هل تخشى بكين خسارة الحرب التجارية مع ترمب؟

ردّها «البارد» على رسومه الجمركية يكشف عيوباً في نهجها المتردد

القنصل العام للصين آنغ جيانمين يتحدث للصحافيين عن الرسوم الجمركية في منزله بسان فرانسيسكو (أ.ب)
القنصل العام للصين آنغ جيانمين يتحدث للصحافيين عن الرسوم الجمركية في منزله بسان فرانسيسكو (أ.ب)
TT
20

هل تخشى بكين خسارة الحرب التجارية مع ترمب؟

القنصل العام للصين آنغ جيانمين يتحدث للصحافيين عن الرسوم الجمركية في منزله بسان فرانسيسكو (أ.ب)
القنصل العام للصين آنغ جيانمين يتحدث للصحافيين عن الرسوم الجمركية في منزله بسان فرانسيسكو (أ.ب)

يزداد قلق المسؤولين في بكين من أن تكون رسوم الرئيس دونالد ترمب الجمركية الجديدة، التي قام بمضاعفتها منذ عودته إلى البيت الأبيض، بداية حرب تجارية كبيرة يمكن أن تخسرها في نهاية المطاف. وكشف الرد الصيني «البارد» على تلك الرسوم، عن عيوب في نهج بكين المتردد.

فقد بدا أن ترمب يختار معاركه التجارية مع حلفاء سابقين مثل المكسيك وكندا، ويثير قلق أوروبا بشأن تعامله مع الحرب في أوكرانيا ويتعهد بضم غرينلاند وقناة بنما، الأمر الذي لا تملك فيه الصين اليد العليا أو القوية. ومع اقتصادها المحلي الذي يعيش في أزمة، تحاول الصين الدفاع على أمل إنقاذ أكبر قدر ممكن من نظام التجارة العالمي الذي ساعد في انتشالها من براثن الفقر. في المقابل، يعتزم ترمب إعادة النظر بالنظام التجاري ذاته، الذي يرى هو ومستشاروه أنه أفاد بقية العالم، والصين على وجه الخصوص، على حساب الولايات المتحدة.

لا فائزين في الحرب التجارية

لكن جاي كيديا، زميل باحث في مركز البدائل النقدية والمالية، في معهد «كاتو» في واشنطن، لا يعتقد أن نهج الصين الحذر يُشير إلى عيوب أو مؤشر على «خسارة» الحرب التجارية. وقال في حوار مع «الشرق الأوسط»: «كما هو الحال في الحروب الحقيقية، نادراً ما يكون للحروب التجارية فائزون واضحون. وكما تُشير المبادئ الاقتصادية، فإن التجارة الحرة مفيدة للطرفين، والحواجز ذات الدوافع السياسية تميل إلى الإضرار بكلا الطرفين».

بيد أن الأمر لا يتعلق بالتجارة فقط، إذ وفي ظل أجندات زعماء أكبر اقتصادين في العالم، واحتمال تحوله إلى صدام لم يجر منذ الحرب الباردة، وتنافس شامل على التفوق الاقتصادي والتكنولوجي والجيوسياسي الشامل، فإن الصين تسعى إلى تجنبه بشتى السبل.

ومنذ أن فرض ترمب الرسوم الجمركية الأولية بنسبة 10 في المائة على السلع الصينية في أوائل فبراير (شباط)، ظلت القيادة الصينية تنتظر من فريق ترمب تقديم مطالب محددة، على أمل أن تؤدي هذه المطالب إلى نقاش أوسع.

حاويات مكدسة في ميناء في تشينغداو بمقاطعة شاندونغ شرق الصين (أ.ف.ب)
حاويات مكدسة في ميناء في تشينغداو بمقاطعة شاندونغ شرق الصين (أ.ف.ب)

ترمب أقل تحفظاً

خلال رئاسته الأولى، شهدت السياسة الأميركية تجاه الصين تحولاً جذرياً. فقد استُبدلت بالاستراتيجية طويلة الأمد المتمثلة في تعميق العلاقات الاقتصادية والتعاون مع بكين استراتيجية اتسمت بالتباعد، بما في ذلك زيادة الرسوم الجمركية والقيود التكنولوجية. واليوم، ترى الصين أن ترمب أصبح في ولايته الثانية أقل تحفظاً وأكثر تصميماً، ما يمهد الطريق لمواجهات تجارية أميركية - صينية أكثر حدة، وهو ما يثير استياءها.

