ثلث مطاعم لندن تعاني من ظاهرة «كل واهرب»

مطالبة حكومية بالتدخل لتفادي الإفلاس وفرض العقوبة على هذه السرقات

تكثر السرقات في الجلسات الخارجية بالمطاعم (الشرق الاوسط)
تكثر السرقات في الجلسات الخارجية بالمطاعم (الشرق الاوسط)
TT
20

ثلث مطاعم لندن تعاني من ظاهرة «كل واهرب»

تكثر السرقات في الجلسات الخارجية بالمطاعم (الشرق الاوسط)
تكثر السرقات في الجلسات الخارجية بالمطاعم (الشرق الاوسط)

ظاهرة «Dine and Dash» أو الخروج من المطعم دون دفع الفاتورة تعدّ مشكلة متزايدة في كثير من المطاعم في بريطانيا، وبالأخص في لندن.

وفقاً لبعض التقارير والإحصائيات الحديثة، تشير بعض الدراسات إلى أن ثلث المطاعم في لندن ومناطق أخرى في المملكة المتحدة قد تأثرت بهذا النوع من السلوك. هذه الظاهرة ليست جديدة، لكنها في تزايد كبير، وتعود لأسباب عديدة، مثل الازدحام، حيث تعدّ لندن مدينة ذات كثافة سكانية عالية جداً، ومن بين أكثر عواصم العالم من حيث استقبال ملايين السياح سنوياً، وهذا الازدحام يخلق بيئة يسهل فيها على البعض الخروج من المطاعم دون أن يُلاحَظوا من قبل الموظفين، كما أن هناك من يعتقد أنه ليس هناك قانون صارم بما فيه الكفاية، ما يساهم في ازدياد هذه الحوادث.

القانون في بريطانيا قد يتغير قريباً، خاصة أنه تم إصدار حكم بالسجن لمدة عام لزوجين بريطانيين قاما برفقة أبنائهما الستة بالأكل في مطاعم كثيرة في بريطانيا من دون دفع الفاتورة، بالإضافة إلى سرقة منتجات من السوبرماركت، ويبدو أن الحكومة في بريطانيا أرادت أن تجعل من برنارد ماك دونا، وزوجته آن ماك دونا، عبرة لكل من يعتقد أنه سيتمكن من الفرار من دون عقوبة، بعدما ازدادت هذه الظاهرة بشكل كبير.

يتهرب بعض الزبائن من الدفع عند جلوسهم على الطاولات الخارجية (الشرق الاوسط)
يتهرب بعض الزبائن من الدفع عند جلوسهم على الطاولات الخارجية (الشرق الاوسط)

ومن بين الأسباب التي تساعد على حدوث هذا النوع من السرقات هو استخدام بعض المطاعم أنظمة دفع عبر الهواتف المحمولة أو الأجهزة اللوحية أو «كيو آر كود»، ما يجعل من السهل على الشخص مغادرة المكان دون التفاعل المباشر مع الموظفين، وفي بعض الأحيان قد تكون الأنظمة في بعض المطاعم غير كافية لتوثيق المدفوعات بشكل صحيح، ما يمنح الأشخاص فرصة للهروب من دفع الفاتورة.

وفي مقابلة مع الشيف الإيطالي ألدو زيلي، قال: «الحوادث تزداد بشكل كبير، ولا سيما المطاعم التي لديها جلسات خارجية، فمن الصعب على فريق العمل في المطبخ أن يراقبوا الجالسين في الخارج طيلة الوقت. وبالتالي من السهل على النصابين ترك الطاولة دون أن يدفعوا فلساً واحداً».

وأكثر المطاعم التي تتعرض للسرقة في لندن وخارجها هي المطاعم الفاخرة أو التي تقدم المأكولات الراقية، فقد يجد البعض أن الفاتورة مرتفعة للغاية ولا يستطيعون دفعها، وبالتالي يلجأون إلى الهروب دون دفع. وعن الخسائر المادية التي تتكبدها المطاعم، يقول زيلي: «هذا النوع من السلوك يؤدي إلى خسائر مالية للمطاعم، ويؤثر على أرباحها، خاصة إذا كانت الظاهرة منتشرة في مناطق مثل لندن، حيث يزداد عدد الزبائن بشكل مستمر. وفي حال لم تتدخل الحكومة فستضطر عدة مطاعم لإقفال أبوابها أو سيكون مصيرها الإفلاس».

