الأسواق العالمية في حالة تأهب قصوى بانتظار رسوم «يوم التحرير»

رجل  في بورصة بومباي يمر أمام شاشة تعرض الرئيس الأميركي قبل خططه للرسوم (رويترز)
رجل في بورصة بومباي يمر أمام شاشة تعرض الرئيس الأميركي قبل خططه للرسوم (رويترز)
TT
20

الأسواق العالمية في حالة تأهب قصوى بانتظار رسوم «يوم التحرير»

رجل  في بورصة بومباي يمر أمام شاشة تعرض الرئيس الأميركي قبل خططه للرسوم (رويترز)
رجل في بورصة بومباي يمر أمام شاشة تعرض الرئيس الأميركي قبل خططه للرسوم (رويترز)

يقترب المستثمرون العالميون من الحصول على بعض الوضوح بشأن خطط إدارة ترمب للرسوم الجمركية يوم الأربعاء، ولكن مع قلة التفاصيل حول ما يمكن توقعه، لا تزال الأسواق المالية متوترة.

لطالما رأى الرئيس الأميركي دونالد ترمب يوم 2 أبريل (نيسان)، «يوم التحرير»، حيث يخطط لفرض مجموعة من الرسوم الجمركية الجديدة التي قد تُحدث تغييراً جذرياً في نظام التجارة العالمي.

كما أن للرسوم الجمركية آثاراً كبيرة على أرباح الشركات، والنمو العالمي، والتضخم، وسياسة أسعار الفائدة لمجلس الاحتياطي الفيدرالي.

استهل المستثمرون العام بآمال عريضة في سياسات داعمة للنمو من إدارة ترمب، لكنهم شعروا بالقلق من سيل العناوين الرئيسية المتعلقة بالرسوم الجمركية.

في حين يتفق المستثمرون عموماً على أن إعلان، يوم الأربعاء، الذي طال انتظاره، قد يكون محورياً للتوقعات قصيرة الأجل للأسواق المالية العالمية، إلا أنهم غير متأكدين من الاتجاه الذي ستتأرجح فيه الأسعار وما سيحدث لاحقاً، حيث قد تطول المفاوضات.

أحد المتداولين في بورصة نيويورك عند جرس الافتتاح (أ.ف.ب)
أحد المتداولين في بورصة نيويورك عند جرس الافتتاح (أ.ف.ب)

وقال ستيف سوسنيك، كبير الاستراتيجيين في شركة «إنتراكتيف بروكرز»: «لا أتذكر موقفاً كانت فيه المخاطر عالية إلى هذا الحد، ومع ذلك كانت النتيجة غير متوقعة». وأضاف: «المشكلة تكمن في التفاصيل، ولا أحد يعلم التفاصيل».

وأكد البيت الأبيض، يوم الثلاثاء، أن ترمب سيفرض تعريفات جمركية جديدة يوم الأربعاء، دون تقديم تفاصيل حول حجم ونطاق الحواجز التجارية التي تثير قلق الشركات والمستهلكين والمستثمرين من تصاعد حرب تجارية عالمية.

وصرحت كارولين ليفيت، المتحدثة باسم البيت الأبيض، بأن التعريفات الجمركية المتبادلة على الدول التي تفرض رسوماً جمركية على السلع الأميركية ستدخل حيز التنفيذ بمجرد إعلان ترمب عنها، بينما ستدخل تعريفة جمركية بنسبة 25 في المائة على واردات السيارات حيز التنفيذ في 3 أبريل.

إن عدم الوضوح بشأن ما إذا كان سيتم تطبيق معدل تعريفة جمركية ثابت على جميع الواردات، أو ما إذا كانت الإدارة ستتبع نهجاً أكثر تجزئة، جعل نمذجة التأثير النهائي للتعريفات الجمركية على الأرباح والنمو والتضخم تحدياً هائلاً.

وقال سونو فارغيز، الخبير الاستراتيجي العالمي في مجموعة كارسون: «من الناحية المثالية، نحصل على رقم واحد فقط، وعندها يمكننا تحديد التأثير اللاحق». وأضاف: «لكنني أخشى ألا نحصل عليه، أو حتى لو حصلنا على رقم واحد، فسيكون ذلك خاضعاً للمفاوضات».

شخص ينظر إلى لوحة إلكترونية تعرض مؤشر «نيكي» الياباني بشركة أوراق مالية في طوكيو (أ.ب)
شخص ينظر إلى لوحة إلكترونية تعرض مؤشر «نيكي» الياباني بشركة أوراق مالية في طوكيو (أ.ب)

يبدو إعلان يوم الأربعاء حاسماً بشكل خاص بعد أن أكد مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» تصحيحاً، بانخفاض بنسبة 10 في المائة عن أعلى مستوى له مؤخراً، في منتصف مارس (آذار). وكان المؤشر قد انخفض آخر مرة بنحو 8 في المائة عن أعلى مستوى قياسي له في فبراير (شباط).