يقول مستشارو ترمب إن العديد من تحركاته الدبلوماسية المبكرة، تشير إلى اقتناعه بأنه قادر على التعامل مع بكين من موقف القوة. فهو يحاول إنهاء الصراعات في الشرق الأوسط وأوكرانيا للتركيز بشكل أفضل على الصين. كما أن تقربه من روسيا مدفوع جزئيا برغبة استراتيجية في دق إسفين بين موسكو وبكين.

وعندما أضاف ترمب 10 في المائة إلى التعريفات الجمركية الحالية على الصين، استشهد بدورها في أزمة «الفنتانيل» في الولايات المتحدة، ما أثار دهشة المسؤولين الصينيين الذين ما زالوا يحاولون معرفة كيفية التعامل مع زعيم أميركي «متقلب».

ملصقات تحمل شعار اتحاد تصدير اللحوم الأميركي في مطعم متخصص بلحوم البقر الأميركية في بكين (رويترز)
ملصقات تحمل شعار اتحاد تصدير اللحوم الأميركي في مطعم متخصص بلحوم البقر الأميركية في بكين (رويترز)

الصين في موقف دفاعي

فالصين، التي حاولت إعادة تشكيل النظام العالمي والتحالف مع روسيا لتحدي الغرب، تجد نفسها الآن في موقف دفاعي. وبدلاً من أن يكون ترمب هو المعزول دولياً نتيجة حروبه المفتوحة مع الجميع، تجد الصين نفسها معزولة بسبب القيود التجارية والعقوبات، وتعاني من العزلة على غرار الاتحاد السوفييتي مع وجود منافذ أقل لسلعها والوصول المحدود إلى التقنيات الحيوية.

وما يعقد جهود بكين في تشكيل استراتيجيتها تجاه الولايات المتحدة هو الصعوبة في إقناع فريق ترمب الأساسي بالانخراط. ومنذ نوفمبر (تشرين الثاني)، أرسلت الصين عدة وفود إلى واشنطن لاستكشاف الصفقات المحتملة مع الإدارة الجديدة، بحجة أن التعريفات الجمركية من شأنها أن تضيف إلى الضغوط التضخمية في الولايات المتحدة التي يحاول ترمب خفضها. لكن بعد فرضه الرسوم الجمركية، عدت زيارة الوفود الصينية لواشنطن إشارة على اليأس. فاقتصادهم في ورطة، ويدركون أن هذه الحملة ربما تكون قد فشلت.

بكين لديها الكثير لتخسره

وفي الوقت نفسه، طورت بكين مجموعة من الأدوات، مثل ضوابط التصدير على المعادن الحيوية، لإلحاق الألم الاقتصادي بالولايات المتحدة، وكانت تتودد إلى شركاء أميركا التقليديين للاستعداد لمواجهة أكثر كثافة مع واشنطن. وأحد الدروس التي تعلمتها الصين من الحرب التجارية الأولى مع ترمب، هو أن لديها الكثير لتخسره من الرد على زيادات ترمب للرسوم الجمركية بزيادات متناسبة، حيث تشتري الولايات المتحدة من الصين أكثر بكثير مما تشتريه منها الصين. ويُعد فائضها التجاري مع الولايات المتحدة، والبالغ 295 مليار دولار، الأكبر بين جميع الشركاء التجاريين للولايات المتحدة.

يقول كايدي لـ«الشرق الأوسط» إنه «من المرجح أن الصين تُراعي هذا الأمر في استراتيجيتها، مُدركةً محدودية الفوائد التي تتجاوز الردع المُحتمل من زيادة الرسوم الجمركية الانتقامية على السلع الأميركية بشكل كبير». ويضيف: «علاوة على ذلك، شهد الاقتصادان الأميركي والصيني درجة من الانفصال منذ ولاية ترمب الأولى. فقد انخفضت حصة الصين من إجمالي التجارة الأميركية من 15.7 في المائة عام 2018 إلى 10.9 في المائة عام 2024، بينما انخفضت حصة الولايات المتحدة من إجمالي التجارة الصينية من 13.7 في المائة إلى 11.2 في المائة في الفترة نفسها».

