تصاعد المخاطر الائتمانية على البنوك الصينية

تأثير الرسوم الأميركية يهدّد جودة الأصول والنمو... و«المركزي» يراكم الذهب

سيدة تمر أمام شاشة تعرض حركة الأسهم في وسط العاصمة الصينية بكين (أ.ب)
سيدة تمر أمام شاشة تعرض حركة الأسهم في وسط العاصمة الصينية بكين (أ.ب)
TT

تصاعد المخاطر الائتمانية على البنوك الصينية

سيدة تمر أمام شاشة تعرض حركة الأسهم في وسط العاصمة الصينية بكين (أ.ب)
سيدة تمر أمام شاشة تعرض حركة الأسهم في وسط العاصمة الصينية بكين (أ.ب)

أظهر تقرير صادر عن وكالة «ستاندرد آند بورز غلوبال» أن تصاعد التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين قد يؤدي إلى تدهور ملحوظ في جودة أصول البنوك الصينية خلال السنوات المقبلة. وتتوقع الوكالة ارتفاع الديون المتعثرة بفعل تأثير الرسوم الجمركية الجديدة، مما يهدّد الاستقرار المالي لأكبر اقتصاد آسيوي.

وتتوقع «ستاندرد آند بورز» أن تؤدي الرسوم الأميركية الأخيرة إلى تباطؤ متوسط نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي للصين إلى 3.6 في المائة خلال الفترة بين 2025 و2027، مقارنة بـ4.1 في المائة قبل الإجراءات الأميركية الأخيرة في أبريل (نيسان) الماضي. وهذا التباطؤ سينعكس بشكل مباشر على البنوك التجارية من خلال ارتفاع نسبة الأصول غير المنتجة، التي تشمل القروض المتعثرة وتلك المُصنّفة على أنها خاصة.

وحسب السيناريو الأساسي الجديد، سترتفع نسبة الأصول غير المنتجة إلى ما بين 5.6 و6.3 في المائة بحلول 2027، في حين قد تصل إلى 7.3 في المائة حال تفاقم الظروف، وهو مستوى قريب من ذروة أزمة «كوفيد-19».

وتُعدّ الشركات الصغيرة والمتوسطة الأكثر عرضة للضرر نتيجة الرسوم، إذ يُتوقع أن ترتفع نسبة الديون المتعثرة في هذا القطاع إلى ما بين 9.4 و10 في المائة. ويرجع ذلك إلى ضعف القدرة على تمرير تكاليف الرسوم إلى المستهلكين وتراجع الطلب العالمي.

كما أن معدلات البطالة في الصين مرشحة للارتفاع إلى 5.6 في المائة خلال 2027، مما سيضغط على القروض الاستهلاكية، خصوصاً القروض غير المضمونة مثل القروض الشخصية وبطاقات الائتمان. وعلى الرغم من أن البنوك قلّصت انكشافها تجاه هذا النوع من القروض، فإن أي توسع حكومي في التمويل الاستهلاكي قد يشكّل اختباراً لمرونة إدارة المخاطر لديها.

وشهد قطاع التطوير العقاري تحسّناً نسبياً؛ إذ تراجعت نسبة القروض المتعثرة فيه إلى 14 في المائة خلال 2024، من 18 في المائة في 2023، بفضل آليات دعم مثل «القائمة البيضاء» التي تضمن تمويلاً موجهاً للمشروعات القابلة للاستمرار. ومع ذلك، فإن القواعد الجديدة لتصنيف الأصول قد تؤدي إلى ارتفاع الأرقام المعلنة للقروض المتعثرة مؤقتاً حتى 2026.

أما فيما يخص ديون حكومات المقاطعات والكيانات المملوكة لها، فقد أسهمت خطة تبادل الديون بقيمة 10 تريليونات يوان في تخفيف المخاطر البنكية. إلا أن البنوك ذات الانكشاف العالي في مناطق مثقلة بالديون ستظل معرّضة للضغوط، وقد تضطر إلى مواجهة عمليات إعادة هيكلة.

ومن المرجح أن تعتمد الحكومة الصينية على البنوك الكبرى لتعويض التباطؤ الاقتصادي، عبر تعزيز الإقراض الشامل وتقديم التمويل إلى المؤسسات الصغيرة. كما تخطط بكين لتقديم دعم رأسمالي مباشر إلى البنوك الكبرى، لأول مرة منذ الأزمة المالية العالمية عام 2008.

لكن حسب «ستاندرد آند بورز»، فإن الحفاظ على استقرار النظام المصرفي سيتطلّب إدارة دقيقة للتوازن بين تحفيز النمو والحد من تدهور جودة الأصول، لا سيما في ظل غموض السياسات الأميركية المستقبلية واستمرار هشاشة القطاع العقاري.

