أصوات إسرائيلية تحذّر من خطأ استراتيجي في طريقة التعاطي مع دمشق

الجيش الإسرائيلي يتدرب على عمليات حربية بالجولان السوري

وسط الأنقاض بعد غارة إسرائيلية في اليوم السابق على مدينة درعا جنوب سوريا في 18 مارس (إ.ف.ب)
وسط الأنقاض بعد غارة إسرائيلية في اليوم السابق على مدينة درعا جنوب سوريا في 18 مارس (إ.ف.ب)
TT
20

أصوات إسرائيلية تحذّر من خطأ استراتيجي في طريقة التعاطي مع دمشق

وسط الأنقاض بعد غارة إسرائيلية في اليوم السابق على مدينة درعا جنوب سوريا في 18 مارس (إ.ف.ب)
وسط الأنقاض بعد غارة إسرائيلية في اليوم السابق على مدينة درعا جنوب سوريا في 18 مارس (إ.ف.ب)

في الوقت الذي ترتفع فيه أصوات عدّة في إسرائيل، بضمنها أصوات من اليمين الحاكم، تحذّر من «خطأ استراتيجي» في طريقة التعاطي مع الحكم الجديد في دمشق، أعلن الجيش الإسرائيلي عن قيامه بتدريبات واسعة في هضبة الجولان السورية المحتلة تحاكي عمليات حربية لم يكشف عن مضمونها.

وقال الجيش إن التدريبات ستؤدي إلى سماع دوي انفجارات عدّة وحركة نشطة للآليات الحربية على اختلافها، لكنه طمأن الجمهور بأنه «لا خوف من وجود حدث أمني»، وإن «التدريبات تستهدف فحص جاهزية الجيش لمواجهة أحداث أمنية في المستقبل».

سوريون يتفقدون الأضرار التي لحقت بنقطة عسكرية في القنيطرة جنوب غربي دمشق الأربعاء بعد أن دمَّرت قوات إسرائيلية برج المراقبة السابق والحواجز الخرسانية (أ.ف.ب)
سوريون يتفقدون الأضرار التي لحقت بنقطة عسكرية في القنيطرة جنوب غربي دمشق الأربعاء بعد أن دمَّرت قوات إسرائيلية برج المراقبة السابق والحواجز الخرسانية (أ.ف.ب)

وتشير هذه الصيغة إلى أن الإعلان عن هذه التدريبات تنطوي على رسالة تطمين بأن الحديث يقتصر على تدريبات، ورسالة أخرى تشير إلى أن إسرائيل غير راضية عن النظام الجديد وتواصل حراكها العسكري في سوريا، الذي يتضمن احتلالاً واسعاً للمناطق المحاذية للحدود معها والتي تصل إلى مسافة 20 كيلومتراً من العاصمة دمشق وإصرارها على فرض نزع سلاح تام في الجنوب السوري (من دمشق وحتى درعا جنوباً والجولان وجبل الشيخ غرباً).

وتثير هذه السياسة انتقادات واسعة في إسرائيل، بلغت حد التحذير من الإقدام على ارتكاب أخطاء فادحة استراتيجياً. وفي الأسبوع الماضي، أجري بحث في معهد دراسات الأمن القومي في تل أبيب، أجمع فيها الخبراء على ضرورة الإفادة من الفرص الناشئة مع القيادة السورية الحالية.

دبابة وجرافة للجيش الإسرائيلي في موقع أبو دياب العسكري على الأطراف الجنوبية لمدينة القنيطرة الحدودية السورية التي يقول سكان محليون إنها كانت تضم قوات روسية قبل سقوط نظام الأسد في ديسمبر 2024. دخل الجيش الإسرائيلي الموقع في ساعة مبكرة من صباح الأربعاء وانسحب بعد ساعات قليلة (إ.ف.ب)
دبابة وجرافة للجيش الإسرائيلي في موقع أبو دياب العسكري على الأطراف الجنوبية لمدينة القنيطرة الحدودية السورية التي يقول سكان محليون إنها كانت تضم قوات روسية قبل سقوط نظام الأسد في ديسمبر 2024. دخل الجيش الإسرائيلي الموقع في ساعة مبكرة من صباح الأربعاء وانسحب بعد ساعات قليلة (إ.ف.ب)

