​«الرئاسي» يطالب الأمم المتحدة بـ«خطط واقعية» لحلحلة الأزمة الليبية

المشري يتمسّك برئاسة «الأعلى للدولة»... ويتعهد بتشكيل «حكومة جديدة»

الكوني واللافي خلال لقائهما سفراء عدد من الدول الأوروبية الثلاثاء (المجلس الرئاسي الليبي)
الكوني واللافي خلال لقائهما سفراء عدد من الدول الأوروبية الثلاثاء (المجلس الرئاسي الليبي)
TT

​«الرئاسي» يطالب الأمم المتحدة بـ«خطط واقعية» لحلحلة الأزمة الليبية

الكوني واللافي خلال لقائهما سفراء عدد من الدول الأوروبية الثلاثاء (المجلس الرئاسي الليبي)
الكوني واللافي خلال لقائهما سفراء عدد من الدول الأوروبية الثلاثاء (المجلس الرئاسي الليبي)

بينما طالب المجلس الرئاسي الليبي على لسان نائبيه، عبد الله اللافي وموسى الكوني، الأمم المتحدة بـ«خطط واقعة» تناسب الأزمة السياسية، جدّد خالد المشري، أحد المتنازعين على رئاسة «الأعلى للدولة»، تمسكه برئاسة المجلس؛ استناداً إلى حكم قضائي، كما تعهد مجدداً بتشكيل «حكومة موحدة» جديدة في البلاد.

وأكد الكوني واللافي في لقائهما، الثلاثاء، مع سفراء بعض الدول الأوروبية أن الشراكة مع أوروبا تمثل ركيزة أساسية في دعم المسار السياسي الليبي، وشدّدا على أهمية تعزيز التعاون البنّاء، والبناء على المسارات الدولية القائمة، وفي مقدمتها «مسار برلين»، من أجل الوصول إلى تسوية سياسية شاملة، تمهّد لإجراء الانتخابات، وتدفع بالبلاد نحو الاستقرار الدائم. كما أعربا عن التطلع إلى دور أوروبي أكثر حضوراً وفاعلية، يرتكز على دعم جهود المصالحة، وإعادة الثقة بين الأطراف السياسية.

اللافي والكوني شددا على أهمية توسيع التنسيق مع الدول الأوروبية في مواجهة الهجرة غير المشروعة (متداولة)

في سياق ذلك، شدّد اللافي والكوني على أهمية توسيع التنسيق مع الدول الأوروبية في مواجهة التحديات المشتركة، وفي مقدمتها الهجرة غير المشروعة، والإرهاب والجريمة المنظمة، إلى جانب ضرورة وضع آلية مشتركة لإخراج المرتزقة والقوات الأجنبية من كامل التراب الليبي، والعمل على دعم جهود مكافحة الفساد والتهريب، عبر مقاربة وطنية شاملة تستند إلى الشفافية، وتكرّس سيادة الدولة الليبية.

ونقل بيان لـ«الرئاسي» عن السفراء دعمهم الكامل له في جهوده الرامية إلى إنجاز تسوية سياسية عادلة، وثمّنوا التزامه بمساندة مساعي بعثة الأمم المتحدة، والعمل الجاد على تنفيذ مخرجات اللجنة الاستشارية، بوصفها قاعدة مناسبة لإنهاء المراحل الانتقالية، وتهيئة الظروف لإجراء الانتخابات. كما رحّبوا بانعقاد مؤتمر برلين المرتقب، وعدّوه محطة مهمة لتعزيز التنسيق الليبي - الدولي، وصياغة توافقات جديدة تعكس الإرادة الوطنية، وتحظى بقبول مختلف الأطراف الليبية.

