بعد قصف إسرائيل ضد «المعمداني»... ماذا تبقى من مستشفيات غزة؟

الاحتلال استهدف 36 مستشفى... ومليون شخص شمال القطاع باتوا بلا خدمات طبية حقيقية

TT

بعد قصف إسرائيل ضد «المعمداني»... ماذا تبقى من مستشفيات غزة؟

امرأة تقف وسط الأنقاض في أعقاب الغارة الإسرائيلية على المستشفى المعمداني في غزة (أ.ف.ب)
امرأة تقف وسط الأنقاض في أعقاب الغارة الإسرائيلية على المستشفى المعمداني في غزة (أ.ف.ب)

تواصل إسرائيل استهداف المستشفيات والمراكز الطبية المختلفة في غزة، في ضغط إضافي على حركة «حماس» عبر تدمير المنظومة الصحية بشكل كامل، ومنع المنظمات الأممية والدولية من إدخال أي مواد طبية أو معدات، وحتى الوقود المخصص لتشغيلها منذ نحو شهر كامل.

واستهدفت طائرات حربية إسرائيلية، فجر الأحد، مبنى الاستقبال والطوارئ في مستشفى الأهلي العربي «المعمداني» الذي ترعاه وتديره الكنيسة الأسقفية الإنجليكانية، التي تتخذ مقراً رئيسياً لها في مدينة القدس المحتلة، وذلك بعد أن طلبت من إدارته إخلاء المبنى.

وجاءت الغارة الإسرائيلية، لتضاف إلى قصف آخر استهدف في الثالث والعشرين من مارس (آذار) الماضي، غرفة طبية داخل مجمع ناصر الطبي، وأسفر عن اغتيال إسماعيل برهوم عضو المكتب السياسي لحركة «حماس»، الذي كان يتلقى العلاج نتيجة إصابته بجروح بالغة إثر قصف طاله قبل أيام من تلك الغارة.

«المعمداني» خارج الخدمة

وأكدت وزارة الصحة بغزة، وكذلك إدارة المستشفى «المعمداني»، أنه خرج عن الخدمة بالكامل مؤقتاً بعد قصفه، وخشية تجدد قصف أي مبان أخرى بداخله.

وتعرض قسم الطوارئ والاستقبال لتدمير كامل، فيما تضررت أقسام منها المختبر، والصيدلية، وقسم الأشعة، بنسب متفاوتة تسببت في وقف العمل بشكل كامل فيها.

وتسبب القصف في نقل غالبية المرضى إلى مستشفيات أخرى، بعد أن أصبح «المعمداني» خالياً من الطواقم الطبية خشية على حياتهم.

وهذه ليست المرة الأولى التي يتعرض لها المستشفى لهجمات إسرائيلية، حيث تم استهدفه في الأسابيع الأولى للحرب، وتحديداً في 17 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، بهجوم دام، قتل وأصيب على إثره مئات من الفلسطينيين، وكان مواكباً لأول زيارة يجريها الرئيس الأميركي السابق جو بايدن لإسرائيل بعد هجوم السابع من أكتوبر، الذي رفض حينها تحميل إسرائيل مسؤولية عن الهجوم.

ونفت إسرائيل آنذاك مسؤوليتها، وزعمت أن صاروخاً أطلقته حركة «الجهاد الإسلامي» كان سبباً في الحادثة، وبعد أشهر اعتقلت عناصر من الحركة ونشرت لهم مقاطع فيديو قالوا فيها إن الحادث نتيجة الصاروخ، فيما نفت الحركة مراراً وتكراراً تلك الروايات، وأكدت أن الاحتلال من ارتكب المجزرة، وأكدت أن الاعترافات جاءت تحت التعذيب للمعتقلين.

كما تعرض «المعمداني» إلى اقتحام من قبل قوات برية إسرائيلية وصلت إليه من حيي الزيتون والشجاعية، ومناطق أخرى قريبة، وذلك في ديسمبر (كانون الأول) 2023، إذ اعتقلت عدداً من الأطباء والممرضين، والجرحى والمرضى والمرافقين لهم، من داخله.

