خلاف كاتس وزامير... صراع على «تسييس» الجيش الإسرائيلي

رئيس الأركان الجديد بدأ سريعاً تحدي النخبة السياسية

وزير الدفاع الإسرائيلي كاتس مع رئيس الأركان زامير خلال حفل تعيين المدير العام لوزارة الدفاع في تل أبيب يوم الاثنين (د.ب.أ)
وزير الدفاع الإسرائيلي كاتس مع رئيس الأركان زامير خلال حفل تعيين المدير العام لوزارة الدفاع في تل أبيب يوم الاثنين (د.ب.أ)
TT
20

خلاف كاتس وزامير... صراع على «تسييس» الجيش الإسرائيلي

وزير الدفاع الإسرائيلي كاتس مع رئيس الأركان زامير خلال حفل تعيين المدير العام لوزارة الدفاع في تل أبيب يوم الاثنين (د.ب.أ)
وزير الدفاع الإسرائيلي كاتس مع رئيس الأركان زامير خلال حفل تعيين المدير العام لوزارة الدفاع في تل أبيب يوم الاثنين (د.ب.أ)

دخل رئيس الأركان الإسرائيلي الجديد، إيال زامير، أول مواجهة علنية مع وزير الدفاع، يسرائيل كاتس، على نحو عَكَس إلى حد بعيد الصراع الدائر من أجل السيطرة على الجيش.

فقد وجد زامير نفسه في مواجهة مع كاتس بعد 19 يوماً فقط على دخوله مكتبه خلفاً لرئيس الأركان السابق هيرتسي هاليفي، الذي كان هو نفسه طرفاً رئيسياً في مواجهة علنية بين المستوى السياسي بزعامة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، والمستوى العسكري متمثلاً في قادة الجيش والأمن، على خلفية تحمُّل المسؤولية عن الفشل في منع هجوم «حماس» يوم 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

المواجهة الأخيرة بدأت بعدما طالب كاتس، في بيان، بأن يفحص زامير أداء الادعاء العسكري الذي فتح تحقيقاً ضد ضابط الاحتياط، العميد أورِن سولومون، الذي شغل منصب المدير القتالي لـ«فرقة غزة» سابقاً، وقاد تحقيقاً شاملاً في إخفاقات «7 أكتوبر».

وعدّ كاتس أن استدعاء سولومون في الأمر مرتبط بتلك التحقيقات، وقال: «إن حقيقة استدعاء العميد سولومون بالذات، الذي كُلّف إجراء تحقيق بشأن الأحداث في (القيادة الجنوبية) يوم (7 أكتوبر) ووجَّه فيه انتقادات للقيادة العليا للجيش الإسرائيلي، تثير تساؤلات. وأعتزم أن أطالب رئيس هيئة الأركان العامة بفحص أداء النيابة العسكرية في الموضوع»، محذراً من تحوُّل التحقيقات العسكرية إلى أداة لإسكات النقد الداخلي بالجيش».

ورد زامير فوراً على كاتس، وقال إنه لا يتلقى التعليمات عبر وسائل الإعلام، مضيفاً أن سولومون «استُدعي للتحقيق بسبب شبهات بارتكاب مخالفات أمن تتعلق بمعلومات خطيرة»، وأكد أن التحقيق سيستمر «بمهنية وموضوعية».

وفي نبرة تحدٍ لكاتس قال: «أدعم أجهزة إنفاذ القانون في الجيش الإسرائيلي التي تعمل بموجب القانون من أجل استيضاح الشبهات»، وتابع: «الادعاء الذي بموجبه جرى التحقيق مع الضابط بسبب ضلوعه في تحقيقات (7 أكتوبر)، ادعاء كاذب لا أساس له».

ولاحقاً، أكد المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي فتح تحقيق للشرطة العسكرية بشبهة «ارتكاب مخالفات أمن تتعلق بمعلومات خطيرة».

ولم تنتهِ القضية هنا، فقد رد كاتس على رد زامير، وأصدر يوم الثلاثاء بياناً جديداً، قال فيه إنه يُصدر تعليماته لرئيس هيئة الأركان العامة بـ«أي طريقة يراها مناسبة»، عادّاً رد رئيس هيئة الأركان العامة على الموضوع «زائداً عن حده وليس في موضعه».

