هل أشعل ترمب معركة خلافته مبكراً؟

روبيو وفانس أبرز المرشحين الجمهوريين لانتخابات 2028

روبيو وفانس خلال لقاء ترمب ورئيس السلفادور في البيت الأبيض... 14 أبريل (إ.ب.أ)
روبيو وفانس خلال لقاء ترمب ورئيس السلفادور في البيت الأبيض... 14 أبريل (إ.ب.أ)
TT

هل أشعل ترمب معركة خلافته مبكراً؟

روبيو وفانس خلال لقاء ترمب ورئيس السلفادور في البيت الأبيض... 14 أبريل (إ.ب.أ)
روبيو وفانس خلال لقاء ترمب ورئيس السلفادور في البيت الأبيض... 14 أبريل (إ.ب.أ)

فيما بدا تراجعاً عن «مزحته» بالترشح لفترة رئاسية ثالثة، فتح الرئيس الأميركي دونالد ترمب معركة خلافته مبكراً، حين أعلن أن نائبه جي دي فانس، ووزير خارجيته ماركو روبيو قد يكونان من بين أبرز المرشحين لخلافته في قيادة الحزب الجمهوري بالانتخابات الرئاسية المقبلة.

وفي حين لا يمكن القول إن الجمهوريين دخلوا عملياً في «مزاج» اختيار «خليفة ترمب» بعد، فإن لائحة الأسماء والشخصيات الجمهورية المؤهلة للدخول في حلبة السباق الرئاسي طويلة، وقد تتطلّب جهوداً مبكّرة لغربلتها، على أمل خوض معركة انتخابية سريعة.

مسار تصادمي أم تسوية؟

بيد أن تسمية ترمب لفانس وروبيو، رغم أنه تحدّث عن 10 أو 20 مرشحاً مؤهلاً، وضعت منذ الآن مقاييس المرشحين. ووُضع الرجلان اللذان تجمعهما حتى الآن صداقة، بحكم عضويتهما السابقة في مجلس الشيوخ، والمواقع القيادية الرئيسية التي يحتلانها في إدارة ترمب، بشكل غير متوقع في مسار تصادمي للحصول على ترشيح الحزب الجمهوري في انتخابات 2028.

نائب الرئيس الأميركي جي دي فانس يلقي كلمة بمركز راجستان الدولي في جايبور بالهند في 22 أبريل (رويترز)

غير أن البعض يرى أنهما ليسا متنافسَين تماماً، وأن «تصادمهما» المتوقع قد يُنتج «تسوية» يتبادلان فيها المواقع والأدوار، خصوصاً أنهما «شابّان» بمقاييس الرئاسة الأميركية، إذ يبلغ فانس 40 عاماً، ويبلغ روبيو 53 عاماً. ويطرح بعض المقرّبين منهما سيناريو ترشّح فانس لمنصب الرئيس، وروبيو لمنصب نائبه في عام 2028.

ومع ذلك، قال الرئيس ترمب، الأحد الماضي، إنه من السابق لأوانه جداً اختيار خليفة نهائي له. غير أنه أضاف خلال مقابلة مع شبكة «إن بي سي نيوز» أن فانس «رائع» و«متألق»، بينما روبيو «عظيم»، مضيفاً أن نائب الرئيس الناجح قد تكون له أفضلية. ومع ذلك، يحذِّر بعض الجمهوريين من السماح للمنافسة بتعقيد مسار إدارة ترمب.

جانب من اللقاء بين ترمب وزيلينسكي في البيت الأبيض... 28 فبراير (أ.ب)

ويُدرك مسؤولو الإدارة، والمقربون من البيت الأبيض، أيضاً حقيقة تعامل ترمب مع ورثته المُحتملين. ومن المُرجح أن يُحسم تأييده النهائي الأمر في الانتخابات التمهيدية للحزب في 2028. وقال السيناتور الجمهوري جون هوفن: «الرئيس معجبٌ جداً بفانس. لكنه الآن وقد أصبح قريباً من ماركو كثيراً، أعتقد أنه أدرك مدى كفاءته».

