انتعاش إنفاق المستهلك الأميركي في فبراير

وسط مخاوف من التضخم والنمو البطيء

متسوقة تدفع عربتها في متجر «وول مارت» بلوس أنجليس (أرشيفية - رويترز)
متسوقة تدفع عربتها في متجر «وول مارت» بلوس أنجليس (أرشيفية - رويترز)
TT
20

انتعاش إنفاق المستهلك الأميركي في فبراير

متسوقة تدفع عربتها في متجر «وول مارت» بلوس أنجليس (أرشيفية - رويترز)
متسوقة تدفع عربتها في متجر «وول مارت» بلوس أنجليس (أرشيفية - رويترز)

انتعش إنفاق المستهلك الأميركي في فبراير (شباط)، ويُعزى هذا التحسن على الأرجح إلى ارتفاع الأسعار، مما قد يزيد من المخاوف بشأن فترة من النمو البطيء والتضخم المرتفع في الاقتصاد الأميركي، وسط تصاعد التوترات التجارية.

وأعلن مكتب التحليل الاقتصادي التابع لوزارة التجارة يوم الجمعة أن إنفاق المستهلك، الذي يمثل أكثر من ثلثي النشاط الاقتصادي، ارتفع بنسبة 0.4 في المائة في فبراير، بعد انخفاض معدّل قدره 0.3 في المائة في يناير (كانون الثاني). وكان الاقتصاديون قد توقعوا زيادة قدرها 0.5 في المائة بعد تراجع بنسبة 0.2 في المائة في الشهر السابق، وفق «رويترز».

ومنذ توليه منصبه في يناير، أعلن الرئيس دونالد ترمب عن سلسلة من الإجراءات الجمركية، حيث كشف في وقت سابق عن فرض ضريبة بنسبة 25 في المائة على السيارات والشاحنات الخفيفة المستوردة، بدءاً من الأسبوع المقبل. ويقول الاقتصاديون إن حجم وطريقة تنفيذ هذه التعريفات أضرّا بالنمو الاقتصادي، مما أدى إلى تدهور كبير في ثقة الشركات والمستهلكين، وزيادة مخاطر الركود. كما يُتوقع أن ترد الدول الشريكة للولايات المتحدة بفرض رسوم جمركية، مما وسع العجز التجاري بشكل حاد، حيث سارعت الشركات لتأمين وارداتها.

كما تسارع المستهلكون في الإنفاق خوفاً من ارتفاع الأسعار، إذ تركز معظم هذا الإنفاق في ديسمبر (كانون الأول). ولكن، أدى تراجع الشراء الاستباقي، إلى جانب الظروف الجوية القاسية مثل العواصف الثلجية، إلى تباطؤ الإنفاق في بداية العام.

وقبل صدور هذه البيانات، كانت التوقعات بشأن الناتج المحلي الإجمالي للربع الأول تشير إلى معدل نمو سنوي قدره 1 في المائة، مع ارتفاع احتمالات الانكماش. وكان الاقتصاد قد نما بمعدل 2.4 في المائة في الربع الثالث من أكتوبر إلى ديسمبر.

ويخطط ترمب، الذي يعتبر الرسوم الجمركية وسيلة لزيادة الإيرادات لتعويض التخفيضات الضريبية وتعزيز القاعدة الصناعية الأميركية، لإعلان موجة جديدة من الرسوم الجمركية المتبادلة الأسبوع المقبل. ورغم ذلك، يُحذر الاقتصاديون من أن هذه الرسوم قد تؤدي إلى زيادة التضخم على المدى القصير.

وفيما يخص التضخم، فقد ارتفعت توقعات المستهلكين بشكل ملحوظ. واعترف رئيس مجلس «الاحتياطي الفيدرالي»، جيروم باول، الأسبوع الماضي بأن التضخم قد بدأ في الارتفاع جزئياً نتيجة للرسوم الجمركية، مضيفاً أنه «قد يكون هناك تأخير في تحقيق المزيد من التقدم خلال هذا العام».

وفي فبراير، ارتفع مؤشر أسعار نفقات الاستهلاك الشخصي بنسبة 0.3 في المائة، بعد زيادة مماثلة في يناير. وفي الأشهر الاثني عشر المنتهية في فبراير، ارتفعت الأسعار بنسبة 2.5 في المائة، وهو نفس الارتفاع الذي تم تسجيله في يناير.