وتابع الشيف زيلي أنه بدأ يطلب من زبائنه ترك بطاقة الائتمان الخاصة بهم مع النادل قبل طلب الطعام لضمان دفع الفاتورة. في حين يرى البعض الآخر من الطهاة وأصحاب المطاعم أن هذه الطريقة قد تؤثر على علاقة المطعم بزبائنه، ومن الصعب تطبيق هذا الأسلوب.

يعاني الطهاة من الهروب من دفع الفاتورة في بريطانيا (رويترز)
يعاني الطهاة من الهروب من دفع الفاتورة في بريطانيا (رويترز)

مكافحة مثل تلك السرقات مكلفة جداً بالنسبة للمطاعم، فهي تخسر عندما تأتي مجموعات من الأشخاص لتناول الطعام، وغالباً ما يختارون أغلى الأطباق المتوفرة على لائحة الطعام، وبعدها يتركون المطعم والعاملين فيه لتحمل العبء المادي، فبعض المطاعم تحمل الموظفين والندل هذه المسؤولية، وتقوم بخصم المبالغ المسروقة من رواتبهم، كما أن التكلفة الأخرى التي تعاني منها المطاعم تكمن في طرق مكافحة الاحتيال من خلال استخدام تقنيات وأدوات مكلفة، مثل كاميرات المراقبة أو أنظمة الدفع المعززة، لتقليل حدوث هذا النوع من السلوك.

على الرغم من أن ثلث المطاعم في لندن يعاني من هذه الظاهرة، فإن الأمر يعدّ أقل من الظواهر الأخرى مثل الاحتيال أو السرقة في الأسواق الكبرى، لكنه لا يزال يمثل تحدياً لصناعة المطاعم في المدينة.

ومن بين المطاعم التي تعرضت للنصب بهذه الطريقة، مطعم «ذا لادبيري» في منطقة نوتينغ هيل، ومطعم «غوردون رامسي» في مايفير وكينزينغتون، بالإضافة إلى مطعم «هاكاسان» الآسيوي في منطقة مايفير، ويتعرض أيضاً كثير من المطاعم السياحية، مثل كوفنت غاردن وسوهو ونوتينغ هيل وبوند ستريت وأكسفورد ستريت، التي تعدّ من بين أكثر الشوارع التجارية ازدحاماً في لندن، حيث يكثر فيها التسوق وتناول الطعام. ومع وجود حركة مرور دائمة، قد يعتقد البعض أنه بإمكانهم مغادرة المطاعم دون أن يُلاحظ أحد.

ولم تسلم مطاعم الوجبات السريعة من هذه الظاهرة، فيتعرض يومياً كل من «فايف غايز» و«شيك شاك» للسرقة، بالإضافة إلى مطاعم للوجبات السريعة من مناطق مكتظة بالسياح مثل «شورديتش» و«هاكني».

ويقول ألدو زيلي إن عدم دفع الفاتورة لا يقتصر على الهرب فقط من المطعم، إنما على استخدام الأزواج لأطفالهم. ويروي: «الأطفال يتدربون على السرقة أيضاً، فيكونون على دراية بالسيناريو الذي يرسمه الأهل، وهذا الأمر مؤسف للغاية».

ويتابع زيلي: «من أساليب عدم دفع الفاتورة أيضاً هو وضع قطعة من البلاستيك في الأطباق للتهرب من الدفع، والوقاحة تتعدى هذا الشيء لدرجة أن بعضهم يأكلون أغلى الأطباق، وبعد الانتهاء من أكلها يرفضون الدفع لأن الأكل لم يرق لهم».

«الزبون هو دائماً على حق»، لكن هل يحقّ له أن يأكل ويهرب؟ وهل يحقّ له أن يتسبب في إفلاس مطعم وإقفاله؟!


مقالات ذات صلة

نسيج النكهات والخلطات العالمية في معرض «هوريكا» ببيروت

يوميات الشرق اللبنانية الأولى نعمت عون تفتتح معرض «هوريكا» (الشرق الأوسط)

نسيج النكهات والخلطات العالمية في معرض «هوريكا» ببيروت

في نسخته الـ29، يُجدّد «هوريكا» في مساره، ومحتواه، إذ يطلّ على خبراء في عالم التغذية والطبخ من مختلف دول العالم. ويخصّص مساحات لعروض مباشرة في هذا الفنّ.

فيفيان حداد (بيروت)
مذاقات بيتزا مميزة في مطاعم في منطقة "كور جوليان" (نيويورك تايمز)

مرسيليا ملكة البيتزا الحلال... والأرمينية

في إحدى الليالي المعتدلة في مرسيليا، ثاني أكبر مدينة في فرنسا، تتحرك الحشود في شوارع حي «كور جوليان» المركزي الذي تتناثر فيه رسومات الغرافيتي.

