لبنان يمضي في الإصلاح المالي المطلوب من المجتمع الدولي

الحكومة تدرس مشروع «إعادة تنظيم المصارف» وتنتقل إلى «معالجة الفجوة المالية»

مجلس الوزراء مجتمعاً لدراسة مشروعات قوانين الإصلاح المالي (رئاسة الحكومة اللبنانية)
مجلس الوزراء مجتمعاً لدراسة مشروعات قوانين الإصلاح المالي (رئاسة الحكومة اللبنانية)
TT
20

لبنان يمضي في الإصلاح المالي المطلوب من المجتمع الدولي

مجلس الوزراء مجتمعاً لدراسة مشروعات قوانين الإصلاح المالي (رئاسة الحكومة اللبنانية)
مجلس الوزراء مجتمعاً لدراسة مشروعات قوانين الإصلاح المالي (رئاسة الحكومة اللبنانية)

أقرت الحكومة اللبنانية، الثلاثاء، الأسباب الموجبة لمشروع القانون المتعلق بإصلاح وضع المصارف في لبنان وإعادة تنظيمها، ضمن نقاشات بدأت يوم الجمعة الماضي، على أن تنتهي أواخر الأسبوع الحالي بإقرار مشروع القانون وإحالته إلى البرلمان، وذاك ضمن خطوات إصلاحية مالية بدأتها الحكومة قبل أسبوعين بإقرار مشروع قانون لتعديل قانون السرية المصرفية، ويليه مشروع قانون حول معالجة الفجوة المالية الناتجة عن الأزمة المالية في 2019.

وعقدت الحكومة اللبنانية، برئاسة رئيسها نواف سلام، الجلسة الثانية لدراسة مشروع القانون المتعلق بإصلاح وضع المصارف في لبنان وإعادة تنظيمها. وقال وزير الإعلام بول مرقص بعد انتهاء جلسة الحكومة: «هناك تقدُّم كبير في البحث».

سلام يترأس جلسة مجلس الوزراء (رئاسة الحكومة اللبنانية)
سلام يترأس جلسة مجلس الوزراء (رئاسة الحكومة اللبنانية)

وأعلن مرقص الأسباب الموجبة لإقرار هذا القانون، التي تنطلق من أن لبنان واجه، منذ 6 سنوات، أزمة مالية خطيرة حرمت أصحاب الودائع من التصرف في ودائعهم، وإصابة القطاع المصرفي بشلل كبير. وقال مرقص: «إن مسؤولية الدولة في العمل لإيجاد الحلول الملائمة تنطلق من مبدأين متلازمين، الحرص على حقوق المودعين، والعمل على تعافي القطاع المصرفي ليؤدي دوره الائتماني كاملاً، وفي تمويل الاقتصاد وتحفيز نموّه».

3 إصلاحات

وقال: «لما كان التصدي للأزمات الاقتصادية والمالية والمصرفية التي يعاني منها لبنان بالإضافة إلى الحفاظ على حقوق المودعين، يستوجبان خطوات تشريعية مرتبطة بثلاثة إصلاحات رئيسية تتعلق بالسرية المصرفية وإعادة هيكلة المصارف ومعالجة الفجوة المالية، بما يسمح بإعادة التوازن للانتظام المالي».

وأعلن مرقص أن الحكومة ستقرّ، كخطوة أولى، «مشروع قانون يرمي إلى إجراء تعديلات على قانون سرية المصارف، كشرط ضروري للمحاسبة ولمعرفة دقيقة للفجوة المالية، وبمفعول رجعي لمدة 10 سنوات من تاريخ تقديم كل طلب»، تمهيداً لوضع مشروع قانون لمعالجة الفجوة الذي يسمح بإعادة التوازن للانتظام المالي»، مضيفاً: «يأتي هذا المشروع المتعلق بإصلاح وضع المصارف في لبنان، كخطوة ثانية، ليضع إطاراً قانونياً حديثاً وفق أفضل المعايير الدولية المتبعة، يفتقده التشريع المصرفي في لبنان وتحتاج الحكومة، فضلاً عن مصرف لبنان، للتعامل مع الأزمات المالية كافة، وفي مقدمها الأزمة الحالية البالغة الضرر على المواطنين اللبنانيين وعلى اقتصاد لبنان».

