«التحالف الدولي» يعيد تموضع قواته في سوريا لتقويض «داعش» والحفاظ على الامن الإقليمي

اتفاق بين الحكومة و«قسد» على إجلاء السوريين من مخيم الهول

مخيم الهول شمال شرقي سوريا حيث يعيش عشرات الآلاف من النساء والأطفال المرتبطين بتنظيم «داعش» منذ سنوات يناير 2025 (أ.ب)
مخيم الهول شمال شرقي سوريا حيث يعيش عشرات الآلاف من النساء والأطفال المرتبطين بتنظيم «داعش» منذ سنوات يناير 2025 (أ.ب)
TT

«التحالف الدولي» يعيد تموضع قواته في سوريا لتقويض «داعش» والحفاظ على الامن الإقليمي

مخيم الهول شمال شرقي سوريا حيث يعيش عشرات الآلاف من النساء والأطفال المرتبطين بتنظيم «داعش» منذ سنوات يناير 2025 (أ.ب)
مخيم الهول شمال شرقي سوريا حيث يعيش عشرات الآلاف من النساء والأطفال المرتبطين بتنظيم «داعش» منذ سنوات يناير 2025 (أ.ب)

قال التحالف الدولي ضد «داعش»، اليوم الثلاثاء، أن إعلان الولايات المتحدة الشهر الماضي عن تعزيز قواتها في سوريا في إطار مهمة التحالف العسكرية، أتى من أجل تقويض قدرات «داعش» وتعزيز الاستقرار الاقليمي.

وأوضح التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة في بيان نشر على حساباته في مواقع التواصل، أن إعادة تموضع قواته تهدف إلى تقويض قدرات تنظيم «داعش». وأوضح البيان، أنه يواصل الجهود من أجل تقليص أعداد المقيمين في المخيمات التي تضم عوائل تنظيم «داعش» ومراكز الاحتجاز المرتبطة بالتنظيم، بما يسهم في دعم الأمن في شمال شرقي سوريا.

أعلنت السلطات الكردية في شمال شرق سوريا، أنها توصلت إلى اتفاق مع الحكومة الانتقالية في دمشق لإجلاء المواطنين السوريين من مخيم الهول، ويضم عشرات الآلاف من الأشخاص الذين يُزعم أن لهم صلات بتنظيم «داعش» المتشدد.

فتاة عراقية استُعيدت من مخيم الهول مع عائلتها تطلّ من مسكن أُعدّ لهم في الموصل (أ.ف.ب)

وقال شيخموس أحمد، المسؤول في السلطة التي يقودها الأكراد والتي تسيطر على شمال شرقي البلاد، إنه تم التوصل إلى اتفاق بشأن «آلية مشتركة» لإعادة العائلات من مخيم الهول بعد اجتماع بين السلطات المحلية وممثلين عن الحكومة المركزية في دمشق ووفد من التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة لمحاربة «داعش».

ونفى أحمد التقارير التي تفيد بأن إدارة المخيم ستُسلَّم إلى دمشق في المستقبل القريب، قائلاً: «لم يكن هناك نقاش في هذا الصدد مع الوفد الزائر أو مع حكومة دمشق»، حسب وكالة «أسوشييتد برس».

وكانت جماعات حقوق الإنسان قد أشارت لسنوات، إلى سوء الظروف المعيشية والعنف المتفشي في المخيم الذي يضم نحو 37 ألف شخص، معظمهم بحسب «قسد» «زوجات وأطفال مقاتلي (داعش)»، بالإضافة إلى مؤيدي الجماعة المسلحة. وضم المخيم أيضاً عراقيين ومواطني دول غربية قدِموا للانضمام إلى «داعش».

الأمن الداخلي الكردي ينفّذ عملية أمنية في مخيم «روج» بسوريا أبريل الماضي (رويترز)

ويضغط الجيش الأميركي منذ سنوات على الدول التي لديها مواطنون في مخيم الهول ومخيم «روج» الأصغر منه والمنفصل؛ لإعادتهم. وقد استعاد العراق أعداداً متزايدة من مواطنيه في السنوات الأخيرة، لكن الكثير من الدول الأخرى ظلت مترددة. أما بالنسبة للسوريين المقيمين في المخيم، فقد وُضعت آلية منذ سنوات عدة لإعادة الراغبين في العودة إلى مجتمعاتهم في المناطق الخاضعة لسيطرة الأكراد، حيث فُتحت مراكز لإعادة دمجهم.

