استئناف إسرائيل حرب غزة يواجه استنزاف الاحتياط وضعف التأييد الشعبي

دبابة إسرائيلية على حدود قطاع غزة (رويترز)
دبابة إسرائيلية على حدود قطاع غزة (رويترز)
TT
20

استئناف إسرائيل حرب غزة يواجه استنزاف الاحتياط وضعف التأييد الشعبي

دبابة إسرائيلية على حدود قطاع غزة (رويترز)
دبابة إسرائيلية على حدود قطاع غزة (رويترز)

حذّرت إسرائيل من أن أحدث هجماتها على غزة «ليس إلا البداية»، وقصفت قواتها القطاع بضربات جوية قاتلة، وبدأت عمليات برية جديدة.

وقال بعض المسؤولين الإسرائيليين الحاليين والسابقين وبعض المحللين إن العودة إلى حرب برية شاملة على حركة «حماس» الفلسطينية قد تكون أكثر تعقيداً مع تراجع الدعم الشعبي واستنزاف جنود الاحتياط والتحديات السياسية.

والخدمة العسكرية إلزامية في إسرائيل التي يقلّ عدد سكانها عن 10 ملايين نسمة، لكنها تعتمد بشدة على جنود الاحتياط في أوقات الأزمات.

وتدفق جنود الاحتياط على وحداتهم بعد أن هاجم مسلحون بقيادة «حماس» إسرائيل في أكتوبر (تشرين الأول) 2023، وبعضهم جاء دون انتظار استدعائهم.

لكن 6 جنود احتياط وجماعة مدافعة عن قوات الاحتياط، قالوا لوكالة «رويترز»، إنه بعد عمليات انتشار استمرت عدة أشهر، يتردد بعض الجنود في العودة إلى غزة.

وقرار رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو استئناف القصف، يوم الثلاثاء، أزكى غضب المحتجين الذين يتهمون الحكومة بمواصلة الحرب لأسباب سياسية والمغامرة بحياة الرهائن المحتجزين في قطاع غزة، بعد أن صمد وقف إطلاق النار إلى حد كبير لمدة شهرين.

وقال نتنياهو، يوم الثلاثاء، إن مثل هذه الاتهامات «مخزية»، وإن استئناف الحملة يستهدف استعادة الرهائن المتبقين، وعددهم 59.

وشارك عشرات الآلاف في احتجاج ضد حكومة نتنياهو في تل أبيب والقدس، منذ يوم الثلاثاء.

وقال الجنرال المتقاعد يعقوب عميدرور، الذي شغل منصب مستشار الأمن القومي لنتنياهو بين عامي 2011 و2013: «في دولة ديمقراطية، الشرعية الداخلية (للحرب) فيها مهمة جداً جداً».

وأضاف أن السؤال يتعلق «بمدى استعداد صناع القرار التخلي عن الشرعية لأنهم يعتقدون أن التحرك مهم... وبمدى إضعاف قدرتهم على العمل في غياب الشرعية».

وتتبادل إسرائيل و«حماس» الاتهامات بخرق الهدنة.

وتشير استطلاعات الرأي في الآونة الأخيرة إلى أن معظم الإسرائيليين يرغبون في مواصلة المفاوضات للتوصل إلى اتفاق يؤدي إلى إنهاء الحرب وإطلاق سراح جميع الرهائن المتبقين مقابل إطلاق سراح السجناء الفلسطينيين، والانسحاب الكامل للقوات الإسرائيلية.

وصرّح 3 مسؤولين دفاعيين مطلعين على عملية صنع القرار الإسرائيلي، لوكالة «رويترز»، في الأيام التي سبقت حملة هذا الأسبوع، أن استئناف القتال سيكون تدريجياً، ما يفتح الباب أمام مفاوضات لتمديد الهدنة. ولم يسهبوا في تفاصيل.

