«كي بي إم جي» تُحدد الأولويات العاجلة للمنشآت العائلية في الشرق الأوسط

«كي بي إم جي» تُحدد الأولويات العاجلة للمنشآت العائلية في الشرق الأوسط
TT

«كي بي إم جي» تُحدد الأولويات العاجلة للمنشآت العائلية في الشرق الأوسط

«كي بي إم جي» تُحدد الأولويات العاجلة للمنشآت العائلية في الشرق الأوسط

في الوقت الذي تواصل فيه المنشآت العائلية إسهاماتها في الدفع بعجلة اقتصاد المنطقة إلى الأمام، تكشف دراسة عالمية جديدة عن العوامل الجديدة الحاسمة التي ستُحدد ما إذا كانت هذه الشركات ستتمكن حقّاً من الصمود والاستمرار ببساطة أم ستتميز وتُشيّد إرثاً مستداماً للأجيال المقبلة.

يستند تقرير المنشآت العائلية لعام 2025، الذي أعدته «كي بي إم جي» بالتعاون مع «STEP Project Global Consortium»، إلى رؤى مستخلصة من 2683 رئيساً تنفيذياً من 80 دولة حول العالم، ويُسلط الضوء على الطريقة التي يمكن للمنشآت العائلية من خلالها أن تصمد في مشهد عالمي يشهد تحولات تتمثل في تعاقب الأجيال المختلفة، والمتغيرات الرقمية، وتغيّر توقعات الحوكمة وتطورها، وتعزيز المسؤولية الاجتماعية والبيئية.

وقال عبد الله أكبر، رئيس استشارات المنشآت العائلية والمؤسسات الخاصة في «كي بي إم جي الشرق الأوسط»: «لقد مثَّلت المنشآت العائلية الركيزة الأساسية التي قامت عليها اقتصادات منطقة الخليج، مُقدمةً إسهامات جليلة في مجالات التوظيف والابتكار وتعزيز الهوية الوطنية، ولكن مع دخولنا مرحلة جديدة من التحولات الاقتصادية، تواجه المنشآت ضرورة مُلِحّة لتحديث هياكل حوكمتها، وتنويع محافظها الاستثمارية، واستكشاف الخيارات المتاحة لمواجهة تحديات تعطل سلاسل الإمداد، والاستثمار في التكنولوجيا المتطورة، بما في ذلك الذكاء الاصطناعي التوليدي، ووضع استراتيجيات مُحكمة لمواجهة التنافسية على المواهب وتهيئة الجيل القادم من القيادات وتأهيله».

وتابع عبد الله أكبر: «لم يعد تخطيط تعاقب الأجيال مجرد خيار للنظر فيه وإنما ضرورة استراتيجية؛ فالعقد المقبل سيشهد انتقالاً غير مسبوق للثروات والمسؤوليات، وتلك المنشآت العائلية التي تخطو اليوم خطوات جريئة ومدروسة من خلال تعزيز مجالس إدارتها، وإشراك قادتها المستقبليين بفاعلية، والتوافق مع أولويات وممارسات الاستدامة المتعلقة بالحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات هي التي سترسم ملامح مستقبل القطاع الخاص».

ويؤكد التقرير أنَّ الحوكمة هي أساس تحقيق النجاح؛ إذ تبين أن المنشآت العائلية ذات الأداء المتميز تزداد احتمالية امتلاكها هياكل مجالس إدارة رسمية بنسبة 10 في المائة؛ ما يُعزز أهمية اتخاذ القرارات والرقابة الاستراتيجية. وفي الواقع، أنشأت 67 في المائة من المنشآت ذات الأداء المتميز على مستوى العالم مجالس إدارة، وفي منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا، ارتفع هذا الرقم ليبلغ 89 في المائة، وهو الأعلى على مستوى العالم. ويُعد هذا الإقبال القوي على الحوكمة والتركيز عليها إشارة واضحة إلى أنَّ المنشآت العائلية في المنطقة أخذت تهيئ نفسها لتحقيق النمو المستدام والنجاح المستمر عبر الأجيال.

