المعارضة المالية تتبنى تحطيم «درون» اخترقت أجواء الجزائر

أكدت أن الحدود الجزائرية «باتت مقبرة للمسيّرات القتالية»

بقايا «الدرون» بعد تحطيمها (المعارضة المالية المسلحة)
بقايا «الدرون» بعد تحطيمها (المعارضة المالية المسلحة)
TT
20

المعارضة المالية تتبنى تحطيم «درون» اخترقت أجواء الجزائر

بقايا «الدرون» بعد تحطيمها (المعارضة المالية المسلحة)
بقايا «الدرون» بعد تحطيمها (المعارضة المالية المسلحة)

بينما أكدت القوات المسلحة الجزائرية، أمس (الثلاثاء)، أن سلاح الجو التابع لها أسقط طائرة استطلاع من دون طيار بالقرب من الحدود مع مالي، تبنت المعارضة المالية المسلحة في شمال البلاد المتاخم للجزائر، عملية تحطيم الطائرة، مؤكدة أن المنطقة «باتت مقبرة» لمسيرات الجيش النظامي في باماكو.

وفي رسالة نشرتها بحساباتها بالإعلام الاجتماعي ليل الاثنين - الثلاثاء، أعلنت «جبهة تحرير أزواد»، وهي أكبر تنظيمات الطوارق المعارضين للحكم العسكري في باماكو، مسؤوليتها عن تدمير طائرة مسيرة قتالية من طراز «أكينجي»، وهي طائرة من الجيل الأخير التي حصلت عليها السلطات المالية منذ فترة قصيرة. وقال موقع «مينا ديفانس» الجزائري، المتخصص في الشؤون العسكرية، إن «الدرون» صناعة تركية.

أحد الصواريخ التي كانت تحملها الطائرة المحطمة (وكالة الأنباء الأفريقية)
أحد الصواريخ التي كانت تحملها الطائرة المحطمة (وكالة الأنباء الأفريقية)

ورافق إعلان «أزواد» عدة صور في منطقة تين زاوتين بالجانب الجزائري من الحدود، تُظهر حطام طائرة غير قابلة للتحديد، مبعثرة على أرض صخرية، مع رفع علم «جبهة تحرير أزواد» فوق الحطام. وتم نشر هذه المعطيات على منصات رقمية خاصة، عبر حسابات مرتبطة بالحركات المسلحة الطرقية. وفي هذه المرحلة، لم يتم تقديم تأكيد مستقل بشأن صحة الصور، أو نوع الطائرة التي تم تدميرها، حسب «وكالة الأنباء الأفريقية» (مقرها كوت ديفوار).

وفي تواصلهم بشأن هذه العملية، وصف مقاتلو «جبهة تحرير أزواد» تين زاوتين، بأنها «مقبرة الطائرة المسيرة الشهيرة أكينجي»، وأكدوا أنهم «أسقطوا تقريباً جميع الطائرات المقاتلة من طراز ألباتروس وسوخوي 25»، التي تستخدمها القوات المالية، علماً بأن هذه ليست المرة الأولى التي يتم فيها إصدار مثل هذه الأخبار، حسبما أفادت «وكالة الأنباء الأفريقية». ففي سبتمبر (أيلول) 2023، تحطمت طائرة «سوخوي 25» في منطقة غاوو شمال مالي، حيث أهم معاقل المعارضة. وبينما تحدثت القيادة العامة للجيش المالي يومها عن «أسباب فنية»، تبنت جماعات مسلحة محلية الهجوم.

وفي مايو (أيار) 2024، تحطمت طائرة تدريب من طراز «L-39C ألباتروس» في منطقة منكا بالشمال أيضاً، وتبنت جماعات مسلحة الهجوم أيضاً، وفق الموقع الإخباري المتخصص «مليتاري أفريكا».

وفي تقدير مراقبين محليين، «يكشف هذا الادعاء الجديد عن تطور ملحوظ في الصراع داخل مالي»، التي تعد من أفقر دول العالم. ويبدو أن الجماعات المسلحة، حسب المراقبين أنفسهم، «تتكيف مع القدرات التكنولوجية الجديدة للدولة المالية، مستهدفة الآن طائراتها المسيرة».