ولم يكن هناك اتفاق، قبل الآن، مع الحكومة في دمشق لإعادتهم إلى المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة المركزية. ويأتي الاتفاق الجديد وسط محاولات لزيادة التعاون بين السلطات الكردية والقادة الجدد في دمشق بعد الإطاحة بالرئيس السابق بشار الأسد في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

الشرع وعبدي أثناء توقيع اتفاق اندماج «قسد» في مؤسسات الدولة السورية مارس الماضي (أ.ب)

وبموجب اتفاق وُقّع في مارس (آذار) بين الرئيس السوري المؤقت أحمد الشرع وقائد «قوات سوريا الديمقراطية» مظلوم عبدي، سيتم دمج «قسد» في القوات المسلحة الحكومية الجديدة. وستخضع جميع المعابر الحدودية مع العراق وتركيا، بالإضافة إلى المطارات وحقول النفط في الشمال الشرقي، لسيطرة الحكومة المركزية.

صورة عامة لمخيم الهول للنازحين في محافظة الحسكة بسوريا 2 أبريل 2019 (رويترز)

ومن المتوقع أيضاً أن تخضع السجون التي يُحتجز فيها نحو تسعة آلاف شخص يُشتبه في انتمائهم إلى تنظيم «داعش»، لسيطرة الحكومة المركزية.

وشكّل الاتفاق خطوةً رئيسةً نحو توحيد الفصائل المتفرقة التي جزّأت سوريا إلى مناطق نفوذ بحكم الأمر الواقع خلال الأزمة السورية التي بدأت عام 2011، بعد حملة القمع الوحشية التي شنّتها حكومة الأسد على الاحتجاجات الحاشدة المناهضة للحكومة.

ومع ذلك، كان التنفيذ بين الطرفين بطيئاً، في حين تضغط واشنطن من أجل إقراره، وعلى وجه الخصوص، من أجل أن تتولى دمشق إدارة السجون في شمال شرقي سوريا.


مقالات ذات صلة

السلطات السورية تحارب «داعش» بقاعدة بيانات وخبرة استخباراتية سابقة

المشرق العربي من عملية ضد «داعش» في ريف إدلب (وزارة الداخلية السورية)

السلطات السورية تحارب «داعش» بقاعدة بيانات وخبرة استخباراتية سابقة

تواصل الحكومة في دمشق حملتها ضد تنظيم «داعش»، التي عملت عليها قبل عملية التحرير في شمال غربي سوريا، مدفوعة حالياً بالعزم على تحقيق الاستقرار طريقاً للتنمية.

سعاد جروس (دمشق)
المشرق العربي طائرة تتبع القيادة المركزية الأميركية تتزود بالوقود في الجو خلال التدريبات (القيادة المركزية الأميركية عبر منصة إكس)

الجيش الأميركي: نفذنا مع سوريا غارات جوية على مخازن أسلحة لـ«داعش»

قال الجيش الأميركي، الأحد، إنه دمر الأسبوع الماضي 15 موقعاً تضم مخازن أسلحة تابعة لتنظيم «داعش» في جنوب سوريا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
المشرق العربي لقطة من الفيديو المتداول للانفجار

مقتل 5 مدنيين في انفجار مستودع ذخيرة بريف إدلب (فيديو)

ذكرت وسائل إعلام سورية أن انفجاراً ضخماً وقع، اليوم الأربعاء، في بلدة كفر تخاريم في ريف إدلب بشمال غرب سوريا، وذلك نتيجة انفجار مستودع ذخيرة.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي حراس يؤمّنون سجن الصناعة في الحسكة... سوريا 18 يناير 2025 (رويترز)

سجون «داعش»... قنابل موقوتة في قلب الصحراء بشمال شرقي سوريا

تشكّل سجون تنظيم «داعش» في سوريا قنابل موقوتة في قلب صحراء الشمال الشرقي للبلاد.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
تحليل إخباري صورة أرشيفية لدورية روسية وعناصر من «اللواء الثامن» المدعوم من «حميميم» في جنوب سوريا