ومع ذلك، فإنَّ الحوكمة وحدها لا تكفي؛ إذ يؤكد التقرير أنَّ ريادة الأعمال ونمو رأس المال أصبحا ضروريين بشكل متزايد. كما جاء في التقرير أنَّ نحو 500 منشأة عائلية على مستوى العالم في عمليات اندماج واستحواذ؛ حيث كانت 60 في المائة من المنشآت المستحوذ عليها مملوكة للعائلات أيضاً على مدى السنوات الثلاث الماضية؛ ما يُشير إلى الرغبة المتزايدة لدى المنشآت العائلية في التوسع من خلال إبرام شراكات استراتيجية ومتوافقة مع القيم، بدلاً من النمو وحده. كما تراقب شركات الأسهم الخاصة ذلك من كثب، وتظهر اهتماماً متزايداً بالمنشآت العائلية ذات الإدارة الرشيدة والأداء الثابت والرؤية طويلة الأجل.

وتمثل المنشآت العائلية نسبة تقترب من 95 في المائة من إجمالي المنشآت في السعودية وحدها، وفقاً للأرقام الصادرة عن المركز الوطني للمنشآت العائلية. وتسهم هذه الشركات بنحو 66 في المائة في الناتج الإجمالي المحلي للقطاع الخاص، وتوظف نحو 56 في المائة من العاملين في القطاع الخاص، وتعمل هذه المنشآت في مختلف القطاعات الحيوية، بدءاً من التشييد والبناء والتصنيع، وصولاً إلى قطاعات البيع التجزئة والضيافة والمالية.

وفي الوقت الذي تمضي فيه السعودية قدماً في تحقيق رؤيتها الطموحة 2030 ومستهدفاتها في التحول الاقتصادي، ستلعب الاستدامة طويلة الأجل لهذه المنشآت دوراً محورياً لتحقيق أهداف النمو الوطنية. وفي الوقت الحالي، تتوسع العديد من المجموعات العائلية أيضاً خارج قطاعات الأعمال التقليدية لتدخل في قطاعات جديدة مثل: قطاعات التكنولوجيا والخدمات اللوجستية والتعليم والرعاية الصحية؛ ما يفتح آفاقاً جديدة وواعدة لنماذج استثمار وتعاون مثمر.

ومن الجدير بالاهتمام أن التقرير يسلّط الضوء على أهمية التفاعل بين الأجيال؛ فعلى الرغم من الدور المحوري الذي تؤديه الأجيال الشابة في دفع عجلة الابتكار وتعزيز الاستدامة، فإن 52 في المائة فقط من أفراد الجيل القادم في العائلات منخرطون حالياً في اتخاذ القرارات الاستراتيجية. وهذه تُمثل فرصة مهدرة، لا سيما أن خلفاء جيل الألفية وجيل إكس يمتلكون القدرة على طرح رؤى جديدة في مجالات الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية، والتحول الرقمي، والاستثمار المؤثر. وفي الوقت نفسه، أعرب ما يقرب من 40 في المائة من أفراد العائلات المشاركين في الاستطلاع عن مخاوفهم بشأن مدى جودة التواصل بين أفراد العائلة؛ ما يشير إلى الحاجة إلى أدوار أكثر وضوحاً، وحوار أقوى، وهدف مشترك.


مقالات ذات صلة

14 طريقة لخفض سكر الدم دون أدوية

صحتك شخص يُجري فحصاً لقياس نسبة السكر في الدم (جامعة كولومبيا البريطانية)

14 طريقة لخفض سكر الدم دون أدوية

يُعد خفض سكر الدم والحفاظ عليه ضمن المستويات الطبيعية أمراً بالغ الأهمية للصحة العامة إذ يسهم في تحسين الطاقة والمزاج والقدرة على التركيز 

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الاقتصاد الشراكات الاستراتيجية تدعم توجهات السعودية في تنويع الاقتصاد (الشرق الأوسط)

دراسة: الشراكات الاستراتيجية للسعودية بوابة للنمو وتنويع الاقتصاد وتجاوز التحديات

دعت دراسة اقتصادية إلى ضرورة تعزيز الشراكات السعودية الاستراتيجية بما يتوافق مع مستهدفات «رؤية المملكة 2030»، عبر تبنّي اتفاقيات نوعية.

