تصعيد جديد بين باريس وطهران بعد اتهامات لرهينتين فرنسيتين بالتجسس لصالح إسرائيل

فرنسا هددت إيران بتفعيل آلية «سناب باك» إذا لم تفرج عن كوهلر وباريس

صورتان للرهينتين الفرنسيتين سيسيل كوهلر وجاك باريس علقتا على السوار الحديدي للبرلمان الفرنسي مع دعوة لإطلاق سراحهما (أ.ف.ب)
صورتان للرهينتين الفرنسيتين سيسيل كوهلر وجاك باريس علقتا على السوار الحديدي للبرلمان الفرنسي مع دعوة لإطلاق سراحهما (أ.ف.ب)
TT

تصعيد جديد بين باريس وطهران بعد اتهامات لرهينتين فرنسيتين بالتجسس لصالح إسرائيل

صورتان للرهينتين الفرنسيتين سيسيل كوهلر وجاك باريس علقتا على السوار الحديدي للبرلمان الفرنسي مع دعوة لإطلاق سراحهما (أ.ف.ب)
صورتان للرهينتين الفرنسيتين سيسيل كوهلر وجاك باريس علقتا على السوار الحديدي للبرلمان الفرنسي مع دعوة لإطلاق سراحهما (أ.ف.ب)

دخلت العلاقات الفرنسية - الإيرانية، المتوترة أصلاً، حقبة جديدة من المطبات الهوائية بحيث تضاعف مستوى التصعيد القائم بين باريس وطهران. والسبب «الإضافي» مرده إلى التهم الثلاث الجديدة التي وجهها القضاء الإيراني لمواطنين فرنسيين هما سيسيل كوهلر ورفيق دربها جاك باريس، المحتجزين في إيران، في سجن إيفين، منذ 1153 يوماً.

وأولى التهم «التجسس لحساب جهاز الموساد» (المخابرات الخارجية الإسرائيلية). وثانيتها: «التآمر لقلب النظام الإيراني». وثالثتها: «الإفساد في الأرض». وعقوبة كل من هذه التهم، وفق القانون الإيراني، هي الإعدام. وسبق للقضاء أن وجه إلى كوهلر تهمة التجسس لصالح جهاز المخابرات الخارجية الفرنسي، كما تم انتزاع «اعترافات» منها بُثّت على إحدى القنوات التلفزيونية الإيرانية، الأمر الذي نددت به باريس بقوة، واعتبرت أنها انتزعت منها «بالإكراه».

وفي أي حال، تعتبر فرنسا مواطنيها بمثابة «رهينتي دولة» بيد السلطات الإيرانية، ودأبت، منذ اعتقالهما، إلى المطالبة بالإفراج عنهما دون تأخير. وكوهلر وباريس هما آخر رهينتين فرنسيتين، إذ عمدت طهران، تباعاً، إلى الإفراج عن أربعة رهائن بعضها تم في ظروف أقل ما يقال عنها إنها «غامضة».

وهدّد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إيران بـ«إجراءات انتقامية» إذا أبقت على تهمة التجسس لصالح إسرائيل بحق المحتجزَين الفرنسيين، معتبراً ذلك «استفزازاً لفرنسا وخياراً عدوانياً غير مقبول». وأكد عزمه مناقشة القضية قريباً مع نظيره الإيراني مسعود بزشكيان، قائلاً: «الرد لن يتأخر».من جهتها، قالت السفارة الإيرانية في باريس إن القضية لا تزال قيد التحقيق القضائي ولم يُتخذ أي قرار نهائي بعد.

أولوية الأولويات الفرنسية

إزاء هذا التطور اللافت الذي يأتي في سياق عمليات القبض على العديد من الإيرانيين والأجانب التي تقوم بها الأجهزة الأمنية الإيرانية والتي تتبعها غالباً اتهامات بالتعامل مع «الموساد» نظراً للاختراقات الإسرائيلية الواسعة والخطيرة للأجهزة العسكرية والمدنية الإيرانية، كان من الضروري لباريس أن ترفع الصوت، لا، بل إن تهدد طهران. وجاء ذلك على لسان وزير الخارجية جان نويل بارو الذي بعث، الخميس، بأربع رسائل إلى السلطات الإيرانية: أولاها: «المطالبة بالإفراج الفوري وغير المشروط» عن سيسيل كوهلر البالغة من العمر 40 عاماً، وعن جاك باريس البالغ 72 عاماً.