وبقي المستشفى بعد هاتين الحادثتين خارج الخدمة لأشهر، قبل أن تنجح «منظمة الصحة العالمية» في إعادة تأهيله عبر تزويده ببعض المعدات لتشغيله، حتى أصبح المشفى الوحيد في مدينة غزة والشمال الذي يعمل بشكل شبه كامل، بعد أن تعرضت مستشفيات أخرى للقصف والتدمير وللاقتحام ما أخرجها عن الخدمة فعلياً.

وأصبح المستشفى يخدم سكان مدينة غزة وشمال القطاع الذين كان يقدر عددهم بنحو 350 ألف نسمة بعد أن نزح أكثر من 800 ألف من سكان تلك المناطق إلى وسط وجنوب القطاع تحت ضربات الجيش الإسرائيلي.

ماذا تبقى؟

في أعقاب الاستهداف الجديد لمستشفى «المعمداني»، يكون الجيش الإسرائيلي قد استهدف فعلياً 36 مستشفى ومركزاً طبياً في غزة خلال الحرب، وأعيد بعضها للعمل بشكل جزئي بعد تأهيلها وتشغيلها من منظمات دولية.

وخصصت وزارة الصحة في غزة، عقب الاستهداف، مجمع الشفاء الطبي الذي يعمل جزئياً بعد إعادة تأهيل عيادته الخارجية ليكون مركزاً للحالات الطارئة مثل جرحى القصف الإسرائيلي، إلى جانب مستشفى الهلال الأحمر الميداني في ساحة «السرايا» وسط مدينة غزة، الذي يعمل وفق إمكانات محدودة.

مجمع الشفاء الطبي بغزة بعد انسحاب الجيش الإسرائيلي منه (د.ب.أ)

كما جاء في القائمة مستشفى القدس التابع أيضاً للهلال الأحمر في حي تل الهوى جنوب مدينة غزة، الذي يعمل جزئياً بفعل استهدافه سابقاً.

وبذلك تكون كل المستشفيات القادرة على التعامل مع الحالات المرضية والطارئة والجرحى إثر العدوان الإسرائيلي تعمل بكفاءة جزئية، في مناطق مدينة غزة وشمال القطاع التي يقطنها حالياً بعد عودة النازحين ما لا يقل عن مليون شخص.

كما يعمل في تلك المناطق، مستشفى الحلو الدولي، ومستشفى أصدقاء المريض، ومجمع الصحابة الطبي، وهي عبارة عن مستشفيات خاصة، لكنها تعرضت لأضرار نتيجة قصف إسرائيلي واقتحامها عدة مرات سابقاً، حيث تخدم بشكل أساسي النساء الحوامل، والمواليد، والأطفال بشكل عام، وغير مجهزة لاستقبال أي حالات نتيجة القصف الإسرائيلي، وعدم توفر طواقم طبية وإمكانات لذلك.

كما يعمل مستشفى العودة الخاص، ومستشفى الإندونيسي الحكومي، في منطقة شمال القطاع، وتحديداً تل الزعتر وبيت لاهيا، لكنهما يعملان بشكل محدود جداً نتيجة استهدافات إسرائيلية متكررة لهما، وبالكاد لا يمكنهما سوى استقبال جثث الضحايا، وبعض الجرحى ممن يستطيعون تقديم العلاج لهم، فيما كان غالبيتهم يتم تحويلهم لمستشفى «المعمداني».

أما مناطق وسط القطاع وجنوبه، فما زالت تعمل فيها مستشفيات مركزية، هي «شهداء الأقصى» و«العودة» في منطقتي دير البلح والنصيرات (على الترتيب) وسط القطاع، ومجمع ناصر الطبي، ومستشفى غزة الأوروبي في خان يونس جنوباً.

وفي منطقة المواصي غرب القطاع توجد بعض المستشفيات الميدانية، مثل «الهلال الأحمر، والكويتي، والإماراتي، والقطري، والأميركي»، لكن خدماتها محدودة في استقبال الجرحى والمرضى.

وتؤكد وزارة الصحة بغزة أن ما تبقى من المستشفيات في القطاع غير مكتمل الخدمات، ولا يمكن أن يقدم الخدمات الطبية والجراحية المطلوبة، مشيرة إلى أن مليون شخص في مدينة غزة وشمالها باتوا بلا خدمات حقيقية تتعلق بالإسعاف والطوارئ بشكل أساسي بعد قصف المستشفى «المعمداني».