فانس «المرشّح المُفضّل»

قال أحد المقربين من الرئيس ترمب لموقع «سيمافور» إن «فانس هو الاسم الأول والأهم لأنه نائبه، ولكن لا ينبغي لأحد أن ينسى أن روبيو قد ترشَّح للرئاسة في السابق، ويعتقد أنه يستحقها. ولا أعتقد أنه ينبغي أن يُفاجأ أحد بأن روبيو يعتقد أنه قادر على تولي الرئاسة». ويقول حلفاء مقربون من فانس إنه بالنظر إلى صداقة الرجلين، فإنهم لا يتوقعون أي سيناريو يتنافس فيه روبيو وفانس في عام 2028.

ترمب ونائبه فانس في حديقة البيت الأبيض (أ.ب)

من جانبه، قال مدير الاتصالات في البيت الأبيض، ستيفن تشيونغ، إن ترمب «بنى الإدارة الأكثر إثارة للإعجاب والأكثر كفاءة في التاريخ». وتابع في بيان أن «نائب الرئيس فانس، ووزير الخارجية روبيو، وجميع أعضاء مجلس الوزراء يعملون دون كلل لتطبيق سياسات (أميركا أولاً)، التي صوَّت لها الأميركيون، والتي أدّت إلى نجاحات غير مسبوقة في 4 أشهر فقط».

وبالفعل، يتولّى الرجلان مهامّاً سياسية بارزة، حيث تولى روبيو مؤخراً إلى جانب منصبه وزيراً للخارجية، إدارة وكالة التنمية الدولية ومستشار الأمن القومي (مؤقتاً)، ويحضران معاً كثيراً من مقابلات واجتماعات الرئيس في البيت الأبيض، من بينها الاجتماع الشهير مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، وآخرها الاجتماع مع رئيس وزراء كندا مارك كارني. ووصفت السيناتورة الجمهورية سينثيا لوميس، الرئيس ترمب بأنه «يعشق إثارة المشكلات»، وتحدَّثت عن الدعم المزدوج الذي قدمه لكلا الرجلين. وقالت إن «روبيو يتمتع بالعمق، لكن يبدو أن فانس يكتسب زمام الأمور بسرعة كبيرة. الاثنان مرشحان واضحان، إن كانا مهتمَين».

مستقبل الحزب الجمهوري

ويرى البعض أن حظوظ روبيو الصاعدة، إلى جانب موقع فانس البارز، تُقدّم لمحات مميزة، وإن كانت غير متعارضة، عن الحزب الجمهوري في مرحلة ما بعد ترمب. فانس هو وريث قاعدة ترمب الأكثر ولاءً، وإرثه من الغرب الأوسط يجذب ناخبي الطبقة العاملة، الذين شكَّلوا القوة الانتخابية الحاسمة التي مكَّنت ترمب من الفوز بكل الولايات المتأرجحة، خصوصاً ما تُسمى «ولايات الصدأ» معقل الطبقة العاملة.

وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو متحدثاً في اجتماع لإدارة الرئيس دونالد ترمب بالبيت الأبيض في 30 أبريل (أ.ب)

في المقابل، قد يكون المزيج الذي يقدّمه روبيو بين «الترمبية» والمؤسسة الحزبية الجمهورية التقليدية، جاذباً للناخبين من أصل لاتيني، والجمهوريين الأكثر اعتدالاً. ولا يخفى أن «خلطته» السياسية هذه، كانت وراء التأييد الكاسح الذي حصل عليه خلال جلسة تثبيت تعيينه وزيراً للخارجية في مجلس الشيوخ، حيث حصل على أصوات كل الديمقراطيين والجمهوريين، باستثناء صوت جمهوري واحد.

ومع ذلك، أثار روبيو في الآونة الأخيرة حفيظة بعض الديمقراطيين الذين صوَّتوا لتأكيد تعيينه، معبرين عن عدم الرضا عن أدائه وقبوله «تهميش» دوره في السياسات الخارجية، وتفاجئهم بأنه لم يمارس ضغطاً أكبر على أجندة الرئيس ترمب.

وغني عن القول أن فانس وروبيو لطالما انتقدا ترمب في السنوات السابقة. لكنهما الآن متوافقان معه في السياسة. وهو ما عُدَّ مؤشراً إيجابياً لقاعدة ترمب التي تبحث عن هوية الرجل الذي سيرث حركته «ماغا» (لنجعل أميركا عظيمة مرة أخرى) بعد مغادرته البيت الأبيض.