ماكرون محاطاً برئيس الحكومة فرنسوا بايرو (يسار) ومانويل فالس وزير شؤون ما وراء البحار خلال اجتماع في قصر الإليزيه الأربعاء (أ.ف.ب)

والثانية: اعتبار باريس أن التهم الموجهة إليهما، في حال تأكد توجيهها، «غير مبررة ولا أساس لها من الصحة». وثالثة الرسائل: إعادة التأكيد على أن فرنسا «ستواصل الوقوف إلى جانبهما وإلى جانب عائلتيهما اللتين تمران بمحنة عصيبة للغاية، طالما كان ذلك ضرورياً». وجاء في حرفية رابعة الرسائل أن «إطلاق سراح سيسيل كوهلر وجاك باريس أولوية مطلقة بالنسبة لنا، ولطالما أكدنا لمحاورينا في النظام الإيراني أن مسألة القرارات المحتملة بشأن العقوبات ستكون مشروطة بحل هذه المشكلة، وهذا الخلاف الكبير، والإفراج» عن كوهلر وباريس.

لماذا ترفض طهران إطلاق سراح الرهينتين؟

ثمة صعوبة في التعامل مع هذه المسألة وقوامها أن الجانب الإيراني الرسمي لم يؤكد أو يشر إلى هذه الاتهامات التي جاء خبرها على لسان «دبلوماسي غربي» هو على الأرجح الدبلوماسي الفرنسي الذي سمح له بالقيام بزيارة قنصلية للسجينين، وقد نقل عنهما أنهما مثلا أمام قاضٍ (من غير تحديد تاريخ)، وأن الأخير وجه «إليهما الاتهامات الخطيرة». ونقل عن ناعومي كوهلر، شقيقة سيسيل، قولها: «جل ما نعلمه أنهما التقيا قاضياً أكد لهما الاتهامات» مضيفة أن الاثنين لم يتمكنا من الاطلاع على ملفيهما، كما أنهما حُرما من التواصل مع محامين مستقلين للدفاع عنهما.

منذ مدة طويلة، يندد الفرنسيون بالمعاملة السيئة التي وصفتها باريس بأنها «ترقى إلى مستوى التعذيب». وذهبت فرنسا، في شهر أبريل (نيسان) الماضي، إلى تقديم شكوى رسمية ضد إيران أمام محكمة العدل الدولية في لاهاي منددَة بـ«الاحتجاز التعسفي» المفروض على مواطنيها.

واللغز الذي يحير متابعي هذه المسألة يتناول الأسباب التي دفعت إيران إلى الإفراج سابقاً عن أربعة رهائن فرنسيين، بينما ترفض التجاوب مع الطلب المتكرر الذي تصر عليه باريس، إن على لسان إيمانويل ماكرون، رئيس الجمهورية، أو جان نويل بارو، وزير الخارجية، وهو ما أكده الأخير الخميس.

من هنا، العودة إلى الحديث عن «دبلوماسية الرهائن» التي تتبناها طهران منذ سنوات، والقائمة على الإبقاء على مواطنين غربيين في سجونها حتى الحصول على مقابل. لكن تجدر الإشارة إلى أن ماكرون هو المسؤول الغربي الوحيد الذي يتواصل مع نظيره مسعود بزشكيان. وآخر اتصال بينهما يعود ليوم الأحد الماضي. ووفق التغريدة التي كتبها ماكرون على منصة «إكس» بعد الاتصال وضمنها ستة مطالب، جاء الإفراج عن كوهلر وباريس في المرتبة الأولى، وفي الثانية المحافظة على المؤسسات الفرنسية، تليها مطالب أربعة تخص البرنامج النووي الإيراني وتشعباته.