فتح الرحمن يوسف (الرياض)
صحتك الوجبات الغنية بالدهون غير الصحية تضر بخلايا الكبد (جامعة هارفارد)

كيف تؤثر الدهون على نمو خلايا الكبد السرطانية؟

أظهرت دراسة حديثة أجراها معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (MIT) في الولايات المتحدة أن النظام الغذائي الغني بالدهون يمكن أن يزيد من خطر الإصابة بسرطان الكبد.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
صحتك تغيرات الشهية في الشتاء تتأثر بشكلٍ أكبر بانخفاض ساعات النهار والتعرض لأشعة الشمس (بيكساباي)

لماذا يزيد الطقس البارد من شعورك بالجوع؟ وما الحل؟

خلال أشهر الشتاء الباردة، يشعر الكثيرون بجوعٍ أكبر من المعتاد، ويقول الخبراء إن الأسباب الحقيقية تكمن في قصر النهار، واضطراب الساعة البيولوجية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك الأطفال الذين ينشأون مع الكلاب أقل عرضة للإصابة بالربو (رويترز)

دراسة: الكلاب تغير ميكروبات الأمعاء بما يفيد الصحة النفسية

أشارت دراسة جديدة إلى أن التأثيرات المفيدة للكلاب على الصحة النفسية للبشر قد ترجع، في جزء منها، إلى تبادل الكائنات ​المجهرية الدقيقة.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)

بنك الجزيرة يطلق هويته الجديدة تحت شعار «هنا تنمو الثروات»

بنك الجزيرة يطلق هويته الجديدة تحت شعار «هنا تنمو الثروات»
TT

بنك الجزيرة يطلق هويته الجديدة تحت شعار «هنا تنمو الثروات»

بنك الجزيرة يطلق هويته الجديدة تحت شعار «هنا تنمو الثروات»

أعلن بنك الجزيرة عن إطلاق هويته الجديدة تحت شعار «هنا تنمو الثروات»، في خطوة تعبّر عن امتداد لمسيرة نمو استمرت على مدى خمسين عاماً، شكّلت خلالها محطات التحوّل المتتالية ملامح البنك كما هو اليوم. وتأتي هذه الهوية تتويجاً لمرحلة استراتيجية عزّزت دور البنك ومكانته في القطاع المصرفي السعودي.

وفي إطار هذه المرحلة الجديدة، شمل إطلاق الهوية الجديدة أيضاً هوية شركة «الجزيرة كابيتال»، الذراع الاستثمارية لبنك الجزيرة، بما يعكس وحدة الرؤية والتوجّه الاستراتيجي للمجموعة. وتجسّد الهوية الجديدة لـ«الجزيرة كابيتال» تطورها كشركة استثمارية متخصصة في إدارة الثروات والحلول الاستثمارية، تركّز على تقديم خدمات مصمّمة بعناية تلبي تطلعات المستثمرين، وتعزّز دورها كشريك موثوق في بناء وتنمية المحافظ الاستثمارية على المدى الطويل، انسجاماً مع التوجه العام للبنك.

كما شمل الإعلان إطلاق هوية جديدة لخدمة فوري، بما ينسجم مع هوية البنك المحدّثة ويعكس التزامه بتقديم خدمات تحويل مالية موثوقة وسلسة ضمن منظومة مالية متقدمة. وفي هذا السياق قال نايف العبدالكريم، الرئيس التنفيذي والعضو المنتدب لبنك الجزيرة: «الهوية الجديدة ليست مجرد تغيير بصري، بل هي انعكاس حقيقي لما أصبح عليه البنك اليوم. منذ تحديث استراتيجيتنا في 2023، عملنا على إعادة بناء طريقة عملنا، وتوحيد جهود قطاعات البنك حول هدف واحد، والنتائج التي نراها اليوم في جودة الخدمة وسرعة الإنجاز تؤكد أننا نسير في الاتجاه الصحيح».

وتعكس الهوية الجديدة ما أصبح عليه البنك اليوم بعد تحديث استراتيجيته في عام 2023، والتي شكّلت نقطة تحوّل محورية في مسيرته، حيث اشتملت على تطوير منظومة مصرفية متكاملة والتركيز على إدارة الثروات للأفراد، من خلال بناء نموذج مصرفي أكثر مرونة وكفاءة، يقود خدماته رقمياً، ويوازن بين النمو المستدام، وتعزيز محفظة الشركات، والاستثمار في البنية التحتية الرقمية ورأس المال البشري، ورفع كفاءة العمليات التشغيلية.

