تصاعد حدة المنافسة بين تركيا وإسرائيل على الساحة السورية

من التراشق بالتصريحات إلى استهداف مواقع الوجود العسكري المحتملة

الجيش الإسرائيلي أكد تدمير مطار حماة العسكري في هجمات شنها الأربعاء (أ.ب)
الجيش الإسرائيلي أكد تدمير مطار حماة العسكري في هجمات شنها الأربعاء (أ.ب)
TT

تصاعد حدة المنافسة بين تركيا وإسرائيل على الساحة السورية

الجيش الإسرائيلي أكد تدمير مطار حماة العسكري في هجمات شنها الأربعاء (أ.ب)
الجيش الإسرائيلي أكد تدمير مطار حماة العسكري في هجمات شنها الأربعاء (أ.ب)

تتصاعد حدة التوتر بين تركيا وإسرائيل على خلفية التطورات في سوريا، وما يبدو أنه تنافس بينهما على الساحة السورية.

ولم يخف الجانب الإسرائيلي قلقه من الأنباء المتواترة حول تحرك تركيا لإقامة قواعد في سوريا تهدف من خلالها لدعم الإدارة السورية الجديدة في بناء الجيش، فضلاً عن محاولة ضمان دعم أميركي من خلال التأكيد على هدف دعم الحرب على تنظيم «داعش» الإرهابي.

وشنت إسرائيل، ليل الأربعاء - الخميس، ضربات استهدفت مواقع كشفت تقارير عن أن تركيا تخطط لإقامة قواعد فيها، أبرزها «مطار التياس» العسكري، أو ما يُعرف بـ«قاعدة تي 4»، في شرق حمص، وكذلك مطار حماة العسكري، الذي تردد أن تركيا ستتخذه قاعدة لتجميع العتاد العسكري الذي ستستخدمه لإقامة قاعدة للتدريب ومركز عمليات قرب دمشق.

صراع نفوذ

وقال الجيش الإسرائيلي إنه ضرب ما تبقى من قدرات عسكرية في القاعدتين الجويتين بمحافظتي حماة وحمص، بالإضافة إلى ما تبقى من بنية تحتية عسكرية في منطقة دمشق، وإنه استهدف قاعدة «تي 4» الجوية في محافظة حمص، التي سبق وتعرضت لقصف إسرائيلي متكرر، وسط أنباء بدء تركيا التحرك للسيطرة عليها وإقامة قاعدة جوية فيها.

وذكر وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، أن القوات الإسرائيلية ستبقى في المناطق العازلة داخل سوريا، وستتحرك ضد التهديدات لأمنها، محذراً الحكومة السورية من أنها ستدفع ثمناً باهظاً إذا سمحت لقوات معادية لإسرائيل (في إشارة ضمنية إلى تركيا) بالدخول.

واتهم وزير الخارجية، جدعون ساعر، أنقرة، بأنها تؤدي «دوراً سلبياً» في سوريا ولبنان ومناطق أخرى. وقال في مؤتمر صحافي في باريس، الخميس، عقب لقائه نظيره الفرنسي: «إنهم (الأتراك) يبذلون قصارى جهدهم لجعل سوريا محمية تركية، من الواضح أن هذه هي نيتهم».

جانب من الحطام الذي خلَّفه القصف الإسرائيلي على مطار حماة العسكري (أ.ب)

وقال مصدر أمني إسرائيلي، صراحة، إن الغارات الجوية التي شنّها سلاح الجو الإسرائيلي مؤخراً على سوريا كانت تهدف إلى ردع توجه تركيا لعرقلة الأنشطة الإسرائيلية في سوريا، حسب ما نقل موقع صحيفة «جيروزاليم بوست».

وسعت تركيا إلى نفي التقارير التي تحدثت عن حركة مكثفة لنقل المعدات والتجهيزات إلى قاعدة «تي 4»، استعداداً لتحويلها إلى قاعدة جوية تابعة لها بالاتفاق مع إدارة الرئيس السوري الانتقالي، أحمد الشرع، في دمشق، الذي حذرته إسرائيل من توسيع التعاون مع تركيا.