«السبت الأسود»

وأكد كاتس أنه طلب من زامير فحص ملابسات التحقيق بناءً على ما ورد في رسالة سولومون إليه وإلى رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، وذلك قبل البيان العام، مطالباً بوقف النقاش على الساحة الإعلامية، ومتعهداً بالاعتناء بالموضوع بطرق أخرى.

وكان سولومون قد بعث برسالة إلى نتنياهو وكاتس، اتهم فيها الجيش بسوء الإدارة خلال «السبت الأسود». وذكر في تقريره أن قيادة الجيش؛ بما فيها رئيس الأركان وسلاح الجو وقيادة المنطقة الجنوبية، «فشلت فشلاً ذريعاً» خلال الساعات الست الأولى من الحرب.

وأشار إلى أن الإدارة الواعية كان يمكن أن تقلل عدد الضحايا بالمئات منذ اللحظات الأولى للهجوم، وإلى أن الإجراءات غير الصحيحة «فاقمت نطاق الكارثة».

واتهم سولومون الجيش بمحاولة إخفاء نتائج التحقيقات، وحجب الوثائق، وتعديل المستندات، وبمحاولة إسكاته بشكل منهجي.

ونشر عَميت هاليفي، عضو الكنيست عن حزب «الليكود»، رسالة بعث بها سولومون إليه وإلى نتنياهو، واتهم فيها النيابة العسكرية بالتحقيق معه بشكل «مخطط» من أجل «إسكاته».

«ضرر قاتل»

ولا يعلم أحد إلى أي مدى يمكن أن تتفاقم الأزمة؛ لكن رون بن يشاي، المعلق العسكري بصحيفة «يديعوت أحرونوت»، حذر من عواقب هذا الصدام، وقال إنه يستدعي القلق، ليس فقط بين كبار المسؤولين الأمنيين ونتنياهو، بل بين عموم الإسرائيليين.

واتهم كاتس بمحاولة «تسيس الجيش وزرع الانقسام فيه، وزعزعة الانضباط العسكري والتسلسل الهرمي الضروريين للغاية، خصوصاً في أوقات الحرب، والإضرار بمكانة وسلطة رئيس الأركان، وبالتالي الإضرار بسير عمل سلسلة القيادة العسكرية بأكملها».

وقال بن يشاي إن كاتس، الذي لم يمضِ على وجوده في منصب وزير الدفاع 6 أشهر، راكم بالفعل «سجلاً طويلاً غير محمود من الإضرار المنهجي، من خلال وسائل الإعلام، بمكانة كبار المسؤولين في الجيش».

وتابع: «وفوق كل ذلك، يعمل كاتس على تسييس الجيش ومؤسسة الدفاع، ويدوس على كيان الدولة». وعدّ أن الضرر الذي لحق بالجيش ومؤسسته «قاتل».

واتهم نير دافوري، المراسل الأمني لـ«القناة12»، وزير الدفاع بانتهاك المبادئ، وقال إنه ارتكب خطأً جسيماً عندما اختار الدخول في مواجهة مع رئيس الأركان علناً. وأضاف أن كل من كان يعتقد أن زامير «رجل مطيع» اكتشف خطأه مع هذه المواجهة.

أما آفي أشكنازي، المعلق العسكري في صحيفة «معاريف»، فيرى أن المواجهة تتعلق بإدراك رئيس الأركان ضرورة الحفاظ على استقلالية الجيش وإبعاده عن تيارات مركز «الليكود» والسياسة الإسرائيلية.

وتابع: «يرى الجيش وجهاز الأمن العام (الشاباك) ما حدث لشرطة إسرائيل، فيُصيبهما الرعب... كيف تحوّلت هيئة حكومية إلى هيئة ذات انتماءات سياسية؛ مما أدى إلى فقدان ثقة شرائح واسعة من الجمهور الإسرائيلي بالشرطة».

واستطرد: «لا يخفى أن الحكومة تعمل على تقويض شرعية مؤسسات الدولة: مكتب النائب العام، والمحكمة العليا، وجهاز الأمن العام، والآن الجيش».

ووفق أشكنازي، فقد بدأ رئيس الأركان الجديد تحدي النخبة السياسية حتى قبل هذه المواجهة؛ إذ إنه «بعد 10 ساعات فقط من الإقالة المثيرة للجدل لرئيس جهاز الأمن العام (الشاباك) رونين بار، ظهر معه خلال تقييم للوضع في (القيادة الجنوبية)، وقالا إن الأمور تسير كالمعتاد».