اتهامات متبادلة بين باريس وطهران

يرى مصدر فرنسي على صلة بملف العلاقات الفرنسية - الإيرانية أن الأجواء السائدة بين الجانبين «لا تبشر بخير» بسبب الاتهامات المتبادلة بينهما. فطهران تأخذ على باريس امتناعها عن إدانة «الهجمات الاستباقية» التي قامت بها إسرائيل ضد المواقع النووية الإيرانية واكتفاءها بالدعوة إلى عدم التصعيد وهو ما اعتبرته، ضمناً، تأييداً للعمليات الإسرائيلية.

سيسيل كوهلر تقف أمام لوحة في فيديو اعترافات قسرية بثته قناة «العالم» الإيرانية العام الماضي

كذلك، امتنعت فرنسا عن انتقاد أو توجيه اللوم لواشنطن للضربات التي أمر بها الرئيس ترمب، فضلاً عن تبنيها للمطلب الأميركي - الإسرائيلي بمنع إيران من تخصيب اليورانيوم على أراضيها، أو ما يسمى «صفر تخصيب». كذلك، تأخذ على فرنسا دورها في الاجتماع الأخير لمجلس المحافظين الذي أصدر قراراً، بطلب غربي، يدين إيران لعدم احترامها لالتزاماتها في إطار معاهدة منع انتشار السلاح النووي. وتعتبر طهران أن القرار المذكور وفر لإسرائيل الذريعة للقيام بحربها الاستباقية ضد إيران. ولا تمر الأخيرة مرور الكرام على «تشدد» فرنسا والسير في دعوتها لتحجيم البرنامج الصاروخي - الباليستي الإيراني (إضافة إلى النووي)، ومعطوفاً عليه التنديد بسياسة طهران الإقليمية التي تصفها بأنها «مزعزعة للاستقرار».

في المقابل، فإن باريس تأخذ على طهران استخدامها الرهينتين للضغط عليها، فضلاً عن وقوفها إلى جانب روسيا في حربها على أوكرانيا، وسياساتها الضارة في الإقليم، والقمعية في الداخل.

العودة إلى «سناب باك»

إزاء هذه الوضعية المعقدة، لم يتردد وزير الخارجية في اللجوء إلى «المدفعية الثقيلة»، أي التهديد بالسعي لتفعيل آلية «سناب باك» في مجلس الأمن الدولي التي تتيح إعادة فرض ست مجموعات من العقوبات الدولية على إيران، والتي جاءت في ستة قرارات دولية. وليس سراً أن إيران تتخوّف من هذا الاحتمال، وسبق لها أن هدّدت باتخاذ إجراءات جذرية للرد عليه. وبعد أن قررت الأربعاء وقف التعامل مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، فإن الإجراء الجذري قد يكون الخروج من معاهدة حظر الانتشار النووي، وهو ما دأب الرئيس ماكرون على التحذير منه.

بارو متحدثاً في البرلمان الثلاثاء وهدد إيران بتفعيل آلية «سناب باك» في حال لم تفرج عن الرهينتين الفرنسيتين (أ.ف.ب)

هل سترعوي إيران، وتذعن للمطلب الفرنسي بعد أن أشهرت باريس هذا السلاح؟ السؤال مطروح، لكن الإجابة عنه راهناً بالغة الصعوبة، كمن يضرب الرمل لقراءة المستقبل. لكن ما هو ثابت أن بين الطرفين اليوم هوّة سحيقة رغم التواصل غير المنقطع بين الجانبين. وبأي حال، فإن ربط بارو وجهة السياسة الفرنسية بملف بالغ الخطورة كالملف النووي الإيراني، الذي لا يخفى تأثيره على الوضع الأمني والاستراتيجي في الشرق الأوسط، فضلاً عن تداعياته السياسية، يبدو مبالغاً فيه، خصوصاً أن موضوع «سناب باك» ليس محصوراً بفرنسا وحدها، إنما تتشارك فيه مع بريطانيا وألمانيا والولايات المتحدة، ومجلس الأمن ككل.


