الإنفاق الدفاعي والتوترات التجارية يعقِّدان التضخم والسياسة النقدية الأوروبية

الأعلام الأوروبية معروضة في البرلمان الأوروبي في ستراسبورغ بفرنسا (رويترز)
الأعلام الأوروبية معروضة في البرلمان الأوروبي في ستراسبورغ بفرنسا (رويترز)
TT
20

الإنفاق الدفاعي والتوترات التجارية يعقِّدان التضخم والسياسة النقدية الأوروبية

الأعلام الأوروبية معروضة في البرلمان الأوروبي في ستراسبورغ بفرنسا (رويترز)
الأعلام الأوروبية معروضة في البرلمان الأوروبي في ستراسبورغ بفرنسا (رويترز)

قال كلاس نوت، رئيس البنك المركزي الهولندي، يوم الخميس، إن أوروبا مُحقة في زيادة إنفاقها الدفاعي، غير أن هذه الخطوة ستُفاقم مستويات الدين العام، مما يجعل التنبؤ بالتضخم واتجاه السياسة النقدية أكثر تعقيداً.

وخفض البنك المركزي الأوروبي أسعار الفائدة 6 مرات منذ يونيو (حزيران) الماضي، لكنه لم يُقدم سوى إشارات محدودة، إن وُجدت، حول تحركاته المستقبلية، مؤكداً أن استمرار حالة عدم اليقين يتطلب يقظةً وقرارات تُتخذ بناءً على كل اجتماع على حدة، وفق «رويترز».

وتُشكل الحرب التجارية المحتملة مع الولايات المتحدة، إلى جانب الحاجة المتزايدة للإنفاق الدفاعي لتعويض الفراغ الناجم عن تراجع الدور الأميركي، تحديات جوهرية قد تترك أثراً عميقاً وطويل الأمد على كل من الأسعار والنمو الاقتصادي.

وفي هذا السياق، قال نوت، العضو الأقدم في مجلس محافظي البنك المركزي الأوروبي، خلال مؤتمر صحافي: «الإعفاء المؤقت من قواعد الموازنة لتمويل الإنفاق الدفاعي الإضافي أمر مُبرَّر، لكنه يجب أن يظل بالفعل مؤقتاً، نظراً إلى أن مستويات الدين العام في الاتحاد الأوروبي لا تزال مرتفعة للغاية».

وفي ظل هذه المتغيرات، تعمل ألمانيا على تعديل نظامها الدستوري الصارم المتعلق بكبح الديون، بهدف تمويل مزيد من الإنفاق العسكري، فيما أعلن الاتحاد الأوروبي خططاً لتخفيف قواعد الميزانية الخاصة بالإنفاق الدفاعي.

ورغم أن هذا الإنفاق الإضافي المتوقع قد يُعزز النمو الاقتصادي، فإنه أدى بالفعل إلى ارتفاع تكاليف الاقتراض، مما خلق قوتين متضادتين تؤثران على التضخم.

وتزيد الحرب التجارية من تعقيد المشهد، حيث حذرت رئيسة البنك المركزي الأوروبي، كريستين لاغارد، في وقت سابق من يوم الخميس، من أن اندلاع صراع تجاري شامل، مقروناً بإجراءات انتقامية، قد يؤدي إلى تراجع نمو منطقة اليورو بنصف نقطة مئوية في السنة الأولى، بينما يرفع معدلات التضخم بالمقدار ذاته.

وفي هذا الصدد، أشار نوت إلى أن «حالة عدم اليقين بشأن مسار التضخم تعد الأكبر منذ فترة طويلة»، مؤكداً أنه لا يزال منفتحاً تماماً بشأن قرار البنك المركزي بشأن السياسة النقدية في أبريل (نيسان) المقبل.

وبعد الإعلان عن الحزمة المالية الألمانية، ارتفعت توقعات التضخم طويلة الأجل القائمة على السوق، لكنها عادت للتراجع تدريجياً لتستقر عند 2.15 في المائة، وهي نسبة لا تزال أعلى من هدف البنك المركزي الأوروبي البالغ 2 في المائة.

وأضاف نوت، الذي يقترب من نهاية ولايته هذا الصيف: «التنبؤ بمسار أسعار الفائدة أصبح بالغ الصعوبة، تماماً كما هو الحال مع التضخم الأوروبي، في ظل التطورات المتسارعة».

