إجماع في «الوزاري الإسلامي» بإسطنبول على ضرورة التضامن بمواجهة إسرائيل

أبو الغيط يرفض استهداف منشآت إيران النووية... ومحذراً: توسيع الحرب لن يكون في صالح أي طرف

صورة تذكارية للوزراء والمسؤولين المشاركين في الدورة الـ51 لمجلس «منظمة التعاون الإسلامي» في إسطنبول (أ.ف.ب)
صورة تذكارية للوزراء والمسؤولين المشاركين في الدورة الـ51 لمجلس «منظمة التعاون الإسلامي» في إسطنبول (أ.ف.ب)
TT

إجماع في «الوزاري الإسلامي» بإسطنبول على ضرورة التضامن بمواجهة إسرائيل

صورة تذكارية للوزراء والمسؤولين المشاركين في الدورة الـ51 لمجلس «منظمة التعاون الإسلامي» في إسطنبول (أ.ف.ب)
صورة تذكارية للوزراء والمسؤولين المشاركين في الدورة الـ51 لمجلس «منظمة التعاون الإسلامي» في إسطنبول (أ.ف.ب)

أظهرت الدول الأعضاء في «منظمة التعاون الإسلامي» إجماعاً على ضرورة التضامن في مواجهة توسيع إسرائيل عدوانها بالمنطقة، وسط صمت المجتمع الدولي إزاء انتهاكاتها المستمرة في غزة، وتوسيعها باتجاه لبنان وسوريا وإيران.

وقال الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، في كلمة خلال اجتماعات الدورة الـ51 لمجلس وزراء خارجية دول «منظمة التعاون الإسلامي»، التي انطلقت في إسطنبول، السبت، إن «السكوت عن سياسات إسرائيل العدوانية في فلسطين أدى إلى توسيع عدوانها في المنطقة». وأكد أن «التصدي للأزمات التي يواجهها العام الإسلامي، الذي يبلغ تعداد سكانه مليارَي نسمة، يقتضي ضرورة أن يتحوَّل إلى قطب عالمي مستقل بحد ذاته»، مضيفاً: «نحن على أعتاب مرحلة سيلعب فيها العالم الإسلامي دوراً أكبر بكثير».

قرصنة إسرائيلية

وقال إردوغان إن «الأطماع الصهيونية» لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو هدفها جر العالم إلى كارثة، مثلما فعل الزعيم النازي الألماني أدولف هتلر، وكما أن الشرارة التي أشعلها هتلر أحرقت العالم قبل 90 عاماً، فإن «أطماع نتنياهو الصهيونية لا تهدف إلا إلى دفع العالم نحو كارثة مماثلة».

ووصف هجمات إسرائيل على غزة ولبنان واليمن وسوريا، وأخيرا، على إيران بـ«القرصنة»، قائلاً: «يتوجب علينا مزيد من التضامن؛ من أجل إيقاف القرصنة الإسرائيلية في فلسطين وسوريا ولبنان وإيران، وعلينا نبذ الخلافات، والتكاتف، عندما يتعلق الأمر بقضايانا ومصالحنا المشتركة، وإذا لم نتحمل مسؤولية قضايانا بفكرنا وإرادتنا المشتركة فسنخدم مصالح الآخرين».

وعدَّ الرئيس التركي أن هجمات إسرائيل على إيران قبيل جولة جديدة من المفاوضات النووية، التي كانت مقرَّرة مع الولايات المتحدة، استهدفت تخريب المفاوضات، وأن ذلك يظهر أن إسرائيل لا ترغب في حل المشكلات بالطرق الدبلوماسية.

وشدَّد على أن دفاع إيران عن نفسها أمام الاعتداءات الإسرائيلية «حق مشروع»، مضيفاً: «ونحن متفائلون بأن النصر سيكون حليف إيران». وأكد أنه لا فرق بين الاعتداء على طهران، أو إسطنبول، أو مكة، أو المدينة، فمصيرها جميعاً واحد.

إردوغان خلال كلمته في افتتاح اجتماعات وزراء خارجية دول «منظمة التعاون الإسلامي» (الرئاسة التركية)

وتابع إردوغان أن هناك مؤامرة ونظاماً جديداً يتزامنان مع مئوية «سايكس بيكو»، وأن إسرائيل تعمل على توسيع دائرة الحرب لتشمل كل الجغرافيا المحيطة بها، لكن تركيا لن تسمح بفرض اتفاق «سايكس بيكو» جديد تُرسَم فيه حدود المنطقة بالدم. ولفت إردوغان إلى أن ظروف الفلسطينيين في قطاع غزة أسوأ من معسكرات الاعتقال النازية، قائلاً: «إن مليونين من أشقائنا في غزة يكافحون للبقاء على قيد الحياة منذ 21 شهراً، وسط ظروف أسوأ حتى من معسكرات الاعتقال النازية».

وأضاف: «نواصل مساعينا الرامية لفرض تدابير قسرية ضد إسرائيل على أساس القانون الدولي، وميثاق الأمم المتحدة».

وعبَّر إردوغان عن ارتياحه لعودة سوريا إلى عضوية «منظمة التعاون الإسلامي»، والتقدم المُحرَز نحو اندماجها في المجتمع الدولي، داعياً إلى دعم العالم الإسلامي بأكمله؛ للحفاظ على سلامة أراضي سوريا ووحدتها الوطنية، وتحقيق الاستقرار الدائم فيها.

كارثة شاملة

بدوره، حذَّر وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، من أن إسرائيل تجرُّ المنطقة إلى حافة كارثة شاملة بمهاجمتها إيران.

وأكد فيدان، الذي تسلَّم رئاسة الدورة الـ51 لمجلس وزراء خارجية «منظمة التعاون الإسلامي» في كلمة في افتتاح الاجتماع، على أن المشكلة تتعلق بإسرائيل وليس بفلسطين أو لبنان أو سوريا أو اليمن أو إيران.

