هبوط الدولار يدفع المستثمرين نحو «تجارة الفائدة» في الأسواق الناشئة

مع تصاعد الرهانات على العملات ذات العوائد المرتفعة

موظف بنك في بانكوك يقارن بين ورقة دولار مزيفة وأخرى أصلية (أرشيفية - رويترز)
موظف بنك في بانكوك يقارن بين ورقة دولار مزيفة وأخرى أصلية (أرشيفية - رويترز)
TT

هبوط الدولار يدفع المستثمرين نحو «تجارة الفائدة» في الأسواق الناشئة

موظف بنك في بانكوك يقارن بين ورقة دولار مزيفة وأخرى أصلية (أرشيفية - رويترز)
موظف بنك في بانكوك يقارن بين ورقة دولار مزيفة وأخرى أصلية (أرشيفية - رويترز)

أدى تراجع الدولار الأميركي منذ بداية رئاسة دونالد ترمب إلى جعله العملة المُفضّلة لتمويل تداولات «تجارة الفائدة»؛ ما حفّز تدفقات قوية نحو عملات الأسواق الناشئة ذات العوائد المرتفعة.

وبحسب مديري صناديق استثمار، عادت التداولات المموّلة بالدولار إلى الواجهة في عملات مثل الروبية الإندونيسية، والروبية الهندية، والريال البرازيلي، والليرة التركية، وغيرها، وفق «رويترز».

وفي تداولات «تجارة الفائدة» النموذجية، يُقترض من عملات ذات فائدة منخفضة للاستثمار في أخرى ذات عوائد أعلى. وتزداد الأرباح إذا ما ضعفت العملة المقترضة، كما هو حال الدولار حالياً.

وعلى خلاف المعتاد، حيث كانت عملات مثل الين الياباني والفرنك السويسري تُفضّل لهذا النوع من الصفقات، أصبح الدولار الآن خيار التمويل الأول، في ظل الحرب التجارية التي يقودها ترمب، وتصاعد المخاوف من الركود، وتراجع شهية المستثمرين لأذون الخزانة الأميركية.

وقال كارل فيرماسن، مدير المحافظ في شركة «فونتوبل» السويسرية لإدارة الأصول، إنه زاد انكشافه على صفقات «تجارة الفائدة» في الروبية الهندية والروبية الإندونيسية، مضيفاً: «لطالما تجنّب المستثمرون العملات المحلية للأسواق الناشئة لتفادي مخاطر الصرف في ظل هيمنة الدولار القوي، لكن بما أن العديد منهم لم يعودوا يؤمنون باستثنائية الاقتصاد الأميركي، بدأت الأمور تتغير».

من جانبها، تتوقع كلوديا كاليش، رئيسة ديون الأسواق الناشئة في شركة «إم آند جي» بالمملكة المتحدة، أن يستمر ضعف الدولار، مما يعزز جاذبية «تجارة الفائدة». وتفضّل مؤسستها التي تُدير أصولاً تتجاوز 312 مليار جنيه إسترليني (423.5 مليار دولار)، الانكشاف على الروبية والبيزو الفلبيني في آسيا، والريال البرازيلي والبيزو المكسيكي في أميركا اللاتينية.

ويرى المحللون أن تزايد الإقبال على «تجارة الفائدة» المموّلة بالدولار قد يُعمّق من خسائر العملة الأميركية؛ فقد هبط مؤشر الدولار بنسبة 8.5 في المائة منذ بداية العام، وتراجع في منتصف أبريل (نيسان) دون عتبة الـ100 لأول مرة منذ نحو عامين، ليستقر مؤخراً عند 99.30 نقطة.

ويعني هذا أن المستثمرين يجدون فرصاً جيدة ليس فقط في العملات ذات العوائد المرتفعة مثل الروبية الهندية والروبية الإندونيسية، بل حتى في عملات منخفضة الفائدة نسبياً مثل الوون الكوري الجنوبي الذي تصدّر مكاسب العملات الآسيوية هذا العام بصعود 6.7 في المائة أمام الدولار.

وتُقدَّر «علاوة العائد» (تجارة الفائدة) لمدة 3 أشهر بنحو 2 في المائة للروبية الهندية، و1.2 في المائة للروبية الإندونيسية، في حين تبلغ «تجارة الفائدة» في الريال البرازيلي نحو 9 في المائة، رغم ارتفاع مستوى تقلباته؛ ما يزيد من مخاطر هذه الصفقة في حال تراجعت العملة بدلاً من ارتفاعها.

وتُظهر بيانات «التقلب الضمني» لثلاثة أشهر أن الريال البرازيلي يسجل تقلباً متوقعاً عند 8.1 في المائة، مقابل 4.7 في المائة للروبية.