ويشير التقرير إلى أن البنوك الصينية تقف أمام مرحلة حرجة، حيث تتقاطع عوامل محلية ودولية معقدة. وستعتمد قدرة القطاع المصرفي على الصمود على الإجراءات التحفيزية، واستقرار سوق العقارات، وتجنّب التصعيد التجاري. المستثمرون والمحللون مدعوون لمتابعة التطورات من كثب خلال الفترة المقبلة.

وفي سياق منفصل، بلغت احتياطيات الصين من الذهب 73.77 مليون أونصة نقية بنهاية أبريل، ارتفاعاً من 73.7 مليون أونصة في نهاية مارس (آذار)، حيث اشترى البنك المركزي المعدن النفيس للشهر السادس على التوالي.

وأظهرت بيانات البنك المركزي، يوم الأربعاء، أن احتياطيات الصين من الذهب بلغت 243.59 مليار دولار بنهاية الشهر الماضي، ارتفاعاً من 229.6 مليار دولار بنهاية مارس.


مقالات ذات صلة

ألمانيا تُقرّ قانون المعاشات المثير للجدل وسط تحذيرات من تفاقم الدين

الاقتصاد ميرتس يلقي بيانه بعد إقرار مشروع قانون المعاشات التقاعدية (أ.ف.ب)

ألمانيا تُقرّ قانون المعاشات المثير للجدل وسط تحذيرات من تفاقم الدين

تفادى المستشار الألماني فريدريش ميرتس أزمة سياسية حادة بعد تمكنه بصعوبة من الحصول على الأغلبية المطلقة لتمرير مشروع قانون المعاشات التقاعدية في البرلمان.

«الشرق الأوسط» (برلين)
الاقتصاد طفل يلعب في حقل للشعير بمدينة صنعاء اليمنية (إ.ب.أ)

أسعار الغذاء العالمية تنخفض للشهر الثالث في نوفمبر

انخفضت أسعار السلع الغذائية الأساسية العالمية للشهر الثالث على التوالي في نوفمبر، مع تراجع أسعار السلع الرئيسية باستثناء الحبوب.

«الشرق الأوسط» (روما)
الاقتصاد علم سويسرا في ميناء جنيف (رويترز)

دراسة: شركات سويسرية تخطط لنقل عملياتها إلى الخارج لمواجهة الرسوم

أظهرت دراسة أجرتها جمعية الأعمال «إيكونومي سويس» أن الشركات السويسرية تخطط لنقل جزء من عملياتها وإنتاجها إلى الخارج لمواجهة تأثير الرسوم الجمركية الأميركية.

«الشرق الأوسط» (زيورخ)
الاقتصاد زوار لجناح بأحد معارض الألعاب في بلدة تشيبا قرب العاصمة اليابانية طوكيو (إ.ب.أ)

حكومة اليابان تترقب مستقبل الفائدة وتحركات الين

أكّد وزراء في الحكومة اليابانية، يوم الجمعة، أن تحديد أدوات السياسة النقدية يظل من اختصاص بنك اليابان بالكامل.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
الاقتصاد إشعال الشعلة الأولمبية في معبد البارثينيون بجبل أكروبوليس في اليونان (أ.ف.ب)

الاقتصاد اليوناني يواصل تعافيه في الربع الثالث

يواصل الاقتصاد اليوناني مسار التعافي بثبات، بعدما سجل نمواً بنسبة 0.6 في المائة في الربع الثالث من 2025 مقارنة بالربع السابق.

«الشرق الأوسط» (أثينا)

تحسّن ثقة المستهلك الأميركي بأكثر من المتوقع في بداية ديسمبر

رجل يتسوق في قسم الأجهزة بمتجر هوم ديبوت في واشنطن (رويترز)
رجل يتسوق في قسم الأجهزة بمتجر هوم ديبوت في واشنطن (رويترز)
TT

تحسّن ثقة المستهلك الأميركي بأكثر من المتوقع في بداية ديسمبر

رجل يتسوق في قسم الأجهزة بمتجر هوم ديبوت في واشنطن (رويترز)
رجل يتسوق في قسم الأجهزة بمتجر هوم ديبوت في واشنطن (رويترز)

أظهرت البيانات الأولية الصادرة يوم الجمعة ارتفاع مؤشر ثقة المستهلك لجامعة ميشيغان إلى 53.3 نقطة في بداية ديسمبر (كانون الأول)، مقارنةً بقراءة نهائية بلغت 51 نقطة في نوفمبر (تشرين الثاني)، متجاوزاً توقعات الاقتصاديين عند 52 نقطة، لكنه لا يزال منخفضاً بشكل كبير مقارنة بمستوى 71.7 نقطة في يناير (كانون الثاني) الماضي.

