وزير الإعلام السعودي لـ«الشرق الأوسط»: لن نسمح بأي مخالفات تؤثر في الحج

المملكة أكدت استعدادها للموسم... وثمّنت تعاون الدول ضد «الحملات الوهمية»

TT

وزير الإعلام السعودي لـ«الشرق الأوسط»: لن نسمح بأي مخالفات تؤثر في الحج

سلمان الدوسري وزير الإعلام السعودي يتحدث خلال المؤتمر الصحافي في الرياض الاثنين (الشرق الأوسط)
سلمان الدوسري وزير الإعلام السعودي يتحدث خلال المؤتمر الصحافي في الرياض الاثنين (الشرق الأوسط)

أكد سلمان الدوسري، وزير الإعلام السعودي، أن بلاده لن تسمح بأي مخالفات تؤثر في الحج، و«لن تقبل بقيام أي حاج غير مصرح له بالتأثير على راحة الحجاج»، وذلك رداً على سؤال لـ«الشرق الأوسط» خلال مؤتمر صحافي لـ4 وزراء سعوديين بشأن آخر استعدادات موسم هذا العام، في الرياض، الاثنين.

وقال الدكتور توفيق الربيعة، وزير الحج والعمرة السعودي، إن المملكة بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، وولي العهد الأمير محمد بن سلمان، تتشرف بخدمة ضيوف الرحمن، مبيناً أن لقب خادم الحرمين الشريفين يجسد الروح التي تنعكس على كل المنظومات العاملة لخدمة الحجيج.

وأوضح الربيعة أن الإعداد لموسم حج هذا العام، بدأ بعد نهاية الموسم الماضي، موضحاً أن الاستعدادات المبكرة جرت بمتابعة من «مكتب مشاريع الحج»، الذي أسسه ويدير أعماله برنامج «خدمة ضيوف الرحمن»، أحد برامج تحقيق «رؤية السعودية 2030» التنفيذية، ويحظى بإشراف لجنة الحج العليا، لافتاً إلى أنه أنجز إدارة وتنسيق أكثر من 609 خطط، تتضمّن 5208 مهمّات، إلى جانب الاجتماعات الدورية لممثلي الجهات كافة.

ونوّه بأن الحجاج يصلون إلى السعودية وسط ظل منظومة متكاملة من الخدمات، موضحاً أنها استقبلت مليوناً و70 ألف حاج حتى عصر الاثنين، منهم 53 في المائة من الذكور و47 من الإناث، وبلغت نسبة الذين وصلوا جوّاً 94 في المائة، والذين قدموا عبر المنافذ البرية 4.83 في المائة، وعبر المنافذ البحرية قرابة النصف في المائة، لافتاً إلى أن أكثر من 249 ألف حاج قدموا عبر مبادرة «طريق مكة».

وشكر وزير الحج السعودي، وزارة الداخلية السعودية على قيادة حملة «لا حج بلا تصريح»، مثمّناً جهود عدة دول لمحاربة عروض الحج الوهمية، وأشار إلى أنه جرى العمل مع مكاتب الحج بمختلف الدول لتدريب الحجاج قبل قدومهم، مع تخصيص نحو 120 موقعاً لإرشاد التائهين في المشاعر المقدّسة.

وعن التحول الرقمي في خدمات الحج، كشف الربيعة أنه أسهم في إحداث نقلة نوعية بسّطت كثيراً من الخدمات عبر منتجات متنوعة أبرزها «بطاقة نسك»، التي استعرض نسخة منها أمام الحضور، وقال إنها تتمتع بخصائص أمنية وصحية متقدمة تعد من أبرز أدوات التنظيم وضمان السلامة، وتحتوي على بيانات الحجاج، وجرى إصدار مليون و400 ألف بطاقة للحجاج والعاملين في الموسم حتى الآن، مضيفاً أن «تطبيق نسك» أصبح يرافق 20 مليون مسلم حول العالم، ويضم أكثر من 30 خدمة.

الدكتور توفيق الربيعة وزير الحج السعودي أعلن جاهزية جميع المنظومات العاملة لخدمة الحجيج (الشرق الأوسط)

وأشار إلى مواصلة الاستعدادات لاستقبال الحجاج في المشاعر المقدسة، حيث تنفّذ الوزارة زيارات ميدانية لضمان أداء المناسك بكل يسر وسهولة، كاشفاً عن تنفيذ أكثر من 37 ألف جولة تفتيشية على مقدمي الخدمات خلال شهر ذي القعدة؛ لضمان تطبيق أعلى معايير الجودة، وأضاف: «رصدنا 3400 ملاحظة في تقديم الخدمة وجرى معالجتها»، مشدّداً على عدم السماح بأي قصور أو تهاون، ونوّه إلى مواصلة تكريم الشركات المميزة والمبتكرة في خدمة ضيوف الرحمن.