مقالات ذات صلة

«حماس» ترفض اتهامات «العفو الدولية» بارتكاب جرائم ضد الإنسانية

العالم العربي عناصر من «حماس» برفقة أعضاء من اللجنة الدولية للصليب الأحمر يتوجهون إلى حي الزيتون في مدينة غزة للبحث عن رفات الرهائن المتوفين (أ.ب)

«حماس» ترفض اتهامات «العفو الدولية» بارتكاب جرائم ضد الإنسانية

خلص تقرير جديد لمنظمة العفو الدولية إلى أن «حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية» (حماس) ارتكبت جرائم ضد الإنسانية خلال هجومها على جنوب إسرائيل في 7 أكتوبر.

«الشرق الأوسط» (غزة)
شؤون إقليمية مسلحون من حركتي «حماس» و«الجهاد» يعثرون على جثة خلال عملية البحث عن جثث الرهائن القتلى في بيت لاهيا شمال قطاع غزة (رويترز)

إسرائيل تتسلّم جثمان رهينة عبر الصليب الأحمر من غزة

أعلن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، اليوم الأربعاء، أن تل أبيب تسلمت عبر الصليب الأحمر، نعش أحد الرهائن كان جثمانه في قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (غزة - تل أبيب)
شؤون إقليمية وصول سيارة تحمل رفات شخص تقول «حماس» إنه رهينة متوفى تم تسليمه في وقت سابق اليوم من قبل مسلحين في غزة إلى السلطات الإسرائيلية إلى معهد للطب الشرعي في تل أبيب... إسرائيل 2 ديسمبر 2025 (أ.ب)

إسرائيل تعلن تسلّم بقايا جثمان رهينة كان محتجزاً في غزة

قالت الشرطة الإسرائيلية، اليوم (الثلاثاء)، إنها تسلّمت بقايا جثمان إحدى الرهينتين المتبقيتين في قطاع غزة قبل نقله إلى معهد الطب الشرعي قرب تل أبيب للتعرف عليه.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب - غزة)
تحليل إخباري عراقجي يصل إلى باريس للقاء نظيره الفرنسي صباح الأربعاء (الخارجية الإيرانية)

تحليل إخباري تباين الأولويات يحد من فرص الانفراج بين باريس وطهران

عراقجي من باريس: لسنا مستعجلين... وننتظر الأميركيين للتفاوض حول «النووي»... وصفقة تبادل المساجين بيننا وبين فرنسا أصبحت جاهزة وستتم بعد شهرين.

ميشال أبونجم (باريس)
تحليل إخباري عراقجي يلقي كلمة أمام المؤتمر السنوي لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية في لاهاي الثلاثاء (الخارجية الإيرانية)

تحليل إخباري هل تمهد محادثات عراقجي لانفتاح إيراني على الثلاثي الأوروبي؟

لم يكن اختيار وزير الخارجية الإيراني باريس لتكون محطته الثالثة في الجولة التي يقوم بها راهناً، والتي شملت مسقط ولاهاي، من باب الصدفة.

ميشال أبونجم (باريس)

الحكومة الإيرانية تعرض موازنة تتجاوز 107 مليارات دولار

بزشكيان يسلم مسودة مشروع الموازنة إلى قاليباف الثلاثاء (الرئاسة الإيرانية)
بزشكيان يسلم مسودة مشروع الموازنة إلى قاليباف الثلاثاء (الرئاسة الإيرانية)
TT

الحكومة الإيرانية تعرض موازنة تتجاوز 107 مليارات دولار

بزشكيان يسلم مسودة مشروع الموازنة إلى قاليباف الثلاثاء (الرئاسة الإيرانية)
بزشكيان يسلم مسودة مشروع الموازنة إلى قاليباف الثلاثاء (الرئاسة الإيرانية)

قدّمت الحكومة الإيرانية، الثلاثاء، مشروع موازنة العام الجديد إلى البرلمان بقيمة تتجاوز 107 مليارات دولار، في أول موازنة تُقدم رسمياً بالريال الجديد بعد حذف أربعة أصفار من العملة الوطنية.

وسلّم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان مشروع الموازنة إلى رئيس البرلمان محمد باقر قاليباف خلال الجلسة العلنية، مؤكداً أن الموازنة أُعدت على أسس الشفافية والانضباط المالي، والواقعية في تقدير الموارد والمصروفات.