وشهد تقييم المستهلكين للظروف الاقتصادية الحالية انخفاضاً طفيفاً، بينما تحسّنت توقعاتهم المستقبلية إلى حد ما. كما تراجعت توقعات التضخم للعام المقبل إلى 4.1 في المائة مقابل 4.5 في المائة في الشهر السابق، مسجلة أدنى مستوى منذ يناير، مع استمرار الضغوط على الأسعار بسبب الرسوم الجمركية على الواردات، وفق وكالة «أسوشييتد برس».

وقالت جوان هسو، مديرة المسوحات الاقتصادية في ميشيغان: «الاتجاه العام للآراء يبقى قاتماً، حيث يواصل المستهلكون الإشارة إلى عبء ارتفاع الأسعار». على الرغم من تراجع التضخم عن أعلى مستوياته منتصف 2022، إلا أنه يظل أعلى من هدف الاحتياطي الفيدرالي البالغ 2 في المائة بثبات.


مؤشر التضخم المفضل لـ«الفيدرالي» يتباطأ في سبتمبر

يتسوق أشخاص في سوبر ماركت في لوس أنجليس (رويترز)
يتسوق أشخاص في سوبر ماركت في لوس أنجليس (رويترز)
TT

مؤشر التضخم المفضل لـ«الفيدرالي» يتباطأ في سبتمبر

يتسوق أشخاص في سوبر ماركت في لوس أنجليس (رويترز)
يتسوق أشخاص في سوبر ماركت في لوس أنجليس (رويترز)

تباطأ مؤشر التضخم المفضل لدى «الاحتياطي الفيدرالي» قليلاً في سبتمبر (أيلول)، مما يمهّد الطريق على الأرجح لخفض أسعار الفائدة المتوقع على نطاق واسع من قِبل البنك المركزي الأسبوع المقبل.

وأعلنت وزارة التجارة، يوم الجمعة، أن الأسعار ارتفعت بنسبة 0.3 في المائة في سبتمبر مقارنة بأغسطس (آب)، وهي نسبة الشهر السابق نفسها. وباستثناء فئات الغذاء والطاقة المتقلبة، ارتفعت الأسعار الأساسية بنسبة 0.2 في المائة، وهو معدل مماثل للشهر السابق، ويقارب هدف «الاحتياطي الفيدرالي» للتضخم البالغ 2 في المائة إذا استمر على مدار عام كامل، وفق وكالة «أسوشييتد برس».

وعلى أساس سنوي، ارتفعت الأسعار الإجمالية بنسبة 2.8 في المائة، بزيادة طفيفة عن 2.7 في المائة في أغسطس، في حين ارتفعت الأسعار الأساسية بنسبة 2.8 في المائة مقارنة بالعام السابق، بانخفاض طفيف عن 2.9 في المائة المسجلة في الشهر السابق. وأظهرت البيانات التي تأخرت خمسة أسابيع بسبب إغلاق الحكومة، أن التضخم كان منخفضاً في سبتمبر، مما يعزز مبررات خفض سعر الفائدة الرئيسي لمجلس «الاحتياطي الفيدرالي» في اجتماعه المقبل يومَي 9 و10 ديسمبر (كانون الأول).

رغم ذلك، لا يزال التضخم أعلى من هدف البنك المركزي البالغ 2 في المائة، جزئياً بسبب الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس دونالد ترمب، لكن العديد من مسؤولي «الاحتياطي الفيدرالي» يرون أن ضعف التوظيف، والنمو الاقتصادي المتواضع، وتباطؤ مكاسب الأجور؛ سيؤدي إلى انخفاض مطرد في مكاسب الأسعار خلال الأشهر المقبلة.

ويواجه «الاحتياطي الفيدرالي» قراراً صعباً الأسبوع المقبل: الحفاظ على أسعار الفائدة مرتفعة لمكافحة التضخم، مقابل خفضها لتحفيز الاقتراض ودعم الاقتصاد، وسط تباطؤ التوظيف وارتفاع البطالة ببطء.


