احتوت سلطات غرب ليبيا توتراً أمنياً مفاجئاً في مدينة جنزور، اندلع على خلفية رفض إحدى الميليشيات تسليم مقر كان يتبع عبد الغني الككلي، الرئيس السابق لجهاز «دعم الاستقرار»، والذي قتل في عملية وصفت بـ«المعقّدة».
وعيّن محمد المنفي، رئيس المجلس الرئاسي الليبي، مطلع الأسبوع، باعتباره القائد الأعلى للجيش، حسن أبو زريبة رئيساً جديداً لجهاز «دعم الاستقرار»، في العاصمة طرابلس، خلفاً للككلي.

ويرى مراقبون أن أبو زريبة جاء ليتسلّم «التركة الثقيلة»، التي خلفها الككلي، على اعتبار أن عناصر جهاز «دعم الاستقرار» متهمة بـ«التورط في ارتكاب جرائم قتل وتعذيب وإخفاء مواطنين»، لا سيما في معقله بمنطقة أبو سليم في طرابلس.
وقبيل توجه أبو زريبة لتسلم مقر الجهاز في جنزور، أقدمت مجموعات مسلحة، تابعة لمحمود أبو جعفر، آمر جهاز الـ«137»، على إغلاق الطريق الساحلي جنزور، اعتراضاً على ما وصفه برفض تسليم مقر الجهاز، واحتجاجاً على قرار إعادة تنظيمه.
وانتشر مسلحون يتبعون لأبو جعفر، الشهير بـ«الشيبة»، على الطريق الساحلي الزاوية- جنزور، بالتوازي مع تحرك أرتال تابعة لـ«أبو زريبة» خلال توجهه رفقة آمر «اللواء 52 مشاة»، محمود بن رجب، للاجتماع بمقر الجهاز في جنزور.
وأظهرت مقاطع مصورة عناصر مسلحة وهم يغلقون طريق كوبري الـ«17»، غربي العاصمة، احتجاجاً على «قرار إعادة تنظيم جهاز دعم الاستقرار» الذي اتخذه المنفي.

وقال مقربون من جهاز «دعم الاستقرار» إن رئيسه المُعيّن أبو زريبة تمكّن، (الثلاثاء)، من تسلم مقر الجهاز في جنزور، بعد موافقة أعيان المنطقة، حيث عقد اجتماعاً مع عناصره الذين طالبهم بالعودة للعمل، وللجاهزية التامة لحفظ الأمن بالعاصمة.
غير أن «قوة العمليات المشتركة» في جنزور قالت في بيان (الثلاثاء) إنه «بعد رفض القوة المشتركة في جنزور دخول أبو زريبة إلى المقر، ووسط إلحاح شديد منه، تمت الموافقة على دخولِه من دون قواته المرافقة له»، مشيرة إلى أن القوة المشتركة أوصلته إلى المقر وتأمينه؛ ومكثت فيه بضع دقائق للاعتذار عن عدم تمكّنه من عقد الاجتماع مع الأفراد، الذين كانوا ينتظرونه في المقر».
ونوهت إلى أنه في أعقاب ذلك تم تأمين خروجه من قبل القوة المشتركة، حيث اتجه إلى مقر «اللواء 52»، مشيرة إلى أنه تم تصنيف المنطقة الممتدة من «كوبري 17»، ووصولاً إلى «سيمفورو الـ16»، «منطقة عسكرية مغلقة مؤقتاً؛ وذلك ضمن إجراءات احترازية استثنائية مرتبطة بترتيبات أمنية جارية».
وقتل الككلي، المعروف بـ«غنيوة»، والذي كان يعد أهم قيادي لأبرز المجموعات المسلحة التي تسيطر على مناطق مهمة في طرابلس منذ عام 2011، وذلك بعد تصاعد نفوذه، وسيطرته في مدن عدة بطرابلس.

ومنذ مقتل الككلي، والأجهزة الأمنية التابعة لحكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة تكشف داخل مقرّ نفوذه في منطقة أبو سليم عن «جرائم قتل وخطف، ومقابر جماعية»، يرجح أنها تضم مواطنين أُبلغ عن اختفائهم.
وعلّق الحقوقي الليبي، طارق لملوم، على ما أسماه «الاحتكام إلى بلطجة الشارع من خلال أمراء الحرب»، وعدّ ذلك «دليلاً واضحاً على أن كل من يستخدم إغلاق الطرق والبلطجة، والتضييق على المدنيين، لا يمكن اعتباره جهة حكومية تخضع للقانون وتلتزم به».
ويرى لملوم أن التنافس القائم بين حكومة «الوحدة» المؤقتة، التي سبق أن فككت الجهاز، ثم أعاده المجلس الرئاسي «سيزيد من حجم الانتهاكات؛ وتمكين تلك الميليشيات التي لا يمكن لها العيش إلا بهذه الطريقة»، لافتاً إلى أنه رغم وعود مكتب النائب العام بفتح تحقيق بشأن الانتهاكات التي تورط فيها جهاز (دعم الاستقرار)، لكن جاء قرار إعادته، وبنفس تركيبته.