ادعاءات إسرائيلية

وادعت إسرائيل أن المبنى الذي استهدفته فجر الأحد، في «المعمداني» تستخدمه «حماس» بوصفه مقر قيادة وتحكم لتنفيذ هجمات ضدها.

لكن شهوداً ومترددين على المستشفى أكدوا أن المستهدف مبنى صغير يستقبل الحالات الطارئة للمعاينة الأولية مثل جرحى الغارات الإسرائيلية، ومعاينة جثث القتلى قبل تحويلها لثلاجات الموتى، فيما يتم لاحقاً نقل الجرحى إلى أقسام تخصصية لتلقي العلاج فيها.

وقال إداريون في المستشفى لـ«الشرق الأوسط» إن قسم الاستقبال والطوارئ «كان لا يتوقف عن العمل تقريباً بسبب كثافة حركة المرضى والجرحى والطواقم وكذلك ازدحام الممرضين والأطباء بداخله»، وأضافوا أنه «بافتراض صحة المزاعم الإسرائيلية فإن أي حركة لعناصر من الفصائل ستكون مكشوفة وكنا سنعلم بها، وهو ما لم يحدث، ويؤكد كذب رواية جيش الاحتلال».

وفي الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، لم تسلم أي من مستشفيات القطاع من أي غارات جوية أو عمليات برية أو حتى قصف مدفعي، وتعرضت جميعها للاستهداف المتكرر بحجج أمنية، منها أن حركة «حماس» تتخذها مقرات لقياداتها، أو أسفلها أنفاق، أو أنها مقرات تحكم وقيادة، وهو ما لم يثبت فعلياً في جميع العمليات، مروراً بما جرى في مستشفيي الشفاء أو الرنتيسي بمدينة غزة، وصولاً لمجمع ناصر الطبي ومستشفى الكويتي في خان يونس ورفح جنوب القطاع.

وتقدر مصادر ميدانية في غزة أن هدف القصف هو «الضغط أكثر على (حماس) على هامش المفاوضات التي تجري في القاهرة بشأن وقف إطلاق النار، لإحكام الأزمة الإنسانية في ظل تصاعد موجة الجوع واتساع الأزمات المتلاحقة على مختلف المستويات».

فلسطينيون يوزعون وجبات غذائية وسط تصاعد المخاوف من مجاعة في قطاع غزة (رويترز)

وفي عدة مرات خرج الجيش الإسرائيلي بمقاطع فيديو ادعى فيها العثور على أنفاق أسفل بعض تلك المستشفيات مثل الشفاء والرنتيسي، إلا أنه تبين لاحقاً عبر تأكيدات من مصادر إسرائيلية ومنها رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق إيهود باراك، أنها «مجرد ممرات أو ملاجئ، بنيت أثناء الحكم البريطاني أو الاحتلال العسكري الإسرائيلي للقطاع». إلى جانب أن ما عثر عليه في مستشفى الرنتيسي للأورام، كان مخزناً أسفل الأرض لصالح آبار المياه، وتشغيل محطات الأوكسجين وغيرها. وأكدت «حماس» وفصائل أخرى، إلى جانب وزارة الصحة بغزة، عدم صحة الروايات الإسرائيلية.


مقالات ذات صلة

وزيرة خارجية بريطانيا: يجب فتح كل الطرق والمعابر إلى غزة فوراً

المشرق العربي وزيرة الخارجية البريطانية إيفيت كوبر تتحدث في أثينا الخميس 18 ديسمبر الحالي (أ.ب)

وزيرة خارجية بريطانيا: يجب فتح كل الطرق والمعابر إلى غزة فوراً

أكدت وزيرة الخارجية البريطانية إيفيت كوبر، اليوم الثلاثاء، أنه «يجب فتح جميع الطرق والمعابر إلى غزة فوراً».

«الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (أ.ب)

مساعد سابق يقول إن نتنياهو كلّفه بوضع خطة للتهرب من مسؤولية هجوم 7 أكتوبر

صرّح مساعد سابق لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بأنه عقب هجوم «حماس» في أكتوبر 2023، الذي أشعل فتيل حرب غزة، كلّفه بإيجاد طريقة للتهرب من مسؤولية هذا الخرق الأمني

«الشرق الأوسط» (القدس)
المشرق العربي جانب من شمال قطاع غزة (رويترز)

نائب الرئيس الفلسطيني التقى الصفدي في عمّان لمناقشة أوضاع غزة والضفة

قال حسين الشيخ، نائب الرئيس الفلسطيني، إنه التقى، الثلاثاء، وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي، وأجريا محادثات ركزت على جهود تثبيت وقف إطلاق النار في غزة.

«الشرق الأوسط» (عمان)
المشرق العربي وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي خلال استقباله نظيره التركي هاكان فيدان بالقاهرة أغسطس الماضي (الخارجية التركية)

وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره التركي أهمية الانتقال للمرحلة الثانية من اتفاق غزة

قالت وزارة الخارجية المصرية، اليوم، إن الوزير بدر عبد العاطي أكد في اتصال هاتفي مع نظيره التركي هاكان فيدان، أهمية الانتقال للمرحلة الثانية من اتفاق غزة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
أوروبا الناشطة السويدية غريتا تونبرغ بعد خروجها من مركز للشرطة في لندن (رويترز)

الشرطة تفرج عن غريتا تونبرغ بعد توقيفها في مظاهرة داعمة للفلسطينيين بلندن

أفادت شرطة مدينة لندن بأنها أطلقت سراح ​الناشطة السويدية غريتا تونبرغ بعد القبض عليها اليوم الثلاثاء خلال مظاهرة داعمة للفلسطينيين.

«الشرق الأوسط» (لندن)

مقتل رئيس أركان الجيش الليبي بسقوط طائرته في تركيا

الفريق محمد الحداد رئيس أركان القوات التابعة لحكومة الدبيبة (رئاسة الأركان)
الفريق محمد الحداد رئيس أركان القوات التابعة لحكومة الدبيبة (رئاسة الأركان)
TT

مقتل رئيس أركان الجيش الليبي بسقوط طائرته في تركيا

الفريق محمد الحداد رئيس أركان القوات التابعة لحكومة الدبيبة (رئاسة الأركان)
الفريق محمد الحداد رئيس أركان القوات التابعة لحكومة الدبيبة (رئاسة الأركان)

أعلن رئيس ‌حكومة ‌الوحدة ‌الوطنية ⁠عبد الحميد الدبيبة «وفاة ⁠رئيس ‌أركان ‍الجيش ‍الليبي ‍بعد ​فقدان الاتصال ⁠بطائرته ‌فوق ‌أنقرة».
وكان وزير الداخلية التركي علي يرلي كايا قد أعلن فقدان الاتصال، مساء الثلاثاء، بالطائرة التي كانت تقلّ رئيس أركان الجيش الليبي، بعد وقت قصير من إقلاعها من أنقرة.

وقال الوزير عبر منصة إكس إنّ «الاتصال فُقد عند الساعة 20:52 (17:52 ت غ) هذا المساء مع الطائرة الخاصة من طراز فالكون 50، وتحمل الرقم 9H-DFJ، والتي أقلعت من مطار أنقرة إيسنبوغا عند الساعة 20:10 متجهة إلى طرابلس».

وأضاف أنّ «طلب هبوط اضطراري ورد من محيط منطقة هايمانا، لكن لم يتم التمكن من الاتصال بالطائرة بعد ذلك»، موضحا أنّ «الطائرة كانت تقلّ خمسة أشخاص، بينهم رئيس أركان القوات المسلحة الليبية، الفريق محمد علي أحمد الحداد».

ونقلت وسائل إعلام ليبية عن وزير الدولة للاتصال قوله: «ننتظر النتائج من الجانب التركي والترجيح أن الطارة سقطت».

ووفقاً لـ«رويترز»، كانت ‍وزارة الدفاع التركية أعلنت في وقت سابق من ​هذا الأسبوع عن زيارة رئيس الأركان الليبي ⁠إلى أنقرة، مشيرة إلى أنه التقى بنظيره التركي وعدد من القادة العسكريين.

وقد أغلق المجال الجوي لأنقرة أمام حركة الطيران، وأفادت التقارير بسماع دوي انفجار في المنطقة.