تعزيزات عسكرية تركية لباماكو

في ديسمبر (كانون الأول) 2024، أعلنت الحكومة المالية عن شراء طائرات مسيرة من طراز «أكينجي» من تركيا، في إطار تعزيز كبير لقدراتها الجوية. وتعدّ طائرات «أكينجي»، التي تصنعها شركة «بايكار»، من الطائرات عالية الأداء، حيث تتمتع بقدرة ضربات بعيدة المدى، ومدة طيران تتجاوز 24 ساعة. وكان هذا الطلب جزءاً من سلسلة عمليات تسليم المعدات العسكرية لدعم القوات المسلحة المالية، في حربها ضد الجماعات المسلحة في مناطق الشمال والوسط.

نسخة من المسيَّرة التركية التي تم إسقاطها على الحدود الجزائرية - المالية (صحافة مالية)
نسخة من المسيَّرة التركية التي تم إسقاطها على الحدود الجزائرية - المالية (صحافة مالية)

وأمس، أعلنت وزارة الدفاع الجزائرية في بيان، أن وحدة تابعة للدفاع الجوي عن الإقليم بـ«الناحية العسكرية السادسة» (جنوب)، تمكنت ليل الاثنين، من رصد وإسقاط طائرة استطلاع من دون طيار مسلحة بالقرب من مدينة تين زاوتين الحدودية، وذلك بعد اختراقها المجال الجوي لمسافة كيلومترين، وفق البيان ذاته، الذي أشاد بـ«الجهود المبذولة لحماية حدودنا الوطنية»، عادّاً العملية «نوعية وتؤكد مرة أخرى اليقظة العالية، والاستعداد الدائم لوحدات الجيش الوطني الشعبي لحماية حدودنا البرية، والجوية، والبحرية، من أي تهديد يمس بالسيادة الوطنية».

من جهتها، أصدرت القيادة العامة لأركان الجيش المالي بياناً، أكدت فيه تحطم طائرة من دون طيار تابعة لها بالقرب من تين زاوتين في منطقة كيدال، التي سيطرت عليها في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، في هجوم على معاقل «أزواد».

وجاء في البيان أن الطائرة «كانت في مهمة رصد عادية للمنطقة، ضمن إطار العمليات الأمنية لحماية الأفراد والممتلكات»، من دون ذكر أي شيء عن الجهة التي حطمتها، لكنها أوحت بأن عناصر المعارضة هم من يقفون وراء العملية، حيث أكد البيان أن الجيش «رصد ليل الاثنين إلى الثلاثاء، تحرك مركبة ذات دفع رباعي تحمل إرهابيين مسلحين مع مواد لوجيستية على بعد 3.5 كم جنوب شرقي تين-زاوتين، وعلى بعد 2 كم من الخط الحدودي».

نموذج من «الدرون» التركية «أكينجي» (متداولة)
نموذج من «الدرون» التركية «أكينجي» (متداولة)

وأضاف البيان أن «استخلاص المعلومات، وملاحقة الجماعات الإرهابية، مستمران في كل أنحاء البلاد». كما تحدث عن «مواصلة معالجة كثير من القواعد والمخابئ اللوجيستية للإرهابيين، التي تم تحديدها من قبل المراقبين الجويين، لا سيما في القطاعات الشمالية الشرقية والجنوبية الشرقية، ضمن دائرة قطرها 400 كم من كيدال». ويصف الحكم العسكري في باماكو، عناصر المعارضة بـ«الإرهابيين».

ودعت قيادة أركان الجيش المالي، عبر بيانها، سكان المناطق الحدودية إلى التميز عن الإرهابيين ومخابئه، وقالت إنها «تحذر الإرهابيين وشركائهم ومن يقدم لهم المال»، من دون ذكر من تقصد.

وكان نظام الحكم، بقيادة العقيد عاصيمي غويتا، اتهم الجزائر مطلع 2024 بدعم من سماهم الإرهابيين، معلناً في الوقت ذاته، عن وقف العمل بـ«اتفاق السلام» مع المعارضة، الذي تشرف الجزائر على رعايته منذ التوقيع عليه فوق أرضها عام 2015.


مقالات ذات صلة

مسؤول أوروبي في الجزائر لبحث «الميثاق الجديد من أجل المتوسط»

شمال افريقيا ممثل السياسة الخارجية في «الاتحاد الأوروبي» سابقاً جوزيب بوريل في لقاء سابق مع الرئيس عبد المجيد تبون (الرئاسة الجزائرية)

مسؤول أوروبي في الجزائر لبحث «الميثاق الجديد من أجل المتوسط»

المدير العام لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا والخليج في المفوضية الأوروبية، ستيفانو سانّينو، يبدأ اليوم الثلاثاء زيارة إلى الجزائر.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا الرئيس الجزائري خلال لقاء وزير الخارجية المصري (الخارجية المصرية)

عبد العاطي في الجزائر وتونس... زيارة ثنائية تحمل رسائل سياسية

زار وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، الخميس والجمعة، كلاً من الجزائر وتونس، في زيارة ثنائية حملت رسائل سياسية.