تحليل إخباري في عهد الحكومة الجديدة... العلاقة الروسية - السورية تحميها المصالح

شهدت العاصمتان موسكو ودمشق زيارات لوفود عسكرية رفيعة بين البلدين، وبالتزامن مع أنباء عن تعثر المفاوضات السورية - الإسرائيلية بشأن اتفاقية أمنية، قام وفد عسكري…

سعاد جرَوس (دمشق)

قاسم: مشاركة مدني في لجنة وقف النار تنازل مجاني لإسرائيل

أمين عام «حزب الله» نعيم قاسم متحدثاً في احتفال «تعظيماً للعلماء الشهداء على طريق القدس وأولي البأس» (الوكالة الوطنية للإعلام)
أمين عام «حزب الله» نعيم قاسم متحدثاً في احتفال «تعظيماً للعلماء الشهداء على طريق القدس وأولي البأس» (الوكالة الوطنية للإعلام)
TT

قاسم: مشاركة مدني في لجنة وقف النار تنازل مجاني لإسرائيل

أمين عام «حزب الله» نعيم قاسم متحدثاً في احتفال «تعظيماً للعلماء الشهداء على طريق القدس وأولي البأس» (الوكالة الوطنية للإعلام)
أمين عام «حزب الله» نعيم قاسم متحدثاً في احتفال «تعظيماً للعلماء الشهداء على طريق القدس وأولي البأس» (الوكالة الوطنية للإعلام)

رفع الأمين العام لـ«حزب الله»، نعيم قاسم، سقف خطابه السياسي، مؤكداً أنّ المشاركة برئيس مدني في لجنة وقف إطلاق النار تمثل «إجراءً مخالفاً للتصريحات والمواقف الرسمية السابقة»، التي كانت تشترط، حسب تعبيره، وقف الأعمال العدائية من قبل إسرائيل قبل إشراك أي مدني في آلية التنفيذ.

وفيما أعرب عن تأييده «خيار الدبلوماسية» الذي تتبعه السلطات اللبنانية، رأى أن تعيين السفير سيمون كرم على رأس الوفد اللبناني، هو «تنازل مجاني لن يغيّر من موقف إسرائيل ولا من عدوانها ولا من احتلالها»، مشيراً إلى أنّ «المندوب المدني ذهب واجتمع فازداد الضغط، وأن إسرائيل ومعها أميركا تريدان إبقاء لبنان تحت النار».

وتأتي مواقف قاسم في وقتٍ لم يعلن فيه رئيس البرلمان نبيه بري اعتراضاً على تعيين السفير سيمون كرم رئيساً للوفد اللبناني، إنما أكد على ضرورة حصر دوره بالإطار التقني وعدم توسيعه إلى مستويات تفاوضية أو سياسية، وهو ما يعكس تمايزاً واضحاً حول هذا القرار بين الحليفين.

تقديم تنازلات في لحظة حساسة

ووصف قاسم في كلمة له خطوة تعيين مدني بـ«سقطة إضافية تُضاف إلى خطيئة 5 أغسطس (قرار الحكومة لحصرية السلاح)» معتبراً أنّه «بدلاً من اتخاذ خطوات إلى الأمام تُقدَّم تنازلات لن تنفع مع إسرائيل»، داعياً الحكومة للتراجع عن القرار، وأن «يجري تفاهم داخلي على قاعدة عدم السماح بأي تنازل حتى تطبق إسرائيل ما عليها».

مناصرون يحملون أعلام «حزب الله» اللبناني في بيروت (أرشيفية - رويترز)

«السفينة الغارقة»

واعتبر قاسم أنّ الحزب «قام بما عليه ومكّن الدولة من فرض سيادتها في إطار الاتفاق»، قبل أن ينتقل إلى تشبيه لبنان بـ«السفينة»، معتبراً أنّ «التماهي مع إسرائيل يعني ثقب السفينة، وعندها يغرق الجميع».