ومع ذلك، وبينما تُصعّد واشنطن ضغوطها، تحاول بكين إظهار ثقتها بنفسها. فبعد رفع الرسوم الجمركية الأخيرة، سارعت الصين إلى الرد. وحددت بكين هدف نمو يبلغ حوالي 5 في المائة لعام 2025، في إشارة إلى أنها تتوقع أن يقاوم الاقتصاد الصيني الضغوط التجارية المتزايدة. واتخذ متحدث باسم وزارة الخارجية الصينية موقفاً متحدياً، قائلاَ: «إذا كانت الحرب هي ما تريده الولايات المتحدة، سواء كانت حرباً جمركية أو حرباً تجارية أو أي نوع آخر من الحروب، فنحن مستعدون للقتال حتى النهاية».

إعادة النظر في معايير التجارة العالمية

تدعو سياسة ترمب «أميركا أولاً» أساسا إلى تفكيك المعايير التي وضعتها منظمة التجارة العالمية منذ عام 1995، والتي بموجبها تمكنت الصين من إغراق العالم بصادرات رخيصة مع الحد من وصول الأجانب إلى سوقها. ولإعادة هندسة هذا النظام، يرى فريق ترمب التجاري، أنه قد يركز أولا على إبرام صفقات مواتية نسبياً مع الجميع، ويترك الصين تعاني من ركودها الاقتصادي المستمر. ويعتقد أن الولايات المتحدة قادرة على تعزيز نفوذها على بكين من خلال إعادة التفاوض بشكل فردي على شروط التجارة مع شركائها الآخرين.

ورغم ذلك، يقول كايدي إن أميركا استفادت من التجارة الحرة ومنظمة التجارة العالمية، من خلال مكانتها المحايدة لحل النزاعات بطريقة غير عدوانية. فالعضوية طوعية، ورغم التهديدات بالانسحاب، لا تزال الولايات المتحدة ملتزمة بالاتفاقية.

عمال ينقلون قضبان الألمنيوم في مصنع للمواد القائمة على الألمنيوم شرق الصين (أ.ف.ب)
عمال ينقلون قضبان الألمنيوم في مصنع للمواد القائمة على الألمنيوم شرق الصين (أ.ف.ب)

المكسيك نموذجاً

بكين كانت عمدت منذ ولاية ترمب الأولى إلى توجيه شركاتها للاستثمار بكثافة في دول مثل المكسيك وفيتنام وتايلاند لتجميع المكونات الصينية وتحويلها إلى سلع لشحنها إلى الولايات المتحدة. وقد أتاح التجميع النهائي في هذه الدول منفذا خلفيا إلى السوق الأميركية بغض النظر عن الخلافات التجارية بين واشنطن وبكين.

وبينما بدا أن الفائض التجاري للصين مع الولايات المتحدة قد انكمش بنحو الثلث منذ عام 2018، شهدت الصادرات الصينية إلى الدول النامية ارتفاعاً هائلاً. وتبيع الصين الآن للمكسيك ما يزيد 11 مرة على مشترياتها منها. ويتمثل القلق الآن في بكين في أن ضغط واشنطن قد يجبر المكسيك على إغلاق سوقها أمام السلع الصينية مقابل إعفائها من الرسوم. ويمكن بعد ذلك استخدام المكسيك نموذجاً لمطالبة الدول الأخرى بالانحياز إلى أي طرف في الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين. وهذا من شأنه أن يحد بشكل أكبر من وصول الصين إلى السوق الأميركية الضخمة من خلال تعطيل الطرق الأخرى المؤدية إلى الولايات المتحدة.

«ثغرة» غامضة

قادة الأعمال الصينيون توقعوا أن اتفاقية التجارة الحرة لأميركا الشمالية، التي أعاد ترمب التفاوض عليها في ولايته الأولى، قد تثنيه عن فرض رسوم جديدة على المكسيك. وهو ما لم يحصل. وتشير الترتيبات التجارية والقانونية التي تربط الصين بالمكسيك، إلى أن وصول الصين غير المباشر إلى السوق الأميركية معرض للخطر. وما يثير قلق المسؤولين الصينيين بشكل خاص، هو تلك «الثغرة» الغامضة في قواعد منظمة التجارة العالمية، التي تسمح للمكسيك، وربما عشرات الدول منخفضة ومتوسطة الدخل، رفع التعريفات الجمركية بشكل قانوني حاد وفجائي على السلع الصينية، بينما لا يحق لبكين الرد.