وحالياً، يتوقع المستثمرون احتمالاً يقارب 60 في المائة لخفض أسعار الفائدة في أبريل، في حين يُعد خفض الفائدة بحلول يونيو (حزيران) أمراً محسوماً. وتشير التوقعات إلى خفض إضافي آخر قبل نهاية العام، مما سيؤدي إلى تراجع سعر الفائدة على الودائع إلى 2 في المائة.

وفيما يتعلق بتأثير الحرب التجارية، لم يُقدم نوت توقعات واضحة، مشدداً على أن السياسة النقدية تشهد حالة من التقلب الشديد، وأنه لا شيء محسوماً.

وختم بالقول: «علينا الحكم على الإدارة الأميركية بناءً على أفعالها، فليس من السهل التنبؤ بسياستها اعتماداً على تصريحاتها فقط».

من جانبه، قال ماريو سينتينو، محافظ البنك المركزي الأوروبي وبنك البرتغال، إنه من غير المحتمل أن تُسرّع الحرب التجارية العالمية المتصاعدة من وتيرة التضخم في أوروبا، بل قد تؤثر سلباً على الأسعار.

وقال سينتينو في مؤتمر صحافي: «لا أرى كيف يمكننا الخروج من سيناريو الحرب التجارية هذا مع اقتصاد يتماشى مع الارتفاع الكبير في الأسعار»، مشيراً إلى أن الرسوم الجمركية، التي شبهها بالضرائب، من المتوقع أن تترك تأثيراً اقتصادياً انكماشياً.


مقالات ذات صلة

لاغارد: آمل ألا يكون احتمال إقالة باول مطروحاً

الاقتصاد كريستين لاغارد تتحدث خلال مؤتمر صحافي بعد اجتماع المجلس التنفيذي للمركزي الأوروبي في فرانكفورت 17 أبريل 2025 (أ.ب)

لاغارد: آمل ألا يكون احتمال إقالة باول مطروحاً

أعربت رئيسة البنك المركزي الأوروبي، كريستين لاغارد، الثلاثاء عن أملها في ألا يكون احتمال إقالة الرئيس الأميركي دونالد ترمب لرئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد مبنى البنك المركزي الأوروبي في فرانكفورت (رويترز)

كازيمير من «المركزي الأوروبي»: هدف التضخم قريب لكن الغموض يعوق التوجيهات

قال عضو مجلس إدارة البنك المركزي الأوروبي، بيتر كازيمير، إن البنك قد يحقّق هدفه للتضخم البالغ 2 في المائة خلال الأشهر القليلة المقبلة.

«الشرق الأوسط» (فرانكفورت)
الاقتصاد أعلام الاتحاد الأوروبي أمام مقر البنك المركزي في فرانكفورت (رويترز)

مسح «المركزي الأوروبي»: تضخم 2025 قد يفوق التوقعات السابقة

أظهر مسح أجراه البنك المركزي الأوروبي للمتنبئين المحترفين يوم الثلاثاء أن التضخم في منطقة اليورو قد يكون أعلى قليلاً هذا العام مقارنة بالتوقعات السابقة.

«الشرق الأوسط» (فرانكفورت)
الاقتصاد مقر مبنى البنك المركزي في فرنكفورت (رويترز)

«المركزي الأوروبي» يخفض الفائدة للمرة السابعة لمواجهة تهديدات رسوم ترمب

خفض البنك المركزي الأوروبي أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس إلى 2.25 في المائة، وذلك للمرة السابعة على التوالي.

«الشرق الأوسط» (فرنكفورت)
الاقتصاد أوراق نقدية جديدة من فئتي 100 و200 يورو في فيينا (رويترز)

عائدات سندات اليورو تسجل ارتفاعاً طفيفاً قبيل قرار «المركزي الأوروبي»

سجلت عائدات سندات حكومات منطقة اليورو ارتفاعاً طفيفاً يوم الخميس، في وقت يترقب فيه المستثمرون قرار البنك المركزي الأوروبي بشأن خفض محتمل لأسعار الفائدة.

«الشرق الأوسط» ( لندن )

الجدعان يناقش مع وزير الخزانة الأميركي دعم جهود صندوق النقد والبنك الدوليين

الجدعان خلال الاجتماع في غرفة التجارة الأميركية وإلى جانبه الأميرة ريما بنت بندر (منصة إكس)
الجدعان خلال الاجتماع في غرفة التجارة الأميركية وإلى جانبه الأميرة ريما بنت بندر (منصة إكس)
TT
20

الجدعان يناقش مع وزير الخزانة الأميركي دعم جهود صندوق النقد والبنك الدوليين

الجدعان خلال الاجتماع في غرفة التجارة الأميركية وإلى جانبه الأميرة ريما بنت بندر (منصة إكس)
الجدعان خلال الاجتماع في غرفة التجارة الأميركية وإلى جانبه الأميرة ريما بنت بندر (منصة إكس)

بحث وزير المالية السعودي محمد الجدعان، في واشنطن، مع وزير الخزانة الأميركي سكوت بيسنت، عدداً من الموضوعات المرتبطة بتعزيز التعاون الثنائي ومتعدد الأطراف، بما في ذلك دعم جهود صندوق النقد والبنك الدوليين.

