يتخوف الأربعيني محسن أبو الفضل، الذي يقيم في ضاحية 6 أكتوبر بمحافظة الجيزة، من زيادة مرتقبة في أسعار البنزين ستزيد من أعباء زيارته الدورية لمسقط رأسه في محافظة سوهاج (صعيد مصر)، بعدما أصبح يتكبد ما يقارب ضعف ما كان يتحمله قبل عام، بسبب «زيادة أسعار الوقود 3 مرات العام الماضي».
أبو الفضل، يعمل موظفاً في شركة قطاع خاص بالقاهرة، وأب لثلاثة أطفال، قال لـ«الشرق الأوسط»، إن تكلفة رحلته التي تتكرر كل عدة أشهر لسوهاج برفقة عائلته، زادت من نحو 530 جنيهاً في رمضان قبل الماضي، إلى ما يقترب من 900 جنيه مطلع الشهر الماضي، لافتاً إلى أن هذا المبلغ مرشح للزيادة مرة أخرى عقب الزيادة المرتقبة في الأسعار.
ويترقب مصريون الإعلان عن الأسعار الجديدة للمحروقات خلال الشهر الحالي، مع الإعلان عن استئناف لجنة «التسعير التلقائي للمحروقات» اجتماعاتها الدورية، وهو واحد من 3 اجتماعات مقررة العام الحالي، يُفترض أن تتضمن زيادات تدريجية في الأسعار، للوصول إلى رفع الدعم الكامل عن الوقود.

وتعتزم الحكومة زيادة أسعار المحروقات خلال الشهر الحالي، بحسب تصريحات متكررة لرئيس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، الذي أكد «استمرار الحكومة في تنفيذ خطتها التدريجية لرفع الدعم عن الوقود بحلول نهاية 2025، مع الإبقاء على بعض أشكال الدعم»، مثل «الدعم البيني» للمنتجات البترولية لضمان تحقيق التوازن في الأسعار، فيما تتجاوز الزيادات عادة نسبة 10 في المائة التي حددها القانون لزيادة أو خفض أسعار المحروقات.
وأدت الزيادات المتكررة في البنزين لاتخاذ أبو الفضل قراراً بتقليص زيارته العائلية إلى مرتين خلال العام، بسبب زيادات أسعار البنزين، وكلفة السفر مع زوجته وأبنائه.
وبحسب عضو في «لجنة التسعير التلقائي للمحروقات» (لجنة حكومية) تحدث لـ«الشرق الأوسط» - شريطة عدم ذكر اسمه - فإن اجتماع اللجنة سيُعقد بشكل اعتيادي عقب عيد الفطر، وسيتم خلاله تحديد الأسعار المقترحة، ونسب الزيادة وفق عدة متغيرات، من بينها سعر الصرف، وسعر البترول عالمياً، بالإضافة إلى تكاليف التشغيل، مشيراً إلى أن قرارات اللجنة تُرفع إلى مجلس الوزراء قبل إعلانها، وإلى وزارة الداخلية التي تتابع الأوضاع من الناحية الأمنية.
وأضاف أن قرارات اللجنة تُبلّغ قبل إعلانها إلى المحافظات عبر مجلس الوزراء، لمتابعة حركة سيارات الأجرة، وتحديد نسب الزيادة الجديدة على تعريفة النقل، مشيراً إلى أن التوجه في الاجتماع المقبل لـ«تحريك الأسعار بشكل أقل حدة من الاجتماع الماضي، في ظل وجود اجتماع آخر في يوليو (تموز) المقبل، سيتضمن زيادة أخرى».

ويقدر عضو مجلس النواب المصري (البرلمان)، إيهاب منصور، الزيادة المتوقعة بنحو 40 في المائة، بحسب المعطيات التي تشير إلى استمرار تخفيض الدعم الموجه للمواد البترولية في الموازنة الجديدة، مؤكداً لـ«الشرق الأوسط»، أن الخطوة «تتسق مع السياسات الحكومية المستمرة منذ سنوات، والمعتمدة على توجيهات صندوق النقد الدولي، واستمرار أزمة نقص العملة الصعبة».
وتستهدف الحكومة المصرية خفض دعم المواد البترولية في موازنة العام المالي الجديد، الذي يبدأ مطلع يوليو (تموز) المقبل، إلى 75 مليار جنيه، مقابل 154.4 مليار في السنة المالية الحالية، بنسبة تصل إلى 51.4 في المائة، وذلك بموجب مشروع الموازنة الذي اعتمدته الشهر الماضي، ومن المقرر مناقشته في البرلمان خلال الفترة المقبلة.

ويرى نائب رئيس هيئة البترول الأسبق، مدحت يوسف، أن أسعار الوقود الفعلية لم تقترب من المبالغ التي تُباع بها للمواطنين، حتى مع تراجع أسعار النفط عالمياً، مشيراً إلى أن التكاليف الفعلية للوقود تتحدد وفق عدة معايير، من بينها تكلفة الاستيراد والنقل والتأمين، بالإضافة إلى الحصة المجانية التي تستفيد بها الدولة من الإنتاج المحلي، بموجب الاتفاقات الموقعة مع الشركاء الأجانب، التي تُعدُّ نوعاً من الدعم غير المباشر للمستهلكين.
وأضاف لـ«الشرق الأوسط»، أن أي تغيير مرتبط بالتسعير ينعكس على التكلفة، سواء بارتفاع الأسعار عالمياً، أو زيادة تكاليف التشغيل المحلية، موضحاً «أن مصر لا تزال ضمن قائمة أقل 10 دول في أسعار المحروقات عالمياً، حتى مع الزيادات المتكررة في الأسعار».
ورغم عدم توقع عضو مجلس النواب «وجود تعديل في الموازنة الجديدة للحد من الارتفاعات المتوقعة في أسعار الوقود، نظراً لموافقة الأغلبية البرلمانية على السياسات الحكومية»، فإنه يحذر من «التبعات الاجتماعية للخطوة، التي ستؤدي إلى مزيد من الضغوط على العائلات المصرية في حياتها اليومية، في ظل غياب الرقابة على الأسعار، ووجود زيادات فورية تحدث بشكل يفوق قيمة الزيادات في أسعار المحروقات».