ترمب يضع جميع دول آسيا في «قارب الرسوم الجمركية» مع الصين

ترمب بعد توقيعه أمراً تنفيذياً لإعلان الرسوم الجمركية الجديدة في حديقة الورد بالبيت الأبيض (أ.ب)
ترمب بعد توقيعه أمراً تنفيذياً لإعلان الرسوم الجمركية الجديدة في حديقة الورد بالبيت الأبيض (أ.ب)
TT
20

ترمب يضع جميع دول آسيا في «قارب الرسوم الجمركية» مع الصين

ترمب بعد توقيعه أمراً تنفيذياً لإعلان الرسوم الجمركية الجديدة في حديقة الورد بالبيت الأبيض (أ.ب)
ترمب بعد توقيعه أمراً تنفيذياً لإعلان الرسوم الجمركية الجديدة في حديقة الورد بالبيت الأبيض (أ.ب)

تخوض الولايات المتحدة حرباً تجارية جديدة، يقودها الرئيس دونالد ترمب، في معركة أحادية الجانب ضد جميع الأطراف. وفي خطوة تصعيدية جديدة، أعلن البيت الأبيض، يوم الأربعاء، زيادات كبيرة في الرسوم الجمركية المفروضة على الصين، حيث ارتفعت الرسوم بنسبة 34 نقطة مئوية، ليصل إجمالي الزيادة على السلع الصينية إلى 54 نقطة مئوية خلال الأسابيع العشرة الأولى من ولاية ترمب. ولم تقتصر هذه الإجراءات على الصين فقط، بل شملت معظم دول آسيا، لتضع جميع هذه الدول في «قارب الرسوم الجمركية» ذاته مع الصين.

الرسوم الجمركية على دول آسيا

على الرغم من دورها الحيوي ركيزة جيوسياسية للولايات المتحدة في المنطقة، لم تنجُ اليابان من الرسوم الجمركية التي بلغت 24 في المائة، رغم استثمارات الشركات الكبرى مثل «سوفت بانك» فيها. كما لم تسهم القواعد العسكرية الأميركية في كوريا الجنوبية في تجنب فرض رسوم بنسبة 26 في المائة. وفي الوقت نفسه، فرضت على تايوان، التي تعد المورد الأساسي لأشباه الموصلات لشركات وادي السيليكون، زيادة بنسبة 32 في المائة في الرسوم.

تدمير استراتيجية «الصين زائد واحد»

تؤدي هذه الخطوة إلى تدمير استراتيجية «الصين زائد واحد» التي تبنتها دول مثل فيتنام، حيث باتت تخضع لرسوم جمركية بلغت 46 في المائة، وهي قريبة من تلك المفروضة على الصين نفسها. وكانت فيتنام سابقاً تعيد تصدير السلع الجاهزة إلى الولايات المتحدة، مما ينعكس سلباً على المصدرين الصينيين الذين كانوا يعتمدون على إعادة توجيه السلع عبر دول جنوب شرقي آسيا. ومن المتوقع أن تزداد وطأة تأثير هذه الرسوم على هذه الدول.

فرصة للهند مع الرسوم الجمركية الأقل

من ناحية أخرى، قد تكون هذه التطورات فرصة للهند، التي تسعى لتوسيع قطاع التصنيع فيها. الهند تواجه رسوماً أقل بنسبة 27 في المائة، وقد يدعم ارتفاع الحواجز ضد الاستثمارات الصينية جاذبيتها بوصفها مركزاً منخفض التكلفة لتوريد السلع إلى الولايات المتحدة. ومع ذلك، من غير المرجح أن تقوم الشركات العالمية بتغيير سلاسل إمدادها في الوقت الراهن قبل أن تشهد مزيداً من الاستقرار في السياسات التجارية.

التفاؤل الحذر واحتمالات الفشل في المفاوضات

قد يظل بعض المتفائلين يأملون في التوصل إلى تفاهمات جزئية قبل سريان الرسوم في 9 أبريل (نيسان) أو في الأشهر التالية. إلا أن الواقع يشير إلى أن الرسوم الجمركية في عهد ترمب غالباً ما تكون ثابتة وصعبة التراجع. وتجعل شروط الأمر التنفيذي للرئيس، التي تتطلب تنازلات جوهرية في مجالات التجارة والأمن، من المفاوضات الناجحة أمراً أقل احتمالاً.

صعود الصين في مواجهة السياسة الأميركية

تبدو هذه التحركات وكأنها تصب في مصلحة الصين، التي تسعى إلى تعزيز دورها قوةً إقليميةً وداعمةً قويةً للتجارة الحرة، مقارنةً بالولايات المتحدة، التي تمثل سوقاً ضخمة لا يمكن استبدالها بسهولة. لكن معارضة الصين للرسوم الجمركية تأتي جنباً إلى جنب مع حاجتها المستمرة إلى الحفاظ على قطاع صادراتها الحيوي، لتفادي ارتفاع معدلات البطالة وزيادة الركود الاقتصادي في الداخل.

الضغوط على بقية دول آسيا

من المحتمل أن تواجه بقية دول آسيا الآن تدفقاً هائلاً من السلع الصينية الرخيصة التي ستضر بالصناعات المحلية، ما يفرض عليها اتخاذ قرارات صعبة حول ما إذا كان ينبغي لها فرض رسوم حمائية لحماية اقتصاداتها. في الوقت ذاته، تراجعت أسواق الأسهم الكبرى في المنطقة يوم الخميس، حيث سجل مؤشر «توبكس» الياباني انخفاضاً بنسبة 3 في المائة، في حين بدأ المستثمرون في تقييم التأثيرات المباشرة والطويلة الأمد للرسوم الجمركية.

