خطة من الاتحاد الأوروبي لتعزيز الذكاء الاصطناعي ومنافسة أميركا والصين

عَلم الاتحاد الأوروبي ورسوم بيانية للأسهم وكلمة «الذكاء الاصطناعي» تظهر في هذا الرسم التوضيحي (رويترز)
عَلم الاتحاد الأوروبي ورسوم بيانية للأسهم وكلمة «الذكاء الاصطناعي» تظهر في هذا الرسم التوضيحي (رويترز)
TT
20

خطة من الاتحاد الأوروبي لتعزيز الذكاء الاصطناعي ومنافسة أميركا والصين

عَلم الاتحاد الأوروبي ورسوم بيانية للأسهم وكلمة «الذكاء الاصطناعي» تظهر في هذا الرسم التوضيحي (رويترز)
عَلم الاتحاد الأوروبي ورسوم بيانية للأسهم وكلمة «الذكاء الاصطناعي» تظهر في هذا الرسم التوضيحي (رويترز)

كشف الاتحاد الأوروبي، يوم الأربعاء، عن خطة لتعزيز قطاع الذكاء الاصطناعي في القارة ومساعدته على منافسة الولايات المتحدة والصين بشكل أكثر فعالية، وذلك بعد تلقّيه انتقادات من شركات التكنولوجيا بأن تنظيماته معقدة وتُعرقل الابتكار.

وفي بيان صحفي، أوضحت المفوضية الأوروبية، الذراع التنفيذية للاتحاد، تفاصيل ما سمّته «خطة عمل قارة الذكاء الاصطناعي»، والتي تهدف إلى «تحويل الصناعات الأوروبية التقليدية القوية والموارد البشرية المتميزة في القارة إلى محركات قوية للابتكار وتسريع وتيرة الذكاء الاصطناعي»، وفق شبكة «سي إن بي سي».

وتتضمن الخطة عدة تدابير لتعزيز تطور الذكاء الاصطناعي على المستوى الإقليمي، من بينها: إنشاء شبكة من «مصانع الذكاء الاصطناعي»، و«المصانع العملاقة»، وإنشاء مختبرات متخصصة تهدف إلى تسهيل وصول الشركات الناشئة إلى بيانات تدريب عالية الجودة.

ويُعرّف الاتحاد الأوروبي هذه «المصانع» بأنها منشآت ضخمة تُجهّز بأحدث الرقاقات المتطورة، والمخصصة لتدريب وتطوير نماذج الذكاء الاصطناعي الأكثر تقدماً.

كما يعتزم الاتحاد إنشاء مكتب خدمة لقانون الذكاء الاصطناعي؛ بهدف تقديم الدعم للشركات الإقليمية، وتيسير امتثالها للتشريع الأوروبي الرائد في هذا المجال.

وصرّحت المفوضية الأوروبية بأن «قانون الذكاء الاصطناعي يعزز ثقة المواطنين بالتكنولوجيا، ويوفر للمستثمرين ورواد الأعمال يقيناً قانونياً ضرورياً لتوسيع نطاق الذكاء الاصطناعي ونشره على مستوى القارة»، مضيفةً أن مكتب الخدمة سيكون بمثابة «نقطة الاتصال المركزية، والمصدر الأساسي للمعلومات والإرشاد بشأن القواعد التنظيمية».

وتتلاقى هذه الخطة، إلى حد كبير، مع خطة عمل المملكة المتحدة للذكاء الاصطناعي، التي جرى الإعلان عنها مطلع العام الحالي، حيث تعهدت بريطانيا أيضاً بتوسيع بنيتها التحتية المحلية في مجال الذكاء الاصطناعي لدعم المطورين وتعزيز الابتكار التقني.

هل تُعرقل التنظيمات الابتكار؟

تأتي هذه الخطوة في وقتٍ تواجه فيه بروكسل انتقادات متزايدة من قادة التكنولوجيا الذين يرون أن قوانين الاتحاد، سواء في الذكاء الاصطناعي أم الضرائب، تُصعّب على الشركات الناشئة العمل والنمو داخل السوق الأوروبية.

لقد أثبت التشريع التاريخي للاتحاد الأوروبي، المعروف باسم «قانون الذكاء الاصطناعي»، أنه يمثل تحدياً كبيراً، ولا سيما للشركات الناشئة في قطاع الذكاء الاصطناعي سريع النمو.