وقال: «ليست هناك من مشكلة فلسطينية، لبنانية، سورية، يمنية، أو إيرانية، بل هناك بوضوح مشكلة إسرائيلية»، داعياً إلى وقف العدوان الإسرائيلي غير المحدود ضد إيران. وأضاف أن إسرائيل، التي تواصل الإبادة الجماعية في غزة، وتسفك الدماء في جميع الأراضي المحتلة، تجرُّ المنطقة الآن إلى حافة كارثة شاملة بمهاجمة جارتنا إيران، لافتاً إلى أن الموقف الحازم، الذي يجب اتخاذه لوقف العدوان الإسرائيلي «اللامحدود» سيُناقَش أولاً في المشاورات خلال اجتماع الوزراء التي تستمرُّ يومين في إسطنبول.

وأكد فيدان ضرورة تطوير «الملكية الإقليمية» لجميع التحديات في جغرافية «منظمة التعاون الإسلامي».

وأكد فيدان أن مشاركة كثير من الدول التي تُمثّل العالم الإسلامي في هذا الاجتماع في هذه الأيام العصيبة تُمثّل مثالاً رائعاً على التضامن، مضيفاً: «دعونا لا ننسى أن الأمم المنقسمة تضعف، والقلوب المنقسمة لا ترى النصر. نحن نرى الأمة كلها».

انتقادات للأمم المتحدة

وأشار إلى أن اختلال الآليات الدولية، خصوصاً مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، والوحشية المستمرة في غزة، كشفا هذه الآليات تماماً، ويجب على «منظمة التعاون الإسلامي» أن تلعب دوراً قيادياً في هذه القضية تحديداً. وأضاف فيدان: «يجب على الدول الإسلامية، وهي جزء من تكتل ذي موارد هائلة يمثل رُبع سكان العالم، أن تقود بناء نظام عالمي يدافع عن العدالة، ويعطي الأولوية للحقوق».

فيدان خلال كلمته الافتتاحية (الخارجية التركية)

وقال فيدان إن إسرائيل تواصل سياسات الإبادة الجماعية، والجرائم ضد الإنسانية بحق الشعب الفلسطيني، ليس في غزة فحسب، بل الضفة الغربية أيضاً تُحوَّل إلى ساحة حرب، وهدف إسرائيل هو تهجير الفلسطينيين من ديارهم والقضاء على رؤية «حل الدولتين».

وأضاف أن وقف إطلاق النار الدائم، وإطلاق سراح الرهائن والمعتقلين، وضمان وصول المساعدات الإنسانية دون انقطاع إلى غزة، هي أولوياتنا، وندعم بقوة المفاوضات الجارية لتحقيق هذا الهدف، معبرا ًعن شكره لمصر وقطر مُجدَّداً، على جهودهما في هذا الصدد.

ودعا فيدان إلى دعم السلام في السودان. ولفت إلى أن الصراع بين باكستان والهند كشف مرة أخرى عن هشاشة السلام والاستقرار في جنوب آسيا، معرباً عن ارتياح تركيا لقرار وقف إطلاق النار بين الطرفين، وعن الأمل في استغلال هذه الفرصة لحل هذه الأزمة، خصوصاً قضية كشمير، من خلال الحوار.

وتطرق إلى مشكلة «جمهورية شمال قبرص التركية»، التي قال إنها جزء لا يتجزأ من العالم الإسلامي، وممثلة بصفة مراقب في «منظمة التعاون الإسلامي»، قائلاً: «ومع ذلك، وللأسف، لا يزال القبارصة الأتراك يعيشون في عزلة ظالمة وغير إنسانية مفروضة عليهم لعقود، وندعو جميع الدول الأعضاء إلى دعم الحقوق الطبيعية للقبارصة الأتراك، وإقامة علاقات مباشرة معهم».

تحذير من «الجامعة العربية»

من جانبه، شدَّد الأمين العام للجامعة العربية، أحمد أبو الغيط، على أن استهداف أي منشآت نووية في إيران أمر مرفوض، وستترتب عليه مخاطر كبرى على المدنيين.

وقال أبو الغيط، في كلمة خلال الاجتماع، إن إسرائيل ما زالت تتصوَّر أن العنف وحده يجلب الأمن، وأن السلام يمكن فرضه بالقوة وهذا وهم، محذراً من أن «توسيع الحرب لن يكون في صالح أي طرف».

ودعا جميع الأطراف إلى العودة السريعة لطاولة المفاوضات، قائلاً إنه سبق، عندما صحت النوايا، أن تمَّ التوصُّل لحلول دبلوماسية تعالج الشواغل المشروعة حيال البرنامج النووي الإيراني منذ سنوات بإرادة سياسية عالمية موحدة، وفي التقدير أن ذلك لا يزال ممكناً اليوم، وتسعى إليه وتدعو له دول من الإقليم ومن خارجه راغبة في السلام.

جانب من الجلسة الافتتاحية للدورة الـ51 لوزراء خارجية «منظمة التعاون الإسلامي» (الرئاسة التركية)

وأضاف أبو الغيط أن جسامة الأحداث وخطورتها لن تحرف أنظارنا أبداً عن القضية الأم، قضية الشعب الفلسطيني الذي لا يزال حتى هذه اللحظة يواجه الإجرام اليومي للاحتلال الإسرائيلي، مشيراً إلى أنه في يوم واحد خلال الأسبوع الماضي قُتل 140 فلسطينياً أمام مراكز توزيع الطعام التي تحوَّلت فخاخاً قاتلة، لتزيد مأساة التجويع المتعمد، الذي يُستخدَم سلاحاً، بالمخالفة لكل قوانين الحرب، أو حتى الأعراف الإنسانية والمواثيق الأخلاقية.

وتابع: «يحدث ذلك، وما زال هناك للأسف مَن يستخدم (الفيتو) لحماية الاحتلال وإفساح المجال أمامه لارتكاب مزيد من الجرائم»، مؤكداً أنها «وصمة في جبين الإنسانية ستتوقف أمامها الأجيال القادمة طويلاً في حزن وخزي ودهشة لهذا الصمت المدوي على جرائم تُرتَكب في وضح النهار بدم بارد». وشدَّد أبو الغيط على أن «إنقاذ الشعب الفلسطيني من هذا الإجرام اليومي صار واجباً إنسانياً وأخلاقياً، بل ودينياً قبل أن يكون ضرورةً سياسيةً عمليةً».