واليوم استقبل وزير الدفاع التركي يشار غولر الفريق محمد علي الحداد. كما استقبل رئيس الأركان العامة الجنرال سلجوق بايراكتار أوغلو رسمياً الجنرال الحداد.


إشادة سعودية بالاتفاق اليمني في مسقط لتبادل المحتجَزين

اتفاق بين الحكومة اليمنية والجماعة الحوثية في مسقط على تبادل 2900 محتجَز وأسير (إكس)
اتفاق بين الحكومة اليمنية والجماعة الحوثية في مسقط على تبادل 2900 محتجَز وأسير (إكس)
TT

إشادة سعودية بالاتفاق اليمني في مسقط لتبادل المحتجَزين

اتفاق بين الحكومة اليمنية والجماعة الحوثية في مسقط على تبادل 2900 محتجَز وأسير (إكس)
اتفاق بين الحكومة اليمنية والجماعة الحوثية في مسقط على تبادل 2900 محتجَز وأسير (إكس)

أشاد السفير السعودي لدى اليمن، محمد آل جابر، بالاتفاق الذي توصّل إليه طرفا الصراع في اليمن لتبادل المحتجَزين، برعاية الأمم المتحدة وبوساطة سلطنة عمان، واصفاً هذه الخطوة بأنها «تعزز جهود التهدئة وبناء الثقة في اليمن».

وفي تغريدة على منصة «إكس»، نوّه آل جابر بالجهود التي بذلها فريقا التفاوض من الطرفين، مؤكداً أن الاتفاق يعالج قضية ذات بُعد إنساني، ويتيح لكل المحتجَزين العودة إلى أُسرهم، كما أعرب عن تقديره توجيهات القيادة السعودية، ومتابعة وزير الدفاع، وتعاون الحكومة اليمنية، والمساعي الصادقة من سلطنة عمان.

كان الوفد الحكومي اليمني ووفد الجماعة الحوثية قد أعلنا، الثلاثاء، توصلهم لاتفاق يقضي بتبادل 2900 محتجَز وأسير من الطرفين، حيث يشمل الاتفاق الإفراج عن 1700 أسير حوثي، مقابل 1200 محتجَز من الجانب الحكومي؛ بينهم 7 سعوديون و23 سوادنياً من قوات «تحالف دعم الشرعية» في اليمن.

من جانبها، رحّبت اللجنة الدولية للصليب الأحمر بالاتفاق المبدئي لإطلاق سراح المحتجَزين ونقلهم وإعادتهم إلى أوطانهم، داعية جميع الأطراف إلى ترجمة الالتزامات إلى أفعال على أرض الواقع.

وقالت رئيسة بعثة اللجنة في اليمن، كريستين شيبولا: «نُعوّل على تعاون أطراف النزاع، ومن الضروري أن تحترم الأطراف التزاماتها بموجب الاتفاق، وأن تعمل على تحديد المحتجَزين المقرر إطلاق سراحهم دون تأخير».

كما أشادت السفيرة البريطانية لدى اليمن، عبده شريف، بالجهود المبذولة من اللجنة الدولية وسلطنة عمان، مؤكدة أن التعاون المستمر من جميع الأطراف أمر أساسي لإحراز تقدم نحو إطلاق سراح المعتقلين.

بدورها، رحبت وزارة الخارجية العمانية بالاتفاق، وثمّنت الروح الإيجابية التي سادت المفاوضات بين 9 و23 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، مؤكدة دور المملكة العربية السعودية، وجهود مكتب المبعوث الأممي الخاص باليمن واللجنة الدولية للصليب الأحمر، وكل الأطراف المشارِكة في نجاح هذا المسعى الإنساني.

خطوة إنسانية وتوقعات بالتنفيذ

في تعليق حكومي يمني، أعرب وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني عن ترحيبه بالاتفاق الذي يشمل شخصيات سياسية بارزة مثل الأستاذ محمد قحطان، واصفاً الخطوة بأنها «إنسانية مهمة طالَ انتظارها، وتُخفف من معاناة آلاف الأُسر اليمنية، وتمثل تقدماً ملموساً في أحد أكثر الملفات الإنسانية إيلاماً».