فالقانون يُنظّم استخدامات وتطبيقات الذكاء الاصطناعي وفقاً لمستوى المخاطر التي قد تُشكّلها على المجتمع، وقد خضع، في السنوات الأخيرة، لتعديلات موسّعة ليشمل ما يُعرف بـ«صانعي النماذج الأساسية»، مثل شركة أوبن إيه آي الأميركية والشركة الناشئة الفرنسية ميسترال، الأمر الذي أثار اعتراضات واسعة لدى بعض أبرز الفاعلين بهذا القطاع الحيوي.

وفي قمة عالمية للذكاء الاصطناعي نُظّمت في باريس، مطلع العام الحالي، صرّح كريس ليهان، كبير مسؤولي الشؤون العالمية في «أوبن إيه آي»، لشبكة «سي إن بي سي»، بأن القادة السياسيين ورجال الأعمال في أوروبا باتوا يشعرون بخطر تفويت قطار الذكاء الاصطناعي، مطالبين الهيئات التنظيمية بتقليل تركيزها على المخاطر، والتركيز بدلاً من ذلك على تسريع الابتكار.

وقال ليهان، في فبراير (شباط) الماضي: «نحن أمام مفترق طرق، وربما حتى توتر حقيقي، بين التوجه الأوروبي على مستوى الاتحاد... وبعض الدول الأعضاء التي ترغب بسلوك مسار مختلف، أكثر انفتاحاً على تبنّي الابتكار".

من جهتها، وجّهت الإدارة الأميركية انتقادات حادة للاتحاد الأوروبي بسبب نهجه الصارم تجاه شركات التكنولوجيا الأميركية العملاقة، فضلاً عن تعقيد البيئة التنظيمية أمام شركات الذكاء الاصطناعي الناشئة.

وفي القمة نفسها بباريس، دعا نائب الرئيس الأميركي جيه دي فانس الأوروبيين إلى تبنّي رؤية أكثر تفاؤلاً، وقال: «نحن بحاجة إلى أن ينظر أصدقاؤنا الأوروبيون إلى هذا الأفق التكنولوجي الجديد بتفاؤل، لا بريبة وتوجس».

في السياق نفسه، صرّح جون بايرز، رئيس قسم الذكاء الاصطناعي العالمي بشركة أوزبورن كلارك القانونية، لشبكة «سي إن بي سي»، عبر البريد الإلكتروني، قائلاً: «ثمة تركيز واضح، اليوم، على تقليص عبء التنظيم، وإزالة الحواجز التي تعرقل الابتكار، وهو ما يعكس، إلى حد كبير، المخاوف التي أثارتها الإدارة الأميركية».

وأضاف بايرز: «ولا يقتصر الأمر على أوروبا، فإذا كانت المفوضية جادة بشأن إزالة الالتباسات القانونية الناجمة عن تفسير قانون الذكاء الاصطناعي، فإن ذلك سيُشكّل دفعة كبيرة لمطوري ومستخدمي الذكاء الاصطناعي في المملكة المتحدة والولايات المتحدة أيضاً، خاصة أن القانون يُطبّق على جميع الأنظمة التي تُستخدم داخل الاتحاد الأوروبي، بغض النظر عن مصدرها الجغرافي».


مقالات ذات صلة

«المنتدى السعودي للإحصاء» يطرح تجارب عالمية لتعزيز التكامل بين المعرفة والاحتياج المحلي

الاقتصاد رئيس الهيئة العامة للإحصاء فهد الدوسري (الشرق الأوسط)

«المنتدى السعودي للإحصاء» يطرح تجارب عالمية لتعزيز التكامل بين المعرفة والاحتياج المحلي

أكد رئيس الهيئة العامة للإحصاء، فهد الدوسري، أن المنتدى السعودي الأول للإحصاء يمثل منصة وطنية تُعنى بتطوير منظومة العمل الإحصائي ودعم السياسات العامة.

«الشرق الأوسط» (الرياض )
آسيا الرئيس الصيني شي جينبينغ (د.ب.أ)

الرئيس الصيني: علينا تجاوز تحديات تطوير الذكاء الاصطناعي

أكّد الرئيس الصيني شي جينبينغ أن على بلاده أن تتجاوز تحديات تطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي الأساسية، بما في ذلك صنع الرقائق المتطورة.