وقال سوسنيك: «نحن في وضع هش للغاية، حيث نوجد في قاع نطاق تداول تصحيحي... وهذا يجعلنا مستعدين إما لانتعاش حاد أو انهيار مخيف».

وأدى ازدياد حالة عدم اليقين بشأن أخبار التعريفات ورد فعل السوق المحتمل إلى رفع مؤشر تقلب بورصة شيكاغو التجارية -وهو مقياس قائم على الخيارات لقياس قلق المستثمرين- إلى أعلى مستوى له في أكثر من أسبوعين عند 24.80 يوم الاثنين. وأغلق المؤشر يوم الثلاثاء عند 22.77.

وقال مارك سبيندل، كبير مسؤولي الاستثمار في شركة «بوتوماك ريفر كابيتال»، متوقعاً ارتفاع مؤشر الخوف إلى 30، وهو مستوى يرتبط بارتفاع مستوى العزوف عن المخاطرة: «أعتقد أن السوق تمسك أنفاسها».

وكان متداولو سوق الخيارات يترقبون تقلباً بنسبة 1.3 في المائة تقريباً في مؤشر «ستاندرد آند بورز 500»، يوم الأربعاء.

ودفعت مشكلات الرسوم الجمركية مؤشر «نيكي» الياباني للأسهم القيادية إلى أدنى مستوياته منذ سبتمبر (أيلول)، وأضعفت من حدة الارتفاع المذهل في الأسهم الأوروبية.

وافتتحت الأسواق الأوروبية على انخفاض واسع النطاق، يوم الأربعاء.

الدفاع

قد يُحفز إعلان الرسوم الجمركية أيضاً تحركات حادة في الدولار واليورو والذهب، الملاذ الآمن.

وانكمش قطاع التصنيع الأميركي في مارس بعد نموه لشهرين متتاليين، بينما قفز مؤشر التضخم عند بوابة المصنع إلى أعلى مستوى له في نحو ثلاث سنوات مع ازدياد القلق بشأن الرسوم الجمركية على الواردات، وفقاً لبيانات مسح صدرت يوم الثلاثاء. وأثارت أرقام إنفاق المستهلكين الفاترة الأخيرة احتمال ضعف النمو الاقتصادي وارتفاع التضخم. وقد يضع ذلك «الاحتياطي الفيدرالي»، الذي أوقف دورة التيسير النقدي في يناير (كانون الثاني)، لمراقبة تأثير الرسوم الجمركية، في موقف غير مريح.

مشاة يمرون أمام لوحة أسعار أسهم تعرض متوسط ​​سعر سهم «نيكي» خارج مكتب وساطة في طوكيو (رويترز)
مشاة يمرون أمام لوحة أسعار أسهم تعرض متوسط ​​سعر سهم «نيكي» خارج مكتب وساطة في طوكيو (رويترز)

يرى أنتوني ساجليمبيني، كبير استراتيجيي السوق في شركة «أميريبرايز فاينانشيال»، أن الخطر يكمن في أن إعلان يوم الأربعاء لن يُقدم أي وضوح بشأن الرسوم الجمركية. وقال: «لقد تجاهل السوق إلى حد ما الأثر السلبي التراكمي للرسوم الجمركية على النمو الاقتصادي المحتمل وربحية الشركات».

وأضاف: «سيكون رد الفعل السلبي في السوق إذا ظلت تفاصيل تلك الرسوم الجمركية تُثير الكثير من التساؤلات حول ما تشمله، ومن تشمله».

وقال محللون إنه من الأفضل للمستثمرين الذين حيَّرتهم النتائج المحتملة الواسعة لأخبار يوم الأربعاء، ألا يضعوا كل بيضهم في سلة واحدة. وقال جاك أبلين، كبير مسؤولي الاستثمار في شركة «كريسيت كابيتال»: «الخلاصة هي أنه في مواجهة حالة عدم اليقين التي تغازل مستويات لم نشهدها منذ الوباء أو الأزمة المالية، فأنت بحاجة إلى التنويع».


مقالات ذات صلة

معنويات مستثمري منطقة اليورو في أبريل تتدهور بسبب رسوم ترمب

الاقتصاد يمشي المتسوقون في الشارع الرئيس هوه شتراسه بكولونيا بألمانيا (رويترز)

معنويات مستثمري منطقة اليورو في أبريل تتدهور بسبب رسوم ترمب

تراجعت معنويات المستثمرين في منطقة اليورو إلى أدنى مستوياتها منذ أكثر من عام في أبريل وفقاً لاستطلاع أُجري الاثنين

«الشرق الأوسط» (برلين)
الاقتصاد عملات من الدولار الأميركي واليورو (رويترز)

اليورو يصعد بوصفه ملاذاً آمناً والدولار يتراجع وسط تداعيات رسوم ترمب

شهدت الأسواق المالية اضطراباً حاداً الاثنين حيث توجه المستثمرون إلى شراء اليورو واتجهوا نحو الملاذات الآمنة مثل الين والفرنك السويسري

«الشرق الأوسط» (سنغافورة)
الاقتصاد سماسرة في بورصة نيويورك يتابعون تحركات الأسواق (رويترز)

عمليات بيع مكثفة لسندات عدد من الأسواق الواعدة

شهدت السندات السيادية الدولية لعدد من الأسواق الواعدة عمليات بيع مكثفة، خلال تعاملات الاثنين، أبرزها مصر وباكستان وأنغولا وكينيا.