وأفادت وكالة «إيسنا» الحكومية بأن إجمالي موارد ومصارف الموازنة العامة يبلغ 14.44 تريليون تومان (ريال جديد)، أي ما يعادل نحو 107.4 مليار دولار، وفق سعر صرف 134,450 للدولار الواحد.

وذكرت وكالة «مهر» أن موازنة العام الجديد الذي يبدأ 21 مارس (آذار) المقبل، جاءت مختلفة من حيث الشكل، إذ قُدمت من دون مواد وأحكام تفصيلية، واقتصرت على «مادة واحدة»، على أن تعرض الأرقام والبيانات في صيغة جداول.

ومن المنتظر أن يباشر البرلمان خلال الأيام المقبلة مناقشة بنود مشروع الموازنة داخل لجانه المختصة، تمهيداً لإحالته إلى الجلسة العامة للتصويت عليه، وسط توقعات بجدل واسع حول تقديرات الإيرادات، ومستويات الإنفاق، وانعكاسات الموازنة على معيشة المواطنين، في ظل التضخم المرتفع، وتراجع قيمة العملة.

بزشكيان يلقي خطاباً أمام البرلمان على هامش تقديم مشروع الموازنة (الرئاسة الإيرانية)

وبعد تقديم مشروع الموازنة، قال بزشكيان للصحافيين إن الحوارات بين الحكومة والبرلمان، مع التركيز على معيشة الشعب، ستتواصل خلال العامين الحالي والمقبل، بهدف التوصل إلى رؤية مشتركة قائمة على موارد حقيقية، مؤكداً أن الحكومة ستعمل على تهيئة الظروف اللازمة للحفاظ على مستوى المعيشة.

وأضاف أن مسار النقاش بين الحكومة والبرلمان يهدف، سواء لهذا العام أو العام المقبل، إلى اعتماد لغة ورؤية مشتركتين بشأن معيشة المواطنين، مشدداً على أن مسعى الحكومة هو تمكين الشعب، في العام المقبل أيضاً، من تأمين الحد الأدنى من المعيشة بالأسعار الحالية، حتى في حال ارتفاع معدلات التضخم، حسب وكالة «إرنا».

وكان المصرف المركزي الإيراني قد أعلن مطلع ديسمبر (كانون الأول) أن معدل التضخم السنوي بلغ 41 في المائة، وهو رقم لا يعكس بدقة الارتفاعات الحادة في أسعار السلع الأساسية، وفق ما أوردته «وكالة الصحافة الفرنسية»، الاثنين الماضي.

وسجل الريال الإيراني خلال الأيام الأخيرة أدنى مستوياته التاريخية أمام الدولار في السوق غير الرسمية، عند نحو 1.3 مليون ريال للدولار، مقارنة بنحو 770 ألف ريال قبل عام.

رجل يمر أمام لافتة في مكتب صرافة للعملات مع تراجع قيمة الريال الإيراني بطهران السبت الماضي (رويترز)

ويؤدي التراجع السريع للعملة إلى تفاقم الضغوط التضخمية، وارتفاع أسعار المواد الغذائية والسلع الأساسية الأخرى، ما يزيد من الضغط على ميزانيات الأسر.

ويأتي تدهور العملة في ظل ما يبدو تعثراً للجهود الرامية إلى إحياء المفاوضات بين واشنطن وطهران بشأن البرنامج النووي الإيراني، إلى جانب استمرار حالة عدم اليقين حيال خطر تجدد الصراع، عقب الحرب التي استمرت 12 يوماً بين إيران وإسرائيل في يونيو (حزيران) الماضي.

كما يخشى كثير من الإيرانيين من احتمال اتساع رقعة المواجهة بما قد يجر الولايات المتحدة إليها، وهو ما يفاقم حالة القلق في الأسواق.

ويعاني الاقتصاد الإيراني منذ سنوات من وطأة العقوبات الغربية، لا سيما بعد انسحاب الرئيس الأميركي دونالد ترمب في ولايته الأولى، عام 2018، من الاتفاق النووي الموقع عام 2015، الذي كان قد خفض بشكل حاد تخصيب اليورانيوم الإيراني ومخزوناته مقابل تخفيف العقوبات. آنذاك كان سعر صرف الريال الإيراني يقارب 32 ألف ريال للدولار الواحد.