«الشرق الأوسط» (بكين)
الاقتصاد المدينة الرقمية في العاصمة السعودية الرياض (الشرق الأوسط)

«رؤية السعودية» تقود التحول الرقمي وتدفع التقدم في الاقتصاد المعرفي

نجحت السعودية في ترسيخ موقعها واحدةً من أبرز القوى الاقتصادية الرقمية الصاعدة على مستوى العالم، مستندة إلى رؤية استراتيجية طموحة ضمن «رؤية 2030».

«الشرق الأوسط» (الرياض)
خاص تحول «يوتيوب» من منصة ترفيهية إلى مساحة للتعليم والتغيير الاجتماعي والتمكين الاقتصادي ما جعله جزءاً حيوياً من المشهد الرقمي العربي

خاص «يوتيوب» في عيده العشرين... ثورة ثقافية واقتصادية غيرت المحتوى الرقمي

«يوتيوب» يحتفل بمرور 20 عاماً على انطلاقه، مؤكداً دوره المحوري في تمكين صناع المحتوى، خصوصاً في السعودية عبر أدوات، ودعم وفرص دخل متنامية.

نسيم رمضان (سان فرانسيسكو - الولايات المتحدة)
تكنولوجيا خطوات بسيطة مثل منح العمال الإذن باستخدام الذكاء الاصطناعي قد تساعد في مضاعفة اعتماد التكنولوجيا الجديدة (رويترز)

«غوغل»: يمكن للعمال توفير 122 ساعة سنوياً عبر استخدام الذكاء الاصطناعي في المهام الإدارية

أظهرت برامج تجريبية أن العمال يمكنهم توفير أكثر من 120 ساعة سنوياً باستخدام الذكاء الاصطناعي في المهام الإدارية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن - لندن)

وفد سعودي ضخم يبحث في إيطاليا التعاون في التحول الصناعي والطاقة المستدامة

لقاء سابق للمنجد مع عمدة مدينة نابولي (منصة إكس)
لقاء سابق للمنجد مع عمدة مدينة نابولي (منصة إكس)
TT
20

وفد سعودي ضخم يبحث في إيطاليا التعاون في التحول الصناعي والطاقة المستدامة

لقاء سابق للمنجد مع عمدة مدينة نابولي (منصة إكس)
لقاء سابق للمنجد مع عمدة مدينة نابولي (منصة إكس)

انطلقت، الأحد، في إيطاليا، ثلاثة منتديات أعمال واستثمار سعودية - إيطالية، بمشاركة ممثلين للقطاعين الحكومي والخاص، وذلك بهدف تعزيز الشراكة الاقتصادية والاستثمارية والتجارية.

واستهلت هذه المنتديات باجتماع المنتدى الأول لمجلس الأعمال السعودي الإيطالي، مع «اتحاد أصحاب الأعمال في مقاطعة لومباردي» في ميلانو. فيما ينطلق، الاثنين، منتدى مشترك لمجلس الأعمال السعودي الإيطالي مع «اتحاد الحرفيين والشركات الصغيرة والمتوسطة»، يليه منتدى ثالث مع «اتحاد أصحاب الأعمال» في مقاطعة بيدمونت في تورينو الثلاثاء، في أول زيارة رسمية للمجلس إلى هذه المدينة الصناعية المهمة، في سبيل إيجاد شراكات بين الجانبين السعودي والإيطالي.

وكانت رئيسة الوزراء الإيطالية زارت المملكة في يناير (كانون الثاني) الماضي، والتقت ولي العهد الأمير محمد بن سلمان في مدينة العلا، حيث جرى توقيع اتفاقية إنشاء مجلس الشراكة الاستراتيجية بين البلدين.

ولي العهد الأمير محمد بن سلمان لدى استقباله رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني في العُلا يناير الماضي (واس)
ولي العهد الأمير محمد بن سلمان لدى استقباله رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني في العُلا يناير الماضي (واس)

وفي هذه المناسبة، قال المهندس كامل المنجّد، رئيس مجلس الأعمال السعودي الإيطالي، لـ«الشرق الأوسط»، إنه «في إطار العلاقات المتنامية بين السعودية وإيطاليا، يوجد وفد أعمال سعودي رفيع المستوى في إيطاليا على مدى ثلاثة أيام، ضمن زيارة لمدينتي ميلانو وتورينو، من أجل السعي إلى تعزيز التعاون الاقتصادي والاستثماري والثقافي بين البلدين، وفتح آفاق جديدة لشراكات استراتيجية ومستدامة».