مقالات ذات صلة

وزير خارجية نيجيريا يكشف تفاصيل «الخط الساخن» قبل الضربة الأميركية

أفريقيا صورة مأخوذة من فيديو نشرته وزارة الحرب الأميركية تُظهر إطلاق صاروخ من سفينة عسكرية في موقع غير محدد 25 ديسمبر (رويترز)

وزير خارجية نيجيريا يكشف تفاصيل «الخط الساخن» قبل الضربة الأميركية

أكّد توغار أن بلاده قدمت معلومات استخباراتية للأميركيين لتنفيذ الضربة العسكرية على معاقل «داعش»، في إطار «عملية مشتركة لمكافحة الإرهاب».

الشيخ محمد (نواكشوط)
شؤون إقليمية الرئيس الأميركي دونالد ترمب يشير بيده بجانب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في مطار بن غوريون الدولي خلال زيارته إسرائيل 13 أكتوبر 2025 (رويترز)

الأميركيون يشعرون بأن نتنياهو نادم على قبول خطة ترمب

عبَّر مسؤولون أميركيون عن قلقهم من قدومه للقاء الرئيس دونالد ترمب في ميامي، حاملاً مطالب تفضي إلى التراجع عن خطة وقف الحرب.

نظير مجلي (تل ابيب)
خاص الرئيس الأميركي دونالد ترمب ونظيره المصري على هامش اجتماع الدورة 73 للجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر 2018 (الرئاسة المصرية)

خاص مصر وترمب... تحالف استراتيجي على وقع اضطرابات إقليمية

بينما شهدت بداية ولاية ترمب حديثاً عن إلغاء الرئيس المصري خططاً لزيارة واشنطن، ينتهي العام بتكهنات عن اقتراب تنفيذ تلك الزيارة، وترحيب دونالد ترمب بها.

فتحیه الدخاخنی (القاهرة)
الولايات المتحدة​ ويتكوف في برلين في 15 ديسمبر 2025 (أ.ب)

مبعوثو ترمب إلى الشرق الأوسط... تغريد خارج سرب البيروقراطية

لم يدخل الرئيس الأميركي دونالد ترمب إلى البيت الأبيض في عهده الثاني برتابة الرؤساء السابقين الذين التزموا بالسياسات الأميركية التقليدية والأعراف الدولية.

رنا أبتر (واشنطن)
أوروبا صورة للقاء عاصف بين ترمب وزيلينسكي في البيت الأبيض يوم 28 فبراير (أ.ف.ب)

تقرير: ترمب سيلتقي زيلينسكي يوم الأحد في فلوريدا

نقل موقع «أكسيوس» الإخباري الأميركي اليوم الجمعة عن مسؤولين أوكرانيين قولهم إنه من المتوقع أن يلتقي الرئيس الأميركي دونالد ترمب مع نظيره الأوكراني

«الشرق الأوسط» (كييف)

مبعوثو ترمب إلى الشرق الأوسط... تغريد خارج سرب البيروقراطية

ويتكوف في برلين في 15 ديسمبر 2025 (أ.ب)
ويتكوف في برلين في 15 ديسمبر 2025 (أ.ب)
TT

مبعوثو ترمب إلى الشرق الأوسط... تغريد خارج سرب البيروقراطية

ويتكوف في برلين في 15 ديسمبر 2025 (أ.ب)
ويتكوف في برلين في 15 ديسمبر 2025 (أ.ب)

لم يدخل الرئيس الأميركي دونالد ترمب إلى البيت الأبيض في عهده الثاني برتابة الرؤساء السابقين الذين التزموا بالسياسات الأميركية التقليدية والأعراف الدولية. ففريقه الذي انتقاه بعناية هذه المرة، على خلاف ولايته الأولى، يتألف بشكل أساسي من وجوه خارجة عن المألوف وبعيدة عن السياسة، خاصة فيما يتعلق بالدبلوماسية الخارجية التي باستثناء وزير خارجيته روبيو الذي يمثل قاعدة الحزب التقليدية، تعتمد على مجموعة من المبعوثين الخاصين وأفراد العائلة المقربين.

