مشاهير يعيشون بلا هاتف... فمتى تمتدّ العدوى إلى باقي البشر؟

الجيل زد الأكثر جرأةً ويتحوّل إلى «الهواتف الغبيّة»

موضة التخلّي عن الهاتف تنتقل من المشاهير إلى «الجيل زد» (رويترز)
موضة التخلّي عن الهاتف تنتقل من المشاهير إلى «الجيل زد» (رويترز)
TT
20

مشاهير يعيشون بلا هاتف... فمتى تمتدّ العدوى إلى باقي البشر؟

موضة التخلّي عن الهاتف تنتقل من المشاهير إلى «الجيل زد» (رويترز)
موضة التخلّي عن الهاتف تنتقل من المشاهير إلى «الجيل زد» (رويترز)

لا تستطيع المغنّية الأميركية دوللي بارتون الاستغناء عن آلة الفاكس الخاصة بها، فهي لا تزال حتى اليوم تستخدمها للتواصل مع الآخرين. ووفق صديقتها المغنية مايلي سايرس فإنّ بارتون لا تكاد تستعمل الهاتف.

مثلُها زميلُها ألتون جون الذي تخلّى عن الهاتف الجوال، واستعاض عنه بالجهاز اللوحي iPad عند الضرورة، وذلك للاتصال بولدَيه، أو لتسهيل أمور العمل. وفي حديثٍ ضمن برنامج Jimmy Kimmel Live، قال الفنان البريطاني إنّ حياته رائعة من دون هاتف: «أكره الهواتف الجوالة لأنها تلغي الخصوصيّة، ولم أتحمّل أن أقتني واحداً كي لا يتّصل بي الناس مرّتَين في الدقيقة».

صرّح المغنّي البريطاني إلتون جون بأنه يكره الهواتف الجوالة (رويترز)
صرّح المغنّي البريطاني إلتون جون بأنه يكره الهواتف الجوالة (رويترز)

ليست موضة الاستغناء عن الهاتف الجوال بكل ما يحمل من مغرياتٍ تكنولوجية محصورةً بالمشاهير الذين تخطّوا الـ70 من العمر، إنما تنسحب على مَن هم أصغر سناً.

عام 2015، وكجزءٍ من مقررات السنة الجديدة، تخلّص المغنّي البريطاني إد شيران من هاتفه الذكيّ. الهدف الأساسيّ من ذلك القرار كان الابتعاد عن وسائل التواصل الاجتماعي. في إحدى مقابلاته، تحدّث شيران عن الأمر كاشفاً أنّ تعلُّقَه بالهاتف أتعبه كثيراً، وقد انتهى الأمر بأن أُصيب بالإحباط. وأضاف: «عندما تخلّصت منه شعرتُ وكأنّ أثقالاً نزلت عن كتفيّ». ويكتفي شيران بالجلوس أمام جهاز الكمبيوتر بضع ساعات كل أسبوع من أجل متابعة بريده الإلكتروني.

منذ عقدٍ من الزمن قطع إد شيران علاقته بالهاتف الجوال (رويترز)
منذ عقدٍ من الزمن قطع إد شيران علاقته بالهاتف الجوال (رويترز)

من بين المشاهير والفنانين الذين وجدوا سعادتهم في حياةٍ خالية من الهواتف الذكية، المغنية سيلينا غوميز، والممثلة سارة جسيكا باركر، والمغني جاستن بيبر، والمخرج كريستوفر نولان.

أما الإعلامي البريطاني سايمون كاول فقد كان هو الآخر من بين السبّاقين في الاستغناء عن هواتفهم. عام 2017، اكتشف كاول أنّ كل الرسائل الواردة إلى هاتفه تتسبّب له بالإرهاق، وتأخذ وقتاً كثيراً من عمله وحياته عموماً. في حوار مع أحد البرامج التلفزيونية الأميركية، أخبر كيف أنه وفي أحد الصباحات، استيقظ ليكتشف 52 رسالة غير مقروءة على شاشة الهاتف، فقرر ألّا يجيب عليها، وأن يطفئ هاتفه. أضاف كاول: «أطفأته يوماً ثم شهراً، فـ3 أشهر، ثم سنة، سنتَين، ثلاثاً... لقد راق لي الأمر كثيراً».

