بينما طالب وزير الاتصال الجزائري، محمد مزيان، وسائل الإعلام بـ«التحرك دفاعاً عن صورة الجزائر»، في إشارة إلى تفاقم التوترات مع باريس، قررت الحكومة منع مساعدات تصل إلى المدارس الخاصة من فرنسا، في إطار مساعدات تتم ضمن التبادل في مجالات الثقافة والتعليم والفنون.
واجتمع مساء الخميس وزير الاتصال مع مسؤولي وسائل الإعلام العمومية والخاصة على مأدبة إفطار رمضاني في العاصمة الجزائر. وكان برفقته وزير الخارجية أحمد عطاف، ومستشار الرئيس المكلف الإعلام كمال سيدي السعيد.

وقال مزيان في خطاب قصير إن «هناك ضرورة لإطلاق جبهة إعلامية وطنية تسخّر لها جميع الوسائل والبرامج للدفاع عن صورة الجزائر». وفُهم من كلامه أنه يقصد الرد بشكل منظم على «حملات إعلامية فرنسية ضد الجزائر»، تخص المهاجرين النظاميين وغير النظاميين، وأيضاً على ضغوط سياسية للإفراج عن الكاتب الجزائري - الفرنسي بوعلام صنصال الذي التمست النيابة، الخميس، سجنه لمدة 10 سنوات مع التنفيذ، زيادة على قضايا أخرى تغذي التوترات بين البلدين منذ 8 أشهر.
وفي تصريحات سابقة يوم الأربعاء، قال مزيان في مقابلة مع الإذاعة العمومية إن وسائل الإعلام الدولية «تحولت إلى أدوات دعاية تخدم أجندات معينة»، من دون أن يوضح المقصود بهذه الكلمات، ودعا إلى «تأسيس جبهة وطنية إعلامية للدفاع عن صورة الجزائر والقضايا العادلة»، مشيراً إلى أن الجزائر «تعرضت في السنوات الأخيرة لخطط مغرضة»، ومؤكداً أن وسائل الإعلام الوطنية وقفت بحزم ضد هذه الخطط، وساهمت في الدفاع عن الوطن ووحدته ومصالحه.

وأكد مزيان ضرورة «تسخير كافة الإمكانات» لإنشاء «الجبهة الإعلامية» التي يطمح إليها، موضحاً أن الهدف هو «تحقيق التأثير الإقليمي والقاري في نصرة الحقيقة، والدفاع عن القضايا العادلة، رغم التحديات التي تواجه الجزائر من وسائل إعلام دولية معادية، لها إمكانات ضخمة ومدعومة من منظومة دولية، تحركها المصالح والتحالفات».
وفي هذا السياق، أفادت مصادر صحافية جزائرية بأن الحكومة قررت منع المساعدات الفرنسية التي تُقدم للمدارس الخاصة في الجزائر، وذلك «رداً على دعوات من بعض الأطراف المتطرفة في فرنسا لقطع الدعم الفرنسي الموجّه للجزائر»، والذي يُستخدم لتمويل برامج ثقافية وتعليمية، بالإضافة إلى التكوين المهني.
ويقدر عدد المدارس الخاصة في الجزائر بنحو 600 مدرسة، يلجأ إليها العديد من العائلات التي تفضل تدريس المناهج الفرنسية لأبنائها، تحضيراً لإكمال دراستهم في فرنسا. ولا توجد إحصاءات دقيقة حول حجم الأموال التي تُخصص من قبل فرنسا لتشجيع تدريس اللغة الفرنسية في المدارس الخاصة الجزائرية.

وفي سبتمبر (أيلول) 2023، أعلنت الحكومة الجزائرية حظر التعامل بالمقرر التعليمي الفرنسي في المدارس الخاصة، عادّةً الأمر «سيادياً». ويُعد هذا القرار جزءاً من خطة تُنفذ تدريجياً منذ عام 2020، وتهدف إلى تعزيز اللغة الإنجليزية بديلاً للغة الفرنسية.
وفي أكتوبر (تشرين الأول) 2024، رفعت سفارة الجزائر لدى فرنسا دعوى قضائية ضد البرلمانية الأوروبية من حزب «الاسترداد» اليميني الفرنسي، سارة خنافو، إثر ادعائها بأن حكومة بلادها «تقدم مساعدات سنوية للجزائر في إطار مشروعات للتنمية بقيمة 800 مليون يورو»، داعية إلى «قطعها ووقف تبذير المال العام».
وبينما رأت الحكومة الجزائرية أن المعلومات التي سوقتها خنافو «كاذبة»، قدر القضاء أنها «غير دقيقة»، وحسب ذلك حفظ الشكوى.
وأثارت تصريحات خنافو جدلاً في فرنسا، وخصوصاً أن الأزمة الحالية مع الجزائر كانت قد اندلعت منذ شهرين، بسبب غضب الجزائر من انحياز باريس للرباط في قضية الصحراء.
ودحضت «قناة تي إف 1» أرقام البرلمانية شديدة الخصومة للجزائر، بنشرها تقريراً لـ«منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية» يعود إلى أبريل (نيسان) 2024، تؤكد فيه أن المبلغ المقدر بـ800 مليون يورو يخص 5 أعوام (من 2017 إلى 2021)، وليس سنوياً كما زعمت خنافو.