ويتكوف وكوشنر وماركو روبيو في لقاء مع الوفد الأوكراني في فلوريدا في 30 نوفمبر 2025 (رويترز)

هؤلاء، من «مبعوث كل شيء» ستيف ويتكوف، إلى توم باراك، المبعوث الخاص لسوريا، ومارك سافايا، المبعوث الخاص للعراق، ومسعد بولس، كبير المستشارين للشؤون الأفريقية والعربية، وصولاً إلى جاريد كوشنر، الذي عاد للواجهة مع اتفاق غزة، يشكّلون واجهة جهود إدارته الدبلوماسية في حلّ النزاعات الدولية، ولعلّ القاسم المشترك بينهم هو غياب خبراتهم الدبلوماسية، ما ولّد شكوكاً حيال فاعليتهم على مسرح السياسات الدولية، التي تتحدى أبرز السياسيين المخضرمين وتحبطهم.

ويتكوف «مبعوث كل شيء»

لكن تحدي الأعراف التقليدية هو ما ميّز إدارة ترمب في عهدها الثاني، فأتى وجه كستيف ويتكوف، رجل الأعمال البارز وصديق ترمب المقرب الذي يرافقه في ممارسة رياضته المفضلة، الغولف، ليفاجئ المشككين ويثبت لهم أن السياسات التقليدية لا تحمل دوماً في طياتها الحلول المفقودة. ويتكوف الذي كان في واجهة المفاوضات المتعلقة بوقف إطلاق النار في غزة، خرج عن الإطار المألوف، فتحدث مباشرة مع حركة «حماس» المصنفة إرهابية، وتواصل بشكل شخصي مع وجوه مثيرة للجدل، وأدلى بتصريحات غير مألوفة، أبرزها عندما تعاطف بشكل علني مع ممثل «حماس» خليل الحية لدى مقتل ابنه في غارة إسرائيلية في قطر، قائلاً إثر لقاء الرجلين: «قدّمنا ​​له التعازي في فقدان ابنه، وأخبرته أنني فقدت ابناً، وأننا بتنا أعضاء في نادٍ قاسٍ للغاية: آباء دفنوا أبناءهم». وذلك في إشارة إلى ابن ويتكوف، الذي قضى جراء جرعة زائدة من المخدرات. تصريح مفاجئ في الشكل والمضمون، ولا يتناسب مع المواقف الأميركية المدروسة بعناية، لكن كثيرين يقولون إن هذا بالضبط ما أدى إلى انفراجة في المفاوضات بين «حماس» وإسرائيل واتفاق هدنة بين الطرفين. اليوم يسعى ويتكوف جاهداً إلى التوصل إلى اتفاق مماثل بين روسيا وأوكرانيا لإنهاء حرب مستمرة منذ أكثر من 3 أعوام، ويعقد لقاءات مكثفة مع الرئيسين؛ الروسي فلاديمير بوتين، والأوكراني فلودومير زيلينسكي، على أمل أن يتمكن من تسليم الرئيس الأميركي نصراً سياسياً، وعد به في حملته الانتخابية، ويقلده وسام رئيس السلام.

مسعد بولس «والد الصهر»

ولا ينصب اهتمام إدارة ترمب على هذين النزاعين فحسب، بل تسعى أيضاً لحلّ النزاعات التاريخية في القارة الأفريقية، وهو ملف تسلمه والد صهر الرئيس مسعد بولس، الذي بدأ مشواره السياسي بتعيينه مستشاراً للشؤون العربية، لكن اهتمام ويتكوف بالملف دفع إلى تسليمه ملف أفريقيا، رغم غياب خبرته الدبلوماسية، على غرار ويتكوف. فبولس اللبناني الأصل، وهو تاجر سيارات سابق في نيجيريا، ساهم بشكل كبير في فوز ترمب في ولاية ميشيغان، وقد أدّت روابطه العائلية بالرئيس الأميركي إلى تعيينه في منصبه، الذي كما هو منصب المبعوث الخاص، لا يحتاج لمصادقة مجلس الشيوخ.

مسعد بولس مستشار الرئيس الأميركي دونالد ترمب للشؤون العربية والأفريقية (نيويورك تايمز)