وأردف: «في الأيام الأخيرة، أبرز زامير شيئين: الأول أنه جاء ليعيد النظام في الجيش، والثاني أنه تعلم بسرعة من الأخطاء وسيسعى للحد من مساحة اللعب المتاحة للسياسيين داخل الجيش».


مقالات ذات صلة

«الجهاد» تعلن إطلاق صواريخ على قاعدة حتسريم الجوية في إسرائيل

شؤون إقليمية تصاعد الدخان جراء الغارات الإسرائيلية على قطاع غزة (رويترز)

«الجهاد» تعلن إطلاق صواريخ على قاعدة حتسريم الجوية في إسرائيل

أعلنت حركة «الجهاد» الفلسطينية، اليوم (الأربعاء)، أنها أطلقت «رشقة صاروخية» من قطاع غزة على قاعدة حتسريم الجوية في مدينة بئر السبع جنوب إسرائيل.

«الشرق الأوسط» (غزة)
شمال افريقيا تُظهر هذه الصورة الملتقطة من مرتفعات الجولان دخاناً يتصاعد فوق الأراضي السورية أثناء القصف الإسرائيلي 25 مارس 2025 (أ.ف.ب)

مصر: نرفض استغلال إسرائيل للتطورات في سوريا للاستيلاء على المزيد من الأراضي

أدانت مصر، اليوم الأربعاء، التوغل الإسرائيلي في جنوب سوريا وقصف بلدة كويا، الذي أسفر عن مقتل وإصابة العشرات أمس.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شؤون إقليمية صورة نشرها سلاح الجو الإسرائيلي بتاريخ 26 مارس 2025 على موقع «إكس» تظهر طائرة عسكرية إسرائيلية (إكس)

الجيش الإسرائيلي: هاجمنا مئات الأهداف في غزة وسوريا ولبنان على مدى أسبوع

قال الجيش الإسرائيلي، اليوم (الأربعاء)، إنه هاجم مئات الأهداف في قطاع غزة وسوريا ولبنان خلال الأسبوع المنصرم.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شؤون إقليمية وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس يظهر أثناء زيارة لقوات بلاده (د.ب.أ) play-circle

إسرائيل تهدد بالتحرك «بكامل قوتها» في مناطق إضافية من غزة

توعد وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، الأربعاء، بالتحرك «بأقصى قدر من القوة» في مناطق إضافية من قطاع غزة حيث انتهت الهدنة في 18 مارس.

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي فلسطينية تبكي قريبها الذي قُتل في قصف إسرائيلي بمستشفى الأهلي العربي بمدينة غزة (أ.ف.ب) play-circle

نتنياهو يهدد بالسيطرة على غزة... و«حماس» تحذر من استعادة الرهائن «في توابيت»

حذرت حركة «حماس» إسرائيل من أن الرهائن المحتجَزين بغزة سيعودون «قتلى في توابيت»، إذا واصلت الدولة العبرية استخدام القوة، بعد استئناف هجماتها على القطاع.

«الشرق الأوسط» (غزة)

إردوغان يهدد بالتصعيد ضد المعارضة


استمرار الاحتجاجات الحاشدة في تركيا على اعتقال رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو (أ.ب)
استمرار الاحتجاجات الحاشدة في تركيا على اعتقال رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو (أ.ب)
TT
20

إردوغان يهدد بالتصعيد ضد المعارضة


استمرار الاحتجاجات الحاشدة في تركيا على اعتقال رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو (أ.ب)
استمرار الاحتجاجات الحاشدة في تركيا على اعتقال رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو (أ.ب)

هدد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، بتصعيد الإجراءات ضد حزب «الشعب الجمهوري» المعارض، والبلديات التابعة له.

ووصف إردوغان، خلال كلمته في اجتماع المجموعة البرلمانية لحزب «العدالة والتنمية» الحاكم، أمس، ما حدث في قضية اعتقال رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو بأنه «مواجهة داخلية» في حزب «الشعب الجمهوري»، «لا علاقة لحزبه بها». وقال: «لماذا تحاولون تحميلنا تبعات عملية العدالة التي بدأت بسبب صراعكم على المناصب والكراسي؟».

وبرزت دعوات جديدة للاحتجاج؛ إذ دعا رئيس حزب «الشعب الجمهوري»، أوزغور أوزيل، إلى مظاهرة حاشدة في ميدان «مالتبه» في الشطر الآسيوي من إسطنبول، السبت، احتجاجاً على اعتقال إمام أوغلو وللمطالبة بانتخابات مبكرة.