وقال إنه يجب مواجهة العدوان الإسرائيلي التوسعي بكل الوسائل والسبل، مضيفاً: «هناك اتفاق لم يتم الالتزام به رغم التزام لبنان، الاعتداءات ليست من أجل السلاح، بل من أجل التأسيس لاحتلال لبنان ورسم إسرائيل الكبرى من بوابة لبنان».

وفي المقابل، أكد قاسم أنّ «الدولة اختارت طريق الدبلوماسية لإنهاء العدوان، ونحن معها أن تستمر في هذا الاتجاه». لكنه شدد على أنّه «لا علاقة لأميركا وإسرائيل بكيفية تنظيم شؤوننا الداخلية، ولا علاقة لهما بما نختلف عليه أو نقرره في لبنان».

وشدّد على أنّ «الحدّ الذي يجب الوقوف عنده هو حدود الاتفاق الذي يتحدث حصراً عن جنوب نهر الليطاني، ولا وجود لما يسمى ما بعد جنوب نهر الليطاني».

وتابع قاسم: «هم يريدون إلغاء وجودنا»، لكن «سندافع عن أنفسنا وأهلنا وبلدنا، ونحن مستعدون للتضحية إلى الأقصى، ولن نستسلم».


الشيباني: نشكر كندا على رفع اسم سوريا من قوائم الدول الراعية للإرهاب

وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني (أ.ف.ب)
وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني (أ.ف.ب)
TT

الشيباني: نشكر كندا على رفع اسم سوريا من قوائم الدول الراعية للإرهاب

وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني (أ.ف.ب)
وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني (أ.ف.ب)

شكر وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني «كندا على قرارها رفع اسم سوريا من قوائم الدول الراعية للإرهاب». وأضاف، في بيان، اليوم (الثلاثاء): «نثمن دعم كندا لسوريا في مسيرتها الحالية نحو الاستقرار وإعادة الإعمار».

وتابع البيان: «إن هذا القرار يشكل لحظة مهمة لتعزيز العلاقات السورية – الكندية، ويمهِّد لمرحلة جديدة من الشراكات المتعددة... إن سوريا تشدد على استعدادها للعمل مع الشركاء الدوليين كافة والتواصل الإيجابي بما يسهم في دعم جهود التعافي الاقتصادي وإعادة الإعمار، ويصبّ في مصلحة الأمن والاستقرار الإقليميين والدوليين».


توافق رئاسي ثلاثي لبناني على الجانب «التقني - الأمني» للمفاوضات

رئيس البرلمان نبيه بري مجتمعاً مع وفد مجلس الأمن في بيروت الجمعة (رئاسة البرلمان)
رئيس البرلمان نبيه بري مجتمعاً مع وفد مجلس الأمن في بيروت الجمعة (رئاسة البرلمان)
TT

توافق رئاسي ثلاثي لبناني على الجانب «التقني - الأمني» للمفاوضات

رئيس البرلمان نبيه بري مجتمعاً مع وفد مجلس الأمن في بيروت الجمعة (رئاسة البرلمان)
رئيس البرلمان نبيه بري مجتمعاً مع وفد مجلس الأمن في بيروت الجمعة (رئاسة البرلمان)

أكّدت مصادر وزارية أنه لا خلاف بين الرؤساء الثلاثة، مع دخول المفاوضات اللبنانية - الإسرائيلية مرحلةً جديدةً بإدخال مدني إليها، هو سفير لبنان السابق لدى واشنطن، المحامي سيمون كرم، لترؤس الوفد اللبناني للجنة الـ«ميكانيزم»، بغية تفعيل اجتماعاتها للتوصل إلى اتفاق أمني، قاعدته الأساسية تطبيق وقف الأعمال العدائية، بخلاف اجتماعاتها السابقة التي غلبت عليها المراوحة، وتشاركت وقيادة القوات الدولية «اليونيفيل» في تعداد الخروق والغارات الإسرائيلية.

ولفتت إلى أن توافق الرؤساء على إخراج الـ«ميكانيزم» من الدوران في حلقة مفرغة، تلازم مع رسم حدود سياسية للتفاوض، محصورة بوقف الخروق والاعتداءات الإسرائيلية، والانسحاب من الجنوب، وإطلاق الأسرى اللبنانيين، وإعادة ترسيم الحدود وتصحيحها، انطلاقاً من التجاوب مع تحفّظ لبنان على النقاط المتداخلة الواقعة على الخط الأزرق والعائدة لسيادته.