وأكد الربيعة العمل على رفع الجاهزية الموسمية للحج هذا العام، ورفع الطاقة الاستيعابية لأقصى درجاتها، كاشفاً عن ارتفاع عدد زوار الروضة الشريفة في الحرم النبوي بشكل غير مسبوق هذا العام، بفضل خدمة التصريح من خلال «تطبيق نسك»، إذ تجاوز إجماليهم 13 مليون زائر خلال العام الماضي، مقارنة بـ5 ملايين زائر في عام 2022، مع ارتفاع نسبة الرضا إلى 81 في المائة عام 2024.

وتحدث وزير الحج عن مراعاة آلية التفويج وتخصيص المخيمات بما يحقق انسيابية الحركة، بالإضافة إلى دراسة تطوير الطرق ومسارات المشاة في المشاعر المقدسة، منوهاً بأن حملات الحج تخضع للتنافسية في تقديم الخدمات، مع الحرص على أن تكون «عادلة».

من جانبه، أكد فهد الجلاجل، وزير الصحة السعودي، أن الحالة الصحية للحجاج «مطمئنة»، ولم يتم رصد أي حالات تؤثّر على الصحة العامة حتى الآن، مشيراً إلى بدء العمل مبكراً استعداداً للموسم، وقبل أن يتحرك أول حاج من بلاده، من خلال تحليل المخاطر الصحية الدولية المنتشرة؛ مثل الحمّى الصفراء والشوكية، وشلل الأطفال، ووضع الاشتراطات اللازمة، مثمّناً للدول تعاونها والتزامها في تطبيق الالتزامات ذات الصلة.

وكشف الجلاجل عن تقديم الخدمات الصحية على الفور في 14 منفذاً، حيث قدّمت المنظومة أكثر من 50 ألف خدمة صحية حتى الآن، من بينها 140 عملية جراحية، و65 عملية قسطرة قلبية، و6 عمليات قلب مفتوح، علاوة على زيادة الطاقة السريرية بنسبة 60 في المائة عن موسم حج العام الماضي، لافتاً إلى أعلى مشاركة للقطاع الصحي الخاص هذا العام بتشغيل 3 مستشفيات كبرى.

ولسرعة الاستجابة للحالات الطارئة، قال وزير الصحة: «وفّرنا 11 طائرة إخلاء جوي، و900 سيارة إسعاف واستحداث 71 نقطة إسعافية، وأكثر من 7500 مسعف»، معلناً عن تزويد الحجاج من ذوي الحالات الحرجة بأجهزة استشعار ذكية مرتبطة بمستشفى «صحة» الافتراضي، ومشدّداً على أن التزام الحاج بالخطط الوقائية التي وضعتها الوزارة هي أول خطوة لحج آمن وصحي.

وتابع الوزير أن جميع المستشفيات في المشاعر المقدسة مجهزة بتقنيات متطورة في جميع الخدمات الصحية، مضيفاً أن هناك تقنيات متقدمة للإشراف على حرارة الحجاج والازدحام، وتطبيق «صحة» يقدم الخدمة لضيوف الرحمن من مقار سكنهم.

من جهته، أوضح سلمان الدوسري وزير الإعلام السعودي، خلال إجابة على سؤال لـ«الشرق الأوسط» أن هناك حملات إعلامية كبيرة على نطاق واسع بأكثر من 50 لغة، معتبراً أن التصرفات السلبية من بعض الحجاج «فردية»، والجهات المعنية حريصة على معالجتها عبر التوعية الوقائية، مع مراعاة حرمة الزمان والمكان، ومؤكداً على عدم السماح بأي مخالفات تؤثر على ضيوف الرحمن وأداء شعيرتهم.

سلمان الدوسري وزير الإعلام السعودي يتحدث خلال المؤتمر الصحافي في الرياض الاثنين (الشرق الأوسط)

وأشار الدوسري إلى أن السعودية تؤكد للعالم من خلال الحج أنها تصنع تجربة عالمية سنوية في تنظيم الحشود، وتستهدف الوصول إلى 25 ألف متطوع ومتطوعة خلال الموسم، مشيداً بما تمثّله حملة «لا حج بلا تصريح» في «حفظ حرمة المكان وصون سلامة الإنسان».