وكان الكوني واللافي قد شدّدا خلال اجتماعهما، مساء الاثنين، مع أعضاء فريق المراجعة الاستراتيجية التابع للبعثة الأممية، برئاسة دانييلا كروسلاك، على ضرورة إرساء مبدأ المساءلة وتطوير أداء البعثة، بما يتماشى مع تعقيدات المشهد الليبي الراهن، بعيداً عن إعادة إنتاج أساليب لم تفضِ إلى حلول مستدامة. وأكدا على أهمية صياغة «خطط واقعية تتناسب مع السياق الليبي»، وتعزز سيادة الدولة ووحدتها، مع ضرورة أن تكون ليبيا أولوية قصوى في أجندة الأمم المتحدة، من خلال تكليف شخصيات قادرة على فهم تعقيدات الأزمة، والتعاطي مع الانسداد السياسي القائم.

كما أوضحا أن تدخل بعض الأطراف الليبية أسهم في تعقيد فرص التوافق الوطني، وطالبا بدور أممي أكثر فاعلية لتقريب وجهات النظر، وبلورة خريطة طريق زمنية تؤدي إلى انتخابات، تُطرح للنقاش في مسار برلين المرتقب.

ونقل بيان لـ«الرئاسي» عن كروسلاك حرص فريقها على استيعاب الآراء كافة، ودمجها ضمن عملية التقييم الجارية، تمهيداً لرفع التوصيات إلى الأمين العام للأمم المتحدة.

جانب من اجتماع المنفي مع وفد من طوارق ليبيا (المجلس الرئاسي الليبي)

من جهته، بحث رئيس المجلس الرئاسي، محمد المنفي، مع وفد من وجهاء وأعيان قبائل الطوارق الأوضاع الميدانية، ودور قبائل الطوارق بوصفها شريكاً أصيلاً في النسيج الوطني، وركيزة من ركائز مشروع المصالحة الوطنية الشاملة، الذي يعمل المجلس على ترسيخه، بوصفه خياراً استراتيجياً لطي صفحة الانقسام.

بدوره، قال المشري إنه بصدد الاجتماع قريباً مع رئيس مجلس النواب، عقيلة صالح، للاتفاق على تشكيل «حكومة جديدة»، ووجه عدة خطابات رسمية، (الثلاثاء)، إلى كل من رئيس المجلس الرئاسي وأعضائه، والنائب العام، ورؤساء المؤسسات القضائية والرقابية والمالية، أكد فيها أن المحكمة العليا «حسمت النزاع القانوني حول رئاسته للمجلس لصالحه».

وأوضح المشري أن دائرة القضاء الإداري بالمحكمة العليا أبطلت حكم محكمة جنوب طرابلس لعدم اختصاصها، ما يعني استمرار صفته القانونية رئيساً للمجلس، والممثل الشرعي له داخلياً وخارجياً.

المشري أكد استمرار صفته القانونية رئيساً للمجلس (متداولة)

ودعا المشري الجهات المعنية كافة إلى الالتزام بالحكم القضائي، والتعامل مع المجلس عبر قنواته الرسمية، مؤكداً حرصه على التنسيق مع مؤسسات الدولة، واحترام سيادة القانون.

وكان المشري قد أعلن خلال مؤتمر صحافي، مساء الاثنين، أنه أصبح «الرئيس الشرعي» للمجلس الأعلى، استناداً إلى حكم المحكمة العليا، وقال إنها «حسمت الخصومة لصالحه، وأكدت صفته رئيساً شرعياً للمجلس»، عادّاً أن تشكيل «حكومة ليبية موحدة بات قريباً جداً»، ومؤكداً أنه سيجتمع لاحقاً مع صالح، بالإضافة إلى عدد من الأطراف الليبية المؤثرة لمناقشة آليات تشكيل الحكومة الجديدة.

في غضون ذلك، ناقش صالح مع سفير اليونان وقنصلها، مساء الاثنين، سُبل إنهاء الأزمة الليبية عبر إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، وتشكيل حكومة موحدة في أنحاء البلاد كافة لتنفيذ الاستحقاق الانتخابي.