«وول ستريت» تختتم أسبوعاً هادئاً... والأسهم تلامس المستويات القياسية

متداول يراقب شاشة تعرض مؤشرات الأسهم في بورصة نيويورك (رويترز)
متداول يراقب شاشة تعرض مؤشرات الأسهم في بورصة نيويورك (رويترز)
TT

«وول ستريت» تختتم أسبوعاً هادئاً... والأسهم تلامس المستويات القياسية

متداول يراقب شاشة تعرض مؤشرات الأسهم في بورصة نيويورك (رويترز)
متداول يراقب شاشة تعرض مؤشرات الأسهم في بورصة نيويورك (رويترز)

اقتربت الأسهم الأميركية، يوم الجمعة، من مستوياتها القياسية، مع توجه «وول ستريت» نحو نهاية أسبوع اتسم بالهدوء النسبي.

وارتفع مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» بنسبة 0.3 في المائة، ليصبح على بُعد 0.2 في المائة فقط من أعلى مستوى له على الإطلاق، فيما صعد مؤشر «داو جونز» الصناعي بـ46 نقطة (0.1 في المائة). أما مؤشر «ناسداك» المركّب فزاد بنحو 0.4 في المائة، في حين تراجع مؤشر «راسل 2000» لأسهم الشركات الصغيرة بنسبة 0.2 في المائة بعدما لامس مستوى قياسياً في الجلسة السابقة، وفق وكالة «أسوشييتد برس».

وفي قطاع الشركات، سجّل سهم «نتفليكس» انخفاضاً بنسبة 2.1 في المائة، بعد إعلانها خططاً لشراء «وارنر براذرز» إثر انفصالها عن «ديسكفري غلوبال»، في صفقة تبلغ 72 مليار دولار نقداً وأسهماً. وارتفع سهم «ديسكفري» التابعة للشركة بنسبة 2.6 في المائة.

وقفز سهم «ألتا بيوتي» بنسبة 11 في المائة بعد إعلان نتائج فصلية فاقت توقعات المحللين من حيث الأرباح والإيرادات، مع إشارتها إلى تحسّن ملحوظ في التجارة الإلكترونية، مما دفعها إلى رفع توقعاتها للإيرادات السنوية.

كما حققت «فيكتوريا سيكريت» أداءً قوياً، إذ سجّلت خسارة أقل من المتوقع ورفعت توقعاتها لمبيعات العام، ليرتفع سهمها بنسبة 14.4 في المائة.

أما سهم «هيوليت باكارد إنتربرايز» فانخفض 3.9 في المائة رغم تحقيق أرباح أعلى من التوقعات، نتيجة إعلان الشركة إيرادات دون المستوى المأمول.

وجاء هذا الأداء في أسبوع هادئ نسبياً بالنسبة إلى السوق الأميركية، بعد أسابيع شهدت تقلبات حادة بفعل مخاوف مرتبطة بتدفقات كبيرة على قطاع الذكاء الاصطناعي وتوقعات تحركات مجلس الاحتياطي الفيدرالي.

بعد فترة من التردد، يتوقع المستثمرون الآن بالإجماع تقريباً أن يخفّض بنك الاحتياطي الفيدرالي سعر الفائدة القياسي الأسبوع المقبل لدعم سوق العمل البطيئة. وسيكون ذلك الخفض الثالث هذا العام إن حدث.

وتحظى أسعار الفائدة المنخفضة بدعم المستثمرين، لأنها تعزّز تقييمات الأصول وتحفّز النمو الاقتصادي، لكنها قد تزيد الضغوط التضخمية التي لا تزال أعلى من هدف «الفيدرالي» البالغ 2 في المائة.

ويدعم توقع خفض الفائدة عودة مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» إلى مشارف مستوياته القياسية المسجلة في أكتوبر (تشرين الأول)، في حين يترقب المستثمرون إشارات جديدة من اجتماع «الفيدرالي» حول مسار الفائدة العام المقبل.

وفي أسواق السندات، استقرت عوائد سندات الخزانة الأميركية لأجل 10 سنوات عند 4.11 في المائة، في حين ارتفع العائد على السندات لأجل عامَين إلى 3.54 في المائة من 3.52 في المائة.

وعالمياً، ارتفعت المؤشرات في معظم أوروبا وآسيا؛ فقد صعد مؤشر «داكس» الألماني بنسبة 0.9 في المائة، وقفز مؤشر «كوسبي» الكوري الجنوبي بنسبة 1.8 في المائة.

في المقابل، تراجع مؤشر «نيكي 225» في طوكيو بنسبة 1.1 في المائة بعد بيانات أظهرت انخفاض إنفاق الأسر اليابانية بنسبة 3 في المائة في أكتوبر على أساس سنوي، وهو أكبر تراجع منذ يناير (كانون الثاني) 2024، وسط تقلبات أثارها احتمال رفع «بنك اليابان» أسعار الفائدة.