والواقع الصعب الذي يجب على دول آسيا مواجهته هو أنه لا يوجد ملاذ آمن في المنطقة، والعاصفة الاقتصادية قد بدأت بالفعل.

تصعيد جديد في الرسوم الجمركية

وفي 2 أبريل (نيسان)، أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترمب عن فرض رسوم جمركية انتقامية بنسبة 10 في المائة على جميع الشركاء التجاريين، مع رفع الرسوم على الدول ذات العجز التجاري الكبير، مثل الصين التي تم فرض رسوم عليها بنسبة 34 في المائة، وتايوان بنسبة 32 في المائة، واليابان بنسبة 24 في المائة، وفيتنام بنسبة 46 في المائة.

كما هدد الأمر التنفيذي لترمب بزيادة الرسوم على الدول التي ترد بالمثل، مع تأكيده أن الرسوم قد تُخفض إذا اتخذ الشركاء التجاريون «خطوات كبيرة» لتصحيح السياسات التجارية غير المتكافئة والتوافق مع الولايات المتحدة في القضايا الاقتصادية والأمنية.


مقالات ذات صلة

ترمب لباول: خفّض الفائدة فوراً… والإقالة لا يمكن أن تتم بالسرعة الكافية

الاقتصاد دونالد ترمب يتحدث في نادي ترمب الوطني للغولف في رانشو بالوس فيرديس 13 سبتمبر 2024 (رويترز)

ترمب لباول: خفّض الفائدة فوراً… والإقالة لا يمكن أن تتم بالسرعة الكافية

جدد الرئيس الأميركي دونالد ترمب، يوم الخميس، دعوته مجلس الاحتياطي الفيدرالي إلى خفض أسعار الفائدة، ملوّحاً في الوقت ذاته بـ«إقالة» رئيسه جيروم باول.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد متداولون في بورصة نيويورك (إ.ب.أ)

العقود الآجلة للأسهم الأميركية ترتفع بعد تقلبات حادة

ارتفعت العقود الآجلة للأسهم الأميركية، يوم الخميس، مع ترحيب حذر من المستثمرين بتطورات المحادثات الجمركية بين الولايات المتحدة واليابان.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الاقتصاد سفينة شحن في محطة الشحن الدولية بميناء طوكيو (أ.ف.ب)

ترمب يتحدث عن «تقدم كبير» في محادثات الرسوم مع اليابان

أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترمب عن «تقدم كبير» عندما اتخذ خطوة مفاجئة يوم الأربعاء بالتفاوض مباشرةً مع المسؤولين اليابانيين بشأن الرسوم الجمركية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن - طوكيو)
الاقتصاد يعمل الناس على خط تجميع عربات الجليد بولاريس في مصنع التصنيع والتجميع في روزاو بمينيسوتا (رويترز)

زيادة معتدلة في إنتاج الصناعات التحويلية الأميركية في مارس

شهد إنتاج الصناعات التحويلية في الولايات المتحدة زيادة معتدلة في مارس، ومن المتوقع أن يشهد تباطؤاً أكبر نتيجة للرسوم الجمركية العالمية.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
أوروبا النائبة الأولى لرئيس الوزراء الأوكراني ووزيرة الاقتصاد الأوكرانية يوليا سفيريدينكو (أ.ب) play-circle

كييف: «تقدم ملحوظ» في المحادثات مع واشنطن بشأن اتفاق المعادن

أحرزت أوكرانيا والولايات المتحدة «تقدماً ملحوظاً» في محادثاتهما بشأن صفقة معادن.

«الشرق الأوسط» (كييف)

«المركزي الأوروبي» يخفض الفائدة للمرة السابعة لمواجهة تهديدات رسوم ترمب

مقر مبنى البنك المركزي في فرنكفورت (رويترز)
مقر مبنى البنك المركزي في فرنكفورت (رويترز)
TT
20

«المركزي الأوروبي» يخفض الفائدة للمرة السابعة لمواجهة تهديدات رسوم ترمب

مقر مبنى البنك المركزي في فرنكفورت (رويترز)
مقر مبنى البنك المركزي في فرنكفورت (رويترز)

خفض البنك المركزي الأوروبي أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس إلى 2.25 في المائة، وذلك للمرة السابعة على التوالي، في خطوة متوقعة تهدف إلى دعم النمو الاقتصادي في ظل التهديدات المتصاعدة التي تفرضها الرسوم الجمركية التي تبنتها إدارة ترمب.

وتُعدّ التطورات الأخيرة في ملف الرسوم الجمركية أحد الأسباب الرئيسية التي دفعت البنك المركزي الأوروبي إلى خفض أسعار الفائدة، بحسب ما يرى كثيرون.

فعلى الرغم من أن العديد من الرسوم الأولية التي فرضتها الولايات المتحدة، وكذلك التدابير الانتقامية المقابلة، قد تم تجميدها أو تخفيفها، فإن المخاوف بشأن تأثيرها المحتمل على النمو الاقتصادي لا تزال واسعة النطاق.