وقال مسؤولان إسرائيليان آخران إن نتنياهو وافق على خطة لعملية واسعة النطاق تتضمن خيار إرسال مزيد من القوات البرية.

وقال اللفتنانت كولونيل نداف شوشاني، وهو متحدث باسم الجيش الإسرائيلي، لوكالة «رويترز»، إن الجيش الإسرائيلي لديه خطط جاهزة لاحتمالات مختلفة تتضمن العمليات البرية إذا لزم الأمر.

وأضاف شوشاني، أمس (الأربعاء): «هدف هذه الحملة على (حماس) هو تفكيك قدراتها لمنعها من تنفيذ هجمات إرهابية والضغط من أجل إعادة الرهائن، سواء عبر عمليات عسكرية أو عبر اتفاق سياسي ما». ومضى يقول: «كل الخيارات مطروحة للنقاش».

ويعترف قادة عسكريون أن الإرهاق يمثل مشكلة وسط جنود الاحتياط. لكن شوشاني قال إنه في وقت الشدة، يبدي جنود الاحتياط استعداداً للتخلي عما يفعلونه، ويخاطرون بحياتهم دفاعاً عن وطنهم. وأضاف أن الجيش الإسرائيلي لديه خطة لتخفيف العبء عنهم.

الإرهاق

حرب غزة، الفصل الأكثر تدميراً في عقود من الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، وهي الأطول لإسرائيل منذ حرب عام 1948. وقُتل أكثر من 400 جندي وجرح آلاف في معارك غزة.

وأدّت الحملة الإسرائيلية إلى تحويل مساحات شاسعة من غزة إلى أنقاض، ما أدى مراراً لنزوح مئات الآلاف من الذين يعيشون على المعونات.

وقُتل أكثر من 49 ألف شخص في القطاع، طبقاً لسلطات «الصحة» الفلسطينية، التي لا تفرق بين المدنيين أو المقاتلين.

ويقول مسؤولون إسرائيليون إن الجناح العسكري لـ«حماس» ضُرب بقوة، وقُتل قادته وآلاف من المقاتلين.

لكن الحركة لا تزال راسخة بقوة في غزة، وتحتجز 59 رهينة من أصل 251 رهينة، جرى احتجازهم يوم 7 أكتوبر 2023. وأسفر الهجوم عن مقتل نحو 1200 شخص في جنوب إسرائيل، وفقاً للإحصاءات الإسرائيلية.

وقتل ما لا يقل عن 40 من الرهائن في غزة، إما على أيدي محتجزيهم، أو قتلتهم القوات الإسرائيلية بالخطأ. وتعتقد السلطات الإسرائيلية أن نحو 24 شخصاً لا يزالون على قيد الحياة.

وفي الأشهر الثلاثة التي سبقت اتفاق وقف إطلاق النار في يناير (كانون الثاني)، أسفرت هجمات مسلحين عن أحد أعلى عدد من القتلى والمصابين الإسرائيليين في الحرب. وأثار هذا، بالإضافة إلى مقتل بعض الرهائن، بعض التساؤلات عن تكاليف ومكاسب الحرب في إسرائيل.

وعارض شركاء نتنياهو في الائتلاف الحاكم من اليمين المتطرف وقف إطلاق النار، وضغطوا من أجل العودة الشاملة إلى الحرب. ومنحه استئناف الهجمات الإسرائيلية هذا الأسبوع دفعة سياسية، عندما عاد وزير الأمن الوطني إيتمار بن غفير إلى الائتلاف. ولم يبقَ لنتنياهو سوى أغلبية برلمانية ضئيلة بعد استقالته في يناير بسبب خلافات حول وقف إطلاق النار.

وقال عاموس إسائيل، المحلل السياسي في معهد شالوم هارتمان، إن رئيس الوزراء بدا منعزلاً عن الرأي العام بشكل متزايد، ما أدى إلى تصدع الإجماع الكبير الذي دعم حرب إسرائيل. ويتجمع الآن ائتلاف من عائلات الرهائن والمحتجين المعارضين لتحركات نتنياهو ضد السلطة القضائية وبعض مؤسسات إسرائيل الأمنية.