وأكد الدوسري أن «لجنة الحج العليا» بقيادة وزير الداخلية تعمل بدقة لضمان أعلى جودة في الخدمات المقدمة للحجاج، كاشفاً عن نقل أكثر من 1.2 مليون متر مكعب من المياه يومياً لأكثر من 1300 كيلومتر لخدمة الحجاج، مضيفاً أن وزارة التجارة تكثف رقابتها على الأسواق بمدينتي مكة المكرمة والمدينة المنورة بأكثر من 11 ألف جولة، بينما جهَّزت وزارة «البلديات» أكثر من 22 ألف كادر بشري استعداداً للموسم، وهناك أكثر من 10 آلاف نقطة «واي فاي» مجانية.

وأعلن الوزير عن انطلاق أعمال «مركز العمليات الإعلامي الموحد لموسم الحج» لتنسيق الجهود، والنسخة الثانية المطورة من «ملتقى إعلام الحج» بالشراكة مع برنامج «خدمة ضيوف الرحمن» على مساحة تتجاوز 6 آلاف متر مربع، مُرحِّباً بأكثر من 5 آلاف زائر مستهدف من الإعلاميين، ولافتاً إلى أن الوزارة تستضيف محطات إعلامية من أكثر من 25 دولة، مع وجود أكثر من 10 مناطق داعمة.

من جهة أخرى، قال صالح الجاسر وزير النقل والخدمات اللوجيستية السعودية، إن عملية وصول الحجاج «تسير بسلاسة وانتظام، ونسبة انضباط عالية في وصول الرحلات بمواعيدها»، مشيراً إلى أن المنافذ البرية جُهِّزت بوسائل سلامة وأعمال مسح وصيانة تضمن سلامة حركة ضيوف الرحمن.

ووصف الجاسر «قطار المشاعر المقدسة» بـ«الفريد من نوعه»، حيث يعمل 5 أيام فقط في السنة، موفّراً أكثر من 2.5 مليون مقعد خلال فترة الموسم، ومجهّزاً لنقل 360 ألف من الحجاج، حيث يحمل القطار الواحد 3 آلاف حاج بطاقة استيعابية 72 ألف راكب في الساعة.

وأكد الجاسر أن أكثر من 45 ألفاً من كوادر منظومة النقل والخدمات اللوجيستية، وعشرات الآلاف من العاملين في الشركات ومزوّدي خدماتها جرت تهيئتهم لخدمة ضيوف الرحمن، كاشفاً عن تدشين «المركز العام للنقل» هذا العام؛ للتأكد من عملية التكامل بين خطط النقل كافة، علاوة على توسيع خدمة الطرق المطاطية المرنة بنسبة 30 في المائة، وتقنية «الطرق المبردة» التي تخفض الحرارة بنحو 12 درجة مئوية، مع استخدام تقنية «الدرون» لفحص الطرق ومتابعة الحركة.


مقالات ذات صلة

«المدّ البشري»... فيلم يُوثّق رحلة الحج عبر حكايات 6 عائلات من العالم

يوميات الشرق 6 حكايات متنوّعة من قلب المشاعر المقدَّسة (لقطة من الفيلم)

«المدّ البشري»... فيلم يُوثّق رحلة الحج عبر حكايات 6 عائلات من العالم

تتكشَّف قصص ممزوجة بالخوف، والشوق، والأمل، والفقد، ليظهر مفهوم الحج بأبعاد جديدة، في رحلة تتحرّك بالروح قبل القدم...

سعيد الأبيض (جدة)
يوميات الشرق هيثم مساوا يُقدّم ورشة عمل بعنوان «التحدّيات الصحية في المنافذ الجوّية» (الشرق الأوسط)

جدة تحتضن «هاكاثون الابتكار الصحي» للارتقاء بخدمات ضيوف الرحمن

يستعرض الهاكاثون 4 مسارات رئيسية. تشمل المنتجات الصحية، والخدمات الصحية، وتجربة المريض، والإعلام الصحي...

