وزارة الصحة الأميركية تسرح ربع عدد موظفيها... ومخاوف من التداعيات على تفشي الأمراض

«1.7 تريليون دولار فشلت في تحسين صحة الأميركيين»

موظفون يتظاهرون خارج مدرسة سانت جوزيف في مارتينسبورغ بفيرجينيا الغربية ضد إجراءات التسريح التي تمارسها وزارة الصحة (أ.ب)
موظفون يتظاهرون خارج مدرسة سانت جوزيف في مارتينسبورغ بفيرجينيا الغربية ضد إجراءات التسريح التي تمارسها وزارة الصحة (أ.ب)
TT
20

وزارة الصحة الأميركية تسرح ربع عدد موظفيها... ومخاوف من التداعيات على تفشي الأمراض

موظفون يتظاهرون خارج مدرسة سانت جوزيف في مارتينسبورغ بفيرجينيا الغربية ضد إجراءات التسريح التي تمارسها وزارة الصحة (أ.ب)
موظفون يتظاهرون خارج مدرسة سانت جوزيف في مارتينسبورغ بفيرجينيا الغربية ضد إجراءات التسريح التي تمارسها وزارة الصحة (أ.ب)

أعلن وزير الصحة روبرت كيندي جونيور البدء بتنفيذ خطته لإعادة تشكيل وزارة الصحة والخدمات الإنسانية، وتسريح ما يصل إلى 10 آلاف موظف فيدرالي، إضافة إلى 10 آلاف موظف آخر قبلوا عروض التقاعد المبكر والاستقالة الطوعية، وهو ما يشكل ربع الطاقة البشرية في الوزارة البالغة 82 ألف موظف.

وتلقى الموظفون في جميع أنحاء مكاتب وزارة الصحة إشعارات الفصل والتسريح، صباح الثلاثاء، بعد أيام قليلة من قرار الرئيس دونالد ترمب التنفيذي بحرمان العمال من الحق في التفاوض الجماعي في وزارة الصحة وغيرها من الوكالات الحكومية.

وأعلن وزير الصحة أيضاً تخفيضات واسعة في تمويل الأبحاث العلمية، ما أثار القلق حول تراجع أداء وزارة الصحة في مكافحة الأمراض مع الاستغناء عن هذا العدد الكبير من الموظفين، والمخاوف من التنازل عن الإرث التاريخي للوزارة في دعم الأبحاث العلمية.

وزير الصحة والخدمات الإنسانية روبرت ف كينيدي الابن (أ.ب)
وزير الصحة والخدمات الإنسانية روبرت ف كينيدي الابن (أ.ب)

ووفقاً لبيان وزارة الصحة، فقد استهدفت عمليات التسريح قيادات إدارية كبيرة في الوزارة؛ من إدارات الموارد البشرية والمالية وتكنولوجيا المعلومات، إلى الوظائف في المناطق ذات التكلفة المرتفعة. وتتولى وزارة الصحة ووكالاتها مسؤولية مكافحة تفشي الأمراض وتتبع الاتجاهات الصحية، وتمويل البحوث الطبية، ومراقبة سلامة الغذاء والدواء، وإدارة برامج التأمين الصحي لملايين الأميركيين.

مكافحة البيروقراطية

وانتقد كنيدي ما أسماه «بيروقراطية مترامية الأطراف» في وزارة الصحة، مشدداً على أهمية «إعادة الهيكلة». وقال، في مقطع فيديو الخميس الماضي، إن ميزانية وزارة الصحة البالغة 1.7 تريليون دولار «فشلت في تحسين صحة الأميركيين».

وأشار وزير الصحة إلى أن عمليات الإصلاح وإعادة التشكيل للوزارة ووكالاتها، «تستهدف تنفيذ خطة لتوحيد هذه الوكالات في مكتب جديد باسم: إدارة أميركا الصحية، وترشيد استخدام الأموال المخصصة لبرامج وزارة الصحة مثل مكافحة فيروس (كوفيد – 19)، وخدمات علاج الإدمان، ومراكز صحة الأطفال والصحة العقلية، وإغلاق مكاتب صحة الأقليات، ومكاتب مكافحة التدخين، ومكاتب الحماية من العنف، وهي برامج تقدر ميزانياتها بمئات المليارات من الدولارات».

وقد قامت وزارة الصحة، خلال الأسبوع الماضي، بتجميد مبلغ 11 مليار دولار من الأموال المخصصة لمكافحة فيروس «كوفيد - 19».