وقالت «غولدمان ساكس» إن «تجارة الفائدة» كانت «محوراً رئيسياً» في الاجتماعات الأخيرة مع عملائها في نيويورك، مع تنامي الاهتمام بالأسواق اللاتينية والأوروبية. أما «آي إن جي» بنك فأشار إلى أن هذه التداولات قد تزداد زخماً خلال الصيف، إذا استقرت تقلبات السوق.

تدفقات ضخمة إلى الأسواق الناشئة

نظراً لأن تداولات «تجارة الفائدة» عادة ما تنطوي على الاستثمار في أسواق السندات أو النقد في الدول المستهدفة، يتوقع المحللون أن تشهد الأسواق الناشئة تدفقات مالية كثيفة.

وتُظهر بيانات شهر أبريل أن المستثمرين اشتروا سندات بقيمة 8.92 مليار دولار في كوريا الجنوبية والهند وإندونيسيا وتايلاند وماليزيا، وهو أعلى مستوى شهري منذ أغسطس (آب) الماضي.

وفي كوريا الجنوبية وحدها بلغت مشتريات الأجانب من السندات 7.91 مليار دولار، في أعلى قيمة منذ مايو (أيار) 2023.

وقال توم ناكامورا، نائب الرئيس ورئيس قسم الدخل الثابت والعملات في شركة «إيه جي إف» الكندية، إن تركيا تُعد وجهة جذابة لتداولات الكاري في ظل تبني البنك المركزي سياسة نقدية أكثر تقليدية، مشيراً إلى أن سعر الفائدة الأساسي يبلغ حالياً 46 في المائة.


مقالات ذات صلة

الدولار يستقر قرب أدنى مستوى في 5 أسابيع

الاقتصاد أوراق نقدية من الدولار الأميركي (رويترز)

الدولار يستقر قرب أدنى مستوى في 5 أسابيع

استقر الدولار الأميركي يوم الجمعة قرب أدنى مستوى له في 5 أسابيع مقابل العملات الرئيسية، فيما يستعد المستثمرون لاحتمال إقدام «الفيدرالي» على خفض الفائدة.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
الاقتصاد سبائك ذهبية في متجر بلندن (رويترز)

الذهب يستقر قبيل بيانات أميركية حاسمة

استقرت أسعار الذهب يوم الجمعة، إذ عوّض ارتفاع عوائد سندات الخزانة الأميركية تأثير تراجع الدولار، بينما يترقب المستثمرون بيانات تضخم محورية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد أوراق نقدية من الدولار الأميركي (رويترز)

توقعات خفض الفائدة تدفع الدولار لأدنى مستوياته في أسابيع

انخفض الدولار الأميركي، يوم الخميس، بعدما عزَّزت البيانات الاقتصادية الضعيفة مبررات خفض الفائدة المتوقع من جانب «الاحتياطي الفيدرالي»، الأسبوع المقبل.

«الشرق الأوسط» (سنغافورة)
الاقتصاد أوراق نقدية من الدولار الأميركي (رويترز)

الدولار يترقّب تعيين هاسيت لرئاسة «الفيدرالي»

استقر الدولار الأميركي، يوم الأربعاء، فيما بدأ المستثمرون الذين ينظرون إلى عام 2026 الاستعداد لخفض متوقع في أسعار الفائدة الأميركية قد يضغط على العملة.

«الشرق الأوسط» (سنغافورة)
الاقتصاد شعار بنك «الاحتياطي الهندي» يظهر خارج مقره الرئيسي في مومباي (رويترز)

المركزي الهندي قد يبيع الدولار لوقف هبوط الروبية دون عتبة الـ90

قال متعاملون إن البنك المركزي الهندي قد يلجأ إلى بيع الدولار الأميركي، لمنع الروبية من الانخفاض إلى ما دون 90 روبية.

«الشرق الأوسط» (نيودلهي)

تحسّن ثقة المستهلك الأميركي بأكثر من المتوقع في بداية ديسمبر

رجل يتسوق في قسم الأجهزة بمتجر هوم ديبوت في واشنطن (رويترز)
رجل يتسوق في قسم الأجهزة بمتجر هوم ديبوت في واشنطن (رويترز)
TT

تحسّن ثقة المستهلك الأميركي بأكثر من المتوقع في بداية ديسمبر

رجل يتسوق في قسم الأجهزة بمتجر هوم ديبوت في واشنطن (رويترز)
رجل يتسوق في قسم الأجهزة بمتجر هوم ديبوت في واشنطن (رويترز)

أظهرت البيانات الأولية الصادرة يوم الجمعة ارتفاع مؤشر ثقة المستهلك لجامعة ميشيغان إلى 53.3 نقطة في بداية ديسمبر (كانون الأول)، مقارنةً بقراءة نهائية بلغت 51 نقطة في نوفمبر (تشرين الثاني)، متجاوزاً توقعات الاقتصاديين عند 52 نقطة، لكنه لا يزال منخفضاً بشكل كبير مقارنة بمستوى 71.7 نقطة في يناير (كانون الثاني) الماضي.