وفيما يعمل بولس بشكل أساسي في وزارة الخارجية، إلا أن بعضاً من مهامه ترتبط بالبيت الأبيض، ما يؤدي في بعض الأحيان إلى ارتباك في المؤسستين المعتادتين على نظام البيروقراطية الروتيني، بسبب غياب التنسيق الإداري. ويقول البعض إن سبب هذا الارتباك يعود أيضاً إلى كون وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو، مستشار الأمن القومي بالوكالة، لا يوزع مهامه ومهام فريقه بين الخارجية والمكتب البيضاوي. ورغم غياب الخبرة الدبلوماسية، سعى بولس إلى تحدي المنتقدين، فساهم في التوصل إلى اتفاق سلام بين الكونغو ورواندا، وهو اتفاق تغنى به ترمب، الذي ترأس حفل التوقيع عليه في واشنطن الشهر الحالي. ورغم هذا الاتفاق، لا تزال الأوضاع الميدانية متقلبة مع استمرار الأعمال القتالية. لكن هذا لم يمنع بولس من الانتقال إلى ملف آخر، وهو ملف السودان. فهذه الحرب التي تعهد بالتوصل إلى حلّ لها، لا تزال مستعصية عليه. وقد أعلن ترمب مؤخراً خلال زيارة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان إلى واشنطن عن نيته التدخل شخصياً لإنهاء الحرب، ليقول وزير خارجيته ماركو روبيو بعد ذلك إن ترمب يهتم شخصياً بالملف «ولا يرسل مندوبين عنه»، ما قرأه البعض على أنه رسالة مبطنة لبولس. لكن التصريحات وراء أبواب مغلقة في واشنطن من قبل مسؤولين حاليين وسابقين، غالباً ما تحذر من الانجرار إلى تفسيرات من هذا النوع، وعدم الاستهانة بأي فرد من أفراد عائلة ترمب، نظراً لاحتكاكهم الدائم به، وسمعة الرئيس المعروف بالاستماع إلى تعليقات المقربين منه.

كوشنر و«تضارب المصالح»

كوشنر في البيت الأبيض في 6 مايو 2025 (رويترز)

ولعل خير دليل على ذلك عودة جاريد كوشنر، صهر ترمب، إلى الواجهة بعد غياب، مع ضلوعه بشكل مباشر في المفاوضات بين إسرائيل و«حماس». ورغم عدم تعيين كوشنر في أي منصب رسمي فإنه يساهم علنياً في ملفات عدة، منها ملف الحرب الروسية الأوكرانية. وفيما يواجه كوشنر، وغيره من المبعوثين والمستشارين الخارجين عن السرب، انتقادات بتضارب المصالح، يقول صهر ترمب: «ما يصفه البعض بتضارب المصالح، يصفه ستيف (ويتكوف) وأنا بالخبرة والعلاقات الموثوقة التي نتمتع بها في مختلف أنحاء العالم».

توم باراك و«سلاطة» اللسان

توم بارام بمنتدى الدوحة في قطر في 6 ديسمبر 2025 (أ.ف.ب)

ولماذا الاستغراب؟ فترمب هو نفسه رجل أعمال لم تكن له خلفية سياسية ولا دبلوماسية قبل عهده الأول، وهو يثق بالأشخاص الذين يتماشون مع مساره أكثر من السياسيين المخضرمين الذين أعلن الحرب عليهم وعلى البيروقراطية وما يصفه بـ«الدولة العميقة». تصريحاته غالباً ما تصدم الحلفاء والخصوم على حدّ سواء، وهذه «ميزة» يشاركها معه مبعوثه الخاص لسوريا، توم باراك، الذي على خلاف بقية المبعوثين الخاصين، خضع لمساءلة «الشيوخ» ومصادقته، نظراً لمنصبه الآخر كسفير لتركيا. فباراك، الذي تجمعه علاقة صداقة وشراكة قديمة مع ترمب، أثار الدهشة والغضب في تصريحات اتهم بها الصحافيين اللبنانيين بتصرفات «حيوانية»، وبينما اعتذر لاحقاً، إلا أن تصريحات من هذا النوع تكررت لتثبت أن الرجل بعيد كل البعد عن الدبلوماسية. ورغم ذلك، تمكن حتى الساعة من السيطرة على الأوضاع في سوريا بعد سقوط الأسد، وترأس جهود رفع العقوبات عن نظام الشرع، بالتنسيق مع ترمب ودول المنطقة.