أسماء الغابري (جدة)
الخليج ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان (واس)

ولي العهد السعودي يتلقى رسالة من الرئيس الإيراني

تلقى الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز ولي العهد رئيس مجلس الوزراء السعودي، رسالة خطية، من الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
يوميات الشرق 
قبو زمزم يظهر في صحن المطاف عام 1970 (دارة الملك عبد العزيز)

تطوّر الحج في معرض بـ«دارة الملك عبد العزيز»

يروي معرض «100 عام من العناية بالحرمين»، في دارة الملك عبد العزيز، تطور رحلة الحج منذ عام 1925 حتى اليوم، مِن وقت المشقة إلى تجربة آمنة وروحانية، عبر سرد بصري.

أسماء الغابري (جدة)
الخليج عرضت جهات حكومية أحدث مشروعاتها وبرامجها التطويرية لخدمة ضيوف الرحمن (الشرق الأوسط)

وزير الحج السعودي: إجراءات مبكرة لضمان تجربة استثنائية للحجاج

أعلن وزير الحج الدكتور توفيق الربيعة إتمام التعاقد لأكثر من مليون حاج في المشاعر المقدسة حتى الآن، في «إنجاز غير مسبوق يتحقق قبل الموسم بـ6 أشهر».

أسماء الغابري (جدة)

«الانتقالي» يواجه اختبار الخروج من حضرموت والمهرة

قوات في عدن خلال مسيرة مؤيدة للمجلس الانتقالي الجنوبي المطالب بالانفصال عن شمال اليمن (إ.ب.أ)
قوات في عدن خلال مسيرة مؤيدة للمجلس الانتقالي الجنوبي المطالب بالانفصال عن شمال اليمن (إ.ب.أ)
TT

«الانتقالي» يواجه اختبار الخروج من حضرموت والمهرة

قوات في عدن خلال مسيرة مؤيدة للمجلس الانتقالي الجنوبي المطالب بالانفصال عن شمال اليمن (إ.ب.أ)
قوات في عدن خلال مسيرة مؤيدة للمجلس الانتقالي الجنوبي المطالب بالانفصال عن شمال اليمن (إ.ب.أ)

بينما يواجه المجلس الانتقالي الجنوبي اختبار الاستجابة لوقف التصعيد الأحادي والانسحاب بقواته من حضرموت والمهرة، اتهمته تقارير حقوقية بارتكاب انتهاكات جسيمة بحق المدنيين في محافظة حضرموت، شملت مداهمة منازل، واعتقالات تعسفية، وإخفاءً قسرياً، وفرض حصار عسكري على مناطق مأهولة بالسكان.

وتأتي هذه الاتهامات بالتوازي مع رسائل سعودية وإقليمية ودولية حازمة ترفض فرض أي واقع جديد بالقوة في شرق اليمن، وتؤكد أن حضرموت والمهرة خارج حسابات المغامرات العسكرية والصراعات الداخلية.

ويرى مراقبون أن التحركات الأحادية وضعت «الانتقالي» أمام اختبار سياسي وأمني حاسم، تتقاطع فيه حسابات الداخل الجنوبي مع مسار الحرب ضد الحوثيين وخيارات السلام الإقليمي.

وبحسب تقديرات متطابقة، فإن استمرار التصعيد يحمل تكلفة مرتفعة، سياسياً وقانونياً وميدانياً، وقد يحول المجلس من شريك داخل معسكر الشرعية إلى عنصر مُعقِّد للاستقرار.

ويرى المراقبون للشأن اليمني أن خيار الخروج المنظم من حضرموت، تحت مسميات فنية وأمنية، يبقى هو المسار الأقل خسارة، إذا ما أراد «الانتقالي» الحفاظ على ما تبقى من مكاسبه وتفادي مواجهة لا تحمد عقباها.


الطائرة الإغاثية السعودية الـ77 تصل إلى العريش محمَّلة بالمساعدات لغزة

جانب من عملية تفريغ حمولة الطائرة السعودية الإغاثية في مطار العريش بمصر (واس)
جانب من عملية تفريغ حمولة الطائرة السعودية الإغاثية في مطار العريش بمصر (واس)
TT

الطائرة الإغاثية السعودية الـ77 تصل إلى العريش محمَّلة بالمساعدات لغزة

جانب من عملية تفريغ حمولة الطائرة السعودية الإغاثية في مطار العريش بمصر (واس)
جانب من عملية تفريغ حمولة الطائرة السعودية الإغاثية في مطار العريش بمصر (واس)

وصلت إلى مطار العريش الدولي بمصر، الأحد، الطائرة الإغاثية السعودية الـ77 التي يسيِّرها «مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية»، بالتنسيق مع وزارة الدفاع وسفارة الرياض في القاهرة.