وبعد عودة ترمب إلى البيت الأبيض لولاية ثانية في يناير (كانون الثاني)، أعادت إدارته إحياء حملة «الضغط الأقصى»، موسعة نطاق العقوبات التي تستهدف القطاع المالي الإيراني وصادرات الطاقة. ووفق بيانات أميركية، عادت واشنطن إلى ملاحقة الشركات المنخرطة في تجارة النفط الخام الإيراني، بما في ذلك عمليات البيع بأسعار مخفّضة لمشترين في الصين.

وتصاعدت الضغوط في أواخر سبتمبر (أيلول) الماضي، عندما أعادت الأمم المتحدة فرض عقوبات مرتبطة بالبرنامج النووي الإيراني عبر ما وصفه دبلوماسيون بآلية «العودة السريعة»، ما أدى إلى تجميد أصول إيرانية في الخارج، وتعليق صفقات الأسلحة مع طهران، وفرض قيود إضافية مرتبطة ببرنامج الصواريخ الباليستية.


400 شخصية نسائية عالمية تطالب إيران بإلغاء إعدام ناشطة

إيرانيون يتظاهرون لوقف تنفيذ عقوبة الإعدام (أرشيفية-رويترز)
إيرانيون يتظاهرون لوقف تنفيذ عقوبة الإعدام (أرشيفية-رويترز)
TT

400 شخصية نسائية عالمية تطالب إيران بإلغاء إعدام ناشطة

إيرانيون يتظاهرون لوقف تنفيذ عقوبة الإعدام (أرشيفية-رويترز)
إيرانيون يتظاهرون لوقف تنفيذ عقوبة الإعدام (أرشيفية-رويترز)

طالب أكثر من 400 شخصية نسائية عالمية، من بينها أربع حائزات جوائز نوبل وعدد من الرئيسات ورئيسات الحكومات السابقات، طهران بالإفراج فوراً عن المهندسة والناشطة الإيرانية زهراء طبري، مُعربين عن قلقهم من احتمال تنفيذ حكم الإعدام بحقّها قريباً.

وفي أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، حُكم على طبري، وهي أمّ تبلغ 67 عاماً، بالإعدام بعد «محاكمة صورية لم تستغرق سوى عشر دقائق، عُقدت عبر الفيديو دون حضور محاميها»، وفق ما نقلت «وكالة الصحافة الفرنسية» عن الرسالة التي وقّعتها النساء.

وأشارت الرسالة إلى أن طبري تُواجه الإعدام «لرفعها لافتة عليها عبارة (امرأة، الحياة، حرية)»، والتي يُرجَّح أنها مُستوحاة من شعار «امرأة، حياة، حرية» الذي لقي رواجاً واسعاً خلال احتجاجات عام 2022.

ووقّعت الرسالة، التي صاغتها جمعية «العدالة لضحايا مَجزرة 1988 في إيران» التي تتخذ من لندن مقراً، رئيساتٌ سابقات لسويسرا والإكوادور، ورئيسات وزراء سابقات لفنلندا والبيرو وبولندا وأوكرانيا.

وجاء في الرسالة: «نطالب بالإفراج الفوري عن زهراء، وندعو الحكومات في مختلف أنحاء العالم إلى التضامن مع المرأة الإيرانية في نضالها من أجل الديمقراطية والمساواة والحرية».

ووقّع الرسالة أيضاً قضاة ودبلوماسيون وأعضاء في البرلمان وشخصيات عامة، مِن بينهم الفيلسوفة الفرنسية إليزابيث بادينتر.

وفي حين لم تتطرق وسائل الإعلام الإيرانية الرسمية إلى قضية طبري، ولم تؤكد صدور حكم الإعدام بحقها، أكّدت مجموعة من ثمانية خبراء مستقلين من الأمم المتحدة، الثلاثاء، صدور الحكم، استناداً فقط إلى لافتة ورسالة صوتية لم تُنشر، وطالبوا إيران بـ«تعليق» تنفيذ الحكم فوراً.