وباستبعاد مكونات الغذاء والطاقة المتقلبة، ارتفع مؤشر أسعار نفقات الاستهلاك الشخصي بنسبة 0.4 في المائة في فبراير، بعد زيادة قدرها 0.3 في المائة في يناير. وفي الأشهر الاثني عشر المنتهية في ديسمبر، ارتفع التضخم الأساسي بنسبة 2.8 في المائة، مقارنة بزيادة قدرها 2.7 في المائة في يناير. ويتابع «الاحتياطي الفيدرالي» هذه المؤشرات لضمان تحقيق هدفه المتمثل في الوصول إلى تضخم بنسبة 2 في المائة. وقد أبقى البنك المركزي الأسبوع الماضي على سعر الفائدة القياسي دون تغيير في نطاق 4.25 في المائة إلى 4.50 في المائة. وتتوقع الأسواق المالية أن يستأنف «الاحتياطي الفيدرالي» دورة التيسير النقدي في يونيو (حزيران).


مقالات ذات صلة

رئيسة «فيدرالي» دالاس تحذر من تأثير الرسوم على التضخم والبطالة

الاقتصاد لوري لوغان تتحدث في مؤتمر الجمعية الوطنية للاقتصاديات التجارية في دالاس بولاية تكساس (أرشيفية - رويترز)

رئيسة «فيدرالي» دالاس تحذر من تأثير الرسوم على التضخم والبطالة

قالت لوري لوغان، رئيسة «الاحتياطي الفيدرالي» في دالاس، في تصريحاتها، الخميس، إن الرسوم الجمركية المرتفعة عن المتوقع من المرجح أن تزيد كلاً من البطالة والتضخم.

«الشرق الأوسط» (دالاس)
الاقتصاد ترمب يلوح بيده لدى وصوله إلى البيت الأبيض على متن الطائرة «مارين وان» 6 أبريل 2025 (أ.ب)

ترمب: دول العالم تتواصل مع الولايات المتحدة بشأن الرسوم الجمركية

أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترمب أن «دول العالم تتواصل مع الولايات المتحدة» بشأن الرسوم الجمركية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد الرئيس الأميركي دونالد ترمب لدى إعلانه الرسوم الجمركية الجديدة في حديقة البيت الأبيض مساء الأربعاء (رويترز)

ترمب: يجب على «الاحتياطي الفيدرالي» خفض أسعار الفائدة

دعا الرئيس الأميركي دونالد ترمب «الاحتياطي الفيدرالي» إلى خفض أسعار الفائدة.

الاقتصاد رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول يتحدث في مؤتمر صحافي (أرشيفية - رويترز)

رئيس «الفيدرالي»: الرسوم الجمركية «الأكبر من المتوقع» تعني ارتفاع التضخم وتباطؤ النمو

أعلن رئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول أن الرسوم الجمركية أكبر من المتوقع، وقد يكون لها تأثير تضخمي مستمر.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)

مؤشر «فيدرالي» رئيسي يثير إنذار ركود حاد على غرار 2008

شهد أحد المؤشرات المفضلة لدى الاحتياطي الفيدرالي تدهوراً هذا الأسبوع بسرعة تدهوره نفسها عام 2008، في أحدث دلالة على استعداد مستثمري السندات لتباطؤ اقتصادي حاد.

«الشرق الأوسط» (لندن )

تصعيد جديد بين بكين وواشنطن في الحرب التجارية

الرئيس الصيني شي جينبينغ يستقبل رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز في بكين قبل اجتماع ثنائي بين الطرفين - 11 أبريل (أ.ف.ب)
الرئيس الصيني شي جينبينغ يستقبل رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز في بكين قبل اجتماع ثنائي بين الطرفين - 11 أبريل (أ.ف.ب)
TT
20

تصعيد جديد بين بكين وواشنطن في الحرب التجارية

الرئيس الصيني شي جينبينغ يستقبل رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز في بكين قبل اجتماع ثنائي بين الطرفين - 11 أبريل (أ.ف.ب)
الرئيس الصيني شي جينبينغ يستقبل رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز في بكين قبل اجتماع ثنائي بين الطرفين - 11 أبريل (أ.ف.ب)

أعلنت الصين، اليوم (الجمعة)، رفع رسومها الإضافية على المنتجات الأميركية إلى نسبة 125 في المائة، في تصعيد جديد في الحرب التجارية مع الولايات المتحدة، فيما يحاول الاتحاد الأوروبي من جهته، إيجاد مسار دبلوماسي.

وأكدت لجنة الرسوم الجمركية التابعة لمجلس الدولة في بكين، أن «فرض الولايات المتحدة رسوماً جمركية مرتفعة بشكل غير طبيعي على الصين، يشكل انتهاكاً خطراً لقواعد التجارة الدولية»، مستنكرة «سياسة الترهيب والإكراه الأحادية» الجانب، بحسب بيان نشرته وزارة المال الصينية، الجمعة.