ومنذ تأسيسه، مرّ بنك الجزيرة بمراحل نمو وتحوّل متعاقبة، انتقل خلالها من بنك تقليدي إلى مؤسسة مالية أكثر ابتكاراً وتخصّصاً، وصولاً إلى موقعه الحالي كبنك يضع إدارة الثروات في صميم أعماله، ويقدّم تجربة مصرفية تقوم على علاقات طويلة الأمد وفهم عميق لتطلعات العملاء المالية.

وبالتوازي مع ذلك، يرسّخ البنك دوره كشريك موثوق لقطاع الأعمال بمختلف فئاته، من الشركات الكبرى إلى المنشآت الصغيرة والمتوسطة، عبر حلول مصرفية تدعم النمو والاستدامة، وتسهم في تمكين هذا القطاع الحيوي بما يواكب مستهدفات التنمية الاقتصادية في المملكة.

ويرتكز توجه بنك الجزيرة في مرحلته الحالية على فكرة جوهرية واضحة يجسّدها الشعار الجديد «هنا تنمو الثروات»، والذي يعبّر عن دور البنك كشريك رئيسي في بناء الثروات وتحقيق قيمة مستدامة لعملائه من الأفراد والشركات.


«روتانا ساينز» تعزز حضورها بسوق الإعلانات الخارجية في جدة

«روتانا ساينز» تعزز حضورها بسوق الإعلانات الخارجية في جدة
TT

«روتانا ساينز» تعزز حضورها بسوق الإعلانات الخارجية في جدة

«روتانا ساينز» تعزز حضورها بسوق الإعلانات الخارجية في جدة

تواصل شركة «روتانا ساينز» تعزيز حضورها في مدينة جدة عبر تنفيذ عقد «جسور جدة الرقمية»، بالتعاون مع أمانة جدة، في خطوة تهدف إلى إعادة صياغة تجربة الإعلانات الخارجية من خلال شبكة حديثة من الجسور الرقمية.

ودخل المشروع مرحلته الأولى من الإنشاءات، حيث تم تركيب 20 لوحة رقمية جديدة على الجسور تقع ضمن أهم المحاور الحيوية في المدينة، من بينها: طريق الملك فهد، شارع صاري، شارع التحلية، طريق الأندلس، وطريق الملك عبد الله، فيما تستمر الأعمال لتنفيذ مواقع إضافية في مناطق استراتيجية أخرى. وتتميز الشاشات الرقمية الجديدة بارتفاع يضمن خط رؤية مباشر وواضح، ومدى بصري طويل دون عوائق تُذكر، ما يمنح العلامات التجارية حضوراً قوياً على أكثر الطرق ازدحاماً في جدة.

ويُنفّذ المشروع على مرحلتين؛ حيث اكتملت المرحلة الأولى بالفعل، فيما ستدخل المرحلة الثانية حيّز التشغيل في بداية عام 2026، بما يعكس التوسع المتسارع لشبكة الإعلانات الرقمية في المدينة ويتيح وصولاً مضاعفاً إلى العلامات التجارية نحو جمهور واسع ومتنوّع.

وبالتوازي مع مشروع الجسور الرقمية، تعمل «روتانا ساينز» على توسيع انتشارها في جدة من خلال شبكة من الواجهات الإعلانية (اليونيبولات) ضمن عقد «يونيبول جدة» بالشراكة مع أمانة جدة، إذ أنجزت الشركة المرحلة الأولى التي تضمنت تركيب 30 يونيبول و60 واجهة إعلانية في وسط وجنوب وشمال المدينة، لا سيما ضمن المناطق العمرانية والأحياء الحديثة التي تشهد نمواً سكانياً متسارعاً وتحتاج إلى حلول إعلانية متطورة.

ومن المقرر أن تنطلق المرحلة الثانية من المشروع مطلع عام 2026، لتضيف مجموعة جديدة من الواجهات الضخمة المزوّدة بأحدث تقنيات العرض، ما يعزّز تكاملها مع شبكة الجسور الرقمية والمنشآت الإعلانية الحديثة، مما يدفع «روتانا ساينز» للاقتراب من تغطية أكثر من 50 في المائة من حجم الإعلانات الخارجية في جدة.