رئيس الحكومة نواف سلام مجتمعاً مع السفير سيمون كرم (رئاسة الحكومة)

وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط» إن لبنان يصر على حصر جدول أعمال المفاوضات ببنود أمنية لا يمكن تجاوزها للبحث في تطبيع العلاقات اللبنانية - الإسرائيلية، والتوصل إلى اتفاقية سلام بين البلدين، وهذا ما أجمع عليه رؤساء «الجمهورية»، العماد جوزيف عون، و«الحكومة»، نواف سلام، و«المجلس النيابي»، نبيه بري، الذي كان أول من اقترح إدخال مدنيين للـ«ميكانيزم»، ومن ثم أصروا على تكرار موقفهم في هذا الخصوص استباقاً لانعقاد الجولة الأولى من المفاوضات، بحضور الموفدة الأميركية مورغان أورتاغوس ومشاركة كرم فيها، بما يتعارض مع جدول أعمالها الذي حدده رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو.

وقالت إن نتنياهو يريد تكبير الحجر لتحريض «حزب الله» على الدولة وإرباكها، فيما يواصل جيشه خروقه واعتداءاته لتأليب بيئته عليه، وهذا ما تبين باستهدافه عدداً من المنازل الواقعة بين جنوب نهر الليطاني وشماله، رغم خلوها من مخازن لسلاح الحزب. ورأت بأنه يواصل ضغطه بالنار لإلزام لبنان بالتسليم لشروطه، وإن كان يدرك سلفاً أنه لا مجال أمام المفاوضات لخروجها عن جدول أعمالها التقني - الأمني، بالتلازم مع إصرار الحكومة اللبنانية على تطبيق حصرية السلاح بيد الدولة، ولا عودة عنه.

وتوقفت المصادر أمام تأكيد بري أنه كان أول مَن اقترح إدخال مدنيين للـ«ميكانيزم»، وسألت، أين يقف الأمين العام لـ«حزب الله» الشيخ نعيم قاسم من اقتراحه؟ وهل سبق أن اعترض على اقتراح «أخيه الأكبر» في هذا الخصوص؟ رغم أنه في كتابه المفتوح إلى الرؤساء الثلاثة أكّد رفضه للمفاوضات مع إسرائيل، ليعود لاحقاً إلى تصويب ما حمله كتابه هذا، بتكليفه قيادياً في الحزب بأن ينقل رسالة إليه مفادها أنه لم يكن هو المقصود به، لقطع الطريق على افتعال مشكلة داخل البيت الشيعي.

كما سألت قاسم، ألم يوافق الحزب على اجتماعات الـ«ميكانيزم»، ما دام «أخوه الأكبر» هو مَن يفاوض باسمه وكان وراء التوصل لاتفاق وقف النار مع الوسيط الأميركي آنذاك أموس هوكستين؟ وقالت إنه ليس لدى الحزب من أوراق سوى رفع سقف اعتراضه على المفاوضات، ولم يعد يملك ما يسمح له بأن يعيد خلطها في ضوء اختلال ميزان القوى لمصلحة إسرائيل، بعد أن أفقده إسناده غزة منفرداً توازن الردع وقواعد الاشتباك.

الدخان يتصاعد في بلدة المجادل في جنوب لبنان إثر استهدافها بقصف إسرائيلي يوم الخميس (أ.ف.ب)

ولفتت المصادر إلى أن الحزب يفتقد إلى أي بدائل لقلب موازين القوى، ويكتفي بتسجيل اعتراض من العيار الثقيل على المفاوضات، من دون أن يكون في وسعه ترجمته عسكرياً، رغم إصراره على تمسكه بسلاحه واتهامه حكومة سلّام بارتكاب خطيئة بموافقتها على حصرية السلاح التي يُفترض أن تتقدم بدءاً من شمال الليطاني حتى حدود لبنان الدولية مع سوريا، بالتلازم مع تسجيل تقدم في المفاوضات.