سافايا تاجر الماريغوانا

مسك الختام مع آخر المبعوثين المعينين؛ المبعوث الخاص إلى العراق مارك سافايا، وهو رجل أعمال أميركي من أصل عراقي - كلداني، من ولاية ميشيغان، ساعد ترمب في استقطاب أصوات الناخبين في الولاية. ترمب عيّن سافايا في أكتوبر (تشرين الأول) في هذا المنصب، ليصدم الداخل والخارج، فالرجل يعمل في تجارة الماريغوانا الشرعية في ميشيغان، ولا يملك ما يكفي من الخبرة السياسية لإدارة ملفات العراق الشائكة، لكن من جانب آخر يقول كثيرون إن سافايا قد ينجح في تحقيق ما فشل فيه السياسيون في السابق، خارج الأطر الدبلوماسية والرسمية المعتادة، ويستشهدون بما قالته المختطفة الإسرائيلية إليزابيث تسوركوف، التي أطلقت «كتائب حزب الله» سراحها في سبتمبر (أيلول) الماضي. وقد كتبت تسوركوف منشوراً على منصة «إكس» هنّأت فيه سافايا على تعيينه في هذا المنصب، قائلة: «لقد لعب مارك دوراً محورياً في إطلاق سراحي بعد 903 أيام من الاحتجاز لدى (كتائب حزب الله)، وهي ميليشيا عراقية تعمل لخدمة إيران، من دون تقديم أي شيء بالمقابل. هذا خبر سيئ جداً لكل من يخدم مصالح إيران في العراق، ويسعى إلى تقويض سيادة الدولة العراقية».

فهل ينجح رجال الأعمال في تحقيق ما عجز عنه السياسيون، أم أنهم سيصطدمون بحائط البيروقراطية لدى محاولة تطبيق إنجازاتهم؟


«الاستبداد يزدهر في أميركا»... رسالة «عيد الميلاد البديلة» من جيمي كيميل إلى البريطانيين

جيمي كيميل مقدم برنامج «جيمي كيميل لايف» (رويترز)
جيمي كيميل مقدم برنامج «جيمي كيميل لايف» (رويترز)
TT

«الاستبداد يزدهر في أميركا»... رسالة «عيد الميلاد البديلة» من جيمي كيميل إلى البريطانيين

جيمي كيميل مقدم برنامج «جيمي كيميل لايف» (رويترز)
جيمي كيميل مقدم برنامج «جيمي كيميل لايف» (رويترز)

اختار الكوميدي الأميركي جيمي كيميل أن يقول للبريطانيين، الخميس، في رسالة عيد الميلاد البديلة التي يبثها التلفزيون البريطاني، إن «الاستبداد يزدهر» في الولايات المتحدة.

ورسالة عيد الميلاد البديلة تبثها القناة الرابعة البريطانية منذ عام 1993 بوصفها بديلاً فكاهياً أحياناً، وجاداً أحياناً أخرى عن رسالة عيد الميلاد الملكية التقليدية.

واعتبر كيميل في رسالته «أنه من منظور الفاشية، كان هذا عاماً رائعاً حقاً. الاستبداد يزدهر هنا».

وتطرق كيميل أيضاً إلى تعليق بث برنامجه الفكاهي على شبكة «إيه بي سي» الأميركية لمدة أسبوع في سبتمبر (أيلول)، بعد إدلائه بتعليقات اتهمت اليمين الأميركي باستغلال مقتل الناشط المحافظ تشارلي كيرك.

وقال: «ربما قرأتم في صحفكم الملونة أن رئيس بلادي يرغب في إسكاتي، لأنني لا أعشقه بالطريقة التي يحب أن يُعشق بها». لقد وجهت الحكومة الأميركية تهديداً لي وللشركة التي أعمل بها، وفجأة توقفنا عن البث. ولكن بعد ذلك، هل تعرفون ما الذي حدث؟ حدثت معجزة عيد الميلاد».

وأضاف كيميل أن «ملايين» الأشخاص اعترضوا على ضغوط إدارة الرئيس دونالد ترمب.

الرئيس الأميركي دونالد ترمب (أ.ب)

وتابع: «أنا أخبركم بهذه القصة لأنكم ربما تعتقدون أن حكومة تسكت منتقديها أمر يحدث في أماكن مثل روسيا أو كوريا الشمالية (...) وليس المملكة المتحدة. حسناً، هذا ما اعتقدناه. والآن لدينا الملك دوني الثامن يدعو إلى تنفيذ أحكام الإعدام».

وقال كيميل إن عرضه عاد «أقوى من أي وقت مضى» وهو انتصر في المواجهة، حيث تم تمديد عقده حتى منتصف عام 2027.

وناشد كيميل البريطانيين عدم التخلي عن الأميركيين: «نحن نمر ببعض الاهتزاز الآن، لكننا سنتجاوزه. قد لا يبدو الأمر كذلك، لكننا نحبكم يا رفاق».