وعلّق مصدر مسؤول في وزارة الدفاع التركية، في بيان، رداً على أنباء قصف إسرائيل قاعدة «تي 4» الجوية في «مطار التياس» أو «التيفور» العسكري، شرق حمص، في الوقت الذي بدأت فيه تركيا العمل على إقامة قاعدة جوية هناك، بالقول إنه «لا يجوز الوثوق بالأخبار الكاذبة والمتعمدة».

وطالب بالاعتداد بالتصريحات الصادرة عن الجهات الرسمية فقط بشأن التطورات التي تجري، أو يزعم أنها حدثت في سوريا.

كانت وزارة الدفاع التركية، أكدت الخميس قبل الماضي أنها تدرس إقامة قاعدة للتدريب في سوريا من أجل دعم الجيش السوري الموحد الجديد بناءً على طلب دمشق.

تراشق تركي إسرائيلي

وأشعلت تصريحات المسؤولين الإسرائيليين غضب أنقرة، وقالت وزارة الخارجية التركية، في بيان ليل الخميس - الجمعة، إن «إسرائيل تشكل التهديد الأكبر للمنطقة، وأنه يجب عليها الكف عن تقويض الجهود الرامية لإرساء الاستقرار في سوريا».

وذكر البيان أن «التصريحات الاستفزازية للوزراء الإسرائيليين ضد بلادنا تعكس الحالة النفسية التي يعيشونها، فضلاً عن السياسات العدوانية والتوسعية لحكومة إسرائيل الأصولية والعنصرية».

ولفت البيان إلى ضرورة التوقف عند أسباب انزعاج إسرائيل من التطورات في سوريا ولبنان، التي تحظى بدعم من العالم كله، وتشكل بارقة أمل كبيرة لتحقيق السلام والاستقرار والازدهار بالمنطقة.

وتابع البيان أن إسرائيل شنت، الأربعاء، هجمات جوية وبرية متزامنة على العديد من المواقع في سوريا رغم عدم وجود أي استفزاز أو هجوم موجه ضدها في الساحة السورية، عاداً أن هذه الهجمات لا تفسير لها سوى أن نهج السياسة الخارجية الإسرائيلية يتغذى على الصراع.

ودعت الخارجية التركية المجتمع الدولي إلى تحمل مسؤوليته في وضع حد لـ«العدوان الإسرائيلي المتزايد بكل تهور».

تحركات دبلوماسية

وكشفت مصادر في وزارة الخارجية التركية عن أن وزير الخارجية، هاكان فيدان، أكد خلال مباحثات مع نظيره الفرنسي، جان نويل بارو، في باريس، الثلاثاء، أن الهجمات الإسرائيلية المتزايدة في سوريا من شأنها أن تتسبب في عدم الاستقرار الإقليمي، لافتاً إلى أن السوريين الذين سئِموا الحرب منذ عام 2011 يريدون الآن أن يتنفسوا الصعداء، وأن يحققوا الاستقرار والازدهار في بلادهم.

وزير الخارجية الفرنسي مستقبلاً نظيره التركي في باريس الثلاثاء (الخارجية التركية)

ويرى مراقبون أن مخاوف إسرائيل من تعزيز تركيا نفوذها في سوريا اعتماداً على علاقاتها القومية مع الإدارة السورية الجديدة تنبع من مخاوفها من سعي الأخيرة لملء الفراغ الذي تركته إيران بعدَ سقوط نظام بشار الأسد، لأنها ترى فيها منافساً يعرقل خططها لبسط نفوذها الأمني من لبنان جنوباً إلى حدود إدلب في شمال سوريا، الواقعة على الحدود التركية السورية.

في المقابل، فإن تركيا ترى أن التفوق الجوي لإسرائيل في سوريا سيعني تهديداً لها، في جانب يتعلق بالأكراد، على الرغم من الاتفاق بين دمشق و«قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) على الاندماج في مؤسسات الدولة السورية.