صالح مستقبلاً سفير اليونان لدى ليبيا (مكتب صالح)

في شأن مختلف، اعتمدت المفوضية العليا للانتخابات رسمياً، القائمة النهائية لمرشحي المرحلة الثانية من انتخابات المجالس البلدية، استكمالاً للإجراءات التنظيمية المعتمدة لضمان شفافية وعدالة العملية الانتخابية على مستوى البلديات المشمولة ضمن المجموعة الثانية. علماً بأنها اعتمدت مطلع الشهر الحالي القوائم الأولية للناخبين، ضمن هذه المجموعة، التي تشمل عدداً من البلديات في مناطق متفرقة من البلاد، وذلك في إطار الاستعدادات الميدانية والتنظيمية للعملية الانتخابية المنتظرة.


مقالات ذات صلة

ليبيا: أزمة السيولة واحتياجات المواطنين تفجّران جدلاً حول «مشاريع التنمية»

شمال افريقيا الدبيبة خلال افتتاح «المتحف الوطني» في طرابلس الذي أثار انتقادات عدد كبير من الليبيين (رويترز)

ليبيا: أزمة السيولة واحتياجات المواطنين تفجّران جدلاً حول «مشاريع التنمية»

هيمنت أزمة نقص السيولة على المشهد الليبي؛ في ظل اصطفاف المواطنين أمام المصارف لساعات طويلة، إلى جانب نقاشات موسعة مع خبراء ومسؤولين حول سبل المعالجة.

جاكلين زاهر (القاهرة )
شمال افريقيا افتتاح «الحوار المهيكل» في ليبيا (أرشيفية - البعثة الأممية)

مصراتة تنتفض لـ«حل الأجسام المسيطرة» على المشهد الليبي

دافعت بعثة الأمم المتحدة إلى ليبيا، مجدداً، عن «الحوار المهيكل» الذي ترعاه في العاصمة طرابلس، رغم الجدل المثار حول إمكانية نجاحه.

خالد محمود (القاهرة )
شمال افريقيا جانب من إحاطة تيتيه أمام أعضاء مجلس الأمن حول الأزمة الليبية (المجلس)

تيتيه: زعماء ليبيا يتقاعسون عن تنفيذ «خريطة الطريق»

اتَّهمت رئيسة بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا (أنسميل) الممثلة الخاصة للأمين العام أنطونيو غوتيريش، هانا تيتيه، أصحابَ المصلحة السياسيين الرئيسيين.

علي بردى (واشنطن)
شمال افريقيا الهيشري القيادي في «جهاز الردع» الليبي خلال مثوله أمام المحكمة الجنائية الدولية الأربعاء (المحكمة)

«الوحدة» الليبية تتابع ملف الهيشري الموقوف لدى «الجنائية الدولية»

قالت سفارة ليبيا في هولندا إن «القسم القنصلي سينظم زيارات دورية للمحتجز الهيشري، ضمن اختصاصاته ومسؤولياته القنصلية تجاه المواطنين الليبيين».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا جانب من إحاطة تيتيه أمام أعضاء مجلس الأمن حول الأزمة الليبية (المجلس)

تيتيه تتهم الزعماء الليبيين بـ«التقاعس» عن تنفيذ «خريطة الطريق»

اتهمت هانا تيتيه، أصحاب المصلحة السياسيين الرئيسيين في ليبيا بـ«التقاعس» عن تنفيذ موجبات العملية السياسية المحددة من المنظمة الدولية.