وجاءت رسالة كيميل الميلادية البديلة بعد انتهاء الملك تشارلز الثالث من إلقاء رسالة الميلاد السنوية من كنيسة وستمنستر، التي دعا فيها إلى «التعاطف والمصالحة» في زمن يسوده «الانقسام» في أنحاء العالم.


قاض أميركي يمنع إدارة ترمب من احتجاز ناشط بريطاني مناهض للتضليل الإعلامي

قاعة محكمة فارغة في ولاية نيويورك الأميركية (رويترز)
قاعة محكمة فارغة في ولاية نيويورك الأميركية (رويترز)
TT

قاض أميركي يمنع إدارة ترمب من احتجاز ناشط بريطاني مناهض للتضليل الإعلامي

قاعة محكمة فارغة في ولاية نيويورك الأميركية (رويترز)
قاعة محكمة فارغة في ولاية نيويورك الأميركية (رويترز)

منع قاض أميركي، الخميس، إدارة الرئيس دونالد ترمب، بشكل مؤقت، من احتجاز الناشط البريطاني المناهض للتضليل الإعلامي عمران أحمد، بعد أن رفع ​المقيم الدائم في الولايات المتحدة دعوى قضائية ضد مسؤولين على خلفية حظر دخوله لدوره فيما تقول واشنطن إنه رقابة على الإنترنت.

وفرضت واشنطن يوم الثلاثاء حظراً على منح تأشيرات دخول لأحمد وأربعة أوروبيين، من بينهم المفوض الفرنسي السابق في الاتحاد الأوروبي تييري بريتون. واتهمتهم بالعمل على فرض رقابة على حرية التعبير أو استهداف عمالقة التكنولوجيا الأميركية بشكل غير ‌عادل من خلال فرض ‌لوائح تنظيمية مجحفة. ويعيش أحمد ‌في ⁠نيويورك ​ويُعتقد ‌أنه الوحيد من بين الخمسة الموجود حالياً في البلاد.

وأثارت هذه الخطوة احتجاجاً من الحكومات الأوروبية التي ترى أن اللوائح التنظيمية وعمل الجماعات التي تركز على المراقبة تجعل الإنترنت أكثر أماناً من خلال تسليط الضوء على المعلومات المضللة وإجبار عمالقة التكنولوجيا على بذل المزيد من الجهد للتصدي للمحتوى غير القانوني بما في ذلك خطاب ⁠الكراهية والمواد التي تحض على الاعتداء الجنسي على الأطفال.

وبالنسبة لأحمد، الرئيس التنفيذي ‌لمركز مكافحة الكراهية الرقمية ومقره الولايات المتحدة ‍والبالغ من العمر 47 عاماً، ‍فقد أثار الحظر مخاوف من الترحيل الوشيك الذي سيفصله ‍عن زوجته وطفله، وكلاهما مواطنان أميركيان، وفقاً لدعوى قضائية رفعها يوم الأربعاء في المنطقة الجنوبية بنيويورك.

وقال وزير الخارجية ماركو روبيو عند إعلانه عن قيود التأشيرات، إنه قرر أن وجود الخمسة في الولايات المتحدة ​له عواقب وخيمة محتملة على السياسة الخارجية للولايات المتحدة وبالتالي يمكن ترحيلهم.

وذكر أحمد في دعواه أسماء روبيو ⁠ووزيرة الأمن الداخلي كريستي نويم ومسؤولين آخرين من إدارة ترمب، وقال إن هؤلاء المسؤولين ينتهكون حقوقه في حرية التعبير والتمتع بالإجراءات القانونية المكفولة، وذلك بتهديدهم له بالترحيل.

وأصدر قاضي المحكمة الجزئية الأميركية فيرنون برودريك، أمراً تقييدياً مؤقتاً يوم الخميس يمنع المسؤولين من احتجاز أحمد أو إلقاء القبض عليه أو نقله قبل أن تتاح له فرصة نظر قضيته، وحدد موعداً لجمع الأطراف في 29 ديسمبر (كانون الأول).

وردًا على أسئلة حول القضية، قال متحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية «لقد أوضحت المحكمة العليا والكونغرس مراراً وتكراراً: الولايات ‌المتحدة ليست ملزمة بالسماح للأجانب بالقدوم إلى بلادنا أو الإقامة هنا».