حديث بين وزيري الخارجية التركي والأميركي على هامش اجتماعات وزراء خارجية دول الناتو في بروكسل (الخارجية التركية)

واعتماداً على جملة من التعاون في قضايا أخرى مثل وقف الحرب الروسية الأوكرانية ودعم أمن أوروبا، بدا في الآونة الأخيرة أن تركيا تعوّل على قرار من أميركا، حليفتها في حلف شمال الأطلسي (ناتو)، بالانسحاب من سوريا وترك مهمة ملء الفراغ هناك لها، عبر إقناعها بتولي مهمة القضاء على ما تبقى من تنظيم «داعش» الإرهابي، ودعم الإدارة السورية في هذه المهمة، وذلك على الرغم من التأكيدات الإسرائيلية بأنها هجماتها في سوريا تحظى بدعم أميركي.

ونُوقش الأمر، سواء في لقاء فيدان مع نظيره الأميركي، ماركو روبيو، في واشنطن، مؤخراً، أو في لقائهما، في بروكسل، الخميس، على هامش اجتماع وزراء خارجية دول «ناتو».


مقالات ذات صلة

عبدي يزور دمشق خلال أيام لبحث تنفيذ اتفاق الاندماج

شؤون إقليمية عناصر من «قسد» أثناء تحركات في حلب (أ.ف.ب)

عبدي يزور دمشق خلال أيام لبحث تنفيذ اتفاق الاندماج

انتقدت قيادات كردية سياسة تركيا تجاه سوريا والتلويح المتكرر بالتدخل العسكري ضد «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد)، مؤكدة أن أكراد سوريا لا يسعون إلى تقسيم البلاد.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
خاص قمة مرتقبة بين ترمب ونتنياهو آخر الشهر تناقش خطة السلام في غزة (أ.ف.ب)

خاص نتنياهو يمضي رأس السنة في أميركا... متجنباً إغضاب ترمب

يلتقي الرئيس ترمب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو للمرة الـ5 منذ بدء ولايته الثانية، علماً بأن ترمب هو خامس الرؤساء الأميركيين ممن يلتقون نتنياهو.

علي بردى (واشنطن)
المشرق العربي علم سوريا خلال احتفالات مرور عام على سقوط نظام بشار الأسد وسط حماة (أرشيفية - أ.ف.ب)

سوري يقتل زوجته وبناته الثلاث ثم ينتحر في حماة

لقي خمسة أشخاص من عائلة واحدة سورية حتفهم مساء الجمعة داخل منزلهم في ظروف غامضة بحي البياض في مدينة حماة.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي توغل للقوات الإسرائيلية في بلدة صيدا بريف القنيطرة جنوب سوريا (أرشيفية - سانا)

القوات الإسرائيلية تنتشر في عدة قرى وتفتش المارة بجنوب سوريا

 توغلت القوات الإسرائيلية صباح اليوم الخميس في قرى عدة بريف القنيطرة الجنوبي في جنوب سوريا.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي نقطة تفتيش تابعة لقوى الأمن الداخلي السوري في السويداء (رويترز) play-circle

مقتل 3 أشخاص في الساحل السوري خلال اشتباكات مع قوات الأمن

قُتل ثلاثة أشخاص، الأربعاء، خلال اشتباكات مع قوات الأمن في محافظة اللاذقية، معقل الأقلية العلوية في غرب سوريا، وفق ما أفاد الإعلام الرسمي.

«الشرق الأوسط» (دمشق)

تركيا: مسيرة ضد المفاوضات مع أوجلان في إطار «عملية السلام»

مظاهرة في ديار بكر للمطالبة بالإفراج عن زعيم حزب «العمال الكردستاني» عبد الله أوجلان (رويترز)
مظاهرة في ديار بكر للمطالبة بالإفراج عن زعيم حزب «العمال الكردستاني» عبد الله أوجلان (رويترز)
TT

تركيا: مسيرة ضد المفاوضات مع أوجلان في إطار «عملية السلام»

مظاهرة في ديار بكر للمطالبة بالإفراج عن زعيم حزب «العمال الكردستاني» عبد الله أوجلان (رويترز)
مظاهرة في ديار بكر للمطالبة بالإفراج عن زعيم حزب «العمال الكردستاني» عبد الله أوجلان (رويترز)

فيما انتقد قيادي في حزب «العمال الكردستاني» خطوات الحكومة والبرلمان والأحزاب في تركيا بشأن «عملية السلام» وحل المشكلة الكردية، خرجت مسيرة حاشدة إلى ضريح مؤسس الجمهورية التركية مصطفى كمال أتاتورك في أنقرة، رفضاً للمفاوضات مع زعيم الحزب السجين عبد الله أوجلان.