علي بردى (واشنطن)

10 أيام فاصلة... ما ملامح خطة أميركا لوقف حرب السودان؟

TT

10 أيام فاصلة... ما ملامح خطة أميركا لوقف حرب السودان؟

روبيو في حديث هامس مع الرئيس ترمب خلال طاولة مناسبات سابقة (أ.ف.ب)
روبيو في حديث هامس مع الرئيس ترمب خلال طاولة مناسبات سابقة (أ.ف.ب)

وضع وزير الخارجية الأميركي، ماركو روبيو، مدى زمنياً من 10 أيام لتثبيت هدنة إنسانية في السودان، مع بداية العام المقبل، وهي المرة الأولى التي تحدد فيها الإدارة الأميركية مواقيت زمنية أمام طرفي النزاع؛ الجيش السوداني و«قوات الدعم السريع» منذ إعلان تدخل واشنطن بقوة في هذا الملف.

وذكر روبيو في تصريحات صحافية، الجمعة، أن «هدف واشنطن الفوري وقف الأعمال القتالية في السودان قبل بداية العام الجديد». وقال إن بلاده منخرطة «بشكل مكثف» مع أطراف إقليمية عديدة، لافتاً إلى محادثات أجرتها واشنطن مع مسؤولين في السعودية والإمارات ومصر، بالتنسيق مع المملكة المتحدة، في إطار الدفع نحو هدنة إنسانية تسمح بتوسيع عمليات الإغاثة.

روبيو في حديث هامس مع الرئيس ترمب خلال طاولة مناسبات سابقة (أ.ف.ب)

وأكد روبيو في مؤتمر صحافي أن «99 في المائة من تركيزنا ينصب على هذه الهدنة الإنسانية والتوصل إليها في أسرع وقت ممكن». وأضاف: «نعتقد أن العام الجديد والأعياد المقبلة تمثل فرصة عظيمة لكلا الجانبين للاتفاق على ذلك، ونحن نبذل قصارى جهدنا في هذا الصدد».

وقال روبيو إن كلا الجانبين انتهك التزاماته، وأعرب عن قلقه إزاء التقارير الجديدة التي تفيد بتعرض قوافل مساعدات إنسانية لهجمات. وأضاف: «ما يحدث هناك مروع، إنه فظيع». وتابع: «سيأتي يوم تُعرف فيه القصة الحقيقية لما حدث هناك، وسيبدو كل من شارك في الأمر بمظهر سيئ».

ضغوط على السودان

وفي هذا الصدد، قال مصدر سوداني مطلع لــ«الشرق الأوسط»، إن رئيس «مجلس السيادة»، قائد الجيش السوداني، عبد الفتاح البرهان، اطلع خلال زيارته الأخيرة إلى الرياض على دعوة عاجلة للامتثال لخريطة الرباعية للموافقة على تهدئة القتال، وإنه طلب أسبوعاً للرد عليها بعد إجراء مشاورات مع حلفائه في الداخل.

وأوضح المصدر الذي فضل عدم الكشف عن هويته، أن الخطة التي طرحت على البرهان، لا تخرج عن إطار خريطة الرباعية المتفق عليها بين الدول الأربع؛ الولايات المتحدة والسعودية والإمارات ومصر. وفي حين لم يشر وزير الخارجية الأميركي إلى أي خطة جديدة، لكنه ألمح إلى أن الإدارة الأميركية قد تلجأ لممارسة المزيد من الضغوط من أجل الوصول إلى المرحلة الأولى، التي تشمل الهدنة الإنسانية، وربطها في الوقت نفسه بإيصال المساعدات الإنسانية للمحتاجين في مناطق النزاع.

قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان (أ.ف.ب)

وربط المصدر السوداني حديث روبيو في هذا التوقيت، بزيارة البرهان إلى السعودية، وتزامنها مع وجود كبير مستشاري الرئيس الأميركي للشؤون العربية والأفريقية، مسعد بولس، الذي عاد إلى واشنطن بعد جولة طويلة شملت السعودية والإمارات ومصر.