فتحية الدخاخني (القاهرة )
شمال افريقيا الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي (رويترز)

وزير الخارجية المصري يسلّم الرئيس الجزائري رسالة خطية من السيسي

سلّم وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي رسالة خطية من الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى نظيره الجزائري عبد المجيد تبون خلال اجتماع في الجزائر العاصمة اليوم.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا 
الرئيس الجزائري مستقبلاً وزير الداخلية (وزير العدل حالياً) ورئيسة الوزراء الفرنسيين في الجزائر نهاية 2022 (الرئاسة الجزائرية)

فرنسا تطرد 12 موظفاً دبلوماسياً جزائرياً

أعلنت الرئاسة الفرنسية أمس (الثلاثاء) أنها ستطرد 12 دبلوماسياً وموظفاً يعملون في السفارة الجزائرية في باريس وفي قنصليات المناطق، وذلك رداً على إجراء مماثل.

ميشال أبونجم (باريس ) «الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا صوفيا بن لمان مع المحامي فريدريك ليلارد (أ.ف.ب)

السجن مع وقف التنفيذ لمؤثرة فرنسية-جزائرية

حُكم على مؤثرة فرنسية-جزائرية في مدينة ليون (وسط شرقي فرنسا) بالسجن 9 أشهر مع وقف التنفيذ، بتهمة توجيه تهديدات بالقتل لمعارضين للنظام الجزائري.

«الشرق الأوسط» (ليون (فرنسا))

​«الوحدة» الليبية تتعهد التحقيق في دهس مشجعين عقب مباراة لكرة القدم

لحظة دهس سيارة أمنية لمشجعين عقب مباراة لكرة القدم في طرابلس (من مقاطع فيديو متداولة)
لحظة دهس سيارة أمنية لمشجعين عقب مباراة لكرة القدم في طرابلس (من مقاطع فيديو متداولة)
TT
20

​«الوحدة» الليبية تتعهد التحقيق في دهس مشجعين عقب مباراة لكرة القدم

لحظة دهس سيارة أمنية لمشجعين عقب مباراة لكرة القدم في طرابلس (من مقاطع فيديو متداولة)
لحظة دهس سيارة أمنية لمشجعين عقب مباراة لكرة القدم في طرابلس (من مقاطع فيديو متداولة)

وسط انتقادات محلية واسعة، أعلنت وزارة الداخلية بحكومة «الوحدة الوطنية» الليبية المؤقتة أن وزيرها المكلف، عماد الطرابلسي، أصدر تعليمات عاجلة بفتح تحقيق «فوري وشامل» في حادثة دهس سيارة تابعة لجهة أمنية، مساء الاثنين، لمشجعين عقب مباراة لكرة القدم بالمدينة الرياضية في العاصمة طرابلس.

وأكدت الوزارة على «ضرورة تحديد المسؤوليات بدقة»، مشيرة إلى جلب السيارة وسائقها، واتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة. وأعربت عن أسفها البالغ لما حدث، وعدّت هذا التصرف «سلوكاً فردياً لا يعكس بأي حال من الأحوال سياستها أو نهجها المهني»، وشدّدت على أنها «لن تتهاون في اتخاذ ما يلزم من إجراءات قانونية لمحاسبة المتورطين، وتحقيق العدالة، وإنصاف المتضررين».

لكن الوزارة قالت في المقابل إن الحادثة وقعت «نتيجة اعتداء بعض المشجعين على دوريات الشرطة، التي ادعت أنها سعت لتفادي التصعيد والابتعاد عن موقع الحادث».

وزير الداخلية المكلف بحكومة «الوحدة» عماد الطرابلسي (وزارة الداخلية)
وزير الداخلية المكلف بحكومة «الوحدة» عماد الطرابلسي (وزارة الداخلية)

وبعدما أكدت التزامها بالعمل وفق معايير أمنية وإنسانية وقانونية، وضمان احترام حقوق المواطنين وسلامتهم، دعت الجميع إلى «التزام التهدئة وتحري الدقة في تداول المعلومات، إلى حين انتهاء التحقيقات، وصدور نتائجها النهائية، وتعهدت إطلاع الرأي العام على أي مستجدات تتعلق بالقضية فور توفرها».