مطالبة خليجية بالعودة للدبلوماسية

وندَّد الأمين العام لـ«مجلس التعاون الخليجي»، جاسم البديوي، بالاعتداءات الإسرائيلية على إيران بوصفها انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي، وسيادة الدول، وتثبت استهتار الحكومة الإسرائيلية وعدم اكتراثها بالقانون الدولي. ودعا البديوي، في كلمته أمام الاجتماع، إلى العودة للمسار الدبلوماسي، والتحلي بضبط النفس، وإبقاء قنوات الاتصال والدبلوماسية مفتوحةً لتفادي الانفجار الإقليمي.

وأثنى على دور الوساطة الإيجابي لسلطنة عمان في الدفع باتجاه المفاوضات الأميركية - الإيرانية، داعياً جميع الأطراف إلى «إعلاء صوت الحكمة والدبلوماسية، وتجنب الانزلاق نحو مواجهة قد تتجاوز حدود الجغرافيا».

وجدَّد البديوي التأكيد على وقوف الدول الأعضاء بـ«مجلس التعاون الخليجي» إلى جانب الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، مطالباً بإنهاء الحصار المفروض على القطاع، وفتح جميع المعابر لدخول المساعدات الإنسانية والإغاثية والاحتياجات الأساسية، وضمان تأمين وصولها بشكل مستمر لسكان قطاع غزة، وضرورة توفير الحماية الدولية للشعب الفلسطيني.

جلسات خاصة

وانطلقت في إسطنبول، السبت ولمدة يومين، أعمال الدورة الـ51 لاجتماع مجلس وزراء خارجية «منظمة التعاون الإسلامي»، تحت شعار «منظمة التعاون الإسلامي في عالم متحوّل»، باستضافة وزير الخارجية التركي هاكان فيدان.

ويشارك نحو 1000 شخصية دولية في الاجتماع، بينهم 43 وزير خارجية و5 نواب وزراء يمثلون الدول الأعضاء، وممثلون رفيعو المستوى من نحو 30 منظمة دولية، بينها، الأمم المتحدة، وجامعة الدول العربية، ومجلس التعاون الخليجي، ومنظمة الدول التركية، إلى جانب أجهزة وهيئات تابعة لـ«منظمة التعاون الإسلامي».

وفي بداية الاجتماع تسلَّم فيدان رئاسة الدورة الـ51 من الرئيس السابق لمجلس المنظمة، وزير خارجية الكاميرون، لوجون مبيلا مبيلا.

وتشهد الدورة انعقاد جلسات خاصة لمناقشة تطورات الإبادة الإسرائيلية في غزة، كما طلبت إيران عقد جلسة خاصة؛ لمناقشة تطورات العدوان الإسرائيلي، وقضية المفاوضات حول برنامجها النووي، تقرَّر عقدها مساء السبت بشكل مغلق، بحضور جميع الوزراء والمسؤولين المشاركين في الاجتماعات.

عراقجي خلال تصريحات على هامش الاجتماع الوزاري لـ«منظمة التعاون الإسلامي» (أ.ب)

وقال وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، في تصريحات قبيل انطلاق الاجتماعات في إسطنبول، إن تورط الولايات المتحدة في الحرب إلى جانب إسرائيل سوف يكون خطيراً جداً على كل شخص.

وأضاف عراقجي، الذي شارك عشية اجتماعات إسطنبول في جولة جديدة للمفاوضات النووية الإيرانية مع وزراء الترويكا الأوروبية (ألمانيا وفرنسا وبريطانيا) في جنيف، أن التدخل العسكري الأميركي سيكون كارثياً جداً. والجمعة، قال عباس عراقجي، في جنيف، إن إيران ستواصل ممارسة حقها المشروع في الدفاع عن نفسها.

ولفت إلى أن برنامج إيران النووي سلمي وخاضع لمراقبة الوكالة الدولية للطاقة الذرية، مضيفاً أن «إيران مستعدة للنظر في المسارات الدبلوماسية، وقدرات إيران الدفاعية لا يمكن التفاوض بشأنهاً».

وتابع: «ندعم استمرار المناقشات مع الترويكا الأوروبية والاتحاد الأوروبي، ونستعد للقاء مرة أخرى في المستقبل القريب». وعبَّر وزير الخارجية الإيراني عن قلق طهران إزاء عدم التنديد، من بعض الدول، بالهجمات «الإسرائيلية» الشنيعة.

اجتماع وزاري عربي

وعُقد في إسطنبول، ليل الجمعة - السبت، اجتماع استثنائي لوزراء خارجية دول الجامعة العربية برئاسة وزير الخارجية الأردني، أيمن الصفدي، ندَّد بالعدوان الإسرائيلي على إيران، بوصفه انتهاكاً صارخاً لسيادة دولة عضو بالأمم المتحدة، وتهديداً للسلم والأمن الإقليميَّين. وقال الوزراء العرب، في بيان في ختام الاجتماع: «نؤكد ضرورة وقف الهجمات الإسرائيلية وتكثيف الجهود الإقليمية والدولية لخفض التوتر وصولاً إلى وقف إطلاق النار».

ودعا البيان للعودة إلى المفاوضات؛ للتوصُّل لاتفاق حول الملف النووي الإيراني، وحثَّ المجتمع الدولي ومجلس الأمن على القيام بمسؤولياتهما لوقف الهجوم الإسرائيلي على إيران، وما يُشكِّله من خرق واضح للقانون الدولي، وتهديد لأمن المنطقة.

اجتماع وزراء الخارجية العرب في إسطنبول (رويترز)

وأكد البيان أن السبيل الوحيد لحل الأزمات في المنطقة هو الدبلوماسية والحوار وفقاً لقواعد القانون الدولي، وأنه لا يمكن تسوية الأزمة الراهنة بالسبل العسكرية، وأن التهدئة الشاملة في المنطقة لن تتحقَّق إلا بمعالجة كل أسباب الصراع والتوتر بدءاً بوقف العدوان على غزة.