ليلي رادزييمسكي (مرسيليا)
مذاقات «محشي ماما»... فكرة وليدة شغف 3 أمهات بالطبخ

«محشي ماما»... فكرة وليدة شغف 3 أمهات بالطبخ

في قلب القاهرة، وفي منطقة شبرا، انطلقت قبل 3 أشهر فكرة فريدة من نوعها بتدشين مطعم «محشي ماما»، الذي يتخصص في تقديم أصناف المحشي الشهية

محمد عجم (القاهرة)
مذاقات «الكوكيز»... حلوى من صنع منصات التواصل الاجتماعي

«الكوكيز»... حلوى من صنع منصات التواصل الاجتماعي

برقائق الشوكولاتة المتناثرة على سطحها، اكتسبت «الكوكيز» الأميركية شعبية كبيرة خلال السنوات الأخيرة في العديد من الدول العربية

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
صحتك 4 حقائق صحية تدعوك إلى تناول الفطر

4 حقائق صحية تدعوك إلى تناول الفطر

لا يحتاج الفطر «عيش الغراب» (Mushrooms) إلى ضوء الشمس لينمو، ويتضاعف حجم الفطر كل 24 ساعة، ويُزرع ويُحصد على مدار العام.

د. عبير مبارك (الرياض)

مرسيليا ملكة البيتزا الحلال... والأرمينية

بيتزا مميزة في مطاعم في منطقة "كور جوليان" (نيويورك تايمز)
بيتزا مميزة في مطاعم في منطقة "كور جوليان" (نيويورك تايمز)
TT
20

مرسيليا ملكة البيتزا الحلال... والأرمينية

بيتزا مميزة في مطاعم في منطقة "كور جوليان" (نيويورك تايمز)
بيتزا مميزة في مطاعم في منطقة "كور جوليان" (نيويورك تايمز)

في إحدى الليالي المعتدلة في مرسيليا، ثاني أكبر مدينة في فرنسا، تتحرك الحشود في شوارع حي «كور جوليان» المركزي الذي تتناثر فيه رسومات الغرافيتي. تتوزع المباني الملونة كما لو أن مياه البحر الأبيض المتوسط القريبة قد غمرتها ثم انحسرت عنها وخلفت وراءها أصباغ قوس قزح متناثرة.

إنه منتصف الليل تقريباً. لا تزال الساحة تعج بالناس. أغلب المطاعم مغلقة، لكن الوهج الدافئ يلوح من طاولات أخرى مفتوحة، حيث تفوح رائحة صلصة الطماطم والجبن والعجين في الهواء.

قال لي صديقي سيمون، المولود في مرسيليا، عندما انتقلت إلى المدينة منذ أكثر من عام بقليل: «هنا، الطعام في وقت متأخر من الليل، ليس الكباب أو الكريب إنها البيتزا».

تتميز بيتزا مرسيليا بقشرة أقسى من بيتزا نابولي اللينة. وعادة ما تُصنع بجبن الإيمنتال بدلاً من جبن الموزاريلا. ويقول البعض إن السبب في ذلك هو أن جبن الإيمنتال كان متاحاً أكثر؛ بينما يؤكد آخرون أنه أكثر ملوحة وغنى. وكثيراً ما يستبدل صانعو البيتزا البردقوش البروفنسالي بالأوريغانو؛ وأحياناً ينثرون الثوم النيء فوقها.

أما شريحة بيتزا مرسيليا الكلاسيكية، فهي فطيرة الـ«مواتييه مواتييه» (النصف نصف)، وهي فطيرة من الطماطم محشوة بالأنشوجة على جانب واحد والجبن على الجانب الآخر. أما البيتزا الأرمينية، فإنها تحتوي على لحم البقر المفروم والبصل والفلفل. وتوجد نقانق فيغاتيلي الحلوة مع الجبن الذي يشبه الريكوتا فوق الفطيرة الكورسيكية. تتوفر البيتزا الحلال في حي «نواي» القريب من الميناء.

ويعكس هذا التنوع طابع المدينة نفسها. جلب الإيطاليون البيتزا للمرة الأولى إلى مرسيليا في أواخر القرن التاسع عشر، ومنذ ذلك الحين، احتضنت المدينة موجات من المهاجرين، من أماكن مثل أرمينيا وكورسيكا والجزائر، وجميعهم احتضنوا الطبق الإيطالي الأصل وجعلوه طبقاً خاصاً بهم.

