في الجنوب بعد انسحاب «اليونيفيل»

طلبت إيطاليا رسمياً من لبنان، إبقاء قوات لها في منطقة العمليات الدولية جنوب الليطاني بجنوب البلاد بعد انسحاب «اليونيفيل» منها، وهو مطلب رحب به لبنان.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي من اعتصام سابق لأهالي ضحايا انفجار مرفأ بيروت (أرشيفية - الشرق الأوسط)

صمت مالك سفينة «النيترات» يراكم تعقيدات التحقيق في انفجار مرفأ بيروت

لم تحقق مهمة المحقّق العدلي في ملفّ انفجار مرفأ بيروت القاضي طارق البيطار غايتها في العاصمة البلغارية صوفيا، إذ لم يتمكن من استجواب مالك الباخرة روسوس.

يوسف دياب (بيروت)

لبنان: انطلاقة «غير آمنة» لمشروع «استعادة الودائع»

مودعون يعترضون على مشروع قانون حكومي لاستعادة الودائع بالتزامن مع انعقاد جلسة لمجلس الوزراء في القصر الرئاسي شرق بيروت (الشرق الأوسط)
مودعون يعترضون على مشروع قانون حكومي لاستعادة الودائع بالتزامن مع انعقاد جلسة لمجلس الوزراء في القصر الرئاسي شرق بيروت (الشرق الأوسط)
TT

لبنان: انطلاقة «غير آمنة» لمشروع «استعادة الودائع»

مودعون يعترضون على مشروع قانون حكومي لاستعادة الودائع بالتزامن مع انعقاد جلسة لمجلس الوزراء في القصر الرئاسي شرق بيروت (الشرق الأوسط)
مودعون يعترضون على مشروع قانون حكومي لاستعادة الودائع بالتزامن مع انعقاد جلسة لمجلس الوزراء في القصر الرئاسي شرق بيروت (الشرق الأوسط)

عكستِ الاعتراضات على مشروع قانون استعادة الودائع المجمدة منذ عام 2019 في لبنان، انطلاقةً غير آمنةٍ له، إذ بدأتِ الحكومة بمناقشة المسودة، بالتزامن مع اعتراضات سياسية من قوى ممثلة بالحكومة وخارجها، وانتقادات عميقة من قبل «جمعية المصارف»، فضلاً عن تحركات شعبية نُظمت بالتزامن مع جلسة مجلس الوزراء.

وأكد الرئيس اللبناني جوزيف عون أنّه لا يقف مع أي طرف ضدّ آخر، وأنّ النقاش يجب أن يتم تحت قبة البرلمان، فيما دافع رئيس الحكومة نواف سلام عن المسودة، وشدّد على أنَّ مشروع قانون الفجوة المالية واقعي وقابل للتنفيذ، مؤكداً أنَّ أي تأخير في إقراره قد يضر بثقة المواطنين والمجتمع الدولي.

وبرزتِ اعتراضات قانونية على إدراج مواد ذات «مفعول رجعي» لضرائب واقتطاعات وتعديلات في القيم الدفترية للمدخرات المحوّلة بعد عام 2019، والعوائد المحصّلة على الودائع في سنوات سابقة.


مواجهات في حلب توقع قتلى وجرحى

نقل المصابين إلى مشفى الرازي  جراء القصف من حي الشيخ مقصود على الأحياء السكنية في حلب (سانا)
نقل المصابين إلى مشفى الرازي جراء القصف من حي الشيخ مقصود على الأحياء السكنية في حلب (سانا)
TT

مواجهات في حلب توقع قتلى وجرحى

نقل المصابين إلى مشفى الرازي  جراء القصف من حي الشيخ مقصود على الأحياء السكنية في حلب (سانا)
نقل المصابين إلى مشفى الرازي جراء القصف من حي الشيخ مقصود على الأحياء السكنية في حلب (سانا)

قتل شخصان وأصيب 6 مدنيين بينهم امرأة وطفل بجروح جراء اشتباكات اندلعت في مدينة حلب شمال سوريا بين القوات الحكومية وقوات سوريا الديمقراطية (قسد)، تزامنت مع زيارة وفد تركي إلى دمشق، في وقت توشك مهلة تنفيذ بنود اتفاق 10 مارس (آذار) بين «قسد» والسلطات على الانتهاء.

وفي حين تبادل الطرفان الاتهامات بالتسبّب في اندلاع الاشتباكات، أفادت مصادر في واشنطن لـ«الشرق الأوسط»، بأن المبعوث الأميركي توم برّاك وقائد القيادة المركزية الأميركية براد كوبر، يجريان اتصالات لتهدئة الاشتباكات لمنع تصعيد يستفيد منه «داعش»، وقوى إقليمية معادية.

واتهمت أنقرة ودمشق «قسد» بالمماطلة في تنفيذ الاتفاقية الموقعة في 10 مارس الماضي، وأكدتا رفض أي محاولات للمساس بوحدة سوريا واستقرارها.

جاء ذلك في مؤتمر صحافي بدمشق ‌بعد محادثات بين وفد تركي رفيع المستوى ‌والرئيس السوري ​أحمد الشرع ‌ووزير الخارجية أسعد الشيباني وآخرين، وقال الشيباني إن دمشق لم تلمس «أي مبادرة أو إرادة جادة» من «قسد» لتنفيذ الاتفاق، لكنها اقترحت في الآونة الأخيرة عليهم طريقة أخرى لدفع العملية قدماً.


ائتلاف السوداني يطرح مبادرة لحسم رئاسة وزراء العراق

جانب من أحد اجتماعات قوى «الإطار التنسيقي» (وكالة الأنباء العراقية)
جانب من أحد اجتماعات قوى «الإطار التنسيقي» (وكالة الأنباء العراقية)
TT

ائتلاف السوداني يطرح مبادرة لحسم رئاسة وزراء العراق

جانب من أحد اجتماعات قوى «الإطار التنسيقي» (وكالة الأنباء العراقية)
جانب من أحد اجتماعات قوى «الإطار التنسيقي» (وكالة الأنباء العراقية)

يعتزم ائتلاف «الإعمار والتنمية»، الذي يترأسه محمد شياع السوداني، رئيس حكومة تصريف الأعمال العراقية، طرحَ «مبادرة سياسية شاملة» لحسم منصب رئاسة الوزراء.

وذكر إعلام «تيار الفراتين»، الذي يتزعمه السوداني، في بيان، أمس، أنَّ ائتلاف «الإعمار» يعمل على «بلورة مبادرة سياسية متكاملة» تهدف إلى كسر حالة الانسداد السياسي، مشيراً إلى أنَّ تفاصيلها ستُطرح أمام قوى «الإطار التنسيقي» في اجتماعه المرتقب.

إلى ذلك، قال العضو في ائتلاف «الإعمار والتنمية» قصي محبوبة لـ«الشرق الأوسط» إنَّ «المبادرة ستكون عبارة عن شروط الائتلاف لاختيار رئيس الوزراء»، دون ذكر تفاصيل.

من ناحية ثانية، رحب مارك سافايا، مبعوث الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، إلى العراق، في تدوينة عبر منصة «إكس» بإعلان بعض الفصائل المسلحة استعدادها لبحث نزع سلاحها، لكنَّه شدّد على «أن يكون نزع السلاح شاملاً، وغير قابل للتراجع».