الإعلامي البريطاني سايمون كاول (إنستغرام)
الإعلامي البريطاني سايمون كاول (إنستغرام)

في وقتٍ تدور معظم أخبار «السوشيال ميديا» حولهم، فإنّ عدداً كبيراً من المشاهير غير مدركين لذلك بما أنهم قرروا الانفصال عن الواقع الافتراضي.

هم الذين يوظّفون مديري أعمال ومساعدين شخصيين يتولّون الردّ على اتصالاتهم وبريدهم، وإدارة صفحاتهم على وسائل التواصل الاجتماعي، لا يبدو هذا القرار صعباً بالنسبة إليهم. لكن هل يستطيع البشر العاديّون أن يقوموا بالمثل، وأن يعيشوا حياةً خالية من الهواتف؟

التخلّي عن الهواتف الذكيّة صار من أكبر التحديات (رويترز)
التخلّي عن الهواتف الذكيّة صار من أكبر التحديات (رويترز)

خلال السنوات الثلاث الأخيرة، شهدت مبيعات الهواتف الجوالة قديمة الطراز قفزةً نوعيّة، بعد أن كانت طيّ النسيان. يعود ذلك إلى ميلٍ لدى «الجيل زد» (Gen Z) إلى الابتعاد عن الهواتف الذكيّة. لا يفعلون ذلك تأثُّراً بالمشاهير، بل لأنّ هذا الجيل تيقّظ على ما يبدو إلى مضارّ الهواتف.

بعد أن كان نجمها أفل، عادت شركة «نوكيا» إلى تصنيع بعضٍ من هواتفها القديمة. حصل ذلك نزولاً عند رغبة الجيل الصاعد، الذي أطلق حملة عبر منصة «تيك توك» تحت عنوان «أعيدوا الهواتف القديمة».

أعادت شركة «نوكيا» إطلاق طراز 3310 بعد أن صار من الأرشيف (رويترز)
أعادت شركة «نوكيا» إطلاق طراز 3310 بعد أن صار من الأرشيف (رويترز)

وفق شركة الأبحاث البريطانية «GWI»، فإنّ أكثر شريحة عمريّة تدنّى مستوى استخدامها لوسائل التواصل الاجتماعي وبالتالي للهواتف الذكية، هي تلك المتراوحة سنوات ولادتها ما بين 1995 و2012. يلي هؤلاء جيل الألفيّة (1980 – 1994).

إلى جانب موضة النوستالجيا إلى كل ما هو قديم، أدرك هذان الجيلان أو جزءٌ لا بأس به منهما، أنّ الخصوصية أهمّ من مشاركة تفاصيل حياتهم مع الآخرين عبر منصات التواصل. كما أنهم ارتأوا الابتعاد عن الهواتف الذكية لأسبابٍ مرتبطة بالصحة النفسية والجسديّة.

استُحدث الـ«Boring Phone» نزولاً عند رغبة الجيل الصاعد بهواتف غير ذكيّة (الشركة المصنّعة)
استُحدث الـ«Boring Phone» نزولاً عند رغبة الجيل الصاعد بهواتف غير ذكيّة (الشركة المصنّعة)

يدخل «الهاتف المملّ» (Boring Phone) ضمن قائمة الهواتف غير الذكيّة (أو الغبيّة كما يطلق عليها الجيل الجديد). طُرح هذا الهاتف في الأسواق قبل سنوات تلبيةً لرغبة الشباب بهاتفٍ غير معقّد، ويفتح على الطريقة القديمة، كما يساعدهم على التخلّص من الإدمان على الشاشة.

هذه العودة إلى الواجهة للهواتف القديمة لا تعني حتماً أنها آتية لتحلّ مكان الهواتف الذكيّة، ولا لتقنع الناس باقتناء القديم بدل الجديد، إلّا أنّ ثمّة حكمةً واضحة من هذه اليقظة. فمهما كانت مسلّية ومفيدة وعملية، تبقى العلاقة بالهواتف الذكية مشوبةً بالمخاطر. أوّلها صحّي، كآلام العنق والظهر، واضطرابات النوم، والآثار السلبية على العينَين والجهاز العصبي. وليس آخرُها نفسيّاً مثل القلق، والتوتّر، والعزلة الاجتماعية.