وشهد تقييم المستهلكين للظروف الاقتصادية الحالية انخفاضاً طفيفاً، بينما تحسّنت توقعاتهم المستقبلية إلى حد ما. كما تراجعت توقعات التضخم للعام المقبل إلى 4.1 في المائة مقابل 4.5 في المائة في الشهر السابق، مسجلة أدنى مستوى منذ يناير، مع استمرار الضغوط على الأسعار بسبب الرسوم الجمركية على الواردات، وفق وكالة «أسوشييتد برس».

وقالت جوان هسو، مديرة المسوحات الاقتصادية في ميشيغان: «الاتجاه العام للآراء يبقى قاتماً، حيث يواصل المستهلكون الإشارة إلى عبء ارتفاع الأسعار». على الرغم من تراجع التضخم عن أعلى مستوياته منتصف 2022، إلا أنه يظل أعلى من هدف الاحتياطي الفيدرالي البالغ 2 في المائة بثبات.


مؤشر التضخم المفضل لـ«الفيدرالي» يتباطأ في سبتمبر

يتسوق أشخاص في سوبر ماركت في لوس أنجليس (رويترز)
يتسوق أشخاص في سوبر ماركت في لوس أنجليس (رويترز)
TT

مؤشر التضخم المفضل لـ«الفيدرالي» يتباطأ في سبتمبر

يتسوق أشخاص في سوبر ماركت في لوس أنجليس (رويترز)
يتسوق أشخاص في سوبر ماركت في لوس أنجليس (رويترز)

تباطأ مؤشر التضخم المفضل لدى «الاحتياطي الفيدرالي» قليلاً في سبتمبر (أيلول)، مما يمهّد الطريق على الأرجح لخفض أسعار الفائدة المتوقع على نطاق واسع من قِبل البنك المركزي الأسبوع المقبل.

وأعلنت وزارة التجارة، يوم الجمعة، أن الأسعار ارتفعت بنسبة 0.3 في المائة في سبتمبر مقارنة بأغسطس (آب)، وهي نسبة الشهر السابق نفسها. وباستثناء فئات الغذاء والطاقة المتقلبة، ارتفعت الأسعار الأساسية بنسبة 0.2 في المائة، وهو معدل مماثل للشهر السابق، ويقارب هدف «الاحتياطي الفيدرالي» للتضخم البالغ 2 في المائة إذا استمر على مدار عام كامل، وفق وكالة «أسوشييتد برس».

وعلى أساس سنوي، ارتفعت الأسعار الإجمالية بنسبة 2.8 في المائة، بزيادة طفيفة عن 2.7 في المائة في أغسطس، في حين ارتفعت الأسعار الأساسية بنسبة 2.8 في المائة مقارنة بالعام السابق، بانخفاض طفيف عن 2.9 في المائة المسجلة في الشهر السابق. وأظهرت البيانات التي تأخرت خمسة أسابيع بسبب إغلاق الحكومة، أن التضخم كان منخفضاً في سبتمبر، مما يعزز مبررات خفض سعر الفائدة الرئيسي لمجلس «الاحتياطي الفيدرالي» في اجتماعه المقبل يومَي 9 و10 ديسمبر (كانون الأول).

رغم ذلك، لا يزال التضخم أعلى من هدف البنك المركزي البالغ 2 في المائة، جزئياً بسبب الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس دونالد ترمب، لكن العديد من مسؤولي «الاحتياطي الفيدرالي» يرون أن ضعف التوظيف، والنمو الاقتصادي المتواضع، وتباطؤ مكاسب الأجور؛ سيؤدي إلى انخفاض مطرد في مكاسب الأسعار خلال الأشهر المقبلة.

ويواجه «الاحتياطي الفيدرالي» قراراً صعباً الأسبوع المقبل: الحفاظ على أسعار الفائدة مرتفعة لمكافحة التضخم، مقابل خفضها لتحفيز الاقتراض ودعم الاقتصاد، وسط تباطؤ التوظيف وارتفاع البطالة ببطء.


