قبل أن تتجه مها القاضي (37 عاماً)، تعمل مُعلمة في مدرسة خاصة، لشراء ملابس العيد لطفليها هذا العام، كانت قد أجرت «استطلاعاً» بين معارفها وأصدقائها عما إذا كانوا ينوون شراء ملابس عيد الفطر صيفية أم شتوية «بالإضافة إلى ترشيحات أماكن تطرح ملابس جيدة بأسعار معقولة، كما شكل تقلب الطقس في هذه الفترة عامل حيرة كبيراً في اختيار ملابس العيد» كما تقول لـ«الشرق الأوسط».
وتبدو تلك «الحيرة» التي تنتاب مها عاملاً مشتركاً لدى الكثير من الأسر المصرية التي تصطحب أبناءها تلك الأيام لشراء ملابس عيد الفطر، حيث تسود مصر درجات حرارة متباينة ما بين موجات نهارية حارة وأخرى منخفضة ليلاً في مواكبة لبشائر فصل الربيع، وهي الحيرة التي يمكن رصدها «سوشيالياً» من خلال تساؤلات الأمهات على «غروبات» الـ«فيسبوك»، فيما تشبه «استطلاعات الرأي» على شراء ملابس صيفية أم شتوية للعيد.

ويعدّ شراء ملابس جديدة لاستقبال العيد، أحد أبرز الطقوس التي يحرص عليها المصريون، لا سيما ملابس الأطفال التي يطلق عليها شعبياً تعبير «كسوة العيد»، وهو الطقس الذي يمكن رصده من خلال حركة الزحام داخل الأسواق هذه الأيام، وسط محاولات من التجار وأصحاب المحال لمواكبة هذا الموسم التجاري الصاخب بالعروض الشرائية المنافسة، والخصومات التي تتراوح بين 10 و50 في المائة، وإن كانت تلك الخصومات من نصيب الملابس الشتوية التي يتزامن هذا التوقيت مع نهاية موسمها التجاري.
وتعدّ سماح هيكل، سكرتير شعبة الملابس الجاهزة بالقاهرة، أن «التخفيضات الكبيرة على الملابس الشتوية كانت دافعاً للكثير من الأسر المصرية للاتجاه لشراء ملابس عيد شتوية للاستفادة من تلك الخصومات خصوصاً أن الطقس ما زال في مرحلة التذبذب بين البرودة والحرارة»، كما تقول لـ«الشرق الأوسط».

وتشير هيكل إلى أن «التوفيق بين الظروف المناخية والتخفيضات التجارية التي تتزامن مع الأوكازيون الشتوي المطروح في الأسواق منذ نهاية فبراير (شباط)، الذي يصل إلى 70 في المائة، انعكس على حركة الشراء التي متوقع أن تصل ذروتها في نهاية شهر رمضان، خصوصاً أن خيارات الملابس الصيفية المطروحة ما زالت ضعيفة في مقابل الشتوية التي يستفيد المشتري من انخفاض أسعارها هذه الأيام، وساهم في المقابل في تدفق حركة مصانع الملابس والمحال التجارية بنسبة كبيرة» كما تقول.
وترى سكرتير شعبة الملابس الجاهزة أن هذا الموسم مزدحم بالمشترين لتزامن الكثير من المناسبات خلال تلك الفترة بداية من ملابس العيد، وعيد الأم، وعيد الفصح المسيحي الذي يحل مطلع أبريل (نيسان) المقبل.
وتسود حالة من الصخب في مناطق تمثل أسواق شراء رئيسية مثل «العتبة» و«الوكالة» ووسط البلد وروكسي بمصر الجديدة (شرق القاهرة) «بسبب الزحام قمت باصطحاب أسرتي للإفطار في الشارع سريعاً حتى نستطيع اللحاق بشراء مستلزمات العيد قبل ساعات التكدس التي تبدأ عادة بعد صلاتي العشاء والتراويح» كما يقول أحمد عبد المحسن، وهو مهندس في أحد المصانع، لـ«الشرق الأوسط»، ويضيف: «رغم التخفيضات فالأسعار تعدّ مرتفعة، فشراء طقم واحد للطفل يتراوح ما بين خمسمائة وألف جنيه في المتوسط (الدولار يساوي 50.6 جنيه مصري)، وهذا يُعدّ رقماً مرتفعاً خصوصاً مع وجود أكثر من طفل، وحتى شراء ملابس شتوية ثقيلة للاستفادة من خصوماتها أمر غير عملي، في وقت سيغلب فيه الطقس الحار على فترة العيد»، حسب تعبيره.

وتقوم كثير من المحال والأسواق التجارية بمد ساعات عملها منذ منتصف شهر رمضان إلى ساعات متأخرة تصل إلى الساعة الثانية صباحاً، مع تغير خريطة اليوم الرمضاني الذي يزداد فيه التكدس بعد صلاة التراويح، وذلك بعد قرار حكومي بمد فترة عمل المحال التجارية حرصاً على «توفير أجواء مناسبة للمواطنين خلال الشهر الكريم، مع تحقيق التوازن بين متطلبات النشاط الاقتصادي والحفاظ على النظام العام»، حسب بيان صدر عن الدكتورة منال عوض، وزيرة التنمية المحلية، ورئيسة اللجنة العليا لتراخيص المحال العامة مطلع الشهر الحالي.
وتشكو أمهات مصريات من بينهن أمنية عطية (31 سنة) مقيمة بحي فيصل وهي أم لثلاثة أطفال من ارتفاع أسعار ملابس العيد، وتعدها «مبالغ فيها جداً» مضيفة لـ«الشرق الأوسط»: «ذهبت إلى مصر الجديدة ووسط القاهرة و6 أكتوبر ولم أجد ما يناسب أطفالي إلا بصعوبة بالغة»، مشيرة إلى أنها صُدمت من سعر طقم لطفلتها الكبرى البالغة من العمر 10 سنوات، حيث كان يباع بـألفي جنيه، وهو رقم كبير لا يناسب ميزانية أسرتها خصوصاً مع ارتفاع أسعار كل السلع بفعل التضخم وارتفاع سعر صرف الدولار أمام الجنيه المصري.