وأظهرت مقاطع فيديو تعمّد سيارات مسلحة، تحمل شعار وزارة الداخلية بالحكومة، الاصطدام بعدد من الجماهير خارج أسوار ملعب طرابلس الدولي، عقب انتهاء مباراة أهلي طرابلس والسويحلي، ما أدى إلى إصابة عدد غير معلوم تم نقلهم في حالة حرجة للعلاج، كما رصدت وسائل إعلام محلية اعتداء عناصر تابعة لوزارة الداخلية مسؤولة عن تأمين الجماهير، على المشجعين أثناء خروجهم من ملعب المباراة.

وبحسب شهود عيان، فقد أقدم بعض المشجعين على حرق وتكسير عدد من السيارات التابعة لـ«جهاز الأمن العام»، بإمرة شقيق عماد الطرابلسي، عبد الله الشهير بـ(الفراولة)، رداً على الواقعة.

بدورها، اتهمت المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان سيارات الشرطة، التابعة لإدارة الدعم المركزي بوزارة الداخلية، بالاعتداء والدهس المباشر لمشجعي النادي الأهلي، ما أدى إلى إصابة بعضهم بإصابات خطيرة، نقلوا على أثرها إلى العناية الطبية. وعدّت ما قام به من وصفتهم بأفراد الأمن «غير المنضبطين» استخفافاً بحياة وأرواح وسلامة المواطنين، وتهديداً للأمن والسلم الاجتماعي، ومساساً بحياة وسلامة المدنيين، وترويعاً وإرهاباً مسلح لهم، وبمثابة أعمال وممارسات تُشكل جرائم يعاقب عليها القانون.

وبعدما حملت المسؤولية القانونية الكاملة للطرابلسي، طالبت المؤسسة بفتح تحقيق شامل في ملابسات وظروف هذه الجريمة، وضمان محاسبة المسؤولين عنها وتقديمهم للعدالة، وعدم إفلاتهم من العقاب.

وعقب عملية الدهس، تصاعدت الانتقادات للأجهزة الأمنية وللتشكيلات المسلحة ولحكومة «الوحدة». ودخل فتحي باشاغا، رئيس حكومة شرق ليبيا السابق، ليعبر عن أسفه مما «تشهده بعض الفعاليات الرياضية من تدخلات سلبية من جهات مدنية وأمنية وعسكرية، حوّلت هذا الفضاء الرياضي من جسر للتقارب إلى ساحة للتوتر والاحتقان».

فتحي باشاغا رئيس حكومة شرق ليبيا السابق (الشرق الأوسط)
فتحي باشاغا رئيس حكومة شرق ليبيا السابق (الشرق الأوسط)

وقال باشاغا في تعليق على الحادث: «تابعنا المباراة التي اتسمت بحضور جماهيري لافت، وأجواء تنافسية متميزة، إلا أن هذه الأجواء شابها مشهد مؤلم، يُظهر مركبات تابعة لوزارة الداخلية، وهي تدهس عدداً من الجماهير خارج محيط الملعب، في سلوك يناقض مقتضيات المسؤولية والواجب واحترام المهنة».

ورأى باشاغا أن ما وقع لبعض الجماهير من دهس «يشكل انتهاكاً صريحاً لنصوص الإعلان الدستوري، ولأحكام المادة (3) من قانون الشرطة، التي تُلزم رجال الأمن بحماية الأرواح والأعراض والأموال، والممتلكات العامة والخاصة، وصون الحقوق والحريات المكفولة».

كما أدان «المجلس الوطني للحريات وحقوق الإنسان» عملية الدهس، محملاً الجهات الرسمية، ومن بينها وزارة الداخلية، المسؤولية القانونية والأخلاقية عما سمّاها «الانتهاكات الجسيمة، التي تمثل إخلالاً خطيراً بحقوق الإنسان، وفي مقدمتها الحق في الحياة والسلامة الجسدية».

ولفت المجلس إلى أن استخدام القوة، أو وسائل النقل الرسمية في قمع المواطنين، أو الاعتداء عليهم «يعد مخالفة صريحة للدستور والقوانين الوطنية، فضلاً عن المواثيق الدولية»، وطالب بفتح تحقيق «عاجل وشفاف ومستقل» في الواقعة، وإخضاع المسؤولين عنها للقضاء.