وكتب البروفسور اماتسيا برعام، وهو أحد كبار الباحثين في شؤون الشرق الأوسط، في صحيفة «معاريف» اليمينية، الخميس، أن إسرائيل بقيادتها الحالية قد تكون تضيّع فرصة تاريخية في التعاطي مع سوريا الجديدة. ووصف سياستها بالمنغلقة بقوله إن إسرائيل باتت مليئة بالشكوك والخوف نتيجة لهجوم «حماس» في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، وتاريخ الرئيس السوري أحمد الشرع هو أيضاً يثير مخاوف، والتحذيرات في المخابرات مبررة ومهمة، لكن المبالغة في الشكوك والمخاوف تتحول شَرَكاً يمكن الوقوع فيه.

وتابع يقول إنه ينبغي أن تتسم إسرائيل برأس مفتوح واستعداد لاقتناص الفرص. فالشرع مختلف عن قادة «حماس» و«حزب الله»، ولا يطلق تصريحات يدعو فيها إلى إبادة إسرائيل، بل يؤكد التزام بلاده باتفاقيات وقف إطلاق النار. وهناك خطوات يتخذها تنسجم مع مصالح إسرائيل، مثل موقفه ضد الوجود الإيراني في سوريا ومنع تهريب السلاح لـ«حزب الله». وهناك مصلحة مشتركة للطرفين في تطهير الجنوب السوري من «داعش». وعلى إسرائيل الكف عن التصريحات والممارسات المستفزة لسوريا، والبحث عن طريقة هادئة للتعاون على تحقيق المصالح المشتركة.

حطام مركبات في حقل بمحافظة درعا جنوب سوريا نتيجة غارة عسكرية إسرائيلية يوم 11 مارس (أ.ف.ب)
حطام مركبات في حقل بمحافظة درعا جنوب سوريا نتيجة غارة عسكرية إسرائيلية يوم 11 مارس (أ.ف.ب)

وكان البروفسور إيال زيسر، الذي يعدّ من أبرز أركان العقائديين في اليمين الإسرائيلي، قد حذَّر قبل أسبوعين من مسلسل الأخطاء المتكررة في سياسة حكومة بنيامين نتنياهو إزاء سوريا. وأوضح انه شخصياً لا يثق بالنظام السوري الجديد ويفضل الحذر منه ومتابعة سلوكه، لكنه انتقد بشدة احتلال الأراضي السورية وتنفيذ عشرات الغارات الحربية غير المبررة، ودعا إلى التجاوب مع رسائل هذا النظام، التي تؤكد أن دمشق الجديدة ليست معنية بالحرب.

وقال إن الواجب يحتم إدخال هذا النظام إلى تجربة إيجابية مع إسرائيل على أساس البحث عن المصالح المشتركة. مضيفاً: «إسرائيل ارتكبت حتى الآن سلسلة أخطاء فادحة في التعامل مع النظام الجديد في سوريا تصل إلى حد الجريمة. ويجب تصحيحها فوراً بالتجاوب مع الرسائل الإيجابية القادمة من هناك، مع الحذر».