وتجمّع الآلاف من ممثلي الأحزاب والأكاديميين والصحافيين والعمال والشباب وممثلي الجمعيات العمالية ومختلف شرائح المجتمع التركي أمام ضريح أتاتورك (أنيتكابر)؛ للتعبير عن رفضهم للعملية التي تطلق عليها الحكومة «عملية تركيا خالية من الإرهاب» ويسميها الجانب الكردي «عملية السلام والمجتمع الديمقراطي».

رفض الحوار مع أوجلان

أكد المشاركون في المسيرة رفضهم المفاوضات مع أوجلان؛ كونه زعيم «منظمة إرهابية»، في إشارة إلى حزب «العمال الكردستاني»، ولـ«تورط البرلمان، الذي أسسه أتاتورك، في هذه العملية وإرسال وفد للقاء أوجلان في سجن إيمرالي».

وردّد المشاركون في المسيرة، التي انطلقت من ميدان «تان دوغان» إلى ضريح أتاتورك، هتافات من مقولاته، مثل: «كم أنا سعيد لكوني تركياً»، و«الاستقلال أو الموت».

بالتوازي، تقدمت مجموعة من المحامين بطلب إلى ولاية ديار بكر، كبرى المدن ذات الغالبية الكردية في جنوب شرقي تركيا، ووزارة الداخلية، ورئاسة الجمهورية، لحظر مسيرة تعتزم منصة «المجتمع الديمقراطي» تنظيمها في المدينة في 4 يناير (كانون الثاني) المقبل، للمطالبة بإطلاق سراح أوجلان، الذي أمضى 26 عاماً في السجن من محكوميته بالسجن المؤبد المشدد.

ولفت المحامون، في بيان مشترك، السبت، إلى أنه على الرغم من وجود أوجلان في السجن، فإن «نفوذه على المنظمة الإرهابية (حزب العمال الكردستاني) لا يزال قائماً»، وأن «أي اجتماع يُعقد تحت قيادته يُعدّ (دعاية لمنظمة إرهابية) و(تمجيداً للجريمة والمجرمين)»، وأن التجمع المزمع يُشكّل «خطراً واضحاً ومباشراً على النظام العام والأمن». وذكروا أنهم إلى جانب طلب الحظر، قدّموا شكوى جنائية لدى مكتب المدعي العام في ديار بكر ضد منظمي التجمع.

انتقادات كردية

في غضون ذلك، انتقد القيادي في «العمال الكردستاني» عضو المجلس التنفيذي لاتحاد مجتمعات كردستان، مصطفى كاراصو، الحكومة التركية والبرلمان والأحزاب السياسية، قائلاً إن الخطوات التي اتخذوها حتى الآن بشأن عملية السلام ودعوة «القائد آبو» (أوجلان) لحل الحزب ونزع أسلحته وتحقيق السلام والمجتمع الديمقراطي، «لا يمكن وصفها بالإيجابية».

وقال كاراصو، في تصريحات لوسائل إعلام كردية نقلت في تركيا، السبت، إنه «إذا كانت هذه العملية بهذه الأهمية، وإذا كان عمر الجمهورية التركية هو 100 عام، وإذا كان من المقرر حلّ مسألةٍ تتعلق بـ50 عاماً، أي نصف تاريخها، وإذا كان الهدف هو ضمان الأخوة التركية - الكردية، فإن الاعتراف بـ(الزعيم آبو) بوصفه شريكاً في المفاوضات أمر ضروري».