رئيس الحكومة اللبنانية نواف سلام خلال انعقاد مجلس الوزراء (رئاسة الحكومة)
رئيس الحكومة اللبنانية نواف سلام خلال انعقاد مجلس الوزراء (رئاسة الحكومة)

وقال مرقص إن «مشروع القانون قيد الدراسة كان، وما زال، محل مطالبة مطالبة من أهل القانون اللبنانيين ومن المؤسسات الدولية المهتمة بمساعدة لبنان».

معالجة الفجوة المالية

وإذ تعهدت الحكومة بمتابعة الخطوتين، أعلن وزير الإعلام عن خطوة ثالثة في المستقبل القريب «تتمثل في وضع مشروع قانون حول معالجة الفجوة المالية بما يسمح بإعادة التوازن للانتظام المالي، ويسهم في انتشال لبنان من عمق الأزمة التي عرفها منذ عام 2019».

وقال: «سيكون إعداد مشروع القانون الثالث هذا أولوية لدى حكومتنا، وسوف ننكب عليه آخذين في الحسبان جوانبه المالية والقانونية كافة؛ ما يقتضي التواصل مع كل المعنيين لا سيما المودعين، ومصرف لبنان والمصارف»، مشيراً إلى أن ذلك قد يستغرق نحو شهرين إلى ثلاثة أشهر، وأمل «أن يقر مجلس النواب قانون تعديل السرية المصرفية الذي أُرْسِلَ أخيراً وقانون إصلاح الوضع المصرفي قيد الدراسة راهناً في مجلس وزراء؛ ما يعجل في وضع قانون إعادة التوازن المالي أي معالجة الفجوة، ويسهل عملية تنفيذه، ويضعنا على سكة الإنقاذ».

وأشار مرقص إلى «أننا أقررنا، الثلاثاء، الأسباب الموجبة التي هي مهمة جداً، وتشرح باختصار أنه لدينا ثلاث خطوات وهي، تعديل السرية المصرفية والفجوة المالية أي التوازن المالي، وسننهي البحث يوم الجمعة أو السبت، وسنقر مشروع القانون الذي نحن بصدده، وسيكون التنفيذ مرتبطاً بالقانون المتعلق بالفجوة المالية، وهكذا نكون استكملنا كل الدورة التشريعية، على الأقل في الجزء المطلوب من الحكومة، ولقد أرسلنا تعديل قانون السرية المصرفية، وسنرسل هذا النص أيضاً تمهيداً لإقرار النص الثالث».


مقالات ذات صلة

إصرار لبناني - دولي على مواصلة دوريات «اليونيفيل» رغم اعتراض إحداها بالجنوب

المشرق العربي آلية لـ«اليونيفيل» تسير بمحاذاة الخط الأزرق الحدودي بين لبنان وإسرائيل خلال دورية (اليونيفيل)

إصرار لبناني - دولي على مواصلة دوريات «اليونيفيل» رغم اعتراض إحداها بالجنوب

حسمت الحكومة اللبنانية وبعثة «اليونيفيل» القرار بأن الدوريات مستمرة، وستكمل البعثة الدولية مهامها، وذلك بعد اعتراض إحدى دورياتها في بلدة طيردبا.

نذير رضا (بيروت)
المشرق العربي ناخبات أمام قلم اقتراع للتصويت في الانتخابات البلدية عام 2016 (أرشيفية - أ.ف.ب)

لبنان يستعد لدخول مرحلة الانتخابات المحلية

يستعد لبنان للدخول في مرحلة الانتخابات البلدية والاختيارية التي تنطلق الأحد 4 مايو (أيار) 2025 وتمتد على أربع مراحل بدءاً من محافظة جبل لبنان.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
خاص خضر عواضة أمام ركام منزله الجاهز الذي استهدفته إسرائيل ليلة عيد الفطر (الشرق الأوسط)

خاص الاستهدافات الإسرائيلية للمنازل الجاهزة بجنوب لبنان تحرم السكان من «المأوى المؤقت»

نشطت في الفترة الأخيرة الاستهدافات الإسرائيلية التي طالت المنازل الجاهزة في القرى الحدودية الجنوبية، إذ اختارها جنوبيون كثر للسكن المؤقت.