وأعلنت وزارة الصحة تسريح آلاف الموظفين في «إدارة الغذاء والدواء» التي تقوم بفحص وتحديد معايير السلامة للأدوية والأجهزة الطبية والأغذية، وتسريح الآلاف من الموظفين الفيدراليين في مراكز «السيطرة على الأمراض والوقاية منها»، التي تشرف وتتتبع تفشي الأمراض المعدية، إضافة إلى تسريح مئات الموظفين في «مركز الرعاية الطبية»، والخدمات الطبية التي تشرف على مراكز الرعاية. وكانت الدكتورة جين مارازو مديرة «المعهد الوطني للحساسية والأمراض المعدية»، التي تعد واحدة من أبرز العلماء الأميركيين في هذا المجال، من بين الموظفين والعلماء الذين تم الاستغناء عنهم.

مئات من موظفي وزارة الصحة المفصولين أمام مبنى الوزارة في واشنطن (أ.ب)
مئات من موظفي وزارة الصحة المفصولين أمام مبنى الوزارة في واشنطن (أ.ب)

العودة إلى الوراء

وأثارت تلك الخطوات الكثير من الانتقادات والجدل حول تداعيات وآثار تقليص القدرات البشرية وخفض التمويل للأبحاث الصحية، بما يعيد مكانة الولايات المتحدة في مجال الأبحاث الصحية والعلمية إلى الوراء لعقود.

وقال علماء إن الحكومة الفيدرالية الأميركية ألغت عشرات المنح ومخصصات تمويل بحوث منع الإصابة بفيروس نقص المناعة البشرية، وقلصت نطاق الوصول إلى الرعاية الصحية للعلاج من هذا المرض، ما سيؤدي إلى عرقلة أي تقدم للقضاء على هذا الوباء في الولايات المتحدة. وقال الدكتور روبرت هوبكنز جونيور، الرئيس السابق لـ«اللجنة الاستشارية الوطنية للقاحات»: «إن هذه الخطوات تعرض الجهود المهمة لتحسين صحة الأميركيين، للخطر».

وأبدى العديد من الباحثين القلق والذهول من حجم عمليات التسريح، وتقليص ميزانيات الأبحاث العلمية، خاصة في مجال القضاء على وباء فيروس نقص المناعة البشرية، وهو ما كان وعد به الرئيس ترمب في خطابه عن حالة الاتحاد في عام 2029، في غضون عشر سنوات. وتوقع العلماء أن يؤدي تقليص الميزانيات لمكافحة هذا الفيروس، إلى وفاة ما لا يقل عن 2.9 مليون مصاب أميركي بحلول عام 2030.

وحذرت السيناتور الديمقراطية باتي موراي من تأثير هذه التخفيضات في الموظفين وميزانيات مكافحة الأمراض، حينما تواجه الولايات المتحدة كارثة طبيعية، أو انتشاراً لأمراض معدية. وقالت للصحافيين إن هذه الإجراءات تعرض حياة الأميركيين لخطر شديد.

جانب من موظفي وزارة الصحة أمام مبنى الوزارة في واشنطن صباح الثلاثاء (أ.ب)
جانب من موظفي وزارة الصحة أمام مبنى الوزارة في واشنطن صباح الثلاثاء (أ.ب)

كما استنكر بعض المشرعين الديمقراطيين إجراءات ترمب التنفيذية «لحرمان الموظفين الفيدراليين من حقوقهم النقابية»، وانتقدوا منح الملياردير إيلون ماسك سلطات واسعة لتفكيك الحكومة الفيدرالية من دون أن يكون للموظفين القدرة على مقاومة تلك الإجراءات. وقال النائبان جيرالد كونولي وبوبي سكوت من فيرجينا، في بيان مشترك: «إن الإجراءات التي يقوم بها ماسك وينفذها وزير الصحة ستضعف قدرة الحكومة على خدمة الشعب الأميركي».


مقالات ذات صلة

تقرير: المحادثات الأميركية الإيرانية ستعقد في سلطنة عُمان

شؤون إقليمية صورة عامة لمفاعل بوشهر النووي الإيراني الرئيسي على بُعد 1200 كيلومتر جنوب طهران (رويترز - أرشيفية)

تقرير: المحادثات الأميركية الإيرانية ستعقد في سلطنة عُمان

أبلغ 3 مسؤولين إيرانيين مطلعين صحيفة «نيويورك تايمز» بأن من المقرر أن يلتقي ممثلون عن طهران وواشنطن في سلطنة عُمان يوم السبت، لإجراء محادثات غير مباشرة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ يجتمع الجمهوريون والديمقراطيون بشأن السياسة تجاه الصين التي قد تصبح أكثر صرامة ما لم يعد ترمب الجمهوري إلى البيت الأبيض (رويترز)