واتهمت «حماس» إسرائيل هذا الأسبوع بتقويض الجهود للتوصل إلى نهاية القتال بشكل دائم، ودعت الوسطاء إلى «تحمل مسؤولياتهم».

وأدانت بعض الدول الغربية، منها فرنسا وألمانيا، العنف، إلى جانب مصر وقطر اللتين تلعبان دور الوساطة.

كلام صارم

قال نتنياهو إنه أمر بشنّ ضربات لأن «حماس» رفضت مقترحات تدعمها الولايات المتحدة لتمديد وقف إطلاق النار مقابل إطلاق سراح الرهائن المتبقين.

وقال مكتبه، في بيان، يوم الثلاثاء، إن إسرائيل ستعمل الآن ضد الحركة «بقوة عسكرية متزايدة».

وقال وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، إن «أبواب الجحيم ستُفتح» إذا لم تفرج «حماس» عن جميع الرهائن.

وعلى الرغم من الكلام الصارم، لم تكن هناك علامة فورية، مثل التعبئة واسعة النطاق التي حدثت في 2023، عندما استدعى الجيش ما يصل إلى 300 ألف من جنود الاحتياط لتعزيز قوة تقدر بنحو 170 ألف جندي. ولا يكشف الجيش الإسرائيلي عن الأرقام المتعلقة بعدد أفراده.

وأرسل الجيش الإسرائيلي لواء مشاة من النخبة إلى حدود غزة، الأربعاء، وأعلن الخميس أنه «يقوم بنشاط بري» على طول طريق ساحلي في شمال غزة.

ومن المتوقع أيضاً أن يشمل أي هجوم بري كبير قوات احتياط، على الرغم من أنه قد لا يتطلب عدداً كبيراً، كما كان في بداية الحرب.

وقال عميدرور: «إن استئصال مقاتلي (حماس) الذين ما زالوا هناك سيتطلب مزيداً من القوة البشرية، ومزيداً من الجنود على الأرض. السر يتمثل في كم سيظهر منهم».

وقال جنود الاحتياط، الذين التقت بهم وكالة «رويترز»، إنه مع استمرار الحرب، كافح كثيرون لتحقيق التوازن بين العمل والأُسرة والدراسة والانتشار العسكري. ورأى الجميع أن عدد الرفاق الذين يطلبون الإعفاء من جولات الخدمة يزداد بمرور الوقت.

وقال أحد جنود الاحتياط في القوات الخاصة، الذي أمضى نحو 8 أشهر من 15 شهراً من الحرب في غزة ولبنان وشمال إسرائيل: «حتى الآن كان إحساسي هو أنه ما دام بقي هناك رهائن فأنا موجود، لكنني الآن لا أعرف. هناك كثير من عدم الثقة في قيادة البلاد، وليس من الواضح ما إذا كان الضغط العسكري سيساعد الرهائن».

كما أنه قلق من الآثار النفسية التي لحقت بزوجته وأطفاله الستة، الذين قال إن أحدهم بدأ في إعداد كلمات التأبين له. ومثل آخرين التقينا بهم، طلب عدم الكشف عن هويته لتتسنى له مناقشة أمور حساسة بحُرية.

وذكر موقع «واي نت» الإسرائيلي وصحيفة «هآرتس» ذات الميول اليسارية، هذا الشهر، أن عدد جنود الاحتياط الذين يظهرون عند الاتصال قد انخفض إلى 60 بالمائة في بعض الوحدات. ولم يعلق الجيش الإسرائيلي.

وقال هانوك دوبي، وهو كولونيل تقاعد في الآونة الأخيرة، وقاد قوات احتياطية ونظامية في غزة، إن الانخفاض لن يمنع الجيش من شنّ هجوم بري كبير، إذا لزم الأمر.