ولفت البيان إلى أن إسرائيل تدفع المنطقة نحو مزيد من الصراع والتوتر «ما يستدعي تحركاً دولياً فاعلاً لوقف السياسات العدوانية الإسرائيلية». وأكد الوزراء ضرورة احترام حرية الملاحة في الممرات المائية الدولية تجنباً لتداعيات ذلك على الاقتصاد العالمي وخطوط نقل الطاقة عالمياً، وضرورة الامتناع عن استهداف المنشآت النووية الخاضعة لضمانات الوكالة الدولية للطاقة الذرية.

وحذروا من مخاطر الانبعاثات النووية وتسربها في الإقليم، وما يترتب عليها من آثار إنسانية وبيئية مُدمِّرة، كما أكدوا أهمية إخلاء منطقة الشرق الأوسط من الأسلحة النووية وغيرها من أسلحة الدمار الشامل.


مقالات ذات صلة

نتنياهو سيعرض معلومات استخباراتية على ترمب

شؤون إقليمية صاروخ باليستي إيراني يُعرض في شارع وسط طهران بجوار لافتة تحمل صورة المسؤول السابق للعمليات الخارجية في «الحرس الثوري» قاسم سليماني ومسؤول البرنامج الصاروخي أمير علي حاجي زادة الذي قُتل بضربة إسرائيلية في يونيو الماضي (رويترز) play-circle

نتنياهو سيعرض معلومات استخباراتية على ترمب

قال مسؤول عسكري إسرائيلي إن الهجوم على إيران «لا مفر منه» إذا لم يتوصل الأميركيون إلى اتفاق يقيد برنامج طهران للصواريخ الباليستية.

«الشرق الأوسط» (لندن-تل أبيب)
شؤون إقليمية صورة نشرتها الشرطة الإسرائيلية لاعتقال رجل بشبهة التجسُّس لصالح إيران في 9 ديسمبر 2024 (أرشيفية)

السلطات الإسرائيلية توقف شخصاً بشبهة التجسس لصالح إيران

أعلنت السلطات الإسرائيلية توقيف إسرائيلي بشبهة ارتكاب مخالفات أمنية بتوجيه من عناصر استخبارات إيرانيين، وذلك بعد أيام من إعدام طهران إيرانياً متهماً بالتجسس.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
خاص وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي يبكي على نعش قائد «الحرس الثوري» حسين سلامي خلال تشييع عسكريين كبار قتلوا في الضربات الإسرائيلية في طهران يوم 28 يونيو الماضي (أرشيفية- أ.ف.ب)

خاص «مطرقة الليل» في 2025... ترمب ينهي «أنصاف الحلول» في إيران

مع عودة دونالد ترمب إلى المكتب البيضاوي في مطلع 2025، لم تحتج استراتيجيته المحدثة لـ«الضغوط القصوى» سوى أقل من عام كي تفرض إيقاعها الكامل على إيران.

عادل السالمي (لندن)
شؤون إقليمية إيرانيون يمرون بجانب لوحة دعائية مناهِضة لإسرائيل تحمل عبارة: «نحن مستعدون. هل أنتم مستعدون؟» معلقة في ساحة فلسطين وسط طهران (إ.ب.أ)

إيران تربط التعاون النووي بإدانة قصف منشآتها

رهنت طهران أي تعاون جديد مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، ولا سيما ما يتعلق بإعادة تفتيش المنشآت النووية التي تعرضت للقصف، بإدانة واضحة وصريحة من الوكالة.

«الشرق الأوسط» (لندن - نيويورك - طهران)
خاص الرئيس الأميركي دونالد ترمب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وزوجته سارة عند المدخل الجنوبي للبيت الأبيض يوم 7 يوليو 2025 (د.ب.أ)

خاص نتنياهو لا يزال يدرس «ترمب الجديد»

الخبراء بتل أبيب يلفتون الانتباه إلى «أزمة خطيرة بمكانة إسرائيل لدى واشنطن لدرجة الحديث عن تشكيل تهديد استراتيجي»، وترمب يثق بأنه يعرف مصلحة إسرائيل أكثر منها.

نظير مجلي (تل أبيب)

تصعيد في الخطاب الإسرائيلي - التركي... هل المراد صفقة متبادلة؟

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ونظيره اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس والرئيس القبرصي نيكوس خريستودوليدس خلال مؤتمر صحافي مشترك عقب مباحثاتهم في إسرائيل 22 ديسمبر (أ.ف.ب)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ونظيره اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس والرئيس القبرصي نيكوس خريستودوليدس خلال مؤتمر صحافي مشترك عقب مباحثاتهم في إسرائيل 22 ديسمبر (أ.ف.ب)
TT

تصعيد في الخطاب الإسرائيلي - التركي... هل المراد صفقة متبادلة؟

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ونظيره اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس والرئيس القبرصي نيكوس خريستودوليدس خلال مؤتمر صحافي مشترك عقب مباحثاتهم في إسرائيل 22 ديسمبر (أ.ف.ب)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ونظيره اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس والرئيس القبرصي نيكوس خريستودوليدس خلال مؤتمر صحافي مشترك عقب مباحثاتهم في إسرائيل 22 ديسمبر (أ.ف.ب)

على الرغم من تصاعد لهجة الخطاب السياسي بين إسرائيل وتركيا، وما حملته من تلميحات متبادلة رافقت حراكاً سياسياً وعسكرياً في بحر إيجه، رأى البعض أن هذا جزء من ضغوط لإبرام «صفقة تبادل مصالح»، تحديداً في سوريا وغزة؛ مستبعدين الانزلاق إلى هوة حرب أو مواجهة عسكرية.

وقالت مصادر سياسية في إسرائيل إن كلا الطرفين يعرف كيف يُفعّل الضوابط التي تمنع التدهور بينهما إلى صدام، خصوصاً مع وجود دونالد ترمب في سدة الرئاسة الأميركية، إذ من المعروف أن له روابط قوية مع الجانبين.

ومع ذلك، حذر الدبلوماسي المخضرم ألون ليئيل، المدير العام السابق لوزارة الخارجية بإسرائيل والذي كان سفيراً لها لدى تركيا، من أن يتسبب العداء المستحكم بين الجانبين في خطأ ما، أو في سوء تقدير يؤدي إلى تدهور العلاقات.