تقول سيلين رينيارد، المؤرخة المحلية: «لا يختلف الأمر كثيراً في مرسيليا عن المدن الساحلية الصناعية الكبرى الأخرى، لكن ما يميز مرسيليا، ربما مثل نيويورك بعض الشيء، هو أن هناك طابعاً كوزموبوليتانياً عالمياً. إذ تعدُّ المدينة نفسها بوتقة انصهار للجميع».

مرسيليا هي فسيفساء من الناس والثقافة والتاريخ. والبيتزا هي مجرد وسيلة لاستكشاف ذلك المزيج.

وصل المهاجرون الإيطاليون إلى مرسيليا بأعداد كبيرة في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين، حيث استقر الكثير منهم في «لو بانييه»، أقدم أحياء المدينة، حيث افتتحوا مطاعم مثل «لا بيلا بيتزا»، أول مطعم بيتزا مسجل في المدينة.

بيتزا "مواتييه مواتييه" في مرسيليا (نيويورك تايمز)
بيتزا "مواتييه مواتييه" في مرسيليا (نيويورك تايمز)

كانت جوزفين روكارو وزوجها يديران مزرعة في صقلية قبل أن ينتقلا إلى مرسيليا في وقت ما من عشرينات القرن الماضي - وعائلتهما غير متأكدة من السنة التي هاجرا فيها على وجه التحديد. في البداية كانت روكارو تبيع البيتزا في الشارع من صندوق خشبي. ثم افتتحت مطعم «لا بيلا بيتزا» في عام 1924.

لم يعد المطعم الأصلي موجوداً. لكن بالقرب من «كور جوليان»، ينفتح باب أسود خفي على صوت أزيز مسموع من غرفة مزدحمة ذات إضاءة خافتة. تلف صانعة البيتزا العجين وتديره على خلفية فرن ناري مشتعل. المكان ضيق، لكن عندما يكون الطقس لطيفاً - وهو ما يحدث أغلب الوقت في مرسيليا - يتدفق رواد المطعم إلى الشرفة. هذا هو مطعم «لا بيلا بيتزا» اليوم، ويديره رومان سابينزا، وهو حفيد حفيد روكارو.

خلال إحدى زياراتنا الأخيرة، خرج سابينزا من خلف المنضدة بابتسامة عريضة. افتتح المطعم في عام 2021 بعد أن قضى سنوات في وظيفة مكتبية. وقال إنه كان متحمساً للعمل بيديه، حيث كان يقوم بحركة عجن عجينة البيتزا.

عندما نشأ في بلدة قريبة، كان منزل والديه وأجداده - الذي كان يبعد أقل من نصف ميل عن بعضهما بعضاً - مجهزاً بأفران البيتزا في الفناء الخلفي، كما قال وهو يقلب في بعض الصور القديمة الممسوحة ضوئياً على هاتفه.

في إحدى الصور، تجتمع العائلة حول طاولة بلاستيكية بيضاء مغطاة بقماش مزين بالزهور بينما كانت جدته تقطع البيتزا. قال سابينزا إن أجداده كانوا يملكون مطعمهم الخاص في مرسيليا، الذي كان يحمل اسماً مختلفاً في الستينات. وقال إن تجار المخدرات والقوادين كانوا يتناولون الطعام هناك بجانب رئيس الشرطة والسياح.

تُصنع البيتزا في مطعم «لا بيلا بيتزا» على طريقة مرسيليا مغطاة بالثوم الطازج؛ ويقول سابينزا إن شريحة البيتزا يجب أن تكون مقرمشة بما يكفي للإمساك بها بثلاثة أصابع - الإبهام والسبابة والوسطى - ويجب أن تكون صلبة من الأسفل ولينة من الداخل.

وقال أيضاً: «بيتزا مرسيليا هي بيتزا لها قصة. فنحن نشعر بالتاريخ والإنسانية والثقافة من خلال الطعام وكيفية تناوله».

طلبات البيتزا الجاهزة كبيرة ورائجة في مرسيليا؛ حيث تجوب المدينة أكثر من 50 شاحنة حول المدينة وتقف في مواقع مختلفة حسب اليوم. يأخذ الناس البيتزا لتناولها على الشاطئ، ويعرضون أحياناً مشاركتها مع أي شخص قريب. عندما يلعب فريق كرة القدم المحلي «أولمبيك مارسيليا» مباراة ما، يبدو الأمر كما لو أن كل شخص في المدينة لديه شريحة بيتزا في يده. حتى أن الكثيرين يتناولونها أثناء التنقل، وهو أمر نادر في فرنسا، حيث يعدُّ الجلوس لتناول الوجبات أمراً مقدساً.