وأضافت، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «عند هذا المستوى من الرسوم الجمركية، لم تعُد للمنتجات الأميركية المصدرة إلى الصين أي إمكانية لقبولها في الأسواق الصينية»، مشيرة إلى أنه إذا واصلت واشنطن زيادة رسومها، فإن «الصين ستتجاهلها».

وعدّ الرئيس الأميركي دونالد ترمب، الجمعة، سياسته بشأن الرسوم الجمركية «تبلي بلاء حسناً»، رغم الاضطرابات في الأسواق العالمية وتراجع الدولار أمام عملات أخرى.

وكتب ترمب، عبر منصته «تروث سوشيال» للتواصل الاجتماعي: «نحن نبلي بلاء حسناً في سياستنا بشأن التعريفات. (أنباء) مفرحة لأميركا والعالم!! تمضي بشكل سريع».

ويستمر المشهد الضبابي الناجم عن سياسات ترمب في التأثير على سعر صرف الدولار الذي وصل، الجمعة، إلى أدنى مستوى في مقابل اليورو منذ أكثر من 3 سنوات.

وعادت البورصات الأوروبية التي كانت الوحيدة الصامدة، الخميس، إلى التراجع بعد إعلان بكين، لكن من دون تسجيل الانهيار الذي شهدته مطلع الأسبوع.

في المقابل، أظهرت المبادلات الإلكترونية التي سبقت الافتتاح الرسمي للبورصة في نيويورك، أن المؤشرات الرئيسية في «وول ستريت» ستشهد ارتفاعاً الجمعة.

«المقاومة معاً»

وكان ترمب أعلن، الأربعاء، تجميد الرسوم الجمركية الإضافية مدة 90 يوماً، بعدما فرضها قبل أيام على 60 شريكاً تجارياً للولايات المتحدة، إلى حين إجراء مفاوضات تجارية مع هذه الأطراف. إلا أن الرئيس الأميركي استثنى الصين من هذا الإجراء، وزاد الرسوم عليها.

ومنذ مطلع أبريل (نيسان)، حافظت الولايات المتحدة على الرسوم الجمركية الإضافية عند مستوى أدنى وهو 10 في المائة، والرسوم الجمركية الإضافية بنسبة 25 في المائة على الصلب والألمنيوم والسيارات، خصوصاً ضد الاتحاد الأوروبي.

أما بكين فقد فرضت عليها واشنطن رسوماً إضافية ضخمة بلغت 145 في المائة.

وخلال استقباله، الجمعة، رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز، دعا الرئيس الصيني شي جينبينغ، الاتحاد الأوروبي، إلى «المقاومة معاً» لمواجهة الحرب التجارية التي يشنها دونالد ترمب.

وقال شي جينبينغ في بكين: «على الصين والاتحاد الأوروبي تحمل مسؤولياتهما الدولية، وحماية العولمة الاقتصادية وبيئة التجارة العالمية بشكل مشترك، ومقاومة أي إكراه أحادي الجانب».

بدوره، قال رئيس الوزراء الإسباني، للصحافيين، إن «إسبانيا وأوروبا لديهما عجز تجاري كبير مع الصين، وعلينا تصحيحه». لكن «علينا ألا نسمح للتوترات التجارية بعرقلة إمكانات نمو العلاقات (...) بين الصين والاتحاد».

كذلك، عدّت الصين، الجمعة، تعريفات ترمب «لعبة أرقام... ستصبح أضحوكة».

وقال ناطق باسم وزارة التجارة الصينية إن رسوم واشنطن على منتجات بكين «أصبحت لعبة أرقام لا أهمية عملية لها في الاقتصاد». وأضاف: «لن يؤدي ذلك إلا إلى فضح مزيد من الإكراه الذي تمارسه الولايات المتحدة. سيصبح الأمر أضحوكة».

«هدنة هشة»

ورأى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الجمعة، أن على أوروبا «حشد كل الأدوات المتاحة لحماية نفسها». وعدّ، عبر منصة «إكس»، تعليق ترمب فرض الرسوم الإضافية، «هدنة هشة»، مؤكداً أن على أوروبا «أن تستمر في العمل على اتخاذ جميع التدابير المضادة اللازمة».

وقرر الاتحاد الأوروبي تعليق الرسوم الجمركية التي أعلنها على مجموعة من المنتجات الأميركية، في خطوة عدّها ترمب «ذكية جداً».