سفن حربية تركية خلال تدريب في البحر المتوسط 23 ديسمبر (الدفاع التركية - إكس)

كانت إسرائيل قد أقدمت على إجراءات لإقامة تحالف ثلاثي مع اليونان وقبرص، شمل تدريبات عسكرية مشتركة، وتُوج بلقاء في القدس الغربية، يوم الاثنين الماضي، بين رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو، ورئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس، والرئيس القبرصي نيكوس خريستودوليدس.

وفي مؤتمر صحافي عقب اللقاء، وجَّه نتنياهو إشارة ضمنية إلى الرئيس التركي رجب طيب إردوغان قائلاً: «إلى أولئك الذين يتوهمون قدرتهم على إقامة إمبراطوريات والسيطرة على بلادنا، أقول: انسوا الأمر. لن يحدث. لا تفكروا فيه حتى. نحن ملتزمون وقادرون على الدفاع عن أنفسنا، والتعاون يُعزز قدراتنا».

جاء ذلك في معرض رده على سؤال عما إذا كان التعاون مع اليونان وقبرص موجهاً ضد تركيا، وقال: «لا نريد استعداء أحد»، ثم تابع: «في الماضي، احتلتنا إمبراطوريات، وإذا كان لا يزال لدى أي شخص مثل هذه النيات، فعليه أن ينسى الأمر».

جانب من مباحثات نتنياهو ونظيره اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس والرئيس القبرصي نيكوس خريستودوليدس في إسرائيل 22 ديسمبر (د.ب.أ)

وعن الهدف من مثل هذه التحالفات الإقليمية قال نتنياهو: «لقد ثبَّتنا مكانتنا قوةً إقليميةً عظمى في مجالات معينة. هذا يقرّبنا من دول عديدة. هي تأتي إلينا لأنها استوعبت قاعدة مهمة، ألا وهي أن التحالفات تُعقد مع القَويّ وليس مع الضعيف، وأن السلام يُصنع مع القويّ وليس مع الضعيف».

«التهديد الأول»

نقل نتنياهو أيضاً رسالة أخرى موجهة مباشرةً إلى ترمب بالنسبة إلى صفقة بيع طائرات الشبح «إف-35» لتركيا ومشتريات أخرى من طائرات سلاح الجو قائلاً: «أود أن أوضح أن التفوق الجوي الإسرائيلي في الشرق الأوسط هو حجر أساس أمننا القومي».

وفي اليوم التالي من انعقاد القمة الثلاثية، نشرت صحيفة «يني شفق» التركية مقالاً على صفحتها الأولى بعنوان صارخ: «ابتداءً من اليوم، إسرائيل هي التهديد الأول».

وأشار المقال إلى انعقاد القمة، وإلى تبادل إطلاق النار في حلب السورية بين قوات النظام والقوات الكردية المعروفة باسم «قوات سوريا الديمقراطية»، على أنهما من مظاهر العداء؛ وأورد أن إسرائيل قامت خلال القمة بـ«تفعيل» القوات الكردية لإحراج الوفد التركي في سوريا.

وأضافت الصحيفة: «جميع المؤسسات التركية الأمنية تَعدّ إسرائيل تهديداً رئيسياً»، بل حددت المؤسسات الحكومية التي ستنظر إلى إسرائيل من الآن فصاعداً على أنها «التهديد الأول»: وزارة الدفاع، ووزارة الخارجية، وجهاز المخابرات التركي.

الرد التركي الرسمي

أما الرئيس التركي إردوغان، فقد وجَّه رسالة إلى الدول الثلاث، إسرائيل واليونان وقبرص، خلال اجتماع رؤساء فروع حزب «العدالة والتنمية» الحاكم، الأربعاء، قائلاً: «ليعلم الجميع أننا لن ننتزع حقوق أحد، ولن نسمح لأحد بأن ينتزع حقوقنا».

وأضاف: «سنواصل التمسك بمبادئنا التاريخية والتصرف بكرامة وحكمة وعقلانية وهدوء، بما يليق بخبرتنا وتقاليدنا العريقة ولن نستسلم للاستفزازات».

إردوغان متحدثاً خلال اجتماع لرؤساء فروع حزب «العدالة والتنمية» في أنقرة 24 ديسمبر (الرئاسة التركية)

وقالت وزارة الدفاع التركية إنها تتابع من كثب مبادرات التعاون والبيانات التي صدرت عن الأطراف الثلاثة عقب القمة يوم الاثنين. وشدد المتحدث باسم الوزارة زكي أكتورك، على أن بلاده تؤكد التزامها بالحفاظ على الاستقرار واستمرار الحوار في المنطقة.

وقال أكتورك، خلال إفادة أسبوعية لوزارة الدفاع، الخميس، إن تركيا تؤيد الحوار البنّاء في بحر إيجه وشرق البحر المتوسط انطلاقاً من علاقات التحالف في إطار حلف شمال الأطلسي (الناتو).

لكنه استطرد: «يجب أن يُفهم أن الخطوات المخالفة لروح التحالف لن تُغير الوضع على أرض الواقع، وأن موقف تركيا من أمن جمهورية شمال قبرص التركية (غير معترف بها دولياً) وحقوقها، واضح وثابت، ولن تتردد تركيا في استخدام الصلاحيات الممنوحة لها بموجب وضعها، بوصفها أحد الضامنين في المفاوضات بشأن الجزيرة القبرصية».

المتحدث باسم وزارة الدفاع التركي زكي أكتورك خلال مؤتمر صحافي في أنقرة الخميس (الدفاع التركية - إكس)

وأضاف أن تركيا «ليست هي من يصعّد التوترات في بحر إيجه وشرق المتوسط، بل الخطوات والنهج الإقصائي والأحادي الذي يهدف إلى فرض أمر واقع، بينما تُفضّل تركيا أن تكون المنطقة حوضاً للتعاون والاستقرار، لا ساحة صراع».

الصفقة المنشودة

وقال الخبير الإسرائيلي في الشؤون التركية، ليئيل، في حديث مع موقع «واي نت» العبري: «أعلم أن تركيا تستعد للحرب، وأرى استعداداتها عبر تعزيز الدفاعات الجوية وتقوية القوات الجوية وتخصيص ميزانيات ضخمة لهذا الغرض. إنهم في حالة ذعرٍ حقيقي من احتمال هجومنا عليهم، ويأخذون الأمر على محمل الجد».