وحملت الطائرة على متنها سلالاً غذائية وحقائب إيوائية، تمهيداً لنقلها إلى المتضررين من الشعب الفلسطيني داخل قطاع غزة.

حملت الطائرة على متنها سلالاً غذائية وحقائب إيوائية تمهيداً لنقلها إلى داخل قطاع غزة (واس)

وتأتي هذه المساعدات في إطار الدعم السعودي المقدَّم عبر «مركز الملك سلمان للإغاثة» للشعب الفلسطيني الشقيق في قطاع غزة؛ للتخفيف من الظروف المعيشية الصعبة التي يعاني منها القطاع.


إجماع سياسي وحزبي واسع يرحب برسالة خالد بن سلمان إلى اليمنيين

وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان (الشرق الأوسط)
وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان (الشرق الأوسط)
TT

إجماع سياسي وحزبي واسع يرحب برسالة خالد بن سلمان إلى اليمنيين

وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان (الشرق الأوسط)
وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان (الشرق الأوسط)

حظيت الرسالة التي وجهها وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان بن عبد العزيز إلى الشعب اليمني بترحيب سياسي واسع، عكس إجماع الأحزاب والقوى السياسية على ثوابت دعم مسار استعادة الدولة، ورفض جرّ المحافظات الآمنة إلى صراعات داخلية أو فرض الواقع بالقوة.

وتزامن هذا الموقف مع تأييد حضرمي جامع لمخرجات الاجتماع الطارئ لمجلس الدفاع الوطني برئاسة رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي، واصطفاف واضح خلف السلطة المحلية في حضرموت، في رسالة تؤكد أولوية حماية المدنيين، وصون السلم المجتمعي، والحفاظ على وحدة الجبهة الوطنية في مواجهة التحديات.

وفي هذا السياق، رحبت الأحزاب والمكونات السياسية الموقّعة على بيان مشترك، برسالة الأمير خالد بن سلمان، ووصفتها بـ«الواضحة والمسؤولة»، مثمنة ما تضمنته من تأكيد صريح على ثوابت دعم تحالف دعم الشرعية لمسار استعادة الدولة اليمنية، ورفض أي محاولات لفرض واقع سياسي أو أمني بالقوة، أو زجّ المحافظات الآمنة في صراعات داخلية تهدد السلم الأهلي.

دورية عسكرية في نقطة تفتيش تابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي (إ.ب.أ)

وأشاد البيان، الصادر عن 18 حزباً ومكوناً سياسياً، باستجابة السعودية لطلب القيادة اليمنية، وتولي قيادة التحالف مسؤولية احتواء التصعيد، بما يعكس - وفق البيان - حرصاً صادقاً على حماية السلم المجتمعي، ومنع تفكيك الجبهة الوطنية في مواجهة العدو المشترك، والحفاظ على الحد الأدنى من التوافق الوطني في مرحلة شديدة الحساسية.

إدانة تغوّل «الانتقالي»

أكدت الأحزاب اليمنية أن القضية الجنوبية قضية عادلة، لكنها لا يجوز اختزالها في فصيل واحد أو توظيفها خارج إطار التوافق والحوار، مشيرة إلى أن ما شهدته بعض المحافظات من تغوّل واختلالات كان نتيجة خلل في إدارة التوازنات الوطنية، والاكتفاء بالتعامل مع طرف دون سواه.

وشدّدت الأحزاب على أن معالجة هذه الاختلالات تتطلب مقاربة شاملة قائمة على الشراكة والاحتواء لا الإقصاء، وعلى احترام مؤسسات الدولة، ومرجعيات المرحلة الانتقالية.

وجدّدت القوى السياسية ثقتها بدور السعودية وقيادة التحالف في دعم استقرار اليمن، والحفاظ على وحدته، وصون القضايا العادلة ضمن إطار وطني جامع، بعيداً عن منطق المغالبة، أو فرض الأمر الواقع.

وكان وزير الدفاع السعودي خالد بن سلمان وجّه رسالة إلى اليمنيين، وأكد أنه «حان الوقت للمجلس الانتقالي الجنوبي في هذه المرحلة الحساسة لتغليب صوت العقل، والحكمة، والمصلحة العامة، ووحدة الصف، بالاستجابة لجهود الوساطة السعودية - الإماراتية لإنهاء التصعيد، وخروج قواتهم من المعسكرات في محافظتي حضرموت والمهرة، وتسليمها سلمياً لقوات درع الوطن، والسلطة المحلية».