وأكد الإرياني أن الاتفاق جاء ثمرة توجيهات ومتابعة القيادة السياسية بمجلس القيادة الرئاسي برئاسة رشاد العليمي، وتجسيداً لالتزام الحكومة بالتعامل مع ملف الأسرى والمحتجَزين كقضية إنسانية وأخلاقية، بعيداً عن أي اعتبارات سياسية أو انتقائية؛ لضمان الإفراج عن الجميع دون استثناء.

كما أشاد بالدور المحوري للسعودية وجهود قيادتها في متابعة هذا الملف الإنساني، بالتعاون مع الحكومة اليمنية، مشيراً إلى حرصها على تخفيف معاناة الشعب اليمني وتعزيز فرص التهدئة وبناء الثقة.

وأشار الإرياني أيضاً إلى مساهمة سلطنة عمان في استضافة جولات التفاوض، وتهيئة الأجواء المناسبة للتوصل إلى الاتفاق، مُعرباً عن تقديره الجهود الدولية والمبادرات الأممية التي أسهمت في تقريب وجهات النظر.

ولفت إلى أن الحكومة اليمنية ستواصل تنفيذ الاتفاق بكل مسؤولية؛ لضمان الإفراج الكامل عن جميع المحتجَزين والمختطَفين والمخفيين قسراً، ووضع حد لمعاناة آلاف الأُسر اليمنية التي طال انتظارها لهذا اليوم.


العليمي يجدد التحذير من مخاطر إجراءات «الانتقالي» الأحادية

حشد في عدن من أنصار المجلس الانتقالي الجنوبي المطالب بالانفصال عن شمال اليمن (رويترز)
حشد في عدن من أنصار المجلس الانتقالي الجنوبي المطالب بالانفصال عن شمال اليمن (رويترز)
TT

العليمي يجدد التحذير من مخاطر إجراءات «الانتقالي» الأحادية

حشد في عدن من أنصار المجلس الانتقالي الجنوبي المطالب بالانفصال عن شمال اليمن (رويترز)
حشد في عدن من أنصار المجلس الانتقالي الجنوبي المطالب بالانفصال عن شمال اليمن (رويترز)

جدد رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني، رشاد العليمي، الثلاثاء، التحذير من خطورة الإجراءات الأحادية التي اتخذها المجلس الانتقالي الجنوبي في محافظتي حضرموت والمهرة، على الأصعدة السياسية والأمنية والاقتصادية والخدمية على الدولة اليمنية.

وشدد العليمي على أن أي مساع لفرض واقع خارج إطار المرجعيات المتوافق عليها تهدد المركز القانوني للدولة وتضعف مؤسساتها، بما يفتح الباب أمام إعادة إنتاج الصراعات داخل الشرعية، ويزيد من هشاشة الدولة أمام الميليشيات الحوثية المدعومة من النظام الإيراني.

وأشار العليمي إلى أن الشراكة السياسية القائمة يجب أن تُحترم كأداة لحماية الدولة، وأن أي محاولة لتحويلها إلى وسيلة لفرض أجندة أحادية تعرّض البلاد لمخاطر كبيرة، بما في ذلك تعطيل مؤسسات الدولة، واستخدامها غطاءً لمشاريع خارجة عن التوافق الوطني.

وأضاف أن الحفاظ على وحدة القرار اليمني والتوافق الوطني العريض يمثل مصلحة عليا، ويعد شرطاً أساسياً لاستمرار الدعم سواء الإقليمي أو الدولي، وحماية مسار التعافي الاقتصادي، وضمان استقرار المجتمع اليمني، ومنع تفتيت الشرعية أو إضعافها.

وذكر الإعلام الرسمي أن العليمي عقد اجتماعاً مع رئاسة «هيئة التشاور والمصالحة» بحضور نواب رئيس الهيئة عبد الملك المخلافي، وصخر الوجيه، وجميلة علي رجاء، وأكرم العامري، لمناقشة الإجراءات الأحادية الأخيرة وتداعياتها على الشراكة السياسية.

وركز الاجتماع على دور الهيئة كأحد أعمدة التوافق الوطني التي أنشأها إعلان نقل السلطة لحماية مؤسسات الدولة من الانزلاق نحو الفوضى، وضمان استمرار التعاون بين القوى الوطنية المناهضة لمشروع الحوثيين المدعوم من إيران.