وأشار إلى أن الأتراك «يُسلّحون أنفسهم بطائرات (إف-35) الجديدة، ويُغيّرون قواتهم الجوية بالكامل». وتابع: «لديهم قوة بحرية ومشاة قوية، ويُضاعفون إنتاج الطائرات المسيّرة».

وواصل حديثه قائلاً: «إذا لم نتوصل إلى اتفاق مع سوريا، فستكون أولى المواجهات العسكرية على الأراضي السورية. لن يجرؤ إردوغان على مهاجمة الأراضي الإسرائيلية، ولن نجرؤ نحن على مهاجمة تركيا. لكن كلا البلدين يمتلك جيشاً في سوريا، وإذا لم نتوصل إلى اتفاق ثلاثي أو رباعي مع السوريين والأميركيين، فستقع حوادث مع تركيا في وقت قريب».

أما بالنسبة إلى الولايات المتحدة، فقد قدّر ليئيل أن واشنطن، على عكس الماضي، لم تعد تشعر بالذعر إزاء أي خلاف إسرائيلي - تركي، وباتت ترى أن الطرفين يمارسان ضغوطاً كي تسارع إلى إبرام صفقة بينهما، تقبل إسرائيل بموجبها بدور تركي في غزة، وتقبل تركيا بدور إسرائيلي في سوريا.

وتواترت في الآونة الأخيرة تقارير يونانية وإسرائيلية عن تحركات في شرق البحر المتوسط وعن أن إسرائيل تدرس، بالتعاون مع اليونان وقبرص، إمكانية إنشاء قوة تدخّل سريع مشتركة تضم وحدات من القوات المسلحة للدول الثلاث، بهدف تعزيز التعاون العسكري الاستراتيجي وردع الأنشطة العسكرية التركية في شرق المتوسط، لا سيما مع سعي تركيا لتعزيز نفوذها الإقليمي، بما في ذلك نشر أنظمة دفاع جوي في سوريا، ومحاولة المشاركة في القوة متعددة الجنسيات في غزة، وإجراء محادثات مع الحكومتين المتنافستين في ليبيا للتوصل لتوقيع اتفاقيات بحرية جديدة قد تمنحها دوراً مهيمناً في شمال وشرق البحر المتوسط.


إسرائيل تلوح بضربة إذا لم يقيد برنامج إيران الباليستي

استقبال الرئيس الأميركي دونالد ترمب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وزوجته سارة عند المدخل الجنوبي للبيت الأبيض في 7 يوليو 2025 (د.ب.أ)
استقبال الرئيس الأميركي دونالد ترمب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وزوجته سارة عند المدخل الجنوبي للبيت الأبيض في 7 يوليو 2025 (د.ب.أ)
TT

إسرائيل تلوح بضربة إذا لم يقيد برنامج إيران الباليستي

استقبال الرئيس الأميركي دونالد ترمب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وزوجته سارة عند المدخل الجنوبي للبيت الأبيض في 7 يوليو 2025 (د.ب.أ)
استقبال الرئيس الأميركي دونالد ترمب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وزوجته سارة عند المدخل الجنوبي للبيت الأبيض في 7 يوليو 2025 (د.ب.أ)

قال مسؤول عسكري إسرائيلي إن الهجوم على إيران «لا مفر منه» إذا لم يتوصل الأميركيون إلى اتفاق يقيد برنامج طهران للصواريخ الباليستية.

ونقل موقع «واي نت» الإخباري الإسرائيلي عن المسؤول قوله إن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو سيطلع الرئيس الأميركي دونالد ترمب على معلومات استخباراتية تتعلق بهذا التهديد، خلال لقاء مرتقب بينهما الاثنين المقبل.

وأشار إلى أن إسرائيل قد تضطر للتحرك إذا فشلت الجهود الدبلوماسية في التوصل إلى اتفاق، مشدداً على أن التهديد الذي تمثله الصواريخ الباليستية الإيرانية «بالغ الخطورة».

وقال المسؤول إن إطلاق عدد كبير من هذه الصواريخ باتجاه إسرائيل «قد يسبب أضراراً تضاهي تأثير قنبلة نووية صغيرة»، وذلك بعد تقارير أفادت بأن إيران تستعد لإنتاج أعداد كبيرة من الصواريخ، بهدف شن هجمات بمئات الصواريخ في كل مرة لردع إسرائيل في حال تجددت الحرب.

وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الثلاثاء، إن إسرائيل «على علم» بأن إيران تجري «تدريبات» في الآونة الأخيرة، مضيفاً أنه سيبحث الأنشطة الإيرانية مع الرئيس الأميركي.

وحذر نتنياهو من أن أي تحرك إيراني سيقابَل برد «قاسٍ للغاية»، في ظل قلق إسرائيلي من أن التحركات الصاروخية قد تكون جزءاً من جهود لإعادة ترميم الترسانة الباليستية بعد حرب يونيو (حزيران) التي استمرت 12 يوماً.

وجاءت تصريحات نتنياهو بعدما أفادت تقارير داخل إيران باختبارات أو مناورات صاروخية في عدة محافظات، قبل أن ينفي التلفزيون الرسمي إجراء أي مناورات أو تجارب، وذلك بعد أن نشرت وكالة «فارس» التابعة لـ«الحرس الثوري» تقريراً عن رؤية دخان أبيض نُسب إلى مناورات صاروخية في عدة مناطق. وجاء ذلك في وقت عرضت القناة الأولى تقريراً دعائياً عن هجمات يونيو وتوعّدت إسرائيل بـ«الجحيم الصاروخي».

والاثنين، لمح رئيس هيئة أركان الجيش الإسرائيلي، الفريق أول إيال زامير، إلى احتمال استهداف إيران مجدداً، قائلاً إن الجيش سيضرب أعداء إسرائيل «حيثما يتطلب الأمر، على الجبهات القريبة والبعيدة على حد سواء».