وأضاف: «يجب تهيئة الظروف التي تُمكنه من لعب دور فعّال في هذه العملية، حيث يستطيع العيش والعمل بحرية، هذه مسألة قانونية، منصوص عليها في دستورهم، تتعلق بـ(الحق في الأمل)». وعدّ كاراصو أن السياسة والأحزاب التركية تواجه «اختباراً تاريخياً»، وأن عدم معالجة مشاكل تركيا الجوهرية لا يعني سوى خداع هذه الأحزاب والسياسيين للمجتمع التركي.

وانتقد كاراصو عدم إعداد اللوائح القانونية التي تضمن الإفراج عن السجناء الذين أمضوا 30 سنة في السجن، حتى الآن، رغم إعلان حزب «العمال الكردستاني» حل نفسه وإلقاء أسلحته.

أحد اجتماعات لجنة البرلمان التركي لوضع الأساس القانوني لحل «العمال الكردستاني» (البرلمان التركي - إكس)

وأشار إلى أن البرلمان شكّل لجنة لوضع الأساس القانوني للعملية، عقدت الكثير من الاجتماعات، لكن لم يتم اتخاذ أي إجراء حتى الآن، مضيفاً: «لقد أصبح البرلمان، إلى حدٍّ ما، مجرد إجراء شكلي، تُترك القضايا الجوهرية لغيره؛ كالاقتصاد والتعليم، وحتى هذه القضايا لها حدودها».


الرئيس الإيراني: نحن في حالة «حرب شاملة» مع أميركا وإسرائيل وأوروبا

الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان (رويترز)
الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان (رويترز)
TT

الرئيس الإيراني: نحن في حالة «حرب شاملة» مع أميركا وإسرائيل وأوروبا

الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان (رويترز)
الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان (رويترز)

نقل تلفزيون «العالم» الإيراني عن الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان قوله، اليوم (السبت)، إن إيران في حالة «حرب شاملة» مع أميركا وإسرائيل وأوروبا، مشيراً إلى أن هذه البلدان لا تريد لإيران النهوض.

وأضاف بزشكيان أن إسرائيل اعتقدت أن عدوانها على إيران سيؤدي إلى انهيار النظام، لكن ذلك لم يحدث، مؤكداً قدرة بلاده على تجاوز الضغوط والعقوبات.

وأكد الرئيس الإيراني أن الجيش أكثر قوة الآن عما كان عليه قبل الحرب مع إسرائيل، وتعهد بتلقين إسرائيل والولايات المتحدة درساً «أشد قسوة» إذا تكررت الاعتداءات الإسرائيلية والأميركية.

وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قد قال، يوم الاثنين الماضي، إن أي تحرك من جانب إيران سيُقابل برد عنيف، مؤكداً أن إسرائيل لا تسعى إلى مواجهة مع إيران، مشيراً إلى أن إسرائيل تتابع مناورات إيرانية.

وشنّت إسرائيل هجوماً على إيران في يونيو (حزيران) الماضي، وقتلت عدداً من كبار القادة العسكريين والعلماء النوويين في الساعات الأولى من الحرب التي استمرت 12 يوماً، وتدخلت الولايات المتحدة في نهايتها عندما قصفت أهم المنشآت النووية الإيرانية بقنابل خارقة للتحصينات.


عبدي يزور دمشق خلال أيام لبحث تنفيذ اتفاق الاندماج

عناصر من «قسد» أثناء تحركات في حلب (أ.ف.ب)
عناصر من «قسد» أثناء تحركات في حلب (أ.ف.ب)
TT

عبدي يزور دمشق خلال أيام لبحث تنفيذ اتفاق الاندماج

عناصر من «قسد» أثناء تحركات في حلب (أ.ف.ب)
عناصر من «قسد» أثناء تحركات في حلب (أ.ف.ب)

يتوقع أن يزور قائد «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) مظلوم عبدي دمشق خلال أيام للقاء الرئيس السوري أحمد الشرع لبحث التنفيذ العملي لاتفاق اندماجها في الجيش السوري الموقع في دمشق في 10 مارس (آذار) الماضي.

