توَّج سلطان عمان هيثم بن طارق، يوم الاثنين، زيارته إلى الجزائر التي بدأها، الأحد، بتوقيع اتفاقيات ومذكرات تفاهم بين البلدين في مجالات ترقية الاستثمار، وتنظيم المعارض والفعاليات، والتربية والتعليم، والبيئة والتنمية المستدامة، والخدمات المالية، والتشغيل والتدريب، والإعلام.
كما تم الاتفاق على إطلاق صندوق استثماري مشترك بين البلدين، بهدف إقامة شراكات ومشروعات مشتركة في مجالات الطاقة المتجددة والبتروكيماويات والزراعة الصحراوية، والتكنولوجيا والسياحة، وفق مصادر حكومية جزائرية.
كما أكد الجانبان «أهمية تعزيز فرص الشراكة في القطاع الخاص، وتشجيع التبادل التجاري والصناعي، والاستفادة من أسواق البلدين وموقعهما الجغرافي لترويج الصادرات الوطنية نحو الأسواق الإقليمية والدولية».

وأفاد بيان للرئاسة الجزائرية بأن التوقيع على الاتفاقات جرى بحضور الرئيس عبد المجيد تبون والسلطان هيثم بن طارق، الذي زار في وقت سابق «مقام الشهيد» بأعالي العاصمة الجزائرية، وهو من أهم المعالم في البلاد. كما زار «متحف المجاهد» في المكان نفسه، وتلقى شرحاً عن أبرز مراحل تاريخ الجزائر وبالأخص فترة ثورة التحرير من الاستعمار (1954 - 1962).
وكان ديوان البلاط السلطاني العماني قد أعلن في وقت سابق أن الزيارة جاءت «استجابة لدعوة تلقاها من أخيه، رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون»، مؤكداً أنها ستبحث «كل جوانب التعاون الثنائي من أجل الارتقاء بالعلاقات بين البلدين إلى مستوى التطلعات في جميع المجالات، بما يحقق نتائج تخدم المصالح المشتركة». كما أشار إلى أن السلطان العماني سيجري مع الرئيس الجزائري «مشاورات من أجل تعزيز العمل العربي المشترك، ومناقشة مختلف التطورات على المستويين الإقليمي والدولي».

وكان تبون قد قام في أكتوبر (تشرين الأول) 2024 بزيارة دولة إلى عمان، تُوجت ببيان مشترك أكد فيه الطرفان «رغبتهما في مواصلة تطوير التعاون الثنائي في شتى المجالات بما يخدم مصالح البلدين والشعبين الشقيقين».
وفي مناقشاتهما حول القضايا الإقليمية والدولية الراهنة، أكد الطرفان «أهمية التعاون والتنسيق داخل المنظمات والمحافل الإقليمية والدولية، بما يخدم مصالح البلدين، ويُعزز العمل العربي المشترك»، مع «دعم الجهود الرامية إلى تغليب الخيارات السلمية، وترسيخ أسس الأمن والاستقرار في المنطقة والعالم، من خلال احترام القانون الدولي والشرعية الدولية ومبادئ العدالة والإنصاف».
وشهد تبادل الخبرات والتجارب بين البلدين تطوراً ملحوظاً، من خلال عقد لقاءات بين رجال الأعمال لاستكشاف فرص الاستثمار والتعاون المشترك.
ويشار إلى أن البلدين يتفقان في كثير من القضايا ذات الصلة بالسياسة الخارجية، لكنهما يختلفان حول نزاع الصحراء. فبينما تدعم الجزائر «بوليساريو» التي تطالب بالاستقلال، انحازت مسقط لخطة الحكم الذاتي المغربية للصحراء.

وتزامنت زيارة السلطان العماني مع انتهاء أشغال «المؤتمر الـ38 للاتحاد البرلماني العربي» الذي عُقد في الجزائر يومي 3 و4 من الشهر الحالي، حيث أكد البيان الختامي للاجتماع «الموقف الثابت لأعضاء البرلمانات العربية، ودعمهم الكامل لقضيتهم الأولى، والأهم: القضية الفلسطينية»، مشدداً على «الرفض بشكل قاطع كل المخططات الصهيونية التي تستهدف الأراضي الفلسطينية عامة، وقطاع غزة خاصة، حيث بلغ المشروع الصهيوني ذروته الكاشفة، ولم يعد يخفي نياته بشأن خطته لتهجير الفلسطينيين خارج وطنهم، وتبرير مشروعات الاحتلال تحت مسميات زائفة».
ووفق البيان الختامي نفسه، «فقد سعى الكيان إلى فرض الهيمنة على الأراضي الفلسطينية، وتثبيت التبعية للإمبريالية، وما ارتبط بذلك من مذابح وحشية وممارسات عنصرية بغيضة، وتهجيرات قسرية، وجرائم اغتيال، وأعمال عنف ممنهجة ضد الشعب العربي الفلسطيني»، مبرزاً «ما ارتكبه من اعتداءات متكررة امتدت إلى عموم منطقتنا العربية، بعد أن بات يعلن عن هذه المخططات الاستفزازية بصراحة وبتصريحات رسمية على أعلى المستويات، ويعمل على تنفيذها عبر سلسلة من الإجراءات الميدانية والمؤسساتية التي تسعى إلى إعادة صياغة الجريمة وتقديمها على أنها هجرة طوعية، مستغلاً صمتاً دولياً مطبقاً وفر له بيئة آمنة لمواصلة ارتكاب هذه الجريمة، وبلوغ هذا المستوى من الإفلات من العقاب دون رادع أو مساءلة».

وبحث اجتماع الجزائر، إلى جانب القضية الفلسطينية والأوضاع في غزة، إعادة تشكيل اللجان الدائمة للاتحاد، «بما في ذلك لجنة فلسطين ولجنة الشؤون الاجتماعية والمرأة والطفل، ولجنة الشؤون السياسية والعلاقات البرلمانية، بهدف تعزيز فاعلية العمل البرلماني العربي». وشملت المناقشات أيضاً «التحديات الاجتماعية والاقتصادية لقضايا الشباب العربي كنقص فرص العمل، والانقطاع المبكر عن التعليم، والهجرة غير النظامية»، وفق ما جاء في الوثائق التي طُرحت خلال المؤتمر.