مسؤولية جماعية

أكد العليمي - حسب الإعلام الرسمي - أن الهيئة مطالبة بتحمل مسؤولية جماعية تتجاوز ردود الفعل، نحو بناء أدوات حاكمة تحمي مؤسسات الدولة وتردع أي محاولات لاستغلالها في مشاريع خارج التوافق.

وشدد على أن القضية الجنوبية، رغم عدالتها، يجب أن تعالج ضمن المرجعيات المتفق عليها، وعدم السماح بتحويلها إلى ذريعة لإجراءات أحادية قد تقوض فرص الحل السلمي، وتضعف التعاطف سواء الإقليمي أو الدولي، وتعيد القضية من مسارها السياسي الآمن إلى مسار تصادمي قد يفاقم الأزمات.

كما حذر العليمي من أن التهاون مع هذه الإجراءات الأحادية سيؤدي إلى إفراغ مجلس القيادة وهيئاته المساندة من مضمونها التوافقي، وتهديد المركز القانوني للدولة، وإعادة إنتاج صراع داخلي جديد داخل الشرعية، ما يضعف قدرة الدولة على مواجهة التحديات الأمنية والاقتصادية والإنسانية.

العليمي مجتمعاً في الرياض مع رئاسة هيئة التشاور والمصالحة (سبأ)

ولفت إلى أن المصالح العليا لليمن تتمثل اليوم في الحد من المعاناة الإنسانية، والحفاظ على وحدة القرار، واستمرار الدعم سواء الإقليمي أو الدولي، وحماية مسار التعافي الاقتصادي، ومنع عزل أو إضعاف الشرعية.

واطلع الاجتماع على إحاطة من رئاسة هيئة التشاور حول مقارباتها بشأن المستجدات الجارية، مؤكدة دعم الهيئة الكامل لمجلس القيادة والحكومة، وأهمية المضي قدماً في تنفيذ مهام المرحلة الانتقالية، وتفويض قيادة مجلس القيادة باتخاذ الإجراءات اللازمة لحماية التوافق الوطني العريض، وحشد الطاقات كافة لمواجهة الميليشيات الحوثية المدعومة من إيران.

حماية الدولة ووحدة القرار

في سياق تحركات العليمي، ذكرت المصادر الرسمية أنه التقى بقيادات وزارة الخارجية ورؤساء البعثات الدبلوماسية، بحضور وزير الخارجية شائع الزنداني، لبحث مستجدات الوضع المحلي، خصوصاً الإجراءات الأحادية التي دفعت بعض المؤسسات لإصدار بيانات سياسية خارجة عن اختصاصها.

وحذر من أن هذا المسار يهدد وحدة القرار، ويخلق سلطة موازية بالقوة، مما قد يؤدي إلى ارتباك قانوني وسياسي داخلي، ويضعف جهود المجتمع الدولي في دعم استقرار اليمن.

وشدد رئيس مجلس القيادة اليمني على أن المواقف السياسية العليا تتحدد عبر مجلس القيادة ومؤسسات الدولة المختصة، وعلى رأسها وزارة الخارجية، وليس من خلال بيانات منفردة أو اصطفافات أحادية.

العليمي مجتمعاً مع قيادة وزارة الخارجية ومع البعثات الدبلوماسية عبر الاتصال المرئي (سبأ)

كما أشار إلى أن أي ازدواج في السلطة أو القرار من شأنه إعاقة برامج الدعم وإعادة اليمن إلى مربع الدولة الفاشلة المتنازع عليها، ومنح الحوثيين فرصة لتعزيز نفوذهم وتحشيد المقاتلين خلف شعارات زائفة.

وأكد العليمي على أهمية تحصين مؤسسات الدولة من أي تسييس إداري، ومنع استخدام الوزارات والمؤسسات السيادية والخدمية في أي مشاريع خارج نطاق المرجعيات الرسمية، مع اتخاذ مسار قانوني واضح ضد أي تجاوزات تهدد وحدة القرار أو المركز القانوني للدولة. وشدّد على توجيه الجهد الوطني نحو مواجهة الميليشيات الحوثية، واستعادة مؤسسات الدولة، وإنهاء المعاناة الإنسانية، وحماية مصالح اليمن العليا على الصعيدين الداخلي والدولي.