جرى اللقاء على هامش اجتماعات الربيع لصندوق النقد والبنك الدوليين، المنعقدة حالياً في واشنطن، والتي شارك فيها أيضاً محافظ البنك المركزي السعودي أيمن السياري. وإلى مشاركتهما في اجتماعات الربيع، يشارك كل من الجدعان والسياري في الاجتماع الثاني لوزراء المالية ومحافظي البنوك المركزية لمجموعة العشرين، تحت رئاسة جنوب أفريقيا. ويرأس الجدعان، يوم الجمعة، اجتماع اللجنة الدولية للشؤون النقدية والمالية، بحضور المديرة العامة لصندوق النقد الدولي كريستالينا غورغييفا.

وعلى هامش الاجتماعات، كانت للجدعان لقاءات عدة، إذ التقى كلاً من وزير المالية السوري محمد يسر برنية، ومحافظ مصرف سوريا المركزي الدكتور عبد القادر حصرية، وجرى البحث في آخِر التطورات الاقتصادية في سوريا، وسبل تعزيز التعاون المشترك.

لقاء الجدعان مع وزير المالية السوري ومحافظ بنك سوريا المركزي (منصة إكس)
لقاء الجدعان مع وزير المالية السوري ومحافظ بنك سوريا المركزي (منصة إكس)

والتقى الجدعان وزيرة المالية السويدية إليزابيث سفانتيسون، وناقشا تطورات الاقتصاد العالمي، وسُبل تعزيز التعاون بين البلدين.

والتقى الجدعان المستشار المالي ومدير إدارة الأسواق النقدية والرأسمالية في صندوق النقد الدولي توبياس أدريان، والمستشار الاقتصادي ومدير الأبحاث بيير أوليفييه غورينشاس، حيث جرت مناقشة تطورات السياسات الاقتصادية الكلية والمالية عالمياً.

كما ناقش الجدعان التطورات الاقتصادية عالمياً وإقليمياً مع النائب الأول للرئيس لشؤون اقتصادات التنمية ورئيس الخبراء الاقتصاديين في مجموعة البنك الدولي إندرميت جيل، ونائب الرئيس لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في البنك أوسمان ديون.

وشارك الجدعان في اجتماع الطاولة المستديرة بغرفة التجارة الأميركية، وذلك بحضور سفيرة خادم الحرمين الشريفين لدى الولايات المتحدة الأميرة ريما بنت بندر. وناقش الاجتماع فرص تعزيز الشراكة الاقتصادية بين السعودية والولايات المتحدة، بالإضافة إلى الفرص الاستثمارية في ظل «رؤية 2030».

ويرأس الجدعان، يوم الجمعة، اجتماع اللجنة الدولية للشؤون النقدية والمالية، بحضور المديرة العامة لصندوق النقد الدولي كريستالينا غورغييفا.

واللجنة مسؤولة عن تقديم المشورة والتقارير إلى مجلس محافظي صندوق النقد الدولي في إدارته وتشكيله للنظام النقدي والمالي الدولي. وهي تراقب تطورات السيولة العالمية وتحويل الموارد إلى الدول النامية، وتنظر في مقترحات المجلس التنفيذي لتعديل بنود الاتفاقية، وتتعامل مع الأحداث المستجدّة التي قد تُحدث اضطراباً في النظام النقدي والمالي العالمي، وتُقدم المشورة بشأن أي مسائل أخرى قد يُحيلها إليها مجلس المحافظين.

وتناقش أيضاً المسائل التي تؤثر على الاقتصاد العالمي، وتقدم المشورة للصندوق بشأن توجه عمله. وفي نهاية الاجتماعات، تُصدر اللجنة بياناً يُلخص آراءها. وتوفر هذه البيانات إرشادات لبرنامج عمل صندوق النقد الدولي، خلال نصف العام الذي يسبق اجتماعات الربيع، أو الاجتماعات السنوية التالية.

مع الإشارة إلى أن اللجنة تجتمع مرتين سنوياً، خلال اجتماعات الربيع والاجتماعات السنوية لصندوق النقد الدولي.