الصين: لن نرضخ لتهديدات ترمب بشأن الرسوم الجمركية

أكدت الصين الاثنين أنها لن ترضخ للضغوط أو التهديدات بعد أن تعهد الرئيس الأميركي دونالد ترمب بفرض رسوم جمركية إضافية بنسبة 50 في المائة على سلعها.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ آلاف الأميركيين يتظاهرون احتجاجاً على سياسات الرئيس ترمب في واشنطن العاصمة (أ.ف.ب)

الديمقراطيون ينشئون «غرفة عمليات» لمواجهة ترمب

أعلن الحزب الديمقراطي في الولايات المتحدة الاثنين تشكيل «غرفة عمليات» صُمّمت خصيصاً للرد «في الوقت المناسب» على «أكاذيب» إدارة دونالد ترمب.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي دونالد ترمب يلتقي رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في البيت الأبيض (أ.ف.ب) play-circle

ترمب: أميركا ستجري «مباحثات مباشرة» مع إيران

أكد الرئيس الأميركي دونالد ترمب، الاثنين، أن بلاده ستجري «مباحثات مباشرة» مع إيران، متحدثاً عن «اجتماع على مستوى عالٍ جداً» سيعقد، السبت.

هبة القدسي (واشنطن)
الولايات المتحدة​ إيلون ماسك الذي يتولى إدارة الكفاءة الحكومية خلال اجتماع في مبنى الكابيتول في واشنطن - 5 مارس 2025 (رويترز)

محكمة أميركية تسمح لإدارة الكفاءة الحكومية بالاطلاع على بيانات حساسة

قضت محكمة استئناف اتحادية أميركية، اليوم (الاثنين)، بوقف تنفيذ أمر قضائي يمنع فريق إدارة الكفاءة الحكومية من الاطلاع على بيانات حساسة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

الصين: لن نرضخ لتهديدات ترمب بشأن الرسوم الجمركية

يجتمع الجمهوريون والديمقراطيون بشأن السياسة تجاه الصين التي قد تصبح أكثر صرامة ما لم يعد ترمب الجمهوري إلى البيت الأبيض (رويترز)
يجتمع الجمهوريون والديمقراطيون بشأن السياسة تجاه الصين التي قد تصبح أكثر صرامة ما لم يعد ترمب الجمهوري إلى البيت الأبيض (رويترز)
TT
20

الصين: لن نرضخ لتهديدات ترمب بشأن الرسوم الجمركية

يجتمع الجمهوريون والديمقراطيون بشأن السياسة تجاه الصين التي قد تصبح أكثر صرامة ما لم يعد ترمب الجمهوري إلى البيت الأبيض (رويترز)
يجتمع الجمهوريون والديمقراطيون بشأن السياسة تجاه الصين التي قد تصبح أكثر صرامة ما لم يعد ترمب الجمهوري إلى البيت الأبيض (رويترز)

أكدت الصين، الاثنين، أنها لن ترضخ للضغوط أو التهديدات بعد أن تعهد الرئيس الأميركي دونالد ترمب بفرض رسوم جمركية إضافية بنسبة 50 في المائة على سلعها إذا لم تتراجع عن التدابير المضادة التي أعلنت عنها.

وقال ليو بينغيو، المتحدث باسم سفارة بكين في الولايات المتحدة، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «لقد أكدنا أكثر من مرة أن الضغط على الصين أو تهديدها ليس الطريقة الصحيحة للتعامل معنا. ستحمي الصين بحزم حقوقها ومصالحها المشروعة».

الزعيم الصيني شي جينبينغ والرئيس الأميركي آنذاك دونالد ترمب يحضران حفل الترحيب بـ«قاعة الشعب الكبرى» في بكين يوم 9 نوفمبر 2017 (أ.ف.ب)
الزعيم الصيني شي جينبينغ والرئيس الأميركي آنذاك دونالد ترمب يحضران حفل الترحيب بـ«قاعة الشعب الكبرى» في بكين يوم 9 نوفمبر 2017 (أ.ف.ب)

ومنيت الأسواق المالية العالمية بخسائر لليوم الثالث على التوالي، في ظل قلق المتعاملين من أن تؤدي الحواجز التجارية الكبيرة في أكبر سوق استهلاكية في العالم إلى ركود اقتصادي.

وأكد مستشارو ترمب استعداده للتفاوض مع الدول التي تسعى جاهدة لتجنب رسوم جمركية تصل إلى 50 في المائة، والتي من المقرر أن تدخل حيز التنفيذ بعد غد الأربعاء. لكن الرئيس نفسه استبعد إجراء مناقشات مع بكين، في ظل تصعيده للمواجهة مع ثاني أكبر اقتصاد بالعالم.