ويتوجه المفوض الأوروبي للشؤون التجارية ماروس سيفكوفيتش، الاثنين، إلى واشنطن للبحث في المسألة، على ما أعلن ناطق باسم المفوضية الأوروبية الجمعة.

وأكدت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، أنه إذا فشلت المحادثات مع الولايات المتحدة، قد تفرض بروكسل ضرائب على شركات التكنولوجيا الأميركية العملاقة.

وقالت لصحيفة «فاينانشيال تايمز»: «ثمة مجموعة واسعة من التدابير المضادة»، متحدّثة عن «فرض ضريبة على عائدات الإعلانات من الخدمات الرقمية»، واللجوء إلى أداة «الردع التجاري ومكافحة الإكراه» الخاصة بها المعروفة باسم «بازوكا».

من جهتها، قالت رئيسة البنك المركزي الأوروبي كريستين لاغارد، الجمعة، في وارسو، إن المؤسسة «تراقب الوضع ومستعدة دوماً للتدخل»، باستخدام الأدوات المتاحة لها، من دون إعطاء مزيد من التفاصيل.

وتتوخى دول آسيوية أخرى تعتمد بشكل كبير على صادراتها إلى الولايات المتحدة، موقفاً حذراً، ولم تتخذ أي تدابير مضادة، على غرار فيتنام وكمبوديا البلدين المنتجين للمنسوجات والعضوين في رابطة دول جنوب شرقي آسيا (آسيان)، التي أكدت بدورها أنها لن تتخذ تدابير رد.

شركات النفط تتخوف

سعى الرئيس الأميركي دونالد ترمب منذ أول يوم في ولايته الرئاسية، لزيادة إنتاج الولايات المتحدة من النفط والغاز، لكن القطاع بدأ يعيد النظر، ويفكر في خفض الإنتاج وعدد الوظائف، بسبب تلقيه ضربة مزدوجة تتمثل في رفع منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) لإنتاج الخام، وتراجع الطلب بسبب سياسات الرسوم الجمركية المرتبكة.

والولايات المتحدة هي حالياً أكبر منتج للنفط في العالم، إذ تضخ نحو 13.55 مليون برميل يومياً. ويوظف هذا القطاع ملايين العمال، ويدرّ مليارات الدولارات سنوياً.

وسعت حملة ترمب، التي تشجع على زيادة التنقيب والحفر والإنتاج، ورفعت شعار «دريل بيبي دريل» أو «احفر يا عزيزي احفر»، إلى تسهيل زيادة الإنتاج على الشركات، كما أصدر الرئيس أوامر للمسؤولين بفعل كل ما في وسعهم لتعزيز هذا القطاع.

لكن بدلاً من أن يتحقق ذلك، تلقت الأسواق صدمة من تراجع حاد في العقود الآجلة للخام الأميركي، لتقترب من 55 دولاراً للبرميل هذا الشهر، هبوطاً من 78 دولاراً في اليوم السابق لأداء ترمب اليمين.

ويقول كثير من الشركات إنه لا يمكنها مواصلة الحفر والتنقيب بصورة مربحة، إذا هبطت أسعار النفط إلى ما دون 65 دولاراً للبرميل.

وقال مراقبون للقطاع إن الرسوم الجمركية الجديدة ستزيد من تكلفة شراء الصلب والمعدات، مما قد يدفع الشركات للعزوف عن الحفر، إلا إذا شهدت أسعار النفط ارتفاعاً قوياً.

وبدأت أسواق النفط، وكذلك بورصة «وول ستريت»، في التراجع منذ 2 أبريل (نيسان)، عندما أعلن ترمب فرض رسوم جمركية على شركاء تجاريين. وبعد ذلك بقليل، قال تحالف «أوبك+» إنه سيسرع وتيرة زيادة الإنتاج، مما دفع أسعار النفط الأميركي إلى أقل مستوى منذ أن أدت جائحة «كوفيد - 19» لانهيار الطلب، وفقاً لوكالة «رويترز».

وخفضت إدارة معلومات الطاقة الأميركية بشدة، من تقديراتها لأسعار النفط الأميركي إلى 63.88 دولار للبرميل للعام الحالي، هبوطاً من تقدير سابق بلغ 70.68 دولار للبرميل، وعزت ذلك إلى السياسة التجارية العالمية وزيادة الإنتاج من «أوبك».

وأضافت أن استهلاك النفط العالمي في العام الحالي، سيزيد بمقدار 0.9 مليون برميل يومياً، بما يقل بمقدار 0.4 مليون برميل يومياً عن التقدير السابق.