تدخل سعودي حاسم

وصعد ملف الحرب في السودان إلى سلم أولويات الإدارة الأميركية، بعد التدخل السعودي الحاسم، وطلب ولي العهد رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان من الرئيس دونالد ترمب التدخل لوقف الحرب. ووفقاً لوزارة الخارجية السودانية، أكد البرهان خلال زيارته إلى الرياض الأسبوع الماضي، حرصه على العمل مع السعودية والرئيس دونالد ترمب ومبعوثه للسلام مسعد بولس لوقف الحرب في السودان.

وبحسب المصدر نفسه، تعكس تصريحات البرهان تحولاً كبيراً في موقف الحكومة السودانية التي سبق أن رفضت مقترح «الآلية الرباعية» بهدنة إنسانية لمدة 3 أشهر، مشيراً إلى أن دول الرباعية أكدت مراراً وتكراراً التزامها بالعمل في إطار هذه المبادرة لوقف الحرب عبر الحل السلمي المتفاوض عليه.

من جهته، قال مستشار «قوات الدعم السريع»، محمد المختار، إن «موقفنا المبدئي هو الترحيب بأي مبادرة لوقف الحرب ومعالجة جذور الأزمة في السودان». وأضاف أن «الدعم السريع وتحالف تأسيس (المرجعية السياسية لحكومة السلام) في نيالا، على اتفاق تام بالتعاطي مع أي جهود أو تسوية تؤدي إلى إحلال السلام في البلاد... وظللنا منذ اندلاع الحرب نستجيب لكل المساعي الإقليمية والدولية في هذا الصدد».

التحركات الأميركية

وقال دبلوماسي سوداني سابق، إن الإدارة الأميركية لا تلجأ في العادة لتحديد سقف زمني لأي ملف تتحرك فيه دون مؤشرات واضحة أو حصولها على ضوء أخضر، مضيفاً: «صحيح أن القيد الزمني الذي وضعته ضيق جداً، لكنها قد تنجح في اقتلاع موافقة نهائية من طرفي الحرب بخصوص الهدنة الإنسانية في الأيام القليلة المقبلة».

وأشار الدبلوماسي السوداني إلى أن وقف إطلاق النار يتوقف على كلا الجانبين، من حيث الوفاء بالتزاماتهما في تنفيذ المقترح المطروح من قبل «الآلية الرباعية». وأضاف الدبلوماسي، الذي طلب أيضاً عدم ذكر اسمه، أن إدارة ترمب تركز في الوقت الحالي على جمع الطرفين في مفاوضات مباشرة للاتفاق على تنفيذ المرحلة الأولى للهدنة الإنسانية التي تمهد الانتقال إلى مرحلة إيقاف دائم لإطلاق النار، يعقب ذلك تنفيذ الرؤية المضمنة في خريطة الرباعية بخصوص العملية السياسية والانتقال إلى الحكم المدني.وتوقع الدبلوماسي أن تتسارع وتيرة تحركات الرباعية بكثافة في الأيام المقبلة، بعد حديث روبيو، بطريقة مباشرة أو غير مباشرة مع طرفي الصراع للالتزام بتنفيذ الهدنة فوراً دون تأخير.

وتنص خريطة «الرباعية» على التنفيذ السريع لمقترح الهدنة الإنسانية لمدة 3 أشهر، وإيقاف فوري لإطلاق النار دون قيد أو شرط، وتطويره إلى وقف إطلاق نار دائم، ثم البدء في مفاوضات سياسية.

ترحيب إماراتي

من جهته، جدّد الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية الإماراتي، التأكيد على أن الوقف الفوري لإطلاق النار في السودان، وضمان وصول إنساني آمن من دون عوائق إلى المدنيين، يمثلان أولوية قصوى في ظل تفاقم الاحتياجات الإنسانية واتساع دائرة المعاناة في السودان.

ورحّب الشيخ عبد الله بن زايد بتصريحات وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو بشأن السودان، التي شدد فيها على أن الهدف العاجل لواشنطن يتمثل في وقف الأعمال العدائية مع دخول العام الجديد بما يسمح للمنظمات الإنسانية بإيصال المساعدات إلى مختلف أنحاء البلاد.

الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية الإماراتي (وام)

وأثنى وزير الخارجية الإماراتي على ما تضمنته التصريحات الأميركية من تركيز على دفع مسار التهدئة الإنسانية والتخفيف من وطأة الأزمة، مؤكداً أن أي تقدم عملي يبدأ بوقف إطلاق النار على نحو عاجل، بما يوفر حماية للمدنيين ويؤسس لتهيئة بيئة سياسية أكثر قابلية للحل.

كما رأى أن تثبيت الهدنة الإنسانية وفتح الممرات أمام الإغاثة «يمهدان الطريق» لمسار سياسي يفضي إلى انتقال مدني مستقل يحقق تطلعات السودانيين إلى الأمن والاستقرار والسلام.

وفي هذا السياق، أكد الشيخ عبد الله بن زايد التزام دولة الإمارات بالعمل مع المجموعة الرباعية بقيادة الولايات المتحدة، ضمن جهود تستهدف دعم مسار سياسي مدني مستدام يضع مصلحة الشعب السوداني فوق كل اعتبار.

إدريس إلى نيويورك

من جهة ثانية، توجّه رئيس الوزراء السوداني، كامل إدريس، إلى نيويورك، السبت، للاجتماع بالأمين العام للأمم المتحدة ومسؤولين آخرين ومناقشة سبل تسهيل وصول المساعدات الإنسانية ووقف محتمل لإطلاق النار، وفق ما أفاد مصدران في الحكومة السودانية.

وتأتي هذه الزيارة في ظلّ احتدام المعارك بين الجيش السوداني و«قوّات الدعم السريع» في جنوب كردفان، ما يثير مخاوف من فظائع جديدة شبيهة بتلك التي ارتكبت في مدينة الفاشر في أواخر أكتوبر (تشرين الأول). وترافقت سيطرة «قوّات الدعم السريع» على آخر معقل للجيش في إقليم دارفور (غرب) مع تقارير عن عمليات قتل جماعي واغتصاب واختطاف.


مصر: رفع اسم علاء عبد الفتاح من قائمة «منع السفر»

علاء عبد الفتاح (حسابه على «فيسبوك»)
علاء عبد الفتاح (حسابه على «فيسبوك»)
TT

مصر: رفع اسم علاء عبد الفتاح من قائمة «منع السفر»

علاء عبد الفتاح (حسابه على «فيسبوك»)
علاء عبد الفتاح (حسابه على «فيسبوك»)

رفع النائب العام المصري، محمد شوقي عياد، السبت، اسم الناشط علاء عبد الفتاح من قوائم «منع السفر»، استجابةً لطلب قدمه محاميه في وقت سابق.

وبموجب قرار النائب العام الذي ستجري مخاطبة الجهات المختصة به، سيكون من حق علاء عبد الفتاح، الحاصل على الجنسية البريطانية بجانب جنسيته المصرية، القدرة على مغادرة البلاد بعد نحو 3 أشهر من الإفراج عنه بعفو رئاسي استجابة لمناشدات عدة قدمتها أسرته، ومخاطبة قدمها «المجلس القومي لحقوق الإنسان» في مصر.

وصدر حكم قضائي على علاء عبد الفتاح في ديسمبر (كانون الأول) 2021 بالسجن 5 سنوات بتهمة «الانضمام إلى جماعة أنشئت على خلاف أحكام القانون، ونشر وبث أخبار وبيانات كاذبة داخل وخارج البلاد، وإساءة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، ومشاركة جماعة إرهابية مع العلم بأغراضها».

وجاء الحكم بعد أكثر من عامين على توقيف الناشط، الذي أُلقي القبض عليه في سبتمبر (أيلول) 2019.