فهل يحذو الناس تدريجياً حذو المشاهير الذين قرروا العيش من دون هواتف، أم أنّ سطوتها ستزيد لتصبح الحياة من دونها أكثر استحالةً؟


مقالات ذات صلة

«جيميناي» يفهم الآن الملفات والصور والفيديوهات... ويتفاعل صوتياً

تكنولوجيا الميزة تتيح التحدث مباشرة مع «جيميناي» حول ما يظهر على الشاشة أو أمام الكاميرا من دون الحاجة للكتابة (شاترستوك)

«جيميناي» يفهم الآن الملفات والصور والفيديوهات... ويتفاعل صوتياً

«غوغل» تطلق ميزة «جيميناي لايف» لجميع أجهزة «آندرويد» متيحة التفاعل الصوتي مع المساعد الذكي عبر الكاميرا أو مشاركة الشاشة لفهم المحتوى مباشرة.

نسيم رمضان (لندن)
يوميات الشرق استخدام التكنولوجيا الرقمية يرتبط بانخفاض خطر الإصابة بالضعف الإدراكي (رويترز)

دراسة: استخدام الهواتف الذكية يقلل خطر الإصابة بالخرف لدى كبار السن

زعم البعض أن التكنولوجيا الرقمية قد تؤثر سلباً على القدرات الإدراكية، لكن باحثين من جامعة بايلور الأميركية اكتشفوا عكس ذلك تماماً.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد هواتف «أيفون 16» معروضة خلال حفل الإطلاق في متجر «أبل» بنيويورك العام الماضي (أف.ب)

في خطوة مهمة... ترمب يعفي الهواتف الذكية وأجهزة الكمبيوتر من الرسوم الجديدة

استثنت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب الهواتف الذكية وأجهزة الكمبيوتر من رسومها الجمركية «التبادلية» الباهظة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
خاص تهدف مبادرات مثل «النطاق العريض اللاسلكي» إلى ضمان اتصال سلس وعالي السرعة للمستخدمين في جميع أنحاء المملكة (شاترستوك)

خاص «نوكيا»: السعودية ستكون رائدة عالمياً في نشر شبكات «الجيل السادس»

في حديث لـ«الشرق الأوسط»، يصف نائب الرئيس الأول لشبكات الهواتف الجوالة في الشرق الأوسط وأفريقيا في «نوكيا» المشهد في السعودية بـ«العاصفة المثالية من النمو».

نسيم رمضان (الرياض)
صحتك أكدت عدة دراسات على التأثير السلبي للإفراط في استخدام الشاشات على الصحة (رويترز)

الإفراط في استخدام الهاتف قد يصيب هذه الفئة العمرية بالهوس

توصلت دراسة حديثة إلى أن الأطفال الذين تبلغ أعمارهم 10 و11 عاماً والذين يفرطون في استخدام الهاتف والشاشات قد يكونون أكثر عرضة للإصابة بأعراض الهوس.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

40 فناناً عربياً يستكشفون في الرياض الحدود بين الإنسان والآلة

أعمال تستكشف توظيف التقنيات المعاصرة في التعبير الفني (مركز الدرعية)
أعمال تستكشف توظيف التقنيات المعاصرة في التعبير الفني (مركز الدرعية)
TT
20

40 فناناً عربياً يستكشفون في الرياض الحدود بين الإنسان والآلة

أعمال تستكشف توظيف التقنيات المعاصرة في التعبير الفني (مركز الدرعية)
أعمال تستكشف توظيف التقنيات المعاصرة في التعبير الفني (مركز الدرعية)

سلّط معرض ⁧فني، انطلق في الرياض الاثنين، الضوء على فنون الوسائط الجديدة في العالم العربي، من خلال أعمال تتيح للجمهور خوض تجربة فنية فريدة، واكتشاف عالم يعيد فيه الفنانون العرب تشكيل التكنولوجيا بالفن، وتأمل الحدود بين الإنسان والآلة.

ويقدم معرض «مكننة» الذي افتتح أبوابه في مركز الدرعية لفنون المستقبل، رؤية استثنائية على أركيولوجيا فنون الوسائط الجديدة في العالم العربي، وعلى ممارسات فن الإعلام الجديد في العالم العربي، بمشاركة أكثر من 40 فناناً عربياً لاستكشاف تصوراتهم في توظيف التقنيات المعاصرة للتعبير الفني، وتكيفهم معها للتفاعل مع التغيرات الاجتماعية والتراث الثقافي والتحديات المعاصرة.