ويوجد في وحدات الاحتياط الإسرائيلية عدد أكبر من الأشخاص الذين يمكن الاعتماد عليهم أكثر مما هو مطلوب في أي وقت، ويتم تعويض أي نقص من متطوعين من وحدات أخرى.

لكن دوبي، الذي يرأس الآن جمعية لجنود الاحتياط، تُعرف باسم منتدى «محاربي السيوف الحديدية»، قال إنه إذا تحولت الحملة إلى حرب عصابات مطولة من دون أهداف استراتيجية واضحة، فإن ذلك سيؤدي في النهاية إلى الإرهاق.

وقال عالم وأب لـ5 أطفال، قضى معظم السنة الأولى من الحرب بالزيّ العسكري، إنه لن يتردد في الانضمام إلى وحدة دباباته إذا تم استدعاؤه مرة أخرى إلى غزة.

وأضاف: «لديّ كثير من الانتقادات لهذه الحكومة حتى قبل الحرب، لكن هذه الحرب عادلة».

ولم يكن صديق من وحدته متأكداً، إذ قال إن لديه علاقات عميقة مع زملائه، وقد يعود لبعض الوقت بدافع الشعور بالواجب. لكنه لن يثق كثيراً في المهمة هذه المرة.

وأضاف: «بعد 7 أكتوبر، شعرنا أن البلاد تنهار، لكن البلاد لا تنهار الآن. إنهم لا يحتاجون لنا كما كانوا».


مقالات ذات صلة

غارات عنيفة على غزة والحصار يوقف حملة للتطعيم ضد شلل الأطفال

المشرق العربي فلسطينيون ينتظرون أمام نقطة توزيع طعام مجانية لتسلّم حصتهم من وجبة ساخنة في مخيم النصيرات للاجئين وسط قطاع غزة (د.ب.أ) play-circle

غارات عنيفة على غزة والحصار يوقف حملة للتطعيم ضد شلل الأطفال

سكان في القطاع يقولون إن الجيش الإسرائيلي شنّ، اليوم (الثلاثاء)، واحدة من أكبر الغارات على غزة منذ أسابيع.

«الشرق الأوسط» (غزة)
الولايات المتحدة​ متظاهرون في اميركا يطالبون إدارة دونالد ترمب بوقف اعتقال الطلاب الأجانب وقطع التمويل عن الجامعات (أ.ف.ب)

جامعات أميركية تندد بـ«التدخل السياسي» لإدارة ترمب في النظام التعليمي

نشر أكثر من 100 جامعة وكلية أميركية بينها جامعتا برينستون وبراون المرموقتان، رسالة مشتركة تُدين «التدخل السياسي» للرئيس دونالد ترمب في النظام التعليمي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
المشرق العربي صبي يدفع دراجة محمَّلة بأكياس مساعدات غذائية أمام خيام في مدينة غزة (أ.ف.ب) play-circle

«أونروا» تُحذر من قرب انتهاء صلاحية الإمدادات الأساسية المخصصة لسكان غزة

قال المفوض العام لـ«أونروا» فيليب لازاريني، اليوم (الثلاثاء)، إن صلاحية الإمدادات الأساسية المخصصة لسكان غزة على وشك الانتهاء.

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي فلسطينيون يتفقدون موقع غارة إسرائيلية على منزل في خان يونس جنوب قطاع غزة (رويترز)

لبحث «أفكار جديدة» للتهدئة... وفد من «حماس» يغادر الدوحة إلى مصر

أكد قيادي في حركة «حماس» لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، اليوم (الثلاثاء)، أن وفداً من الحركة غادر الدوحة متوجها إلى القاهرة لبحث «أفكار جديدة» للتهدئة في قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي فلسطينيون يتفقّدون موقع غارة إسرائيلية على منزل في خان يونس جنوب قطاع غزة اليوم (رويترز) play-circle

«داخلية غزة» تحذّر من حملات إسرائيلية «خبيثة» لتهجير الفلسطينيين من أرضهم

حذّرت وزارة الداخلية في غزة، اليوم (الثلاثاء)، من حملات إسرائيلية «خبيثة» تجاه المواطنين الفلسطينيين لتهجيرهم من أرضهم.