الاقتصاد شاشة تعرض قيم الأسهم داخل مكتب بورصة تايوان في تايبيه (إ.ب.أ)

الأسواق الآسيوية تنهار بعد تصعيد جمركي بين واشنطن وبكين

شهدت الأسواق الآسيوية انهياراً حاداً، صباح الاثنين، في أعقاب الانهيار الكبير الذي ضرب «وول ستريت»، يوم الجمعة، نتيجة تصعيد الرئيس الأميركي دونالد ترمب.

«الشرق الأوسط» (بانكوك )
الاقتصاد امرأة تمشي أمام شاشة تظهر تحركات سوق الأسهم في شركة للأوراق المالية في هانغتشو بمقاطعة تشجيانغ شرق الصين (أ.ف.ب)

الصين تصف رسوم ترمب الجمركية بـ«التنمرية»

وصفت بكين الرسوم الجمركية المتبادلة التي فرضها الرئيس الأميركي دونالد ترمب بأنها «تنمرية»

«الشرق الأوسط» (بكين)

الصين توقف استيراد الغاز المسال من أميركا لأطول فترة منذ 5 سنوات

مجسم لناقلة غاز طبيعي مسال أمام علم الصين (رويترز)
مجسم لناقلة غاز طبيعي مسال أمام علم الصين (رويترز)
TT
20

الصين توقف استيراد الغاز المسال من أميركا لأطول فترة منذ 5 سنوات

مجسم لناقلة غاز طبيعي مسال أمام علم الصين (رويترز)
مجسم لناقلة غاز طبيعي مسال أمام علم الصين (رويترز)

توقفت الصين عن استيراد الغاز الطبيعي المسال من الولايات المتحدة لمدة 60 يوماً، وهي أطول فترة توقف منذ خمس سنوات، في الوقت الذي أدى فيه تدهور العلاقات التجارية بين بكين وواشنطن منذ تنصيب الرئيس الأميركي دونالد ترمب إلى بحث المستوردين الصينيين عن مصادر بديلة للغاز المسال.

وبحسب بيانات شركة «كبلر» لمتابعة حركة الملاحة البحرية لا توجد أي شحنات غاز أميركي متجهة حالياً نحو الصين.

وأشارت وكالة «بلومبرغ» للأنباء إلى أن الصين لم تستورد أي شحنات غاز طبيعي مسال من الولايات المتحدة لمدة 400 يوم متصلة تقريباً حتى أبريل (نيسان) 2020، أثناء الولاية الأولى للرئيس ترمب.

وقالت ويي شيونغ رئيسة قسم أبحاث سوق الغاز الصينية في شركة «ريستاد إنرجي»، إنه من المحتمل استمرار توقف استيراد الغاز من الولايات المتحدة طوال العام الحالي، مع قرار الصين زيادة الرسوم الجمركية المفروضة على الغاز الأميركي من 15 إلى 49 في المائة، في إجراء مضاد على قرار الرئيس الأميركي فرض رسوم جمركية على السلع الصينية.

وأضافت: «في الوقت نفسه من المتوقع أن نرى مزيداً من عمليات إعادة البيع من جانب الشركات الصينية».

وأشارت «بلومبرغ» إلى أن الصراع الجيوسياسي الحالي بين الولايات المتحدة والصين بدأ يفرق بين أكبر بائع ومشترٍ للغاز الطبيعي المسال في العالم.

وفرضت بكين تعريفة جمركية بنسبة 15 في المائة على شحنات الغاز الطبيعي المسال الأميركية اعتبارا من 10 فبراير (شباط) الماضي؛ رداً على الرسوم الأميركية، التي تفاقمت الأسبوع الماضي بفرض مجموعة أخرى من الرسوم الصينية على جميع الواردات من الولايات المتحدة.

ويتلقى مشترو الغاز الطبيعي المسال الصينيون شحنات أميركية بموجب عقود طويلة الأجل ملزمة. في الوقت نفسه يعني الشتاء المعتدل الماضي والمخزونات القوية أن الصين ليست في حاجة ماسة إلى الغاز الطبيعي المسال، مما يمنح تجار البلاد مرونة أكبر لإعادة بيع الإمدادات الأميركية لمنافسيها في أوروبا وآسيا.

وكانت هذه الخطوة بمثابة مصدر ارتياح لأوروبا، التي تحتاج إلى مزيد من إمدادات الغاز الطبيعي المسال لإعادة ملء مخزوناتها وتعويض فقدان إمدادات الغاز الروسي.