وكانت محكمة جنايات القاهرة قد قررت رفع اسم علاء عبد الفتاح من «قوائم الإرهاب» في القضية رقم 1781 لسنة 2019 في يوليو (تموز) الماضي، مستندة إلى التحريات التي أفادت بـ«عدم استمراره في أي نشاط لصالح جماعة إرهابية»، وهو القرار الذي ترتّب عليه إنهاء جميع الآثار القانونية المترتبة على الإدراج، بما في ذلك المنع من السفر وتجميد الأموال وغيرهما من العقوبات.

وحصل علاء عبد الفتاح على الجنسية البريطانية خلال وجوده في السجن، بعدما تقدمت شقيقتاه بطلب للسلطات البريطانية على خلفية حصول والدته على الجنسية لولادتها هناك، وهو ما جعل موقفه القانوني محل نقاش مستمر بين المسؤولين المصريين ونظرائهم البريطانيين خلال السنوات الماضية.


مصر وروسيا… «شراكة استراتيجية» تحمل أبعاداً اقتصادية وسياسية

محادثات الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع وزير الخارجية الروسي في القاهرة السبت (الرئاسة المصرية)
محادثات الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع وزير الخارجية الروسي في القاهرة السبت (الرئاسة المصرية)
TT

مصر وروسيا… «شراكة استراتيجية» تحمل أبعاداً اقتصادية وسياسية

محادثات الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع وزير الخارجية الروسي في القاهرة السبت (الرئاسة المصرية)
محادثات الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع وزير الخارجية الروسي في القاهرة السبت (الرئاسة المصرية)

استقبل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، السبت، وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، الذي يزور القاهرة للمشاركة في منتدى الشراكة الروسي– الأفريقي، ما عدّه خبراء تفعيلاً لاتفاقية «الشراكة الشاملة والتعاون الاستراتيجي» الموقعة بين البلدين، ما يعزز تقارب المواقف بين القاهرة وموسكو بشأن عدد من القضايا الإقليمية.

ووقع الرئيس المصري ونظيره الروسي فلاديمير بوتين في أكتوبر (تشرين الأول) من عام 2018 «اتفاقية بشأن الشراكة الشاملة والتعاون الاستراتيجي بين البلدين»، التي تشمل العلاقات التجارية والصناعية وتستمر لمدة 10 سنوات قابلة للتجديد.

وأعرب الرئيس المصري خلال لقاء لافروف، السبت، عن «تقديره لمسار العلاقات الاستراتيجية بين القاهرة وموسكو، التي تشهد نمواً متواصلاً في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والتجارية»، مشيراً إلى أهمية «مواصلة تعزيز التعاون المشترك، لا سيما ما يتعلق بمشروع إنشاء المنطقة الصناعية الروسية في المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، ومشروع محطة الضبعة النووية، إلى جانب ملفات التعاون الاستراتيجي الأخرى بين البلدين»، بحسب بيان للمتحدث باسم الرئاسة المصرية، السفير محمد الشناوي.

وأعرب وزير الخارجية الروسي عن «تطلع بلاده لمواصلة العمل مع الجانب المصري للارتقاء بالعلاقات الاستراتيجية بين البلدين لآفاق أرحب، ومواصلة البناء على ما تم الاتفاق عليه بين الرئيسين من تفاهمات لتطوير العلاقات خلال زيارة السيسي لروسيا في مايو (أيار) الماضي»، وفق متحدث الرئاسة المصرية.

وتعمل مصر على إنشاء أول محطة لتوليد الكهرباء بالطاقة النووية في مدينة الضبعة بمحافظة مرسى مطروح على ساحل البحر الأبيض المتوسط على بعد نحو 289 كيلومتراً شمال غربي القاهرة، بتمويل وتكنولوجية روسيين.

وفي نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، شارك الرئيس المصري، ونظيره الروسي عبر تقنية «الفيديو كونفرانس» في مراسم تركيب وعاء ضغط المفاعل للوحدة النووية الأولى بمحطة الضبعة النووية، وتوقيع أمر شراء الوقود النووي.