وقال حسن زيني، نائب الرئيس التنفيذي للمبيعات في «روتانا ساينز»: «يمثل مشروع جسور جدة الرقمية خطوة استراتيجية في توسيع شبكة الإعلانات الرقمية في المملكة، ويمنح العلامات التجارية ظهوراً مباشراً على مدار الساعة أمام جمهور واسع».

وأضاف: «نحن ملتزمون بتقديم حلول مبتكرة تواكب التحول الرقمي للمدن وتعزّز تجربة الإعلان الخارجي. كما تشكل شبكة شاشات اليونيبول عنصراً محورياً في هذا التوسع، إذ توفر حضوراً قوياً عبر واجهات تغطي محاور جديدة في جدة. وقد أصبحت (روتانا ساينز) أول جهة تتيح للعلامات التجارية الظهور في مواقع مميزة في شمال وشرق المدينة، بما يثري المنظومة الإعلانية ويوسّع خيارات العلامات التجارية ومساحات تأثيرها ضمن بيئة متنامية وحيوية».

ويجسّد هذا التوسع المتواصل التزام «روتانا ساينز» بتقديم صيغ إعلانية عالية التأثير في مواقع تصنع الفارق، حيث تلتقي العلامات التجارية بسكان جدة وزوارها وسياحها في لحظات أعلى انتباهاً، بما ينسجم مع رؤية الشركة لإعادة تعريف تجربة الإعلان الخارجي وتقديم حلول مبتكرة وفعّالة.


«غروب آي بي»: الدفاع التعاوني صمام الحماية للتحول الرقمي في السعودية

«غروب آي بي»: الدفاع التعاوني صمام الحماية للتحول الرقمي في السعودية
TT

«غروب آي بي»: الدفاع التعاوني صمام الحماية للتحول الرقمي في السعودية

«غروب آي بي»: الدفاع التعاوني صمام الحماية للتحول الرقمي في السعودية

أكّد ديمتري فولكوف، الرئيس التنفيذي لدى «غروب آي بي» أن مشهد الأمن السيبراني في السعودية يتسارع مع تسارع التحول الرقمي، مشيراً إلى أنه مع اتساع الاعتماد والتحول إلى الخدمات الرقمية يضع أهمية كبرى لحماية ذلك التحول.

وشدد فولكوف على أن المعادلة لم تعد تقتصر على امتلاك أدوات دفاعية تقليدية، بل باتت تتطلب «نهجاً استباقياً» يعتمد على فهم الخصوم وتتبّع سلوكهم، إلى جانب تعاون حقيقي بين أطراف المنظومة لتقليص أثر الاحتيال والهجمات قبل وقوعها.

وأوضح فولكوف، خلال مشاركة الشركة هذا العام في مؤتمر «بلاك هات»، أن التركيز كان على استعراض كيفية استفادة المؤسسات من أحدث حلول «استشعار التهديدات» عبر ما وصفه بـ«نهج يركّز على الخصوم». يتيح هذا النهج تتبع الجهات الفاعلة في التهديدات من زوايا متعددة، وتزويد العملاء بالأدوات التي تساعدهم على توقع المخاطر المستقبلية والاستعداد لها، بدل الاكتفاء بإدارة الأزمات بعد وقوعها.

وحسب فولكوف، كان إطلاق منصة «استشعار الاحتيال السيبراني» (CFIP)، التي تقوم على مبدأ الدفاع الجماعي داخل السوق المالية. ووفقاً لحديثه، تتيح المنصة تبادل المعلومات في الوقت الفعلي بين البنوك وتجار التجزئة والهيئات التنظيمية، بما يُعزز قدرة الجهات المختلفة على رصد الأنشطة الاحتيالية ومواجهتها بصورة أكثر تنسيقاً، ويقوّي في المحصلة «النظام المالي الأوسع».

ويرى فولكوف أن المنصات التقليدية لمكافحة الاحتيال -سواء تلك القائمة على تحليل السلوك أو على متابعة المعاملات- أصبحت أقل كفاءة بمفردها أمام تطور أساليب المحتالين، مشيراً إلى أن الحل يبدأ عندما تتحول مكافحة الاحتيال من جزر معزولة إلى منظومة تتشارك الإشارات والتحذيرات بسرعة.