كما صرّح المتحدث الرسمي باسم قوات «تحالف دعم الشرعية في اليمن»، اللواء الركن تركي المالكي، بأن «أي تحركات عسكرية تخالف هذه الجهود سيتم التعامل المباشر معها في حينه، بهدف حماية أرواح المدنيين، وإنجاح الجهود السعودية - الإماراتية»، وذلك استجابةً للطلب المُقدم من رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني، رشاد العليمي، بشأن اتخاذ إجراءات فورية لحماية المدنيين بمحافظة حضرموت.

اصطفاف حضرمي

بالتوازي مع الموقف الحزبي اليمني، أعلنت قوى ومكونات حضرمية بارزة تأييدها لمخرجات الاجتماع الطارئ لمجلس الدفاع الوطني، الذي عُقد برئاسة رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي، وبحضور محافظ حضرموت سالم الخنبشي، لمناقشة التطورات الخطيرة في محافظتي حضرموت والمهرة.

وأكدت بيانات صادرة عن «العصبة الحضرمية»، ومرجعية قبائل حضرموت، ومجلس حضرموت الوطني، وحلف قبائل حضرموت، الوقوف الكامل خلف قيادة السلطة المحلية في حضرموت، بوصفها الجهة الشرعية المسؤولة عن إدارة شؤون المحافظة، والحفاظ على أمنها واستقرارها، ورفض أي تحركات أو تصعيد عسكري خارج إطار الدولة.

المجلس الانتقالي الجنوبي يسعى لإخضاع حضرموت بالقوة والانفصال عن شمال اليمن (إ.ب.أ)

وشدّدت هذه المكونات على أن حضرموت كانت وستظل أرض أمن واستقرار، وأن أي إجراءات أحادية أو تحركات مسلحة خارج مؤسسات الدولة تُعد تهديداً مباشراً للسلم الاجتماعي، وتقويضاً لمسار التسوية السياسية، واعتداءً على إرادة أبناء المحافظة وخصوصيتها.

وثمّنت القوى الحضرمية قرارات وخطوات مجلس الدفاع الوطني، وعدّتها صمام أمان لوأد الفتنة وتجنب الفوضى والصراع، كما أشادت بجهود السعودية والإمارات الهادفة إلى دعم التهدئة، واحتواء التوتر، والحفاظ على مؤسسات الدولة وهيبتها.

رفض فرض الواقع بالقوة

أجمعت البيانات الحضرمية على رفض أي محاولات لفرض واقع سياسي أو أمني بالقوة، مؤكدة أن أي حلول لا يمكن أن تُفرض إلا عبر الدولة ومؤسساتها الشرعية، وبما يحقق تطلعات أبناء حضرموت في الأمن والاستقرار والتنمية المستدامة.

وأكد مجلس حضرموت الوطني، في بيانه، أن ما تشهده المحافظة من تصعيد وإجراءات أحادية يمثل انتهاكاً صريحاً لمرجعيات المرحلة الانتقالية، وتمرداً على مؤسسات الدولة الشرعية، مشيداً في الوقت ذاته بمشاركة محافظ حضرموت في اجتماع مجلس الدفاع الوطني، وبالتشخيص الواضح والدقيق لطبيعة التهديدات القائمة.

شخص في عدن من المناصرين للمجلس الانتقالي الجنوبي (أ.ف.ب)

بدوره، رحّب حلف قبائل حضرموت بطلب القيادة الرئاسية من تحالف دعم الشرعية اتخاذ التدابير اللازمة لحماية المدنيين، عادّاً ذلك قراراً وطنياً مسؤولاً يعكس حرص القيادة السياسية على صون أرواح المواطنين، وترسيخ سلطة الدولة، وتعزيز مسار التهدئة، بالتكامل مع الدور المحوري لتحالف دعم الشرعية بقيادة المملكة العربية السعودية.

ودعت مختلف المكونات الحضرمية إلى تغليب صوت الحكمة والعقل، والالتزام بمسار الوساطة، وتجنب أي خطوات من شأنها جرّ المحافظة إلى صراعات عبثية أو مشاريع تمس نسيجها الاجتماعي، مؤكدة أن مصلحة حضرموت واستقرارها يجب أن تبقى فوق كل اعتبار.