«الشرق الأوسط» (غزة)

غارات عنيفة على غزة والحصار يوقف حملة للتطعيم ضد شلل الأطفال

فلسطينيون ينتظرون أمام نقطة توزيع طعام مجانية لتسلّم حصتهم من وجبة ساخنة في مخيم النصيرات للاجئين وسط قطاع غزة (د.ب.أ)
فلسطينيون ينتظرون أمام نقطة توزيع طعام مجانية لتسلّم حصتهم من وجبة ساخنة في مخيم النصيرات للاجئين وسط قطاع غزة (د.ب.أ)
TT
20

غارات عنيفة على غزة والحصار يوقف حملة للتطعيم ضد شلل الأطفال

فلسطينيون ينتظرون أمام نقطة توزيع طعام مجانية لتسلّم حصتهم من وجبة ساخنة في مخيم النصيرات للاجئين وسط قطاع غزة (د.ب.أ)
فلسطينيون ينتظرون أمام نقطة توزيع طعام مجانية لتسلّم حصتهم من وجبة ساخنة في مخيم النصيرات للاجئين وسط قطاع غزة (د.ب.أ)

قال سكان في غزة إن الجيش الإسرائيلي شنّ، اليوم (الثلاثاء)، واحدة من أكبر الغارات على القطاع منذ أسابيع، في حين أصدر مسؤولون في قطاع الصحة تحذيراً جديداً من أن المنظومة تواجه انهياراً تاماً بسبب الحصار الإسرائيلي المفروض على جميع الإمدادات.

وأعلنت وزارة الصحة في غزة تعليق حملة التطعيم ضد شلل الأطفال التي تدعمها الأمم المتحدة، مما يعرّض القطاع لخطر عودة ظهور المرض الذي كاد يُقضى عليه تماماً. وكانت الحملة تستهدف أكثر من 600 ألف طفل، وفقاً لما ذكرته وكالة «رويترز» للأنباء.

وفي إطار جهود دبلوماسية لإنهاء الصراع، من المقرر أن يصل وفد من حركة «حماس» إلى القاهرة لإجراء محادثات.

وقال مصدران إن الوفد سيناقش عرضاً جديداً يتضمّن هدنة لمدة تتراوح بين خمس وسبع سنوات بعد إطلاق سراح جميع الرهائن ووقف القتال.

وأضاف المصدران أن إسرائيل التي رفضت عرضاً قدمته «حماس» في الآونة الأخيرة لإطلاق سراح جميع الرهائن مقابل إنهاء الحرب، لم ترد بعد على مقترح الهدنة طويلة الأمد. وتطالب إسرائيل بنزع سلاح «حماس»، وهو ما ترفضه الحركة.

وقال سكان إن القوات الإسرائيلية قصفت عدة مناطق في أنحاء القطاع بالدبابات والطائرات والزوارق البحرية، مضيفين أن الهجمات أصابت منازل ومخيمات وطرقاً.

وقال مسؤولون وسكان إن الغارات الجوية دمّرت جرافات ومركبات تُستخدم لرفع الأنقاض والمساعدة في انتشال الجثث المحاصرة تحت الأنقاض.

وتمنع إسرائيل وصول أي إمدادات إلى غزة منذ بداية مارس (آذار)، واستأنفت عملياتها العسكرية في 18 من الشهر الماضي بعد انهيار وقف إطلاق النار.