ورأت أن الحزب مضطر لوزن موقفه، لأنه ليس وارداً كسر علاقته بعون وتهديد تحالفه ببري، ما يُسبّب انكشافه فيما هو بأمس الحاجة لحماية الداخل، إضافة لما يترتب على «خدش» علاقته بهما من تداعيات سلبية على الطائفة الشيعية، لا يريدها ويتفداها، وما هو المانع من أن يضع ما لديه من أوراق بعهدة بري، كونه الأقدر منه على مراعاته للمزاج الشيعي الذي ينشد تحرير الجنوب، وإفساحاً في المجال أمام عودة أهله إلى قراهم، ولا يرى من منقذ غيره، ويتطلع إليه خصومه على أنه الممر الإلزامي للتوصل إلى تسوية تُعيد إدراج لبنان على لائحة الاهتمام الدولي، وتفتح كوّة لإعادة إعمار البلدات المدمرة، خصوصاً أنه يحظى بعلاقات دولية وعربية، بخلاف الحزب الذي لم يعد له سوى إيران.

وأكدت المصادر أن دخول المفاوضات في مرحلة جديدة كان وراء الضغط الأميركي على إسرائيل لمنعها من توسعتها للحرب، بعد أن استجاب لبنان لطلبها بتطعيم الـ«ميكانيزم» بمدني كُلّف برئاسة وفده، وتمنت على «حزب الله» الوقوف خلف الدولة في خيارها الدبلوماسي، وأن مخاوفه من أن تؤدي إلى ما يخشاه بالتوصل مع إسرائيل إلى اتفاقية سلام ليست في محلها، ما دام أن حليفه بري هو أول من أيد تطعيمها بمدنيين، وبالتالي ما المانع لديه من أن يعطيها فرصة ليكون في وسعه بأن يبني على الشيء مقتضاه لاحقاً، بدلاً من أن يُبادر من حين لآخر إلى «فش خلقه» بسلام، رغم أنه ليس فاتحاً على حسابه، وينسق باستمرار مع عون، ويتعاونان لتطبيق حصرية السلاح التي نص عليها البيان الوزاري للحكومة.

وكشفت أن التواصل بين عون وبري لم ينقطع، وهما قوّما قبل انعقاد الجلسة الأخيرة لمجلس الوزراء الأجواء التي سادت اجتماع الـ«ميكانيزم» في الناقورة، وقالت إن بري كان أوصى النواب المنتمين لكتلته النيابية، والمسؤولين في حركة «أمل»، بعدم التعليق لا سلباً ولا إيجاباً على كل ما يختص بالمفاوضات، وأن توصيته جاءت بناءً على رغبته في حصر الموقف به شخصياً لتفادي إقحام محازبي الطرفين في سجال، سرعان ما يتحول إلى مناوشات في الشارع، فيما الحزب يحرص، كما تقول قيادته، على تحصين علاقته بحليفه الأوحد في الساحة اللبنانية، بعد أن تفرّق عنه شركاؤه السابقون في محور الممانعة بتأييدهم حصرية السلاح.

وقالت المصادر إن الحزب يدرك جيداً أن الأبواب ما زالت مقفلة أمام تصويب علاقاته العربية والدولية، بخلاف بري. وسألت على ماذا يراهن، بعد أن رفضت قيادته المبادرة المصرية إصراراً منها، حسب مصادر دبلوماسية غربية لـ«الشرق الأوسط»، بأن ترهن موقفها بالمفاوضات الأميركية - الإيرانية، ليكون بمقدورها أن تضعه في سلة إيران، لعلها تتمكن من الحفاظ على نفوذها في لبنان بعد تراجع محور الممانعة في الإقليم؟

لذلك، سيأخذ الحكم والحكومة علماً باعتراض «حزب الله»، من دون أن يكون له مفاعيل تصعيدية بتحريك الشارع لتفادي الاحتكاك مع محازبي «أمل»، ما دام أن انطلاقة المفاوضات لا تلقى اعتراضاً من بري، وتبقى تحت سقف تحرير الجنوب تطبيقاً للـ«1701»، إلا إذا ارتأى الدخول في مزايدة شعبوية مع حليفه لا طائل منها، وستؤثر سلباً على حمايته، على الأقل داخل طائفته.