في أيام الخميس، بدءاً من نحو الساعة الرابعة عصراً تقريباً، عادة ما تركن شاحنة بيضاء تابعة لـ»برونو لافوري» (48 عاماً)، أمين صندوق اتحاد شاحنات البيتزا المحلي، مقابل كنيسة «نوتردام دو مونت»، على بعد خطوات قليلة من مطعم «لا بيلا بيتزا».

وفي ظهيرة أحد أيام الأسبوع، كان أحد زملاء لافوري يقف خلف منضدة المطبخ. كان يتحرك في إيقاع ثابت، جاعلاً تعدد المهام يبدو وكأنه رقصة لا شعورية من دون عناء. كان يسجل طلباً، ويدور ويدخل الفطيرة في الفرن قبل أن يدور عائداً إلى المنضدة ويمد يده إلى الأعلى ليحضر المناديل. قدَّم الخدمة للزبائن، ثم عاد إلى الثلاجة، وأمسك بكومة من العجين ووضعها بقوة على المنضدة وعجنها ومدها، ثم نشر الصلصة ونثر الجبن ثم أدخلها إلى الفرن.

على مدار 15 عاماً، كان لافوري يدير هذه العملية اللذيذة، لكن غير الموصوفة: قال لي عندما جلست معه لتناول القهوة: «لا يوجد اسم معين لها. إنها فقط الشاحنة، هذا هو الاسم».

تحتوي «بيتزا بيانكا»، وهي شاحنة في ساحة «سيباستوبول» - وهي ساحة تضم مقاهي ومحال بقالة متخصصة وسوقاً في صباح السبت - على أكثر من 50 نوعاً من البيتزا الكاملة، بالإضافة إلى شرائح البيتزا في قائمة الطعام الخاصة بها. قشرة البيتزا الكورسيكية رقيقة وصلبة ومتماسكة، لكنها ليست مقرمشة. ويضيف الجبن نكهة كريمية خفيفة ومالحة إلى الصلصة، أما النقانق فهي ذات مذاق أشبه بالعسل.

في منتصف المسافة تقريباً بين «بيتزا بيانكا» وحي «كور جوليان»، تقع شاحنة بيتزا «جيه دي» بلونها الأصفر الكناري، حيث تقدم شاحنة بيتزا «جيه دي» الصفراء مجموعة واسعة مماثلة من العروض والخيارات (هذا هو المكان الذي صنع فيه أنتوني بوردان والشيف إريك ريبيرت البيتزا في مسلسل «أجزاء غير معروفة: مرسيليا»). القشرة سميكة وناعمة والشرائح كبيرة. تُعدُّ البيتزا الأرمينية، التي تحتوي على الفلفل الأخضر والأحمر الذي يكمل اللحم المفروم والبصل مدرجة تحت فئة «البيتزا التقليدية» في قائمة الطعام.

في جميع أنحاء مرسيليا، هناك عدد لا يحصى من المطاعم المتواضعة التي قد تحتوي على عدد من الفطائر المعروضة أكثر من عدد الطاولات. أحد هذه الأماكن هو مطعم «بيتزا شارلي» - وهو متجر تديره عائلة أسسته منذ أكثر من 60 عاماً، ولديه الآن ثلاثة فروع في جميع أنحاء المدينة - وهو من المؤسسات المحلية البارزة هنا.

يقع «بيتزا شارلي» الأصلي قبالة سوق «مارشيه دي نواي»، وقفت نبية عليوي (67 عاماً)، التي تعمل في المطعم، على طاولة خارج واجهته الحمراء، تلف الحلويات الرمضانية. جميع أنواع البيتزا التي يقدمها مطعم «شارلي» حلال؛ فهناك شرائح لحم الديك الرومي والمرقاز (السجق العربي) إلى جانب الجبن والأنشوجة. قشرة البيتزا رقيقة ومتينة، لكنها لا تتشقق عند طيها، والصلصة ذات نكهة عشبية. انتقلت السيدة عليوي من الجزائر إلى مرسيليا منذ نحو 40 عاماً إلى المبنى في الشارع المقابل للمطعم، وسرعان ما بدأت في التواجد في الطابق السفلي مع شارلي رودوسيو، ابن مؤسس المطعم، الذي كان مالكا للمطعم وقتذاك، والآن، يمتلك ابنها، شارلي رودوسيو جونيور المطعم.

* خدمة «نيويورك تايمز»