في أضخم مظاهرات منذ بداية الحرب على غزة، خرجت حشود إلى شوارع إسرائيل يوم الأحد، ولليوم السادس على التوالي، احتجاجاً على سياسات الحكومة وللمطالبة بإعطاء الأولوية لقضية إطلاق سراح المحتجزين، وإنهاء الحرب، وإلغاء قرار إقالة رئيس جهاز الأمن الداخلي «الشاباك» وسحب الثقة من المستشارة القضائية للحكومة.
وهدد قادة في مجال الاقتصاد ورؤساء جامعات بالإضراب العام. ودعا قادة عسكريون سابقون إلى العصيان المدني. وأجمع المراقبون على أن إسرائيل تشهد قفزة جديدة وكبيرة في مستوى الاحتجاجات على سياسات رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.
وقال رئيس المعارضة، يائير لبيد، في مظاهرة في تل أبيب: «إذا لم تمتثل الحكومة لقرار المحكمة العليا بتجميد قرار إقالة رئيس (الشاباك)، سنعمل على إضراب عام يشل الاقتصاد، بالإضافة إلى التمرد في دفع الضرائب».
ودعا إلى النزول إلى الشوارع، قائلاً: «هذه هي الطريقة الوحيدة التي تخيف نتنياهو وتجعله يتراجع».

وذكرت صحيفة «يديعوت أحرونوت»، الأحد، أن المحكمة العليا ستنظر في التماسات ضد إقالة رئيس «الشاباك»، رونين بار، في الثامن من أبريل (نيسان).
ورغم الاحتجاجات العارمة على قرار إقالة بار باعتبار أنه يتنافى مع أسس الديمقراطية، أصدر نتنياهو بيان «تحدٍ» في وقت متأخر من السبت، أكد فيه أن بار «لن يبقى رئيساً للشاباك».
وأمرت المحكمة العليا بوقف مؤقت لإقالة بار إلى حين النظر في الطعون المقدمة.
وأكد قادة نقابيون أنهم مستعدون لشل الاقتصاد في حال مضى نتنياهو في التمرد على سلطة القانون ولم يلتزم بقرارات المحكمة العليا وأقدم على إقالة بار، وعلى سحب الثقة من المستشارة القضائية للحكومة غالي بهاراف - ميارا التي ذكرت أن إقالته لا تقوم على سند قانوني.
تحذير من «فخ» نتنياهو
وتوجه عدد من عائلات الرهائن الإسرائيليين المحتجزين لدى «حماس» بنداء استغاثة إلى الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، يطالبونه بالتدخل لإطلاق سراح ذويهم، ويحذرونه من الوقوع فيما وصفوه «بفخ» نتنياهو.
وقالت يفعات كلدرون، ابنة عمة عوفر كلدرون الذي تم تحريره في صفقة تبادل الأسرى: «نتنياهو يدير عملية احتيال رهيبة، يؤثر من خلالها على الإدارة الأميركية».
ووجهت حديثها إلى ترمب مباشرة قائلة: «لقد نجح نتنياهو في إقناعك يا فخامة الرئيس بأن هدف تدمير (حماس) يتقدم على هدف إنقاذ المخطوفين. لكن هذا كذب. إن مصلحة إسرائيل الأمنية تقتضي تفضيل إنقاذ جميع المخطوفين. إعادة المخطوفين الأحياء وترميم نفسياتهم ودفن الموتى تتقدم على أي شيء. هذه هي إرادة غالبية الشعب في إسرائيل. هذه هي مصلحة دولة إسرائيل».
وأضافت: «السبيل لتصحيح ولإعادة ترميم دولة إسرائيل من كارثة 7 أكتوبر (تشرين الأول) يتمثل في إعادة المخطوفين أجمعين، دفعة واحدة، ودفع ثمن ذلك بإنهاء الحرب. إن لم يحصل هذا، لن تقوم لنا قائمة. غالبية الشعب الساحقة تفهم ذلك وتتمناه».
وتابعت موجهة الحديث لترمب: «فخامة الرئيس، لا تقع في فخ نتنياهو. أوقف الحرب قبل فوات الأوان».
«يبدو أنها لم تسمعنا جيداً»
وألقى يهودا كوهن، وهو والد الجندي الأسير نمرود، كلمة أيضاً باسم عائلات المحتجزين، قال فيها: «هذا هو اليوم الـ533 الذي يقبع فيه 59 مخطوفاً في جهنم غزة. بعد أن نسف نتنياهو اتفاق وقف النار، ينسف الآن في هذه اللحظات، المخطوفين في غزة».
ومضى قائلاً: «نحن نتوجه من هنا، من خيمة العائلات، إلى شعب إسرائيل كله بنداء استغاثة: نتنياهو يقتل المخطوفين ويهدم الدولة. اخرجوا إلى الشوارع. هذه حالة طوارئ. اخرجوا معنا إلى الشوارع».