«وول ستريت» تختتم أسبوعاً هادئاً... والأسهم تلامس المستويات القياسية

متداول يراقب شاشة تعرض مؤشرات الأسهم في بورصة نيويورك (رويترز)
متداول يراقب شاشة تعرض مؤشرات الأسهم في بورصة نيويورك (رويترز)
TT

«وول ستريت» تختتم أسبوعاً هادئاً... والأسهم تلامس المستويات القياسية

متداول يراقب شاشة تعرض مؤشرات الأسهم في بورصة نيويورك (رويترز)
متداول يراقب شاشة تعرض مؤشرات الأسهم في بورصة نيويورك (رويترز)

اقتربت الأسهم الأميركية، يوم الجمعة، من مستوياتها القياسية، مع توجه «وول ستريت» نحو نهاية أسبوع اتسم بالهدوء النسبي.

وارتفع مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» بنسبة 0.3 في المائة، ليصبح على بُعد 0.2 في المائة فقط من أعلى مستوى له على الإطلاق، فيما صعد مؤشر «داو جونز» الصناعي بـ46 نقطة (0.1 في المائة). أما مؤشر «ناسداك» المركّب فزاد بنحو 0.4 في المائة، في حين تراجع مؤشر «راسل 2000» لأسهم الشركات الصغيرة بنسبة 0.2 في المائة بعدما لامس مستوى قياسياً في الجلسة السابقة، وفق وكالة «أسوشييتد برس».

وفي قطاع الشركات، سجّل سهم «نتفليكس» انخفاضاً بنسبة 2.1 في المائة، بعد إعلانها خططاً لشراء «وارنر براذرز» إثر انفصالها عن «ديسكفري غلوبال»، في صفقة تبلغ 72 مليار دولار نقداً وأسهماً. وارتفع سهم «ديسكفري» التابعة للشركة بنسبة 2.6 في المائة.

وقفز سهم «ألتا بيوتي» بنسبة 11 في المائة بعد إعلان نتائج فصلية فاقت توقعات المحللين من حيث الأرباح والإيرادات، مع إشارتها إلى تحسّن ملحوظ في التجارة الإلكترونية، مما دفعها إلى رفع توقعاتها للإيرادات السنوية.

كما حققت «فيكتوريا سيكريت» أداءً قوياً، إذ سجّلت خسارة أقل من المتوقع ورفعت توقعاتها لمبيعات العام، ليرتفع سهمها بنسبة 14.4 في المائة.

أما سهم «هيوليت باكارد إنتربرايز» فانخفض 3.9 في المائة رغم تحقيق أرباح أعلى من التوقعات، نتيجة إعلان الشركة إيرادات دون المستوى المأمول.

وجاء هذا الأداء في أسبوع هادئ نسبياً بالنسبة إلى السوق الأميركية، بعد أسابيع شهدت تقلبات حادة بفعل مخاوف مرتبطة بتدفقات كبيرة على قطاع الذكاء الاصطناعي وتوقعات تحركات مجلس الاحتياطي الفيدرالي.

بعد فترة من التردد، يتوقع المستثمرون الآن بالإجماع تقريباً أن يخفّض بنك الاحتياطي الفيدرالي سعر الفائدة القياسي الأسبوع المقبل لدعم سوق العمل البطيئة. وسيكون ذلك الخفض الثالث هذا العام إن حدث.

وتحظى أسعار الفائدة المنخفضة بدعم المستثمرين، لأنها تعزّز تقييمات الأصول وتحفّز النمو الاقتصادي، لكنها قد تزيد الضغوط التضخمية التي لا تزال أعلى من هدف «الفيدرالي» البالغ 2 في المائة.

ويدعم توقع خفض الفائدة عودة مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» إلى مشارف مستوياته القياسية المسجلة في أكتوبر (تشرين الأول)، في حين يترقب المستثمرون إشارات جديدة من اجتماع «الفيدرالي» حول مسار الفائدة العام المقبل.

وفي أسواق السندات، استقرت عوائد سندات الخزانة الأميركية لأجل 10 سنوات عند 4.11 في المائة، في حين ارتفع العائد على السندات لأجل عامَين إلى 3.54 في المائة من 3.52 في المائة.

وعالمياً، ارتفعت المؤشرات في معظم أوروبا وآسيا؛ فقد صعد مؤشر «داكس» الألماني بنسبة 0.9 في المائة، وقفز مؤشر «كوسبي» الكوري الجنوبي بنسبة 1.8 في المائة.

في المقابل، تراجع مؤشر «نيكي 225» في طوكيو بنسبة 1.1 في المائة بعد بيانات أظهرت انخفاض إنفاق الأسر اليابانية بنسبة 3 في المائة في أكتوبر على أساس سنوي، وهو أكبر تراجع منذ يناير (كانون الثاني) 2024، وسط تقلبات أثارها احتمال رفع «بنك اليابان» أسعار الفائدة.