حنان حمدان (بيروت)
المشرق العربي طلاب يتجمعون على درج المتحف الوطني في بيروت (رويترز)

المناصفة الطائفية في انتخابات بلدية بيروت يكتنفها الغموض ومخاوف من خلط الأوراق

أحدثت اقتراحات القوانين الرامية إلى تعديل قانون البلديات لحماية المناصفة بين المسلمين والمسيحيين في المجلس البلدي لبيروت إرباكات.

محمد شقير (بيروت)
المشرق العربي عناصر من الجيش اللبناني خلال مهمة تفتيش وملاحقة لمطلوبين (مديرية التوجيه)

الجيش اللبناني يُوقف متورطاً بإطلاق النار باتجاه الأراضي السورية

نفّذ الجيش اللبناني، الجمعة، عمليات دهم في شمال شرقي البلاد، وأوقف لبنانياً مشتبهاً بتورطه في إطلاق النار على الجانب السوري نتيجة خلافات حول أعمال التهريب.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

أكراد سوريا يطالبون بدولة «ديمقراطية لامركزية» تضمن حقوقهم

الشرع يُصافح قائد «قسد» مظلوم عبدي عقب توقيع الاتفاق بينهما في دمشق (أرشيفية - أ.ب)
الشرع يُصافح قائد «قسد» مظلوم عبدي عقب توقيع الاتفاق بينهما في دمشق (أرشيفية - أ.ب)
TT
20

أكراد سوريا يطالبون بدولة «ديمقراطية لامركزية» تضمن حقوقهم

الشرع يُصافح قائد «قسد» مظلوم عبدي عقب توقيع الاتفاق بينهما في دمشق (أرشيفية - أ.ب)
الشرع يُصافح قائد «قسد» مظلوم عبدي عقب توقيع الاتفاق بينهما في دمشق (أرشيفية - أ.ب)

تبنّت الأحزاب الكردية السبت، رؤية سياسية مشتركة لبناء دولة «ديمقراطية لامركزية» في سوريا، يضمن دستورها حقوق الأكراد، ومشاركة المرأة سياسياً وعسكرياً، داعية إلى اعتمادها أساساً للحوار مع السلطة الجديدة في دمشق.

ومنذ إطاحة حكم الرئيس المخلوع بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، أبدى الأكراد انفتاحاً تجاه الإدارة الانتقالية، التي أكدت بدورها رفض أي محاولات تقسيم أو انفصال، في إشارة إلى طموحات الأكراد بتكريس الحكم الذاتي الذي أقاموه بعد اندلاع النزاع عام 2011.

أكراد سوريون يحتفلون في القامشلي بالاتفاق بين الإدارة السورية و«قسد» (أرشيفية - رويترز)
أكراد سوريون يحتفلون في القامشلي بالاتفاق بين الإدارة السورية و«قسد» (أرشيفية - رويترز)

وفي ختام مؤتمر عُقد في مدينة القامشلي (شمال شرق) بعنوان «وحدة الموقف والصف الكردي»، تبنّى المجتمعون «صياغة رؤية سياسية كردية مشتركة، تُعبّر عن إرادة جماعية ومشروع واقعي لحل عادل للقضية الكردية في سوريا، كدولة ديمقراطية لامركزية».

وشارك في المؤتمر أكثر من 400 شخصية كردية من سوريا، وممثلون لأكراد تركيا وإقليم كردستان العراق.

وقال القيادي في المجلس الوطني الكردي محمّد إسماعيل، خلال تلاوته البيان الختامي، إن الرؤية تشكّل «وثيقة تأسيسية» في إطار «سوريا موحدة، بهويتها متعددة القوميات والأديان والثقافات، يضمن دستورها الحقوق القومية للشعب الكردي... ويصون حرية المرأة وحقوقها، ويمكّنها من المشاركة الفاعلة بكل المؤسسات السياسية والاجتماعية والعسكرية».