وقال زامير إن الحملة ضد إيران تقف في صميم «أطول وأعقد حرب» في تاريخ إسرائيل، معتبراً أن طهران موّلت وسلّحت أطرافاً طوقت إسرائيل على جبهات متعددة.

صاروخ باليستي إيراني يُعرض في شارع وسط طهران بجوار لافتة تحمل صورة المسؤول السابق للعمليات الخارجية في «الحرس الثوري» قاسم سليماني ومسؤول البرنامج الصاروخي أمير علي حاجي زادة الذي قُتل بضربة إسرائيلية في يونيو الماضي (رويترز)

وفي المقابل، قال المتحدث باسم القوات المسلحة الإيرانية، أبو الفضل شكارجي، الثلاثاء، إن القدرات البحرية والبرية والصاروخية لإيران «جاهزة لمواجهة أي سيناريو يفرضه العدو»، مضيفاً أن جزءاً كبيراً منها «لم يستخدم بعد».

وكان تقرير لموقع «أكسيوس» قد أفاد الأحد الماضي بأن مسؤولين إسرائيليين أبلغوا إدارة ترمب خلال عطلة نهاية الأسبوع أن التحركات الصاروخية الإيرانية الأخيرة تثير قلقاً متزايداً، رغم أن المعلومات الاستخباراتية المتوافرة لا تظهر حتى الآن سوى تحركات قوات داخل إيران.

وأشار التقرير إلى أن هامش تحمّل المخاطر لدى الجيش الإسرائيلي بات أدنى بكثير مما كان عليه في السابق، بعد تداعيات هجوم حركة «حماس» في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. ونقل «أكسيوس» عن مصدر إسرائيلي قوله إن «احتمالات الهجوم الإيراني تقل عن 50 في المائة، لكن لا أحد مستعد لتحمّل المخاطرة والاكتفاء بالقول إنها مجرد مناورة».

ونبّهت مصادر إسرائيلية وأميركية إلى أن سوء تقدير متبادل قد يقود إلى حرب غير مقصودة، إذا اعتقد كل طرف أن الآخر يستعد للهجوم وسعى إلى استباقه.

وترى الاستخبارات الإسرائيلية مؤشرات مبكرة على استئناف إيران بناء قدراتها الصاروخية بزخم متسارع مقارنة بفترة ما بعد حرب الأيام الاثني عشر في يونيو، وتشير تقديرات إسرائيلية إلى أن إيران خرجت من تلك الحرب وهي تمتلك نحو 1500 صاروخ، مقارنة بنحو 3000 صاروخ قبلها، إضافة إلى 200 منصة إطلاق من أصل 400 كانت بحوزتها.

وشنّت إسرائيل في 13 يونيو هجوماً واسعاً على منشآت استراتيجية داخل إيران، أسفر عن مقتل عشرات من قادة «الحرس الثوري» ومسؤولين وعلماء مرتبطين بالبرنامج النووي. وانضمت الولايات المتحدة إلى الحرب عبر توجيه ضربات إلى مواقع نووية إيرانية.


عراقجي يحذر من «مؤامرة جديدة» تستهدف الداخل الإيراني

صورة نشرها حساب عراقجي من وصوله إلى مقر المؤتمرات الدولية بمدينة أصفهان الخميس
صورة نشرها حساب عراقجي من وصوله إلى مقر المؤتمرات الدولية بمدينة أصفهان الخميس
TT

عراقجي يحذر من «مؤامرة جديدة» تستهدف الداخل الإيراني

صورة نشرها حساب عراقجي من وصوله إلى مقر المؤتمرات الدولية بمدينة أصفهان الخميس
صورة نشرها حساب عراقجي من وصوله إلى مقر المؤتمرات الدولية بمدينة أصفهان الخميس

حذّر وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي من «مؤامرة جديدة» قال إن خصوم إيران يعملون على تنفيذها عبر تعقيد الأوضاع الاقتصادية وإذكاء السخط الاجتماعي.

وقال عراقجي خلال ملتقى «تبيين السياسة الخارجية للبلاد والأوضاع الإقليمية» في أصفهان إن «المؤامرة الجديدة» لا تقوم على المواجهة العسكرية المباشرة، بل على محاولة خلق بيئة ضاغطة اقتصادياً بهدف إضعاف الداخل، مضيفاً أن هذا الرهان «لن ينجح تماماً كما فشل رهان الاستسلام خلال الحرب الأخيرة».

وشنّت إسرائيل في 13 يونيو (حزيران) هجوماً واسعاً على منشآت استراتيجية داخل إيران، أسفر عن مقتل عشرات من قادة «الحرس الثوري» ومسؤولين وعلماء مرتبطين بالبرنامج النووي. وانضمت الولايات المتحدة إلى الحرب عبر توجيه ضربات إلى مواقع نووية إيرانية.

ووصف عراقجي الحرب التي استمرت 12 يوماً بأنها «قصة مقاومة بطولية»، وقال إن «صمود إيران أحبط مؤامرة العدو الرامية إلى إرغام البلاد على الاستسلام». وأضاف أن خصوم إيران «اعتقدوا أنهم قادرون خلال أيام قليلة على فرض استسلام غير مشروط، لكنهم وجدوا أنفسهم مضطرين إلى التراجع أمام صمود المجتمع والقوات المسلحة». وصرح بأن الحرب «وجهت رسالة من دون أي شروط مسبقة مفادها أن الشعب الإيراني لن يخضع للقهر أو الإملاءات».

وانتقد عراقجي المبالغة في تصوير آلية «سناب باك» التي أعادت القوى الغربية بموجبها العقوبات الأممية على إيران في نهاية سبتمبر (أيلول). وقال إن الروايات التي جرى تسويقها للجمهور حول هذه الآلية «كانت أسوأ بكثير من الواقع»، وهدفت إلى شل الاقتصاد الإيراني نفسياً عبر بث الخوف، في حين أن هذه الأدوات «لم تكن تمتلك في الواقع الفاعلية التي جرى الادعاء بها».