ورغم إشارة وزير التجارة الصيني، وانغ وينتاو، يوم الثلاثاء إلى أن أكثر من نصف التجارة الدولية للصين كان مع دول تنتمي إلى مبادرة «الحزام والطريق»، وأن بلاده «لم تضع كل البيض في سلة واحدة» مما يدل «على المرونة القوية للتجارة الخارجية للصين»، لكنه لم يذكر أن العديد من صادرات الصين إلى هذه الدول تنتهي في نهاية المطاف في الولايات المتحدة. ورغم إشارته إلى أن 34 في المائة من تجارة الصين كانت مع دول أبرمت معها اتفاقيات تجارة حرة، تمنعها من رفع الرسوم الجمركية فجأة، لكن المكسيك ليست ضمنها. وفي حال رضخت المكسيك لضغوط ترمب، ورفعت تعريفاتها الجمركية على الصين، بسبب تلك «الثغرة» حيث يبلغ متوسط ​​تعريفاتها «المقيدة» 36 في المائة، فقد تؤدي إلى كارثة تجارية للصين.


مقالات ذات صلة

صندوق النقد الدولي يقيّم خطط ترمب للرسوم الجمركية

الاقتصاد تمثال جوشوا جيبسون خارج حديقة ناشيونالز بينما تتفتح أشجار الكرز (أ.ب)

صندوق النقد الدولي يقيّم خطط ترمب للرسوم الجمركية

قال صندوق النقد الدولي إنه يُواصل تقييم تأثير خطط الرئيس دونالد ترمب للرسوم الجمركية، بما في ذلك الرسوم الجديدة على السيارات.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
العالم خلال لقاء سابق بين الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والرئيس الأميركي دونالد ترمب (رويترز)

ماكرون: أبلغت ترمب أن الرسوم الجمركية فكرة سيئة

قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، اليوم (الخميس)، إنه أبلغ الرئيس الأميركي دونالد ترمب بأن اقتراح الرسوم الجمركية ليس فكرة جيدة.

«الشرق الأوسط» (باريس)
الاقتصاد أعلام الاتحاد الأوروبي أمام مقر المفوضية الأوروبية في بروكسل (رويترز)

المفوضية الأوروبية تُعدّ رداً «قوياً ومدروساً» على رسوم ترمب الجديدة

أعلنت المفوضية الأوروبية، يوم الخميس، أن الاتحاد الأوروبي يجهز رده على الرسوم الجمركية الجديدة التي فرضها الرئيس الأميركي دونالد ترمب على السيارات المستوردة.

«الشرق الأوسط» (بروكسل)
الاقتصاد زوارق القطر تساعد ناقلة نفط على مغادرة الرصيف في ميناء بحري في لونغكو مقاطعة شاندونغ بالصين (أرشيفية - أ.ب)

صناعة النفط الأميركية تحذر من الرسوم المقترحة على السفن الصينية

حذّر معهد البترول الأميركي من أن رسوم المواني الأميركية المقترحة على السفن الصينية قد تضر بمكانة الولايات المتحدة بصفتها أحد أكبر مصدّري النفط في العالم.

«الشرق الأوسط» (هيوستن)
الاقتصاد تصطف سيارات «تويوتا» الجديدة في أكبر منشأة لمعالجة الواردات في أميركا الشمالية في ميناء لونغ بيتش بكاليفورنيا (أ.ب)

انتقادات أوروبية لرسوم ترمب على السيارات ودعوات للتفاوض

انتقد وزير الاقتصاد الألماني ونقابة صناعة السيارات الألمانية الرسوم الجمركية التي أعلن عنها الرئيس الأميركي دونالد ترمب.