يأتي ذلك في وقت تتصاعد فيه حدة التوتر في حلب بين فصائل تابعة لوزارة الدفاع السورية و"قسد"، وسط اتهامات سورية وتركية لها بالمماطلة في تنفيذ اتفاق الاندماج.

ونقلت وسائل إعلام تركية، السبت، تصريحات أدلى بها مصدر في الإدارة الذاتية (الكردية) لشمال وشرق سوريا لوسائل إعلام كردية، أن عبدي سيزور دمشق في الأيام المقبلة للقاء الشرع.

وبحسب ما ذكرت شبكة «روداو» الإخبارية، يؤكد ممثلو الإدارة الذاتية أن المفاوضات بين الإدارة ودمشق تجاوزت مرحلة «المناقشات النظرية» ودخلت مرحلة التنفيذ العملي لاتفاق 10 مارس، وأنها تتمحور حول نقاط رئيسية تُنبئ بتغييرات جوهرية في البنية العسكرية والاقتصادية والإدارية لسوريا.

قائد «قسد» مظلوم عبدي (رويترز)

وأضافت أنه «تماشيًا مع مبدأ (لا جيشين في بلد واحد)، يُخطط لدمج (قسد) في الجيش السوري، وستُقرر لجنة عسكرية مشتركة كيفية توحيد الفصائل المسلحة المختلفة تحت مظلة واحدة».

اتهامات وتحذيرات

في الوقت ذاته، انتقدت قيادات كردية سياسة تركيا تجاه سوريا والتلويح المتكرر بالتدخل العسكري ضد «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد)، مؤكدة أن أكراد سوريا لا يسعون إلى تقسيم البلاد.

وقال القيادي البارز في «العمال الكردستاني» عضو المجلس التنفيذي لاتحاد مجتمعات كردستان، مصطفى كاراصو، إن «مقاربات الدولة التركية بشأن سوريا غير صحيحة، فتركيا تعارض الحرب في غزة والهجمات الإسرائيلية على لبنان وسوريا، بمعنى أنها تعارض الحرب وتريد السلام، لكنها في الوقت ذاته تقول إنها ستتدخل في سوريا إذا لم تنفذ «قسد» اتفاق الاندماج... كيف يعقل هذا المنطق؟».

وأضاف كاراصو، في تصريحات لوسائل إعلام كردية نقلتها صحف تركية، السبت، أن تركيا تقول إنها تريد السلام في كل المناطق، لكنها تريد الحرب ضد الأكراد، مؤكداً أن «بإمكان الأكراد وحكومة دمشق مناقشة وحل مشاكلهم بأنفسهم؛ لأن هذه مشكلة داخلية والأكراد لا يقولون دعونا نقسم سوريا، لا يوجد مثل هذا النهج».

القيادي في حزب «العمال الكردستاني» مصطفى كاراصو (إعلام تركي)

وشدد على أن تركيا بحاجة إلى تغيير سياستها تجاه سوريا القائمة على محاولة فرض خطواتها من خلال الضغط والتهديد، مضيفاً: «الأمر في أيدي قوى متعددة، نعم، هناك قوى مختلفة متورطة، الأمر لا يقتصر على تركيا وحدها؛ فقوى أخرى تُثير الفتن في سوريا، أفضل ما يُمكن فعله هو ضمان الاستقرار في سوريا، لكن الاستقرار لا يتحقق بإثارة الصراع وزرع الفتنة بين دمشق وإدارة شمال وشرق سوريا».

وحذّر وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، مؤخراً، من نفاد صبر تركيا والأطراف الأخرى المعنية باتفاق اندماج «قسد» في الجيش السوري، مؤكداً أنه لا يوجد أي مؤشر على أنها تتخذ خطوات لتنفيذ الاتفاق.