ودعا عراقجي إلى مقاربة واقعية، قائلاً: «علينا أن نقر بوجود العقوبات، وأن نقر أيضاً بأنه يمكن العيش معها»، لافتاً إلى أنه يدرك تكلفة العقوبات وتأثيراتها، مشيراً إلى أنها تكشف أيضاً عن فرص لإصلاح الاختلالات الداخلية. وأضاف أن العقوبات تستخدم في كثير من الأحيان كأداة «حرب نفسية»، سواء عبر التهويل بآليات مثل «سناب باك» أو عبر تضخيم آثارها بما يتجاوز الواقع، بهدف شل الاقتصاد معنوياً قبل أن يكون مادياً.

صورة نشرها موقع عراقجي الرسمي من خطابه في ملتقى بمدينة أصفهان الخميس

وأوضح عراقجي أن «لإيران الحق في التذمر من العقوبات فقط بعد استنفاد كامل طاقاتها الداخلية والإقليمية»، مشيراً إلى أن البلاد لم تستخدم بعد كل إمكانات الجوار ولا كل أدوات الدبلوماسية الخارجية. وقال إن تفعيل هذه الأدوات يمكن أن يخفف من الأعباء الاقتصادية حتى في ظل استمرار القيود.

«الدبلوماسية الاقتصادية»

وتوقف عراقجي عند مفهوم الدبلوماسية الاقتصادية، مؤكداً أن مهمة وزارة الخارجية تشمل تسهيل مسارات التصدير والاستيراد وفتح أسواق جديدة. وفي هذا السياق، أشار إلى السجاد الإيراني بصفته مثالاً على التداخل بين الاقتصاد والثقافة، موضحاً أن كل سجادة إيرانية في الخارج تمثل «سفيراً ثقافياً»، وأن تراجع صادرات هذا القطاع يشكل خسارة اقتصادية واجتماعية ينبغي معالجتها عبر إزالة العوائق أمام المنتجين والمصدرين.

وقال إن الحكومة «مدينة للشعب»، وإن واجبها هو الخدمة لا المطالبة، عادّاً أن نجاح الدبلوماسية الاقتصادية سيكون أحد معايير تقييم أداء السياسة الخارجية في المرحلة المقبلة، إلى جانب الحفاظ على نهج الصمود في مواجهة الضغوط.

وفيما يخص دور وزارة الخارجية، حدّد عراقجي مهمتين أساسيتين. الأولى مواصلة السعي إلى رفع العقوبات عبر المسارات الدبلوماسية، مع الحفاظ على المبادئ والمصالح الوطنية. وقال: تشكل تجربة الاتفاق النووي والمفاوضات اللاحقة رصيداً تفاوضياً لا يمكن تجاهله، لكنها لا تعني العودة الآلية إلى المسارات السابقة، بل البناء عليها، مؤكداً أن الوزارة «لن تدّخر جهداً» في استثمار أي فرصة لتخفيف الضغوط الدولية.

وأضاف أن المهمة الثانية تتمثل في دعم الاقتصاد الوطني بشكل مباشر، ولا سيما القطاع الخاص. وشدّد على أن السياسة الخارجية لا ينبغي أن تبقى محصورة في التقارير المكتبية، بل أن تتحول إلى عمل ميداني يواكب مشكلات التجار والشركات الإيرانية في الخارج ويسعى إلى حلها. واستشهد بتجربة دعم شركة إيرانية خاصة في مناقصة إقليمية كبيرة انتهت بفوزها في منافسة مع شركات دولية.

ترقب لزيارة نتنياهو

ويأتي ذلك في وقت تصر فيه واشنطن على تنفيذ سياسة «الضغوط القصوى» على الاقتصاد الإيراني، فيما يزداد تركيز إسرائيل على الصواريخ الباليستية بوصفها التهديد الأكثر إلحاحاً، وسط تقديرات إسرائيلية بأن إيران خرجت من حرب يونيو بترسانة أقل مما كانت عليه قبلها، لكنها بدأت خطوات لإعادة البناء.

وقال عراقجي الأسبوع الماضي إن إيران «لا تستبعد» احتمال تعرضها لهجوم جديد، لكنها «مستعدة بالكامل وأكثر من السابق»، مشيراً إلى أن الاستعداد يهدف إلى منع الحرب لا السعي إليها. وأضاف أن استهداف إيران خلال مسار اتصالات دبلوماسية كان «تجربة مريرة»، وأن بلاده أوقفت اتصالات كانت قائمة منذ أشهر، مع تأكيدها أنها مستعدة لاتفاق «عادل ومتوازن».

وتترقب الساحة الإقليمية زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى واشنطن الاثنين المقبل، وسط تقارير إسرائيلية تفيد بأنه يعتزم طرح ملف الصواريخ الإيرانية على الرئيس الأميركي دونالد ترمب.

وتعود مؤشرات التصعيد إلى حرب يونيو التي اندلعت في 13 من الشهر نفسه بهجوم إسرائيلي على منشآت وأهداف داخل إيران، وأشعلت مواجهة استمرت 12 يوماً، قبل أن تنضم الولايات المتحدة لاحقاً بضرب ثلاثة مواقع نووية إيرانية.

وفي طهران، سعى مسؤولون إيرانيون في الأيام الأخيرة إلى تثبيت رواية مفادها أن قدرات البلاد لم تُستنزف خلال الحرب، وأن ما تبقى من أدوات الردع لم يستخدم بعد. وفي هذا الإطار، قال المتحدث باسم القوات المسلحة الإيرانية أبو الفضل شكارجي الأربعاء، إن القدرات البحرية والبرية والصاروخية لإيران «جاهزة لكل سيناريو»، محذراً من رد «قاطع» إذا فُرضت مواجهة، ومضيفاً أن أي تحرك هجومي إيراني سيكون «لمعاقبة المعتدي».

وتزامن ذلك مع تضارب في الرواية الإيرانية حول أنشطة صاروخية داخل البلاد. وفي إسرائيل، قال نتنياهو إن بلاده «على علم» بأن إيران أجرت «تدريبات» في الآونة الأخيرة، وإنها تراقب الوضع وتتخذ الاستعدادات، محذراً من رد قاس على أي عمل ضد إسرائيل، من دون تقديم تفاصيل إضافية، في سياق تحذيرات من سوء تقدير متبادل قد يدفع نحو مواجهة غير مقصودة.