وعن أبرز التهديدات التي تواجه المؤسسات السعودية حالياً، يضع فولكوف حماية البنية التحتية الحيوية والخدمات الأساسية في صدارة الأولويات، خصوصاً مع تنامي الاعتماد على الرقمنة في مختلف القطاعات.

كما لفت إلى استمرار خطورة «برامج الفدية» والجرائم السيبرانية ذات الدوافع المالية، نظراً لقدرتها على تعطيل العمليات والتأثير على استمرارية الأعمال.

وخصّ فولكوف قطاع الاتصالات باهتمام متزايد، واصفاً إياه بقطاع محوري لتمكين الاتصال الوطني والخدمات الرقمية، لكنه في الوقت ذاته يُدير بنى تحتية «ضخمة ومعقدة ومترابطة»، ما يجعله هدفاً مغرياً، ويجعل تعزيز أمنه السيبراني أولوية لا تقبل التأجيل.

وفي شرح لكيفية إحداث منصة «CFIP» نقلةً نوعية في كشف الاحتيال، أكد فولكوف أن جوهرها هو تمكين المؤسسات المالية من تبادل المعلومات لحظياً دون الكشف عن البيانات الحساسة، وهو ما يعالج معضلتين لطالما قيّدتا التعاون: السرية والتشارك.

وحسب رؤيته، تستطيع البنوك عبر المنصة تحديد البنى التحتية الاحتيالية وتعطيل حسابات المحتالين، وكذلك التنبؤ بكيفية استغلالهم للأدوات التي يعتمدون عليها، مع الحفاظ على خصوصية البيانات داخل كل مؤسسة.

ديمتري فولكوف الرئيس التنفيذي لدى «غروب آي بي».

وتحدّث فولكوف عن اتجاهات تتكرر مع توسع الرقمنة مثل تصاعد المخاطر المتطورة ضد المؤسسات الكبيرة والخدمات الأساسية، ما يرفع الحاجة إلى أمن متقدم ومراقبة مستمرة.

كما أشار إلى اتساع دائرة «الاحتيال السيبراني» التي تستهدف المستهلكين وعملاء البنوك، وأحياناً الشركات، إلى جانب استمرار تهديد الفدية بوصفه عاملاً قادراً على إحداث شلل فوري للعمليات.

وأخيراً، لفت إلى بروز نشاط سيبراني مدفوع بآيديولوجيات معينة عالمياً، يستخدم القنوات الرقمية للتضخيم أو محاولة إحداث اضطراب.

وفيما يتعلق بالتعاون مع الجهات الحكومية والتنظيمية السعودية، شدد فولكوف على التزام «غروب آي بي» بالعمل مع الحكومة والشركات والهيئات التنظيمية، مؤكداً أن الشركة تبنّت مسار «الاندماج في البيئة المحلية» عبر تشكيل فريق من الخبراء التقنيين داخل المملكة لتحليل التهديدات المحلية وتقديم رؤى عملية للمجتمع السيبراني، إلى جانب أولوية التثقيف وبناء القدرات.

وأضاف أن الشركة نشرت بنية تقنية تشغيلية داخل السعودية لضمان وجود قدرات محلية تستطيع التعامل مع التحديات الخاصة بالمملكة، وبما يدعم تعزيز التعاون واستمرار الاستثمار في تطوير منظومة الأمن السيبراني.

وقدّم فولكوف رسالة مباشرة للمسؤولين التنفيذيين السعوديين الحاضرين في «بلاك هات» أن الدفاع التعاوني والأمن الاستباقي لم يعودا خياراً ثانوياً، فالمشهد المتشابك للتهديدات -وفق قوله- يثبت أن المؤسسة لا تستطيع حماية نفسها بمعزل عن غيرها، وأن الانتقال من رد الفعل إلى التنبؤ هو ما يصنع الفارق.

كما لفت إلى أن الحدود بين «الهجمات السيبرانية» و«الاحتيال السيبراني» باتت أكثر تداخلاً، في حين تعمل القطاعات المعنية غالباً بشكل منفصل.

ويدعو فولكوف إلى دمج جهود الأمن السيبراني ومنع الاحتيال ضمن استراتيجية واحدة متماسكة، بوصفها الطريق الأسرع لبناء دفاع «أقوى وأكثر مرونة» يتناسب مع طموحات السعودية الرقمية.