الشرع خلال لقائه مع الوفد التركي في دمشق في 22 ديسمبر (الدفاع التركية - إكس)

كما اتهمت أنقرة ودمشق، خلال مؤتمر صحافي مشترك لوزير الخارجية السوري أسعد الشيباني ونظيره التركي هاكان فيدان في دمشق، الاثنين الماضي، «قسد» بالمماطلة في تنفيذ الاتفاق الموقع بين قائدها مظلوم عبدي والرئيس أحمد الشرع، وأكدتا رفض أي محاولات للمساس بوحدة سوريا واستقرارها.

وبينما كان وفد تركي يضم فيدان ووزير الدفاع، يشار غولر، ورئيس المخابرات، إبراهيم كالين، يجري محادثات في دمشق شملت لقاء مع الشرع، أقدمت «قسد» على خرق اتفاق وقف إطلاق النار واستهدفت نقاطاً قرب دوارَي الشيحان والليرمون شمال حلب، فيما اعتبر رسالة موجهة إلى دمشق وأنقرة.

تصعيد في حلب

وتجددت الاشتباكات، ليل الجمعة - السبت، بين «قسد» وفصائل تابعة للقوات الحكومية السورية في شمال حلب.

مسلحون من «قسد» عند أحد الحواجز في حي الشيخ مقصود في حلب (إكس)

وقالت قوى الأمن الداخلي (الآشايس) التابعة لـ«قسد» إن الفصائل التابعة للحكومة بدأت هجوماً عنيفاً باستخدام الرشاشات الثقيلة والمدفعية على حيي الشيخ مقصود والأشرفية، بعدما استهدفت حاجزاً لها في محيط دوار الشيحان بحي الشيخ مقصود بقذيفتي «آر بي جي»، وإنها قامت بالرد على الهجوم.

ويشكل هذا التصعيد خطراً على مسار المفاوضات بين «قسد» ودمشق بشأن تنفيذ اتفاق 10 مارس.

وقال مصدر مسؤول في وزارة الخارجية السورية لوكالة الأنباء الرسمية (سانا)، الجمعة، إن التصريحات الصادرة عن قيادة «قسد» بشأن الاندماج ووحدة سوريا لم تترجم إلى خطوات عملية أو جداول زمنية واضحة، ما يثير تساؤلات حول جدية الالتزام بالاتفاق.

الشرع وعبدي خلال توقيع اتفاق اندماج «قسد» في الجيش السوري 10 مارس الماضي (إ.ب.أ)

وأكد المصدر أن استمرار وجود تشكيلات مسلحة خارج إطار الجيش السوري، بقيادات مستقلة وارتباطات خارجية، يمس السيادة الوطنية ويعرقل الاستقرار، وينسحب الأمر ذاته على السيطرة الأحادية على المعابر والحدود واستخدامها كورقة تفاوض.

وكان وزير الدفاع التركي يشار غولر، طالب، في تصريحات الأسبوع الماضي، «قسد» بإعلان خريطة طريق واضحة بشأن تنفيذ الاتفاق، لافتاً إلى أن تركيا جاهزة لجميع الاحتمالات.

تدخلات تركية

وصرّح عضو الهيئة الرئاسية في حزب «الاتحاد الديمقراطي» (الكردي) في سوريا، صالح مسلم، بأن الفصائل التابعة للحكومة التي تحاصر حيي الشيخ مقصود والأشرفية تتلقى الأوامر بشكل مباشر من تركيا وليس من دمشق.

صالح مسلم (حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي السوري)

وزعم مسلم أن تركيا تهدف من وراء هذا التصعيد إلى إشعال الساحة السورية وإفشال اتفاق اندماج «قسد»، وأن السياسة التركية تسعى لكسر «الإرادة الكردية والديمقراطية في سوريا».

ولفت إلى أن اتفاق الأول من أبريل (نيسان) الماضي، بين المجلس العام لحيي الشيخ مقصود والأشرفية مع الحكومة السورية استهدف ترسيخ العيش المشترك وتعزيز السلم الأهلي في مدينة حلب، وأكد خصوصية الحيين، وأن تتولى قوى الأمن الداخلي (الآشايس) مع وزارة الداخلية في الحكومة السورية مسؤولية حماية الحيين، إلا أن المسلحين «المنفلتين» يعرضون هذه الاتفاقية للخطر.