كيف يؤثر التوقيت الصيفي على نومك وصحتك ونظامك الغذائي؟

من الضروري الحفاظ على عاداتنا الصحية بعد بدء التوقيت الصيفي (جامعة نورث كارولاينا)
من الضروري الحفاظ على عاداتنا الصحية بعد بدء التوقيت الصيفي (جامعة نورث كارولاينا)
TT
20

كيف يؤثر التوقيت الصيفي على نومك وصحتك ونظامك الغذائي؟

من الضروري الحفاظ على عاداتنا الصحية بعد بدء التوقيت الصيفي (جامعة نورث كارولاينا)
من الضروري الحفاظ على عاداتنا الصحية بعد بدء التوقيت الصيفي (جامعة نورث كارولاينا)

تطبق العديد من الدول التوقيت الصيفي من أجل توفير الطاقة وزيادة العمل في فترة النهار.

وقالت مجلة «إيكونوميست» إن هذا التحول السنوي في التوقيت له آثار طويلة الأمد على الصحة، فمع تقديم التوقيت، يتطلع الكثيرون إلى أمسيات أطول وأكثر إشراقاً والمرور ببعض الصباحات المتعبة هي ثمن قد يكونون على استعداد لدفعه لكن تشير مجموعة متزايدة من الأبحاث إلى أنه ينبغي عليهم توخي المزيد من الحذر، حيث يبدو أن للتوقيت الصيفي آثاراً سلبية طويلة الأمد على الصحة.

وأضافت أن ما يعرف بالساعة البيولوجية، التي تحدد الإيقاع اليومي، توجد في منطقة من الدماغ تُعرف باسم النواة فوق التصالبية، وهي تحدد ما إذا كنت تشعر باليقظة أو النعاس من خلال تنظيم إنتاج «الميلاتونين» (هرمون النعاس)، و«الكورتيزول» (هرمون التوتر) الذي يعزز اليقظة، كما أنها ضرورية لتوقيت وظائف الجسم، بما في ذلك تنظيم عملية الأيض والمزاج.

وما يُنشّط الساعة البيولوجية هو التعرض للضوء، خصوصاً في الصباح، وتُرسل خلايا متخصصة في شبكية العين تعليمات إلى الشبكة العصبية الحسية، وعندما تُضبط الساعة بشكل صحيح في الصباح، وتظهر هرمونات النوم في الوقت المناسب مساءً، ويستيقظ الناس طبيعياً في الوقت المناسب من اليوم التالي والتوقيت القياسي، الذي قد يظنه البعض توقيتاً شتوياً، يتوافق بشكل أوثق مع دورات الضوء والظلام الطبيعية للنهار والليل.

أثناء النوم العميق يتخلص الدماغ من السموم والخلايا الميتة (أرشيفية - رويترز)
أثناء النوم العميق يتخلص الدماغ من السموم والخلايا الميتة (أرشيفية - رويترز)

وفي التوقيت القياسي، يتعرض الناس لمزيد من الضوء الأزرق في الصباح الباكر، مما يُنشّط ساعاتهم البيولوجية بشكل صحيح، ولا يقتصر الأمر على قلة ضوء الصباح خلال التوقيت الصيفي، بل إن ساعة الضوء الإضافية في المساء تُفاقم الأمور من خلال التأثير على إنتاج «الميلاتونين»، مما يُؤخر بدء النوم.

وكل هذا يُؤدي إلى اختلال في إيقاعات النوم والاستيقاظ خلال التوقيت الصيفي، كما يُؤثر سلباً على إفراز «الكورتيزول» و«الجريلين» (هرمون الجوع) و«الليبتين» (هرمون الشبع).

وتناولت دراسة نُشرت في مجلة «اقتصاديات الصحة» عام 2019 أشخاصاً يعيشون على جانبي منطقة زمنية متقابلة في أميركا وعلى الجانب المتأخر، كان متوسط ​​ساعات نوم الأشخاص أقل بـ19 دقيقة يومياً خلال فترة التوقيت الصيفي، وكانوا أكثر عرضة بنسبة 11 في المائة لزيادة الوزن والسمنة، وكانت أجورهم أقل بنسبة 3 في المائة.