وأكدت عضو مجلس الشيوخ المصري، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة القاهرة، الدكتورة نورهان الشيخ، «أهمية زيارة لافروف للقاهرة لا سيما أنها تأتي في إطار اللقاءات الدورية لتفعيل الشراكة الشاملة بين البلدين». وقالت لـ«الشرق الأوسط» إن «الطاقة تعد أبرز ملامح التعاون الروسي- المصري من خلال مشروع محطة الضبعة النووية».

وأشارت إلى «شراكة متميزة بين البلدين في مختلف المجالات، على رأسها الاقتصاد، الذي يشمل إنشاء المنطقة الصناعية الروسية بعدّها نقلة في العلاقات، إلى جانب التعاون في مجال الأمن والتكنولوجيا، والتعاون العسكري والأمني بين البلدين والتنسيق بينهما في مجال مكافحة الإرهاب والتطرف، والمناورات العسكرية المتكررة بين البلدين».

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في أثناء استقباله وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في القاهرة السبت (الرئاسة المصرية)

وبحسب مراقبين، فإن مشروع «الضبعة» يعزز التقارب بين مصر وروسيا لسنوات مقبلة، وإن التعاون الاقتصادي والتجاري بين البلدين يتطور بصورة سريعة وستكون المنطقة الصناعية الروسية محطة مهمة في هذا التعاون.

وكان وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، قد أكد في مؤتمر صحافي مشترك، الجمعة، مع لافروف، على أهمية «تسريع وتيرة التعاون في المنطقة الصناعية الروسية». وعدّ مشروع «الضبعة» «لحظة تاريخيّة تؤكد عمق العلاقات بين البلدين». بينما أوضح لافروف خلال المؤتمر أن حجم التبادل التجاري بين مصر وروسيا وصل العام الماضي إلى 9.3 مليار دولار بزيادة 31 في المائة مقارنة بعام 2023.

وأشار متحدث الرئاسة المصرية، السبت، إلى أن لقاء الرئيس السيسي ووزير الخارجية الروسي تناول عدداً من القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، بما في ذلك الأوضاع في قطاع غزة والسودان وليبيا، حيث «جرى التأكيد على ضرورة وقف الحرب في غزة، وتثبيت وقف إطلاق النار، ومنع التصعيد في المنطقة، مع الحفاظ على سيادة الدول وسلامة أراضيها ومقدرات شعوبها».

وفي هذا الإطار «ثمن وزير الخارجية الروسي التنسيق والتشاور السياسي القائم بين القاهرة وموسكو»، مؤكداً أهمية تكثيف هذا التشاور بشأن القضايا محل الاهتمام المشترك، وفق متحدث الرئاسة.

وعلى صعيد الأزمة الروسية - الأوكرانية، أكد السيسي «دعم مصر لكل الجهود الرامية لإنهاء الأزمة عبر الحلول السياسية»، لافتاً إلى «استعداد القاهرة لتقديم كل الدعم اللازم للجهود الدولية في هذا الإطار».

وأوضحت عضو مجلس الشيوخ المصري أن «موقف روسيا قريب من الموقف المصري في كثير من القضايا، ويقترب من التطابق بالنسبة لغزة»، مشيرة إلى أن «الأزمة الأوكرانية لها درجة من الخصوصية، فالتوازن المصري في العلاقات الخارجية أتاح للقاهرة لعب دور وساطة في الإطار العربي والأفريقي، لكن تعقيدات الأزمة لم تسمح لأي جهود وساطة بالنجاح».

وكان لافروف قد أشار في المؤتمر الصحافي مع نظيره المصري، الجمعة، إلى «الاتفاق على توسيع التنسيق السياسي بين مصر وروسيا في المحافل الدولية وفي إطار الحوارات بين روسيا والدول العربية».