وحتى قبل هبوط الأسعار بسبب الرسوم الجمركية هذا الشهر، أعلنت شركات كبرى منها «شيفرون» و«إس إل بي» عن تسريح عمالة لخفض التكاليف.

وقال رو باترسون، الشريك الإداري في «ماراودر كابيتال» للاستثمارات الخاصة بخدمات حقول النفط الأميركية: «إذا نزلت الأسعار إلى ما دون 60 دولاراً، وظلت كذلك، فسنشهد انخفاضاً مؤكداً في عدد منصات الحفر».

وأضاف باترسون: «فتح ذلك الباب بالتأكيد أمام دول أوبك لزيادة حصتها السوقية، وهذه إصابة غير مقصودة بنيران صديقة».

وتابع: «من غير المنطقي أن تعتقد الإدارة أن شركات النفط ستواصل الحفر عندما تكون الأسعار منخفضة».

وبلغ عدد منصات الحفر النفطية في الولايات المتحدة 506 بنهاية مارس (آذار)، بانخفاض قدره 382 منصة منذ عام 2018، الذي شهد أعلى عدد من منصات الحفر في العقد الماضي.

وقال كام هيويل، الرئيس والمدير التنفيذي لشركة «بريميوم أويلفيلد تكنولوجيز»، التي تُصنع وتبيع معدات تمكن شركات النفط من حفر الآبار بشكل أسرع: «إذا بقيت أسعار النفط عند مستوى 50 دولاراً للبرميل، فسينخفض ​​عدد منصات الحفر، وقد يتجاوز الانخفاض 10 في المائة أو 20 في المائة. وإذا استقرت الأسعار حول 50 دولاراً لفترة، فلن أتفاجأ بانخفاضها بمقدار 50 في المائة».

نقطة التعادل

وفقاً لمسح أجراه بنك الاحتياطي الاتحادي في دالاس، وشمل أكثر من 100 شركة نفط وغاز في منطقة تكساس ونيو مكسيكو ولويزيانا، يحتاج منتجو النفط إلى سعر 65 دولاراً للبرميل في المتوسط، ​​لتحقيق ربحية من أعمال الحفر. وكان هذا أعلى بدولار واحد من السعر الذي حددوه في مسح الربع الأول من العام الماضي.

ووفقاً لشركة الأبحاث «ريستاد إنرجي» وشركة «وود ماكنزي»، بلغ متوسط ​​تحقيق نقطة التعادل، أو تغطية تكلفة تطوير بئر جديدة في الولايات المتحدة، أقل بقليل من 48 دولاراً للبرميل. ويرتفع هذا السعر إلى أكثر من 60 دولاراً للبرميل، بعد إضافة توزيعات الأرباح وسداد الديون ونفقات الشركة، وغيرها من التكاليف.

وقال ماثيو بيرنشتاين، نائب الرئيس في شركة «ريستاد»: «في الواقع، حتى الشركات التي تعمل على نطاق يحقق نقطة التعادل عند 40 دولاراً للبرميل، ستميل إلى إبطاء نشاطها عندما تنخفض الأسعار عن 65 دولاراً للبرميل، لأن مستوى تغطية أرباحها سيكون في خطر».

وركز كثير من الشركات المدرجة في البورصة على انضباط رأس المال، وعلى توزيعات الأرباح للمساهمين في السنوات القليلة الماضية، بقدر أكبر من التركيز على النمو، وذلك بعد أن هجر المستثمرون القطاع بسبب سنوات من ضعف العوائد.

ووفقاً لشركة «وود ماكنزي»، فإن تكلفة الحفر في أفضل مناطق حوض بيرميان، ربما تقل عن 40 دولاراً للبرميل، لكن حفر آبار جديدة في نورث داكوتا، ثالث أكبر ولاية أميركية منتجة للنفط، يتطلب أسعار نفط تبلغ نحو 57 دولاراً للبرميل.

وقال مسؤولون تنفيذيون في القطاع إن العمليات في تلك الأحواض ستكون أكثر عرضة للخطر عند مستويات الأسعار الحالية.

وبحسب مسح بنك الاحتياطي الاتحادي في دالاس، بلغ متوسط ​​سعر تغطية نفقات التشغيل للآبار القائمة، أو السعر الذي ستسعى الشركات إلى إيقاف الإنتاج عنده، نحو 41 دولاراً للبرميل، ارتفاعاً من 39 دولاراً في العام الماضي.

ومن المرجح أن ترتفع تكاليف الآبار بسبب الرسوم الجمركية على الفولاذ، بالإضافة إلى البضائع المقبلة من الصين، وهي مورد لكثير من الأجزاء الرئيسية المستخدمة في منصات الحفر والمعدات.