وتظهر دراسات أخرى أن الآثار المزمنة تكون أسوأ على المراهقين، الذين يميلون بيولوجياً إلى اليقظة ليلاً، حيث يفقدون 32 دقيقة من نومهم ليلاً، كما أن التحول المفاجئ إلى التوقيت الصيفي بحد ذاته يحمل مخاطر صحية وسلامة قصيرة المدى.

وأظهرت إحدى الدراسات أنه في الصباح التالي لتحول التوقيت، فقد المشاركون حوالي 40 دقيقة من نومهم في المتوسط. تشمل المشكلات الأخرى ارتفاعاً في السكتات الدماغية (8 في المائة)، والنوبات القلبية (24 في المائة)، وحالات الانتحار (6 في المائة)، وزيادة طفيفة في حوادث المرور المميتة.

عدم الحصول على قسط كاف من النوم العميق قد يزيد خطر الإصابة بألزهايمر (د.ب.أ)
عدم الحصول على قسط كاف من النوم العميق قد يزيد خطر الإصابة بألزهايمر (د.ب.أ)

علاوة على ذلك، لاحظ الباحثون تأثيراً على نوبات الاكتئاب، وربطت دراسات أُجريت على الفئران بين التوقيت الصيفي ومرض التهاب الأمعاء.

وهناك طرق للحد من بعض هذه المشكلات الصحية، حيث تقول إيفا وينيبيك، عالمة الأحياء في جامعة سري البريطانية، إن الجلوس في الهواء الطلق صباحاً بدون نظارات شمسية يُعيد ضبط الساعة البيولوجية، كما أن تجنب وهج الشاشات في وقت متأخر من الليل يُساعد أيضاً، وكذلك تغيير إضاءة منزلك إلى درجات ألوان دافئة مساءً لتقليل تأثير الضوء الساطع المُثبط لإنتاج «الميلاتونين».

ولا شيء يمنعك من الاستمتاع بأمسياتك الطويلة، ولكن ربما يُنصح بارتداء نظارات برتقالية اللون تُصفي الضوء الأزرق، وقد يبدو مظهرك غريباً بعض الشيء، ولكن هل يُمكن تعويض النوم الجيد ليلاً؟


مقالات ذات صلة

صحتك الباحثون استخدموا بيئة واقع افتراضي تحاكي متاهة تحتوي على معالم مرئية ثابتة لمساعدة المشاركين على تذكُّر المسارات (جامعة سيدني)

تأثير غير متوقع للدهون والسكريات على ذاكرة الشباب

كشفت دراسة أسترالية تأثيراً غير متوقع تسببه الدهون والسكريات على ذاكرة الشباب.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
صحتك النقص الحاد في كمية النوم قد يُسبب عواقب وخيمة على صحتك الجسدية والنفسية (أرشيفية- رويترز)

6 علامات تحذيرية للنوم تُشير إلى مشكلات صحية خطيرة

يعدُّ الحصول على قسط كافٍ من النوم ضرورياً لتحسين الصحة، ومع ذلك، يعاني الملايين من عدم الحصول على قسط كافٍ منه.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك الخطوة الأولى لمواجهة المشكلات هي معرفة ما يحدث في الجسم عندما تخرج مستويات السكر في الدم عن السيطرة (رويترز)

احذر 7 علامات غير عادية تنذر بارتفاع السكر في الدم خلال الصيف

يمكن للحرارة أن تزيد من أعراض ارتفاع سكر الدم، مما قد يعرِّضنا لمشكلات صحية خطيرة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك استخدام التكنولوجيا في مراحل متقدمة من العمر يُمكن أن يُقلل من خطر الإصابة بالخرف (رويترز)

استخدام كبار السن للتكنولوجيا قد يُقلل خطر إصابتهم بالخرف

كشفت دراسة جديدة أن التعمق في استخدام التكنولوجيا في مراحل متقدمة من العمر يُمكن أن يُقلل من خطر الإصابة بالخرف.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

تأثير غير متوقع للدهون والسكريات على ذاكرة الشباب

الباحثون استخدموا بيئة واقع افتراضي تحاكي متاهة تحتوي على معالم مرئية ثابتة لمساعدة المشاركين على تذكُّر المسارات (جامعة سيدني)
الباحثون استخدموا بيئة واقع افتراضي تحاكي متاهة تحتوي على معالم مرئية ثابتة لمساعدة المشاركين على تذكُّر المسارات (جامعة سيدني)
TT
20