مقالات ذات صلة

تركيا تؤكد بقاء قواتها وتتحدث عن تعيين مستشارين عسكريين للجيش السوري

المشرق العربي المتحدث الإعلامي لوزارة الدفاع التركية زكي أكتورك (الدفاع التركية)

تركيا تؤكد بقاء قواتها وتتحدث عن تعيين مستشارين عسكريين للجيش السوري

قالت وزارة الدفاع التركية إن الفترة المقبلة قد تشهد تعيين مستشارين عسكريين للجيش السوري أو أفراد اتصال في وزارتي الدفاع لتحديد الاحتياجات العاجلة وتلبيتها.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك في حي جوبر المدمر بدمشق (د.ب.أ)

وزيرة الخارجية الألمانية تزور سوريا للمرة الثانية منذ سقوط الأسد

للمرة الثانية منذ الإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد تزور وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك سوريا

«الشرق الأوسط» (لندن - دمشق)
تحليل إخباري مدخل قاعدة «حميميم» الجوية الروسية في اللاذقية بسوريا فبراير الماضي (رويترز)

تحليل إخباري رسالة بوتين إلى الشرع... هل تدشّن مرحلة تطبيع العلاقات؟

تكتسب الرسالة التي أعلن الكرملين، الخميس، أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وجهها إلى نظيره السوري أحمد الشرع، أهميةً خاصةً في مضمونها وتوقيتها.

رائد جبر (موسكو)
المشرق العربي الشرع مستقبلاً الوفد الألماني في قصر الشعب (سانا) play-circle 00:48

الشرع يستقبل بيربوك... وافتتاح سفارة ألمانيا في دمشق

استقبل الرئيس السوري أحمد الشرع ووزير الخارجية أسعد الشيباني، اليوم (الخميس)، وفداً من ألمانيا على رأسه وزيرة الخارجية أنالينا بيربوك.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي قوات روسية تستعد لإخلاء مواقعها في مدينة القامشلي شرق سوريا ديسمبر الماضي (أ.ف.ب) play-circle

بوتين يؤكد في رسالة للشرع دعمه لجهود تحقيق الاستقرار في سوريا

الرئيس فلاديمير بوتين أكد في رسالة للرئيس السوري أحمد الشرع على دعم روسيا للجهود الرامية إلى تحقيق الاستقرار في سوريا بأسرع وقت ممكن.

«الشرق الأوسط» (موسكو)

إيران: الاتفاق النووي بصيغته الحالية غير قابل للإحياء

وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي في طهران (د.ب.أ)
وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي في طهران (د.ب.أ)
TT
20

إيران: الاتفاق النووي بصيغته الحالية غير قابل للإحياء

وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي في طهران (د.ب.أ)
وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي في طهران (د.ب.أ)

قال وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، اليوم (الأحد)، إن الاتفاق النووي لعام 2015 بصيغته الحالية غير قابل للإحياء، مؤكداً: «وضعنا النووي تقدم بشكل كبير».

ونقلت وسائل إعلام إيرانية عن عراقجي، قوله: «تكتيكنا ونهجنا الحالي هو أن تكون المفاوضات غير مباشرة مع الولايات المتحدة».

وأكد عراقجي أن البرنامج النووي الإيراني «سلمي تماماً»، وتابع: «واثقون من ذلك، ومستعدون لتعزيز هذه الثقة لدى الآخرين».

وأضاف: «أولويتنا هي إبطال مفعول العقوبات التي يستخدمها العدو ضدنا لتحقيق أهدافه»، مشيراً إلى أن طهران تجنبت الحرب دائماً، ولم تسعَ إليها، مشدداً: «لكننا مستعدون لها، ولا نخاف منها».

وتسلمت طهران، هذا الشهر، رسالة رسمية من الرئيس الأميركي دونالد ترمب بشأن الاتفاق النووي، لكن المرشد الإيراني علي خامنئي أبدى تمسكه برفض التفاوض، متحدثاً عن عدم جدوى الجلوس إلى طاولة حوار مع «الشخص الذي مزق الاتفاق النووي لعام 2015».

وسلم أنور قرقاش، المستشار الدبلوماسي لرئيس الإمارات، الرسالة إلى وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي في طهران. وقبلها بأيام قال ترمب إنه بعث برسالة إلى خامنئي يقترح فيها محادثات بشأن الاتفاق النووي، مخيراً طهران بين الخيار العسكري واتفاق يمنعها من امتلاك أسلحة نووية.