وتحدثت درون شتاينبيرغ، وهي من المحتجزين المحررين، عن محنة الأسر، والأمل الذي انبعث فجأة بين المحتجزين عندما عرفوا أن هناك مظاهرات أسبوعية تطالب بتحريرهم.
ووصفت حالها عندما قيل لها إن تحررها بات وشيكاً، ثم سمعت فجأة دوي انفجارات جراء الغارات الإسرائيلية. قالت: «عندها أُصبت بالانهيار، ولا أعرف كيف صمدت وبقيت على قيد الحياة».
وأضافت: «أنا غاضبة اليوم ويعتصرني الألم. لا أصدق نفسي وأنا أرى أن الحكومة التي تضم من انتخبهم الشعب، قد قررت استئناف الحرب. يبدو أنهم لم يسمعونا جيداً. لقد استقبلونا بالترحاب في الحكومة لكنهم لم يصغوا إلينا. لم يحترموا ما قلنا ولم يحسوا بأوجاعنا».
وتُعد المظاهرات هي الأضخم منذ بداية الحرب، إذ شارك فيها نحو 100 ألف شخص غالبيتهم في تل أبيب، فضلاً عن خروج نحو 10 آلاف في القدس و5 آلاف في حيفا ومثلهم في بئر السبع وعشرات المظاهرات في البلدات الممتدة من الشمال وحتى الجنوب.
«إلى أن يتراجع أو يسقط»
وألقى رئيس الحزب الديمقراطي، الجنرال يائير غولان، كلمة دعا فيها قادة المعارضة إلى الترفع عن الخلافات وتوحيد كلمتهم حول برنامج واحد ليتمكنوا من إسقاط حكومة نتنياهو.
وقال: «دعونا نتحد. ليس هذا وقت الحسابات السياسية الضيقة، وليس هذا وقت الحسابات الشخصية. هذا هو الوقت المناسب لتشكيل جبهة ديمقراطية موحدة، قوية، مستقرة، وحازمة».

وعبَّر غولان عن تأييده للدعوة إلى شل الاقتصاد، قائلاً: «نتنياهو ليس فوق القانون. لا أحد فوق القانون. والحكومة التي ترفض الانصياع للقانون حكومة خطيرة يجب إيقافها. يجب أن نُسقطها! علينا أن نُعطل، ونُضرب، ونُغلق الاقتصاد والموانئ ووسائل النقل والمدارس والجامعات والشركات والشوارع. نحن نُغلق البلاد - لإنقاذها».
وباسم رؤساء البلديات، تكلم أمير كوخافي، رئيس بلدية هود هشارون، فقال: «أنا هنا نيابة عن تل أبيب، ورهط، وحيفا، وجازر، وعيمك حيفر، وأم الفحم، وهرتسليا، والمطلة، وما لا يقل عن 60 مجلساً إقليمياً وبلدية ومدينة أخرى من مناطق وفئات سكانية مختلفة».
ومضى قائلاً: «لقد ذُهلنا أمس ونحن نستمع إلى وزراء يطالبون رئيس الوزراء بانتهاك أحكام المحكمة العليا. ونحن نقول لهم: لن نسمح لكم بذلك».
وفي ختام المظاهرات دعت شيكما بيرسلر، التي تقود حركة الاحتجاج، إلى المشاركة الضخمة في المظاهرات وإلى استمرارها «إلى أن يتراجع نتنياهو أو يسقط».