تأثير غير متوقع للدهون والسكريات على ذاكرة الشباب

الباحثون استخدموا بيئة واقع افتراضي تحاكي متاهة تحتوي على معالم مرئية ثابتة لمساعدة المشاركين على تذكُّر المسارات (جامعة سيدني)
الباحثون استخدموا بيئة واقع افتراضي تحاكي متاهة تحتوي على معالم مرئية ثابتة لمساعدة المشاركين على تذكُّر المسارات (جامعة سيدني)

كشفت دراسة أسترالية تأثيراً غير متوقع تسببه الدهون والسكريات على ذاكرة الشباب؛ إذ توصلت إلى أن الإفراط في تناول هذه الأطعمة يؤدي إلى تراجع ملحوظ في وظائف الدماغ المسؤولة عن التوجيه المكاني، وهي القدرة على تذكُّر المسارات والتنقُّل من مكان إلى آخر.

وأوضح الباحثون من جامعة سيدني، أن هذه الدراسة تُعدُّ الأولى من نوعها التي تختبر هذا التأثير على البشر، ونُشرت النتائج، الاثنين، في دورية «International Journal of Obesity».

وتُعرَف الأنظمة الغذائية الغنية بالدهون والسكريات بأنها أنماط غذائية تعتمد على تناول كميات كبيرة من الأطعمة المعالجة التي تحتوي على نسب مرتفعة من الدهون المشبعة والسكريات المضافة، مثل الوجبات السريعة، والحلوى، والمشروبات الغازية، والمخبوزات الصناعية. وترتبط هذه الأنظمة بمخاطر صحية عدة، منها السمنة، وأمراض القلب، والسكري.

وشملت الدراسة 55 طالباً جامعياً تتراوح سنهم بين 18 و38 عاماً؛ حيث تم تقييم استهلاكهم اليومي من الدهون والسكريات عبر استبيانات تفصيلية. كما خضع المشاركون لاختبار الذاكرة العاملة من خلال تمرين استرجاع الأرقام، وتم تسجيل مؤشر كتلة الجسم لكل منهم.

وفي التجربة الرئيسية، استخدم الباحثون بيئة واقع افتراضي تحاكي متاهة تحتوي على معالم مرئية ثابتة لمساعدة المشاركين على تذكُّر المسارات. وطُلب منهم العثور على «صندوق كنز» في 6 محاولات متتالية، مع ثبات نقطة البداية وموقع الصندوق. وفي المحاولة السابعة أُزيل الصندوق، وطُلب من المشاركين تحديد موقعه من الذاكرة فقط.

وأظهرت النتائج أن المشاركين الذين اعتادوا تناول الأطعمة الغنية بالدهون والسكريات مرات عدة أسبوعياً كانوا أقل دقة في تحديد موقع الصندوق في الاختبار الأخير، مقارنة بمن يتبعون نظاماً غذائياً منخفض الدهون والسكريات.

وبعد التحكم في تأثير الذاكرة العاملة ومؤشر كتلة الجسم، ظل استهلاك الدهون والسكريات عاملاً مستقلاً يؤثر سلباً على أداء الدماغ. وتشير النتائج إلى أن هذه التأثيرات لا تطول الدماغ كله؛ بل تتركَّز في منطقة الحُصين، المسؤولة عن التعلُّم وتكوين الذكريات المكانية.

لكن الجانب الإيجابي -حسب الباحثين- أن هذه التغيرات في وظائف الدماغ قد تكون قابلة للعكس من خلال تعديل النظام الغذائي، ما يُتيح فرصة لتحسين الصحة العقلية عبر تغييرات بسيطة في نمط الحياة.

وأشار الباحثون إلى أن عينة الدراسة ربما كانت أكثر صحة من عامة السكان، ما يعني أن التأثيرات السلبية لهذا النمط الغذائي قد تكون أشد لدى فئات أخرى من المجتمع.

وتضاف هذه النتائج إلى الأدلة المتزايدة التي تربط بين العادات الغذائية السيئة وتراجع القدرات العقلية، إلى جانب التأثيرات الصحية المعروفة مثل السمنة وأمراض القلب والسرطان.