«الشرق الأوسط» (عواصم)

صندوق النقد الدولي يقيّم خطط ترمب للرسوم الجمركية

تمثال جوشوا جيبسون خارج حديقة ناشيونالز بينما تتفتح أشجار الكرز (أ.ب)
تمثال جوشوا جيبسون خارج حديقة ناشيونالز بينما تتفتح أشجار الكرز (أ.ب)
TT
20

صندوق النقد الدولي يقيّم خطط ترمب للرسوم الجمركية

تمثال جوشوا جيبسون خارج حديقة ناشيونالز بينما تتفتح أشجار الكرز (أ.ب)
تمثال جوشوا جيبسون خارج حديقة ناشيونالز بينما تتفتح أشجار الكرز (أ.ب)

قالت المتحدثة باسم صندوق النقد الدولي، جولي كوزاك، يوم الخميس، إن الصندوق يُواصل تقييم تأثير خطط الرئيس دونالد ترمب للرسوم الجمركية، بما في ذلك الرسوم الجمركية الجديدة على السيارات بنسبة 25 في المائة، إلا أن التوقعات الأساسية للصندوق لا تُشير إلى ركود اقتصادي في الولايات المتحدة.

ورداً على سؤال حول خطط ترمب للرسوم الجمركية، خلال مؤتمر صحافي دوري لصندوق النقد الدولي، قالت كوزاك إن الرسوم الجمركية المفروضة على السلع من كندا والمكسيك، في حال استمرارها، سيكون لها «تأثير سلبي كبير» على التوقعات الاقتصادية لهاتين الدولتين، لكنها امتنعت عن تقديم تفاصيل مُحددة.

وأضافت أن صندوق النقد الدولي يُواصل تقييم آثار إعلانات ترمب المختلفة بشأن الرسوم الجمركية على مناطق أخرى. سيجري دمج عدد من هذه التقييمات في توقعات صندوق النقد الدولي لآفاق الاقتصاد العالمي المقبلة، والمقرر إصدارها أواخر أبريل (نيسان) المقبل.

وقالت كوزاك إن التقرير سيوضح الإجراءات المشمولة في تقييمات النمو الاقتصادي والتضخم. وقد يتأخر تطبيق بعض رسوم ترمب الجمركية إلى وقت لاحق، بما في ذلك رسوم قطع غيار السيارات التي قد يستغرق تفعيلها حتى 3 مايو (أيار) المقبل.

وأوضحت أن الاقتصاد الأميركي استمر في التفوق على التوقعات، وقت إصدار صندوق النقد الدولي تقرير آفاق الاقتصاد العالمي لشهر يناير (كانون الثاني)، وظلّ «قوياً بشكل ملحوظ»، طوال دورة تشديد السياسة النقدية التي انتهت العام الماضي.

وقبل ثلاثة أيام من تولّي ترامب منصبه في 20 يناير (كانون الثاني) الماضي، رفع صندوق النقد الدولي توقعاته لنمو الاقتصاد الأميركي لعام 2025 إلى 2.7 في المائة، من 2.2 في المائة المتوقعة في أكتوبر (تشرين الأول)، استناداً إلى سوق عمل قوية وتسارع الاستثمار.

وقالت كوزاك: «منذ ذلك الحين، بالطبع، حدث عدد من التطورات، أُعلن عن تحولات كبيرة في السياسات. وتشير البيانات الواردة إلى تباطؤ في النشاط الاقتصادي من وتيرة قوية للغاية خلال عام 2024... الركود ليس جزءاً من خط الأساس لدينا» للولايات المتحدة.

مكافحة التضخم برشاقة

لم تتطرق كوزاك إلى الأسئلة المتعلقة بالتأثير التضخمي لرسوم ترمب الجمركية، لكنها قالت إن صندوق النقد الدولي لاحظ استمراراً في التضخم يفوق المتوقع، مما سيؤثر على توقعات النمو والتضخم، في تقرير آفاق الاقتصاد العالمي. وأضافت: «ما يعنيه هذا للبنك المركزي وصانعي السياسات، بالطبع، هو أن سياسة نقدية رشيقة واستباقية ستكون ضرورية لضمان استقرار توقعات التضخم».

وفيما يتعلق بتوقعات التضخم في روسيا، قالت كوزاك إنه على الرغم من توقعات يناير بانخفاض التضخم الروسي، لكنه لا يزال مرتفعاً وأعلى بكثير من هدف البنك المركزي الروسي البالغ 4 في المائة، مما يعكس سوق عمل متماسكة ونمواً قوياً للأجور. وأضافت: «حالياً، لا نرى أي مؤشرات على تراجع التضخم» في روسيا.