يقترب المستثمرون العالميون من الحصول على بعض الوضوح بشأن خطط إدارة ترمب للرسوم الجمركية يوم الأربعاء، ولكن مع قلة التفاصيل حول ما يمكن توقعه، لا تزال الأسواق المالية متوترة.
لطالما رأى الرئيس الأميركي دونالد ترمب يوم 2 أبريل (نيسان)، «يوم التحرير»، حيث يخطط لفرض مجموعة من الرسوم الجمركية الجديدة التي قد تُحدث تغييراً جذرياً في نظام التجارة العالمي.
كما أن للرسوم الجمركية آثاراً كبيرة على أرباح الشركات، والنمو العالمي، والتضخم، وسياسة أسعار الفائدة لمجلس الاحتياطي الفيدرالي.
استهل المستثمرون العام بآمال عريضة في سياسات داعمة للنمو من إدارة ترمب، لكنهم شعروا بالقلق من سيل العناوين الرئيسية المتعلقة بالرسوم الجمركية.
في حين يتفق المستثمرون عموماً على أن إعلان، يوم الأربعاء، الذي طال انتظاره، قد يكون محورياً للتوقعات قصيرة الأجل للأسواق المالية العالمية، إلا أنهم غير متأكدين من الاتجاه الذي ستتأرجح فيه الأسعار وما سيحدث لاحقاً، حيث قد تطول المفاوضات.

وقال ستيف سوسنيك، كبير الاستراتيجيين في شركة «إنتراكتيف بروكرز»: «لا أتذكر موقفاً كانت فيه المخاطر عالية إلى هذا الحد، ومع ذلك كانت النتيجة غير متوقعة». وأضاف: «المشكلة تكمن في التفاصيل، ولا أحد يعلم التفاصيل».
وأكد البيت الأبيض، يوم الثلاثاء، أن ترمب سيفرض تعريفات جمركية جديدة يوم الأربعاء، دون تقديم تفاصيل حول حجم ونطاق الحواجز التجارية التي تثير قلق الشركات والمستهلكين والمستثمرين من تصاعد حرب تجارية عالمية.
وصرحت كارولين ليفيت، المتحدثة باسم البيت الأبيض، بأن التعريفات الجمركية المتبادلة على الدول التي تفرض رسوماً جمركية على السلع الأميركية ستدخل حيز التنفيذ بمجرد إعلان ترمب عنها، بينما ستدخل تعريفة جمركية بنسبة 25 في المائة على واردات السيارات حيز التنفيذ في 3 أبريل.
إن عدم الوضوح بشأن ما إذا كان سيتم تطبيق معدل تعريفة جمركية ثابت على جميع الواردات، أو ما إذا كانت الإدارة ستتبع نهجاً أكثر تجزئة، جعل نمذجة التأثير النهائي للتعريفات الجمركية على الأرباح والنمو والتضخم تحدياً هائلاً.
وقال سونو فارغيز، الخبير الاستراتيجي العالمي في مجموعة كارسون: «من الناحية المثالية، نحصل على رقم واحد فقط، وعندها يمكننا تحديد التأثير اللاحق». وأضاف: «لكنني أخشى ألا نحصل عليه، أو حتى لو حصلنا على رقم واحد، فسيكون ذلك خاضعاً للمفاوضات».

يبدو إعلان يوم الأربعاء حاسماً بشكل خاص بعد أن أكد مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» تصحيحاً، بانخفاض بنسبة 10 في المائة عن أعلى مستوى له مؤخراً، في منتصف مارس (آذار). وكان المؤشر قد انخفض آخر مرة بنحو 8 في المائة عن أعلى مستوى قياسي له في فبراير (شباط).
وقال سوسنيك: «نحن في وضع هش للغاية، حيث نوجد في قاع نطاق تداول تصحيحي... وهذا يجعلنا مستعدين إما لانتعاش حاد أو انهيار مخيف».
وأدى ازدياد حالة عدم اليقين بشأن أخبار التعريفات ورد فعل السوق المحتمل إلى رفع مؤشر تقلب بورصة شيكاغو التجارية -وهو مقياس قائم على الخيارات لقياس قلق المستثمرين- إلى أعلى مستوى له في أكثر من أسبوعين عند 24.80 يوم الاثنين. وأغلق المؤشر يوم الثلاثاء عند 22.77.
وقال مارك سبيندل، كبير مسؤولي الاستثمار في شركة «بوتوماك ريفر كابيتال»، متوقعاً ارتفاع مؤشر الخوف إلى 30، وهو مستوى يرتبط بارتفاع مستوى العزوف عن المخاطرة: «أعتقد أن السوق تمسك أنفاسها».
وكان متداولو سوق الخيارات يترقبون تقلباً بنسبة 1.3 في المائة تقريباً في مؤشر «ستاندرد آند بورز 500»، يوم الأربعاء.
ودفعت مشكلات الرسوم الجمركية مؤشر «نيكي» الياباني للأسهم القيادية إلى أدنى مستوياته منذ سبتمبر (أيلول)، وأضعفت من حدة الارتفاع المذهل في الأسهم الأوروبية.
وافتتحت الأسواق الأوروبية على انخفاض واسع النطاق، يوم الأربعاء.
الدفاع
قد يُحفز إعلان الرسوم الجمركية أيضاً تحركات حادة في الدولار واليورو والذهب، الملاذ الآمن.
وانكمش قطاع التصنيع الأميركي في مارس بعد نموه لشهرين متتاليين، بينما قفز مؤشر التضخم عند بوابة المصنع إلى أعلى مستوى له في نحو ثلاث سنوات مع ازدياد القلق بشأن الرسوم الجمركية على الواردات، وفقاً لبيانات مسح صدرت يوم الثلاثاء. وأثارت أرقام إنفاق المستهلكين الفاترة الأخيرة احتمال ضعف النمو الاقتصادي وارتفاع التضخم. وقد يضع ذلك «الاحتياطي الفيدرالي»، الذي أوقف دورة التيسير النقدي في يناير (كانون الثاني)، لمراقبة تأثير الرسوم الجمركية، في موقف غير مريح.

يرى أنتوني ساجليمبيني، كبير استراتيجيي السوق في شركة «أميريبرايز فاينانشيال»، أن الخطر يكمن في أن إعلان يوم الأربعاء لن يُقدم أي وضوح بشأن الرسوم الجمركية. وقال: «لقد تجاهل السوق إلى حد ما الأثر السلبي التراكمي للرسوم الجمركية على النمو الاقتصادي المحتمل وربحية الشركات».
وأضاف: «سيكون رد الفعل السلبي في السوق إذا ظلت تفاصيل تلك الرسوم الجمركية تُثير الكثير من التساؤلات حول ما تشمله، ومن تشمله».
وقال محللون إنه من الأفضل للمستثمرين الذين حيَّرتهم النتائج المحتملة الواسعة لأخبار يوم الأربعاء، ألا يضعوا كل بيضهم في سلة واحدة. وقال جاك أبلين، كبير مسؤولي الاستثمار في شركة «كريسيت كابيتال»: «الخلاصة هي أنه في مواجهة حالة عدم اليقين التي تغازل مستويات لم نشهدها منذ الوباء أو الأزمة المالية، فأنت بحاجة إلى التنويع».