وأضاف المنجد: «الزيارة التي نقوم بها من 28 إلى 30 أبريل (نيسان) 2025، هي من تنظيم مشترك بين مجلس الأعمال السعودي الإيطالي، ووزارة الاستثمار، وسفارة خادم الحرمين الشريفين في روما، وبشراكة مع مؤسسات إيطالية منها (اتحاد أصحاب الأعمال في مقاطعة لومباردي) و(اتحاد الحرفيين والشركات الصغيرة والمتوسطة) و(اتحاد أصحاب الأعمال في مقاطعة بيدمونت)».

المنجد مع وزير المالية الإيطالي جورجيتي في فعالية العام الماضي (الشرق الأوسط)
المنجد مع وزير المالية الإيطالي جورجيتي في فعالية العام الماضي (الشرق الأوسط)

ووفق المنجد، فإن الوفد، يعدّ أكبر بعثة أعمال سعودية تزور إيطاليا حتى اليوم، ويضم 100 شخصية، من بينها أكثر من 20 ممثلاً عن الوزارات والجهات الحكومية، إلى جانب قادة تنفيذيين من القطاع الخاص بمجالات متنوعة تشمل الطاقة المتجددة، والصناعة المتقدمة، واللوجيستيات، والسياحة، والغذاء، والزراعة، والعقار، والرعاية الصحية، والتقنيات الحديثة.

ولفت المنجد إلى أن المنتديات الثلاثة، تركز على محاور حديثة في الاقتصاد المعرفي، مثل التحول الصناعي، والطاقة المستدامة، والمدن الذكية، والابتكار، وسلاسل الإمداد، إلى جانب لقاءات ثنائية وزيارات ميدانية لشركات ومشاريع إيطالية رائدة.

وتابع أنه «في ظل التحول الشامل الذي تشهده المملكة طبقاً لـ(رؤية 2030) فإن السعودية ترحب بشركاء دوليين يملكون الرؤية، والابتكار، والجودة. وتُعد إيطاليا، بما تملكه من خبرة عميقة في مجالات التصميم، والهندسة، والصناعة، شريكاً طبيعياً لمسيرة المملكة نحو المستقبل».

وأوضح أن مجالات التعاون بين البلدين، لا تقتصر على الاقتصاد، حيث شهد ذلك تطوراً كبيراً في التبادل الثقافي بعد توقيع مذكرة التفاهم بين وزارتي الثقافة في عام 2023، التي أسهمت في إطلاق مشاريع مشتركة في مجالات التصميم، والمتاحف، والفنون، والسينما، مبيناً أن هذا التكامل الثقافي يثري الجانب الاقتصادي، ويمنحه بُعداً إنسانياً عميقاً.

وشدّد المنجد على ثقته في أن تشكل المنتديات الثلاثة محطة جديدة ومميزة في العلاقات السعودية الإيطالية، ليس فقط على مستوى التبادل التجاري، بل في بناء جسور التعاون المتكامل بين الثقافة، والصناعة، والطموح المشترك، وقال: «إيطاليا شريك استراتيجي للمملكة، واليوم أكثر من أي وقت مضى، نحتاج إلى تفكير مشترك، وتخطيط طويل الأمد، وشراكات تعود بالنفع على الأجيال المقبلة في كلا البلدين».

وقال إن «عدد الشركات الإيطالية في المملكة تجاوز الـ200 شركة، غير أننا نواجه بعض التحديات التي تتمثل في نقص الوعي، فكثير من الشركات الصغيرة والمتوسطة الإيطالية ليست على دراية كافية بحجم الفرص الواسعة المتاحة في السعودية، وما نحتاج إليه بشدة هو تحسين التواصل وزيادة الوعي».

وشدّد المنجد على ضرورة إطلاق مبادرات أكثر استهدافاً، مثل الجولات الترويجية في إيطاليا، ومنصات لقاءات ثنائية متخصصة حسب القطاعات، وتيسير الوصول إلى المعلومات باللغة الإيطالية، مؤكداً أن مجلس الأعمال السعودي الإيطالي ملتزم ببناء هذه الجسور.