ودعا البيان إلى اعتماد الرؤية «أساساً للحوار الوطني» بين القوى الكردية ومع الإدارة الجديدة في دمشق، على أن يتم تشكيل وفد للتواصل مع الأطراف المعنية لترجمة مضامين الرؤية.

وخلال حكم عائلة الأسد، عانى الأكراد من تهميش وإقصاء طيلة عقود. لكنهم تمكنوا إثر اندلاع النزاع عام 2011 من بناء إدارة ذاتية تتبع لها مؤسسات سياسية وتربوية وعسكرية.

أكراد يحتفلون بعيد النوروز الربيعي في القامشلي بسوريا (رويترز)
أكراد يحتفلون بعيد النوروز الربيعي في القامشلي بسوريا (رويترز)

وسيطروا على مساحات واسعة في شمال شرقي سوريا، بعدما تصدت قوات سوريا الديمقراطية، ذراعهم العسكرية المدعومة أميركياً، لتنظيم «داعش»، وطردته من مناطق واسعة غنية بالنفط والغاز والسهول الزراعية.

وخلال سنوات النزاع، تباينت مواقف المكونات الكردية في سوريا بقضايا عدة، بينما شكل حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي، أكبر تلك الأحزاب، العمود الفقري للإدارة الذاتية.

وبعد إطاحة الأسد، وقع الرئيس أحمد الشرع وقائد قوات سوريا الديمقراطية مظلوم عبدي، اتفاقاً في 11 مارس (آذار)، قضى «بدمج» كل المؤسسات المدنية والعسكرية التابعة للإدارة الذاتية الكردية في إطار الدولة السورية.

ورغم الاتفاق مع الشرع، الذي يُفترض استكمال تطبيق بنوده بحلول نهاية العام، فإن الإدارة الذاتية وجهت انتقادات حادة إلى الإعلان الدستوري، الذي منح وفق خبراء، سلطات مطلقة للرئيس في إدارة المرحلة الانتقالية، المحددة بـ5 سنوات. كما اعترضت على الحكومة التي شكلها، وقالت إنها لن تكون معنية بتنفيذ قراراتها، باعتبار أنها «لا تعبر عن التنوع» في سوريا.

وفي كلمة ألقاها خلال الافتتاح السبت، أكد عبدي أن «المؤتمر لا يهدف، كما يقول البعض، إلى التقسيم، لا، بل على العكس تماماً، (يُعقد) من أجل وحدة سوريا».

وشدد في الوقت نفسه، على حاجة البلاد إلى «دستور جديد لامركزي»، مضيفاً: «نحن مع أن تأخذ كل المكونات السورية حقها في الدستور، لنستطيع بناء سوريا ديمقراطية لامركزية».

أشخاص يحتفلون بعد أن وقّعت قوات سوريا الديمقراطية (قسد) التي يقودها الأكراد اتفاقاً يقضي بالاندماج في مؤسسات الدولة السورية الجديدة... في القامشلي - سوريا - 10 مارس 2025 (رويترز)
أشخاص يحتفلون بعد أن وقّعت قوات سوريا الديمقراطية (قسد) التي يقودها الأكراد اتفاقاً يقضي بالاندماج في مؤسسات الدولة السورية الجديدة... في القامشلي - سوريا - 10 مارس 2025 (رويترز)

ويريد الأكراد، وهم الأقلية العرقية الأكبر في البلاد، اعترافاً بدورهم وهويتهم في سوريا، والحفاظ على مكتسباتهم، بينها قوتهم العسكرية المنظمة التي تضم نساء ورجالاً.

وفي منشور على منصة «إكس»، قال القيادي الكردي البارز بدران جيا كورد، إن مخرجات المؤتمر ستتيح للمكونات الكردية «تحقيق وتثبيت الحقوق المشروعة للشعب الكردي»، إضافة إلى «لعب دور ريادي في التحولات الديمقراطية الجذرية بسوريا».

وأضاف: «يجب أن تُشكّل هذه الخطوة المباركة مصدر أمل وتفاؤل وارتياح لجميع السوريين من أجل وحدتهم وقوتهم، وليس سبباً للتحفظ أو الخوف».