وأكد هؤلاء الخبراء المفوَّضون من مجلس حقوق الإنسان، التابع للأمم المتحدة، أنّ الاتفاقية الدولية للحقوق المدنية والسياسية التي صادقت عليها إيران، يقتصر في المبدأ على تطبيق عقوبة الإعدام على «أخطر الجرائم».

وشددوا على أن «القضية لا تشمل أي جريمة قتل متعمَّدة وتشوبها عدة مخالفات إجرائية»، وخلصوا إلى أن «إعدام طبري في ظل هذه الظروف يُعدّ إعداماً تعسفياً».

وفق منظمة حقوق الإنسان الإيرانية ومقرها أوسلو، أعدمت السلطات الإيرانية أكثر من 40 امرأة، هذا العام.


مساعد سابق يقول إن نتنياهو كلّفه بوضع خطة للتهرب من مسؤولية هجوم 7 أكتوبر

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (أ.ب)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (أ.ب)
TT

مساعد سابق يقول إن نتنياهو كلّفه بوضع خطة للتهرب من مسؤولية هجوم 7 أكتوبر

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (أ.ب)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (أ.ب)

صرّح مساعد سابق لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بأنه عقب هجوم «حماس» في أكتوبر (تشرين الأول) 2023، الذي أشعل فتيل الحرب الإسرائيلية على غزة التي استمرت عامين، كلّفه الزعيم الإسرائيلي بإيجاد طريقة للتهرب من مسؤولية هذا الخرق الأمني.

ووفقاً لوكالة الأنباء الألمانية، وجّه المتحدث السابق باسم نتنياهو، إيلي فيلدشتاين، الذي يواجه محاكمة بتهمة تسريب معلومات سرية إلى الصحافة، هذا الاتهام الخطير، خلال مقابلة مطولة مع قناة «كان» الإسرائيلية، مساء الاثنين.

وقد اتهم منتقدون نتنياهو مراراً وتكراراً برفض تحمّل مسؤولية الهجوم الأكثر دموية في تاريخ إسرائيل. لكن لا يُعرف الكثير عن سلوك نتنياهو في الأيام التي أعقبت الهجوم مباشرة، في حين قاوم رئيس الوزراء باستمرار إجراء تحقيق حكومي مستقل.

وفي حديثه لقناة «كان»، قال فيلدشتاين إن «المهمة الأولى» التي تلقاها من نتنياهو بعد 7 أكتوبر 2023، كانت إسكات المطالبات بالمساءلة. قال فيلدشتاين: «سألني: عمّ يتحدثون في الأخبار؟ هل ما زالوا يتحدثون عن المسؤولية؟». وأضاف: «أراد مني أن أفكر في شيء يُخفف من حدة العاصفة الإعلامية المحيطة بمسألة ما إذا كان رئيس الوزراء قد تحمل المسؤولية أم لا».

وأضاف أن نتنياهو بدا «مرتبكاً» عندما طلب منه ذلك. وقال فيلدشتاين إنه أُبلغ لاحقاً من قِبل أشخاص في الدائرة المقربة من نتنياهو بحذف كلمة «المسؤولية» من جميع التصريحات.

وصف مكتب نتنياهو المقابلة بأنها «سلسلة طويلة من الادعاءات الكاذبة والمكررة التي أدلى بها رجل ذو مصالح شخصية واضحة يحاول التهرب من المسؤولية»، حسبما أفادت وسائل إعلام عبرية.

وتأتي تصريحات فيلدشتاين بعد توجيه الاتهام إليه في قضية يُتهم فيها بتسريب معلومات عسكرية سرية إلى صحيفة شعبية ألمانية لتحسين الصورة العامة لرئيس الوزراء، عقب مقتل 6 رهائن في غزة في أغسطس (آب) من العام الماضي.

كما يُعدّ فيلدشتاين مشتبهاً به في فضيحة «قطر غيت»، وهو أحد اثنين من المقربين لنتنياهو متهمين بتلقي أموال من قطر أثناء عملهما لدى رئيس الوزراء.