وتقول السلطات الصحية في غزة إنه منذ ذلك الحين أسفرت الغارات الإسرائيلية عن مقتل أكثر من 1600 فلسطيني، وأجبرت مئات الآلاف على ترك منازلهم مع سيطرة إسرائيل على ما تسميه منطقة عازلة من أراضي غزة.

وصارت جميع المباني تقريباً في غزة غير صالحة للسكن، بعد حملة القصف الإسرائيلية المستمرة منذ 18 شهراً. ويعيش معظم سكان القطاع البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة الآن في العراء مستظلّين بخيام مؤقتة.

ومنذ فُرض الحصار الشامل الشهر الماضي، أُغلقت جميع المخابز التي كانت تعمل بدعم من الأمم المتحدة وعددها 25. وتقول إسرائيل إن إمدادات كافية لإبقاء سكان غزة على قيد الحياة لعدة شهور دخلت إلى القطاع خلال هدنة استمرت ستة أسابيع. وتخشى وكالات الإغاثة أن يكون السكان على شفا مجاعة ومن انتشار الأمراض على نطاق واسع.

وقال المتحدث باسم وزارة الصحة في غزة، خليل الدقران، إن منع وصول الإمدادات يُعرّض حياة مئات الآلاف من المرضى في مستشفيات قطاع غزة للخطر.

وأضاف: «إذا لم تتوفر التطعيمات فنحن بصدد كارثة حقيقية. لا يجوز استخدام الأطفال والمرضى بصفتهم أوراق ابتزاز سياسي». وذكر أن 60 ألف طفل تظهر عليهم الآن أعراض سوء التغذية.

إسرائيل: «الحصار لا يخالف القانون الدولي»

تقول إسرائيل إن حصارها يهدف إلى الضغط على حركة «حماس» التي تحكم قطاع غزة لإطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين المتبقين وعددهم 59 رهينة، في حين أبدت «حماس» استعدادها لإطلاق سراحهم في إطار اتفاق يُنهي الحرب. واقتيد الرهائن إلى غزة خلال هجوم السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، الذي أشعل فتيل الحرب في القطاع.

وكتب وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس على منصة «إكس»: «إسرائيل تتصرف وفقاً للقانون الدولي تماماً»، وذلك رداً على السيناتور الأميركي بيرني ساندرز الذي وصف الحصار الإسرائيلي الشامل على غزة منذ مارس بأنه جريمة حرب.

وقال كاتس: «تخضع الأوضاع الإنسانية في غزة للمراقبة المستمرة، وقد وصلت كميات كبيرة من المساعدات. وكلما دعت الحاجة للسماح بدخول مساعدات إضافية، يجب التأكد من عدم مرورها عبر (حماس)، التي تستغل المساعدات الإنسانية للحفاظ على سيطرتها على السكان وتحقيق الربح على حسابهم».

ووصف المفوض العام لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، فيليب لازاريني، الحصار بأنه عقاب جماعي لسكان غزة.

وقال لازاريني، اليوم (الثلاثاء)، في منشور على منصة «إكس»: «تُستخدم المساعدات الإنسانية ورقة للمساومة وسلاحاً في الحرب. يجب رفع الحصار وتدفق الإمدادات وإطلاق سراح الرهائن واستئناف وقف إطلاق النار».

وتؤكد إسرائيل أنها لا تزال تلاحق «حماس».

وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، إيفي ديفرين: «سنلاحق (حماس) في أي مكان تنشط فيه، سواء في شمال قطاع غزة أو جنوبه وحتى خارجه، في أي مكان».

واندلعت الحرب بعد هجوم شنته «حماس» على جنوب إسرائيل في السابع من أكتوبر 2023، وأسفر، وفقاً لإحصاءات إسرائيلية، عن مقتل 1200 شخص واحتجاز 251 رهينة في غزة.

وقالت السلطات الصحية في غزة إن أكثر من 51 ألف فلسطيني قُتلوا منذ بداية الهجوم الإسرائيلي.