ويحتفي المعرض بإبداعات فناني الإعلام الجديد العرب، ويضعهم في قلب الحوار العالمي حول تأثير التكنولوجيا على الفن والمجتمع، من خلال 4 رحلات فكرية، هي «مكننة، الاستقلالية، التموجات، الغليتش»، وهي موضوعات تتقاطع فيها الهموم الفنية المتكررة عبر الأجيال، والجغرافيا، والأنماط التكنولوجية، واختيرت لاستكشاف الحضور العربي في قلب الحوارات الرقمية المعاصرة.

اكتشاف عالم يعيد فيه الفنانون العرب تشكيل التكنولوجيا بالفن (مركز الدرعية)
اكتشاف عالم يعيد فيه الفنانون العرب تشكيل التكنولوجيا بالفن (مركز الدرعية)

70 عملاً فنياً لـ40 فناناً عربياً

افتتح مركز الدرعية لفنون المستقبل، أول مركز متخصص في فنون الوسائط الجديدة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، معرضه الفني الثاني «مَكْنَنَة... أركيولوجيا فنون الوسائط الجديدة في العالم العربي».

ويقدّم المعرض التاريخ الغني لفنون الوسائط الجديدة في العالم العربي من خلال أكثر من 70 عملاً فنياً لأكثر من 40 فناناً من الروّاد العرب في هذا المجال، ويستلهم عنوانه من الكلمة العربية «مَكْنَنَة»، التي تعني إحالة العمل إلى الآلة، أو أن تكون جزءاً منه، ويطرح تساؤلاً جوهرياً حول كيفية تعامل الفنانين العرب مع التكنولوجيا، وكيف أعادوا توظيفها وتحدّوها لصياغة مفرداتهم الإبداعية الخاصة.

وتتفاعل الأعمال المختارة مع سياقات اجتماعية وسياسية راهنة، بدءاً من الاحتجاجات الرقمية، ومنطق الآلة، وصولاً إلى حفظ الذاكرة، والبيئات التخيلية، وجماليات الغليتشات.

70 عملاً فنياً لـ40 فناناً عربياً في المعرض (مركز الدرعية)
70 عملاً فنياً لـ40 فناناً عربياً في المعرض (مركز الدرعية)

رؤية استثنائية على أركيولوجيا فنون الوسائط الجديدة في العالم العربي (الشرق الأوسط)
رؤية استثنائية على أركيولوجيا فنون الوسائط الجديدة في العالم العربي (الشرق الأوسط)

ريادة سعودية في احتضان الفنون الرقمية

إلى جانب ما يعكسه معرض «مكننة» من تاريخ غني للفنانين العرب الذين خاضوا تجارب مع وسائط تكنولوجية غير تقليدية، في إطار التجدد والتفاعل مع قضايا العصر، يمثل المعرض من جهة أخرى ريادة السعودية في احتضان الفنون الرقمية، وجهود قطاعها الثقافي للاحتفاء بريادة الفنانين العرب، وفتح الأبواب أمام المبتكرين في مجالي الفن والتكنولوجيا عبر طيف ملهم من المواهب والأعمال الفنية.

المعرض الثاني لأول مركز متخصص في فنون الوسائط الجديدة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا (مركز الدرعية)
المعرض الثاني لأول مركز متخصص في فنون الوسائط الجديدة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا (مركز الدرعية)

ويفتح المعرض آفاق التأمل في مستقبل الفنون الرقمية والوسائط الجديدة، في أروقة أول مركز متخصص في فنون الوسائط الجديدة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وهو مركز الدرعية لفنون المستقبل، الذي انطلق كصرح للفنون والبحوث والتعليم، يهدف إلى ريادة الآفاق الجديدة للممارسة الإبداعية في تخصصات متنوعة، يتقاطع فيها الفن مع العلوم والتكنولوجيا.

وأُسّس المركز السعودي ليكون مساحة للمُبدعين من حول العالم للتعاون والتفكير والابتكار، مركّزاً على البحث والتوثيق وإنتاج الأعمال الفنية الجديدة المُلهمة.

ويقدّم المركز فرصةً للفنانين والباحثين للمشاركة في أنشطته المقرّرة، من فعاليات عامة وبرامج تعليمية وبرامج إقامة للفنانين والباحثين، إسهاماً منه في إثراء المشهد الفني في السعودية، وتعزيز مكانتها كوُجهة عالمية لفنون الوسائط الجديدة والرقمية، مع إبراز مواهب الفنانين الفاعلين في المنطقة ليتركوا بصمتهم المؤثرة في الفن والعلوم والتكنولوجيا.