فجرت قضية اغتيال الشاب التونسي هشام الميراوي في مقر إقامته بمدينة بوجيه سور أرجان جنوب فرنسا، على يد جاره الفرنسي المتهم بـ«العنصرية والتطرف»، تفاعلات سريعة، وسط تخوف داخل الأوساط الأمنية والقضائية والدبلوماسية والحكومية التونسية والفرنسية من تصعيد داخل مناطق أبناء المهاجرين، الذين دعوا إلى تنظيم تحركات الأحد المقبل.
وكشفت النيابة العامة لمكافحة الإرهاب أن الفرنسي، كريستوف بي، أحيل على قاضٍ مختص في قضايا الإرهاب، بعد أن انتشرت فيديوهات له على المواقع الاجتماعية، تبنى فيها جريمة اغتيال الشاب التونسي في بيته بعدة رصاصات، عندما كان بصدد إجراء محادثة مع والدته وأسرته في تونس عن استعداداته لعيد الأضحى وموسم الإجازات.

وكشفت مصادر إعلامية وحقوقية تونسية وفرنسية أن هذا الملف بات الأول من نوعه، الذي يحال فيه متهم بالعنف والقتل في قضية ذات صبغة عنصرية على وحدة مكافحة الإرهاب، وذلك منذ إحداثها في سنة 2019. كما أنها المرة الأولى التي توجه فيها تهمة الضلوع في الإرهاب لمتهم بالقتل والعنف والعنصرية والعداء للإسلام والمسلمين، واتهامه بمحاولة «إحداث اضطراب في النظام العام من خلال الإرهاب».
وبمجرد انتشار خبر هذا الاعتداء الشنيع، تابعت وزارات الخارجية والداخلية والمؤسسات القضائية والقنصلية التونسية والفرنسية بسرعة هذه الجريمة، والاحتجاجات التي أعقبتها داخل الأوساط الرسمية والشعبية في تونس وباريس، في ظل تخوفات من أن تتسبب في أعمال عنف وأزمة جديدة في العلاقات المغاربية الفرنسية.
وجرت مكالمات بين وزيري الداخلية التونسية والفرنسية وسفيري البلدين. فيما زار وزير الداخلية الفرنسية مقر السفارة التونسية بباريس لتقديم التعازي، كما أصدرت سفيرة فرنسا بتونس بياناً رسمياً انتقدت فيه جريمة الاغتيال ولتقديم التعزية.

وفي تونس أصدرت وزارة الشؤون الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج بلاغاً، أعلنت فيه أنها «ستواصل متابعة ملف قتل المواطن التونسي المرحوم هشام الميراوي مع مختلف الأطراف، ضماناً لحقوق أبناء الجالية التونسية في الخارج، وتوفير الحماية لهم، ومنعاً لتكرار مثل هذه الجرائم البشعة، التي تجد حاضنة لها في خطابات التحريض على الكراهية والتعصب».
وذكرت الوزارة في بلاغ لها صدر، الخميس، أنه فور التأكد من هوية الضحية التونسية، بادرت سفارة تونس بفرنسا، بتنسيق مع مصالح الوزارة والقنصلية العامة لتونس بمرسيليا، بالاتصال بالسلطات الفرنسية المعنية «لاستيضاح ملابسات الجريمة النكراء ودوافعها، والتشديد على ضرورة محاسبة الجاني وإدانة العملية».
وأورد بيان وزارة الخارجية التونسية أن سفير تونس في باريس أجرى اتصالاً هاتفياً مع وزير الداخلية الفرنسي، الذي «أدان بأشد العبارات هذه الجريمة»، وعبَّر عن أسفه لوقوعها، مقدماً «تعازيه لعائلة الضحية ولكل أبناء الجالية التونسية بفرنسا».
بدوره، أفاد الوزير الفرنسي، برونو روتايو، أن السلطات الأمنية والقضائية باشرت التحقيقات مع الجاني لاستيضاح أسباب الجريمة، التي تشير المعطيات الأولية أن «دوافعها عنصرية»، مبرزاً أن وحدة مكافحة الإرهاب تعهدت بها عل اعتبار خطورتها، والانتماءات الفكرية والسياسية لمقترفها.
كما أعلن في تونس عن مكالمة هاتفية جرت حول الملف ذاته بين وزير الداخلية خالد النوري ونظيره الفرنسي روتايو.
يذكر أن الميراوي (45 سنة) قتل بخمس رصاصات، السبت الماضي، على يد جاره الفرنسي البالغ من العمر (53 سنة)، الذي نشر تسجيلين مصورين يحملان طابعاً عنصرياً، أحدهما قبل الجريمة والآخر بعدها، كما أصاب شاباً تركياً بجراح.



